أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَطُوفُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أُسْبُوعًا , وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , مَا كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , قَالَ : أنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ , عَنْ سَالِمٍ , وَعَطَاءٍ , أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَطُوفُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أُسْبُوعًا , وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , مَا كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَهَذَا عَطَاءٌ , قَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ , مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ حُمِلَ ذَلِكَ , عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى . وَكَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ ، لَمَّا اخْتَلَفُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ ، أَنَّا رَأَيْنَا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا , وَنِصْفَ النَّهَارِ , يَمْنَعُ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَاتِ , وَبِذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَرْكِهِ قَضَاءَ الصُّبْحِ الَّتِي نَامَ عَنْهَا إِلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَبَيَاضِهَا . فَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا يَنْهَى عَنْ قَضَاءِ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَاتِ , فَهُوَ عَنِ الصَّلَوَاتِ لِلطَّوَافِ أَنْهَى وَقَدْ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ , وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا , حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ , وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ , وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ تَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ , فَالصَّلَاةُ لِلطَّوَافِ أَيْضًا كَذَلِكَ , وَكَذَلِكَ كَانَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ , وَبَعْدَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , مُبَاحَةً عَلَى الْجَنَائِزِ , وَمُبَاحَةً فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ , وَمَكْرُوهَةً فِي التَّطَوُّعِ , وَكَانَ الطَّوَافُ يُوجِبُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَكُونَ وُجُوبُهَا كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ . فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا , كَحُكْمِ الْفَرَائِضِ الَّتِي قَدْ وَجَبَتْ , وَحُكْمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ الَّتِي قَدْ وَجَبَتْ . فَتَكُونُ الصَّلَاةُ لِلطَّوَافِ , تُصَلَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ يُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجَنَائِزِ , وَتُقْضَى فِيهِ الصَّلَاةُ الْفَائِتَةُ , وَلَا تُصَلَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا يُصَلَّى فِيهِ عَلَى الْجِنَازَةِ , وَلَا تُقْضَى فِيهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا , فِي هَذَا الْبَابِ , عَلَى مَا قَالَ عَطَاءٌ , وَإِبْرَاهِيمُ , وَمُجَاهِدٌ , وَعَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ . وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى