سَمِعْتُ نَافِعًا , مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ , فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ , قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَبَسَتْهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَتِهِ , عَنِ الْبَيْتِ , فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ , ثُمَّ رَجَعُوا , حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ , قَالَ ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَمِعْتُ نَافِعًا , مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ , فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ , قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ حَبَسَتْهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَتِهِ , عَنِ الْبَيْتِ , فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ , ثُمَّ رَجَعُوا , حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ بِالِاخْتِصَارِ فِي عُمْرَتِهِ , بِحَصْرِ الْعَدُوِّ إِيَّاهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ , دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَذَلِكَ حُكْمَ الْمُحْصَرِ , لَا يَحِلُّ بِالْإِحْصَارِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ . وَلَيْسَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ أَوَّلُ خِلَافٍ لِهَذَا عِنْدَنَا , لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ , فَقَدْ حَلَّ فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ , فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ , لَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِذَلِكَ مِنْ إِحْرَامِهِ . وَيَكُونُ هَذَا كَمَا يُقَالُ قَدْ حَلَّتْ فُلَانَةُ لِلرِّجَالِ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِدَّةٍ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجٍ قَدْ كَانَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ , لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ , فَيَكُونُ لَهُمْ وَطْؤُهَا وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوهَا تَزَوُّجًا , يَحِلُّ لَهُمْ وَطْؤُهَا . هَذَا كَلَامٌ جَائِزٌ مُسْتَسَاغٌ . فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدِ احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَا , وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ , مَا قَدْ وَصَفْنَا ثَبَتَ بِذَلِكَ هَذَا التَّأْوِيلُ . وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ }} . فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحْصَرَ أَنْ لَا يَحْلِقَ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ , عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا فِي وَقْتِ مَا يَحِلُّ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ . فَهَذَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ التَّأْوِيلِ أَيْضًا , أَنَّ حَدِيثَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو قَدْ ذَكَرَ عِكْرِمَةُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَا : صَدَقَ . فَصَارَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَيْضًا . وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْمُحْصَرِ , مَا قَدْ وَافَقَ التَّأْوِيلَ الَّذِي صَرَفْنَا إِلَيْهِ حَدِيثَ الْحَجَّاجِ