عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ ، وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ "
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , وَسَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ ، وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ حَدَّثَنَا صَالِحٌ ، قَالَ : ثنا سَعِيدٌ ، قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِثْلَهُ فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ قَالَ هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَقَدْ دَلَّ هَذَا عَلَى ثُبُوتِ نَسْخِ مَا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , حَتَّى صَارَ مَا قَالَ بِهِ مِنْ هَذَا , أَوْلَى عِنْدَهُ . مِنْ ذَلِكَ . وَأَمَّا الْقِتَالُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَأَبِي سَعِيدٍ مِنَ الْمُصَلِّي , لِمَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أُبِيحَ فِي وَقْتٍ كَانَتِ الْأَفْعَالُ فِيهِ مُبَاحَةً فِي الصَّلَاةِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِنَسْخِ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْكَلْبِ غَيْرِ الْأَسْوَدِ , أَنَّ مُرُورَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ . فَأَرَدْنَا أَنَّ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ الْأَسْوَدِ , هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا ؟ فَرَأَيْنَا الْكِلَابَ كُلَّهَا , حَرَامٌ أَكْلُ لُحُومِهَا , مَا كَانَ مِنْهَا أَسْوَدُ , وَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ أَسْوَدَ , فَلَمْ يَكُنْ حُرْمَةُ لُحُومِهَا لِأَلْوَانِهَا , وَلَكِنْ لِعِلَلِهَا فِي أَنْفُسِهَا . وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا نُهِيَ أَكْلُهُ مِنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ , وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ , وَمِنَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ , لَا يَفْتَرِقُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْهَا , لِاخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا , وَكَذَلِكَ أَسْآرُهَا كُلُّهَا . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْكِلَابِ كُلِّهَا فِي مُرُورِهَا , بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي سَوَاءً , فَكَمَا كَانَ غَيْرُ الْأَسْوَدِ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ , فَكَذَلِكَ الْأَسْوَدُ . وَلَمَّا ثَبَتَ فِي الْكِلَابِ بِالنَّظَرِ مَا ذَكَرْنَا , كَانَ الْحِمَارُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ , فَأَجَازَهُ قَوْمٌ , وَكَرِهَهُ آخَرُونَ . فَإِذْ كَانَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ , لَا يَقْطَعُ مُرُورُهُ الصَّلَاةَ , كَانَ مَا اخْتُلِفَ فِي أَكْلِ لَحْمِهِ , أَحْرَى أَنْ لَا يَقْطَعَ مُرُورُهُ الصَّلَاةَ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا , عَنْ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَدْ ذَكَرْنَا , بَعْدَمَا رُوِيَ عَنْهُمْ , فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ