قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ : " يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا "
قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ : يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ عُمَرَ ، فَذَكَرَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عُمَرَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّنْ بَعْدَهُ ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَمَوْضِعَهُ مِنَ الدِّينِ مَوْضِعَهُ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدِي وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ : وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الْحَدَثِ . هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَعَلَى هَذَا بَنَى الشَّافِعِيُّ مَسَائِلَهُ إِلَّا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً ، فَإِنَّهُ تَرَكَ أَصْلَهُ فِيهَا ، وَأَجَابَ بِمَا يُوجِبُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَحْدَثَ فِي الْحَضَرِ فَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى خَرَجَ إِلَى السَّفَرِ صَلَّى بِمَسْحِهِ فِي السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ ، وَمَنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ إِذَا لَزِمَهُ مَسْحُ الْحَضَرِ ، فَسَافَرَ لَمْ يُصَلِّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، ثُمَّ يَخْلَعُ وَهَذَا قَدْ لَزِمَهُ حُكْمُ مَسْحِ الْحَضَرِ بِوَقْتِ الْحَدَثِ قَبْلَ أَنْ يُسَافِرَ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ يَسْتَتِمُّ بِالْمَسْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لَا يَمْسَحُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ ، وَمَالِكٍ ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُمْ فِي بَابٍ قَبْلُ . وَتَفْسِيرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ : يَمْسَحُ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الْحَدَثِ أَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلُ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ ، ثُمَّ يُحْدِثُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَّا مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ غَدٍ ، وَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ مِنْ غَدٍ وَجَبَ خَلْعُ الْخُفِّ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِذَا كَانَ مُقِيمًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ ، فَلَمَّا أَحْدَثَ هَذَا فَأُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ ، وَلَمْ يَمْسَحْ وَتَرَكَ مَا أُبِيحَ لَهُ إِلَى أَنْ جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ فَقَدْ تَمَّ الْوَقْتُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ فِيهِ الْمَسْحُ ، وَجَبَ خَلْعُ الْخُفِّ ، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي مَسَحَ ، وَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولِ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ لَمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ نَظَرْنَا إِلَى أَقَلِّ مَا قِيلَ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، فَقُلْنَا بِهِ ، وَتَرَكْنَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا اخْتَلَفُوا لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إِلَّا أَقَلُّ مَا قِيلَ ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْأَصْلِ وَهُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ