سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ ، وَكَانَ أَبِي تُوُفِّيَ وَتَزَوَّجَتْ أُمِّي بِأَبِي طَلْحَةَ ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ، وَرُبَّمَا بَيَّتْنَا اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِغَيْرِ عَشَاءٍ ، فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ ، وَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ مِنْهُ قُرْصَيْنِ ، وَطَلَبَتْ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ مِنْ جَارَةٍ لَهَا أَنْصَارِيَّةٍ ، فَصَبَّتْ عَلَى الْقُرْصَيْنِ ، وَقَالَتْ لِي : اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا . فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ فَرَحًا لِمَا أُرِيدُ أَنْ آكُلَ ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَصْحَابُهُ ، فَدَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ : إِنَّ أُمِّي تَدْعُوكَ . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : " قُومُوا " , فَجَاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِنَا . فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : " هَلْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ ؟ " قَالَ أَبُو طَلْحَةَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا دَخَلَ فَمِي مُنْذُ غَدَاةِ أَمْسِ شَيْءٌ . قَالَ : " فَلِأَيِّ شَيْءٍ دَعَتْنَا أُمُّ سُلَيْمٍ ، ادْخُلْ فَانْظُرْ " فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : مَا فَعَلْتُ غَيْرَ أَنِّي اتَّخَذْتُ قُرْصًا مِنْ شَعِيرٍ ، فَطَلَبْتُ مِنْ جَارَتِي الْأَنْصَارِيَّةِ لَبَنًا فَصَبَبْتُ عَلَى الْقُرْصَيْنِ ، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ : اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا . فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ادْخُلْ بِنَا يَا أَنَسُ " فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ . فَقَالَ " يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، ائْتِينِي بِقُرْصِكِ " فَأَتَتْهُ بِهِ ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَبَسَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفِّهِ عَلَى الْقُرْصِ , فَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ، وَقَالَ : " يَا أَبَا طَلْحَةَ ، اذْهَبْ فَادْعُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَشَرَةً " فَدَعَا بِعَشَرَةٍ . فَقَالَ لَهُمْ : " اقْعُدُوا وَسَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي " فَقَعَدُوا وَقَالُوا : بِسْمِ اللَّهِ . فَأَكَلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى شَبِعُوا . فَقَالُوا : شَبِعْنَا . فَقَالَ : " انْصَرِفُوا " وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : " ادْعُ بِعَشَرَةٍ أُخْرَى " , فَمَا زَالَ تَذْهَبُ عَشَرَةٌ وَتَجِيءُ عَشَرَةٌ ، حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا ، ثُمَّ قَالَ : " يَا أَبَا طَلْحَةَ ، وَيَا أَنَسُ تَعَالَوْا " , فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ حَتَّى شَبِعْنَا ، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ الْقُرْصَ . فَقَالَ : " يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، كُلِي وَأَطْعِمِي مَنْ شِئْتِ " فَلَمَّا أَبْصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ ذَلِكَ أَخَذَتْهَا الرِّعْدَةُ
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ ، ثنا أَبُو هَاشِمٍ كَثِيرٌ الْأُبُلِّيُّ ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ ، وَكَانَ أَبِي تُوُفِّيَ وَتَزَوَّجَتْ أُمِّي بِأَبِي طَلْحَةَ ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ، وَرُبَّمَا بَيَّتْنَا اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِغَيْرِ عَشَاءٍ ، فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ ، وَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ مِنْهُ قُرْصَيْنِ ، وَطَلَبَتْ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ مِنْ جَارَةٍ لَهَا أَنْصَارِيَّةٍ ، فَصَبَّتْ عَلَى الْقُرْصَيْنِ ، وَقَالَتْ لِي : اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا . فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ فَرَحًا لِمَا أُرِيدُ أَنْ آكُلَ ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَصْحَابُهُ ، فَدَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقُلْتُ : إِنَّ أُمِّي تَدْعُوكَ . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا , فَجَاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِنَا . فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : هَلْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ ؟ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا دَخَلَ فَمِي مُنْذُ غَدَاةِ أَمْسِ شَيْءٌ . قَالَ : فَلِأَيِّ شَيْءٍ دَعَتْنَا أُمُّ سُلَيْمٍ ، ادْخُلْ فَانْظُرْ فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : مَا فَعَلْتُ غَيْرَ أَنِّي اتَّخَذْتُ قُرْصًا مِنْ شَعِيرٍ ، فَطَلَبْتُ مِنْ جَارَتِي الْأَنْصَارِيَّةِ لَبَنًا فَصَبَبْتُ عَلَى الْقُرْصَيْنِ ، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ : اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا . فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ادْخُلْ بِنَا يَا أَنَسُ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ . فَقَالَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، ائْتِينِي بِقُرْصِكِ فَأَتَتْهُ بِهِ ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَبَسَطَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِكَفِّهِ عَلَى الْقُرْصِ , فَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ، وَقَالَ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، اذْهَبْ فَادْعُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَشَرَةً فَدَعَا بِعَشَرَةٍ . فَقَالَ لَهُمْ : اقْعُدُوا وَسَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي فَقَعَدُوا وَقَالُوا : بِسْمِ اللَّهِ . فَأَكَلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى شَبِعُوا . فَقَالُوا : شَبِعْنَا . فَقَالَ : انْصَرِفُوا وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : ادْعُ بِعَشَرَةٍ أُخْرَى , فَمَا زَالَ تَذْهَبُ عَشَرَةٌ وَتَجِيءُ عَشَرَةٌ ، حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، وَيَا أَنَسُ تَعَالَوْا , فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ حَتَّى شَبِعْنَا ، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ الْقُرْصَ . فَقَالَ : يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، كُلِي وَأَطْعِمِي مَنْ شِئْتِ فَلَمَّا أَبْصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ ذَلِكَ أَخَذَتْهَا الرِّعْدَةُ