حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ قَالَ : لَمَّا هَزَمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَالَ الْمُعَلَّى : فَخَشِيتُ أَنْ أَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَأُوجَدَ فِيهَا فَأُعْرَفَ ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فِي مَنْزِلِهِ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، كَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَيَّةُ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ " ، قُلْتُ : قَوْلُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }} ، قَالَ : " يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنَّ الْقَوْمَ عَرَضُوا السَّيْفَ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ " ، قُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، فَهَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا ؟ قَالَ : " لَا " ، قَالَ الْمُعَلَّى : ثُمَّ حَدَّثَ بِحَدِيثَيْنِ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ إِذَا رَآهُ ، أَنْ يَذْكُرَ تَعْظِيمَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ ، وَلَا يُبْعِدُ مِنْ رِزْقٍ " قَالَ : ثُمَّ حَدَّثَ الْحَسَنُ بِحَدِيثٍ آخَرَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ " قِيلَ : وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهَ ؟ قَالَ : " يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ "
حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نَسِيرٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ قَالَ : لَمَّا هَزَمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَالَ الْمُعَلَّى : فَخَشِيتُ أَنْ أَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَأُوجَدَ فِيهَا فَأُعْرَفَ ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فِي مَنْزِلِهِ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، كَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَيَّةُ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ ، قُلْتُ : قَوْلُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : {{ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }} ، قَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنَّ الْقَوْمَ عَرَضُوا السَّيْفَ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ ، قُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، فَهَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ الْمُعَلَّى : ثُمَّ حَدَّثَ بِحَدِيثَيْنِ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحَدِيثٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ إِذَا رَآهُ ، أَنْ يَذْكُرَ تَعْظِيمَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ ، وَلَا يُبْعِدُ مِنْ رِزْقٍ قَالَ : ثُمَّ حَدَّثَ الْحَسَنُ بِحَدِيثٍ آخَرَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ قِيلَ : وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهَ ؟ قَالَ : يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ قِيلَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ فَيَزِيدُ الضَّبِّيُّ وَكَلَامُهُ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ ، قَالَ الْمُعَلَّى : فَقُمْتُ مِنْ مَجْلِسِ الْحَسَنِ فَأَتَيْتُ يَزِيدَ فَقُلْتُ : يَا أَبَا مَوْدُودٍ ، بَيْنَمَا أَنَا وَالْحَسَنُ نَتَذَاكَرُ إِذْ نَصَبْتُ أَمْرَكَ نَصْبًا ، فَقَالَ : مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتَ ؟ قَالَ : فَمَا قَالَ الْحَسَنُ ؟ قُلْتُ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ ، قَالَ يَزِيدُ : مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أُخْطِرُ فِيهِ بِنَفْسِي ، قَالَ يَزِيدُ : فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، نُغْلَبُ عَلَى صَلَاتِنَا ؟ فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ، إِنَّكَ تَعْرِضُ نَفْسَكَ لَهُمْ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ ، قَالَ : فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، الصَّلَاةَ ، قَالَ : فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ احْتَوَشَتْنِيَ الرِّجَالُ يَتَعَاوَرُونِي ، فَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَتَلْبِيبَتِي ، وَجَعَلُوا يَجِئُونَ بَطْنِي بِنِعَالِ سُيُوفِهِمْ ، قَالَ : وَمَضَوْا بِي نَحْوَ الْمَقْصُورَةِ ، فَمَا وَصَلْتُ إِلَيْهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي دُونَهُ ، قَالَ : فَفُتِحَ لِي بَابُ الْمَقْصُورَةِ ، قَالَ : فَدَخَلْتُ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ وَهُوَ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : أَمَجْنُونٌ أَنْتَ ؟ قَالَ : وَمَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ ، فَقُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، هَلْ مِنْ كَلَامٍ أَفْضَلَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفًا يَقْرَؤُهُ غُدْوَةً إِلَى اللَّيْلِ أَكَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ صَلَاتَهُ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُكَ مَجْنُونًا ، قَالَ : وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِهِ سَاكِتٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَنَسُ ، يَا أَبَا حَمْزَةَ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ فَقَدْ خَدَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصَحِبْتَهُ ، أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ ، أَبِحَقٍ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ ؟ قَالَ : فَلَا وَاللَّهِ ، مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ ، قَالَ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ : يَا أَنَسُ ، قَالَ : يَقُولُ : لَبَّيْكَ ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، قَالَ : وَكَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ ، قَالَ : كَانَ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ ، فَقَالَ : احْبِسُوهُ ، قَالَ يَزِيدُ : فَأُقْسِمُ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ - يَعْنِي لِلْمُعَلَّى - لَمَا لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِي كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ مَقَامِي ، قَالَ بَعْضُهُمْ : مُرَاءٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَجْنُونٌ ، قَالَ : وَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ : الصَّلَاةَ ، وَأَنَا أَخْطُبُ ، وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ : إِنْ كَانَتْ قَامَتِ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ، وَاسْمُرْ عَيْنَيْهِ ، وَاصْلُبْهُ ، قَالَ : فَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَكَمِ أَنِّي مَجْنُونٌ فَخَلَّى عَنِّي . قَالَ الْمُعَلَّى ، عَنْ يَزِيدَ الضَّبِّيِّ : مَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْنَا جَنَازَتَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا دُفِنَ تَنَحَّيْتُ فِي عِصَابَةٍ ، فَذَكَرْنَا اللَّهَ وَذَكَرْنَا مَعَادَنَا ، فَإِنَّا كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْنَا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَالْحِرَابِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابِي قَامُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي ، فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ : مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدُفِنَ ، فَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا ، وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا ، وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ ، قَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفِرَّ كَمَا فَرُّوا ؟ قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ سَاحَةً وَآمَنُ لِلْأَمِيرِ مِنْ أَنْ أَفِرَّ ، قَالَ : فَسَكَتَ الْحَكَمُ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ - وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ - تَدْرِي مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، قَالَ : فَغَضِبَ الْحَكَمُ وَقَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَجَرِيءٌ ، خُذَاهُ ، قَالَ : فَأُخِذْتُ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ ، فَمَا دَرَيْتُ حِينَ تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي ، قَالَ : وَبَعَثَنِي إِلَى وَاسِطٍ ، فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ