• 1946
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ؟ " قَالَ قُلْنَا : الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ ، قَالَ : " لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا " قَالَ : " فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ ؟ " قَالَ قُلْنَا : الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ ، قَالَ : " لَيْسَ بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ "

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالَا : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ؟ قَالَ قُلْنَا : الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا قَالَ : فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ ؟ قَالَ قُلْنَا : الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ ، قَالَ : لَيْسَ بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ مَعْنَاهُ

    يصرعه: الصرع : الطَّرْحُ على الأرْض
    مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ؟ قَالَ قُلْنَا : الَّذِي
    حديث رقم: 6103 في صحيح البخاري كتاب الرقاق باب ما قدم من ماله فهو له
    حديث رقم: 4211 في سنن أبي داوود كِتَاب الْأَدَبِ بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا
    حديث رقم: 3594 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الوصايا الكراهية في تأخير الوصية
    حديث رقم: 3518 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 3519 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 3520 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 5783 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بَابُ الِاسْتِمَاعِ الْمَكْرُوهِ وَسُوءِ الظَّنِّ وَالْغَضَبِ وَالْفُحْشِ
    حديث رقم: 3012 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْجَنَائِزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ وَثَوَابِ الْأَمْرَاضِ وَالْأَعْرَاضِ
    حديث رقم: 3399 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
    حديث رقم: 6247 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْوَصَايَا الْكَرَاهِيَةُ فِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ
    حديث رقم: 24855 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْأَدَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْغَضَبِ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ
    حديث رقم: 6135 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجَنَائِزِ بَابُ مَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ مِنْ قِصَرِ الْأَمَلِ وَالِاسْتِعْدَادِ
    حديث رقم: 6747 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجَنَائِزِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ
    حديث رقم: 770 في المسند للشاشي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
    حديث رقم: 771 في المسند للشاشي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
    حديث رقم: 262 في مسند ابن أبي شيبة مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 262 في مسند ابن أبي شيبة عُقْبَةُ بْنُ مَالِكٍ
    حديث رقم: 605 في الزهد لهناد بن السري الزهد لهناد بن السري بَابُ مَنْ كَرِهَ جَمْعَ الْمَالِ
    حديث رقم: 1297 في الزهد لهناد بن السري الزهد لهناد بن السري بَابُ الْغَضَبِ
    حديث رقم: 154 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ مَنْ مَاتَ لَهُ سَقْطٌ
    حديث رقم: 155 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ مَنْ مَاتَ لَهُ سَقْطٌ
    حديث رقم: 156 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ مَنْ مَاتَ لَهُ سَقْطٌ
    حديث رقم: 5037 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
    حديث رقم: 5038 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
    حديث رقم: 5039 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
    حديث رقم: 5099 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ
    حديث رقم: 1418 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1428 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيِهِ
    حديث رقم: 1429 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيِهِ

    [2608] (مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبُ فِيكُمْ قَالَ قُلْنَا الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا قَالَ فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ قُلْنَا الَّذِي لَا يصرعهالرِّجَالُ قَالَ لَيْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ) أَمَّا الرَّقُوبُ فَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَالصُّرَعَةُ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَأَصْلُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي يَصْرَعُ النَّاسَ كَثِيرًا وَأَصْلُ الرَّقُوبِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّكُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّقُوبَ الْمَحْزُونَ هُوَ الْمُصَابُ بِمَوْتِ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ شَرْعًا بَلْ هُوَ مَنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَحْتَسِبُهُ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَتِهِ بِهِ وَثَوَابُ صَبْرِهِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ فَرَطًا وَسَلَفًا وَكَذَلِكَ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ الصُّرَعَةَ الْمَمْدُوحُ الْقَوِيُّ الْفَاضِلُ هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ بَلْ يَصْرَعُهُمْ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ شَرْعًا بَلْ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ فَهَذَا هُوَ الْفَاضِلُ الْمَمْدُوحُ الَّذِي قَلَّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِ وَمُشَارَكَتِهِ فِي فَضِيلَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ مَوْتِ الْأَوْلَادِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِمْ وَيَتَضَمَّنُ الدَّلَالَةَ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَفْضِيلِ التَّزَوُّجِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي النِّكَاحِ وَفِيهِ كَظْمُ الْغَيْظِ وَإِمْسَاكُ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِالرِّجَالُ قَالَ لَيْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ) أَمَّا الرَّقُوبُ فَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَالصُّرَعَةُ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَأَصْلُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي يَصْرَعُ النَّاسَ كَثِيرًا وَأَصْلُ الرَّقُوبِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّكُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّقُوبَ الْمَحْزُونَ هُوَ الْمُصَابُ بِمَوْتِ أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ شَرْعًا بَلْ هُوَ مَنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَحْتَسِبُهُ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَتِهِ بِهِ وَثَوَابُ صَبْرِهِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ فَرَطًا وَسَلَفًا وَكَذَلِكَ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ الصُّرَعَةَ الْمَمْدُوحُ الْقَوِيُّ الْفَاضِلُ هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ بَلْ يَصْرَعُهُمْ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ شَرْعًا بَلْ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ فَهَذَا هُوَ الْفَاضِلُ الْمَمْدُوحُ الَّذِي قَلَّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِ وَمُشَارَكَتِهِ فِي فَضِيلَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ مَوْتِ الْأَوْلَادِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِمْ وَيَتَضَمَّنُ الدَّلَالَةَ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَفْضِيلِ التَّزَوُّجِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي النِّكَاحِ وَفِيهِ كَظْمُ الْغَيْظِ وَإِمْسَاكُ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِعَنِ الِانْتِصَارِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُنَازَعَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي اشْتَدَّ غَضَبُهُ

    عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الرقوب فيكم قال قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذاك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا قال فما تعدون الصرعة فيكم قال قلنا الذي لا يصرعه الرجال قال ليس بذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب.
    المعنى العام:
    الغضب انفعال طبيعي في جبلة الإنسان وخلقته وكل ما يملكه الإنسان بشأنه أن يجتنب أسبابه وأن يتفادى إثارته كما يملك الإنسان القوي الحد من ثورته والتهدئة من فورانه والتوقف عن الاستجابة لحرارته وتحريك الجوارح واللسان في تياره واندفاعه وكلما ملك الإنسان نفسه عند الغضب كان أقوى الناس لأن أعدى عدو للإنسان نفسه وشيطانه فإذا غلبها فقد غلب أقوى أعدائه ومن هنا كانت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له أوصني يا رسول الله قال لا تغضب فردد السائل مرارا فردد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لا تغضب. ولو تدبر العاقل ساعة غضبه ولو نظر إلى نفسه في المرآة لسخر من نفسه واستصغرها وتقزز من منظره ولتحول غضبه على من أثاره إلى غضبه على نفسه من قبح صورته وتحول خلقته يرى دمه ينقبض وينبسط فيصفر لونه ويحمر وتحمر عيناه وتنتفخ عروق رقبته ويرتعد ويرتعش ثم ينفلت زمام الحكمة في تصرفاته فينطلق لسانه بالشتم والسب وتمتد يده محاولة إلحاق الأذى بالخصم ويأتي أفعالا يستحي هو منها عندما يهدأ ويعجب من نفسه كيف أتاها ويندم أن فعلها وقد يهرب منه خصمه فلا يفرغ فيه شحنته فيفرغها في نفسه يضرب رأسه في الحائط أو يمزق ثوبه أو يلطم خده أو يكسر آنية أو يضرب من ليس له دخل في غضبه وقد يقع صريعا أو مغمى عليه وقد يتخلف عن ذلك كله حقد وبغضاء وعداوة وشهوة انتقام تستمر تدفعه طيلة حياته وعلاج الغضب ذكر الله وتغيير الوضع إن كان واقفا جلس وإن كان جالسا قام وترك مكان الغضب والشيطان علاجه في استحضار قوله تعالى {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا} الله وأوامره {فإذا هم مبصرون} [الأعراف 201] وقوله تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} [فصلت 3
    4- 36]
    المباحث العربية (ما تعدون الرقوب فيكم) بفتح الراء وتخفيف القاف وهو الذي لا يعيش له ولد يقال رقبه بفتح القاف يرقبه بضمها رقبا بسكونها مع فتح الراء ورقوبا بفتح الراء ورقابة أي انتظره وفي القرآن الكريم {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} [طه 94] وأطلق الرقوب على الذي لا يعيش له ولد أو الذي لا يولد له ولد لما أنه ينتظر الوفاة لولده أو الذي يأمل وينتظر الولد (قلنا الذي لا يولد له) الموصول خبر مبتدأ محذوف أي الرقوب الذي لا يولد له (قال ليس ذاك بالرقوب) النفي ليس مطلقا حتى لا يوصف من لا يولد له بالرقوب وإنما هو نفي الكمال والاستحقاق لإثبات الكمال والاستحقاق لغيره (ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا) أي لم يمت له ولد لأنه الذي ينفعه نفعا حقيقيا (قال فما تعدون الصرعة فيكم) بضم الصاد وفتح الراء والهاء للمبالغة في الصفة وهو الذي يصرع الناس كثيرا بقوته أي الغلاب في المصارعة والصرعة بضم الصاد وسكون الراء من يصرعه الناس كثيرا وكل ما جاء بهذا الوزن بفتح العين وسكونها فهو كذلك كهمزة ولمزة وحفظة وخدعة وضحكة يقال صرعه يصرعه صرعا طرحه على الأرض فهو مصروع وصريع قال ابن التين ضبطناه بفتح الراء وقرأه بعضهم بسكونها وليس بشيء لأنه عكس المطلوب ولذا جاء في الجواب (قلنا الذي لا يصرعه الرجال) أي ويصرع هو الرجال (قال ليس بذاك) أي ليس الغلاب في المصارعة الذي يصرع الرجال (ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) أي الجدير بهذا الوصف الذي يصرع نفسه الأمارة بالسوء ويصرع شيطانه المهيج للغضب قال النووي معنى الحديث إنكم تعتقدون أن الرقوب المحزون وهو المصاب بموت أولاده وليس هو كذلك شرعا بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه فيكتب له ثواب مصيبته به وثواب صبره عليه ويكون له فرطا وسلفا وكذلك تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم وليس هو كذلك شرعا بل هو من يملك نفسه عند الغضب فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلق بخلقه بخلاف الأول اهـ (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وعند أحمد الصرعة كل الصرعة كررها ثلاثا الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه فيصرع غضبه. وفي الرواية الثالثة قال ليس الشديد بالصرعة قالوا فالشديد أيم هو يا رسول الله أيم أصلها أي ما وما بمعنى شيء مضاف لأي حذف ألفها والمعنى أي شيء هو (استب رجلان) قال الحافظ ابن حجر لم أعرف أسماءهما اهـ أي جريا على عادتهم في الستر على المسيئين (فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه) جمع ودج بفتح الواو والدال ووداج بكسر الواو وهو عرق في العنق وهو الذي يقطعه الذابح فلا تبقى مع قطعه الحياة وللإنسان ودجان فالجمع على القول بأنه ما فوق الواحد وفي رواية للبخاري فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغير وإنما كان هذا الوصف لأحدهما مع أن السب كان من الرجلين إما لأن الآخر كان أطول بالا أو كان أكثر إساءة وسبا والظاهر الأول لما سيأتي من رد الأحمق على النصيحة (إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) هذا من قبيل إطلاق الكلمة على الكلام وفي رواية لو قال أعوذ بالله من الشيطان لذهب عنه الذي يجد وفي رواية إني لأعلم كلمة لو يقولها هذا الغضبان لذهب عنه الغضب اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وكان هذا عرضا من الرسول صلى الله عليه وسلم ليقوم أحد الحاضرين من الصحابة بتبليغه (فقال الرجل وهل ترى بي من جنون) معطوف على محذوف مطوي في هذه الرواية ذكر في الرواية الخامسة ولفظها فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا أي الساعة منذ قليل قال إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وفي رواية فقالوا له والذي خاطبه واحد منهم وهو معاذ بن جبل كما بينته رواية أبي داود وأسند القول لهم لموافقتهم إياه ولفظ أبي داود فجعل معاذ يأمره فأبى وضحك وجعل يزداد غضبا وفي رواية للبخاري فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعوذ بالله من الشيطان الرجيم وليس في الخبر أنه أمرهم أن يأمروه بذلك لكن استفادوا ذلك من طريق عموم الأمر بالنصيحة للمسلمين وجنون مفعول به مجرور بحرف الجر الزائد وترى بفتح التاء بصرية وفي الرواية الخامسة أمجنونا تراني والاستفهام إنكاري بمعنى النفي وفي رواية للبخاري أترى بي بأس بضم التاء بمعنى أظن وبرفع بأس مبتدأ مؤخر والجار والمجرور خبر مقدم والجملة مفعول ترى وفي بعض الروايات بأسا بالنصب وهو أوجه زاد في الرواية هذه أمجنون أنا اذهب خطاب من الرجل للرجل الذي أمره بالتعوذ أي امض في شغلك قال النووي هذا كلام من لم يتفقه في دين الله تعالى ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجنون ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ويتكلم بالباطل ويفعل المذموم ويورث الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب قيل كان من المنافقين وقيل كان من جفاة الأعراب اهـ وقال بعضهم أخلق به أن يكون كافرا (لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه) وعند الترمذي والنسائي والبزار وصححه ابن حبان إن الله خلق آدم من تراب فجعله طينا ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنونا أي منتنا خلقه وصوره ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار أي يابسا لم تصبه نار يسمع صوته عند النقر فإذا طبخ في النار صار فخارا كان إبليس يمر به فيقول لقد خلقت لأمر عظيم ثم نفخ الله فيه من روحه ... (فجعل إبليس يطيف به) بضم الياء قال أهل اللغة طاف بالشيء يطوف طوفا وطوافا وأطافه به أي جعله يطوف كأن نفسه كانت تدفعه للطواف (فلما رآه أجوف) الجوف من كل شيء الباطن والفراغ الذي يقبل أن يشغل ويملأ وعند البخاري خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا وعند أحمد كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا ولنا أن نتخيل فراغ البطن والصدر لهذا الطول والعرض (عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك) أي لا يملك نفسه ولا يحبسها عن الشهوات وقيل لا يمنع دفع الوسواس عنه وقيل لا يملك نفسه عند الغضب والمراد جنس بني آدم وكان إبليس من أعلم الملائكة دارسا لحكمة الخلق وارتباط الأسباب بالمسببات فلما رأى في جسم آدم فراغا يمكن أن يملأه وبأن يجري فيه مجرى الدم وبأن يثير شهوة البطن والفرج وبأن ينفخ في الفراغات فيهيج الغرائز والانفعالات رأي أنه سيغويه وهو وذريته سيغوون ذرية آدم وأن إتيان إبليس وجنوده إلى بني آدم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم سيمكن الوسواس الخناس من السيطرة عليهم ولا تجد أكثرهم شاكرين وكان أكبر ميدان لهذا الإغواء ميدان الغضب الذي يفقد الإنسان السيطرة على نفسه فقه الحديث يؤخذ من الأحاديث فوق ما سبق

    1- من الرواية الأولى فضل موت الأولاد والصبر عليهم

    2- ويتضمن الدلالة على مذهب من يقول بتفضيل التزوج لأنه وسيلة الأولاد النافعين عاشوا أو ماتوا قال النووي وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحابنا

    3- وفيها فضيلة كظم الغيظ
    4- وإمساك النفس عند الغضب عن الانتصار والمخاصمة والمخادعة
    5- ومن الترغيب في قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الرواية الرابعة والخامسة أن الغضب في غير الله تعالى من نزغ الشيطان
    6- وأنه ينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    7- وأن الاستعاذة سبب لزوال الغضب
    8- وفي الأحاديث عظم مفسدة الغضب وما ينشأ عنه
    9- وفي الرواية الأولى أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة والله أعلم.

    لا توجد بيانات