• 378
  • حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ح وحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ : جَعَلَ مَكَانَ الْمُقَيَّرِ الْمُزَفَّتِ *

    سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ : قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ "

    الدباء: الدباء : القرع، واحدها دُبَّاءةٌ، كانوا ينْتبذُون فيها فتُسرع الشّدّةُ في الشراب
    والحنتم: الحنتم : إناء أو جرة كبيرة تصنع من طين وشعر وتدهن بلون أخضر وتشتد فيها الخمر وتكون أكثر سكرا
    والنقير: النقير : أصل النخلة وجذعها ينقر وسطه ثم ينبذ (ينقع) فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا وشرابا مسكرا
    والمقير: المقير : الإناء المطلي بالزفت أو بالقار
    المزفت: المزفت : الوعاء المطلي بالقار وهو الزفت
    أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ
    لا توجد بيانات

    عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر. فلا نخلص إليك إلا في شهر الحرام. فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من وراءنا. قال: آمركم بأربع. وأنهاكم عن أربع. الإيمان بالله (ثم فسرها لهم فقال) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة. وإيتاء الزكاة. وأن تؤدوا خمس ما غنمتم. وأنهاكم عن الدباء. والحنتم. والنقير. والمقير. زاد خلف في روايته شهادة أن لا إله إلا الله وعقد واحدة.


    المعنى العام كان منقذ بن حبان من قبيلة عبد القيس رجلا تاجرا، يحمل الملاحف والتمر ليبيعها بالمدينة المنورة. فبينا هو قاعد إذ مر به النبي صلى الله عليه وسلم، فنهض منقذ إليه احتراما وتقديرا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمنقذ بن حبان؟ كيف جميع قومك؟ كيف فلان وفلان وفلان؟ يسأله عن أشراف عبد القيس، ويسميهم بأسمائهم واحدا واحدا، فوقع الإسلام في قلب منقذ فأسلم، وتعلم الفاتحة وسورة {{{ اقرأ باسم ربك }}}ثم رحل، وقد حمله النبي صلى الله عليه وسلم كتابا إلى جماعة عبد القيس، فلما وصل خاف أن يظهر الكتاب، وكتمه أياما، وأخذ يصلي في منزله سرا. ورأت امرأته أنه يقول كلاما ويعمل أعمالا لم تعهدها، فقالت لأبيها- وهو المنذر بن عائذ الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأشج فيما بعد - قالت له: أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب إنه يغسل أطرافه، ويستقبل هذه الجهة، فيحني ظهره مرة، ويضع جبينه مرة، ذلك ديدنه منذ قدم. فالتقى أبوها بزوجها، وتكلما وتفاهما، فأسلم المنذر، فأراه منقذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد القيس، فقام المنقذ به إلى قومه، فقرأه عليهم، ورغبهم في الإسلام فأسلموا، وقرروا السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لينهلوا من نبع نهر الحياة، وليأخذوا قبسا من مصدر النور يضيء لهم الطريق. ولكن أنى لهم الوصول إلى المدينة؟. إنهم في البحرين في شرق الجزيرة العربية، والمدينة في غربها، وكفار مضر يسكنون وسطها، يتعرضون للقوافل، ويقطعون السبيل، ويقتلون ويسلبون، وخصوصا المتوجه إلى المدينة الراغب في الإسلام. وكان الرأي الحكيم أن يحددوا لسفرهم شهر رجب، الشهر الذي تقدسه مضر وتعظمه وتبالغ في احترامه أكثر مما تفعل في بقية الأشهر الحرم، إنهم يلقون فيه السلاح إلقاء كاملا وينصلون فيه أسنة الرماح، ويسمونه الأصم لأنه لا تسمع فيه قرقرة السلاح، وفي رجب من العام الثامن للهجرة، وقبيل فتح مكة سار الوفد، سار أربعون رجلا، من بينهم أربعة عشر أو سبعة عشر من سادات عبد القيس وأشرافها وفرسانها ركبانا والباقون مشاة، حتى قاربوا المدينة. وألقى في روع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدومهم، فقال لجلسائه، سيطلع عليكم من هذا الوجه ركب هم خير أهل المشرق، غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين، فقام عمر رضي الله عنه فاستقبلهم على أبواب المدينة فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ فقالوا: وفد عبد القيس، فصحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاهم بالترحيب وبشرهم بالخير العاجل والآجل، فقال: مرحبا بالقوم الذين لم يمسسهم خزي في دنياهم، فأسلموا دون سبي أو قتال، ولن يمسسهم ندم في مستقبل دنياهم على ما يفعلون. ونظر الصحابة إلى باب المسجد فرأوا رجلا حسن الهيئة، يلبس حلة جديدة، يدخل في اتزان ووقار، تبدو عليه ملامح السادة والأشراف. إنه المنذر بن عائذ الأشج رئيس الوفد، لم يتسرع كما تسرعوا، بل عمد إلى الأمتعة فجمعها، وإلى الراحلة فعقلها، وخلع ملابس السفر، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم، فرحب به وقربه إليه وأجلسه إلى جانبه، ثم قال مخاطبا الوفد كله: بايعوني على أنفسكم وقومكم، فمد القوم أيديهم وقالوا: نعم بايعناك. فقال المنذر: يا رسول الله إن أشد ما يحول عنه المرء هو دينه، نبايعك على أنفسنا فقط وترسل معنا إلى قومنا من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت، إن فيك يا أشج لخصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة. قال له: يا رسول الله، أكانتا في أم حدثتا؟ قال: بل قديما. قال: الحمد لله الذي جعلني على خلقين يحبهما. ثم قال المتحدث عن القوم: يا رسول الله. إننا قبيلة من ربيعة، وقد علمت مساكننا وبعد الشقة علينا، ولا نستطيع أن نصل إليك إلا مرة في كل عام في الشهر الحرام، لأن كفار مضر لا يخلون بيننا وبينك، فعلمنا من أمور الإسلام ما يلزمنا، واشرح لنا ما يجب علينا شرحا لا لبس فيه ولا غموض، فلسنا ممن حولك، ممن يسهل عليهم لقاؤك، ويتلقون حيثما يشاءون تعاليم دينك. مرنا بأمر نعمله وندعو إليه قومنا الذين خلفناهم وراءنا، مرنا بأمر إذا عملناه دخلنا الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمركم بالإيمان بالله وحده، ثم قال: هل تدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتصوموا رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم. قالوا: يا رسول الله -وقيت الشر وجعلنا الله فداءك من كل مكروه- ماذا يحل لنا من الأشربة؟ قال: أنهاكم أن تشربوا ماء التمر والعنب المنقوع في وعاء القرع (الدباء) أو المنقوع في الجرار المطليات (الحنتم) أو المنقوع في وعاء مطلي بالقار (المقير) أو المنقوع في جذع شجرة منقور (النقير). قالوا: يا نبي الله. ماذا تعلم عن نبيذ النقير؟ وكيف علمته وهو ليس ببلادكم؟ قال: نعم. هو جذع تنقرونه، فتقذفون فيه الماء والتمر أو الزبيب وتخلطونه وتتركونه حتى يغلي، فإذا سكن غليانه شربتموه، حتى إن أحدكم ليضرب ابن عمه بالسيف. وكان في القوم رجل أصيب بسيف ابن عمه السكران، وهو يخفي إصابته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحياء، فلما سمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالغ في إخفاء جراحته وقال: يا رسول الله، ففي أي الأوعية ننقع التمر والزبيب لنشربه. قال: هذه الأوعية تخفي التخمر فتوقعكم في شرب المسكر، ولكن انقعوا في القرب في أوعية الجلد المدبوغ، التي يربط على أفواهها، فإنها لا تخفي التخمر، لأن ما ينبذ فيها إذا تخمر شقها. قالوا: يا رسول الله، إن أرضنا يكثر فيها الفأر الذي يأكل الجلد، فلا يبقى لنا أسقية القرب، ولا وعاء من هذا النوع، فهل من رخصة؟. قال صلى الله عليه وسلم: لا رخصة وإن أكله الفأر. وإن أكله الفأر. وإن أكله الفأر. وعاد الوفد إلى حيه وأرضه حاملا معه مشعل الإسلام، يسبقون غيرهم من أهل القرى. فكان مسجد عبد القيس بالبحرين أول مسجد تجمع فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فرضي الله عنهم ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. المباحث العربية الرواية الأولى (قدم وفد عبد القيس) الوفد الجماعة المختارة من القوم ليتقدموهم في لقاء العظماء والمصير إليهم في المهمات، واحدهم وافد، زاد بعضهم: وأن يكون قدومهم من بعد، فإن لم يكونوا من بعد فليسوا بوفد، والمراد من عبد القيس هنا اسم القبيلة، أي قدم وفد قبيلة عبد القيس. (إنا هذا الحي من ربيعة) ينسبون قبيلتهم إلى الجد الرابع لعبد القيس تشرفا به، إذ عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وهذا الحي منصوب على الاختصاص، والخبر من ربيعة أي إنا حي من ربيعة كما جاء في بعض الروايات والحي اسم لمنزل القبيلة، ثم سميت القبيلة به، لأن بعضهم يحيا ببعض. (وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر) أي وقف في طريقنا إليك كفار مضر يمنعوننا من الوصول إليكم، لأن مساكنهم بين مساكننا وبين المدينة، فعبد القيس تنزل في البحرين والأحساء في شرق الجزيرة العربية على الخليج العربي، والمدينة في غربها على خط عرض واحد تقريبا. (فلا نخلص إليك) أي لا نصل سالمين إليك. (إلا في شهر الحرام) هكذا في الأصول كلها بإضافة شهر إلى الحرام وفي رواية: في أشهر الحرام وهو من إضافة الموصوف إلى صفته كقولهم: مسجد الجامع، وهي جائزة عند الكوفيين، أما البصريون فيقدرون محذوفا في الكلام للعلم به، أي في شهر الوقت الحرام، وأشهر الأوقات الحرم ومسجد المكان الجامع. ثم إن المراد من شهر الحرام جنس الأشهر الحرم، وهي أربعة لا خلاف فيها، وإنما الخلاف في الأدب المستحسن في ترتيب عدها، فأهل المدينة يعدونها هكذا: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، اعتمادا على تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الترتيب. والكوفيون يعدونها هكذا: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، استحسانا للإتيان بها من سنة واحدة. (فمرنا بأمر) قيل: الأمر هنا واحد الأوامر، وقيل واحد الأمور، وكلاهما صحيح. (من وراءنا) من موصولة، والمراد ممن وراءهم من جاءوا من عندهم أو ما يحدث لهم من الذرية. (آمركم بأربع) خصال أو جمل، والحكمة في الإجمال بذكر العدد قبل التفسير أن تتشوف النفس إلى التفصيل، فإذا جاء سكنت وتمكن وانضبط فلا ينسى منه شيء. (الإيمان بالله) بالجر بدل من أربع ومثله شهادة وإقام وإيتاء. (وأن تؤدوا خمس ما غنمتم) ما موصولة، وخمس بضم الميم وإسكانها، وكذلك الثلث والربع إلى العشر يضم ثانيها. والمصدر المنسبك من أن تؤدوا معطوف على أربع كأنه قال: آمركم بأربع وبأن تؤدوا خمس ما غنمتم، ولا يصح عطفه على شهادة لئلا يلزم منه جعل الأربع خمسا في الروايات التي ذكرت الصوم، وأداء خمس المغنم على هذا مضاف إلى الأربع وليس واحدا منها. (الدباء) بضم الدال المشددة وهو القرع اليابس، والمنهي عنه اتخاذه وعاء، ففي الكلام محذوف، والإضافة بمعنى من والتقدير: أنهاكم عن النقع في وعاء من الدباء. (والحنتم) بفتح الحاء وسكون النون وفتح التاء، الواحدة حنتمة، واختلف فيه، فقيل: الجرار كلها، وقيل: جرار يؤتى بها من مصر مقيرات الأجواف، أي مطليات الجوف بالقار وقيل: جرار أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف، وكان الناس ينتبذون فيها، وقيل: جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم، قال النووي: وأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر، وبه قال كثيرون من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء. (والنقير) جاء تفسيره في الرواية الرابعة والخامسة بأنه جذع ينقر وسطه ويفرغ. (والمقير) أي المطلي بالقار، وهو الزفت. (وعقد واحدة) أي عد الشهادتين واحدة من الأربع. الرواية الثانية (كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس) قيل: تقديره بين يدي ابن عباس بينه وبين الناس، فحذف لفظ بينه لدلالة الكلام عليه والأصح أن لفظ يدي عبارة عن الجملة والذات، كما في قوله تعالى: {{{ يوم ينظر المرء ما قدمت يداه }}}[النبأ:40] والمراد كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس، كما جاء في رواية البخاري. والترجمة بيان المراد من لغة بلغة أخرى، فكان أبو جمرة ينقل كلام ابن عباس من العربية إلى الفارسية. وقال ابن الصلاح: إن المراد من الترجمة مطلق البيان وإن كانت بنفس اللغة، ورأى أن مهمة أبي جمرة كانت تبليغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس، سواء لعدم السمع أو لعدم الفهم. (تسأله عن نبيذ الجر) الجملة صفة امرأة، والجر بفتح الجيم اسم جمع، الواحدة جرة، ويجمع على جرار، وهي الوعاء المعروف المصنوع من الفخار. (من الوفد أو من القوم) شك من الراوي، وكل من الجملتين خبر مقدم ومبتدأ مؤخر. (ربيعة) خبر مبتدأ محذوف وفي الكلام مضاف محذوف تقديره: الوفد وفد ربيعة وأصله الوفد وفد عبد القيس من ربيعة. (مرحبا) لفظ استعملته العرب بكثرة. تريد به البر وحسن اللقاء. وهو منصوب بفعل محذوف تقديره صادفت رحبا بضم الراء أي سعة. والرحب بفتح الراء الواسع. وقيل: منصوب على المصدرية من رحبت الأرض إذا اتسعت. قال سيبويه: وهو من المصادر النائبة عن أفعالها. (غير خزايا ولا الندامى) هكذا هو في الأصول الندامى بالألف واللام. وخزايا بحذفهما. وروي بالألف واللام فيهما. وروي بحذف الألف واللام فيهما. ولفظ غير بالنصب على الحال. ويروى بالجر بدل من القوم. أو صفة له على أن الألف واللام فيه للجنس. والمعرف بلام الجنس قريب من النكرة. فحكمه حكم النكرة. وغير من الألفاظ المتوغلة في الإبهام فلا تستفيد تعريفا إذا أضيفت إلى معرفة. والخزايا جمع خزيان وهو المستحي. وقيل: الذليل المهان. والندامى جمع ندمان بمعنى نادم. والمراد أنه لم يكن منكم تأخر عن الإسلام. ولم يصبكم إسار ولا قتال ولا سباء تستحون بسببه أو تذلون أو تهانون أو تندمون. (إنا نأتيك من شقة بعيدة) الشقة بضم الشين وكسرها، والضم أشهر وأفصح، وبه نزل القرآن، وهي السفر البعيد، فقولهم بعيدة مبالغة في البعد وتأكيد له، كقولهم: أمس الذاهب لا يعود. (فمرنا بأمر فصل) أمر بالتنوين، وفصل صفته على التأويل بمشتق لأنه مصدر، والمعنى مرنا بأمر واضح بين فاصل للمراد على غيره، بحيث لا يكون مشكلا علينا . (شهادة) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، تقديره: الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وإقام وإيتاء وصوم معطوف على شهادة. (احفظوه وأخبروا به من ورائكم) احفظوه قولا وعملا، فلا تنساه ذاكرتكم ولا تهمله جوارحكم، وهذه الرواية بمن الجارة، فمفعول أخبروا محذوف، التقدير: أخبروا به الناس الكائنين من ورائكم. الرواية الثالثة (للأشج أشج عبد القيس) هو المنذر بن عائذ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم بالأشج لأثر كان في وجهه، وأشج عبد القيس بدل من الأشج. (الحلم والأناة) الحلم العقل، والأناة التثبت وترك العجلة، وأناة الأشج كانت في تريثه بعد الوصول إلى المدينة حتى جمع الرحال وعقل الإبل ولبس أحسن الثياب، وحلمه ورجاحة عقله تمثلت في مناقشة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث اعتذر عن أن يبايع عن قومه. الرواية الرابعة (ما علمك بالنقير) سؤال استبعاد، إذ لم يكن بأرضه صلى الله عليه وسلم. (فتقذفون فيه من القطيعاء) القذف الإلقاء والطرح، والقطيعاء بضم القاف وفتح الطاء نوع من التمر صغار. وروي وتذيفون بفتح التاء من ذاف يذيف، وروي وتديفون بالدال بدل الذال، ومعناهما تخلطون. (أصابته جراحة كذلك) كذلك صفة جراحة، والمعنى: في القوم رجل مصاب بجراحة ناشئة من حالة مشابهة لحالة ضرب السكران ابن عمه بالسيف. (ففيم نشرب) الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر، والجار والمجرور متعلق بالفعل بعده، والتقدير: إذا انتهينا عن الانتباذ في هذه الأوعية، ففي أي الأوعية ننتبذ ونشرب؟ (في أسقية الأدم) أسقية جمع سقاء، والأدم بفتح الهمزة والدال جمع أديم، وهو الجلد الذي تم دباغه، والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره: اشربوا. (التي يلاث على أفواهها) أي يلف الخيط على أفواهها ويربط، وفي رواية تلاث بالتاء بدل الياء. (إن أرضنا كثيرة الجرذان) بكسر الجيم وإسكان الراء جمع جرذ بضم الجيم وفتح الراء وهو نوع من الفأر، أو الذكر منها، وفي رواية إن أرضنا كثير الجرذان بتذكير لفظ كثير وهو على تقدير موصوف مذكر أي إن أرضنا مكان كثير الجرذان، واعتذروا بذلك لعلمهم أن شريعة الإسلام مبنية على التخفيف، فظنوا أنهم قد يرخص لهم للضرورة. (وإن أكلتها الجرذان) مكرر ثلاث مرات في الأصول للتأكيد، وفطم نفوسهم عن الطمع في الرخصة، وجواب الشرط محذوف تقديره: فلا يباح الانتباذ في غيرها. ولم يرخص لهم صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعسر الاحتراز منها. الرواية الخامسة (جعلنا الله فداءك) استعملتها العرب كناية عن الدعاء بالوقاية من المكروه. (ماذا يصلح لنا من الأشربة؟) أي من ظروف الأشربة وأوعيتها، ففي الكلام مضاف محذوف. (وعليكم بالموكى) بضم الميم وإسكان الواو أي المربوط بالوكاء، وهو الخيط. وعليكم اسم فعل أمر بمعنى الزموا، والباء حرف جر زائد والموكى مفعول به لاسم الفعل. فقه الحديث روايات كثيرة لهذا الحديث في مسلم حصرناها في خمس، وروايات كثيرة له في البخاري، وبينها اختلاف كثير في الألفاظ بالزيادة والنقص والتبديل والتقديم والتأخير والقصة واحدة، ولم يعد هذا الاختلاف مشكلا بعد البيان الذي مر بنا قريبا عن صحة الرواية بالمعنى، واختلاف الرواة في الحفظ والضبط الذي لا يطعن في صحة الحديث. لكن المشكل هنا أنه صلى الله عليه وسلم قال آمركم بأربع والمذكور في أكثر الروايات خمس، إيمان بالله ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأداء الخمس، وعدم ذكر الصوم في الرواية الأولى إغفال من الراوي. وللعلماء في الجواب عن هذا الإشكال أقوال: أظهرها ما قاله ابن بطال في شرح البخاري. قال: أمرهم بالأربع التي وعدهم بها، ثم زادهم خامسة -يعنى أداء الخمس- لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر، فكانوا أهل جهاد وغنائم. وقال بعضهم: إن الأربع المأمور بها أولها إقام الصلاة، وإنما ذكر الشهادتين تبركا بهما لأن القوم كانوا مؤمنين مقرين بكلمتي الشهادة، ويستأنس لهذا الرأي برواية البخاري في الأدب بدون الشهادتين، ويضعفه ما جاء هنا في زيادة الرواية الأولى شهادة أن لا إله إلا الله وعقد واحدة. ولم يذكر الحج في هذا الحديث لأنه لم يكن فرض بعد، فإن قدوم وفد عبد القيس كان عام الفتح قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ونزلت فريضة الحج سنة تسع على الأشهر. وقيل: إن ترك ذكره لأنهم لم يكن لهم إليه سبيل من أجل كفار مضر، ويرد هذا القول أنه لا يلزم من عدم الاستطاعة في الحال ترك الإخبار به ليعمل به عند الإمكان كما في الآية. ثم إن دعوى أنهم كانوا لا سبيل لهم إلى الحج ممنوعة من أساسها، لأن الحج يقع في الأشهر الحرم، وهم يأمنون فيها. واختلفت الروايات في عدد وفد عبد القيس، فروي أنه كان أربعين رجلا، وروي أنه كان سبعة عشر، وروي أنه كان أربعة عشر أو ثلاثة عشر، ومع أنه لا طائل وراء تحديد العدد فإن الحافظ ابن حجر جمع بين الروايات بأن مجموع العدد أربعون والأعداد الأخرى تعبير عن رؤساء الوفد أو ركبانه. وإنما خصت هذه الأربع الدباء والحنتم والنقير والمقير بالنهي عن الانتباذ فيها لأنه يسرع إليه الإسكار فيها، فيصير حراما نجسا، ويبطل كونه مالا محترما، فنهي عنه لما فيه من إتلاف المال. ولأن هذه الأوعية تخفي مظاهر التخمر والإسكار في منقوعها فربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه، ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم، بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكرا شقها غالبا. ثم إن النهي كان في أول الأمر خشية التهاون في التفرقة بين المسكر وغير المسكر واختلاط الأمر، ثم نسخ بحديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية، فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا. وكون النهي منسوخا بهذا الحديث مذهب أبي حنيفة والشافعية. وذهب مالك وأحمد وإسحاق إلى أن التحريم باق، وفتوى ابن عباس للمرأة في الرواية الثانية والثالثة تدل على أنه يرى عدم النسخ، فقد أجاب عن سؤال الانتباذ في الجر بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ فيها. واقتصر في المنهيات على الانتباذ في الأوعية مع أن المناهي فيها ما هو أشد في التحريم من الانتباذ لكثرة تعاطيهم لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي في أجوبته حال المخاطبين كالطبيب يغاير بين الأدوية باختلاف المرضى، وقيل: إنما اقتصر عليها لأنهم طلبوا الجواب فيها، إذ ورد وسألوه عن الأشربة وجاء في الرواية الخامسة يا نبي الله -جعلنا الله فداءك- ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ فاقتصر اقتصار الجواب المطابق للسؤال. ويؤخذ من الحديث 1 - وفادة الرؤساء والأشراف إلى الأئمة عند الأمور المهمة. 2 - أن الوفد كانوا مسلمين بدليل قولهم: يا رسول الله، وقولهم: الله ورسوله أعلم. 3 - بيان مهمات الإسلام وأركانه سوى الحج. 4 - تقديم الاعتذار بين يدي المسألة حيث اعتذروا بصعوبة اللقاء. 5 - وجوب الخمس في الغنيمة قلت أو كثرت، وإن لم يكن الإمام في السرية الغازية وفيه خلاف وتفصيل في محله. 6 - النهي عن الانتباذ في الأواني الأربع، أي نقع التمر والزبيب أو نحوهما مع الماء فيها ليحلو ويشرب وقد سبق الخلاف في نسخ هذا النهي. 7 - استدل بقوله صلى الله عليه وسلم: من القوم؟ في الرواية الثانية على استحباب سؤال القاصد عن نفسه ليعرف منزلته. 8 - استعانة العالم في تفهيم الحاضرين والفهم عنهم ببعض أصحابه. 9 - أنه يكفي في الترجمة والفتوى والخبر قول الواحد. 10 - جواز استفتاء المرأة الرجال الأجانب، وسماعها صوتهم وسماعهم صوتها للحاجة. 11 - استحباب تأنيس الرجل لزواره والقادمين عليه بقوله مرحبا ونحوه، والثناء عليهم إيناسا وبسطا. 12 - جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة من إعجاب ونحوه، ويختلف استحبابه بحسب الأحوال والأشخاص، وأما النهي عن المدح في الوجه وقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والمدح فإنه الذبح وقوله صلى الله عليه وسلم: ويحك، قطعت عنق صاحبك فهو في حق من يخاف عليه الفتنة. 13- لا عتب على طالب العلم والمستفتي إذا طلب إعادة وإيضاح الجواب. 14 - جواز مراجعة العالم على سبيل الاسترشاد. 15- في الرواية الرابعة علم من أعلام النبوة إذ أخبر صلى الله عليه وسلم عن ضرب السكران ابن عمه بالسيف، ولم يواجه الرجل على عادته صلى الله عليه وسلم في الستر. 16 - جواز قول الإنسان للمسلم: جعلني الله فداءك. والله أعلم





    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ح وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏ "‏ أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ ‏"‏ ‏.‏ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادٍ جَعَلَ - مَكَانَ الْمُقَيَّرِ - الْمُزَفَّتِ ‏.‏

    Ibn 'Abbas reported that there came to Allah's Messenger (ﷺ) a group of people from the tribe of 'Abd al-Qais. Allah's Messenger (ﷺ) said to them:I forbid you to prepare Nabidh in gourd, in pitcher besmeared with pitch, in hollow stump and in waterskin (meant for preserving wine). In the hadith transmitted on the authority of Hammad the word." gourd" has been used in place of" waterskin

    Bize Yahya b. Yahya rivayet etti. (Dediki): Bize Abbâd b, Abbâd, Ebû Cemre'den, o da İbn-i Abbâs'dan naklen haber verdi. H. Bize Hanef b. Hişâm da rivayet etti. (Dediki): Bize Hammâd b. Zeyd, Ebû Cemre'den rivayet etti. (Demişki): İbn-i Abbâs'ı şunu söylerken işittim. Abdul Kays hey'eti Resûlullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in yanına geldi de Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) onlara: «Sizi dübbâ', hantem, nekîr ve mukayyer'den nehy ediyorum!» buyurdular. Hammad'ın hadîsinde mukayyer'in yerine müzeffet'i koymuştur

    عباد بن عباد اورحماد بن زید نے ابو حمزہ سے روایت کی ، انھوں نے کہا : میں نے حضرت ابن عباس رضی اللہ تعالیٰ عنہ کو کہتے ہوئے سنا : رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں عبدالقیس کا وفدحاضر ہواتو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا؛ "" میں تم کو کدوکے ( بنے ہوئے ) برتنوں ، سبز گھڑوں ، کھوکھلی لکڑی کے برتنوں اور روغن قار ملے ہوئے برتنوں ( میں نبیذ بنانے اور پینے ) سے منع کرتاہوں ۔ حماد نے اپنی حدیث میں مقیر کے بجائے مزفت کالفظ بیان کیا ۔

    ইয়াহইয়া ইবনু ইয়াহইয়া (রহঃ) ও খালাফ ইবনু হিশাম (রহঃ) ..... ইবনু আব্বাস (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, ‘আবদুল কায়সের প্রতিনিধি রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর কাছে আসলে তিনি বললেনঃ আমি তোমাদেরকে দুব্বা, হানতাম, নাকীর এবং মুকাইয়্যার হতে বারণ করছি। হাম্মাদ (রহঃ) বর্ণিত হাদীসে 'মুকাইয়্যার' স্থলে 'মুযাফফাত' শব্দটি উল্লেখ করা হয়েছে। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৫০০৯, ইসলামিক সেন্টার)