• 560
  • وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "

    وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

    لا توجد بيانات
    اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ
    لا يوجد رواة
    حديث رقم: 3875 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد
    حديث رقم: 3435 في صحيح مسلم كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ بَابُ اشْتِدَادِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 4089 في صحيح مسلم كتاب الْآدَابِ بَابُ تَحْرِيمِ التَّسَمِّي بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ ، وَبِمَلِكِ الْمُلُوكِ
    حديث رقم: 7993 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8030 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8031 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10183 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7834 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْأَدَبِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ النَّخَعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ
    حديث رقم: 4464 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ
    حديث رقم: 598 في المعجم الصغير للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ
    حديث رقم: 64 في صحيفة همام بن منبه صحيفة همام بن منبه
    حديث رقم: 101 في صحيفة همام بن منبه صحيفة همام بن منبه
    حديث رقم: 102 في صحيفة همام بن منبه صحيفة همام بن منبه
    حديث رقم: 5508 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ شِدَّةِ غَضِبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
    حديث رقم: 1199 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني بَابُ الرَّاءِ الرَّبِيعُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ السَّرَّاجُ أَبُو عُمَرَ سَكَنَ بَابَ مَسْجِدِ حَفْصٍ ، اخْتَلَفَ مَعَنَا إِلَى الْمَجَالِسِ *

    [1793] (اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فَقَوْلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لِأَنَّ مَنْ يَقْتُلُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ قَاصِدًا قَتْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)الْخَطِّ

    [1793] يقْتله رَسُول الله فِي سَبِيل الله احْتِرَاز مِمَّن يقْتله فِي حد قصاص لِأَن من يقْتله فِي سَبِيل الله كَانَ قَاصِدا قتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

    عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على قوم فعلوا هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ يشير إلى رباعيته وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله عز وجل.
    المعنى العام:
    إن الهزيمة التي تعقب النصر وتكون نهاية المعركة أشد على النفس من هزيمة يعقبها انتصار وتنتهي معركتها بالانتصار من هنا كانت هزيمة أحد أصعب على المسلمين من هزيمة حنين وإن المعركة التي يتعالى فيها العدو ويزهو ويحرض فيها على التشفي وينال ما كان يتمنى ويبالغ في النكاية والإيلام أشد على الأعزة الأحرار من هزيمة لا تنضوي ملابساتها على ذلك. وإن هزيمة ينال فيها العدو من الرءوس والمثل والقيم والهامات أصعب من هزيمة لا ينال فيها العدو ذلك. من هنا كانت هزيمة المسلمين في أحد أقسى هزيمة في تاريخ الغزوات النبوية ومن هنا احتلت أحداثها قدرا كبيرا من آيات القرآن الكريم نقتطف منها قوله تعالى في سورة آل عمران {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين* وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين* أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين* ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون* وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين* وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين* وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين* وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [آل عمران: 140 - 147] {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون* ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور* إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 153 - 155]. {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير* وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين* وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون* الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين* ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [آل عمران: 165 - 171]. لقد أرادت قريش أن تثأر لهزيمتها في بدر فجهزت جيوشها في عام وجمعت معها ما أمكنها جمعه من قبائل العرب وسار بهم أبو سفيان إلى المدينة يغزوها وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بجموعهم فاستشار أصحابه وعرض عليهم التحصن في المدينة فإذا دخل المشركون قاتلوهم في أزقتها ومن فوق بيوتها لكن بعض من فاتهم شرف بدر تحمسوا للقتال فتمسكوا بالخروج ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم على رغبتهم رغم الرؤيا التي رآها في منامه وذكرها وأولها لهم بما يفيد التضحية الكبيرة للمسلمين ليقضي الله أمرا كان مفعولا. نزل الجيشان عند أحد على بعد أربعة أميال من المدينة وكان المسلمون ألفا وكان المشركون أربعة آلاف ورجع من جيش المسلمين عبد الله بن أبي في ثلاثمائة فبقي المسلمون سبعمائة في مقابل أربعة آلاف. شكل رسول الله صلى الله عليه وسلم فريق الرماة من خمسين راميا وأمرهم أن لا يتركوا مكانهم هزم المسلمون أم انتصروا وبدأ القتال وحمل المسلمون على المشركين فغلبوهم وأجلوهم عن مضاربهم وأثقالهم ودخل المسلمون عسكرهم يجمعون الغنائم وظن الرماة أن المعركة قد انتهت فنزلوا إلى معسكر المشركين يشاركون في جمع الغنيمة ورأى خالد بن الوليد قائد مائة فارس مشرك انكشاف المسلمين بترك الرماة مواقعهم فاستغل هذه الثغرة وصعد بفرسانه وحملوا على المسلمين فمزقوهم وأصابوهم بالذعر والارتباك حتى قتل بعضهم بعضا لا يدري وفر كثير منهم نحو المدينة ودخل الكثيرون الشعاب مولين الأدبار ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا عدد قليل ما بين تسعة وبين ثلاثين وحاول بعض الكافرين الوصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدافع عنه من معه واستشهد بين يديه سبعة من تسعة على أصح الروايات وجرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفته السفلى وكسرت سن من أسنانه صلى الله عليه وسلم وجرحت رأسه بعد أن كسرت الخوذة الحديدية التي كان يلبسها وسال الدم على وجهه، وانشغل المشركون بقتلاهم وانشغلوا أكثر بقتلى المسلمين ينفثون فيهم حقدهم وغلهم فيقطعون الأنوف والآذان ويبقرون البطون ويمثلون وأخذوا يجمعون أمتعتهم للرحيل ونادى زعيمهم أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال ولنا عودة إليكم وعاد المسلمون يبحثون عن قتلاهم ويجمعونهم ويدفنونهم بثيابهم من غير غسل ولا صلاة وخرج النساء المسلمات من المدينة تبكي قتلاهن وخرجت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن خرجن فرأت أباها والدم يسيل على وجهه فاحتضنته وأخذت تغسل الدم بالماء الذي يصبه عليها زوجها علي رضي الله عنه فلما رأت أن الماء يزيد الدم سيلانا لجأت إلى قطعة من حصير قديم بجوارها فأحرقتها ثم أخذت رمادها فكتمت به منفذ الجروح فانقطع الدم. وعز على الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله به قومه فقال: إنهم لن يفلحوا ثم أدركه العفو والرفق فقال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. المباحث العربية (أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش) يوم أحد أي يوم غزوة أحد ومعركتها وأحد بضم الهمزة والحاء جبل معروف بينه وبين المدينة أقل من فرسخ وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم جبل يحبنا ونحبه وكانت عنده الوقعة المشهورة. وأفرد بضم الهمزة مبني للمجهول أي تركه أصحابه مفردا في هذا العدد أما الرجلان من قريش من المهاجرين فهما طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعند محمد بن سعد أنه ثبت معه صلى الله عليه وسلم سبعة من المهاجرين منهم أبو بكر فيحتمل أن الخمسة عادوا وثبتوا مع الرجلين فكل من الروايتين تتحدث عن لحظة. وأما السبعة من الأنصار فقد ذكر الواقدي في المغازي أنه ثبت يوم أحد من الأنصار: أبو دجانة والحباب بن المنذر وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وذكر في رواية سعد بن عبادة بدل سعد بن معاذ ومحمد بن مسلمة بدل أسيد بن حضير. وللنسائي والبيهقي في الدلائل عن جابر قال: تفرق الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقى معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة قال الحافظ: وإسناده جيد. قال: وهو كحديث أنس -روايتنا الأولى- إلا أن فيه زيادة أربعة فلعلهم جاءوا بعد ذلك. (فلما رهقوه) قال النووي بكسر الهاء أي غشوه وقاربوه يقال: رهقته وأرهقته أي أدركته وكل شيء دنوت منه فقد رهقته. اهـ. وفي كتب اللغة: رهق فلان بكسر الهاء يرهق بفتحها ركب الشر والظلم وغشي المآثم وفي القرآن الكريم {فزادوهم رهقا} [الجن: 6] والمعنى: فلما دنا الكفار منه صلى الله عليه وسلم ورغب في أن يدافع عنه من معه خرج إليهم واحد فلما استشهد دنوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا) المراد من صاحبيه القرشيان قال النووي: الرواية المشهورة فيه ما أنصفنا بإسكان الفاء وأصحابنا منصوب مفعول به هكذا ضبطه جماهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين والمراد من نحن -الرسول صلى الله عليه وسلم وطلحة وسعد- أي لم ننصف الأنصار السبعة الذين ضحوا بأنفسهم واحدا بعد واحد حيث لم يخرج طلحة وسعد المهاجران ولم يبرزا للقتال وذكر القاضي وغيره: أن بعضهم رواه بفتح الفاء أصحابنا مرفوع فاعل والمراد على هذا أن أصحابنا الذين فروا لم ينصفونا لفرارهم وتركنا. (وكسرت رباعيته) بفتح الراء وفتح الباء مخففة وكسر العين وفتح الياء مخففة وهي السن التي تلي الثنية وللإنسان أربع ثنايا ثنتان من فوق وثنتان من تحت في وسط الفك من الأمام وله أربع رباعيات ثنتان من فوق يمين الثنيتين وشمالها وثنتان من تحت كذلك فالرباعية هي التي بين الناب والثنية ومعنى كسر الرباعية كسر جزء منها وسقوطه ولم تخلع كلها. (وهشمت البيضة على رأسه) هشمت بضم الهاء مبني للمجهول والهشم كسر الشيء اليابس والأجوف وبابه ضرب يضرب والبيضة والخوذة بضم الخاء عدة من عدد التسلح من حديد توضع على الرأس لحمايته وتربط بأسفل الذقن وهي تشبه نصف بيضة النعام. قال الحافظ ابن حجر: ومجموع ما ذكر في الأخبار مما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد أنه شج وجهه وكسرت رباعيته وجرحت وجنته وشفته السفلى من باطنها ووهى منكبه من ضربة ابن قمئة وجحشت ركبته أي خدشت صلى الله عليه وسلم وفي سيرة ابن هشام: أن عتبة بن أبي وقاص هو الذي كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم السفلى وجرح شفته السفلى وأن عبد الله بن شهاب الزهري هو الذي شجه في جبهته وأن عبد الله بن قمئة جرحه في وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته صلى الله عليه وسلم. (فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم) في الرواية الثالثة والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الرواية الرابعة كسرت رباعيته يوم أحد وشج في رأسه فجعل يسلت الدم منه يقال: سلت الدم بفتح اللام يسلت بضمها وكسرها أي سله وسحبه ومسحه أي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدم الذي يسيل من رأسه وفي الرواية الخامسة وهو يمسح الدم عن وجهه وفي ملحقها: فهو ينضح الدم عن جبينه أي يدفع الدم عن جبينه وعند الطبراني: سبب مجيء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه لما كان يوم أحد وانصرف المشركون خرج النساء إلى الصحابة يعينونهم فكانت فاطمة فيمن خرج فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم اعتنقته وجعلت تغسل جراحاته بالماء فيزداد الدم..الحديث بمثل روايتنا. (وكان علي بن أبي طالب يسكب عليها بالمجن) أي يسكب عليها الماء من المجن وهو الترس وهو لوح من الحديد مقوس يتوقى به في الحرب أي كان يملؤه بالماء ويصب عليها منه وهي تغسل الدم. (فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة) لأنه يمنع التجلط ويساعد الدم على الخروج من المنفذ. (أخذت قطعة حصير فأحرقته) الضمير للحصير وفي رواية قطعة حصير خلق. (حتى صار رمادا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم) عند الطبراني فأحرقته بالنار وكمدته به حتى لصق بالجرح فاستمسك الدم وفي رواية له فأحرقت حصيرا حتى صارت رمادا فأخذت من ذلك الرماد فوضعته فيه حتى رقأ الدم وعن هذه المداواة قالت الرواية الثالثة والله إني لأعرف..بماذا دووى جرحه. (أم والله إني لأعرف) أم بفتح الهمزة وفتح الميم مخففة وأصلها أما بفتح الميم مع التخفيف حرف استفتاح بمنزلة ألا وتكثر قبل القسم وتحذف ألفها تخفيفا كما هنا. {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} وقد ذكر في سبب نزول الآية سبب آخر فقد روى البخاري عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فأنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء...} إلى قوله {فإنهم ظالمون} قال الحافظ ابن حجر: والثلاثة الذين دعا عليهم قد أسلموا يوم الفتح ولعل هذا هو السر في نزول قوله تعالى {ليس لك من الأمر شيء} والمعنى: {أو يتوب عليهم} فيسلموا {أو يعذبهم} إن ماتوا كفارا ويحتمل أن الآية نزلت للسببين جميعا. (يحكي نبيا من الأنبياء) أي يحكي عن نفسه ويقول كيف يفلح قوم شجوا نبيهم..إلخ ويقول النووي: هذا النبي صلى الله عليه وسلم المشار إليه من المتقدمين وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد. (ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) في رواية ثم قال يومئذ -أي حين وضع رماد الحصير على الجرح- اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله ثم مكث ساعة ثم قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. (اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله) زاد سعيد بن منصور في روايته يقتله رسول الله بيده ولعل هذا كان المانع من أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده. اهـ. فقه الحديث كانت وقعة أحد المشهورة في شوال سنة ثلاث باتفاق الجمهور وشذ من قال: سنة أربع وقال مالك: كانت بعد بدر بسنة وفيه تجوز لأن بدرا كانت في رمضان باتفاق فهي بعدها بسنة وشهر لم يكتمل. وكان السبب فيها ما ذكره ابن إسحق عن شيوخه وموسى بن عقبة قالوا: لما رجعت قريش مهزومين من غزوة بدر استجلبوا من استطاعوا من العرب في هذه السنة وسار بهم أبو سفيان حتى نزلوا ببطن الوادي من قبل أحد -يهددون المدينة انتقاما من المسلمين وأخذا بثأر يوم بدر- وكان رجال من المسلمين قد أسفوا على ما فاتهم من مشهد بدر وتمنوا لقاء العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا فلما أصبح قال: رأيت البارحة في منامي بقرا تذبح والله خير وأبقى ورأيت سيفي ذا الغفار انقصم من عند ظبته -أو قال: به فلول- فكرهته وهما مصيبتان ورأيت أني في دروع حصينة وأني مردف كبشا قالوا: وما أولتها؟ قال: أولت البقر بقرا يكون فينا وأولت الكبش كبش الكتيبة وأولت الدرع الحصينة المدينة فامكثوا فإن دخل القوم الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت فقال أولئك القوم: يا نبي الله كنا نتمنى هذا اليوم وأبى كثير من الناس إلا الخروج فلما صلى الجمعة وانصرف دعا باللأمة فلبسها ثم أذن في الناس بالخروج فندم ذوو الرأي منهم فقالوا: يا رسول الله امكث كما أمرتنا. فقال: ما ينبغي لنبي إذا أخذ لأمة الحرب أن يرجع حتى يقاتل فنزل فخرج بهم وهم ألف رجل وكان المشركون ثلاثة آلاف حتى نزل بأحد ورجع عنه عبد الله بن أبي بن سلول في ثلاثمائة فبقى في سبعمائة فلما رجع عبد الله سقط في أيدي طائفتين من المؤمنين وهما بنو حارثة وبنو سلمة. أحداث المعركة: صف المسلمون بأصل أحد وصف المشركون بالسبخة وتهيئوا للقتال وعلى خيل المشركين -وهي مائة فرس- خالد بن الوليد وليس مع المسلمين فرس وصاحب لواء المشركين طلحة بن عثمان وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جبير على الرماة وهم خمسون رجلا وعهد إليهم ألا يتركوا منازلهم وكان صاحب لواء المسلمين مصعب بن عمير فبارز طلحة بن عثمان فقتله وحمل المسلمون على المشركين حتى أبعدوهم عن أثقالهم وحملت خيل المشركين فنضحتهم الرماة بالنبل ثلاث مرات فدخل المسلمون عسكر المشركين فانتهبوهم فرأى ذلك الرماة فتركوا مكانهم ودخلوا العسكر فأبصر ذلك خالد بن الوليد ومن معه فعلا بخيل المشركين فوقهم فقتل من بقي من الرماة ومنهم أميرهم عبد الله بن جبير ولما رأى المشركون خيلهم ظاهرة تراجعوا فحملوا على المسلمين فمزقوهم وصرخ صارخ: قتل محمد فعطف المسلمون يقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون وفر طائفة منهم إلى جهة المدينة وتفرق سائرهم في الشعاب وثبت نبي الله صلى الله عليه وسلم حين انكشفوا عنه وهو يدعوهم في أخراهم واستقبله المشركون فرموا وجهه فأدموه وكسروا رباعيته وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس أصحابه وشغل المشركون بقتلى المسلمين يمثلون بهم يقطعون الآذان والأنوف والفروج ويبقرون البطون وهم يظنون أنهم أصابوا النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه حتى اتخذت هند من أجزاء قتلى المسلمين حزما وقلائد وأعطت حزمها وقلائدها اللاتي كن عليها لوحشي جزاء له على قتل حمزة وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها وقال أبو سفيان يفتخر بآلهته: اعل هبل فناداه عمر: الله أعلى وأجل ورجع المشركون إلى أثقالهم فحملوها ورحلوا ورجع المسلمون إلى قتلاهم فدفنوهم في ثيابهم ولم يغسلوهم ولم يصلوا عليهم وبكى المسلمون على قتلاهم فسر المنافقون وظهر غش اليهود وفارت المدينة بالنفاق فقالت اليهود: لو كان نبيا ما ظهروا عليه وقال المنافقون: لو أطاعونا ما أصابهم هذا ما ماتوا وما قتلوا قال ابن إسحق: وأنزل الله في شأن أحد ستين آية من سورة آل عمران ذكرناها في المعنى العام:
    . حصيلة المعركة: كان المسلمون في بدر قد أصابوا من المشركين أربعين ومائة سبعين قتيلا وسبعين أسيرا واستشهد من المسلمين يوم أحد سبعون شهيدا على أرجح الأقوال: أربعة من المهاجرين حمزة ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان والباقون من الأنصار وقد روى البخاري في غزوة أحد مجموعة من الأحاديث تلقي ضوءا على أحداث المعركة نذكر منها:

    1- عن البراء رضي الله عنه قال: لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة وقال: لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء أي النساء المشركات وكانت قريش قد خرجوا معهم بالنساء لأجل الحفيظة والثبات وسمي منهن ابن إسحق: هند بنت عتبة وأم حكيم بنت الحارث بن هشام وفاطمة بنت الوليد بن المغيرة وبرزة بنت مسعود الثقفية وريطة بنت شيبة السهمية وسلافة بنت سعد وخناس بنت مالك والدة مصعب بن عمير وعمرة بنت علقمة بن كنانة وقيل خرجت إلى أحد خمس عشرة امرأة يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن وفي رواية عند ابن إسحق قال الزبير بن العوام: والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحباتها مشمرات هوارب ما دون إحداهن قليل ولا كثير فقال الرماة من المسلمين: الغنيمة الغنيمة. فقال عبد الله لأصحابه: عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا فأبوا فأصيب سبعون قتيلا وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: لا تجيبوه فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: لا تجيبوه فقال أفي القوم ابن الخطاب؟..فقال: إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يخزيك. قال أبو سفيان: اعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجيبوه قالوا: ما نقول؟ قال: قالوا: الله مولانا ولا مولى لكم. قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال وتجدون مثلة لم آمر بها ولم تسئني أي لم أكرهها وإن كان وقوعها بغير أمري.

    2- عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة أحد رجع ناس ممن خرج معه وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة تقول: نقاتلهم وفرقة تقول: لا نقاتلهم فنزلت {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} [النساء: 88] وقال: إنها طيبة تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الفضة.

    3- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: نزلت هذه الآية فينا (آل عمران 122) {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول {والله وليهما} (والفشل الجبن وبنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة أقاربهم من الأوس).
    4- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد قال الحافظ ابن حجر: هما جبريل وميكائيل كذا وقع في مسلم من طريق آخر.
    5- عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مجوب عليه بحجفة له أي محصنه ومحيطه بترس له يقال: جوب عليه بترس أي وقاه به والحجفة الترس من جلد ونحوه وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع أي شديد رمي السهم كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل فيقول: انثرها لأبي طلحة قال: ويشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي. لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحرى دون نحرك ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثا
    6- عن عثمان بن موهب قال: جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال: من هؤلاء القعود؟ قالوا: هؤلاء قريش قال: من الشيخ؟ قالوا: ابن عمر فأتاه فقال: إني سائلك عن شيء أتحدثني؟ ثم قال: أنشدك بحرمة هذا البيت. أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال: نعم. قال: فتعلمه تغيب عن بدر؟ فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان؟ فلم يشهدها؟ قال نعم قال فكبر. قال ابن عمر: تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه أي بقوله تعالى {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان اذهب بها الآن معك.
    7- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم يشير بذلك إلى قوله تعالى {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون} [آل عمران: 135]. الحكمة في الهزيمة: أفعال الله لا تخلو من الحكمة علمناها أو لم نعلمها ويحاول العلماء في مثل هذه الظروف تلمس الحكم والعبر والمواعظ من المواقف الصعبة فيقول الحافظ ابن حجر: قال العلماء: وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها: أ- تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية وشؤم ارتكاب النهي لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أن لا يبرحوا مواقعهم وأن هذا الشؤم يعم ضرره من لم يقع منه. ب- وتعريف المسلمين أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة كما تقدم في قصة هرقل مع أبي سفيان والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائما دخل في المؤمنين من ليس منهم ولم يتميز الصادق من غيره ولو انكسروا دائما لم يحصل المقصود من البعثة فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفيا عن المسلمين فلما جرت هذه القصة وأظهر أهل النفاق ما أظهروا من الفعل والقول عاد التلويح صريحا وعرف المسلمون أن لهم عدوا في دورهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم. ج- ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضما للنفس وكسرا لشماختها فلما ابتلي المؤمنون صبروا وجزع المنافقون. د- ومنها أن الله هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها. هـ- ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم. و- ومنها أنه أراد إهلاك أعدائه فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه فمحص بذلك ذنوب المؤمنين ومحق بذلك الكافرين. ز- وفي هذا وقوع الانتقام والابتلاء بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لينالوا جزيل الأجر قاله النووي وقال القاضي: وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ليتيقنوا أنهم مخلوقون مربوبون ولا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبسه على النصارى وغيرهم. اهـ. وليعظم لهم الأجر وتزداد درجاتهم رفعة وليتأسى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره والعاقبة للمتقين. ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم

    1- من لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضة على رأسه في الحرب استحباب لبسها هي والدروع وغيرها من أسباب التحصن والتوقي في الحرب وأن ذلك لا يقدح في التوكل.

    2- ومن موقف الأنصار السبعة واستشهادهم في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم مدى شجاعتهم وإيمانهم وتضحيتهم فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

    3- في الأحاديث منقبة وفضيلة لطلحة وسعد لثباتهما وعدم فرارهما مع الشدة.
    4- في علاج فاطمة رضي الله عنها لجروح رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز العلاج والمداواة وأنها لا تقدح في التوكل.
    5- قال المهلب: فيه أن قطع الدم بالرماد كان معلوما عندهم لا سيما إن كان الحصير من ديس السعد فهي معلومة بالقبض وطيب الرائحة فالقبض يسد أفواه الجرح وطيب الرائحة يذهب بزهم الدم وأما غسل الدم أولا فينبغي أن يكون إذا كان الجرح غير غائر أما لو كان غائرا فلا يؤمن معه ضرر الماء إذا صب فيه. اهـ. وقد ظن أبو الحسن القابسي أن هذه الخاصية لنوع معين من الحصير فقال: وددنا لو علمنا ذلك الحصير مم كان؟ لنتخذه دواء لقطع الدم وقال ابن بطال: زعم أهل الطب أن الحصير بأنواعه إذا أحرقت تبطل زيادة الدم بل الرماد كله كذلك لأن الرماد من شأنه القبض ولهذا ترجم الترمذي لهذا الحديث بعنوان (التداوي بالرماد). والظاهر أن كتم منافذ الدم بأي شيء يمنع تدفقه وشرطه أن يكون معقما غير ملوث قالوا: وأهم التعقيم ما كان بالنار فالتراب المتخلف عن النار في مثل هذه الحالة خير ما يسد منافذ الجروح وبعض الناس كانوا يستخدمون مسحوق البن الخاص بالقهوة المصرية بدلا من رماد الحصير وليس معنى ذلك أن هذه الوسيلة خير من الوسائل الطبية الحديثة ولكنها كانت أفضل الوسائل المتاحة في عصرها وظروفها.
    6- وفي الأحاديث أنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعمة الله تعالى عليه وأن يعترف بالتقصير فإن النعم تظهر قيمتها عند فقدها وقديما قالوا: الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
    7- واستفيد من هذه الحادثة أخذ الصحابة حذرهم من العود لمثلها والمبالغة في الطاعة والتحرز من العدو المنافق بينهم وإلى ذلك أشار تعالى بقوله في سورة آل عمران {وتلك الأيام نداولها بين الناس..} [آل عمران: 140] إلى أن قال: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} وقال: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب} [آل عمران: 179].
    8- ومن الرواية الخامسة ما كان عليه الأنبياء من الحلم والصبر وعفوهم عن أعدائهم الذين آذوهم والدعاء لهم بالهداية والمغفرة فترتفع بذلك درجاتهم ويتأسى بهم أتباعهم. والله أعلم.

    لا توجد بيانات