• 146
  • عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا ، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ ، فَقَالَ : لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا ، فَقَالَ : " أَعْطِهِ إِيَّاهُ ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً "

    حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا ، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ ، فَقَالَ : لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا ، فَقَالَ : أَعْطِهِ إِيَّاهُ ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَكْرًا بِمِثْلِهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَإِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً

    استسلف: استسلف : استقرض
    بكرا: البكر : الفتي من الإبل
    بكره: البكر : الفتي من الإبل
    رباعيا: الرباعية : ما دخل في السنة السابعة من الإبل
    قضاء: القَضاء : القَضاء في اللغة على وجوه : مَرْجعها إلى انقطاع الشيء وتَمامه. وكلُّ ما أُحكِم عَملُه، أو أتمّ، أو خُتِم، أو أُدِّي، أو أُوجِبَ، أو أُعْلِم، أو أُنفِذَ، أو أُمْضيَ فقد قُضِيَ. فقد قُضِي.
    خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا
    حديث رقم: 2956 في سنن أبي داوود كِتَاب الْبُيُوعِ بَابٌ فِي حُسْنِ الْقَضَاءِ
    حديث رقم: 1302 في جامع الترمذي أبواب البيوع باب ما جاء في استقراض البعير أو الشيء من الحيوان أو السن
    حديث رقم: 4584 في السنن الصغرى للنسائي كتاب البيوع استسلاف الحيوان واستقراضه
    حديث رقم: 2281 في سنن ابن ماجة كِتَابُ التِّجَارَاتِ بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ
    حديث رقم: 1383 في موطأ مالك كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ
    حديث رقم: 2143 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الزَّكَاةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَدَقَةِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ
    حديث رقم: 26598 في مسند أحمد ابن حنبل مِنْ مُسْنَدِ الْقَبَائِلِ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ
    حديث رقم: 923 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ بَابُ : فِي الرُّخْصَةِ فِي اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ
    حديث رقم: 909 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ ،
    حديث رقم: 910 في المعجم الكبير للطبراني بَابُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ ،
    حديث رقم: 13685 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ : السَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ
    حديث رقم: 10259 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَالرَّدِ بِالْعُيُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 10393 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ السَّلَمِ
    حديث رقم: 1578 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ
    حديث رقم: 1003 في مسند الطيالسي وَمَا أُسْنِدَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ وَمَا أُسْنِدَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ
    حديث رقم: 677 في مسند الروياني مسند الروياني مُسْنَدُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 3751 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الْبُيُوعِ بَابُ اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ
    حديث رقم: 236 في السنن المأثورة للشافعي السنن المأثورة للشافعي بَابٌ فِي الْبُيُوعِ
    حديث رقم: 379 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَّا مَا كَانَ مُعَادًا
    حديث رقم: 626 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ
    حديث رقم: 684 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء وَإِبْرَاهِيمُ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَبْدًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَهَبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَهُ ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ بِمَكَّةَ مَعَ إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ وَأُمِّ الْفَضْلِ ، وَكَتَمُوا إِسْلَامَهُمُ اخْتُلِفُ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ : إِبْرَاهِيمُ ، وَقِيلَ : أَسْلَمُ وَقِيلَ : هُوَ مِمَّنْ شَهِدَ الْخَنْدَقَ ، وَكَانَ فِيمَنْ فَتْحَ مِصْرَ وَشَهِدَهُ ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَمِمَّا أَسْنَدَ
    حديث رقم: 4467 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْبُيُوعِ بَيَانُ إِبَاحَةِ الِاسْتِسْلَافِ فِي الْحَيَوَانِ ، وَاسْتِقْرَاضِهِ وَالسَّلَمِ فِيهِ ، وَالْإِبَاحَةِ

    [1600] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ مَا أَجِدُ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا فَقَالَ أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحَسَنُهُمْ قَضَاءً) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَقَالُوا إِنَّا لَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ قَالَ فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَوْ خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ اسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنًّا فَأَعْطَاهُ سِنًّا)فَوْقَهُ وَقَالَ خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً أَمَّا الْبَكْرُ مِنَ الْإِبِلِ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الصَّغِيرُ كَالْغُلَامِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَلُوصٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَالْجَارِيَةِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَأَلْقَى رَبَاعِيَةً بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَأَعْطَاهُ رَبَاعِيًا بِتَخْفِيفِهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً قَالُوا مَعْنَاهُ ذَوُو الْمَحَاسِنِ سَمَّاهُمْ بِالصِّفَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ مَحْسَنٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ أَحَاسِنُكُمْ جَمْعُ أَحْسَنَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَإِنَّمَا اقْتَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَاجَةِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ وَهُوَ الدَّيْنُ وَفِيهِ جَوَازُ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ إِلَّا الْجَارِيَةَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَطْأَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ إِقْرَاضُهَا لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا كَمَحَارِمِهَا وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي مذهب المزني وبن جَرِيرٍ وَدَاوُدَ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَالثَّالِثُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمُ النَّسْخَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ وَفِيهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ مِنَ الَّذِي عَلَيْهِ وَهَذَا مِنَ السُّنَّةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا كَانَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فِي الْأَدَاءِ عَمَّا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُهَا سَوَاءٌ زَادَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْعَدَدِ بِأَنْ أَقْرَضَهُ عَشَرَةً فَأَعْطَاهُ أَحَدَ عَشَرَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَدَدِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَحُجَّةُ أَصْحَابِنَا عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً قَوْلُهُ (فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلُ الصَّدَقَةِ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ فَيُقَالُ فَكَيْفَ قَضَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ أَجْوَدَ مِنَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْغَرِيمُ مَعَ أَنَّ النَّاظِرَ فِي الصَّدَقَاتِ لَا يَجُوزُ تَبَرُّعُهُ مَنْهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَوْقَهُ وَقَالَ خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً أَمَّا الْبَكْرُ مِنَ الْإِبِلِ فَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الصَّغِيرُ كَالْغُلَامِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَلُوصٌ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَالْجَارِيَةِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَأَلْقَى رَبَاعِيَةً بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَأَعْطَاهُ رَبَاعِيًا بِتَخْفِيفِهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً قَالُوا مَعْنَاهُ ذَوُو الْمَحَاسِنِ سَمَّاهُمْ بِالصِّفَةِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ مَحْسَنٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ أَحَاسِنُكُمْ جَمْعُ أَحْسَنَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِدَانَةِ وَإِنَّمَا اقْتَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَاجَةِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ وَهُوَ الدَّيْنُ وَفِيهِ جَوَازُ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ إِلَّا الْجَارِيَةَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَطْأَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ إِقْرَاضُهَا لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا كَمَحَارِمِهَا وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي مذهب المزني وبن جَرِيرٍ وَدَاوُدَ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَالثَّالِثُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمُ النَّسْخَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ وَفِيهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ مِنَ الَّذِي عَلَيْهِ وَهَذَا مِنَ السُّنَّةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا كَانَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فِي الْأَدَاءِ عَمَّا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُهَا سَوَاءٌ زَادَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْعَدَدِ بِأَنْ أَقْرَضَهُ عَشَرَةً فَأَعْطَاهُ أَحَدَ عَشَرَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَدَدِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَحُجَّةُ أَصْحَابِنَا عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً قَوْلُهُ (فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلُ الصَّدَقَةِ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ فَيُقَالُ فَكَيْفَ قَضَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ أَجْوَدَ مِنَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْغَرِيمُ مَعَ أَنَّ النَّاظِرَ فِي الصَّدَقَاتِ لَا يَجُوزُ تَبَرُّعُهُ مَنْهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَاقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا جَاءَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ اشْتَرَى مِنْهَا بَعِيرًا رَبَاعِيًّا مِمَّنِ اسْتَحَقَّهُ فَمَلَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَنِهِ وَأَوْفَاهُ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ مِنْ مَالِهِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ قِيلَ فِيهِ أَجْوِبَةٌ غَيْرُهُ مِنْهَا أَنَّ الْمُقْتَرِضَ كَانَ بَعْضَ الْمُحْتَاجِينَ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ مِنَ الصَّدَقَةِ حِينَ جَاءَتْ وَأَمَرَهُ بِالْقَضَاءِ قَوْلُهُ

    [1600] بكرا بِفَتْح الْبَاء الصَّغِير من الْإِبِل من إبل الصَّدَقَة هُوَ مَحْمُول على أَنه اشْترى مِنْهَا مَا قضى بِهِ وَإِلَّا فالناظر فِي الصَّدقَات لَا يجوز تبرعه مِنْهَا قَالَه النَّوَوِيّ رباعيا بتَخْفِيف الْيَاء مَا اسْتكْمل سِتّ سِنِين وَدخل فِي السَّابِعَة وَألقى رباعيته

    عن أبي رافع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرًا. فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة. فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره. فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد إلا خيارًا رباعيًا. فقال أعطه إياه. إن خيار الناس أحسنهم قضاء.
    المعنى العام:
    يقول اللَّه تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن: 60]؟ ويقول {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء: 86] أدب عام رفيع من آداب الإسلام، أن يوفى المدين دينه فور التمكن من الأداء، وأن يحسن إلى الدائن عند الوفاء، بالزيادة أو بالكلمة الطيبة، والشكر على ما قدم من معروف، وأن يتحمل المدين مطالبة الدائن، وإن شدد، فهو صاحب حق، مادام يطالب في حدود الآداب، وإن ألح. بهذه الآداب يتم التعاون بين المسلمين، ويصبح مثل المؤمنين كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، ولا يخشى القادر إقراض المحتاج، ويجد المحتاج من يساعده عند الشدائد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في تطبيق هذه الآداب. وكيف لا وقد كان خلقه القرآن صلى الله عليه وسلم. كان صلى الله عليه وسلم يمر على بيوته الشهر والشهران ثلاثة أهله في شهرين، لا يوقد في بيته نار، لعدم وجود ما يطهى بالنار، فلم يكن يستقرض لنفسه شاة ولا بعيرًا، ولكنه كان يقترض للفقراء حين لا يكون في بيت المال ما يحتاجون، فإذا جاءت إبل الصدقة، سدد ما اقترض، بما هو مثله، أو بأحسن مما اقترض، وكان يتحمل شدة صاحب الحق، ويقول: إن لصاحب الحق مقالاً، وكان يدعو إلى إكرام المقرض، والإحسان عند أداء الحقوق، ويقول خيركم أحسنكم قضاء بهذا يقول الدائن للمدين أوفيتني أوفي الله بك وأوفاك. المباحث العربية (استسلف من رجل بكرًا) يقال: أسلفت رجلاً مالاً، وسلفته مالاً، بتشديد اللام، أقرضته إياه، ويقال: استلف واستسلف من رجل مالاً، أي اقترض، والبكر بفتح الباء وسكون الكاف الصغير من الإبل، كالغلام من الآدميين، والأنثى بكرة وقلوص، وهي الصغيرة من الإبل، كالجارية من الآدميين. (لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًا) بفتح الراء، وتخفيف الياء، وهو من الإبل ما استكمل ست سنين ودخل في السابعة، والذكر رباع، والأنثى رباعية بتخفيف الياء. أي لم أجد في إبل الصدقة إلا ما هو خير من سنه، لم أجد إلا رباعيًا. (إن خيار الناس أحسنهم قضاء) خيار جمع خير بفتح الخاء وسكون الياء، ومثله أخيار وخيور. وفي الرواية الثانية إن خير عباد الله وفي الرواية الثالثة إن خيركم وفي الرواية الرابعة خياركم وفي الرواية الخامسة خيركم قال العلماء: لما أضيف أفعل أي خير والمقصود به الزيادة جاز فيه الإفراد والجمع، ومثله أحسنكم ففي الرواية الأولى والثانية أحسنهم قضاء وفي الرواية الثالثة والخامسة أحسنكم قضاء وفي الرواية الرابعة محاسنكم قضاء ومن مقدره في خيار الناس وخير عباد الله وقد صرح بها في الرواية الثالثة، فإن من فعل ذلك ليس خير عباد الله على الإطلاق، بل من خيرهم. (كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، فأغلظ له) أي في المطالبة به، أي شدد المطالبة، من غير قدر زائد، قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون الإغلاظ بغير ذلك، ويكون صاحب الدين كافرًا، فقد قيل: إنه كان يهوديًا، والأول أظهر، فقد روي أنه كان أعرابيًا، وكأنه جرى على عادته من جفاء المخاطبة. قيل: إنه العرباض بن سارية، وقيل: غيره. والقصة وقعت للعرباض ولغيره. (فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أي أرادوا أن يؤذوه بالقول أو الفعل، لكن لم يفعلوا أدبًا مع النبي صلى الله عليه وسلم. (إن لصاحب الحق مقالاً) أي حجة قوية، وجرأة في الطلب، لكن مع مراعاة الأدب المشروع. (اشتروا له سنًا) أي جملاً له سن معين. قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بين رواية اشتروا له والرواية الأولى، وأن القضاء من إبل الصدقة بأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالشراء أولاً، ثم قدمت إبل الصدقة، فأعطاه منها، أو أنه أمر بالشراء من إبل الصدقة ممن استحق منها شيئًا، ويؤيده رواية ابن خزيمة إذا جاءت الصدقة قضيناك. فقه الحديث قال النووي: الحديث في اقتراض الحيوان، وفيه ثلاثة مذاهب: الشافعي ومالك وجماهير العلماء من السلف والخلف أنه يجوز قرض جميع الحيوان، إلا الجارية لمن يملك وطأها، فإنه لا يجوز، ويجوز إقراضها لمن لا يملك وطأها، كمحارمها، والمرأة والخنثى. والمذهب الثاني مذهب المزني وابن جرير وداود أنه يجوز قرض الجارية وسائر الحيوان لكل واحد. والثالث مذهب أبي حنيفة والكوفيين أنه لا يجوز قرض شيء من الحيوان، وهذه الأحاديث ترد عليهم ولا تقبل دعواهم النسخ بغير دليل. اهـ واحتجوا بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو حديث قد روي عن ابن عباس مرفوعًا، أخرجه ابن حبان والدارقطني وغيرهما، ورجال إسناده ثقات، إلا أن الحفاظ رجحوا إرساله، وأخرجه الترمذي، وفي سنده مقال، وهو حديث صالح للحجة في الجملة، وادعى الطحاوي أنه ناسخ لحديث الباب، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والجمع بين الحديثين ممكن، فقد جمع بينهما الشافعي وجماعة، بحمل النهي على ما إذا كان نسيئة من الجانبين، ويتعين المصير إلى ذلك، لأن الجمع بين الحديثين أولى من إلغاء أحدهما باتفاق، وإذا كان ذلك هو المراد من الحديث بقيت الدلالة على جواز استقراض الحيوان والسلم فيه. واعتل من منع قرض شيء من الحيوان كذلك بأن الحيوان يختلف اختلافًا كبيرًا يمنع من الوقوف على حقيقة المثلية فيه، وأجيب بأنه لا مانع من الإحاطة به بالوصف، بما يدفع التغاير، وقد جوز الحنفية التزويج والكتابة على الرقيق الموصوف في الذمة، مع احتمال الاختلاف بين الوصف وبين الواقع. وقد استشكل على حديث الباب، فقيل: كيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم، مع أن الناظر على الصدقات لا يجوز له التبرع منها؟ وأجيب بأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم اقترض لنفسه، فلما جاءت إبل الصدقة، وأعطى المستحقون إبلاً، اشترى من أحدهم بعيرًا رباعيًا، فملكه النبي صلى الله عليه وسلم بثمنه، وأوفاه، متبرعًا بالزيادة من ماله، ويدل على هذا ما جاء في رواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتروا له سنًا قال النووي: فهذا هو الجواب المعتمد، وقد قيل فيه أجوبة أخرى، منها أن المقترض كان أحد المحتاجين، استقرض لنفسه من آخر، فلما جاءت إبل الصدقة أعطاه منها، وأمره بالقضاء، فلم يكن صلى الله عليه وسلم طرفًا في الاستقراض والأداء. اهـ وهذا الرد غير مقبول لأن ألفاظ الحديث تبعد ذلك وبخاصة الرواية الثالثة فالجواب هو الأول. ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

    1- جواز المطالبة بالدين، إذا حل أجله.

    2- وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وعظم حلمه وتواضعه وإنصافه.

    3- وأن من عليه دين لا ينبغي له مجافاة صاحب الحق والإساءة إليه لمطالبته، فإن له مقالاً، لكن بالآداب الشرعية.
    4- وأن من أساء الآداب على الإمام استحق التعزير بما يقتضيه الحال، إلا أن يعفو الإمام.
    5- وفيه أن الاقتراض في الأمور المباحة لا يعاب، فكيف في البر والطاعة؟
    6- وأن للإمام أن يقترض على بيت المال، لحاجة بعض المحتاجين، ليوفي ذلك من مال الصدقات.
    7- وفيه حسن القضاء، وأنه يستحب لمن عليه الدين، من قرض وغيره أن يرد أجود من الذي عليه، وهذا من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض جر منفعة فهو منهي عنه، لأن المنهي عنه ما كان مشروطًا في عقد القرض، قال النووي: ومذهبنا أنه يستحب الزيادة في الأداء، عما عليه، ويجوز للمقرض أخذها، سواء زاد في الصفة، أو في العدد، بأن أقرضه عشرة، فأعطاه أحد عشرة، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها، وحجة أصحابنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم خيركم أحسنكم قضاء.
    8- وفي هذه الأحاديث جواز السلف في الحيوان، وحكمه حكم القروض.
    9- واستدل به الشافعي على جواز تعجيل الزكاة على أساس أن استقراضه صلى الله عليه وسلم كان للمحتاجين مستحقي الزكاة، فأعطاهم من الزكاة عاجلة حتى جاءت إبل الصدقة. واللَّه أعلم

    لا توجد بيانات