• 1911
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ "

    حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ ، وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، جَمِيعًا ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، ح وحَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ : فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ ، قَالَ : يَبْدَأُ بِالْأَهْلِ إِذَا رَجَعَ ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا جَمِيعًا : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ

    يتعوذ: تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
    وعثاء: الوعثاء : الشدة والمشقة
    وكآبة: الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
    المنقلب: المنقلب : الرجوع أو العودة
    والحور: الحَوْر : النُّقْصَان بَعْد الزِّيادة. وقيل من فساد أمورِنا بعد صَلاحِها. وقيل من الرُّجُوع عن الجماعة
    الكور: الكُور : العمائم
    إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ ، وَالْحَوْرِ
    حديث رقم: 3514 في جامع الترمذي أبواب الدعوات باب ما يقول إذا خرج مسافرا
    حديث رقم: 5447 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من الحور بعد الكور
    حديث رقم: 5448 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من الحور بعد الكور
    حديث رقم: 5449 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من دعوة المظلوم
    حديث رقم: 3885 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الدُّعَاءِ بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ
    حديث رقم: 2331 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى السَّفَرِ
    حديث رقم: 20265 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 20266 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 20267 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 20270 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 20275 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 7673 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ
    حديث رقم: 7674 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ سَوْءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ
    حديث رقم: 7675 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ
    حديث رقم: 8532 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ السِّيَرِ كَيْفَ الدُّعَاءُ عِنْدَ السَّفَرِ
    حديث رقم: 9956 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَا يَقُولُ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا
    حديث رقم: 29004 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الدُّعَاءِ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ السَّفَرَ مَا يَدْعُو بِهِ
    حديث رقم: 32963 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْجِهَادِ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا
    حديث رقم: 817 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بَابُ : فِي الدُّعَاءِ إِذَا سَافَرَ وَإِذَا قَدِمَ
    حديث رقم: 8959 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ الْقَوْلِ فِي السَّفَرِ
    حديث رقم: 9687 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ جُمَّاعُ أَبْوَابِ آدَابِ السَّفَرِ
    حديث رقم: 1546 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ الْقَوْلِ فِي السَّفَرِ
    حديث رقم: 1263 في مسند الطيالسي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 512 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 513 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ
    حديث رقم: 3531 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ
    حديث رقم: 3730 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ الْمُزَنِيُّ أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا وَلَحْمًا ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، عِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُهُ عِنْدَ قَتَادَةَ ، وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ
    حديث رقم: 1738 في الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع مَا يُقَالُ عِنْدَ التَّوْدِيعِ
    حديث رقم: 669 في الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي بَابُ الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْأَدَاءِ وَشَرَائِطِهِ

    [1343] قَوْلُهُ (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَعْدَ الْكَوْنِ بِالنُّونِ بَلْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا إِلَّا بِالنُّونِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْحُفَّاظُ الْمُتْقِنُونَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي وَهَكَذَا رَوَاهُ الْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ بَعْدَ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ بِالنُّونِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُقَالُ إِنَّ عَاصِمًا وَهِمَ فِيهِ وَأَنَّ صَوَابَهُ الْكَوْرِ بِالرَّاءِ قُلْتُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الْحَرْبِيُّ بَلْ كِلَاهُمَا رِوَايَتَانِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَخَلَائِقُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَذَكَرَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ وَخَلَائِقُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ بِالنُّونِ وَيُرْوَى بِالرَّاءِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ قَالَ وَيُقَالُ هُوَ الرُّجُوعُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَمَعْنَاهُ الرُّجُوعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ هَذَا كَلَامُالتِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ جَمِيعًا الرُّجُوعُ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ قَالُوا وَرِوَايَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ من تكوين الْعِمَامَةِ وَهُوَ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا وَرِوَايَةُ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكَوْنِ مَصْدَرُ كَانَ يَكُونُ كَوْنًا إِذَا وُجِدَ وَاسْتَقَرَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي رِوَايَةِ الرَّاءِ قِيلَ أَيْضًا إِنَّ مَعْنَاهُ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرُّجُوعِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَنْ كُنَّا فِيهَا يُقَالُ كَارَ عِمَامَتَهُ إِذَا لَفَّهَا وَحَارَهَا إِذَا نَقَضَهَا وَقِيلَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُفْسَدَ أَمُورُنَا بَعْدَ صَلَاحِهَا كَفَسَادِ الْعِمَامَةِ بَعْدَ اسْتِقَامَتِهَا عَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى رِوَايَةِ النُّونِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُمْ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ أَيْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَرَجَعَ عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ) أَيْ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دُعَاءُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ فَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنَ الظُّلْمِ وَمِنَ التَّعَرُّضِ لِأَسْبَابِهِ (باب مَا يقال اذا رجع مِنْ سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ)

    [1343] والحور بعد الكور كَذَا فِي رِوَايَة العذري بالراء وَهُوَ الصَّوَاب يُقَال حَار بَعْدَمَا كار أَي رَجَعَ من زِيَادَة إِلَى نقص وَمن استقامة إِلَى خلل وَمن صَلَاح إِلَى فَسَاد وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالنُّون قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ يُقَال إِن عَاصِمًا وهم فِيهِ ودعوة الْمَظْلُوم أَي من الظُّلم فَإِنَّهُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ دُعَاء الْمَظْلُوم

    عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر، يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال.
    المعنى العام:
    السفر قطعة من العذاب، كثير الأخطار، وسائله غير آمنة، فيه بعد عن الأهل ورعايتهم، فكان أحوج أوقات المؤمن إلى الاستعانة بالله ودعائه، لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عند السفر بدعاء يناسبه، يعلمه لأمته لتدعوا به، فكان إذا ركب وسيلة السفر يكبر الله تعالى ثلاثاً، ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا [الذي نركبه] وما كنا له مقرنين [أي وما كنا نستطيع تذليله وترويضه والانتفاع به لولا تدبير الله وتسخيره لنا] وإنا إلى ربنا لمنقلبون [أي وإن رجوعنا من سفرنا هذا وانقلابنا إلى أهلينا بعد غربتنا إنما هو بأمر الله وعونه، لأننا سنرجع إليه في نهاية حياتنا] ثم يسأل الله الخير، ويستعيذ به من الشر، فيقول اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر [وعمل الخير] والتقوى [أي وطاعتك] ومن العمل ما ترضى اللهم هون [ويسر] علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده [وقرب إلينا مسافته] ثم يطلب من الله السلامة في السفر، ورعاية الأهل من بعده، فيقول: اللهم أنت الصاحب في السفر [فكن معي برحمتك ورضاك] والخليفة للأهل [فكن لهم من بعدي راعياً] ثم يستعيذ ويطلب العوذ والوقاية من الشر، فيقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر [ومشقته] وكآبة المنظر [وقبح المنظر من الحزن] وسوء المنقلب [والرجوع السيئ] في المال والأهل. وكان في رجوعه صلى الله عليه وسلم يكثر من التكبير والتهليل والذكر والدعاء، ويقول آيبون. تائبون. عابدون. لربنا حامدون. فاللهم استجب. وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. آمين. المباحث العربية (كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً) الاستواء العلو والركوب وفي مناسبة التكبير للعلو سواء هنا بالركوب، أو الصعود على مرتفع كما سيأتي في الرواية الثالثة قال المهلب تكبيره صلى الله عليه وسلم عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل، وأنه أكبر من كل شيء، وكذا عندما تقع العين على عظيم من خلقه. وقال الحافظ ابن حجر ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس، لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى، وأنه أكبر من كل شيء فيكبره ليشكر له ذلك، فيزيده من فضله. {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} هذا جزء الآية الثالثة عشرة والآية الرابعة عشرة من سورة الزخرف، قال تعالى {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم الذي جعل لكم الأرض مهداً وجعل لكم فيها سبلاً لعلكم تهتدون والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتاً كذلك تخرجون والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} فالآية في ركوب الفلك والأنعام، ويلحق بها كل وسيلة سفر، ومعنى {وما كنا له مقرنين} أي وما كنا له مطيقين، أي وما كنا عليه قادرين بقدرتنا، لولا أن سخرته وذللته لنا. وحقيقة أقرنه جعله أو وجده قرينه، والصعب لا يكون قريناً للضعيف، وحاصل المعنى أنه ليس لنا من القوة ما نضبط به الدابة والفلك، إنما الله تعالى هو الذي سخر لنا ذلك، وضبطه لنا. {وإنا إلى ربنا لمنقلبون} راجعون. وفيه إيذان بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه من السير، ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هي الانقلاب إلى الله تعالى، فيبني أموره في مسيرة ذلك على تلك الملاحظة، ولا يأتي بما ينافيها، ومن ضرورة ذلك أن يكون ركوبه لأمر مشروع، وفيه إشارة إلى أن الركوب مخطرة، فلا ينبغي أن يغفل فيه عن تذكر الآخرة. (البر والتقوى) أي البر بالناس والإحسان إليهم وطاعتك وتقواك. (وعثاء السفر) بفتح الواو وسكون العين وبالثاء والمد، المشقة والشدة. (كآبة المنظر) أي تغير النفس من الحزن ونحوه. (سوء المنقلب) بفتح اللام، أي سوء المرجع، أي الرجوع السيئ في المال والأهل. (آيبون. تائبون...إلخ) آيبون أي راجعون، وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع فهو أمر واضح لا يحتاج إلى إخبار، فيشبه تحصيل الحاصل، وإنما المراد راجعون بهذه الأوصاف التوبة والعبادة وحمد الله. (والحور بعد الكور) الحور النقص، والكور الزيادة، والمعنى نعوذ بك من النقص بعد الزيادة، وقيل من فساد أمورنا بعد صلاحها، وقيل من البعد عن الجماعة بعد أن كنا معهم. قال النووي في معظم النسخ من صحيح مسلم الكون بالنون، بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون، وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم. قال القاضي وهكذا رواه الفارسي وغيره من رواة مسلم. قال ورواه العذري بعد الكور بالراء. قال النووي كلاهما روايتان، وممن ذكر الروايتين جميعاً الترمذي في جامعه وخلائق من المحدثين، قالوا ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها، يقال كار عمامته إذا لفها وحارها إذا أنقضها، ورواية النون مأخوذة من الكون. مصدر كان يكون كوناً، إذا وجد واستقر، فالمعنى على الراء نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها، كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس، وعلى رواية النون نعوذ بك من أن نكون في حالة سيئة بعد أن كنا في حالة جميلة. (ودعوة المظلوم) ليس المقصود الاستعاذة من دعوة المظلوم، بل المراد الاستعاذة من سببها وهو الظلم، الذي يترتب عليه دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب. (قفل من الجيوش أو السرايا) أي رجع من الغزو، والمراد به قصد النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بنفسه أو بجيش من قبله والسرايا. جمع سرية، بفتح السين وكسر الراء وتشديد الياء، وهي قطعة من الجيش تخرج بالليل لمهمة ثم تعود، وتقدر عدداً من مائة إلى خمسمائة. (إذا أوفى على ثنية أو فدفد) معنى أوفى ارتفع وعلا. والثنية في الجبل كالعقبة فيه، وقيل هو الطريق العالي فيه، وقيل أعلى المسيل في رأسه. والفدفد بفاءين مفتوحتين بينهما دال ساكنة هو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع، وقيل هو الفلاة التي لا شيء فيها وقيل غليظ الأرض ذات الحصى، وقيل الجلد من الأرض في ارتفاع، أي المكان المرتفع الصلب، وجمعه فدافد. (صدق الله وعده) أي صدق وعده في إظهار الدين، وكون العاقبة للمتقين، وغير ذلك من وعد الله سبحانه وتعالى، وهو لا يخلف الميعاد، فالوعد على عمومه، ويحتمل أن المراد بالوعد هنا وعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر في غزوة الأحزاب، ويكون في ذلك تكذيب لقول المنافقين والذين في قلوبهم مرض {ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً} [الأحزاب: 12]. (ونصر عبده) محمداً صلى الله عليه وسلم على الكفار مطلقاً، بإظهار دينه، أو نصره على الأحزاب يوم الخندق. (وهزم الأحزاب وحده) أي من غير قتال من الآدميين، والحزب القطعة المجتمعة من الناس، والمراد الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق، وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها، ويحتمل أن المراد أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن، فاللام إما عهدية، وإما جنسية. (وصفية رديفته على ناقته) كان ذلك في طريق العودة من خيبر. (كنا بظهر المدينة) أي أعلاها ومشارفها. فقه الحديث قال الحافظ ابن حجر: ظاهر قوله [في الرواية الثالثة] من غزو أو حج أو عمرة اختصاص ذلك بهذه الأمور الثلاثة، وليس الحكم كذلك عند الجمهور، بل يشرع قول ذلك في كل سفر طاعة، كصلة الرحم، وطلب العلم، لما يشمل الجميع من اسم الطاعة وقيل يتعدى أيضاً إلى المباح، لأن المسافر فيه لا ثواب له، فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب، وقيل يشرع في سفر المعصية أيضاً، لأن مرتكبها أحوج إلى تحصيل الثواب من غيره، قال وهذا التعليل متعقب، لأن الذي يخصه بسفر الطاعة لا يمنع من سافر في مباح ولا في معصية من الإكثار من ذكر الله، وإنما النزاع في خصوص هذا الذكر في هذا الوقت المخصوص. فذهب قوم إلى الاختصاص، لكونها عبادات مخصوصة، شرع لها ذكر مخصوص، فتختص به، كالذكر المأثور عقب الأذان وعقب الصلاة. وقال [عن الرواية الثالثة أيضاً] قول لا إله إلا الله...إلخ يحتمل أنه كان يأتي بهذا الذكر عقب التكبير وهو على المكان المرتفع ويحتمل أن التكبير يختص بالمكان المرتفع وما بعده إن كان متسعاً أكمل الذكر المذكور فيه، وإلا فإذا هبط سبح، ويحتمل أن يكمل الذكر مطلقاً عقب التكبير، ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط. قال القرطبي وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المتفرد بإيجاد جميع المخلوقات والموجودات، وأنه المعبود في كل الأماكن. اهـ وفي قوله تائبون إشارة إلى التقصير في العبادة، وقاله صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع، أو تعليماً لأمته، أو المراد أمته. وفي الرواية الثانية التحذير من الظلم، ومن التعرض لأسبابه. والله أعلم

    لا توجد بيانات