• 657
  • عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَعْرِفُنَا ؟ قَالَ : " نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ "

    وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَعْرِفُنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ

    حوضي: الحوض : نهر الكوثر
    لأذود: أذود : أمنع وأدفع وأطرد
    يذود: يذود : يمنع ويطرد
    الإبل: الإبل : الجمال والنوق ، ليس له مفرد من لفظه
    غرا: الغر : جمع الأغر من الغرة وبياض الوجه
    محجلين: المحجلون : الذين يسطع النور في أيديهم وأرجلهم من أثر الوضوء كأنه تحجيل فرس
    آثار: آثار : بقية الشيءوعلامته والمراد علامة الوضوء في أعضاء المتوضئين
    حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي
    حديث رقم: 4300 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الزُّهْدِ بَابُ ذِكْرِ الْحَوْضِ
    حديث رقم: 22733 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 22762 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 22861 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 7364 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْعَلَامَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا هِيَ لِأُمَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 31051 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفَضَائِلِ بَابُ مَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1709 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ رِوَايَةُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ


    [ رقم الحديث عند آل سلمان:399 ... ورقمه عند عبد الباقي:248]
    وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَعْرِفُنَا قَالَ نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ


    قَوْلُهُ : ( سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ) هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ يُونُسَ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا مَعَ الْهَمْزِ فِيهِنَّ وَتَرْكِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ) أَمَّا ( الْمَقْبُرَةُ ) فَبِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْكَسْرُ قَلِيلٌ . وَأَمَّا ( دَارَ قَوْمٍ ) فَهُوَ بِنَصْبِ دَارَ ، قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوِ النِّدَاءِ الْمُضَافِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، قَالَ : وَيَصِحُّ الْخَفْضُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ فِي ( عَلَيْكُمْ ) ، وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ : الْجَمَاعَةُ أَوْ أَهْلُ الدَّارِ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مِثْلُهُ أَوِ الْمَنْزِلُ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ) فَأَتَى بِالِاسْتِثْنَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ لَا شَكَّ فِيهِ ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا : أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّكِّ وَلَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ لِلتَّبَرُّكِ وَامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ : وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَالثَّانِي : حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ عَادَةٌ لِلْمُتَكَلِّمِ يُحَسِّنُ بِهِ كَلَامَهُ ، وَالثَّالِثُ : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ إِلَى اللُّحُوقِ فِي هَذَا الْمَكَانِ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ إِذَا شَاءَ اللَّهُ . وَقِيلَ : أَقْوَالٌ أُخَرُ ضَعِيفَةٌ جِدًّا تَرَكْتُهَا لِضَعْفِهَا وَعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا ، مِنْهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ رَاجِعٌ إِلَى اسْتِصْحَابِ الْإِيمَانِ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : كَانَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنُونَ حَقِيقَةً ، وَآخَرُونَ يُظَنُّ بِهِمُ النِّفَاقَ ، فَعَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إِلَيْهِمْ . وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ - وَإِنْ كَانَا مَشْهُورَيْنِ - فِيهِمَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : جَوَازُ التَّمَنِّي لَا سِيَّمَا فِي الْخَيْرِ وَلِقَاءِ الْفُضَلَاءِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا أَيْ : رَأَيْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَقِيلَ : الْمُرَادُ : تَمَّنِي لِقَائِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ . قَالَ الْإِمَامُ الْبَاجِيُّ : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي لَيْسَ نَفْيًا لِأُخُوَتِّهِمْ ، وَلَكِنْ ذَكَرَ مَرْتَبَتَهُمُ الزَّائِدَةَ بِالصُّحْبَةِ ، فَهَؤُلَاءِ إِخْوَةٌ صَحَابَةٌ ، وَالَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا إِخْوَةً لَيْسُوا بِصَحَابَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : ذَهَبَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي فَضْلِ مَنْ يَأْتِي آخِرَ الزَّمَانِ إِلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيمَنْ يَأْتِي بَعْدَ الصَّحَابَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : خَيْرُكُمْ قَرْنِي عَلَى الْخُصُوصِ مَعْنَاهُ : خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي أَيْ : السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ ، فَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ وَهُمُ الْمُرَادُونَ بِالْحَدِيثِ ، وَأَمَّا مَنْ خَلَّطَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ رَآهُ وَصَحِبَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَابِقَةٌ وَلَا أَثَرٌ فِي الدِّينِ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْقُرُونِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ مَنْ يَفْضُلُهُمْ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَيْضًا غَيْرُهُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْمَعَانِي ، قَالَ : وَذَهَبَ مُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ إِلَى خِلَافِ هَذَا ، وَأَنَّ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَآهُ مَرَّةً مِنْ عُمْرِهِ وَحَصَلَتْ لَهُ مَزِيَّةُ الصُّحْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ ، فَإِنَّ فَضِيلَةَ الصُّحْبَةِ لَا يَعْدِلُهَا عَمَلٌ ، قَالُوا : وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ : ( لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ) أَمَّا ( بَيْنَ ظَهْرَيْ ) : فَمَعْنَاهُ : بَيْنَهُمَا وَهُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ . وَأَمَّا ( الدُّهْمُ ) : فَجَمْعُ أَدْهَمَ وَهُوَ الْأَسْوَدُ وَالدُّهْمَةُ السَّوَادُ . وَأَمَّا ( الْبُهْمُ ) : فَقِيلَ السُّودُ أَيْضًا ، وَقِيلَ : الْبُهْمُ : الَّذِي لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنًا سِوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ ، بَلْ يَكُونُ لَوْنُهُ خَالِصًا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَأَبِي حَاتِمٍ السِّخْتِيَانِيُّ وَغَيْرِهِمَا .

    قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ) قَالَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ : مَعْنَاهُ أَنَا أَتَقَدَّمهُمْ عَلَى الْحَوْضِ يُقَالُ : فَرَطَ الْقَوْمُ إِذَا تَقَدَّمَهُمْ لِيَرْتَادَ لَهُمُ الْمَاءَ ، وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلَاءَ وَالرِّشَا . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : بِشَارَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ - زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا - فَهَنِيئًا لِمَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَطَهُ . قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ ) مَعْنَاهُ : تَعَالَوْا ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : فِي ( هَلُمَّ ) لُغَتَانِ أَفْصَحُهُمَا : هَلُمَّ لِلرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنَ الصِّنْفَيْنِ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَبِهَذِهِ اللُّغَةِ جَاءَ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ ، وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ : هَلُمَّ يَا رَجُلُ وَهَلُمَّا يَا رَجُلَانِ وَهَلُمُّوا يَا رِجَالُ وَلِلْمَرْأَةِ ( هَلُمِّي ) وَلَلْمَرْأَتَانِ ( هَلُمَّتَا ) وَلِلنِّسْوَةِ ( هَلُمَّنَّ ) ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ : الْأُولَى أَفْصَحُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ . قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا ) هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ ( سُحْقًا سُحْقًا ) مَرَّتَيْنِ وَمَعْنَاهُ ( بُعْدًا بُعْدًا ) ، وَالْمَكَانُ السَّحِيقُ : الْبَعِيدُ ، وَفِي ( سُحْقًا سُحْقًا ) لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ إِسْكَانُ الْحَاءِ وَضَمُّهَا ، قَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالضَّمِّ ، وَالْبَاقُونَ بِالْإِسْكَانِ وَنُصِبَ عَلَى تَقْدِيرِ : أَلْزَمَهُمُ اللَّهُ سُحْقًا أَوْ سَحَقَهُمْ سُحْقًا .



    عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حوضي لأبعد من أيلة من عدن. والذي نفسي بيده! إني لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه قالوا: يا رسول الله! وتعرفنا؟ قال نعم. تردون علي غرا محجلين من آثار الوضوء. ليست لأحد غيركم.
    المعنى العام:
    كان أبو هريرة رضي الله عنه يحافظ على إسباغ الوضوء، وعلى التأكد من تمامه وكماله، وكان يحرص على المبالغة في غسل أعضائه بغسل جزء زائد على الواجب، بل بالغ في هذا الجزء الزائد حتى وصل في غسل يديه إلى إبطيه، وفي غسل رجليه إلى ركبتيه، فسئل عن ذلك حيث إنه قدوة، ومن أئمة الآخذين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أكثر المكثرين من رواية الحديث. فقال: أتينا البقيع (مقابر أهل المدينة) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. ثم التفت إلينا فقال: تمنيت أن لو قد رأينا إخواننا، قلنا: من تقصد بإخواننا يا رسول الله؟ أولسنا إخوانك؟ قال صلى الله عليه وسلم: أنتم أصحابي وإخواني، أما الذين أقصدهم فهم إخواننا وليسوا أصحابنا، هم الذين لم يأتوا بعد، وسيأتون في الأزمان التي بعدنا. إن حوضي يوم القيامة واسع الأرجاء، عرضه كما بين أيلة وعدن، يسير حوله الراكب مسيرة شهر، شرابه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، آنيته لامعة كثيرة، مثل نجوم السماء، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا، أنادي له أصحابي وأتباعي، وأصد عنه غير أمتي. قالوا: يا رسول الله. أتعرفنا يومئذ؟ قال: نعم. قالوا: وكيف تعرف من يؤمن بك من أمتك ممن يأتي بعدك يا رسول الله؟ قال: أخبروني لو أن لأحدكم خيلا في جبهتها بياض وفي قوائمها بياض، في وسط خيل سود سوادا كاملا لا بياض في لونها، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يعرفها يا رسول الله، قال: فإنكم تردون حوضي يوم القيامة وفي وجوهكم نور، وفي أيديكم نور، وفي أرجلكم نور، علامة ليست لأحد من الأمم غيركم، وإنه ليبلغ نور أعضائكم حيث يبلغ الوضوء منها، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله، وأن يوسع نوره فليسبغ الوضوء، وليبالغ في غسل أعضائه، ولئن كان لإسباغ الوضوء هذا الفضل الكبير، والأثر العظيم، فإن فعل الواجبات، والبعد عن المحرمات أساس لهذا الفوز المبين، لأنني قد أرى (يوم القيامة، وأنا واقف على الحوض) رجالا أظنهم من أمتي، فأناديهم: تعالوا، هلموا إلى حوضي، فيحول بيني وبينهم ملك، فيحولهم عن حوضي، فأقول: إلى أين؟ فيقول: إلى النار. فأقول: وما شأنهم، وإني لأظنهم مسلمين؟ وإني لأظنهم من أصحابي؟ فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم بدلوا وغيروا، فأقول سحقا. سحقا. وبعدا لهؤلاء القوم بعدا. وما ربك بظلام للعبيد. فاللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا، إنك غفور رحيم. المباحث العربية (عن نعيم بن عبد الله المجمر) نعيم بضم النون وفتح العين، والمجمر بضم الميم الأولى وإسكان الجيم وكسر الميم الثانية، ويقال: المجمر بفتح الجيم وتشديد الميم الثانية المكسورة، والتجمير هو التبخير، وهو صفة لنعيم أو لأبيه أولهما، لأنهما كانا يبخران مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. (رأيت أبا هريرة يتوضأ) جملة يتوضأ في محل النصب على الحال، ورواية البخاري عن نعيم قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ. (فغسل وجهه فأسبغ الوضوء) أي فأسبغ وضوء وجهه وغسله. (ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد) أي أدخل الغسل فيه ويقال: أشرع إبله إذا أوردها، وأما شرع الثلاثي فمعناه ورد الماء في نفسه، كذا يقال: شرع في كذا إذا ابتدأ. والعضد: ما بين المرفق إلى الكتف. (أنتم الغر المحجلون) قال أهل اللغة: الغرة البياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في يديها ورجليها، والغر يتشديد الراء جمع أغر، أي ذو غرة. قال الحافظ ابن حجر: وأصل الغرة لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس، ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر، والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ. وقال العيني: في الكلام تشبيه بليغ، حيث شبه النور الذي يكون على موضع الوضوء يوم القيامة بغرة الفرس وتحجيله، ويجوز أن يكون كناية بأن يكون كنى بالغرة على نور الوجه. اهـ. وظاهر الحديث أن النور ينبعث من أماكن الوضوء؛ لكن قال الأبي: إن الغرة والتحجيل كناية عن إنارة كل الذات، لا أنه مقصور على أعضاء الوضوء. اهـ. ويبعد هذا القول الترغيب في إطالة الغرة والتحجيل ليزداد النور، ولو كان كما يقول الأبي لما كان للإطالة فائدة. (من إسباغ الوضوء) وفي الرواية الثانية والثالثة من أثر الوضوء والوضوء بضم الواو وفتحها. (فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله) مفعول استطاع محذوف أي من استطاع إطالة غرته وتحجيله فليطل، وإطالة التحجيل أي إطالة سبب التحجيل، بإطالة الغسل واضحة بالشروع في العضد والساق، إذ لهما طول ظاهر، أما الغرة فيمكن أن يراد من الإطالة التوسع بزيادة الغسل طولا بالشروع في منابت الشعر وصفحة العنق وعرضا بشحمة الأذنين. ولما كان الكل -غالبا- يستطيع ذلك كان الهدف من التعبير الحث على الإطالة، أي فأطيلوا الغرة والتحجيل، وليس المقصود التعليق على الاستطاعة. (حتى كاد يبلغ المنكبين) المنكب بفتح الميم وكسر الكاف بينهما نون ساكنة مجتمع رأس الكتف والعضد، وأسفله الإبط. (ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين) مفعول رفع محذوف أي حتى رفع الغسل إلى الساقين، والغاية داخلة، لأنه كان يشرع في الساق. (إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين) الأمة في اللغة الجماعة، وكل جنس من الحيوان أمة، ومن معانيها اللغوية الحين، ومنه قوله تعالى {وادكر بعد أمة} [يوسف: 45] وأمة محمد صلى الله عليه وسلم تطلق على معنيين: أمة الدعوة وهي من بعث إليهم، وأمة الإجابة وهي من آمن به وصدقه، وهذه هي المراد هنا، وإتيانهم من الموقف إلى الحوض كما يظهر من الرواية الثالثة والرابعة. (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) ذكر الغرة هنا دون التحجيل للاكتفاء، أو الإسقاط من الراوي، ومفعول فليفعل محذوف أي فليفعل الإطالة. (إن حوضي أبعد من أيلة من عدن) الحوض مجمع الماء، وسيأتي الكلام عنه في فقه الحديث، وأيلة مدينة كانت عامرة بطرف الشام، كان يمر بها الحاج من مصر، فتكون شمالهم: ويمر بها الحاج من غزة فتكون أمامهم. أقرب ما تكون إلى ما يسمى اليوم بالعقبة. ذكره في الفتح وعدن مدينة معروفة على ساحل البحر الأحمر. وفي رواية البخاري إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن وفيه حوضه ما بين صنعاء والمدينة وعند أحمد كما بين أيلة إلى الجحفة وفي لفظ ما بين مكة وعمان وفي رواية كما بين مكة إلى أيلة وعند ابن ماجه ما بين الكعبة إلى بيت المقدس. وقد جمع العلماء بين هذا الاختلاف، وأقرب الأقوال أن المقصود ضرب المثل لبعد أقطار الحوض وسعته، لا تحديد المسافة، وذكره صلى الله عليه وسلم للجهات المختلفة بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات؛ فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها. وسيأتي مزيد إيضاح لهذه النقطة ولكثير مما يتعلق بالحوض في بابه إن شاء الله تعالى. (لهو أشد بياضا من الثلج) اللام لام القسم المحذوف، وفي الكلام مضاف محذوف؛ أي لماؤه أشد بياضا من الثلج، قاله الأبي: وكونه أشد بياضا من الثلج حقيقة، لأن البياض مقول بالتفاوت. اهـ. ورواية البخاري ماؤه أبيض من اللبن واللبن أشد بياضا من الثلج، وما كان أشد بياضا من اللبن كان أشد بياضا من الثلج، فلا تعارض بين الروايتين، وعند أحمد وأبرد من الثلج. (وأحلى من العسل باللبن) قال الأبي: معنى أحلى هنا أزكى، لأن العسل وحده أحلى منه مع اللبن. اهـ. وفي رواية لمسلم وأحلى من العسل وعند أحمد وأحلى مذاقا من العسل زاد في البخاري وريحه أطيب من المسك. (ولآنيته أكثر من عدد النجوم) الآنية جمع إناء، وفي البخاري وكيزانه كنجوم السماء وفيه أيضا فيه من الأباريق كعدة نجوم السماء والمقارنة بين آنيته ونجوم السماء تحتمل الحقيقة وتحتمل أنها كناية عن الكثرة وهذا الأخير أولى. زاد البخاري من شرب منها فلا يظمأ أبدا -أي من شرب من الكيزان أو الأباريق- وفيه من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا. (وإني لأصد الناس عنه) أل في الناس للعهد، أي الناس غير المستحقين، وفي الرواية الرابعة وأنا أذود الناس منه وهما بمعنى أطرد وأمنع. (لكم سيما ليست لأحد من الأمم) السيما العلامة، وهي مقصورة وممدودة لغتان، ويقال: السيميا، بياء بعد الميم. (وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون) يصدن بضم الياء وفتح الصاد مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، أي ليمنعن، ومعمول يصلون محذوف أي فلا يصلون إلي، ويحال بينهم وبين الوصول إلى الحوض، وفي رواية البخاري ليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم وفي رواية له أيضا ويرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عن الحوض وفي ثالثة له أيضا فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم. فقلت: أين؟ فقال: إلى النار. والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم، فقال: هلم. قلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. (كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه) الإبل الغريبة هي التي لا تعرف صاحبها، فكل واحد يضربها ليصرفها عن إبله، ومن كلام الحجاج: لأضربنكم ضرب غرائب الإبل. (أتى المقبرة) بضم الباء وفتحها وكسرها، ثلاث لغات، والكسر قليل. (السلام عليكم دار قوم مؤمنين) دار قوم منصوب على النداء، والمراد من الدار الجماعة أو أهل الدار، والمراد من التسليم عليهم الدعاء لهم. (وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون) إن شاء الله، هنا ليس للشك، لأن الموت لا شك فيه، بل ذكرها هنا للتبرك وامتثال أمر الله تعالى في قوله {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} [الكهف: 23]. (وددت أنا قد رأينا إخواننا) أي رأيناهم في الحياة الدنيا، قال القاضي عياض: وقيل المراد تمني لقائهم بعد الموت. (قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد) لم يرد نفي الأخوة عنهم، ولكن أراد ذكرهم بالمرتبة الزائدة وهي الصحبة، فهؤلاء إخوة صحابة، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة، بل هو من قبيل قول الله تعالى {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 10]. (أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة) أرأيت بمعنى أخبرني، عن طريق مجاز مرسل في الاستفهام بإرادة مطلق الطلب بدلا من طلب الفهم، ومجاز مرسل في الرؤية بإرادة المسبب عنها وهو الإخبار، فآل المعنى إلى طلب الإخبار المدلول عليه بلفظ أخبرني، والخطاب للسائل القائل كيف تعرف من لم يأت بعد؟ والمعلوم أن السائل واحد، وأسند إلى الجماعة في فقالوا لموافقتهم على السؤال. (بين ظهري خيل دهم بهم) ظهري بفتح الظاء وسكون الهاء، مثنى ظهر، قال الأصمعي: العرب تقول: بين ظهريهم وظهرانيهم، أي بينهم، فتضع لفظ الاثنين على الجمع. اهـ. والدهم جمع أدهم وهو الأسود، والدهمة السواد، والبهم الذي لا يخالط لونه لونا آخر سواه أي خالص اللون، فالمعنى خيل سود سوادا خالصا. (وأنا فرطهم على الحوض) الفرط السبق والتقدم، يقال: فرط القوم إذا تقدمهم ليرتاد الماء، ويهيئ لهم الدلاء، والمعنى: وأنا أتقدمهم على الحوض. (ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال) هؤلاء الرجال هم الطوائف التي يحال بينهم وبين الحوض والذائد لهم الملائكة. (أناديهم: ألا هلم) معناه تعالوا. قال أهل اللغة: في هلم لغتان: إحداهما لغة الحجازيين حيث يلزمونها حالة واحدة في المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وهي على هذه اللغة اسم فعل أمر، وبهذه اللغة جاء القرآن الكريم {والقائلين لإخوانهم هلم إلينا} [الأحزاب: 18]. واللغة الثانية: لغة بني تميم، تقول: هلم يا رجل، وهلما يا رجلان، وهلموا يا رجال وهلمي يا هند ويا هندان، وهلممن يا نسوة. (فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك) في الرواية الرابعة وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ وفي رواية البخاري لا تدري ما أحدثوا بعدك وفي رواية أخرى له إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقري. (فأقول: سحقا. سحقا) قال النووي: هكذا هو في الروايات سحقا سحقا مرتين، ومعناه بعدا بعدا، والمكان السحيق البعيد، وفي سحقا لغتان قرئ بهما في السبع: إسكان الحاء وضمها، ونصب على تقدير: ألزمهم الله سحقا، أو سحقهم سحقا. اهـ. (يا بني فروخ أنتم ههنا) قال في كتب العين: بلغنا أن فروخ رجل من ولد إبراهيم، بعد إسماعيل وإسحق عليهم السلام، كثر نسله بالعجم الذين بوسط البلاد، وكني أبو هريرة بذلك عن الموالي، وأبو حازم هذا هو أبو سليمان الأعرج، مولى عزة الأشجعية. (لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء) لأنكم من العوام، ويخشى عدم فهمكم لدقائق الأعمال. (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء) في النهاية: حليته ألبسته الحلية، ومراده بالحلية هنا التحجيل من أثر الوضوء. فقه الحديث يؤخذ من هذه الأحاديث

    1- استحباب تطويل الغرة والتحجيل، أما تطويل الغرة -عند الشافعية والحنفية- فهو غسل شيء من مقدم الرأس، وما يجاور الوجه، زائدة على الجزء الذي يجب غسله لاستيقان كمال الوجه، زاد بعضهم غسل صفحة العنق. أما تطويل التحجيل فهو غسل ما فوق المرفقين والكعبين، وهذا مستحب بلا خلاف بين الشافعية، واختلفوا في القدر المستحب على أوجه. أحدها: أنه يستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير تحديد. والثاني يستحب إلى نصف العضد والساق. والثالث: يستحب إلى المنكبين والركبتين قال النووي: وأحاديث الباب تقتضي هذا كله. اهـ. وقال القشيري: ليس في الحديث تقييد ولا تحديد لمقدار ما يغسل من العضدين والساقين، وقد استعمل أبو هريرة الحديث على إطلاقه وظاهره، من طلب إطالة الغرة، فغسل إلى قريب المنكبين، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كثر استعماله في الصحابة والتابعين، فلذلك لم يقل به الفقهاء، ورأيت بعض الناس قد ذكر أن حد ذلك نصف العضد والساق. اهـ. قال العيني: هذا قول -لم يقل به الفقهاء- مردود؛ اهـ. أقول: قال بذلك القاضي حسين من الشافعية وآخرون، وقال البغوي: نصف العضو فما فوقه ونصف الساق فما فوقه. وقال القاضي عياض وابن بطال وبعض المالكية: لا يتعدى بالوضوء محل الفرض، وقالوا عن هذه الأحاديث: إنه مذهب لأبي هريرة، فهمه من قوله صلى الله عليه وسلم أنتم الغر المحجلون ومن حديث تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء، ولم يتابعه أحد عليه؛ والناس مجمعون على خلافه، وقالوا: إن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله، إذ استيعاب الوجه بالغسل واجب، فتفسير الغرة بالزيادة على محل الفرض خطأ، وفسروا إطالة الغرة والتحجيل بالمواظبة على الوضوء لكل صلاة، فتطول الغرة بتقوية نور الأعضاء، واستدلوا بما أخرجه أبو داود وأحمد والنسائي من أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه، فأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم فحملوا الزيادة الممنوعة على الزيادة عن محل الفرض في أعضاء الوضوء. وجميع ما تمسك به هؤلاء مردود. أما قولهم: عن الأحاديث إنها مذهب لأبي هريرة فقد رده النووي في المجموع بأن أبا هريرة لم يفعله من تلقاء نفسه، بل أخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك -كما هو ثابت في الرواية الأولى، إذ فيها بعد أن غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. وأما قولهم: لم يتابعه عليه أحد فهو مردود بما قدمنا من أنه مذهب الشافعية والحنفية حتى قال النووي في شرح مسلم: وهو مذهبنا، لا خلاف فيه عندنا، ولو خالف فيه مخالف كان محجوبا بهذه السنن الصحيحة الصريحة. اهـ. فقولهم والناس مجمعون على خلافه ظاهر البطلان، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف. أما قولهم: إن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله عن حد الواجب ففاسد، لإمكان الإطالة في الوجه بأن يغسل إلى صفحة العنق مثلا. وأما تفسيرهم الحث على إطالة الغرة والتحجيل بالمواظبة على الوضوء فباطل؛ لأن روايات مسلم صريحة في الاستحباب، فلا تعارض بالاحتمال، ثم إن الراوي أدرى بما روى. وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، فهو فاسد، لأن المراد بالزيادة الزيادة في عدد المرات أو النقص عن الواجب، كمن يتنطع ويتشكك ويكثر من عدد المرات معتقدا أنها السنة، أو يغسل عضوا ليس من أعضاء الوضوء معتقدا شرعيته، أو ينقص عضوا من أعضاء الوضوء أو بعض عضو. أما حمله على الزيادة في غسل عضو من أعضاء الوضوء فمستبعد خصوصا والحديث لم يبين حدود الوجه واليدين والرجلين حتى يقال: إنه يقصد الزيادة على هذه الحدود، على أن الحديث نفسه في صحته مقال. والله أعلم.

    2- كما يؤخذ من الأحاديث الصحيحة استحباب المحافظة على الوضوء وسنته المشروعة فيه وإسباغه.

    3- وفيه فضل الوضوء لأن الفضل الحاصل بالغرة والتحجيل من آثار الزيادة على الواجب، فكيف الظن بالواجب.
    4- وفيها ما أعده الله من الفضل والكرامة لأهل الوضوء يوم القيامة.
    5- وفيها دلالة قطعية على أن واجب الرجلين في الوضوء الغسل وليس المسح.
    6- استدل به جماعة من العلماء على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة، وقال الآخرون: ليس الوضوء مختصا بهذه الأمة، وإنما الذي اختصت به الغرة والتحجيل وادعوا أنه المشهور من قول العلماء، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم هذا وضوئي ووضوء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلي وأجاب الأولون عن هذا الحديث بوجهين أحدهما أنه ضعيف والآخر أنه لو صح لاحتمل اختصاص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بهذه الخصوصية، وامتازت الأمة بالغرة والتحجيل، ولكن ورد في حديث جريج في الصحيح أنه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام وثبت أيضا عند البخاري في قصة سارة عليها السلام مع الملك الذي أعطاها هاجر أن سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي، فهذا دليل على أن الوضوء كان مشروعا قبل الإسلام، وعلى هذا فيكون خاصة هذه الأمة الغرة والتحجيل الناشئين عن الوضوء. ذكره النووي وابن حجر والعيني.
    7- يؤخذ من قول أبي هريرة لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء أنه ينبغي لمن يقتدي به إذا ترخص في شيء لضرورة، أو شدد في شيء أن لا يفعله بحضرة العوام، خوف أن يترخص فيه لغير ضرورة، أو يعتقد أن ما شدد فيه واجب. ذكره الأبي.
    8- جواز قول المؤمن: خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا لأن الممتنع أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم أحدا خليلا، لا أن يتخذه أحد خليلا.
    9- إثبات حوضه صلى الله عليه وسلم، وفي وقت وروده ومكانه خلاف بين العلماء، فقال بعضهم: الورود على الحوض يكون بعد نصب الصراط والمرور عليه، مستندين إلى ما أخرجه أحمد والترمذي عن أنس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي فقال أنا فاعل، فقلت: أين أطلبك؟ قال: اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الميزان. قلت فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الحوض. وقد استشكل كون الحوض بعد الصراط مما جاء في أحاديثنا من أن جماعة يدفعون عن الحوض، بعد أن يكادوا يردون، ويذهب بهم إلى النار، ووجه الإشكال أن الذي يمر على الصراط إلى أن يصل إلى الحوض يكون قد نجا من النار، فكيف يرد إليها؟ ويمكن أن يجاب بأنهم يقربون من الحوض، بحيث يرونه ويرون النار، ويراهم صلى الله عليه وسلم فيناديهم فيدفعون إلى النار. وقال بعض العلماء: إن الحوض قبل الصراط، فإن الناس يردون الموقف عطاشي فيرد المؤمنون الحوض، ويتساقط الكفار في النار بعد أن يقولوا: ربنا عطشنا، فترفع لهم جنهم كأنها سراب، فقال: ألا تردون؟ فيظنونها ماء فيتساقطون فيها. وقد استشكل كون الحوض قبل الصراط بما جاء في رواية البخاري وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدا ووجه الإشكال أن ظاهر اللفظ يدل على أن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار، لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار، ومن الثابت أن بعض المؤمنين يتساقطون في النار عند مرورهم على الصراط، ومن سقط في النار أصابه الظمأ، وأجاب القاضي عياض بأنه يحتمل أن من قدر عليه التعذيب منهم أن لا يعذب فيهم بالظمأ، بل بغيره. ورد الحافظ ابن حجر هذا الاحتمال بما وقع في بعض الروايات من قوله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يشرب منه لم يرو أبدا واختار أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين، أحدهما في الموقف قبل الصراط، والآخر داخل الجنة. والراجح عندي أنه حوض واحد، لأنه يثبت ذكر حوضين في الأحاديث الصحيحة، وأمور الآخرة تثبت بالروايات لا بالاحتمال، وكونه بعد الصراط ظاهر الأحاديث. والإشكال عليه سهل الجواب والله تعالى أعلم. وقد اشتهر اختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم بالحوض، لكن أخرج الترمذي من حديث سمرة رفعه إن لكل نبي حوضا وأخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي حوضا، وهو قائم على حوضه، بيده عصا، يدعو من عرف من أمته إلا أنهم يتباهون أيهم أكثر تبعا، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تبعا وأخرجه الطبراني موصولا مرفوعا. قال الحافظ ابن حجر: فإن ثبت أن لكل نبي حوضا فالمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم الكوثر -أي النهر- الذي يصب من مائه في حوضه، فإنه لم ينقل نظيره لغيره، ووقع الامتنان عليه به في السورة المذكورة. وقال القرطبي في المفهم تبعا للقاضي عياض: مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به أن الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي، إذ روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة نيف على الثلاثين، منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين، وفي غيرهما بقية ذلك مما صح نقله واشتهرت رواته، ثم رواته عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم، ومن بعدهم أضعاف أضعافهم، وهلم جرا، وأجمع على إثباته السلف، وأهل السنة من الخلف، وأنكرت ذلك طائفة من المبتدعة، وأحالوه على ظاهره، وغلوا في تأويله، من غير استحالة عقلية ولا عادية تلزم من حمله على ظاهره وحقيقته، ولا حاجة تدعو إلى تأويله، فخرق من حرفه إجماع السلف، وفارق مذهب أئمة الخلف. اهـ والمنكرون له المعتزلة وبعض الخوارج. 10- وفي الأحاديث أن بعض أتباعه صلى الله عليه وسلم يحال بينهم وبين الحوض، وفي المقصود بهم أقوال: قيل: هم المرتدون بعده صلى الله عليه وسلم ممن أسلموا في زمنه فيناديهم صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم، فيقال له: إنهم ارتدوا بعدك فيقول: سحقا سحقا. وهذا القول جدير بالقبول لولا أن الكلام مرتبط بالغرة والتحجيل، فصار بعيدا. وقيل: هم المنافقون، يحشرون بالغرة والتحجيل كالمؤمنين، يحشرون بالنور، لدخولهم في غمار المؤمنين لتسترهم بالإيمان في الدنيا، ثم يطفأ نورهم عند الحاجة إليه عند المرور على الصراط، فيعرفهم صلى الله عليه وسلم بالغرة والتحجيل، ويظنهم مؤمنين حقا فيناديهم حين يرى تخبطهم، فيقال له: ليس ممن وعدت بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك، أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم، وهذا القول بعيد، وفي تطبيق الروايات عليهم تمحل. وقيل: المراد بهم أصحاب المعاصي الكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل، سواء كانوا في زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده، فمعرفته لهم بالسيما. وهؤلاء المبعدون عن الحوض لا يقطع لهم بالنار، بل يجوز أن يبعدوا عن الحوض عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله سبحانه وتعالى، فيدخلهم الجنة بغير عذاب. وهذا أقرب الأقوال، وأحراها بالقبول. قال ابن عبد البر: كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وأصحاب الأهواء. وقال: كذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر، قال: وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر. والله أعلم. 1

    1- ويؤخذ منها أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري ما أحدث المسلمون بعده، وفي هذا تعارض مع ما روي من أن أعمال أمته تعرض عليه يوم الخميس ويوم الأثنين، فما وجد منها من خير حمد الله عليه، وما وجد منها غير ذلك استغفر الله له، ويمكن أن يرفع هذا التعارض بأنها تعرض عليه عرضا مجملا، فيقال: عملت أمتك خيرا، أو عملت أمتك شرا دون تعيين لفاعلي الخير والشر. 1

    2- ويؤخذ منها أن الرسول صلى الله عليه وسلم يذود غير المسلمين ويبعدهم عن حوضه، ولا يقال: كيف يطرد الناس عن حوضه وهو الكريم؟ فإن الذود المذكور قصد منه إرشاد كل أحد إلى حوض نبيه على ما تقدم من أن لكل نبي حوضا، وأنهم يتباهون بكثرة من يتبعهم فيكون ذلك من جملة إنصافه؛ ورعاية إخوانه النبيين عليهم السلام، لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء، ويحتمل أن يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله تعالى. ذكره الحافظ في الفتح. 1

    3- ويؤخذ من الرواية السادسة زيارة القبور، ولا خلاف فيها للرجال، والنهي عنه منسوخ، واختلف فيها للنساء، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أتاها للزيارة، لا لدفن أو غيره. 1
    4- السلام على أهل المقابر، وهل المقصود به تحية الموتى وأنهم يسمعون؟ أو المقصود به الدعاء لهم؟ قولان، الراجح الثاني. 1
    5- وتمنى لقاء الفضلاء، ووجهه القاضي عياض بأنه صلى الله عليه وسلم تمنى لهم (أي الذين لم يأتوا بعد) أن يلقوه لينتفعوا برؤيته، وهذا التوجيه كان يصح لو أن العبارة: وددت لو أن إخواننا رأونا، أما وأنها وددت أنا قد رأينا إخواننا فإن معناها أنه صلى الله عليه وسلم تمنى أن لو رآهم هو وأصحابه لينتفعوا برؤيته. وهل تمنى صلى الله عليه وسلم لقاءهم في الحياة؟ أو بعد الممات؟ قولان. اعترض على الأول بأنه كيف يصح أن يتمنى ذلك، وهم معدومون والمعدوم لا يرى، وأيضا كيف تمنى ما لا يكون؟ لأن عمره لا يمتد إلى أن يرى من هم في آخر الزمان؟. ويمكن أن يقال: إن التمني لا يشترط فيه إمكان وقوع المتمني عرفا. والله أعلم. 1
    6- يؤخذ من قوله وأنا فرطهم على الحوض بشارة هذه الأمة وتشريفها. فهنيئا لمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرطه ليستقبله ويهيئ له المقام والنعيم. 1
    7- يؤخذ من قوله في الرواية الخامسة والذي نفسي بيده جواز الحلف من غير استحلاف ولا ضرورة. قاله النووي. 1
    8- وفي الأحاديث المذكورة ما أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم عليه من المغيبات المستقبلة. والله أعلم

    وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ إِنَّ حَوْضِي لأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ الإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ ‏"‏ ‏.‏ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَعْرِفُنَا قَالَ ‏"‏ نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَىَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ ‏"‏ ‏.‏

    Hudhaifa reported:The Messenger of Allah (ﷺ) said: My Cistern is bigger than the space between Aila and Aden. By Him in Whose Hand is my life, I will drive away persons (from it) just as a person drives away unknown camels from his cistern. They (the companions) said: Messenger of Allah, would you recognise us? He said: Yes, you would come to me with white faces, and white hands and feet on account of the traces of ablution. None but you would have (this mark)

    Dan telah menceritakan kepada kami [Utsman bin Abu Syaibah] telah menceritakan kepada kami [Ali bin Mushir] dari [Sa'd bin Thariq] dari [Rib'i bin Hirasy] dari [Hudzaifah] dia berkata, "Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Sesungguhnya telagaku sejauh jarak antara Ailah dengan Adn. Demi Dzat yang jiwaku berada di tangan-Nya, sesungguhnya aku menghalau beberapa orang darinya sebagaimana seorang laki-laki menghalau unta lain dari telaganya." Mereka bertanya, 'Wahai Rasulullah, apakah engkau mengenal kami? ' Beliau menjawab: 'Ya. Kalian menemuiku dalam keadaan putih bersinar disebabkan bekas air wudlu yang mana tidak seorang pun memilikinya selain kalian

    Bize Osman b. Ebi Şeybe dahi rivayet etti. (Dedikî) Bize Ali b. Müshir, Sa'd b. Tarık'tan o da Bib'ı b. Hıraş'tan o da Huzeyfe'den naklen rivayet etti. Huzeyfe şöyle demiş: Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) şöyle buyurdu: "Muhakkak benim Havz'ım Eyle'den Aden'e kadar olan uzaklıktan daha geniştir. Nefsim elinde olana yemin ederim ki, ben bir adamın yabancı develeri kendi havuzuna yaklaşmasınlar diye nasıl engelliyorsa diğer insanları ona yaklaşmaktan öyle engelleyeceğim. " Ashab: Ey Allah'ın Resulü bizi tanıyacak mısın ki, dediler. O: "Evet, sizler benim yanıma abdestin izlerinden dolayı alınlarınız sakar, bacaklarınız sekili geleceksiniz ve bu (alamet) sizden başkalarında olmayacak." buyurdu. Diğer tahric: İbn Mace, 4302; Tuhfetu'l-Eşraf, 3315 DAVUDOĞLU ŞERHİ İÇİN buraya tıklayın NEVEVİ ŞERHİ (578-582 numaralı hadisler): Bu hadisler, ğurre (alın sakarlığı)yi ve tahdli (bacaklardaki sekiliği, sekirliği) uzatmanın müstehap olduğunu açık bir şekilde ifade etmektedir. Gurrenin uzun tutulması hakkında mezhep alimlerimiz şu açıklamayı yapmaktadır: Bu, başın ön tarafından bir miktar ve yüzün tamamının yıkandığından kesin olarak emin olacak şekilde yüzün yıkanması gereken kısmından fazlasını yıkamaktır. Tahcilin (bacaklardaki sakarlığın) uzun tutulmasına gelince, bu da kollarda dizlerin, ayaklarda da topukların yukarısını yıkamaktır. Mezhep alimlerimiz arasında bunun müstehap olduğu hususunda görüş ayrılığı yoktur. Ancak müstehap olan miktar hususunda farklı görüşlere sahiptirler. 1- Herhangi bir sınır sözkonusu olmaksızın dirseklerin ve topukların yu- karısını yıkamak müstehaptır. 2- Pazunun ve baldırın yarısına kadar yıkanması müstehaptır. 3- Omuzlara ve dizlere kadar yıkamak müstehaptır. Bu başlıktaki hadisler bütün bunları kapsamaktadır. Maliki İmam Ebu'l-Hasan b. Battal ile Kadı İyaz'ın, dirseğin ve topuğun yukarısından fazlasının yıkanmasının müstehap olmadığı üzerinde ilim adamlarının ittifak ettiği şeklindeki iddiaları geçersizdir. Hem Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in ve Ebu Hureyre'nin (r.a.) bu şekildeki fiili uygulamaları sabit iken, onların bu iddiaları nasıl doğru olabilir ki? Aynı zamanda bu bizim mezhebimizin benimsediği görüş olup, bizim mezhebimizde bu hususta belirttiğimiz gibi görüş ayrılığı yoktur. Bu hususta herhangi bir kimse muhalif bir kanaat ortaya koyarsa, bu açık ve sahih sünnetler ona karşı delildir. İbn Battal ile Kadı lyaz'ın Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in: "Kim bundan fazlasını yapar ya da eksiltirse o iyi olmayan bir iş yapmış ve zulmetmiş olur" buyruğunu delil göstermeleri ise doğru bir delillendirme değildir. Çünkü bundan kasıt, yıkama sayısından fazlasını yapmaktır. Allah en iyi bilendir. (578) "Nuayın b. Abdullah el-Mucmir'den" el-Mucmir denildiği gibi elMucemmir de denilmiştir. Ona el-Mucemmir (tütsücü, tütsüleyici) denilmesinin sebebi Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in mescidini tütsülemek işini yapması idi. el-Mucemmir, Abdullah'ın bir sıfalıdır. Mecazi olarak oğlu Nuayın hakkında da kullanılır. Allah en iyi bilendir. "Pazusuna kadar yıkadı, baldınna kadar yıkadı" ifadelerinin anlamı yıkamayı onlann bir kısmını da kapsayacak şekilde yaplı, demektir. (31134) "Sizler kıyamet gününde abdest izlerinden dolayı. .. " Dilciler "ğurre"nin alın alnındaki beyazlık (sakarlık) olduğunu, tahcilin ise ön ve arka ayaklarındaki beyazlık olduğunu söylemişlerdir. İlim adamları der ki: Kıyamet gününde abdest organlarında görülecek olan nura ğurre ve tahcil adı, alın ğurresine benzetilerek verilmiştir. Allah en iyi bilendir. (580) "Hiçbir ümmetin sahip olmadığı bir alametiniz olacaktır. " Hadisteki "sima" alamet demektir. "Simya" olarak da söylenir. İlim ehlinden bir topluluk bu hadisi abdestin bu ümmetin -yüce Allah şerefini arttırsın- özelliklerinden olduğuna delil göstermişler, başkaları ise: Hayır, abdest bu ümmete özel değildir. Bu ümmetin özelliği ondaki sakarlık ve sekirliktir demişler ve (3/135) bu husustaki: "İşte bu benim de abdestim, benden önceki diğer nebilerin de abdestidir" hadisini delil göstermişlerdir. Birincileri ise buna iki şekilde cevap vermişlerdir: Evvela bu zayıf olduğu bilinen zayıf bir hadistir. İkincisi, sahih dahi olsa, abdestin diğer ümmetler arasında yalnızca nebilerine ait bir özellik olması ihtimali vardır, ümmet olarak ise abdest sadece bu ümmetin özelliğidir. Allah en iyi bilendir. Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in (580): "Ve ben insanları ondan a/ıkoyarım" buyurması. Diğer rivayette (581) "ben insanları ona yaklaştırmam" buyrukları hepsi aynı anlamda olup, onları kovar, engellerim, demektir. "Bir melek bana cevap verir." Bütün asıllarda bu şekilde "cevap" kökündendir. Kadı İyaz da bütün ravilerden bu şekilde nakletmiş olmakla birlikte onların (mağriblilerin) ravilerinden İbn Ebu Cafer' den naklettiği rivayetine göre "bana cevap verir"in yerine "benim yanıma gelir" anlamında "gelmek" kökünden kullanılmışlır. Birincisi daha açıkça anlaşılır bir manadır, ikincisi de açıklanabilir bir şekildir. Allah en iyi bilendir. "Senden sonra olmadık neler çıkardıklarını biliyor musun?" Bundan sonraki (583 numaralı) diğer rivayette de: "Senden sonra değiştirdiler (diyecekler). Ben de: O halde uzak olsunlar, uzak olsunlar diyeceğim" buyrukları ilim adamlannın farklı şekillerde açıkladığı ibarelerdendir: 1- Bundan maksat münafıklar ve mürtedlerdir. Onların sakarlık ve sekirlik ile birlikte haşredilmeleri, bu alametleri dolayısıyla Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in onlara seslenmesi ve kendisine, bunlar sana vaat edilenler değildir çünkü bunlar senden sonra birtakım şeyleri değiştirdiler. Yani onlar açığa vurdukları Müslümanlıkları üzere ölmediler, denilecektir demektir. 2- Maksat Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in zamanında yaşayıp, ondan sonra irtidad edenlerdir. Onlar üzerinde abdest alameti bulunmasa dahi Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem) hayatta iken onların Müslümanlığını bildiğinden ötürü (3/136) onlara seslenecek, bu sefer: Onlar senden sonra irtidad ettiler denilecek. 3- Bundan maksat, tevhid inancı üzere ölmüş, masiyet ve büyük günah işlemiş kimseler ile bid'atleri ile İslam'ın dışına çıkmayan bid'at sahibi kimselerdir. Bu görüşe göre bu şekilde Havzdan uzaklaştınlacak olanların kesin olarak cehenneme gidecekleri söylenemez ama onlara bir ceza olmak üzere Havuzdan uzaklaştınlmaları sonra şanı yüce Allah'ın onlara merhamet buyurup, azapsız olarak kendilerini cennete koyması da mümkündür. Bu görüş sahipleri der ki: Bu halleri onların sakarlık ve sekirliklerinin olmasına engel değildir. Bunların Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in zamanında yaşamış kimseler olmaları da, sonra yaşamış kimseler olmaları da Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in ise kendilerini alametleri ile tanımış olması mümkündür. Hafız, imam Ebu Ömer b. Abdilberr dedi ki: Din ile ilgili bid'at ortaya çıkartan herkes Havzın yanından uzaklaştınlacak kimselerden olacaktır. Hariciler, Rafızıler vesair heva sahibi mezhep mensupları böyledir. Zulüm ve hakslZlıkta aşınya gitmiş, hakkı gizlemekte aşınya kaçmış zalimler, büyük günahları açıkça işleyenler bunlara örnektir. Bütün bunların bu hadis-i şerifte kastedilenlerden olmalarından korkulur. Allah en iyi bilendir. (582) "Nefsim elinde olana yemin ederim ki" buyruğundan da, yemin teklif edilmeden ve yemin için bir zorunluluk bulunmadan yüce Allah'ın adına yemin etmenin caiz olduğu anlaşılmaktadır. Bunun delilleri de pek çoktur

    حضرت حذیفہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ سے روایت ہے ، انہوں نے کہا : رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’بلاشبہ میرا حوض ایلہ سے عدن تک کے فاصلے سے زیادہ وسیع ہے ، اس ذات کی قسم جس کےہاتھ میں میری جان ہے ! میں اس سے اسی طرح ( دوسرے ) لوگوں کو ہٹاؤں گا ، جس طرح آدمی اجنبی اونٹوں کو اپنے حوض سے ہٹاتا ہے ۔ ‘ ‘ صحابہ نے عرض کی : اےاللہ کے رسول ! اور کیا آپ ہمیں پہچان لیں گے؟آپ نے فرمایا : ’’ہاں ، تم میرے پاس روشن چہرے اور چمکتے ہوئے سفید ہاتھ پاؤں کے ساتھ آؤگے ، یہ علامت تمہارے سوا کسی اور میں نہیں ہو گی ۔ ‘ ‘

    উসমান ইবনু আবূ শাইবাহ (রহঃ) ..... হুযাইফাহ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেনঃ আমার হাওয (হাওযে কাওসার) আইলা থেকে আদান এর দূরত্ব পরিমাণ দীর্ঘ। সে মহান সত্তার কসম, যার হাতে আমার প্রাণ! আমি তা থেকে কিছু মানুষকে এমনভাবে তাড়াবো যেমন কোন ব্যক্তি অপরিচিত উটকে তার পানির কূপ থেকে তাড়িয়ে দেয়। লোকেরা জিজ্ঞেস করলঃ হে আল্লাহর রাসূল! আপনি কি সেদিন আমাদেরকে চিনতে পারবেন? তিনি বললেন, হ্যাঁ। ওযুর প্রভাবে তোমাদের চেহারা ও হাত-পা থেকে উজ্জ্বল জ্যোতি ছড়িয়ে পড়া অবস্থায় তোমরা আমার নিকট উপস্থিত হবে। এটা তোমাদের ছাড়া অন্য উম্মতের জন্যে হবে না। (ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ৪৭৪, ইসলামিক সেন্টারঃ)