• 1949
  • أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟ " قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ " قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ ، كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ ، فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ ، سَلِّمْ ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا ، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا ، فَيَدْعُو اللَّهَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابُِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ ، مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ : فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَعِزَّتِكَ ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابُِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابُِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ ؟ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ ، مَا أَغْدَرَكَ ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ : ادْخُلْ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ : تَمَنَّهْ ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا ، حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا ، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ : " وَمِثْلُهُ مَعَهُ " ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : " وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ " ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ : " ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ " ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ : " ذَلِكَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ " ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا ، أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ

    حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟ قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ ، كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ ، فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ ، وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ ، وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ : أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ ، سَلِّمْ ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ ، وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا ، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا ، فَيَدْعُو اللَّهَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابُِ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ ، مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ : فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَعِزَّتِكَ ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابُِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابُِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ ؟ ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ ، مَا أَغْدَرَكَ ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ : ادْخُلْ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ : تَمَنَّهْ ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا ، حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا ، حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ : وَمِثْلُهُ مَعَهُ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ : ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَوْلَهُ : ذَلِكَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا ، أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ

    تضارون: تضارون : يصيبكم ضرر
    الطواغيت: الطواغيت : جمع طاغوت وهي كل ما يعبد من دون الله من صنم أو بشر أو جن أو غير ذلك
    ظهري: بين ظهري جهنم : على ظهرها أي في وسطها
    يجيز: يجيز : يعبر ويمر
    كلاليب: الكلاليب : مفردها كلوب : وهو حديدة منحنية معوجة الرأس تشبه الخطاف
    السعدان: السعدان : نبت ذو شوك، وهو من جيّد مراعي الإبل تسمن عليه
    المجازى: المجازي : المعاقب
    بأثر: الأثر : ما يتركه الوضوء من نور على أعضاء الجسم
    أثر: الأثر : البقية، وما يبقى من علامة تدل على الحدث
    امتحشوا: امتحش : احترق
    الحبة: الحِبَّة بالكسر : بُزُور البُقُول وحَبُّ الرياحين. وقيل هو نَبْت صغير يَنْبُت في الحشيش. فأما الحَبَّة بالفتح فهي الحِنْطَة والشعير ونحوُهُما ، والحبة بضم الحاء وتخفيف الباء : القضيب من الكرم يغرس فيصير حبلة
    حميل: الحميل : هو ما يجيء به السَّيْل من طين أو غُثَاء وغيره
    قشبني: قشبني : آذاني وسَمَّنِي
    ذكاؤها: الذَّكاء : شِدّة وهَج النار
    انفهقت: انفهقت : انفتحت واتسعت
    هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟ قَالُوا
    حديث رقم: 785 في صحيح البخاري كتاب الأذان باب فضل السجود
    حديث رقم: 6232 في صحيح البخاري كتاب الرقاق باب الصراط جسر جهنم
    حديث رقم: 7040 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة: 23]
    حديث رقم: 5382 في صحيح مسلم كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ بَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ
    حديث رقم: 4168 في سنن أبي داوود كِتَاب السُّنَّةِ بَابٌ فِي الرُّؤْيَةِ
    حديث رقم: 2588 في جامع الترمذي أبواب صفة الجنة باب ما جاء في سوق الجنة
    حديث رقم: 2596 في جامع الترمذي أبواب صفة الجنة باب ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار
    حديث رقم: 2461 في جامع الترمذي أبواب صفة القيامة والرقائق والورع باب منه
    حديث رقم: 2593 في جامع الترمذي أبواب صفة الجنة باب منه
    حديث رقم: 4334 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الزُّهْدِ بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ
    حديث رقم: 176 في سنن ابن ماجة الْمُقَدِّمَةُ بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصَحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 7546 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7743 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8636 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10690 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11465 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 11508 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8874 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10179 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 4726 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    حديث رقم: 7552 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ حَالَةِ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ أُخْرِجَ
    حديث رقم: 7561 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ زِيَارَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ معَبُّودَهُمْ جَلَّ وَعَلَا
    حديث رقم: 7568 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ رُؤْيَةَ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي
    حديث رقم: 7491 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ سُؤَالِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا عَبْدَهُ فِي الْقِيَامَةِ عَنْ
    حديث رقم: 11043 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْجَاثِيَةِ
    حديث رقم: 7508 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النُّعُوتِ الْمُعَافَاةُ وَالْعُقُوبَةُ
    حديث رقم: 11191 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 33335 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْجَنَّةِ مَا ذُكِرَ فِي الْجَنَّةِ وَمَا فِيهَا مِمَّا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا
    حديث رقم: 690 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ بَابُ : النَّظَرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
    حديث رقم: 687 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ بَابُ : فِي سُجُودِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 1715 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 18540 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْأَيْمَانِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَلِفِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى , كَالْعِزَّةِ ,
    حديث رقم: 1478 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ
    حديث رقم: 1126 في مسند الحميدي مسند الحميدي بَابٌ جَامِعٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 2496 في مسند الطيالسي مَا أَسْنَدَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ
    حديث رقم: 1896 في الزهد و الرقائق لابن المبارك مَا رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي نُسْخَتِهِ زَائِدًا عَلَى مَا رَوَاهُ الْمَرْوَزِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا
    حديث رقم: 84 في الزهد لأسد بن موسى الزهد لأسد بن موسى بَابُ ذِكْرِ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 993 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مِنْ مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
    حديث رقم: 56 في الزهد لأسد بن موسى الزهد لأسد بن موسى بَابُ نُزُولِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ لِلْحِسَابِ
    حديث رقم: 362 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتِ الْجَهْمِيَّةُ الضُّلَّالُ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 370 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتِ الْجَهْمِيَّةُ الضُّلَّالُ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 6230 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي الْأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 313 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانٌ فِي رُؤْيَةِ رَبِّ الْعِزَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَصِفَةِ الصِّرَاطِ وَأَنَّهُ
    حديث رقم: 1784 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْمِيزَانِ ، وَالْحِسَابِ وَالصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 400 في العلل الكبير للترمذي أَبْوَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
    حديث رقم: 365 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتِ الْجَهْمِيَّةُ الضُّلَّالُ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 1056 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ
    حديث رقم: 363 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتِ الْجَهْمِيَّةُ الضُّلَّالُ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 371 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتِ الْجَهْمِيَّةُ الضُّلَّالُ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ
    حديث رقم: 4652 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ الْفُتُوحِ بَابُ صِفَةِ الْبَعْثِ
    حديث رقم: 6548 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 314 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانٌ فِي رُؤْيَةِ رَبِّ الْعِزَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَصِفَةِ الصِّرَاطِ وَأَنَّهُ
    حديث رقم: 1123 في طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني الطَّبَقَةُ الْعَاشِرَةُ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ سَمُرَةَ الْقَبَّابُ
    حديث رقم: 599 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 600 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 601 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 602 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 110 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي فِي نَعْتِ النَّارِ
    حديث رقم: 636 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَالِمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مُتَكَلِّمٌ مُرِيدٌ بَاقٍ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 637 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَالِمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مُتَكَلِّمٌ مُرِيدٌ بَاقٍ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 639 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَالِمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مُتَكَلِّمٌ مُرِيدٌ بَاقٍ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 640 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَالِمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ مُتَكَلِّمٌ مُرِيدٌ بَاقٍ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
    حديث رقم: 8263 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
    حديث رقم: 1114 في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث كِتَابُ الْبَعْثِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الصِّرَاطِ
    حديث رقم: 318 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْجِيمِ جَابِرُ بْنُ نُوحٍ الْحِمَّانِيُّ
    حديث رقم: 1151 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْعَيْنِ بَابُ عَبْدِ الْحَمِيدِ

    [182] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) وفى الروايةالْأُخْرَى هَلْ تُضَامُونَ وَرَوَى تُضَارُّونَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِتَخْفِيفِهَا وَالتَّاءُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تُضَارُّونَ غَيْرَكُمْ فِي حَالَةِ الرُّؤْيَةِ بِزَحْمَةٍ أَوْ مُخَالَفَةٍ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا لِخَفَائِهِ كَمَا تَفْعَلُونَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ فِي رُؤْيَتِهِ ضَيْرٌ وَهُوَ الضَّرَرُ وَرُوِيَ أَيْضًا تُضَامُونَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا فَمَنْ شَدَّدَهَا فَتَحَ التَّاءَ وَمَنْ خَفَّفَهَا ضَمَّ التَّاءَ وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تَتَضَامُّونَ وَتَتَلَطَّفُونَ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ تُضَارُّونَ أَوْ تَضَامُّونَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَأَشَارَ الْقَاضِي بِهَذَا إِلَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا الْقَائِلِ يَقُولهُمَا بِضَمِّ التَّاءِ سَوَاءٌ شَدَّدَ أَوْ خَفَّفَ وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَا تَضَامُّونَ أَوْ لَا تُضَارُّونَ عَلَى الشَّكِّ وَمَعْنَاهُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِضُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ) مَعْنَاهُ تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْوُضُوحِ وَزَوَالِ الشَّكِّ وَالْمَشَقَّةِ وَالِاخْتِلَافِ قَوْلُهُ (الطَّوَاغِيتُ) هُوَ جَمْعُ طَاغُوتٍ قَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ والكسائي وجماهير أهل اللغة الطاغوت كل ماعبد من دون الله تعالى وقال بن عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ الطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقِيلَ هُوَ الْأَصْنَامُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ الطَّاغُوتُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَيُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يكفروا به فَهَذَا فِي الْوَاحِدِ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْجَمْعِ الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم وَقَالَ فِي الْمُؤَنَّثِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يعبدوها قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْفُلْكُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَمُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا قَالَ النَّحْوِيُّونَ وَزْنُهُ فَعْلُوتُ وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ طَغَى وَتَقْدِيرُهُ طَغْوُوتُ ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا بَقُوا فِي زُمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُتَسَتِّرِينَ بِهِمْ فَيَتَسَتَّرُونَ بِهِمْ أَيْضًا فيالْآخِرَةِ وَسَلَكُوا مَسْلَكَهُمْ وَدَخَلُوا فِي جُمْلَتِهِمْ وَتَبِعُوهُمْ وَمَشَوْا فِي نُورِهِمْ حَتَّى ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ وَذَهَبَ عَنْهُمْ نُورُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمَطْرُودُونَ عَنِ الْحَوْضِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ سُحْقًا سُحْقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فيأتيهم الله فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ) اعْلَمْ أَنَّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَآيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ السَّلَفِ أَوْ كُلِّهِمْ أَنَّهُ لَا يُتَكَلَّمُ فِي مَعْنَاهَا بَلْ يَقُولُونَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَنَعْتَقِدَ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِنَا الْجَازِمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ التَّجَسُّمِ وَالِانْتِقَالِ وَالتَّحَيُّزِ فِي جِهَةٍ وَعَنْ سَائِرِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ وَهُوَ أَسْلَمُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ الْمُتَكَلِّمِينَ أنها تتأول على مايليق بِهَا عَلَى حَسَبِ مَوَاقِعهَا وَإِنَّمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ذَا رِيَاضَةٍ فِي الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يُقَالُ فِي قوله صلى الله عليه وسلم فيأتيهم الله أَنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يمكنه رؤيته الا بالاتيان فعبر بالاتيان والمجئ هُنَا عَنِ الرُّؤْيَةِ مَجَازًا وَقِيلَ الْإِتْيَانُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى سَمَّاهُ إِتْيَانًا وَقِيلَ المراد بيأتيهم اللَّهُ أَيْ يَأْتِيهِمْ بَعْضُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالْحَدِيثِ قَالَ وَيَكُونُ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا مِنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَلَكِ وَالْمَخْلُوقِ قَالَ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةٍ أَيْ يَأْتِيهِمْ بِصُورَةٍ وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ صُوَرِ مَلَائِكَتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي لَا تُشْبِهُصِفَاتِ الْإِلَهِ لِيَخْتَبِرَهُمْ وَهَذَا آخِرُ امْتِحَانِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ هَذَا الْمَلَكُ أَوْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَنَا رَبُّكُمْ رَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَخْلُوقِ مَا يُنْكِرُونَهُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّهُمْ وَيَسْتَعِيذُونَ بِاللَّهِ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَأْتِيَهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) فَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ هُنَا الصِّفَةُ وَمَعْنَاهُ فَيَتَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهُ بِهَا وَإِنَّمَا عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ رُؤْيَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصُّورَةِ عَنِ الصِّفَةِ لِمُشَابَهَتِهَا إِيَّاهَا وَلِمُجَانَسَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الصُّورَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ (نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ) فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ خَاصَّةً وَأَنْكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا وَقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ بِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِهِ أَوْ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذُوا مِنْهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِمْ رَأَوْا سِمَاتِ الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَتَّبِعُونَهُ) فَمَعْنَاهُ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَهَابِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يَتَّبِعُونَ مَلَائِكَتَهُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَمَعْنَاهُ يُمَدُّ الصِّرَاطُ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا إِثْبَاتُ الصِّرَاطِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ إِثْبَاتُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى إِثْبَاتِهِ وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَالْمُؤْمِنُونَ يَنْجُونَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِمْ أَيْ مَنَازِلِهِمْ وَالْآخَرُونَ يَسْقُطُونَ فِيهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ الْكَرِيمُ مِنْهَا وَأَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ إِنَّ الصِّرَاطَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُنَا فِي رِوَايَتِهِ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةِ فِي الكتاب وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَالزَّايُ آخِرَهُ وَمَعْنَاهُ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَمْضِي عَلَيْهِ وَيَقْطَعُهُ يُقَالُ أَجَزْتُ الْوَادِيَ وَجُزْتُهُ لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَجَزْتُهُ قَطَعْتُهُ وَجُزْتُهُ مَشَيْتُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ) مَعْنَاهُ لِشِدَّةِ الاهوالوَالْمُرَادُ لَا يَتَكَلَّمُ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا فَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَوَاطِنُ يَتَكَلَّمُ النَّاسُ فِيهَا وَتُجَادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَنْ نَفْسِهَا وَيَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَلَاوَمُونَ وَيُخَاصِمُ التَّابِعُونَ الْمَتْبُوعِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ لِلْخَلْقِ وَفِيهِ أَنَّ الدَّعَوَاتِ تَكُونُ بِحَسَبِ الْمَوَاطِنِ فَيُدْعَى فِي كُلِّ مَوْطِنٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ) أَمَّا الْكَلَالِيبُ فَجَمْعُ كَلُّوبٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الرَّأْسِ يُعَلَّقُ فِيهَا اللَّحْمُ وَتُرْسَلُ فِي التَّنُّورِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هِيَ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا عُقَّافَةُ حَدِيدٍ وَقَدْ تَكُونُ حَدِيدًا كُلُّهَا وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا كُلَّابٌ وَأَمَّا السَّعْدَانُ فَبِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ نَبْتٌ لَهُ شَوْكَةٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الْحَسَكِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا يُقَالُ خَطِفَ وَخَطَفَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى) أَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الْمُؤْمِنُ يَقِي بِعَمَلِهِ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَبَقِيَ بِالْيَاءِ وَالْقَافِ وَالثَّانِي الْمُوثَقُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ وَالثَّالِثُ الْمُوبَقُ يَعْنِي بِعَمَلِهِ فَالْمُوبَقُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ وَيَعْنَى بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَبَعْدَهَا الْعَيْنُ ثُمَّ النُّونُ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَصَحُّهَا وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هَذَا الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَفِي يَقِي عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ضَبْطَانِ أَحَدُهُمَا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالثَّانِي بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ مِنَ الْوِقَايَةِ قُلْتُ وَالْمَوْجُودُ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى) فَضَبَطْنَاهُ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مِنَ الْمُجَازَاةِ وَهَكَذَا هُوَفِي أُصُولِ بِلَادِنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ضَبْطِهِ خِلَافًا فَقَالَ رَوَاهُ الْعُذْرِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُجَازَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ الْمُخَرْدَلُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ وَاللَّامِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فِي الْبُخَارِيِّ الْمُجَرْدَلُ بِالْجِيمِ فَأَمَّا الَّذِي بِالْخَاءِ فَمَعْنَاهُ الْمُقَطَّعُ أَيْ بِالْكَلَالِيبِ يُقَالُ خَرْدَلْتُ اللَّحْمَ أَيْ قَطَّعْتُهُ وَقِيلَ خَرْدَلْتُ بِمَعْنَى صَرَعْتُ وَيُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا وَالْجَرْدَلَةُ بِالْجِيمِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالسُّقُوطُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (تأكل النار من بن آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ السَّبْعَةِ الَّتِي يَسْجُدُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ وَهَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْمُرَادُ بِأَثَرِ السُّجُودِ الْجَبْهَةُ خَاصَّةً وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا مَرْفُوعًا أن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إِلَّا دَارَاتِ الْوُجُوهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَخْصُوصُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا دَارَاتُ الْوُجُوهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيَسْلَمُ جَمِيعُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ فَهَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَذَلِكَ خَاصٌّ فَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ إِلَّا مَا خَصَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُتْقِنِي شُيُوخِهِمْ قَالَ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَبِهِ ضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَقَالُوا فِي مَعْنَاهُ احْتَرَقُوا قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ يَنْبُتُونَ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا الْحِبَّةُ فَبِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ بِزْرُ الْبُقُولِ وَالْعُشْبُ تَنْبُتُ فِي الْبَرَارِي وَجَوَانِبِ السُّيُولِ وَجَمْعُهَا حِبَبٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَأَمَّا حَمِيلُ السَّيْلِ فَبِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ السَّيْلُ مِنْ طِينٍ أَوْ غُثَاءٍ وَمَعْنَاهُ مَحْمُولُ السَّيْلِ وَالْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي سُرْعَةِ النَّبَاتِ وَحُسْنِهِ وَطَرَاوَتِهِ قَوْلُهُ (قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا) أَمَّا قَشَبَنِي فَبِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ مُخَفَّفَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَعْنَاهُ سَمَّنِي وَآذَانِي وَأَهْلَكَنِي كَذَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ غَيَّرَ جِلْدِي وَصُورَتِي وَأَمَّا ذَكَاؤُهَا فَكَذَا وَقَعَ في جميع روايات الحديث ذكاؤها بِالْمَدِّ وَهُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ لَهَبُهَا وَاشْتِعَالُهَا وَشِدَّةُ وَهَجِهَا وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ ذَكَاهَا مَقْصُورٌ وَذَكَرَ جَمَاعَاتٌ أَنَّ الْمَدَّ وَالْقَصْرَ لُغَتَانِ يُقَالُ ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو ذَكًا إِذَا اشْتَعَلَتْ وَأَذْكَيْتُهَا أَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (هل عسبت) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ وَيُقَالُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِالْأُخْرَى هَلْ تُضَامُونَ وَرَوَى تُضَارُّونَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِتَخْفِيفِهَا وَالتَّاءُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تُضَارُّونَ غَيْرَكُمْ فِي حَالَةِ الرُّؤْيَةِ بِزَحْمَةٍ أَوْ مُخَالَفَةٍ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا لِخَفَائِهِ كَمَا تَفْعَلُونَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ فِي رُؤْيَتِهِ ضَيْرٌ وَهُوَ الضَّرَرُ وَرُوِيَ أَيْضًا تُضَامُونَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا فَمَنْ شَدَّدَهَا فَتَحَ التَّاءَ وَمَنْ خَفَّفَهَا ضَمَّ التَّاءَ وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تَتَضَامُّونَ وَتَتَلَطَّفُونَ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ تُضَارُّونَ أَوْ تَضَامُّونَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَأَشَارَ الْقَاضِي بِهَذَا إِلَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا الْقَائِلِ يَقُولهُمَا بِضَمِّ التَّاءِ سَوَاءٌ شَدَّدَ أَوْ خَفَّفَ وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَا تَضَامُّونَ أَوْ لَا تُضَارُّونَ عَلَى الشَّكِّ وَمَعْنَاهُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِضُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ) مَعْنَاهُ تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْوُضُوحِ وَزَوَالِ الشَّكِّ وَالْمَشَقَّةِ وَالِاخْتِلَافِ قَوْلُهُ (الطَّوَاغِيتُ) هُوَ جَمْعُ طَاغُوتٍ قَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ والكسائي وجماهير أهل اللغة الطاغوت كل ماعبد من دون الله تعالى وقال بن عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ الطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقِيلَ هُوَ الْأَصْنَامُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ الطَّاغُوتُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَيُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يكفروا به فَهَذَا فِي الْوَاحِدِ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْجَمْعِ الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم وَقَالَ فِي الْمُؤَنَّثِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يعبدوها قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْفُلْكُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَمُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا قَالَ النَّحْوِيُّونَ وَزْنُهُ فَعْلُوتُ وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ طَغَى وَتَقْدِيرُهُ طَغْوُوتُ ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا بَقُوا فِي زُمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُتَسَتِّرِينَ بِهِمْ فَيَتَسَتَّرُونَ بِهِمْ أَيْضًا فيالْآخِرَةِ وَسَلَكُوا مَسْلَكَهُمْ وَدَخَلُوا فِي جُمْلَتِهِمْ وَتَبِعُوهُمْ وَمَشَوْا فِي نُورِهِمْ حَتَّى ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ وَذَهَبَ عَنْهُمْ نُورُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمَطْرُودُونَ عَنِ الْحَوْضِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ سُحْقًا سُحْقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فيأتيهم الله فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ) اعْلَمْ أَنَّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَآيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ السَّلَفِ أَوْ كُلِّهِمْ أَنَّهُ لَا يُتَكَلَّمُ فِي مَعْنَاهَا بَلْ يَقُولُونَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَنَعْتَقِدَ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِنَا الْجَازِمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ التَّجَسُّمِ وَالِانْتِقَالِ وَالتَّحَيُّزِ فِي جِهَةٍ وَعَنْ سَائِرِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ وَهُوَ أَسْلَمُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ الْمُتَكَلِّمِينَ أنها تتأول على مايليق بِهَا عَلَى حَسَبِ مَوَاقِعهَا وَإِنَّمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ذَا رِيَاضَةٍ فِي الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يُقَالُ فِي قوله صلى الله عليه وسلم فيأتيهم الله أَنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يمكنه رؤيته الا بالاتيان فعبر بالاتيان والمجئ هُنَا عَنِ الرُّؤْيَةِ مَجَازًا وَقِيلَ الْإِتْيَانُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى سَمَّاهُ إِتْيَانًا وَقِيلَ المراد بيأتيهم اللَّهُ أَيْ يَأْتِيهِمْ بَعْضُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالْحَدِيثِ قَالَ وَيَكُونُ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا مِنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَلَكِ وَالْمَخْلُوقِ قَالَ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةٍ أَيْ يَأْتِيهِمْ بِصُورَةٍ وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ صُوَرِ مَلَائِكَتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي لَا تُشْبِهُصِفَاتِ الْإِلَهِ لِيَخْتَبِرَهُمْ وَهَذَا آخِرُ امْتِحَانِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ هَذَا الْمَلَكُ أَوْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَنَا رَبُّكُمْ رَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَخْلُوقِ مَا يُنْكِرُونَهُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّهُمْ وَيَسْتَعِيذُونَ بِاللَّهِ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَأْتِيَهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) فَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ هُنَا الصِّفَةُ وَمَعْنَاهُ فَيَتَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهُ بِهَا وَإِنَّمَا عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ رُؤْيَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصُّورَةِ عَنِ الصِّفَةِ لِمُشَابَهَتِهَا إِيَّاهَا وَلِمُجَانَسَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الصُّورَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ (نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ) فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ خَاصَّةً وَأَنْكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا وَقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ بِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِهِ أَوْ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذُوا مِنْهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِمْ رَأَوْا سِمَاتِ الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَتَّبِعُونَهُ) فَمَعْنَاهُ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَهَابِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يَتَّبِعُونَ مَلَائِكَتَهُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَمَعْنَاهُ يُمَدُّ الصِّرَاطُ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا إِثْبَاتُ الصِّرَاطِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ إِثْبَاتُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى إِثْبَاتِهِ وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَالْمُؤْمِنُونَ يَنْجُونَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِمْ أَيْ مَنَازِلِهِمْ وَالْآخَرُونَ يَسْقُطُونَ فِيهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ الْكَرِيمُ مِنْهَا وَأَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ إِنَّ الصِّرَاطَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُنَا فِي رِوَايَتِهِ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةِ فِي الكتاب وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَالزَّايُ آخِرَهُ وَمَعْنَاهُ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَمْضِي عَلَيْهِ وَيَقْطَعُهُ يُقَالُ أَجَزْتُ الْوَادِيَ وَجُزْتُهُ لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَجَزْتُهُ قَطَعْتُهُ وَجُزْتُهُ مَشَيْتُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ) مَعْنَاهُ لِشِدَّةِ الاهوالوَالْمُرَادُ لَا يَتَكَلَّمُ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا فَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَوَاطِنُ يَتَكَلَّمُ النَّاسُ فِيهَا وَتُجَادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَنْ نَفْسِهَا وَيَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَلَاوَمُونَ وَيُخَاصِمُ التَّابِعُونَ الْمَتْبُوعِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ لِلْخَلْقِ وَفِيهِ أَنَّ الدَّعَوَاتِ تَكُونُ بِحَسَبِ الْمَوَاطِنِ فَيُدْعَى فِي كُلِّ مَوْطِنٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ) أَمَّا الْكَلَالِيبُ فَجَمْعُ كَلُّوبٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الرَّأْسِ يُعَلَّقُ فِيهَا اللَّحْمُ وَتُرْسَلُ فِي التَّنُّورِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هِيَ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا عُقَّافَةُ حَدِيدٍ وَقَدْ تَكُونُ حَدِيدًا كُلُّهَا وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا كُلَّابٌ وَأَمَّا السَّعْدَانُ فَبِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ نَبْتٌ لَهُ شَوْكَةٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الْحَسَكِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا يُقَالُ خَطِفَ وَخَطَفَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى) أَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الْمُؤْمِنُ يَقِي بِعَمَلِهِ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَبَقِيَ بِالْيَاءِ وَالْقَافِ وَالثَّانِي الْمُوثَقُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ وَالثَّالِثُ الْمُوبَقُ يَعْنِي بِعَمَلِهِ فَالْمُوبَقُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ وَيَعْنَى بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَبَعْدَهَا الْعَيْنُ ثُمَّ النُّونُ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَصَحُّهَا وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هَذَا الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَفِي يَقِي عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ضَبْطَانِ أَحَدُهُمَا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالثَّانِي بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ مِنَ الْوِقَايَةِ قُلْتُ وَالْمَوْجُودُ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى) فَضَبَطْنَاهُ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مِنَ الْمُجَازَاةِ وَهَكَذَا هُوَفِي أُصُولِ بِلَادِنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ضَبْطِهِ خِلَافًا فَقَالَ رَوَاهُ الْعُذْرِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُجَازَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ الْمُخَرْدَلُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ وَاللَّامِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فِي الْبُخَارِيِّ الْمُجَرْدَلُ بِالْجِيمِ فَأَمَّا الَّذِي بِالْخَاءِ فَمَعْنَاهُ الْمُقَطَّعُ أَيْ بِالْكَلَالِيبِ يُقَالُ خَرْدَلْتُ اللَّحْمَ أَيْ قَطَّعْتُهُ وَقِيلَ خَرْدَلْتُ بِمَعْنَى صَرَعْتُ وَيُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا وَالْجَرْدَلَةُ بِالْجِيمِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالسُّقُوطُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (تأكل النار من بن آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ السَّبْعَةِ الَّتِي يَسْجُدُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ وَهَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْمُرَادُ بِأَثَرِ السُّجُودِ الْجَبْهَةُ خَاصَّةً وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا مَرْفُوعًا أن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إِلَّا دَارَاتِ الْوُجُوهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَخْصُوصُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا دَارَاتُ الْوُجُوهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيَسْلَمُ جَمِيعُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ فَهَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَذَلِكَ خَاصٌّ فَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ إِلَّا مَا خَصَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُتْقِنِي شُيُوخِهِمْ قَالَ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَبِهِ ضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَقَالُوا فِي مَعْنَاهُ احْتَرَقُوا قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ يَنْبُتُونَ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا الْحِبَّةُ فَبِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ بِزْرُ الْبُقُولِ وَالْعُشْبُ تَنْبُتُ فِي الْبَرَارِي وَجَوَانِبِ السُّيُولِ وَجَمْعُهَا حِبَبٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَأَمَّا حَمِيلُ السَّيْلِ فَبِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ السَّيْلُ مِنْ طِينٍ أَوْ غُثَاءٍ وَمَعْنَاهُ مَحْمُولُ السَّيْلِ وَالْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي سُرْعَةِ النَّبَاتِ وَحُسْنِهِ وَطَرَاوَتِهِ قَوْلُهُ (قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا) أَمَّا قَشَبَنِي فَبِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ مُخَفَّفَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَعْنَاهُ سَمَّنِي وَآذَانِي وَأَهْلَكَنِي كَذَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ غَيَّرَ جِلْدِي وَصُورَتِي وَأَمَّا ذَكَاؤُهَا فَكَذَا وَقَعَ في جميع روايات الحديث ذكاؤها بِالْمَدِّ وَهُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ لَهَبُهَا وَاشْتِعَالُهَا وَشِدَّةُ وَهَجِهَا وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ ذَكَاهَا مَقْصُورٌ وَذَكَرَ جَمَاعَاتٌ أَنَّ الْمَدَّ وَالْقَصْرَ لُغَتَانِ يُقَالُ ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو ذَكًا إِذَا اشْتَعَلَتْ وَأَذْكَيْتُهَا أَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (هل عسبت) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ وَيُقَالُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِالْأُخْرَى هَلْ تُضَامُونَ وَرَوَى تُضَارُّونَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِتَخْفِيفِهَا وَالتَّاءُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تُضَارُّونَ غَيْرَكُمْ فِي حَالَةِ الرُّؤْيَةِ بِزَحْمَةٍ أَوْ مُخَالَفَةٍ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهَا لِخَفَائِهِ كَمَا تَفْعَلُونَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ فِي رُؤْيَتِهِ ضَيْرٌ وَهُوَ الضَّرَرُ وَرُوِيَ أَيْضًا تُضَامُونَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا فَمَنْ شَدَّدَهَا فَتَحَ التَّاءَ وَمَنْ خَفَّفَهَا ضَمَّ التَّاءَ وَمَعْنَى الْمُشَدَّدِ هَلْ تَتَضَامُّونَ وَتَتَلَطَّفُونَ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ هَلْ يَلْحَقُكُمْ ضَيْمٌ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ تُضَارُّونَ أَوْ تَضَامُّونَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَأَشَارَ الْقَاضِي بِهَذَا إِلَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا الْقَائِلِ يَقُولهُمَا بِضَمِّ التَّاءِ سَوَاءٌ شَدَّدَ أَوْ خَفَّفَ وَكُلُّ هَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَا تَضَامُّونَ أَوْ لَا تُضَارُّونَ عَلَى الشَّكِّ وَمَعْنَاهُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِضُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ) مَعْنَاهُ تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْوُضُوحِ وَزَوَالِ الشَّكِّ وَالْمَشَقَّةِ وَالِاخْتِلَافِ قَوْلُهُ (الطَّوَاغِيتُ) هُوَ جَمْعُ طَاغُوتٍ قَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ والكسائي وجماهير أهل اللغة الطاغوت كل ماعبد من دون الله تعالى وقال بن عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ الطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقِيلَ هُوَ الْأَصْنَامُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ الطَّاغُوتُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَيُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يكفروا به فَهَذَا فِي الْوَاحِدِ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْجَمْعِ الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم وَقَالَ فِي الْمُؤَنَّثِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يعبدوها قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْفُلْكُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا وَمُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا قَالَ النَّحْوِيُّونَ وَزْنُهُ فَعْلُوتُ وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ طَغَى وَتَقْدِيرُهُ طَغْوُوتُ ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا بَقُوا فِي زُمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُتَسَتِّرِينَ بِهِمْ فَيَتَسَتَّرُونَ بِهِمْ أَيْضًا فيالْآخِرَةِ وَسَلَكُوا مَسْلَكَهُمْ وَدَخَلُوا فِي جُمْلَتِهِمْ وَتَبِعُوهُمْ وَمَشَوْا فِي نُورِهِمْ حَتَّى ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُوَرٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ وَذَهَبَ عَنْهُمْ نُورُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمَطْرُودُونَ عَنِ الْحَوْضِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ سُحْقًا سُحْقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فيأتيهم الله فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ) اعْلَمْ أَنَّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَآيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ السَّلَفِ أَوْ كُلِّهِمْ أَنَّهُ لَا يُتَكَلَّمُ فِي مَعْنَاهَا بَلْ يَقُولُونَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَنَعْتَقِدَ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِنَا الْجَازِمِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ التَّجَسُّمِ وَالِانْتِقَالِ وَالتَّحَيُّزِ فِي جِهَةٍ وَعَنْ سَائِرِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ وَهُوَ أَسْلَمُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ الْمُتَكَلِّمِينَ أنها تتأول على مايليق بِهَا عَلَى حَسَبِ مَوَاقِعهَا وَإِنَّمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ذَا رِيَاضَةٍ فِي الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يُقَالُ فِي قوله صلى الله عليه وسلم فيأتيهم الله أَنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يمكنه رؤيته الا بالاتيان فعبر بالاتيان والمجئ هُنَا عَنِ الرُّؤْيَةِ مَجَازًا وَقِيلَ الْإِتْيَانُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى سَمَّاهُ إِتْيَانًا وَقِيلَ المراد بيأتيهم اللَّهُ أَيْ يَأْتِيهِمْ بَعْضُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالْحَدِيثِ قَالَ وَيَكُونُ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا مِنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَلَكِ وَالْمَخْلُوقِ قَالَ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةٍ أَيْ يَأْتِيهِمْ بِصُورَةٍ وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ صُوَرِ مَلَائِكَتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي لَا تُشْبِهُصِفَاتِ الْإِلَهِ لِيَخْتَبِرَهُمْ وَهَذَا آخِرُ امْتِحَانِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ هَذَا الْمَلَكُ أَوْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَنَا رَبُّكُمْ رَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَخْلُوقِ مَا يُنْكِرُونَهُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّهُمْ وَيَسْتَعِيذُونَ بِاللَّهِ مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَأْتِيَهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) فَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ هُنَا الصِّفَةُ وَمَعْنَاهُ فَيَتَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهُ بِهَا وَإِنَّمَا عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ رُؤْيَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصُّورَةِ عَنِ الصِّفَةِ لِمُشَابَهَتِهَا إِيَّاهَا وَلِمُجَانَسَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الصُّورَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ (نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ) فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ خَاصَّةً وَأَنْكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا وَقَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ بِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِهِ أَوْ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذُوا مِنْهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِمْ رَأَوْا سِمَاتِ الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَتَّبِعُونَهُ) فَمَعْنَاهُ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ إِيَّاهُمْ بِذَهَابِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يَتَّبِعُونَ مَلَائِكَتَهُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمٍ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَمَعْنَاهُ يُمَدُّ الصِّرَاطُ عَلَيْهَا وَفِي هَذَا إِثْبَاتُ الصِّرَاطِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ إِثْبَاتُهُ وَقَدْ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى إِثْبَاتِهِ وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَالْمُؤْمِنُونَ يَنْجُونَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِمْ أَيْ مَنَازِلِهِمْ وَالْآخَرُونَ يَسْقُطُونَ فِيهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ الْكَرِيمُ مِنْهَا وَأَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ إِنَّ الصِّرَاطَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُنَا فِي رِوَايَتِهِ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةِ فِي الكتاب وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَالزَّايُ آخِرَهُ وَمَعْنَاهُ يَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَمْضِي عَلَيْهِ وَيَقْطَعُهُ يُقَالُ أَجَزْتُ الْوَادِيَ وَجُزْتُهُ لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَجَزْتُهُ قَطَعْتُهُ وَجُزْتُهُ مَشَيْتُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ) مَعْنَاهُ لِشِدَّةِ الاهوالوَالْمُرَادُ لَا يَتَكَلَّمُ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا فَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَوَاطِنُ يَتَكَلَّمُ النَّاسُ فِيهَا وَتُجَادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَنْ نَفْسِهَا وَيَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَتَلَاوَمُونَ وَيُخَاصِمُ التَّابِعُونَ الْمَتْبُوعِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ لِلْخَلْقِ وَفِيهِ أَنَّ الدَّعَوَاتِ تَكُونُ بِحَسَبِ الْمَوَاطِنِ فَيُدْعَى فِي كُلِّ مَوْطِنٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ) أَمَّا الْكَلَالِيبُ فَجَمْعُ كَلُّوبٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ حَدِيدَةٌ مَعْطُوفَةُ الرَّأْسِ يُعَلَّقُ فِيهَا اللَّحْمُ وَتُرْسَلُ فِي التَّنُّورِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هِيَ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا عُقَّافَةُ حَدِيدٍ وَقَدْ تَكُونُ حَدِيدًا كُلُّهَا وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا كُلَّابٌ وَأَمَّا السَّعْدَانُ فَبِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ نَبْتٌ لَهُ شَوْكَةٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الْحَسَكِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا يُقَالُ خَطِفَ وَخَطَفَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ تَخْطَفُهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى) أَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الْمُؤْمِنُ يَقِي بِعَمَلِهِ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَبَقِيَ بِالْيَاءِ وَالْقَافِ وَالثَّانِي الْمُوثَقُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ وَالثَّالِثُ الْمُوبَقُ يَعْنِي بِعَمَلِهِ فَالْمُوبَقُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ وَيَعْنَى بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَبَعْدَهَا الْعَيْنُ ثُمَّ النُّونُ قَالَ الْقَاضِي هَذَا أَصَحُّهَا وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هَذَا الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ قَالَ وَفِي يَقِي عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ضَبْطَانِ أَحَدُهُمَا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالثَّانِي بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ مِنَ الْوِقَايَةِ قُلْتُ وَالْمَوْجُودُ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى) فَضَبَطْنَاهُ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مِنَ الْمُجَازَاةِ وَهَكَذَا هُوَفِي أُصُولِ بِلَادِنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ضَبْطِهِ خِلَافًا فَقَالَ رَوَاهُ الْعُذْرِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُجَازَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ الْمُخَرْدَلُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ وَاللَّامِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فِي الْبُخَارِيِّ الْمُجَرْدَلُ بِالْجِيمِ فَأَمَّا الَّذِي بِالْخَاءِ فَمَعْنَاهُ الْمُقَطَّعُ أَيْ بِالْكَلَالِيبِ يُقَالُ خَرْدَلْتُ اللَّحْمَ أَيْ قَطَّعْتُهُ وَقِيلَ خَرْدَلْتُ بِمَعْنَى صَرَعْتُ وَيُقَالُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا وَالْجَرْدَلَةُ بِالْجِيمِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالسُّقُوطُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم (تأكل النار من بن آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ السَّبْعَةِ الَّتِي يَسْجُدُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ وَهَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْمُرَادُ بِأَثَرِ السُّجُودِ الْجَبْهَةُ خَاصَّةً وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا مَرْفُوعًا أن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إِلَّا دَارَاتِ الْوُجُوهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَخْصُوصُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا دَارَاتُ الْوُجُوهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيَسْلَمُ جَمِيعُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ فَهَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ وَذَلِكَ خَاصٌّ فَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ إِلَّا مَا خَصَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ هَكَذَا هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُتْقِنِي شُيُوخِهِمْ قَالَ وَهُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَبِهِ ضَبَطَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَقَالُوا فِي مَعْنَاهُ احْتَرَقُوا قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ بِالْمِيمِ وَالنُّونِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ يَنْبُتُونَ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا الْحِبَّةُ فَبِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ بِزْرُ الْبُقُولِ وَالْعُشْبُ تَنْبُتُ فِي الْبَرَارِي وَجَوَانِبِ السُّيُولِ وَجَمْعُهَا حِبَبٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَأَمَّا حَمِيلُ السَّيْلِ فَبِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ السَّيْلُ مِنْ طِينٍ أَوْ غُثَاءٍ وَمَعْنَاهُ مَحْمُولُ السَّيْلِ وَالْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي سُرْعَةِ النَّبَاتِ وَحُسْنِهِ وَطَرَاوَتِهِ قَوْلُهُ (قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا) أَمَّا قَشَبَنِي فَبِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ مُخَفَّفَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَعْنَاهُ سَمَّنِي وَآذَانِي وَأَهْلَكَنِي كَذَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ غَيَّرَ جِلْدِي وَصُورَتِي وَأَمَّا ذَكَاؤُهَا فَكَذَا وَقَعَ في جميع روايات الحديث ذكاؤها بِالْمَدِّ وَهُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ لَهَبُهَا وَاشْتِعَالُهَا وَشِدَّةُ وَهَجِهَا وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ ذَكَاهَا مَقْصُورٌ وَذَكَرَ جَمَاعَاتٌ أَنَّ الْمَدَّ وَالْقَصْرَ لُغَتَانِ يُقَالُ ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو ذَكًا إِذَا اشْتَعَلَتْ وَأَذْكَيْتُهَا أَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (هل عسبت) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ وَيُقَالُ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِوَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ قَرَأَ نَافِعٌ بِالْكَسْرِ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ الْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ قال بن السِّكِّيتِ وَلَا يُنْطَقُ فِي عَسَيْتَ بِمُسْتَقْبَلٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ) أَمَّا الْخَيْرُ فَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَالْأُصُولِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ فِي مُسْلِمٍ رَوَاهُ الْحَبْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَعْنَاهُ السُّرُورُ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ الْحَبْرَةُ وَالسُّرُورُ وَالْحَبْرَةُ الْمَسَرَّةُ وَأَمَّا انْفَهَقَتْ فَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْهَاءِ وَالْقَافِ وَمَعْنَاهُ انْفَتَحَتْ وَاتَّسَعَتْ قَوْلُهُ فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ ضَحِكُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ هُوَ رِضَاهُ بِفِعْلِ عَبْدِهِ وَمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ وَإِظْهَارِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ وَإِيجَابِهَا عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وكذا) معناه يقول له تمن من الشئ الفلانى ومن الشئ الْآخَرِ يُسَمِّي لَهُ أَجْنَاسَ مَا يَتَمَنَّى وَهَذَا مِنْ عَظِيمِ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ (لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَوَّلًا بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ تَكَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فَزَادَ

    [182] هَل تضَارونَ بِضَم التَّاء وَفِي الرَّاء التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف وَمعنى المشدد هَل تضَارونَ غَيْركُمْ فِي حَال الرُّؤْيَة بزحمة أَو مُخَالفَة فِي الرُّؤْيَة أَو غَيرهَا لخفائه كَمَا تَفْعَلُونَ أول لَيْلَة من الشَّهْر وَمعنى المخفف هَل يلحقكم فِي رُؤْيَته ضير وَهُوَ الضَّرَر فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك مَعْنَاهُ تَشْبِيه الرُّؤْيَة بِالرُّؤْيَةِ فِي الوضوح وَزَوَال الشَّك وَالْمَشَقَّة وَالِاخْتِلَاف الطواغيت جمع طاغوت وَهِي الْأَصْنَام فيأتيهم الله إِلَى آخِره هَذَا من أَحَادِيث الصِّفَات فإمَّا أَن يُوقف عَن الْخَوْض فِي مَعْنَاهُ ويعتقد لَهُ معنى يَلِيق بِجلَال الله تَعَالَى مَعَ الْجَزْم بِأَن الله تَعَالَى لَيْسَ كمثله شَيْء وَأَنه منزه عَن التجسيم والانتقال والتحيز فِي جِهَة وَعَن سَائِر صِفَات المخلوقين أَو يؤول على مَا يَلِيق بِهِ فَيجْعَل الْإِتْيَان عبارَة عَن رُؤْيَتهمْ إِيَّاه وَلِأَن الْعَادة أَن من غَابَ عَن غَيره لَا يُمكنهُ رُؤْيَته إِلَّا بالإتيان وَقيل المُرَاد يَأْتِيهم بعض مَلَائكَته قَالَ القَاضِي وَهَذَا الْوَجْه أشبه عِنْدِي بِالْحَدِيثِ قَالَ وَيكون هَذَا الْملك الَّذِي جَاءَهُم فِي الصُّورَة الَّتِي أنكروها من سمات الْحُدُوث الظَّاهِرَة على الْملك الْمَخْلُوق قَالَ أَو يكون مَعْنَاهُ يَأْتِيهم الله بِصُورَة وَيظْهر لَهُم فِي صُورَة مَلَائكَته ومخلوقاته الَّتِي لَا تشبه صِفَات الْإِلَه ليختبرهم وَهَذَا آخر امتحان للْمُؤْمِنين فَإِذا قَالَ لَهُم هَذَا الْملك أَو هَذِه الصُّورَة أَنا ربكُم وَعَلِيهِ من عَلامَة الْمَخْلُوق مَا ينكرونه ويعلمون بِهِ أَنه لَيْسَ رَبهم استعاذوا بِاللَّه مِنْهُ وَأما قَوْله فيأتيهم الله فِي صورته الَّتِي يعْرفُونَ فَالْمُرَاد الَّتِي يعلمونها ويعرفونه بهَا وَإِنَّمَا عرفوه بِصفتِهِ وَإِن لم تكن تقدّمت لَهُم رُؤْيَة لَهُ سُبْحَانَهُ لأَنهم يرونه لَا يشبه شَيْئا من مخلوقاته فيعلمون أَنه رَبهم وَإِنَّمَا عبر عَن الصّفة بالصورة لمجانسة الْكَلَام فَإِنَّهُ تقدم ذكر الصُّورَة فيتبعونه أَي يتبعُون أمره إيَّاهُم بذهابهم إِلَى الْجنَّة أَو مَلَائكَته الَّذين يذهبون بهم إِلَى الْجنَّة بَين ظَهْري جَهَنَّم بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون الْهَاء أَي يمد الصِّرَاط عَلَيْهِ أول من يُجِيز بِضَم الْيَاء وَكسر الْجِيم وزاي أول من يمْضِي عَلَيْهِ ويقطعه من أجزت الْوَادي قطعته وَلَا يتَكَلَّم يَوْمئِذٍ أَي فِي حَال الْإِجَازَة كلاليب جمع كَلوب بِفَتْح الْكَاف وَضم اللَّام الْمُشَدّدَة حَدِيدَة معطوفة الرَّأْس السعدان بِفَتْح السِّين وَإِسْكَان الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ نبت لَهُ شَوْكَة عَظِيمَة مثل الحسك من كل الجوانب تخطف بِفَتْح الطَّاء وتكسر بأعمالهم أَي بِسَبَبِهَا أَو بِقَدرِهَا فَمنهمْ الْمُؤمن بَقِي بِعَمَلِهِ فِيهِ رِوَايَات أَحدهَا الْمُؤمن بِالْمِيم وَالنُّون يقي بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة من تَحت وَالْقَاف من الْوِقَايَة وَالثَّانِي كَذَلِك إِلَّا أَن بَقِي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالثَّالِث الموثق بِالْمُثَلثَةِ وَالْقَاف وَالرَّابِع الموبق بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْقَاف يَعْنِي يعمله بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة وَالْعين وَالنُّون قَالَ القَاضِي وَهَذَا أَصَحهَا وَقَالَ صَاحب الْمطَالع إِنَّه الصَّوَاب وَمِنْهُم الْمجَازِي رُوِيَ بِالْجِيم وَالزَّاي من المجازاة وَرُوِيَ المخردل بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالدَّال وَاللَّام وَمَعْنَاهُ المقطع بالكلاليب يُقَال خردلت اللَّحْم قطعته وَقيل من خردلت بِمَعْنى صرعت وَيُقَال بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَيْضا وَيُقَال المجردل بِالْجِيم والجردلة الإشراف على الْهَلَاك والسقوط حرم الله على النَّار أَن تَأْكُل أثر السُّجُود هُوَ عَام فِي الْأَعْضَاء السَّبْعَة وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَقيل خَاص بالجبهة وَاخْتَارَهُ عِيَاض امتحشوا بِفَتْح التَّاء والحاء الْمُهْملَة وإعجام الشين أَي احترقوا وَرُوِيَ بِضَم التَّاء وَكسر الْحَاء وَالْأَكْثَرُونَ على الأول فينبتون مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ كَذَا فِي الْأُصُول مِنْهُ بِالْمِيم وَالنُّون أَي بِسَبَبِهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة بِكَسْر الْحَاء بذر الْبُقُول والعشب ينْبت فِي البراري وجوانب السُّيُول فِي حميل السَّيْل بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْمِيم مَا جَاءَ بِهِ السَّيْل من طين أَو غثاء وَمَعْنَاهُ مَحْمُول السَّيْل وَالْمرَاد التَّشْبِيه فِي سرعَة النَّبَات وَحسنه وطراوته قشبني بِفَتْح الْقَاف والشين الْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة وَالْمُوَحَّدَة سمني وَآذَانِي وأهلكني وَقيل غير جلدي وصورتي ذكاؤها بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَالْمدّ فِي الرِّوَايَات أَي لهبها واشتعالها وَالْأَشْهر فِي اللُّغَة الْقصر وَقيل هما لُغَتَانِ عَسَيْت بِفَتْح التَّاء على الْخطاب وَفِي السِّين الْفَتْح وَالْكَسْر انفهقت بِفَتْح الْفَاء وَالْهَاء وَالْقَاف انفتحت واتسعت مَا فِيهَا من الْخَيْر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالْيَاء الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَرُوِيَ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الساكنة وَمَعْنَاهُ السرُور وللبخاري من الْحبرَة قَالَ أَبُو سعيد وَعشرَة أَمْثَاله إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء وَجه الْجمع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلم أَولا بِمَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة ثمَّ تكرم الله سُبْحَانَهُ فَزَاد مَا فِي رِوَايَة أبي سعيد فَأخْبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسمعهُ أَبُو هُرَيْرَة وَذَلِكَ الرجل آخر أهل الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. يا رسول الله، قال فإنكم ترونه كذلك. يجمع الله الناس يوم القيامة. فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس. ويتبع من كان يعبد القمر القمر. ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت. وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها. فيأتيهم الله تبارك وتعالى، في صورة غير صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فيتبعونه. ويضرب الصراط بين ظهري جهنم. فأكون أنا وأمتي أول من يجيز. ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل. ودعوى الرسل يومئذ: اللهم! سلم، سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان. هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان. غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله. تخطف الناس بأعمالهم. فمنهم المؤمن بقي بعمله. ومنهم المجازى حتى ينجى. حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممن يقول: لا إله إلا الله. فيعرفونهم في النار. يعرفونهم بأثر السجود. تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود. حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود. فيخرجون من النار وقد امتحشوا. فيصب عليهم ماء الحياة. فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل. ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد. ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار. وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة. فيقول: أي رب! اصرف وجهي عن النار. فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها. فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه. ثم يقول الله تبارك وتعالى: هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا أسألك غيره. ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله. فيصرف الله وجهه عن النار. فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت. ثم يقول: أي رب! قدمني إلى باب الجنة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيتك؟ ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب! ويدعو الله حتى يقول له: فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا. وعزتك! فيعطي ربه ما شاء الله من عهود ومواثيق. فيقدمه إلى باب الجنة. فإذا قام على باب الجنة. انفهقت له الجنة فرأى ما فيها من الخير والسرور. فيسكت ما شاء الله أن يسكت. ثم يقول: أي رب! أدخلني الجنة. فيقول الله تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت؟ ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب! لا أكون أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه. فإذا ضحك الله منه قال: ادخل الجنة. فإذا دخلها قال الله له: تمنه. فيسأل ربه ويتمنى. حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا، حتى إذا انقطعت به الأماني. قال الله تعالى: ذلك لك ومثله معه. قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا. حتى إذا حدث أبو هريرة: أن الله قال لذلك الرجل: ومثله معه. قال أبو سعيد: وعشرة أمثاله معه. يا أبا هريرة! قال أبو هريرة: ما حفظت إلا قوله: ذلك لك ومثله معه. قال أبو سعيد: أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ذلك لك وعشرة أمثاله. قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة.
    المعنى العام:
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه باليوم الآخر وما يقع فيه من الأهوال، وفي ليلة مقمرة بدرها يسطع في السماء حدثهم صلى الله عليه وسلم عن الحشر، وعن قول الله: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، وقول المسلمين: هذا مكاننا حتى نرى ربنا. حينئذ سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر، فقال: إنكم ستعرضون على ربكم، فترونه كما ترون هذا القمر، هل يضر بعضكم بعضا إذا نظرتم إلى القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا، يا رسول الله. قال: وهل يزاحم بعضكم بعضا ويؤذيه حين ترون الشمس في وسط السماء ليس دونها سحاب! قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه بسهولة ويسر ووضوح كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب. ثم أخذ يحدثهم عن هذه الرؤية وعن ظروفها ووقتها، فقال: يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، وفي مكان واحد، في أرض واسعة مستوية، لا يخفى منهم أحد، لو دعاهم داع لسمعوه، ولو نظر إليهم ناظر لأدركهم، يقومون أربعين عاما، شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم ربهم، والشمس على رءوسهم، حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر، غير أنه يخفف على المؤمن، فيكون ذلك اليوم أقصر عليه من ساعة من نهار، حتى إذا أذن جل شأنه بالانصراف من هذا الموقف، تطايرت الصحف وتم العرض والميزان، ونادى مناد: من كان يعبد شيئا فليتبعه، أيها الناس: أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم فأحسن صوركم، ورزقكم وأحسن إليكم ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما كان قد تولى؟ أيها الناس لتنطلق كل أمة مع ما كانت تعبد، ويتمثل لهم الصنم والشيطان والصليب والشمس والقمر، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت والأصنام الطواغيت والأصنام، ويتبع من كان يعبد الصليب صليبهم، فيساقون هم ومعبوداتهم إلى النار، فلا يبقى في الموقف أحد كان يعبد الأصنام والأنصاب، والأوثان والشمس والقمر والنار والإنسان والحيوان والشيطان والملائكة إلا تساقط في النار، ثم يدعى المنحرفون من اليهود، فيقال لهم: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد عزير ابن الله. فيقال لهم: كذبتم في ادعائكم أن لله ولدا، سبحانه لم يتخذ من صاحبة ولا ولد، وضللتم في عبادتكم هذه، ولا نجاة لكم اليوم، فيقولون: يا ربنا عطشنا، فاسقنا، فتبدو جهنم أمامهم كأنها ماء، فيقال لهم: هيا ألا تردون! فيحشرون إلى النار، ثم يدعى المبدلون والمحرفون من النصارى، فيقال لهم: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم في ادعائكم أن المسيح ابن الله. ما اتخذ الله من ولد، ولم تكن له صاحبة، فماذا بعد الكفر والضلال؟ فأنى تصرفون؟ فيقولون: يا ربنا عطشنا، فاسقنا، فتبدو لهم جهنم كأنها ماء، فيشار إليها، ويقال لهم: هيا، ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار، فيجدونها يحطم بعضها بعضا، حتى إذا لم يبق من الخلائق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، أتاهم أمر الله، يقول لهم: ماذا تنتظرون؟ ماذا يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: يا ربنا، فارقنا الناس في الدنيا حفاظا على ديننا منهم، ونحن أحوج ما نكون إليهم، هجرنا الأهل والأوطان فرارا بديننا، وأخرجنا من ديارنا وأموالنا، ونحن أحوج ما نكون إليهم، فكيف نتابعهم اليوم، لقد سمعنا: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فنحن ننتظر معبودنا، ننتظر ربنا، فيقال لهم: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله بصورة لم يعهدوها، تقول لهم: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لست ربنا، ربنا ليس كمثله شيء، فيقال لهم: هل بينكم وبينه علامة! فيقولون: نعم. فيكشف عن الساق، ويتجلى لهم رب العالمين، فيسجد له كل مؤمن، يسجد له كل من كان يعبده بإخلاص، أما المنافقون الذين كانوا يسجدون اتقاء ورياء فإن أصلابهم تتجمد كأصلاب البقر، كلما حاول أحدهم أن يسجد تقليدا للمؤمنين سقط على قفاه ثم يقال للمؤمنين: ارفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة، ومنهم من يعطى دون ذلك حتى يكون آخرهم من يعطى نوره على إبهام قدمه، ثم يوجهون إلى الصراط، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم. فيقول لهم المنافقون: أنظرونا وتمهلوا نسير في ركابكم ونقتبس من نوركم، فيقولون لهم تبكيتا وخذلانا: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، فيرجعون إلى المكان الذي وزع فيه النور، فلا يجدون شيئا، فيحاولون اللحاق بالمؤمنين، فيضرب بينهم بسور له باب فيقذفون في النار. وينصب الصراط على شاطئ جهنم، جسر ممدود، أدق من الشعر وأحد من السيف، على جانبيه كلاليب وخطاطيف ذات أسهم من كل جانب، تشبه شوكة السعدان، التي تلصق بأصواف الغنم، ويقف الأنبياء وقلوبهم وجلة، يتضرعون إلى الله، ويقولون: يا رب سلم. يا رب سلم. وتقف الملائكة ممسكة بالكلاليب المأمورة، وهي تقول: يا رب سلم، يا رب سلم وتقف الأمة الإسلامية، ولسانها يلهج بالدعاء: يا رب سلم. يا رب سلم. ومن حولها سائر الرسل وأتباعهم في انتظار أمر الله. ثم ينادي المنادي: أين محمد وأمته؟ فيقوم صلى الله عليه وسلم وتتبعه أمته، برها وفاجرها، فتفرج الأمم لهم عن الطريق. فيمرون غرا محجلين من أثر الطهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن يكونوا أنبياء، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون من يمين وشمال، وتتخطفهم الكلاليب، ويكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يجتاز الصراط، وأمته أول الأمم، ويتسع الصراط لبعض المؤمنين، حتى يكون مثل الوادي، وإن بعضهم يمر عليه كطرف العين، وبعضهم كالبرق، وبعضهم كالسحاب، وبعضهم كانقضاض الكوكب، وبعضهم كالريح، وبعضهم كجياد الخيل، وبعضهم كالطير، وبعضهم كجياد الإبل، وبعضهم كأسرع البهائم، وبعضهم يسعى سعيا، وبعضهم يمشي مشيا تجري بهم أعمالهم، حتى يمر الرجل الذي أعطي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه يتكفأ به الصراط، يتلبط على بطنه، يجر نفسه بيد، ويتعلق بيد، يجر نفسه برجل ويتعلق برجل، وتضرب جوانبه النار، يقول: يا رب لم أبطأت بي؟ فيقول: أبطأ بك عملك، ويظل يحبو، حتى ينجو، فيلتفت إلى النار، ويقول: تبارك الذي نجاني منك. حتى إذا خلص المؤمنون من النار وقعت المقاصة بينهم على قنطرة بين الجنة والنار، حتى إذا انتهوا إلى الجنة تفقدوا إخوانهم فوجدوا العصاة منهم في النار، فرقت لهم أفئدتهم، واشتدت عليهم حسراتهم، فيجأرون إلى الله بالدعاء، ويناشدونه بكل تذلل أن يعفو عن إخوانهم وأن يخرجهم من النار، يقولون: يا ربنا، إخواننا، كانوا يصومون معنا، ويصلون معنا ويحجون معنا، يا ربنا، آباؤنا، وأجدادنا، أعمامنا، أخوالنا، أبناؤنا، أزواجنا اغفر لهم، شفعنا فيهم، فيقول لهم: اذهبوا فأخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان، ويأمر ملائكته بإخراجهم، ثم يعودون فيستشفعون في غيرهم فيشفعون، وهكذا حتى يخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من خير، فيقول الله تعالى: شفع الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا أبدا، قد صاروا فحما، فيلقيهم في نهر في مقدمة الجنة، يسمى نهر الحياة، فيخرجون منه كالنبتة الصغيرة في نضارتها وحسنها، ويقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم من مائكم، فيرشون عليهم من ماء الجنة، فيزدادون نضارة وبهاء ثم يؤذون لهم بدخول الجنة. يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إني أعلم حال آخر أهل النار خروجا من النار، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة، هو رجل يبقى مقبلا بوجهه على النار، فيقول: يا رب، اصرف وجهي عن النار، فقد آذاني ريحها، وأحرقني حرها، يا رب اقبلني واعف عني، يا رب. أقر بذنبي وأعترف بتقصيري، وأرجو واسع رحمتك، ويدعو الله ما شاء أن يدعوه، فيقول الله لملائكته: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت كذا وكذا يوم كذا، وعملت كذا وكذا يوم كذا. فيقول: نعم يا رب، وهو مشفق من كبار ذنوبه، خائف أن تعرض عليه ويؤخذ بها، فيقول: يا رب، قد عملت أشياء لا أراها ههنا؟ فيضحك رب العزة ويرضى عن عبده العاصي، ويقول له: لعلك إن صرفت وجهك عن النار أن تسألني غير ذلك؟ فيقول: لا، لا أسألك غيره، ويقسم ويعطي ربه من العهود والمواثيق ما شاء الله، فيصرف وجهه عن النار، فيقول لها: تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله من الفضل والرحمة ما لم يعط أحدا من الأولين، والآخرين، ويسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم ترفع له شجرة ذات ظل ظليل، فيقول: يا رب. أدنني من هذه الشجرة، لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فقد آذاني الحر والعطش، فيقول له ربه: يا ابن آدم. لعلي إن أعطيتك ما تطلب أن تسألني غيره؟ فيقول: لا يا رب لا أسألك غيره، ويعطي ربه من العهود والمواثيق ما شاء الله، وربه يقبل عذره، لأنه يرى شيئا لا يستطيع الصبر عليه، فيدنيه من الشجرة فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ويسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم ترفع له شجرة أحسن من الأولى، فيقول مقالته السابقة وربه يعذره فيدنيه منها، ثم ترفع له شجرة ثالثة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول مقالته السابقة، فيقول له ربه: ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، ألم تعطني عهودك ومواثيقك ألا تسأل غيره؟ فيقول: لا أسألك غيره يا رب. ويعطي ربه من العهود والمواثيق ما شاء الله، فيدنيه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، أصواتا كالمزامير، فيتسمع ويتطلع فتنفتح أمامه أبواب الجنة فيرى ما فيها من نعيم وسرور وحبور، فيقول: يا رب أدخلني الجنة، فيقول له: يا ابن أدم: ما يقطع مسألتك مني؟ أين عهودك ومواثيقك ألا تسأل؟ فيقول: كرمك أوسع من مسألتي، وفضلك لا ينقصه عطائي، فيقول له: اذهب فادخل الجنة، فيدخلها، فيخيل إليه أنها ملأى، وأن الناس قد أخذوا منازلهم فيها، فيرجع، فيقول: يا رب، وجدتها ملأى، فيقول الله تبارك وتعالى له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى. فيرجع، فيقول: يا رب، وجدتها ملأى فيقول الله تبارك وتعالى له: اذهب فادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له: تمنه اطلب تعط، فيتمنى قصورا وحدائق، وطعاما وشرابا وفرشا وأرائك، فإذا ما طلب ما يشتهي ذكره ربه بأشياء لم يذكرها، يقول له: اطلب كذا وكذا وكذا، مما لا يخطر على قلب بشر، حتى إذا ما انقضت به الأماني قال الله له: ذلك لك وعشرة أمثاله معه، فيقول: يا رب، لا أستحق شيئا من ذلك، لا تكاد عيني تصدق ما ترى، ولا تكاد أذني تصدق ما أسمع، أكاد أغيب عن صوابي، فيضحك رب العزة ويقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر، فيدخل بيته، فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فتحتضنانه وتقبلانه وتقولان له: الحمد لله الذي أحياك لنا، وأحيانا لك، فيعيش في سعادة دائمة، وسرور خالد، وهو يقول في نفسه: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت. ذلك أدنى أهل الجنة منزلة يوم القيامة، أما أعلاهم منزلة فأولئك الذين اختارهم ربهم واصطفاهم، لهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] فاللهم اجعلنا من أهل الجنة، الناجين من النار، ويسر لنا الموقف العظيم، واهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين، آمين. آمين. رب العالمين. المباحث العربية (عن أبي هريرة أن ناسا قالوا) في الرواية الرابعة، عن أبي سعيد قلنا يا رسول الله وفي رواية للبخاري قال أناس: يا رسول الله وفي رواية إن الناس قالوا يا رسول الله فلم يعين السائل ولعله أبو سعيد، وإسناد القول إلى الجماعة مع أن السائل واحد بتنزيل رضاهم عنه وحرصهم عليه منزلة النطق به. (هل نرى ربنا يوم القيامة؟) في التقييد بيوم القيامة إشارة إلى أن السؤال لم يقع عن الرؤية في الدنيا، وإنما عن الرؤية في الآخرة، وهي محل البحث. (هل تضارون) روي بتشديد الراء وضم التاء بصيغة المفاعلة، من الضر، وأصله تضاررون ومعناها: هل تضرون غيركم، أو يضركم أحد في حالة الرؤية، بزحمة أو مخالفة في الرؤية أو غيرها لخفائه؟ والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا يحصل ذلك، كما لا يحصل عند رؤيتكم القمر ليلة البدر. أو تقريري، فلما أقروا، وقالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك . وروي بتشديد الراء أيضا، لكن مع فتح التاء، وأصله تتضارون فحذفت إحدى التاءين تخفيفا، والمعنى لا يضر بعضكم بعضا بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة، وروي بتخفيف الراء وضم التاء من الضير يقال: ضاره يضيره، وهو لغة في الضر، والمعنى: هل يلحقكم في رؤيته ضير؟ أي لا يخالف بعضكم بعضا فيكذبه وينازعه، فيضيره بذلك. وروي هل تضامون بتشديد الميم وتخفيفها، فمن شددها فتح التاء فهو بحذف إحدى التاءين، من الضم، والمعنى: هل تضامون في رؤيته، يريد لا تجتمعون لرؤيته في جهة، ولا ينضم بعضكم إلى بعض. ومن خفف الميم ضم التاء، من الضيم. وهو الغلبة على الحق. والاستبداد به، والمعنى: هل يلحقكم ضيم ومشقة وتعب؟ . وروي هل تمارون بضم التاء وفتحها، مع تخفيف الراء، من المرية وهي الشك، أو من المراء وهي المجادلة، والمعنى: لا يشتبه عليكم ولا تشكون، فيعارض بعضكم بعضا. (في الشمس ليس دونها سحاب) في الكلام مضاف محذوف، أي في رؤية الشمس، وجملة ليس دونها سحاب في محل النصب على الحال. (فإنكم ترونه كذلك) معناه تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وزوال الشك، ورفع المشقة والاختلاف، قال ابن الأثير: قد يتخيل بعض الناس أن الكاف كاف التشبيه للمرئي، وهو غلط، وإنما هي كاف التشبيه للرؤية التي هي فعل الرائي، والمعنى أنها رؤية مزاح عنها الشك مثل رؤيتكم القمر. اهـ. (يجمع الله الناس يوم القيامة) في رواية يحشر ، وفي رواية يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد والمراد جمعهم وحشرهم بعد بعثهم من القبور للموقف العظيم. (من كان يعبد شيئا فليتبعه) بتشديد التاء المفتوحة، وفي رواية ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد وفي رواية ألا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت جمع طاغوت، وهو الشيطان أو الصنم. وقال جماهير أهل اللغة: الطاغوت كل ما عبد من دون الله تعالى. قال الواحدي: الطاغوت يكون واحدا، وجمعا، ومؤنثا، ومذكرا، ففي الواحد قال الله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} [النساء: 60]، وفي الجمع قال تعالى: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} [البقرة: 257] وفي المؤنث قال تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} [الزمر: 17] قال النحويون: وزنه فعلوت. والتاء زائدة وهو مشتق من طغى. (ويضرب الصراط بين ظهري جهنم) بفتح الظاء وسكون الهاء، والمعنى: يمد الصراط عليها، وفي رواية ويضرب جسر جهنم . (فأكون أنا وأمتي أول من يجيز) بضم الياء وكسر الجيم، ومعناه أول من يمضي عليه ويقطعه، يقال: أجزت الوادي وجزته، لغتان بمعنى واحد، وقال الأصمعي: أجزته قطعته، وجزته مشيت فيه، وفي رواية أول من يجيزها والضمير لجهنم. (وفي جهنم كلاليب) جمع كلوب بفتح الكاف وضم اللام المشددة وهو حديدة معطوفة الرأس، يعلق فيها اللحم، ويقال لها أيضا كلاب بفتح الكاف وتشديد اللام. وفي رواية وبه كلاليب والضمير للصراط، وفي رواية وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمرت به وفي رواية وعليه كلاليب النار . (مثل شوك السعدان) بفتح السين وسكون العين، بلفظ التثنية، ويعرب بالحركات على النون، والسعدان جمع سعدانة، وهو نبات ذو شوك شوكته من جميع الجوانب، ونباته يضرب به المثل في طيب مرعاه، قالوا: مرعى ولا كالسعدان. (هل رأيتم السعدان؟) الاستفهام للتقرير، لاستحضار الصورة المذكورة، وفي رواية أما رأيتم شوك السعدان؟. (فإنها مثل شوك السعدان) تشبيه الكلاليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكثرة الانتشاب فيها، تمثيلا لهم بما عرفوه في الدنيا، وألفوه بالمباشرة. (غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله) ما قدر عظمها ما استفهام مبتدأ وقدر عظمها خبر، والاستفهام علق يعلم عن العمل في اللفظ فجملته سدت مسد مفعولي يعلم والفاعل لفظ الجلالة، والتقدير لا يعلم إلا الله قدر عظمها، وهذه الجملة استدراك على تشبيه الكلاليب بشوك السعدان، للإشارة إلى أن التشبيه لم يقع في مقدارهما. (تخطف الناس بأعمالهم) تخطف بكسر الطاء وفتحها، وفي الفصيح قال ثعلب: خطف بالكسر في الماضي وبالفتح في المضارع، وحكى القزاز عكسه، والمعنى: تخطفهم بأعمالهم، فالباء للسببية، أو تخطفهم على قدر أعمالهم فالباء للمقابلة. (فمنهم المؤمن بقي بعمله) روي على أوجه: أحدها: المؤمن من الإيمان وبقي بالباء المفتوحة والقاف المكسورة، أي بقي لم يخطف بسبب عمله. ثانيها: المؤمن يقي بعمله يقي بالياء المفتوحة والقاف المكسورة من الوقاية، أي يقي نفسه بعمله، أي يقيه عمله ويستره من النار. ثالثا: الموثق بعمله بالثاء، من الوثاق، وهو القيد. رابعها: الموبق بعمله بالباء الموحدة، أي الهالك بعمله. خامسها: الموبق يعني بعمله يعني بفتح الياء، بعدها عين ساكنة بعدها نون مكسورة، قال القاضي: هذا أصحها. وقال الحافظ ابن حجر: هو تصحيف. وعلى أنه صحيح يكون لفظ يعني للتفسير والتوضيح. والله أعلم. (ومنهم المجازى حتى ينجي) قال النووي: ضبطناه بالجيم والزاي من المجازاة. اهـ. ورواه بعضهم المخردل بالميم المضمومة، والخاء والراء، والدال المفتوحة، بعدها لام، وفي رواية ومنهم من يخردل بالبناء للمجهول، أي إن كلاليب النار تقطعه فيهوى في النار، وقيل معناه، تقطع أعضاؤه كالخردل، وقيل معناه: تقطعهم عن لحوقهم بمن نجا، وقيل: المخردل المصروع، ورجحه ابن التين. ورواه بعضهم المجردل بالجيم بدل الخاء، والجردلة الإشراف على الهلاك. (حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد) قال الزين بن المنير: الفراغ إذا أضيف إلى الله معناه القضاء وحلوله بالمقضى عليه، وقال ابن أبي جمرة: معناه وصل الوقت الذي سبق في علمه أن يرحمهم. (فيخرجون من النار وقد امتحشوا) يخرجون بالبناء للمجهول ، امتحشوا بفتح التاء والحاء، أي احترقوا، وزنا ومعنى، والمحش احتراق الجلد وظهور العظم، وقال القاضي عياض: ضبطناه عن بعض شيوخنا بضم التاء وكسر الحاء، بالبناء للمجهول، ويبعده أنه لم يعرف في اللغة امتحشه متعديا. (فيصب عليهم ماء الحياة) في الرواية الثالثة فيلقيهم في نهر، في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة وفي تسمية الماء والنهر بالحياة إشارة إلى أنهم لا يحصل لهم الفناء بعد ذلك. (فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل) الحبة بكسر الحاء وتشديد الباء، بذر البقول والعشب تنبت في البراري وجوانب السيول وجمعها حبب، بكسر الحاء وفتح الباء، وأما الحبة بفتح الحاء فهي ما يزرعه الناس، وجمعها حبوب وحميل السيل بفتح الحاء وكسر الميم، هو ما جاء به السيل من طين أو غثاء، وفي الرواية الخامسة كما تنبت الحبة إلى جانب السيل وفي رواية كما تنبت الغثاءة بضم الغين بعدها ثاء وهي في الأصل كل ما حمله السيل، من عيدان وورق وغيرها، والمراد به هنا ما حمله من البذور خاصة. وفي رواية إلى جانب السيل والمراد أن الغثاء الذي يجيء به السيل يكون فيه الحبة، فيقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة، وفي رواية في حمئة السيل بعد الميم همزة وقد تشبع كسرة الميم، فيصير بوزن عظيمة، وهو ما تغير لونه من الطين، وخص بالذكر لأنه يقع فيه النبت غالبا. قال ابن أبي جمرة: في هذا التشبيه إشارة إلى سرعة نباتهم لأن الحبة أسرع في النبات من غيرها، وفي السيل أسرع، لما يجتمع فيه من الطين الرخو الحادث مع الماء، مع ما خالطه من حرارة الزبل المجذوب معه. اهـ. وقال النووي: المراد التشبيه في سرعة النبات وحسنه وطراوته. اهـ. (فإنه قد قشبني ريحها) بفتح القاف والشين المخففة، وحكي تشديدها، ومعناه: سمني وآذاني وأهلكني، يقال: قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ بكظمه، وأصل القشب خلط السم بالطعام، يقال: قشبه إذا سمه، ثم استعمل فيما إذا بلغ الدخان والرائحة منه غايته. (وأحرقني ذكاؤها) بفتح الذال، وبالمد، ومعناه لهيبها واشتعالها وشدة وهجها، وفي رواية ذكاها بالقصر، وهو الأشهر في اللغة حتى قال بعضهم: إن الذكاء بالمد لم يأت في النار، وإنما جاء في الفهم والفطنة. (هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره) عسيت بفتح السين وكسرها لغتان، والتاء للخطاب، وأن تسأل خبر عسى وجواب الشرط محذوف دلت عليه الجملة، أي إن أعطيتك يتوقع منك السؤال، والمعنى: هل يتوقع منك سؤال شيء غير ذلك، والاستفهام تقريري، لأن ذلك عادة بني آدم، والترجي راجع للمخاطب، لا إلى الرب، وهو من باب إرخاء العنان إلى الخصم ليبعثه ذلك على التفكر في أمره والإنصاف من نفسه. (حتى إذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة) بفتح الفاء والهاء والقاف معناه انفتحت. (فرأى ما فيها من الخير) رواه بعض الرواة من الحبر بالحاء المفتوحة والباء الساكنة بدل الخاء والياء، ومعناه السرور، وفي رواية فإذا بلغ بابها ورأى زهرتها وما فيها من النضرة. (ويلك يا ابن آدم) وفي رواية ويحك عبارة للزجر والتأنيب. (أي رب، لا أكون أشقى خلقك) المراد من الخلق هنا من دخل الجنة فهو لفظ عام، وأريد به خاص، ومراده: أنه يصير إذا استمر خارجا عن الجنة [وهم من داخلها] أشقاهم، وقيل: الخلق على عمومه، لأن الذي يشاهد ما يشاهده، ولا يصل إليه يصير أشد حسرة ممن لا يشاهد، وهو قول بعيد، وفي رواية لأكونن ومعناه: لئن أبقيتني على هذه الحالة ولم تدخلني الجنة لأكونن أشقى خلقك، الذين هم ليسوا من أهل النار. (فلا يزال يدعو حتى يضحك الله تعالى منه) نسبة الضحك إلى الله مجاز بمعنى رضاه بفعل عبده، ومحبته إياه، وإظهار نعمته عليه. ذكره النووي. (تمنه) تمن فعل أمر، أي سل ما تتمناه، والهاء للسكت، وقد جاء في الرواية الثانية بدون هاء السكت. (ويتمنى حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا) أي فيسأل ويتمنى حتى إن الله يلقنه ما لا علم له به. فيقول: تمن من كذا، فيتمنى. الرواية الثالثة (ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما) معناه لا تضارون أصلا، كما لا تضارون في رؤيتهما أصلا. (وغبر أهل الكتاب) بضم الغين وفتح الباء المشددة، معناه بقاياهم، جمع غابر، وفي رواية وغبرات أهل الكتاب بضم الغين وتشديد الباء المفتوحة، جمع غبر، وغبر جمع غابر، فهي جمع الجمع. (فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا) السراب هو الذي يتراءى للناس في الأرض القفر والقاع المستوي وسط النهار في الحر الشديد لامعا، مثل الماء، يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، فالكفار يأتون جهنم- وهم عطاش- فيحسبونها ماء، فيتساقطون فيها، فإذا هي يحطم بعضها بعضا لشدة اتقادها، وتلاطم الأمواج فيها، والحطم الكسر والإهلاك، والحطمة اسم من أسماء النار، لكونها تحطم ما يلقى فيها. (أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها) معنى رأوه فيها علموها له وهي صفته المعلومة للمؤمنين، وهي أنه لا يشبهه شيء. ونسبة الإتيان إلى الله عبارة عن رؤيتهم إياه، لأن العادة أن كل من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالمجيء إليه، فعبر عن الرؤية بالإتيان مجازا. وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى، يجب الإيمان به، مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن صفات الحوادث، وقيل: فيه حذف، تقديره: يأتيهم بعض ملائكة الله، ورجحه القاضي عياض. (قال: فما تنتظرون؟) وفي رواية: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ (فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم) مقصودهم التضرع إلى الله في كشف هذه الشدة عنهم، وأنهم لزموا طاعته تعالى، وفارقوا في الدنيا أقاربهم الضالين، ممن كانوا يحتاجون في معايشهم إلى معاشرتهم كما جرى للصحابة المهاجرين الذين آثروا رضا الله تعالى. (حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب) عن الصواب، ويرجع عنه للامتحان الشديد الذي جرى، وهو في الأصول بإثبات أن وإثباتها مع كاد لغة، كما أن حذفها مع عسى لغة. (فيكشف عن ساق) قال النووي: ضبط يكشف بفتح الياء وضمها وهما صحيحان، وفسر ابن عباس وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث الساق هنا بالشدة أي يكشف عن شدة وأمر مهول، وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر، فيقولون: قامت الحرب على ساق، وأصله أن الإنسان إذا وقع في أمر شديد شمر ساعده، وكشف عن ساقه للاهتمام به، وقيل: المراد بالساق هنا نور عظيم، وقيل: قد يكون الساق مخلوقا جعله الله علامة للمؤمنين، خارجة عن السوق المعتادة، وقيل: معناه كشف الخوف وإزالة الرعب عنهم، فتطمئن حينئذ نفوسهم، ويتجلى سبحانه وتعالى لهم، فيخرون سجدا. (ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في صورته) قال النووي: هكذا ضبطناه صورته بالهاء في آخرها، ووقع في كثير من الأصول في صورة بغير هاء، ومعناه: وقد أزال المانع لهم من رؤيته، وتجلى لهم. (ثم يضرب الجسر على جهنم) الجسر بفتح الجيم وكسرها، لغتان مشهورتان، وهو الصراط. (وتحل الشفاعة) بكسر الحاء، وقيل: بضمها، أي تقع ويؤذن فيها. (وما الجسر؟ قال: دحض مزلة) دحض بدال مفتوحة وحاء ساكنة، ومزلة بفتح الميم، وفي الزاي الفتح والكسر، والدحض والمزلة بمعنى واحد، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر، ومنه {حجتهم داحضة عند ربهم} [الشورى: 16] أي مائلة، لا ثبات لها. (فيه خطاطيف وكلاليب وحسك) الخطاطيف جمع خطاف بضم الخاء في المفرد والحسك بفتح الحاء والسين نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم ويتخذ مثله من الحديد آلة حرب. (وكأجاويد الخيل والركاب) من إضافة الصفة للموصوف، والأصل وكالخيل الأجاويد. يقال: فرس جواد، أي بين الجودة رائع، والركاب معطوف على الخيل، أي وأجاويد الركاب، والركاب ككتاب الإبل، واحدتها راحلة. (فناج مسلم) مبتدأ محذوف الخبر، أي فمنهم ناج سالم، أو خبر مبتدأ محذوف أي فهم ناج مسلم، ومسلم بفتح السين وتشديد اللام المفتوحة. (ومخدوش مرسل) أصابه خدش وإصابات ثم أرسل وخلص، وفي البخاري وناج مخدوش . (ومكدوس في نار جهنم) بالسين. يقال: تكدست الدواب في سيرها إذا ركب بعضها بعضا، ورواه بعضهم بالشين مكدوش وهو أنسب. يقال: كدشه يكدشه إذا ساقه ودفعه دفعا عنيفا. فهو كقوله: {يوم يدعون إلى نار جهنم دعا} [الطور: 13]. (حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي بيده نفسي ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار) لفظة في استقصاء الحق ضبطت على: أربعة أوجه. 1 - استيضاء. 2 - استضاء بحذف الياء، يقال: استضاء الأمر إذا طلب وضوحه وبيانه، والمعنى على الوجهين: إنكم إذا عرض لكم في الدنيا أمر مهم والتبس الحال فيه، وسألتم الله تعالى بيانه، وناشدتموه نحوه في استيضائه وبالغتم في هذه المناشدة، لا تكون مناشدة أحدكم أشد من مناشدة المؤمنين لله تعالى، يشفعون لإخوانهم. 3 - استيفاء بالفاء بدل الضاد. 4 - استقصاء. والمعنى على هذين الوجهين: ما منكم من أحد يناشد الله تعالى في الدنيا في استيفاء حقه أو استقصائه من خصمه المعتدى عليه، بأشد من مناشدة المؤمنين لله تعالى، يشفعون لإخوانهم. والقسم وجوابه جواب إذا والتقدير: إذا خلص المؤمنون كانوا في مناشدتهم الله لإخوانهم أشد منكم في مناشدتكم حقوقكم. (ربنا لم نذر فيها خيرا) أي صاحب خير. (فيخرج قوما، قد عادوا حمما) معنى عادوا صاروا، وليس بلازم في عاد أن يصير إلى حالة كان عليها قبل ذلك، بل معناه هنا صاروا، والحمم بضم الحاء وفتح الميم الأولى المخففة: الفحم، والواحدة حممة. (فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة) في النهر فتح الهاء وسكونها، لغتان، والفتح أجود، وبه جاء القرآن، قال تعالى: {فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر} [البقرة: 249] والأفواه هنا جمع فوهة بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة، وهو جمع سمع من العرب على غير قياس، ففي القاموس: والفوهة كقبرة من السكة والطريق فمه، وأول الشيء، والجمع فوهات بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة، كأن المراد من الحديث مفتتح من مسالك قصور الجنة ومنازلها. (ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر؟) أي ألا ترونها تكون بيضاء مائلة إلى لون الحجر، أو صفراء وخضراء مائلة إلى لون الشجر؟ (ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض) يكون الأولى والثانية تامة، ليس لها خبر، وأصيفر وأخيضر مرفوعان خبر ما وأما يكون الثالثة فناقصة، وأبيض خبرها، أي ما يوجد ويقع جهة الشمس أصيفر وأخيضر، وما يوجد ويقع جهة الظل يكون أبيض، هذا في حبة السيل، أما ما يخص أهل الآخرة ففيه إشارة إلى أن من يكون منهم إلى الجهة التي تلي الجنة يسبق إليه البياض المستحسن، وما يكون منهم إلى جهة النار يتأخر النصوع عنه، فيبقى أصيفر وأخيضر إلى أن يتلاحق البياض، ويستوي الحسن والنور، ونضارة النعمة عليهم، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن الذين يرش عليهم الماء أولا يسرع إليهم النصوع، وأن الذين يتأخر عنهم الرش يتأخر نصوعهم، لكنهم يلحقون. والله أعلم. (فيخرجون كاللؤلؤ) في التلألؤ والصفاء، وفي اللؤلؤ أربع قراءات في السبع، بهمزتين وبحذفهما وبإثباتها في الأول وبإثباتها في الآخر. (في رقابهم الخواتم) جمع خاتم، بفتح التاء وكسرها، والمراد بها هنا أشياء من ذهب أو غير ذلك. (يعرفهم أهل الجنة. هؤلاء عتقاء الله) أي يقولون: هؤلاء عتقاء الله، وفي رواية يقول لهم أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون، فيقول الله: هؤلاء عتقاء الله. وليست هذه التسمية تنقيصا لهم، بل للاستذكار لنعمة الله ليزدادوا بذلك شكرا. الرواية السادسة (أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون) أي أهل النار المستحقون للخلود لا يموتون فيها، ولا يحيون حياة ينتفعون بها، ويستريحون معها، كما قال تعالى: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها} [فاطر: 36] وكما قال: {ثم لا يموت فيها ولا يحيا} [الأعلى: 13]. (ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم، فأماتهم إماتة) حقيقية يذهب معها الإحساس، ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم، ثم يميتهم، ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس المدة التي قدرها الله، ثم يخرجون من النار موتى، قد صاروا فحما. (فجيء بهم ضبائر ضبائر) كذا هو في الروايات مكرر مرتين، وهو منصوب على الحال. والضبائر: الجماعات في تفرقة، جمع ضبارة بفتح الضاد وكسرها، والكسر أشهر، وروي ضبارات، ضبارات. الرواية الثامنة (رجل يخرج من النار حبوا) وفي الرواية الثامنة يخرج منها زحفا قال أهل اللغة: الحبو المشي على اليدين والرجلين، وربما قالوا: على اليدين والركبتين، وربما قالوا: على يديه ومقعدته، وأما الزحف فقال بعضهم: هو المشي على الإست مع إفراشه بصدره، فالحبو والزحف متماثلان أو متقاربان ولو ثبت اختلافهما حمل على أنه في حال يحبو، وفي حال يزحف. (أتسخر بي -أو أتضحك بي- وأنت الملك) هذا شك من الراوي، فإن كان اللفظ الواقع في نفس الأمر أتضحك بي فمعناه: أتسخر بي، لأن الساخر في العادة يضحك ممن يسخر به، فوضع الضحك موضع السخرية مجازا، وأما معنى أتسخر بي هنا وفيما جاء في الرواية الأخرى أتسخر مني ففيه أقوال: أحدها: أنه خرج على المقابلة الموجودة في معنى الحديث دون لفظه، لأنه عاهد الله مرارا ثم غدر، فحل غدره محل الاستهزاء والسخرية، فقدر الرجل أن قول الله تعالى له: ادخل الجنة، وتردده إليها، وتخييل كونها مملوءة ضرب من الإطماع له، والسخرية به، جزاء لما تقدم من غدره، وعقوبة له فسمي الجزاء على السخرية سخرية. فقال: أتسخر بي؟ أي أتعاقبني بالإطماع؟ الثاني: أن معناه نفي السخرية التي لا تجوز على الله تعالى، كأنه قال: أعلم أنك لا تهزأ بي لأنك رب العالمين، والهمزة في أتسخر بي همزة نفي. وهذا كلام منبسط متدلل. الثالث: أن يكون هذا الكلام صدر من هذا الرجل وهو غير ضابط لما قاله، لما ناله من السرور ببلوغ ما لم يخطر بباله، فلم يضبط لسانه دهشا وفرحا، فقاله وهو لا يعتقد حقيقة معناه، وجرى على عادته في الدنيا في مخاطبة المخلوق. (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه) بالجيم والذال، والمراد بالنواجذ هنا الأنياب، وقيل: المراد هنا الضواحك، وقيل: المراد بها الأضراس، وهذا هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة. (فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة) قال الكرماني: ليس هذا من تتمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو من كلام الراوي، نقلا عن الصحابة، أو عن غيرهم من أهل العلم وحققه الحافظ ابن حجر، فقال: قائل فكان يقال هو الراوي وأما قائل ذلك أدنى أهل الجنة منزلة فهو النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. وروايتنا العاشرة صريحة في ذلك، ففيها إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل... الحديث . الرواية التاسعة (فهو يمشي مرة ويكبو أخرى، وتسفعه النار مرة) يكبو أي يسقط على وجهه، وتسفعه النار بفتح التاء وسكون السين وفتح الفاء، معناه: تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرا. (وربه يعذره) بفتح الياء وسكون العين وكسر الذال، يقال: عذره يعذره، أي يقبل عذره. (لأنه يرى ما لا صبر له عليه) كذا هو في الأصول، في المرتين الأوليين، وأما الثالثة فوقع في أكثر الأصول ما لا صبر له عليها أي نعمة لا صبر له عليها، أي عنها. (فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة) التقدير: فإذا أدناه منها بلغ به الرضا والسرور مبلغا كبيرا، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول... إلخ. (يا ابن آدم. ما يصريني منك؟) بفتح الياء وإسكان الصاد، أي ما يقطع مسألتك مني؟ والصري القطع، وفي غير مسلم ما يصريك مني وكلاهما صحيح، فإن السائل متى انقطع من المسئول انقطع المسئول منه، والمعنى: أي شيء يرضيك؟ ويقطع السؤال بيني وبينك؟. الرواية العاشرة (فتدخل عليه زوجتاه) قال النووي: هكذا ثبت في الروايات والأصول زوجتاه بالتاء، تثنية زوجة، بالهاء، وهي لغة صحيحة معروفة، وفيها أبيات كثيرة من شعر العرب. اهـ. (فتقولان) هو بالتاء المثناة من فوق، ويخطئ فيه البعض، فيقوله بالياء، وذلك لحن لا شك فيه، قال الله تعالى: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا} [آل عمران: 122] وقال: {ووجد من دونهم امرأتين تذودان} [القصص: 23] وقال: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41] وقال: {فيهما عينان تجريان} [الرحمن: 50] ذكره النووي. (الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك) معناه: الذي خلقك لنا، وخلقنا لك، وجمع بيننا في هذه الدار الدائمة السرور. الرواية الحادية عشرة (ما أدنى أهل الجنة منزلة؟) كذا هو في الأصول ما أدنى وكان الظاهر أن يقول: من أدنى، ولكن لما كان السؤال عن الصفة عبر بـ ما والمعنى: ما صفته، أو ما علامة أدنى أهل الجنة؟. (كيف وقد نزل الناس منازلهم؟ وأخذوا أخذاتهم) بفتح الهمزة والخاء، وهو ما أخذوه من كرامة مولاهم، وحصلوه، أو يكون معناه: قصدوا منازلهم. ذكره القاضي عياض. (أولئك الذين أردت) بتاء المتكلم، ومعناه: اخترت واصطفيت. (غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها) أي اصطفيتهم وتوليتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير. (ومصداقه) بكسر الميم، معناه: دليله وما يصدقه. الرواية الرابعة عشرة (سئل عن الورود) أي عن ورود الأمم النار، وفيه يقول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] باعتبار أن الكل سيمر بالصراط المضروب عليها، وإن لم يدخلها. (نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا. انظر. أي ذلك فوق الناس) هكذا وقع اللفظ في جميع الأصول من صحيح مسلم، واتفق المتقدمون والمتأخرون على أنه تصحيف وخطأ. ولعل أصلها نجيء نحن يوم القيامة على تل أو كوم فوق الناس، فلما خفي الحرف على الناسخ أو أمحى، عبر عنه هكذا وكذا، ثم فسره بقوله: أي فوق الناس، وكتب عليه انظر تنبيها على أن الكلام في حاجة إلى المراجعة، فجمع الناقلون الكل، ونسقوه على أنه من متن الحديث، كذا قال القاضي عياض: وتابعه عليه جماعة من المتأخرين. والله أعلم. (فيتجلى لهم يضحك) التجلي الظهور وإزالة المانع من الرؤية، ومعنى يتجلى لهم يضحك أي يظهر وهو راض عنهم. (ثم يطفأ نور المنافقين) روي بفتح الياء، وضمها، وهما صحيحان، يقال: طفئ النور يطفأ، من باب سمع، فنور المنافقين فاعل على رواية فتح الياء، ويقال: أطفأ النور يطفئ، ويبنى للمجهول يطفأ فنور المنافقين نائب فاعل. (فتنجو أول زمرة) الزمرة الجماعة. (حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل) في كثير من الأصول نبات الشيء وهو بمعنى الروايات السابقة، وعن بعض رواة مسلم نبات الدمن بكسر الدال وإسكان الميم، وهو البعر، والتقدير: نبات ذي الدمن في السيل، أي كما ينبت الشيء الحاصل في البعر والغثاء الموجود في أطراف النهر، والمراد التشبيه به في السرعة والنضارة. قاله النووي. (ويذهب حراقه) بضم الحاء وتخفيف الراء، والضمير يعود على المخرج من النار، ومعنى حراقه أثر النار. الرواية الخامسة عشرة (إن قوما يخرجون من النار، يحترقون فيها، إلا دارات وجوههم) جمع دارة وهي ما يحيط بالوجه من جوانبه، ومعناه: أن النار لا تأكل دارة الوجه، لكونها محل السجود. (حتى يدخلون الجنة) هكذا هو في الأصول (حتى يدخلون) بالنون، وهو صحيح على اعتبار استحضار الصورة المستقبلة، لأن شرط رفع الفعل بعد حتى أن يكون حالا حقيقة أو تقديرا. الرواية السادسة عشرة (كنت قد شغفني) بالغين، أي لصق بشغاف قلبي، وهو غلافه، أو حجابه، أو سويداؤه، وروي (شعفني) بالعين، وفي القاموس: الشعفة من القلب رأسه عند معلق النياط، ومنه شعفني حبه، أي غشى الحب القلب من فوق، وقرئ بهما {قد شغفها حبا} [يوسف: 30]. (رأى من رأى الخوارج) وهو أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار ولا يخرج منها من دخلها. (فخرجنا في عصابة) هي من الرجال ما بين العشرة إلى الأربعين، فالمراد في جماعة كبيرة. (ثم نخرج على الناس) نظهر مذهب الخوارج، وندعو إليه ونحث عليه. (يحدث القوم - جالسا إلى سارية - عن رسول الله) أي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه جالسا مسندا ظهره إلى سارية وعمود من سواري المسجد. (قد ذكر الجهنميين) أي أهل جهنم. (ثم نعت وضع الصراط) ثم وصف جابر في حديثه الصراط ووضعه وكلاليبه. (ومر الناس عليه) أي وأحوال مرور الناس على الصراط. (وأخاف ألا أكون أحفظ ذلك) أي ما قاله جابر، فرويته بالمضمون ولم أحاول رواية الحديث نفسه مخافة الخطأ وعدم الحفظ. (فيخرجون كأنهم عيدان السماسم) هو بالسينين: الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وهو السمسم المعروف، وعيدانه- إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها - تراها دقاقا سوداء، كأنها محترقة، فشبه بها هؤلاء. وقيل: لعل اللفظة محرفة، وأصلها عيدان الساسم، بحذف الميم الأولى وفتح السين الثانية وهو خشب أسود كالأبنوس، وقال بعضهم: السماسم نبت ضعيف كالسمسم والكزبرة، قال النووي: والمختار أنه السمسم المعروف. والله أعلم. (يخرجون كأنهم القراطيس) جمع قرطاس بكسر القاف وضمها لغتان، وهو الصحيفة التي يكتب فيها، ووجه الشبه البياض بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليه من السواد. (قلنا: ويحكم، أترون الشيخ يكذب على رسول الله؟) أي قال: يزيد الفقير لزملائه من الخوارج: أتظنون أن الشيخ جابر بن عبد الله يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ . (فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد) معناه: رجعنا من حجنا، وقد كففنا عن رأي الخوارج وتبنا منه، ولم يخرج منا [أي لم يبق من الخوارج منا] إلا رجل واحد. ؟ فقه الحديث ساق الإمام مسلم هذا الحديث هنا للاستشهاد به على رؤية الله تعالى في الآخرة، لكنه في مجموع رواياته يتناول مع ذلك أمورا مهمة هي: ما قبل الصراط من أمور الآخرة - الصراط وأحوال الناس عليه- دخول عصاة المؤمنين النار وخروجهم منها - آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا لها - الشفاعة - ما يؤخذ من الحديث. 1 - أما رؤية الله تعالى في الآخرة فقد تعرض الحديثان السابقان لرؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى في الجنة، وقد ذكرنا في شرحهما آراء العلماء في الرؤية، وأدلة كل فريق. أما الرؤية الواردة في هذا الحديث فقد قال الخطابي: هذه الرؤية غير التي تقع في الجنة، إكراما للمؤمنين، فإن هذه للامتحان، وتلك لزيادة الإكرام. قال: ولا إشكال في حصول الامتحان في الموقف، لأن آثار التكاليف لا تنقطع إلا بعد الاستقرار في الجنة أو النار. والألفاظ الواردة هنا في الرؤية هي: أن ناسا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فإنكم ترونه كذلك ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله - تبارك وتعالى- في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا، حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ثم يضرب الصراط. وفي الرواية الثالثة: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى، من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين -سبحانه وتعالى- في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. لا نشرك بالله شيئا- مرتين أو ثلاثا- حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم. ومن هذه الألفاظ يتضح أن هذه الرؤية في نهاية موقف الحشر، وقبل ضرب الصراط. وفي شرحها يقول الإمام النووي: اعلم أن لأهل العلم في أحاديث الصفات وآيات الصفات قولين: أحدهما: وهو مذهب معظم السلف أو كلهم - أنه لا يتكلم في معناها، بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله تعالى وعظمته، مع اعتقادنا الجازم أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه منزه عن التجسم والانتقال والتحيز في جهة، وعن سائر صفات المخلوق. والقول الثاني: -وهو مذهب معظم المتكلمين- أنها تتأول على ما يليق بها على حسب مواقعها، وإنما يسوغ تأويلها لمن كان من أهله، بأن يكون عارفا بلسان العرب وقواعد الأصول والفروع، ذا رياضة في العلم، فعلى هذا المذهب يقال هنا: إن إتيان الله تعالى عبارة عن رؤيتهم إياه، لأن العادة أن من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالإتيان، فعبر بالإتيان هنا عن الرؤية مجازا. وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى، سماه إتيانا. وقيل: المراد بيأتيهم الله، يأتيهم بعض ملائكة الله. قال القاضي عياض: هذا الوجه أشبه عندي بالحديث، ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرة على الملك والمخلوق، قال: أو يكون معناه: يأتيهم الله في صورة، أي يأتيهم بصورة، ويظهر لهم من صور ملائكته ومخلوقاته التي لا تشبه صفات الإله لتختبرهم، فإذا قال لهم هذا الملك، أو هذه الصورة: أنا ربكم، رأوا عليه من علامات المخلوق ما ينكرونه ويعلمون أنه ليس ربهم، ويستعيذون بالله منه. أما الصورة التي يعرفون فالمراد بها هنا الصفة، ومعناه: فيتجلى الله - سبحانه وتعالى- لهم على الصفة التي يعلمونها ويعرفونه بها، وإنما عرفوه بصفته وإن لم تكن تقدمت لهم رؤية له سبحانه وتعالى لأنهم يرونه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، وقد علموا أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته، فيعلمون أنه ربهم، فيقولون: أنت ربنا. ومعنى فيتبعونه فيتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة، أو يتبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنة. اهـ. وقال ابن بطال: تمسك المجسمة بهذا الحديث، فأثبتوا لله صورة، ولا حجة لهم فيه، لاحتمال أن يكون بمعنى العلامة، وضعها الله لهم دليلا على معرفته، كما يسمى الدليل والعلامة صورة، وكما تقول: صورة حديثك كذا، وصورة الأمر كذا، والحديث والأمر لا صورة لهما حقيقة. اهـ. وقال ابن الجوزي: معنى الخبر: يأتيهم الله بأهوال يوم القيامة ومن صور الملائكة بما لم يعهدوا مثله في الدنيا، فيستعيذون من تلك الحال، ويقولون: إذا جاء ربنا عرفناه، أي إذا أتانا بما نعرفه من لطفه، وهي الصورة التي عبر عنها بقوله: يكشف عن ساق أي عن شدة. اهـ. وقال القرطبي: هو مقام هائل، يمتحن الله به عباده يميز الخبيث من الطيب، وذلك أنه لما بقي المنافقون مختلطين بالمؤمنين زاعمين أنهم منهم، ظانين أن ذلك يجوز في ذلك الوقت، كما جاز في الدنيا، امتحنهم الله بأن أتاهم بصورة هائلة، قالت للجميع: أنا ربكم. فأجابه المؤمنون بإنكار ذلك، لما سبق لهم معرفته سبحانه وأنه منزه عن صفات هذه الصورة، فلهذا قالوا: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا، حتى إن بعضهم ليكاد ينقلب أي يزل، فيوافق المنافقين. اهـ. وقد فهم بعضهم من قوله: وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة أنهم رأوه أول ما حشروا. وقال آخرون: إنهم عرفوا صورته بناء على ما عرفوه به حين أخرج ذرية آدم من صلبه، ثم أنساهم ذلك في الدنيا، ثم يذكرهم بها في الآخرة. وقال آخرون: إن العلامة التي عرفوه بها، وهي الساق، يحتمل أن الله عرفهم على ألسنة الرسل من الملائكة أن الله جعل لهم علامة تجليه سبحانه كشف الساق. وقال الكلاباذي: عرفوه بأن أحدث فيهم لطائف عرفهم بها نفسه، ومعنى كشف الساق: زوال الخوف والهول. والله أعلم. وفي تشبيه رؤيته - سبحانه وتعالى- برؤية الشمس والقمر قال الزين بن المنير: إنما خص الشمس والقمر بالذكر مع أن رؤية السماء بغير سحاب أكبر آية، وأعظم خلقا من مجرد الشمس والقمر، لما خص به من عظيم النور والضياء بحيث صار التشبيه بهما فيمن يوصف بالجمال والكمال سائغا شائعا في الاستعمال. اهـ. وقال ابن أبي جمرة: في عطف الشمس على القمر مع أن تحصيل الرؤية بذكره كاف، لأن القمر لا يدرك وصفه الأعمى حسا بل تقليدا، والشمس يدركها الأعمى حسا بوجود حرها، إذا قابلها وقت الظهيرة مثلا فحسن التأكيد بها. اهـ. والله أعلم. 2 - وأما ما قبل الصراط من أمور الآخرة فقد تعرض الحديث لنهاية الحشر والموقف العظيم، حين يؤذن المؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتمثل لهم ما كانوا يعبدون، فيتمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، فيقذف بهم وبمعبوداتهم في النار. فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله -سبحانه - من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، ومصداقه من القرآن قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} [الأنبياء: 98] حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب، فيدعى اليهود [الذين حرفوا وبدلوا] فيقول لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا عطشنا يا ربنا، فاسقنا، فيشار إليهم [نحو النار وهى كالسراب، فيخيل إليهم أنها ماء، ويقال لهم]. ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار، كأنها سراب، يحطم بعضها بعضا. فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى [الذين انحرفوا وبدلوا] فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم. ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا. فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم، كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار. قال بعض الأفاضل: إن كل ما كان يعبد من دون الله، من الجماد أو الحيوان يحضر بذاته فيتبعه أتباعه إلى النار، وكذا كل من عبد من دون الله ممن يرضى بذلك كفرعون، أما من عبد من دون الله ممن لا يرضى بهذه العبادة كعزير والمسيح فقد قال بعضهم: يمثل لهم المعبود تلبيسا عليهم فيتبعونه إلى النار، وهذا بعيد فإن الروايات صريحة في أنهم يساقون إلى النار بدافع أنها ماء، فهم متبعون للسراب، وليس لمعبودهم، كما أن بقاء هذين الفريقين، بعد اتباع كل أمة معبودها دليل على أنهم لا يمثل لهم معبود يتبعونه، ولعل تأخرهم عن عبدة الأوثان باعتبار أنهم عبدوا الله، وإن كانت عبادة خاطئة، فلم تغن عنهم شيئا، وألحقوا بأصحاب الأوثان، ومصداقه قوله تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها} [البينة: 6]. والتكذيب الوارد في الحديث -كما قال الكرماني- لم يكذب أنهم عبدوا، وإنما كذبهم في أن عزيرا ابن الله، وأن المسيح ابن الله، ويلزم منه إنكار عبادتهم ما ليس ابن الله. نعم لم يتعرض الحديث لمصير اليهود والنصارى الذين لم يعبدوا عزيرا أو المسيح ممن لم يدركوا مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم تبلغهم دعوته والظاهر: أنهم يبقون من المسلمين، يدل على هذا باقي الحديث، وفيه في الرواية الثالثة حتى إذ لم يبق إلا من كان يعبد الله (وحده) من بر وفاجر أتاهم رب العالمين. وفي الرواية الأولى وتبقى هذه الأمة، فيها منافقوها، فيأتيها الله تبارك وتعالى. قال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون المراد بالأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يحمل على أعم من ذلك، فيدخل فيه جميع أهل التوحيد، حتى من الجن، ويدل عليه ما في بقية الحديث أنه يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ هذا أيضا من قوله في بقية الحديث فأكون أول من يجيز فإن فيه إشارة إلى أن الأنبياء بعده يجيزون أممهم. اهـ. ومن هذا يعلم مصير الغابرين من أهل الكتاب، فالمؤمنون منهم إيمانا صحيحا قبل المبعث سيجتازون الصراط مع أنبيائهم، أما من أدرك البعثة منهم، ثم كفر بما جاءه من الحق الذي يعرفه كما يعرف أبناءه فهو مسوق إلى النار. داخل في قوله تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية} أما المنافقون فإنهم يتأخرون مع المؤمنين، ويعطى كل واحد منهم نورا مع المؤمنين لما كانوا يظهرونه من الإسلام، وهم يظنون أن تسترهم بالمؤمنين ينفعهم في الآخرة، كما كان ينفعهم في الدنيا، لكن الله يميز المؤمنين حين يتجلى لهم سبحانه فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه . ثم يطفأ نور المنافقين حين يتجهون إلى الصراط، فيقول المنافقون للذين آمنوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} [الحديد: 13] فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا، فيندفعون إلى النار. 3 - وأما عن الصراط وأحوال الناس عليه فإنه يضرب الصراط بين ظهري جهنم فيكون نبينا صلى الله عليه وسلم هو وأمته أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم. سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم فمنهم المؤمن بقي بعمله (لا يخطف) ومنهم المجازى حتى ينجى من المؤمنين من يمر (على الصراط) كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم، ومخدوش مرسل (ينجو بعد الإصابات) ومكدوس (مركوم) في نار جهنم . هذا ما ورد عن الصراط في رواياتنا، وقد جاءت بعض الروايات بزيادات في وصفه ووصف الكلاليب، وفي رواية لأبي هريرة وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به وفي رواية عليه كلاليب النار وفي مرسل عبيد بن عمير أن الصراط مثل السيف وبجنبتيه كلاليب وأنه يؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر وفيه والملائكة على جنبتيه يقولون: يا رب سلم. سلم وعند مسلم قال أبو سعيد: بلغني أن الصراط أحد من السيف، وأدق من الشعرة، وأخرج ابن المبارك عن سعيد بن أبي هلال قال: بلغنا أن الصراط أدق من الشعر على بعض الناس، ولبعض الناس مثل الوادي الواسع وعند الحاكم من حديث عبد الله بن سلام ثم ينادي مناد أين محمد وأمته؟ فيقوم، فتتبعه أمته، برها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون عن يمين وشمال، وينجو النبي صلى الله عليه وسلم والصالحون وفي حديث ابن عباس يرفعه فيفرج لنا الأمم عن طريقنا، فنمر غرا محجلين من آثار الطهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن يكونوا أنبياء وللترمذي من حديث المغيرة شعار المؤمن على الصراط: رب سلم. سلم وأخرج ابن عساكر عن الفضيل بن عياض قال: لا يجوز عليه إلا ضامر مهزول من خشية الله . وفي حديث ابن مسعود ثم يقال لهم: انحوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كطرف العين، ثم كالبرق، ثم كالسحاب، ثم كانقضاض الكوكب، ثم كالريح، ثم كشد الفرس، ثم كشد الرحل، حتى يمر الرجل الذي أعطي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، يجر بيد ويعلق بيد، ويجر برجل ويعلق برجل، وتضرب جوانبه النار حتى يخلص وفي أخرى عن ابن مسعود بعد الذي يمر كالريح ثم كأسرع البهائم، حتى يمر الرجل سعيا، ثم مشيا، ثم آخرهم يتلبط على بطنه، فيقول: يا رب. لم أبطأت بي؟ فيقول: أبطأ بك عملك. 4 - من هذا كله يتبين أن عصاة المؤمنين يسقطون في النار، ولا خلاف بين العلماء في سقوط من لم تشملهم رحمة الله من مرتكبي الكبائر، اللهم إلا ما قيل عن غلاة المرجئة من أنه لا يضر من الإيمان شيء، وأنه لا يدخل النار أحد من الموحدين، وهو قول واضح البطلان، ولكن الخلاف الكبير في إخراج العصاة من النار بعد أن يدخلوها، فمذهب المعتزلة أن أصحاب الكبائر مخلدون في النار، ومذهب الخوارج أن أصحاب الكبائر كفار يخلدون في النار. والرواية السادسة عشرة توضح شبهتهم وتعلقهم بقوله تعالى: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} [آل عمران: 192] وقوله: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} [السجدة: 20] والرد عليهم: أن الآيتين في الكافرين، وأن الخزي الذي يلحق مرتكب الكبيرة مؤقت بمدة عذابه، ورواياتنا المتعددة واضحة في تأييد هذا القول: ففي الرواية الأولى: حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأريد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممن يقول: لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار، يعرفونهم بأثر السجود، تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل . وفي الرواية الثالثة: يشفع المؤمنون الناجون لإخوانهم الذين في النار يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا، ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقا كثيرا، قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا. ثم يقولون: لم نذر فيها خيرا. فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط، قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الله، الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه. وفي الرواية السادسة: أما أهل النار الذين هم أهلها. فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم- فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة. ثم قيل: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل. وفي الرواية الخامسة عشرة إن قوما يخرجون من النار، يحترقون فيها إلا دارات وجوههم، حتى يدخلون الجنة. وقد تمسك بعض المبتدعة بظاهر قوله في الرواية الأولى أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ، فزعم أن من وحد الله من أهل الكتاب يخرج من النار، ولو لم يؤمن بغير من أرسل إليه. قال الحافظ ابن حجر: وهو قول باطل، فإن من جحد الرسالة كذب الله، ومن كذب الله لم يوحده. اهـ. ولما كان ظاهر الرواية الأولى أن الملائكة هي التي تخرج من النار، وظاهر الرواية الثالثة أن المؤمنين هم الذين يخرجون إخوانهم، رفع هذا التعارض بأن الملائكة يؤمرون من الأنبياء والمؤمنين، فيباشرون الإخراج، يعرفون المؤمنين بآثار السجود. قال الزين بن المنير: تعرف صفة هذا الأثر مما ورد في قوله تعالى: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} [الفتح: 29] لأن وجوههم لا تؤثر فيها النار، فتبقى صفتها باقية. وقد يبدو قوله: حرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود معارضا لقوله: حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة لأنهم إذا صاروا فحما كيف يتميز أثر السجود، وحاصل الجواب: تخصيص أعضاء السجود من عموم الأعضاء كأنه قال: حتى إذا كانوا فحما فيما عدا أعضاء السجود أذن بالشفاعة. وقد اختلف العلماء في المراد بأثر السجود، فذهب النووي إلى أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة. وهي: الجبهة واليدان والركبتان والقدمان، وبهذا جزم بعض العلماء. وذهب القاضي عياض إلى أن المراد الوجه خاصة. بدليل قوله في الرواية الخامسة عشرة يحترقون بها فيها إلا دارت وجوههم ويؤيده ما في الرواية الثالثة من أن بعض المخرجين كانت النار قد أخذت منه إلى نصف الساق وإلى ركبتيه. كما اختلفوا في عدم أكل النار لمحل السجود، هل ذلك خاص بمن صلى وسجد فعلا؟ أو هو عام فيمن سجد بالفعل أو بالقوة؟ فذهب ابن أبي جمرة إلى أن من كان مسلما، ولكنه كان لا يصلي لا يخرج، إذ لا علامة له لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله: لم يعملوا خيرا قط. وقال الحافظ ابن حجر: الأظهر العموم، ليدخل فيه من أسلم مثلا وأخلص، فبغته الموت قبل أن يسجد، والله أعلم. 5 - وقد أفاضت رواياتنا في ذكر أحوال آخر أهل النار خروجا منها، وفي آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وفي النعيم الذي يعطاه. وقد تساءل القاضي عياض فقال: إن آخر من يخرج من النار هل هو آخر من يبقى على الصراط أو هو غيره، وإن اشترك كل منهما في أنه آخر من يدخل الجنة؟ وأشار ابن أبي جمرة إلى المغايرة بين آخر من يخرج من النار، وأنه يخرج منها بعد أن يدخلها حقيقة، وبين آخر من يخرج مارا على الصراط، فإن التعبير عنه بأنه خرج من النار بطريق المجاز، لأنه أصابه من حرها وكربها ما يشارك به بعض من دخلها. هذا وقد حكت الرواية الأولى خلافا بين أبي هريرة وبين أبي سعيد في اللفظ المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تفضل به الله على آخر أهل الجنة دخولا الجنة. هل اللفظ ذلك لك ومثله معه؟ أو عشرة أمثاله معه؟ وقد جاء في بعض الروايات على أثر هذا الخلاف قال أحدهما لصاحبه: حدث بما سمعت، وأحدث بما سمعت. وجمع القاضي عياض بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أولا قوله: ومثله معه فحدث به، ثم حدث النبي صلى الله عليه وسلم بالزيادة فسمعه أبو سعيد، فحدث به، وقد وقع في رواية أبي سعيد أشياء كثيرة زائدة على حديث أبي هريرة . اهـ. كما جاء في الرواية السابعة: فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها وفي الرواية الثامنة لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا فقال النووي: هاتان الروايتان بمعنى واحد، وإحداهما تفسير للأخرى، فالمراد بالأضعاف الأمثال، فإن المختار عند أهل اللغة أن الضعف المثل. كما جمع النووي بين هاتين الروايتين، وبين قوله في الرواية الحادية عشرة: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت. رب. فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله. فقال في الخامسة: رضيت. رب. فقول: هذا لك وعشرة أمثاله قال النووي: المراد أن أحد ملوك الدنيا لا ينتهي ملكه إلى جميع الأرض بل يملك بعضا منها، ثم منهم من يكثر البعض الذي يملكه، ومنهم من يقل بعضه، فيعطي هذا الرجل مثل أحد ملوك الدنيا خمس مرات وذلك كله قدر الدنيا كلها ثم يقال له: لك عشرة أمثال هذا فيعود معنى الرواية إلى موافقة الروايات الأخرى. والله أعلم. وقد اعتذر الكلاباذي عن نقض هذا الرجل للعهد، فقال: كان إمساكه أولا عن السؤال حياء من ربه، والله يحب أن يسأل، لأنه يحب صوت عبده المؤمن، فيباسطه أولا بقوله: لعلك إن أعطيتك هذا تسأل غيره وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع؟ وليس نقض هذا العبد، وتركه ما أقسم عليه جهلا منه، ولا قلة مبالاة، بل علما منه بأن نقض هذا العهد أولى من الوفاء به، لأن سؤاله ربه أولى من ترك السؤال مراعاة للقسم، وقد قال صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين، فرأى خيرا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير فعمل هذا العبد على وفق هذا الخير، والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة. اهـ. 6 - كما تعرضت رواياتنا للشفاعة (شفاعة النبيين عليهم السلام وشفاعة، الملائكة، وشفاعة المؤمنين) كما تعرضت الرواية السادسة عشرة إلى المقام المحمود، وسنتكلم عن هاتين النقطتين عند الكلام على الشفاعة في الحديث الآتي إن شاء الله. 7 - ويؤخذ من الحديث 1 - جواز مخاطبة الشخص بما لا يدرك حقيقته. 2 - وجواز التعبير عن ذلك بما يفهمه. 3 - وأن الأمور التي في الآخرة لا تشبه ما في الدنيا إلا في الأسماء. 4 - والاستدلال على العلم الضروري بالنظري. 5 - وأن التكليف لا ينقطع إلا بالاستقرار في الجنة أو النار. 6 - وأن الصراط مع دقته وحدته يسع الكثير من الخلائق. 7 - وأن النار مع عظمها وشدتها لا تتجاوز الحد الذي أمرت بإحراقه. 8 - وفيه إشارة إلى توبيخ الطغاة والعصاة. 9 - وفيه فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة، ولو لم يكن الداعي أهلا لذلك في الظاهر. 10 - وفي قوله ما أغدرك إشارة إلى أن الشخص لا يوصف بالفعل الذميم إلا بعد أن يتكرر ذلك منه. 11 - وفيه جواز سؤال الشفاعة، خلافا لمن منع، محتجا بأنها لا تكون إلا لمذنب، قال القاضي عياض: كل عاقل معترف بالتقصير فيحتاج إلى طلب العفو عن تقصيره، وكذا كل عامل يخشى ألا يقبل عمله، فيحتاج إلى الشفاعة في قبوله قال: ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة ولا بالرحمة، وهو خلاف ما درج عليه السلف في أدعيتهم. 12 - وفيه إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة. 13 - وفيه أن جماعة من مذنبي هذه الأمة يعذبون بالنار، ثم يخرجون بالشفاعة والرحمة، خلافا لمن نفى ذلك. 14 - وأن تعذيب الموحدين بخلاف تعذيب الكفار لاختلاف مراتبهم من أخذ النار بعضهم إلى ساقه، وأنها لا تأكل أثر السجود، وأنهم يموتون، فيكون عذابهم إحراقهم وحبسهم عن دخول الجنة مع السابقين كالمسجونين، بخلاف الكفار. 15 - وفيه ما طبع عليه الآدمي من قوة الطمع وجودة الحيلة في تحصيل المطلوب. ذكر ذلك ابن أبي جمرة. 16 - وفيه أن الأنبياء يجوزون الصراط مع مؤمني أممهم. 17 - استدل به على أن الإيمان يزيد وينقص. 18 - ويستفاد منه أنه صلى الله عليه وسلم كان عارفا بأمور الدنيا بتعليم الله تعالى له، وإن لم يباشر ذلك. 19 - وتمسك به من أجاز التكليف بما يطاق من الأشاعرة، وأجاب المخالفون بأن الدعوة إلى السجود للتبكيت لا للتكليف، لأن الآخرة ليست دار تكليف ومثله من التبكيت ما قيل لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا قال الحافظ ابن حجر: وهي مسألة طويلة الذيل. 20 - وفيه إثبات الصراط، ومذهب أهل الحق إثباته، وقد أجمع السلف على إثباته. 21 - وكمال شفقة الرسل ورحمتهم، حيث تكون دعوتهم: يا رب سلم، سلم. 22 - وأن الدعوات تكون بحسب المواطن، فيدعي في كل موطن بما يليق به. 23 - وجواز الضحك، وأنه ليس بمكروه في بعض المواطن ولا بمسقط للمروءة إذا لم يجاوز به الحد المعتاد من أمثاله في مثل تلك الحال. 24 - وسعة فضل الله تعالى، ومحبته عباده، حتى يذكر الضعيف من المؤمنين بما يتمناه مما لا يخطر على قلب بشر. والله أعلم.

    حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ‏"‏ ‏.‏ قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ‏"‏ ‏.‏ قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ ‏.‏ فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ ‏.‏ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ ‏.‏ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ ‏.‏ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا ‏.‏ فَيَتَّبِعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ‏.‏ وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمُ السَّعْدَانَ ‏"‏ ‏.‏ قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ‏.‏ فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ تَأْكُلُ النَّارُ مِنِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ ‏.‏ فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَيَدْعُو اللَّهَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ‏.‏ فَيَقُولُ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ‏.‏ وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ ‏.‏ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لاَ تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ‏.‏ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ وَيَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ ‏.‏ فَيَقُولُ لاَ وَعِزَّتِكَ ‏.‏ فَيُعطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ‏.‏ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ ‏.‏ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ ‏.‏ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ‏.‏ فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ تَمَنَّهْ ‏.‏ فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا ‏.‏ حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ‏.‏ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ‏.‏ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا حَفِظْتُ إِلاَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ ‏.‏ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ ‏.‏ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ ‏.‏

    Abu Haraira reported:The people said to the Messenger of Allah (ﷺ): Messenger of Allah, shall we see our Lord on the Day of Resurrection? The Messenger of Allah (ﷺ) said: Do you feel any trouble in seeing the moon on the night when it is full? They said: Messenger of Allah, no. He (the Messenger) further said: Do you feel any trouble in seeing the sun, when there is no cloud over it? They said: Messenger of Allah. no. He (the Holy Prophet) said: Verily you would see Him like this (as you see the sun and the moon). God will gather people on the Day of Resurrection and say: Let every people follow what they worshipped. Those who worshipped the sun would follow the sun, and those who worshipped the moon would follow the moon, and those who worshipped the devils would follow the devils. This Ummah (of Islam) alone would be left behind and there would be hypocrites too amongst it. Allah would then come to them in a form other than His own Form, recognisable to them, and would say: I am your Lord. They would say: We take refuge with Allah from thee. We will stay here till our Lord comes to us. and when our Lord would come we would recognise Him. Subsequently Allah would come to them in His own Form, recognisable to them, and say: I am your Lord. They would say: Thou art our Lord. And they would follow Him, and a bridge would be set over the Hell; and I (the Holy Prophet) and my Ummah would be the first to pass over it; and none but the messengers would speak on that day, and the prayer of the messengers on that day would be: O Allah! grant safety, grant safety. In Hell, there would be long spits like the thorns of Sa'dan He (the Holy Prophet) said: Have you seen Sa'dan? They replied: Yes, Messenger of Allah. He said: Verily those (hooks) would be like the thorns of Sa'dan, but no one knows their size except Allah. These would seize people for their misdeeds. Some of them would escape for their (good) deeds, and some would be rewarded for their deeds till they get salvation. When Allah would finish judging His bondsmen and because of His mercy decide to take out of Hell such people as He pleases. He would command the angels to bring out those who had not associated anything with Allah; to whom Allah decided to show mercy. those who would say: There is no god but Allah. They (the angels) would recognise them in the Fire by the marks of prostration, for Hell-fire will devour everything (limb) of the sons of Adam except the marks of prostration. Allah has forbidden the fire to consume the marks of prostration. They will be taken out of the Fire having been burnt, and the water of life would be poured over them, and they will sprout as seed does In the silt carried by flood. Then Allah would finish judging amongst His bondsmen; but a man who will be the last to enter Paradise will remain facing Hell and will say: O my Lord I turn my face away from Hell, for its air has poisoned me ard its blaze has burnt me. He will then call to Allah as long as Allah would wish that he should call to Him. Then Allah, Blessed and Exalted, would say: If I did that, perhaps you would ask for more than that. He would say: I would not ask You more than this, and he would give his Lord covenants and agreements as Allah wished, and so He would turn his face away from the Fire When he turns towards the Paradise and sees it, he will remain silent as long as Allah wishes him to remain so. He will then say: O my Lord I bring me forward to the gate of the Paradise. Allah would say to him: Did you not give covenants and agreements that you would not ask for anything besides what I had given you. Woe to thee! O son of Adam, how treacherous you are! He would say: O my Lord! and would continue calling to Allah till He would say to him: If I grant you that, perhaps you will ask for more. He will reply: No, by Thy greatness, and he will give His Lord promises and covenants as Allah had wished. He would then bring him to the gate of the Paradise, and when he would stand at the gate of the Paradise, it would lay open before him. and he would see the bounty and the joy that there is in it. He would remain quiet as long as Allah would desire him to remain silent. He would then say: O my Lord, admit me to Paradise. Allah. Blessed and Exalted, would say: Did you not give covenants and agreements that you would not ask for anything more than what I had granted you? Woe to you! son of Adam, how treacherous you are! And he would say: O my Lord, I do not wish to be the most miserable of Thy creatures. He would continue calling upon Allah till Allah, Blessed and Exalted, would laugh. When Allah would laugh at him, He would say: Enter the Paradise. When he would enter, Allah would say: State your wish. He would express his wishes till Allah would remind him (the desire of) such and such (things). When his desires would be exhausted Allah would say: That is for thee and, besides it, the like of it also. 'Ata' b. Yazid said: Abu Sa'id al-Khudri was with Abu Huraira and be did not reject anything from the hadith narrated by him, but when Abu Huraira narrated:" Allah said to that man; ind its like along with it," Abu Sa'id said:" Ten like it along with it," O Abu Huraira. Abu Huraira said: I do not remember except the words:" That is for you and a similar one along with it." Abu Sa'id said: I bear witness to the fact that I remembered from the Messenger of Allah (ﷺ) his words:" That is for thee and ten like it." Abu Huraira said: That man was the last of those deserving of Paradise to enter Paradise

    D'après Abou Hourayra (que Dieu l'agrée), des gens interrogèrent un jour le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) s'ils verraient le Seigneur le Jour de la Résurrection. Et le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) de répondre : "Trouvez-vous de la peine à voir la lune quand elle est pleine?". - "Non, ô Envoyé de Dieu" - "Trouvez-vous de la peine à voir le soleil quand aucun nuage ne le cache?". - "Non, ô Envoyé de Dieu!". - Eh bien, reprit-il, de même vous verrez le Seigneur. Le Jour de la Résurrection, Dieu rassemblera les gens, et leur dira : "Que chacun suive ce qu'il adorait!". Ceux qui adoraient le soleil, le suivront; ceux qui adoraient la lune, la suivront; et ceux qui adoraient les taghût (toute fausse divinité), les suivront. Tout le monde s'en ira donc, sauf cette Communauté y compris ses hypocrites. Ensuite Dieu (que soient exaltées Sa toute puissance et Sa grandeur) s'incarnera à elle dans une forme qu'elle ne connaît pas et leur dira : "Je suis votre Seigneur". - "Nous nous réfugions contre toi auprès de Dieu, diront-ils, nous resterons ici jusqu'à ce que notre Seigneur vienne, et alors nous Le reconnaîtrons". Dieu (que soient exaltées Sa toute puissance et Sa grandeur) leur viendra ensuite sous la forme qu'ils connaissent et leur dira : "Je suis votre Seigneur". - "Certes, Tu es notre Seigneur", répondront-ils; et ils Le suivront. A ce moment-là, le Sirât (pont aussi fin qu'un fil) sera établi entre les deux extrémités de l'Enfer. Ma Communauté et moi serons les premiers à le traverser. Ce jour-là, personne ne parlera sauf les Prophètes qui imploreront Dieu en ces termes : "Ô Seigneur! Sauve-nous, sauve-nous!". En Enfer, il y aura des grappins pareils aux épines du Sa'dân (plante épineuse), avez-vous vu le Sa'dân? - Certes oui, ô Envoyé de Dieu. - Ces grappins ressembleront donc aux épines du Sa'dân mais personne -si ce n'est que Dieu- ne connaît leur grandeur. Ils saisiront les gens suivant leurs actions : les croyants y échapperont tandis que les coupables y demeureront jusqu'à l'expiation de leurs fautes. Puis, quand Dieu achèvera le jugement de Ses serviteurs, et qu'Il voudra faire sortir par Sa miséricorde et selon Sa volonté certains des réprouvés de l'Enfer, Il donnera l'ordre aux anges de faire sortir du Feu, quiconque ne Lui associait rien parmi ceux à qui Il voudra accorder Sa miséricorde parce qu'ils attestaient qu'il n'y avait d'autre divinité que Dieu. Les anges les reconnaîtront grâce aux traces de la prosternation (marquées sur leur front), car le Feu dévorera entièrement le corps du fils d'Adam, à l'exception de cette partie, parce que Dieu lui a interdit de le faire. Ils sortiront donc de l'Enfer consumés par le Feu; mais grâce à l'eau de la vie qu'on versera sur eux, ils renaîtront comme renaît le pourpier dans le limon de l'inondation. Quand Dieu achèvera de régler les comptes des hommes et qu'il ne restera qu'un seul homme, ayant la face tournée vers le Feu. Celui-ci entrera au Paradis le dernier. Il s'écriera : "Seigneur! Détourne mon visage de l'Enfer dont le souffle m'étouffe et les flammes me brûlent!". L'homme implorera Dieu autant qu'Il lui inspirera. - "Mais, lui dira-t-Il alors, est-ce que si J'exauce ton vœu, me demanderas-tu un autre?". - "Non, je ne Te demanderai pas autre chose", dira l'homme en faisant maintes promesses et en prenant maints engagements vis-à-vis de Dieu qui détournera alors son visage de l'Enfer. Mais quand il arrivera au seuil du Paradis et qu'il le verra, l'homme gardera le silence aussi longtemps que Dieu le voudra et finira par dire : "Seigneur! Approche-moi de la porte du Paradis". - "N'as-tu pas pris, répliquera Dieu, l'engagement formel de ne plus jamais rien Me demander après ce que Je t'ai déjà donné. Malheur à toi, ô fils d'Adam! Combien tu es perfide!". - "Si Seigneur", dira l'homme qui continuera à invoquer et à implorer Dieu jusqu'à ce qu'Il lui dise : "Me promets-tu de ne Me rien demander si J'exauce ton vœu?". L'homme Lui promettra et confirmera sa promesse par autant d'engagements formels que Dieu voudra. Puis, Dieu l'approchera de la porte du Paradis, qui s'ouvrira alors devant lui. Voyant les biens et les félicités qu'il renferme, il gardera d'abord le silence aussi longtemps que Dieu voudra, puis s'écriera : "Seigneur! Fais-moi entrer au Paradis". - "N'as-tu pas pris l'engagement formel de ne Me plus rien demander. Malheur à toi, ô fils d'Adam! Combien tu es perfide!". "Ô Seigneur! Fais que je ne sois pas le plus malheureux de Tes créatures", dira l'homme qui poursuivra ses implorations jusqu'à provoquer le rire de Dieu (que soient exaltées Sa toute puissance et Sa grandeur). Dieu le fera alors entrer au Paradis et lui dira ensuite : "Demande ce que tu désire". L'homme ne cessera de demander et de formuler ses désirs, Dieu, de même, lui rappellera des vœux oubliés, jusqu'à ce que l'homme n'ait point de souhaits à exprimer et ce sera alors que Dieu lui dira : "Tout cela est à toi et autant encore

    Telah menceritakan kepada kami [Zuhair bin Harb] telah menceritakan kepada kami [Ya'qub bin Ibrahim] telah menceritakan kepada kami [Bapakku] dari [Ibnu Syihab] dari [Atha' bin Yazid al-Laitsi] bahwa [Abu Hurairah] mengabarkan kepadanya, bahwa manusia berkata, "Wahai Rasulullah! Apakah kami (bisa) melihat Rabb kami pada Hari Kiamat?" Beliau pun balik bertanya: "Apakah kalian akan mendapatkan bahaya ketika melihat bulan di malam purnama yang tidak ada awan?" Mereka menjawab, "Tidak wahai Rasulullah." Beliau bertanya lagi: " Apakah kalian akan mendapatkan bahaya ketika melihat matahari di siang hari yang terang tanpa awan di bawahnya?" Mereka menjawab, "Tidak wahai Rasulullah." Lalu beliau bersabda: "Sesungguhnya kalian bisa melihatNya seperti itu juga. Allah akan mengumpulkan manusia pada hari kiamat seraya berkata; 'Barangsiapa yang menyembah sesuatu, hendaklah dia mengikuti sesuatu tersebut, barangsiapa menyembah matahari, maka hendaklah ia mengikuti matahari, barangsiapa menyembah bulan, maka hendaklah ia mengikuti bulan dan barangsiapa menyembah thaghut, maka hendaklah ia mengikuti thaghut, dan tersisalah ummat ini yang di dalamnya masih terdapat orang-orang munafiknya. Lantas Allah Tabaraka wa Ta'ala menemui mereka dengan bentuk yang tidak mereka kenali, kemudian Dia berfirman; "Aku adalah Rabb kalian." Namun mereka menjawab; "Aku berlindung kepada Allah darimu, ini adalah tempat kami hingga Rabb kami benar-benar menemui kami, jika Rabb kami menemui kami, maka kami akan mengenalinya." Setelah itu Alalh Ta'ala menemui mereka dengan bentuk yang mereka kenali, Allah berfirman; "Aku adalah Rabb kalian." Mereka menjawab; "Ya benar, Kamu adalah Rabb kami." Maka mereka mengikutinya. Dan shirath (jembatan) pun dibentangkan di dua sisi Jahannam, sementara aku dan ummatkulah yang pertama kali menyebranginya, tidak ada seorangpun yang angkat bicara selain para rasul, sedangkan do'a para rasul waktu itu adalah "Ya Allah, selamtakanlah, selamatkanlah." Dan di neraka jahannam terdapat besi-besi pengait seperti duri pohon Sa'dan. Tahukah kalian tahu pohon Sa'dan? Para sahabat menjawab; "Ya, wahai Rasulullah." Beliau bersabda: "Sesungguhnya pengait-pengait tersebut seperti pohon Sa'dan, hanya tidak ada yang tahu ukuran besarnya selain Allah. Ia akan menyambar siapa saja menurut amalan mereka, diantara mereka ada yang mukmin dan selamat karena amalannya, dan diantara mereka ada yang melampaui batas sampai amalannya yang akan menyelamatkan dirinya, hingga jika Allah selesai memutuskan nasib para hamba-Nya dan ingin mengeluarkan penduduk neraka dari neraka dengan rahmat-Nya, maka Dia akan memerintahkan para malaikat untuk mengeluarkan penghuni neraka siapa saja yang tidak menyekutukan Allah dengan sesuatupun, yaitu mereka yang Allah Ta'ala kehendaki untuk merahmati-Nya, dari orang-orang yang mengatakan; "Tiada sesembahan yang hak selain Allah." Para malaikat akan mengenali mereka yang ada di neraka dari tanda bekas sujud, sebab neraka akan melahap anak Adam kecuali tanda bekas sujud. Allah mengharamkan neraka untuk melahap tanda bekas sujud, sehingga mereka keluar dari neraka dengan badan yang hangus terbakar, kemudian mereka disiram dengan nahrul hayyah (air kehidupan), hingga mereka tumbuh sebagaimana biji-bijian tumbuh di aliran sungai. Setelah Allah selesai memutuskan perkara di antara para hamba-Nya, dan tersisa diantara mereka seseorang yang menghadapkan wajahnya ke neraka, dialah penghuni surga yang terakhir kali masuk surga, ia berdoa; 'Ya Rabb, palingkanlah wajahku dari neraka, sebab baunya telah menggangguku dan jilatan apinya telah membakarku." Ia kemudian memohon kepada Allah sesuai yang di kehendakinya, kemudian Allah berfirman; 'Apakah kamu akan meminta yang lain jika aku memenuhi permintaanmu?, " Ia menjawab; "Tidak, demi kemuliaan-Mu, saya tidak akan meminta yang lain." Dan Rabbnya pun mengambil janji dan ikrar sekehendak-Nya, lalu Dia memalingkan wajahnya dari nereka. Ketika ia menghadap surga dan melihat keindahannya, ia lantas terdiam beberapa saat dan memohon; 'Ya Allah, letakkanlah aku berada di pintu surga." Allah bertanya; 'Bukankah engkau telah menyerahkan janji-Mu dan ikrarmu untuk tidak meminta-KU selama-lamanya selain yang telah Aku berikan?, wahai Anak Adam, alangkah senangnya kamu berkhianat. Hamba itu berkata; " Hamba itu berkata; "Ya rabbku…!" Dan dia masih saja memohon, hingga Allah bertanya kepadanya: 'Apakah kamu akan meminta yang lain, bila aku mengambulkan permintaanmu? Ia menjawab; 'Tidak, demi kemuliaan-Mu, saya tidak akan meminta-Mu lagi dengan permintaan yang lain." Lantas orang itu menyerahkan janji dan ikrarnya sehingga Allah meletakkannya di pintu surga. Ketika hamba itu telah berdiri di pintu surga, surga terbuka baginya sehingga ia melihat kenikmatan hidup dan kegembiraan di dalamnya, lalu ia terdiam sesaat, dan memohon; 'Ya Rabbku, masukkanlah aku ke dalam surga." Allah berfirman; "Bukankah telah engkau serahkan janji-Mu untuk tidak meminta yang lain selain yang telah Aku berikan?, wahai Anak Adam, alangkah cepatnya engkau berkhianat." Hamba tadi berkata; "Wahai Rabbku, janganlah Engkau menjadikanku termasuk hamba-Mu yang paling sengsara." Dan tidak henti-hentinya dia memohon kepada Allah hingga Allah Tabaraka wa Ta'ala tertawa karenanya. Dan jika Allah telah tertawa kepada seorang hamba, maka Allah pasti berkata kepadanya; 'Masuklah kamu ke dalam surga'. Jika seorang hamba telah memasukinya, Allah mengatakan kepadanya; 'Berangan-anganlah." Maka seorang hamba akan meminta Tuhannya dan berangan-angan, hingga Allah mengingatkannya dengan berfirman demikian-demikian hingga angan-angan seorang hamba sudah sampai puncaknya, Allah berfirman kepadanya; 'Itu bagimu dan bagimu bahkan bagimu semisalnya lagi." ['Atha` bin Yazid] berkata; [Abu Sa'id Al Khudri] bersama Abu Hurairah tidak menolak sedikitpun haditsnya, hingga jika Abu Hurairah menyampaikan hadits bahwa Allah berfirman kepada seorang hamba tersebut "Dan untukmu yang seperti itu, " maka Abu Sa'id mengatakan; "Dan sepuluh kali lipat seperti itu wahai Abu Hurairah." Abu Hurairah berkata; "Aku tidak menghafal kecuali perkataan seperti itu yaitu "Untukmu yang seperti itu, " Abu Sa'id berkata; "Aku bersaksi bahwa aku menghafal kalimat itu dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, yaitu sabdanya; "Dan sepuluh kali lipat seperti itu wahai Abu Hurairah." Abu Hurairah mengatakan; "Dan hamba itu adalah penghuni surga yang terakhir kali masuk surga." Telah menceritakan kepada kami [Abdullah bin Abdurrahman Ad Darimi] telah mengabarkan kepada kami [Abu Al Yaman] telah mengabarkan kepada kami [Syu'aib] dari [Az Zuhri] dia berkata; telah mengabarkan kepada kami [Sa'id bin Al Musayyab] dan ['Atha` bin Yazid Al Laitsi] bahwa [Abu Hurairah] telah mengabarkan kepada keduanya, bahwa para sahabat bertanya kepada Nabi shallallahu 'alaihi wasallam; "Wahai Rasulullah, apakah kami nanti akan melihat Rabb kami pada hari Kiamat?." Lalu perawi melanjutkan hadits tersebut sebagaimana hadits Ibrahim bin Sa'd

    Bana Zuheyr b. Harb haber verdi. Bize Yakub b. İbrahim tahdis etti. Bize babam İbn Şihab'dan tahdis etti. O Ata b. Yezid Leysi'den, o Ebu Hureyre'den kendisine haber verdiğine göre bazı kimseler Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem}'e: Ey Allah'ın Resulü, kıyamet gününde Rabbimizi görür müyüz, dediler. Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem) şöyle buyurdu: "Dolunayı görmek için birbirinizle itişir, kakışır, birbirinize zarar verir misiniz?" Onlar: Hayır, ey Allah'ın Resulü, dediler. Bu sefer Allah Resulü: "Ya önünde hiçbir bulut yokken güneşi görmek için birbirinizle itişir, kakışır, birbirinize zarar verir misiniz" buyurdu. Onlar: Hayır, ey Allah'ın Resulü dediler. Allah Resulü şöyle devam etti: "Şüphesiz siz de onu böyle göreceksiniz. Allah kıyamet gününde (bütün) insanları toplayıp, bir araya getirerek şöyle buyuracak: Kim (dünyada iken Allah'tan başka) herhangi bir şeye ibadet ediyorsa onun arkasından gitsin. (Dünyada iken) güneşe ibadet eden güneşin arkasından gidecek, aya ibadet eden ayın arkasından gidecek, tağutlara ibadet eden tağutların peşinden gidecek. Geriye aralarında münafıkları da olduğu halde bu ümmet kalacak. Allah Tebareke ve Teala onlara kendisini tanıdıkları suretten başka bir surette gelerek: Ben sizin Rabbinizim diyecek. Onlar: Senden Allah'a sığınırız. Biz Rabbimiz yanımıza gelinceye kadar buradan ayrılmayacağız. Rabbimiz gelirse biz onu tanırız diyecekler. Sonra yüce Allah kendilerine onu tanıyacakları bir surette gelecek, ben Rabbinizim diyecek, onlar da: Evet, sen Rabbimizsin diyecekler ve onun arkasından gidecekler. Cehennemin üzerine Sırat kurulacak. İlk olarak ümmetimle ben geçeceğim. O gün Resullerden başka kimse konuşmayacak. O gün Resullerin duası ise: Allah'ım selamet ver, selamet ver demekten ibaret olacak. Cehennemde de sa'dan dikeni gibi kanca/ar bulunacak. Siz sa'dan'ı gördünüz mü?" Ashab: Evet, ey Allah'ın Resulü dediler. Şöyle devam etti: "İşte o kancalar sa'dan dikeni gibidirler. Şu kadar var ki, onların ne kadar büyük olduklarını ancak Allah bilir. İnsanları amelleri sebebiyle kapip alırlar. Kimisi ameli sebebiyle helak olur, kimileri de kurtarılıncaya kadar ceza görür. Nihayet Allah kullar arasında hüküm verme işini bitirince, rahmetiyle de dilediği cehennemlikleri çıkarmayı murad edince meleklere:Cehennem ateşinden Ia ilahe illailah diyenler arasından yüce Allah'ın rahmet ihsan etmeyi murad ettiği kimselerden Allah'a hiçbir şeyi ortak koşmamış kimseleri çıkartmalarını emreder. Melekler bunları cehennem içinde oldukları halde tanırlar. Onları secde izlerinden tanırlar. Çünkü cehennem ateşi Ademoğlunun secdenin izi dışındaki yerlerini yer. Allah cehennem ateşine secdenin izlerini yemeyi haram kılmıştır. İşte bunlar cehennem ateşinden iyice yanmış oldukları halde çıkartılırlar. Üzerlerine hayat suyu dökülür, sel'in taşıdıkları arasında yabani bir tohumun bitip yeşerdiği gibi onlar da bitecekler. Sonra yüce Allah kullar arasındaki hüküm işini bitirir. Geriye yüzü ateşe dönük bir adam kalır. Bu kişi ise cennet ehli arasında cennete en son girecek kişidir. O: Rabbim, yüzümü cehennem ateşinden başka tarafa çevir. Çünkü onun kokusu beni helak etti, alevi beni yaktı, der ve Allah'a -Allah kendisine dua etmeyi dilediği kadar- dua eder. Sonra Allah Tebareke ve Teala şöyle buyurur: Sana bu istediğini verirsem acaba daha başka bir şey isteyecek misin? O: Senden bundan başka bir şey istemeyeceğim der ve Rabbime Allah'ın dilediği ahitler verir, yeminler eder. Allah da yüzünü cehennemden başka tarafa çevirir. Cennete dönüp cenneti görünce, Allah'ın dilediği kadar bir süre suskun kalır sonra: Rabbim beni cennetin kapısına yaklaştır der. Allah ona: Sana verdiğimden başka benden bir şey istemeyeceğine dair bana ahitler verip, yeminler etmemiş miydin? Vay sana Ademoğlu, ne kadar da sözünde durmazsın, buyurur. O kişi: Rabbim der ve yüce Allah'a dua eder. Nihayet ona: Ben sana bunu verecek olursam benden başka bir şey istemeyecek misin buyurur. o, hayır izzetin hakkı için yemin ederim deyip, Rabbine Allah'ın dilediği kadar türlü ahitler ve yeminler eder. Bunun üzerine Rabbi onu cennetin kapısına kadar götürür. Cennetin kapısına dikilince cennet onun önüne açılır, içindeki hayırları ve sevinci görür. Allah'ın dilediği kadar susar sonra: Rabbim beni cennete koy der. Allah Tebareke ve Teala ona: Sana verdiğimden başka benden bir şey istemeyeceğine dair türlü ahitler vermemiş, yeminler etmemiş miydin? Yazık sana ey Ademoğlu, ne kadar da sözünde durmayan birisisin, buyurur. o kişi: Rabbim yarattıklarının en bedbahtı olmayayım, der ve Allah'a o kadar dua eder ki, nihayet Allah Tebareke ve Tedld ona gülecek ve: Cennete gir buyuracak, cennete girdikten sonra yüce Allah ona: Temenni et diyecek, o da Rabbinden dileklerde bulunup, temenniler edecek. Nihayet Allah ona şundan şundan da (iste) diye hatırlatacak. Bütün istek ve temennileri sona erince yüce Allah: Bütün bunlar ve onlarla birlikte bir o kadarı da senindir, buyuracak. " Ata b. Yezid dedi ki: (Bu hadisi rivayet ederken) Ebu Hureyre ile birlikte Ebu Said el-Hudri de vardı ve rivayet ettiği hadisinden hiçbir şeyini reddetmedi. Nihayet Ebu Hureyre: ''Allah da o adama: Bir o kadarı daha senindir" deyince, Ebu Said: Ey Ebu Hureyre, onunla birlikte on misli daha (senindir), dedi. Ebu Hureyre bu sefer: Ben benim bellediğim, bu istediklerin ve bir o kadarı daha senindir sözünden ibarettir, dedi. Ebu Said de: Ben de şahadet ederim ki Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in: "Bu ve bununla birlikte on misli daha senindir" buyruğunu belledim, dedi. Ebu Hureyre dedi ki: İşte o adam cennetlikler arasında cennete en son girecek kişidir. Diğer tahric: Buhari, 7437, 6573; Nesai, 1139 -muhtasar-; Tuhfetu'l-Eşraf

    یعقوب بن ابراہیم نے حدیث بیان کی ، کہا : میرے والد نے ہمیں ابن شہاب زہری سے حدیث سنائی ، انہوں نے عطاء بن یزید لیثی سے روایت کی کہ ابو ہریرہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے انہیں بتایا : کچھ لوگوں نے رسو ل اللہ ﷺ سے عرض کی کہ اللہ کے رسول ! کیا ہم قیامت کے دن اپنے رب کو دیکھیں گے ؟ تو رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’کیا تمہیں پورے چاند کی رات کو چاند دیکھنے میں کوئی دقت محسوس ہوتی ہے ؟ ‘ ‘ لوگوں نے کہا : نہیں ، اے اللہ کے رسول! آپ نے فرمایا : ’’ جب بادل حائل نہ ہوں تو کیا سورج دیکھنے میں تمہیں کوئی دقت محسوس ہوتی ہے ؟ ‘ ‘ صحابہ نے عرض کی : نہیں ، اے اللہ کے رسول ! آپ نے فرمایا : ’’ تم اسے ( اللہ ) اسی طرح دیکھو گے ، اللہ تعالیٰ قیامت کےدن تمام لوگوں کو جمع کرے گا ، پھر فرمائے گا : جو شخص جس چیز کی عبادت کرتا تھا اسی کے پیچھے چلا جائے ، چنانچہ جوسورج کی پوجا کرتا تھا وہ سورج کے پیچھے چلا جائے گا ، جو چاند کی پرستش کرتا تھا وہ ا س کے پیچھے چلا جائے گااور جو طاغوتوں ( شیطانوں ، بتوں وغیرہ ) کی پوجا کرتا تھا وہ طاغوتی کے پیچھے چلا جائے گا اور صرف یہ امت ، اپنے منافقوں سمیت ، باقی رہ جائے گی ۔ اس پر اللہ تبارک وتعالیٰ ان کے پاس اپنی اس صورت میں آئے گا جس کو وہ پہچان سکتےہوں گے ، پھر فرمائے گا : میں تمہارارب ہوں ۔ وہ کہیں گے : ہم تجھ سے اللہ کی پناہ چاہتے ہیں ، ہم اسی جگہ ٹھہرے رہیں گے یہاں تک کہ ہمارارب ہمارے پاس آ جائے ، جب ہمارا رب آئے گا ہم اسے پہچان لیں گے ۔ اس کے بعد اللہ تعالیٰ ان کے پاس اس صورت میں آئے گا جس میں وہ اس کو پہچانتے ہوں گے اور فرمائے گا : میں تمہارا پروردگار ہوں ۔ وہ کہیں گے ، تو ( ہی ) ہمارا رب ہے اور اس کے ساتھ ہو جائیں گے ، پھر ( پل ) صراط جہنم کے درمیانی حصے پر رکھ دیا جائے گاتو میں اور امت سب سے پہلے ہوں گے جو اس سے گزریں گے ۔ اس دن رسولوں کے سوا کوئی بول نہ سکے گا ۔ اور رسولوں کو پکار ( بھی ) اس دن یہی ہو گی : اے اللہ ! سلامت رکھ ، سلامت رکھ ۔ اور دوزخ میں سعدان کے کانٹوں کی طرح مڑے ہوئے سروں والے آنکڑے ہوں گے ، کیا تم نے سعدان دیکھا ہے ؟ ‘ ‘ صحابہ نے جواب دیا : جی ہاں ، اے اللہ کے رسول !آپ نے فرمایا : ’’وہ ( آنکڑے ) سعدان کے کانٹوں کی طرح کے ہوں گے لیکن وہ کتنے بڑے ہوں گے اس کو اللہ کے سوا کوئی نہیں جانتا ، وہ لوگ کو ان کے اعمال کا بدلہ چکانا ہوگا ۔ یہاں تک کہ جب اللہ تعالیٰ بندوں کے درمیان فیصلے سے فارغ ہو جائے گا اور ارادہ فرمائے گا کہ اپنی رحمت سے ، جن دوزخیوں کو چاہتا ہے ، آگ سے نکالے تو وہ فرشتوں کو حکم دے گا کہ ان لوگوں میں سے جو اللہ کے ساتھ کسی چیز کو شریک نہیں ٹھہراتے تھے ، لا الہ الا اللہ کہنے والوں میں سے جن پر اللہ تعالیٰ رحمت کرنا چاہے گا انہیں آگ سے نکال لیں ۔ فرشتے ان کو آگ میں پہچان لیں گے ۔ وہ ا نہیں سجدوں کے نشان سے پہچانیں گے ۔ آگ سجدے کے نشانات کے سوا ، آدم کے بیٹے ( کی ہر چیز ) کو کھا جائے گی ۔ ( کیونکہ ) اللہ تعالیٰ نے آگ پر سجدے کے نشانات کو کھانا حرام کر دیا ہے ، چنانچہ وہ اس حال میں آگ سے نکالے جائیں گےکہ جل کر کوئلہ بن گئے ہوں گے ، ان پر آپ حیات ڈالا جائے گا تو وہ اس کے ذریعے سے اس طرح اگ آئیں گے ، جیسے سیلاب کی لائی ہوئی مٹی میں گھاس کا بیج پھوٹ کر اگ آتا ہے ۔ پھر اللہ تعالیٰ اپنے بندوں کے درمیان فیصلے سے فارغ ہو جائے گا ۔ بس ایک شخص باقی ہو گا ، جس نے آگ کی طرف منہ کیا ہو ا ہو گا ، یہی آدمی ، تمام اہل جنت میں سے ، جنت میں داخل ہونے والا آخری شخص ہو گا ۔ وہ عرض کرے گا : میرا باپ ! میرا چہرہ آگ سے پھیر دے کیونکہ اس کی بدبونے میری سانسوں میں زہر بھر دیا ہے اور اس کی تپش نے مجھے جلا ڈالا ہے ، چنانچہ جب تک اللہ کو منظور ہو گا ، وہ اللہ کو پکارتا رہے گاپھر اللہ تبارک و تعالیٰ فرمائے گا : کیا ایسا ہو گا کہ اگر میں تمہارے ساتھ یہ ( حسن سلوک ) کر دوں تو تم کچھ اور مانگنا شروع کر دو گے؟وہ عرض کرے گا : میں تجھ سے اور کچھ نہیں مانگوں گا ۔ وہ اپنے رب عز وجل کو جو عہد و پیمان وہ ( لینا ) چاہے گا ، دے گا ، تو اللہ اس کا چہرہ دوزخ سے پھیر دے گاجب وہ جنت کی طرف رخ کرے گا اور اسے دیکھا گا تو جتنی دیر اللہ چاہے گا کہ وہ چپ رہے ( اتنی دیر ) چپ رہے گا ، پھر کہے گا : میرا رب! مجھے جنت کے دروازے تک آگے کر دے ، اللہ تعالیٰ اس سے کہے گا : کیا تم نے عہد و پیمان نہیں دیے تھے کہ جو کچھ میں نے تمہیں عطاکر دیا ہے اس کےسوا مجھ سے کچھ اور نہیں مانگو گے؟ تجھ پر ا فسوس ہے ! آدم کے بیٹے ! تم کس قدر عہد شکن ہو ! وہ کہے گا : اے میرے رب ! اور اللہ سے دعا کرتا رہے گا حتی کہ اللہ اس سے کہے گا : کیا ایسا ہو گا کہ اگر میں نے تمہیں یہ عطا کر دیا تو اس کے بعد تو اور کچھ مانگنا شروع کر دے گا؟ وہ کہے گا : تیری عزت کی قسم ! ( اور کچھ ) نہیں ( مانگوں گا ۔ ) وہ اپنے رب کو ، جواللہ چاہے گا ، عہد و پیمان دے گا ، اس پر اللہ اسے جنت کے دروازے تک آگے کر دے گا ، پھرجب وہ جنت کے دروازے پر کھڑا ہو گا تو جنت اس کے سامنے کھل جائے گی ۔ اس میں جو خیر اور سرور ہے وہ اس کو ( اپنی آنکھوں سے ) دیکھے گا ۔ تو جب تک اللہ کو منظور ہو گا وہ خاموش رہے گا ، پھر کہے گا : میرے رب! مجھے جنت میں داخل کر دے ، تو اللہ تعالیٰ اس سے کہے گا ، کیا تو نے پختہ عہد و پیمان نہ کیے تھے کہ جو کچھ تجھے دے دیا گیا ہے اس کے سوا اور کچھ نہیں مانگے گا؟ ابن آدم تجھ پر افسوس! تو کتنا بڑا وعدہ شکن ہے ۔ وہ کہے گا : اے میرے رب ! میں تیری مخلوق کا سب سے زیادہ بدنصیب شخص نہ بنوں ، وہ اللہ تعالیٰ کو پکارتا رہے گا حتی کہ اللہ عزوجل اس پر ہنسے گا اور جب اللہ تعالیٰ ہنسے گا ( تو ) فرمائے گا : جنت میں داخل ہو جا ۔ جب وہ اس میں داخل ہو جائے گا تو اللہ تعالیٰ فرمائے گا ، تمنا کر ! تو وہ اپنے رب سے مانگے گا اور تمنا کرے گا یہاں تک کہ اللہ اسے یاد دلائے گا ، فلاں چیز ( مانگ ) فلاں چیز ( مانگ ) حتی کہ جب اس کی تمام آرزوئیں ختم ہو جائیں گی تواللہ تعالیٰ فرمائے گا : یہ سب کچھ تیرا ہے اور اس کے ساتھ اتنا ہی اور بھی ۔ ‘ ‘ عطاء بن یزید نے کہا کہ ابو سعید خدری ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ بھی ابو ہریرہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ کے ساتھ موجود تھے ، انہوں نے ان کی کسی بات کی تردید نہ کی لیکن جب ابو ہریرہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے یہ بیان کیا کہ اللہ تعالیٰ اس آدمی سے فرمائے گا : ’’ یہ سب کچھ تیرا ہوا اور اس کے ساتھ اتناہی اور بھی ‘ ‘ تو ابوسعید ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ فرمانے لگے : ابو ہریرہ! اس کے ساتھ اس سے دس گنا ( اور بھی ) ، ابو ہریرہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے کہا : مجھے تو آپ کا یہی فرمان یاد ہے : ’’یہ سب کچھ تیرا ہے اور اس کے ساتھ اتناہی اور بھی ۔ ‘ ‘ ابو سعید ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے کہا : میں گواہی دیتا ہوں کہ میں نے رسول اللہ ﷺ سے سن کر آپ کا یہ فرمان دیکھا ہے : ’’ یہ سب تیرا ہوا اور اس سے دس گنا اور بھی ۔ ‘ ‘ ابو ہریرہ ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے کہا : یہ جنت میں داخل ہونے والا سب سے آخری شخص ہو گا

    যুহায়র ইবনু হারব (রহঃ) ..... আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) বলেন যে, কয়েকজন সাহাবা রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কে বললেন, হে আল্লাহর রাসূল! কিয়ামত দিবসে আমরা কি আমাদের প্রতিপালককে দেখতে পাবো? রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন, পূর্ণিমার রাতে চাঁদ দেখতে কি তোমাদের পরস্পরের মাঝে কষ্ট হয়? সাহাবাগণ বললেন, না। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ মেঘমুক্ত আকাশে সূর্য দেখতে কি তোমাদের পরস্পরের কষ্টবোধ হয়? তারা বললেন, না। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ তদ্রুপ তোমরা তাকেও দেখবে। কিয়ামত দিবসে আল্লাহ সকল মানুষকে জমায়েত করে বলবেন, পৃথিবীতে তোমাদের যে যার ইবাদাত করেছিলে আজ তাকেই অনুসরণ কর। তখন যারা সূর্যের উপাসনা করতো, তারা সূর্যের সাথে থাকবে। যারা চন্দ্রের উপাসনা করতো, তারা চন্দ্রের সাথে থাকবে। আর যারা আল্লাহদ্রোহীদের (তাগুতের) উপাসনা করতো, তারা আল্লাহদ্রোহীদের সাথে জমায়েত হয়ে যাবে। কেবল এ উম্মত অবশিষ্ট থাকবে। তন্মধ্যে মুনাফিকরাও থাকবে। তখন আল্লাহ তা'আলা তাদের নিকট এমন আকৃতিতে উপস্থিত হবেন যা তারা চিনে না। তারপর (আল্লাহ তা'আলা) বলবেন, আমি তোমাদের প্রতিপালক (সুতরাং তোমরা আমার পিছনে চল)। তারা বলবে, নাউযুবিল্লাহ। আমাদের প্রভু না আসা পর্যন্ত আমরা এখানেই দাড়িয়ে থাকবো। আর তিনি যখন আসবেন, তখন আমরা তাকে চিনতে পারবো। এরপর আল্লাহ তা'আলা তাদের নিকট তাদের পরিচিত আকৃতিতে আসবেন, বলবেনঃ আমি তোমাদের প্রভু। তারা বলবে, হ্যাঁ, আপনি আমাদের প্রতু। এ বলে তারা তাকে অনুসরণ করবে। এমন সময়ে জাহান্নামের উপর দিয়ে সিরাত (সাকো) বসানো হবে। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেন আর আমি ও আমার উম্মতই হব প্রথম এ পথ অতিক্রমকারী। সেদিন রাসূলগণ ব্যতীত অন্য কেউ মুখ খোলারও সাহস করবে না। আর রাসূলগণও কেবল এ দু'আ করবেন। হে আল্লাহ! নিরাপত্তা দাও, নিরাপত্তা দাও। আর জাহান্নামে থাকবে সা'দান বৃক্ষের কাটার মত অনেক কাটাযুক্ত লৌহদণ্ড। তোমরা সাদান বৃক্ষটি দেখেছ কি? সাহাবাগণ বললেন, হ্যাঁ দেখেছি। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়া সাল্লাম বললেনঃ তা সাদান বৃক্ষের কাটার মতই, তবে সেটা যে কত বিরাট তা আল্লাহ ব্যতীত কেউ জানে না। পাপ কাজের জন্য কাটার আংটাগুলো ছোবল দিতে থাকবে। তাদের কেউ কেউ মু'মিন (যারা সাময়িক জাহান্নামী) তারা রক্ষা পাবে, আর কেউ তো শাস্তি ভোগ করে নাযাত পাবে। এরপর আল্লাহ বান্দাদের মধ্যে ফায়সালা হতে অবসর হলে স্বীয় রহমতে কিছু সংখ্যক জাহান্নামীদের (জাহান্নাম হতে) বের করতে দেয়ার ইচ্ছা করবেন তখন ফেরেশতাদেরকে নির্দেশ দিবেন যারা কালিমায় বিশ্বাসী ও শিরক করেনি যাদের উপর আল্লাহ তা'আলা রহম করতে চাইবেন যে, তাদেরকে জাহান্নাম থেকে বের করে নিয়ে আসো। আর যাদের উপর আল্লাহ তা'আলা দয়া করতে চেয়েছেন তারা ঐ সকল লোক যারা 'লা- ইলা-হা ইল্লাল্ল-হ' বলত। অতঃপর ফেরেশতাগণ তাদের সনাক্ত করবেন। তারা সিজদা চিহ্নের সাহায্যে তাদের চিনবেন। কারণ, অগ্নি মানুষের দেহের সবকিছু জ্বালিয়ে ফেললেও সাজদার স্থান অক্ষত থাকবে। আল্লাহ তা'আলা সাজদার চিহ্ন নষ্ট করা হারাম (নিষিদ্ধ) করে দিয়েছেন। মোটকথা, ফেরেশতাগণ এদেরকে জাহান্নাম থেকে বের করে আনবে এমন অবস্থায় যে, তাদের দেহ আগুনে দগ্ধ। তাদের উপর 'মাউল-হায়াত’ (সঞ্জীবনী পানি) ঢেলে দেয়া হবে। তখন তারা এতে এমনভাবে সতেজ হয়ে উঠবে যেমনভাবে শস্য অঙ্কুর পানিসিক্ত উর্বর জমিতে সতেজ হয়ে উঠে। তারপর আল্লাহ তা'আলা বান্দাদের বিচার সমাপ্ত করবেন। শেষে এক ব্যক্তি থেকে যাবে। তার মুখমণ্ডল হবে জাহান্নামের দিকে। এই হবে সর্বশেষ জান্নাতে প্রবেশকারী। সে বলবে, হে আমার প্রভু! (অনুগ্রহ করে) আমার মুখটি জাহান্নামের দিক থেকে ফিরিয়ে দিন। কারণ জাহান্নামের দুর্গন্ধ আমাকে অসহনীয় কষ্ট দিচ্ছে; এর লেলিহান অগ্নিশিখা আমাকে দগ্ধ করে দিচ্ছে। আল্লাহ যতদিন চান ততদিন পর্যন্ত সে তার নিকট দু'আ করতে থাকবে। পরে আল্লাহ বলবেন, তোমার এ দু'আ কবুল করলে তুমি কি আরো কিছু কামনা করবে? সে বিভিন্ন ধরনের ওয়াদা ও অঙ্গীকার করে বলবে যে, জাহান্নামের দিক থেকে ফিরিয়ে দিবেন। তার চেহারা যখন জান্নাতের দিকে ফিরিয়ে দেয়া হবে, আর সে জান্নাত দেখবে, তখন আল্লাহ যতদিন চান সে নীরব থাকবে। পরে আবার বলবে, হে আমার প্রতিপালক! কেবল জান্নাতের দরজা পর্যন্ত আমাকে পৌছে দিন। আল্লাহ তাকে বলবেন, তুমি না অঙ্গীকার দিয়েছিলে যে, আমি তোমাকে যা দিয়েছি তা ছাড়া আর কিছু চাইবে না। হে আদম সন্তান! তুমি হতভাগা ও তুমি সাংঘাতিক ওয়াদাভঙ্গকারী। তখন সে বলবে, হে আমার রব! এই বলে আল্লাহর কাছে দু'আ করতে থাকবে। আল্লাহ বলবেন, তুমি যা চাও তা যদি দিয়ে দেই তবে আর কিছু চাইবে না তো? সে বলবে, আপনার ইজ্জতের কসম! আর কিছু চাইব না। এভাবে সে তার অক্ষমতা (আল্লাহর কাছে) পেশ করতে থাকবে যতদিন আল্লাহর ইচ্ছা হয়। তারপর তাকে জান্নাতের দরজা পর্যন্ত এগিয়ে দেয়া হবে। এবার যখন সে জান্নাতের দরজায় দাঁড়াবে, তখন জান্নাত তার সামনে উদ্ভাসিত হয়ে উঠবে। সে জান্নাতের সমৃদ্ধি ও সুখ দেখতে থাকবে। সেখানে আল্লাহ যতক্ষণ চান সে ততক্ষণ চুপ করে থাকবে। পরে বলবে, হে আমার রব! আমাকে জান্নাতে প্রবেশ করিয়ে দিন। আল্লাহ বলবেন, তুমি না সকল ধরনের ওয়াদা ও অঙ্গীকার করে বলেছিলে, আমি যা দান করেছি এর চাইতে বেশি আর কিছু চাইবে না? হে হতভাগা আদম সন্তান! তুমি তো ভীষণ ওয়াদাভঙ্গকারী। সে বলবে, হে আমার রব। আমি যেন আপনার সৃষ্টির সবচেয়ে দুর্ভাগা না হই। সে বার বার দু'আ করতে থাকবে। পরিশেষে তার অবস্থা দেখে আল্লাহ তা'আলা হেসে ফেলবেন। আল্লাহ তা'আলা বলবেন, যাও জান্নাতে প্রবেশ কর। (জান্নাতে প্রবেশের পর) আল্লাহ তাকে বলবেন, (যা চাওয়ার) চাও। তখন সে তার সকল কামনা চেয়ে শেষ করবে। এরপর আল্লাহ নিজেই স্মরণ করায়ে বলবেন, অমুক অমুকটা চাও। এভাবে তার কামনা শেষ হয়ে গেলে আল্লাহ বলবেন, তোমাকে এ সব এবং এর সমপরিমাণ আরো দেয়া হল। আতা ইবনু ইয়াযীদ বলেন, এবং আবূ সাঈদ আল খুদরী (রাযিঃ) এ হাদীসটি আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) এর অনুরূপ বর্ণনা করেছেন। তিনি আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) বর্ণিত এ হাদীসের কোন কথাই রদ করেননি। তবে আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) যখন এ কথা উল্লেখ করলেন, "আল্লাহ তা'আলা ঐ ব্যক্তিকে বলবেন, তোমাকে এ সব এবং এর সমপরিমাণ আরো দেয়া হল" তখন আবূ সাঈদ (রাযিঃ) বললেনঃ হে আবূ হুরাইরাহ! বরং তা সহ আরো দশগুণ দেয়া হবে। আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) বললেন, আমি রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম থেকে "এর সম-পরিমাণ" এ শব্দ স্মরণ রেখেছি। আবূ সাঈদ (রাযিঃ) বললেন, আমি সাক্ষ্য দিচ্ছি, আমি রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম থেকে "আরো দশগুণ" এ শব্দ সংরক্ষিত রেখেছি। রাবী বলেন, আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) পরিশেষে বলেন, এ ব্যক্তি হবে জান্নাতে সর্বশেষ প্রবেশকারী। (ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ৩৪৮, ইসলামিক সেন্টারঃ)