• 697
  • عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ ، قَالَ سَعْدٌ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا " ، قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا " ، قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "

    حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ ، قَالَ سَعْدٌ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوْ مُسْلِمًا ، قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوْ مُسْلِمًا ، قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوْ مُسْلِمًا ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، وَزَادَ ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ ، فَقُلْتُ : مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ هَذَا ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِيَدِهِ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي ، ثُمَّ قَالَ : أَقِتَالًا ؟ - أَيْ سَعْدُ - إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ

    رهطا: الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
    غلبني: الغلب : القهر ، والمقصود : استولى عليها
    خشية: الخشية : الخوف
    يكب: الكب : الإلقاء والطرح
    إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ
    حديث رقم: 27 في صحيح البخاري كتاب الإيمان باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل
    حديث رقم: 1420 في صحيح البخاري كتاب الزكاة باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} [البقرة: 273] وكم الغنى
    حديث رقم: 1816 في صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ بَابُ إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ
    حديث رقم: 240 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ تَأَلُّفِ قَلْبِ مَنْ يَخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ لِضَعْفِهِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ
    حديث رقم: 4128 في سنن أبي داوود كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
    حديث رقم: 4126 في سنن أبي داوود كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
    حديث رقم: 4952 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تأويل قوله عز وجل: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
    حديث رقم: 4953 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تأويل قوله عز وجل: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
    حديث رقم: 1480 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ مُسْنَدُ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 1536 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ مُسْنَدُ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 163 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ فَرْضِ الْإِيمَانِ
    حديث رقم: 11071 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ
    حديث رقم: 29773 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالرُّؤْيَا بَابٌ
    حديث رقم: 5356 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 68 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 193 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 87 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 88 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 90 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 142 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8 في مسند سعد بن أبي وقاص مسند سعد بن أبي وقاص عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ
    حديث رقم: 686 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 705 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 747 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 205 في معجم ابن الأعرابي بَابُ المُحمدين بَابُ المُحمدين
    حديث رقم: 1206 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ الْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعَمُّ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانَ أَخَصُّ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : الْإِيمَانُ الْعَمَلُ ، وَالْإِسْلَامُ الْكَلِمَةُ وَعَنِ الْحَسَنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّهُمَا كَانَا يَهَابَانِ : مُؤْمِنٌ ، وَيَقُولَانِ : مُسْلِمٌ وَبِهِ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ : حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
    حديث رقم: 8495 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ

    [150] فِيهِ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أما أَلْفَاظُهُ فَقَوْلُهُ (قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ مُسْلِمٍ) هُوَ بِإِسْكَانِ الْوَاوِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَخَافَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ) يَكُبَّهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ يُقَالُ أَكَبَّ الرَّجُلُ وَكَبَّهُ اللَّهُ وَهَذَا بِنَاءٌ غَرِيبٌ فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ اللَّازِمُ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ فَيُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَهُنَا عَكْسُهُ وَالضَّمِيرُ فِي يَكُبَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمُعْطِي أَيْ أَتَأَلَّفُ قَلْبَهُ بِالْإِعْطَاءِ مَخَافَةً مِنْ كُفْرِهِ إِذَا لَمْ يُعْطَ وَقَوْلُهُ (أَعْطَى رَهْطًا) أَيْ جَمَاعَةً وَأَصْلُهُ الْجَمَاعَةُ دُونَ الْعَشَرَةِ وَقَوْلُهُ (وَهُوَ أَعْجَبهُمْ إِلَيَّ) أَيْ أَفْضَلُهُمْ وَأَصْلَحُهُمْ فِي اعْتِقَادِي وَقَوْلُهُ (إِنِّي لَأَرَاهُ)مُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَافُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ أَنْ يَكْفُرَ وَأَدَعُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ وَصَلَابَةِ إِيمَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن عامر) فقال أبوعلى الْغَسَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عن سفيان وكذلك قال أبو الحسن الدار قطنى فِي كِتَابِهِ الِاسْتِدْرَاكَاتُ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ يُقَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَافَقُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ سُفْيَانَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً وَسَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً فَرَوَاهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَكِنِ انْضَمَّتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا أَنَّ سُفْيَانَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ مُدَلِّسٍ قَالَ عَنْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ عَنْعَنَ عنه وكيف كان فهذا الكلام فى الاسناد لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُتَّصِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(باب زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى ركن شديد وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأجبت الداعى) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشُكَّ وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الْآيَةِ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا احْتِمَالُ الشك وانما رجح إِبْرَاهِيمُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَقَعُ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فِي الْخِطَابِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ إِنْسَانٍ قَالَ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ مَا كُنْتُ قَائِلًا لِفُلَانٍ أَوْ فَاعِلًا مَعَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ فَقُلْهُ لِي وَافْعَلْهُ مَعِي وَمَقْصُودُهُ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَظُنُّونَهُ شَكًّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِمَزِيدِ الْيَقِينِ وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِنَ الاقوال)فَنَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا أَصَحَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِهِ أَوْجُهًا أَظْهَرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ الطُّمَأْنِينَةَ بِعِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ مُشَاهَدَةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا اسْتِدْلَالًا فَإِنَّ عِلْمَ الِاسْتِدْلَالِ قَدْ تَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الشُّكُوكُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ عِلْمِ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَرَادَ اخْتِبَارَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أَيْ تُصَدِّقَ بِعِظَمِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَاصْطِفَائِكَ وَخُلَّتِكَ وَالثَّالِثُ سَأَلَ زِيَادَةَ يَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ شَكًّا فَسَأَلَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ تَفَاوُتًا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ كَشْفَ غِطَاءِ الْعِيَانِ لِيَزْدَادَ بنور اليقين تمكنا الرابع أَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ دَلِيلَهُ عِيَانًا وَقِيلَ أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جِيفَةً بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يَتَنَاوَلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَتَفَكَّرَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِيفَةِ وَتَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَيِّتٍ يُحْيِيهِ رَبُّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَكِنْ أَحَبَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةَ وَيُحِبُّونَ رُؤْيَةَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْإِيمَانِ بِكُلِّ ذَلِكَ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ والهمزة فى قوله تعالى أولم تؤمن هَمْزَةُ إِثْبَاتٍ كَقَوْلِ جَرِيرٍ أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ الشَّدِيدِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىفَإِنَّهُ أَشَدُّ الْأَرْكَانِ وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعُهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لُوطًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى أَضْيَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الظَّالِمِينَ ضَاقَ ذَرْعُهُ وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِمْ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قوة فى الدفع بنفسى أو آوى إِلَى عَشِيرَةٍ تَمْنَعُ لَمَنَعْتُكُمْ وَقَصْدُ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ الْعُذْرِ عِنْدَ أَضْيَافِهِ وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَطَاعَ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مَا لَفَعَلَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِعْرَاضًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تطيب قُلُوبِ الْأَضْيَافِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حِمَايَتِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتَجَأَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ لِلْأَضْيَافِ التَّأَلُّمَ وَضِيقَ الصَّدْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الداعى) فهو ثناء على يوسف عليه السلام وَبَيَانٌ لِصَبْرِهِ وَتَأَنِّيهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّاعِي رَسُولُ الْمَلِكِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قطعن أيديهن فَلَمْ يَخْرُجْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادِرًا إِلَى الرَّاحَةِ وَمُفَارَقَةِ السَّجْنِ الطَّوِيلِ بَلْ تَثَبَّتَ وَتَوَقَّرَ وَرَاسَلَ الْمَلِكَ فِي كَشْفِ أَمْرِهِ الَّذِي سُجِنَ بِسَبَبِهِ وَلِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَيَلْقَاهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَلَا خَجَلَ مِنْ يُوسُفَ وَلَا غَيْرِهِ فَبَيَّنَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ يوسف فى هذا وقوة نفسه فىالخير وَكَمَالِ صَبْرِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَالَهُ تَوَاضُعًا وَإِيثَارًا لِلْإِبْلَاغِ فِي بَيَانِ كَمَالِ فَضِيلَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُنْكِرُهُ عَلَى مُسْلِمٍ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ لِكَوْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ كَيْفَ يَحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَشُكُّ فِيهِ وَهَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يحتملون فى المتابعات والشواهد مالا يَحْتَمِلُونَ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُمُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَافُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ أَنْ يَكْفُرَ وَأَدَعُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ وَصَلَابَةِ إِيمَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن عامر) فقال أبوعلى الْغَسَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عن سفيان وكذلك قال أبو الحسن الدار قطنى فِي كِتَابِهِ الِاسْتِدْرَاكَاتُ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ يُقَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَافَقُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ سُفْيَانَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً وَسَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً فَرَوَاهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَكِنِ انْضَمَّتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا أَنَّ سُفْيَانَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ مُدَلِّسٍ قَالَ عَنْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ عَنْعَنَ عنه وكيف كان فهذا الكلام فى الاسناد لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُتَّصِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(باب زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى ركن شديد وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأجبت الداعى) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشُكَّ وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الْآيَةِ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا احْتِمَالُ الشك وانما رجح إِبْرَاهِيمُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَقَعُ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فِي الْخِطَابِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ إِنْسَانٍ قَالَ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ مَا كُنْتُ قَائِلًا لِفُلَانٍ أَوْ فَاعِلًا مَعَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ فَقُلْهُ لِي وَافْعَلْهُ مَعِي وَمَقْصُودُهُ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَظُنُّونَهُ شَكًّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِمَزِيدِ الْيَقِينِ وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِنَ الاقوال)فَنَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا أَصَحَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِهِ أَوْجُهًا أَظْهَرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ الطُّمَأْنِينَةَ بِعِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ مُشَاهَدَةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا اسْتِدْلَالًا فَإِنَّ عِلْمَ الِاسْتِدْلَالِ قَدْ تَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الشُّكُوكُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ عِلْمِ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَرَادَ اخْتِبَارَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أَيْ تُصَدِّقَ بِعِظَمِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَاصْطِفَائِكَ وَخُلَّتِكَ وَالثَّالِثُ سَأَلَ زِيَادَةَ يَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ شَكًّا فَسَأَلَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ تَفَاوُتًا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ كَشْفَ غِطَاءِ الْعِيَانِ لِيَزْدَادَ بنور اليقين تمكنا الرابع أَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ دَلِيلَهُ عِيَانًا وَقِيلَ أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جِيفَةً بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يَتَنَاوَلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَتَفَكَّرَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِيفَةِ وَتَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَيِّتٍ يُحْيِيهِ رَبُّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَكِنْ أَحَبَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةَ وَيُحِبُّونَ رُؤْيَةَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْإِيمَانِ بِكُلِّ ذَلِكَ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ والهمزة فى قوله تعالى أولم تؤمن هَمْزَةُ إِثْبَاتٍ كَقَوْلِ جَرِيرٍ أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ الشَّدِيدِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىفَإِنَّهُ أَشَدُّ الْأَرْكَانِ وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعُهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لُوطًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى أَضْيَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الظَّالِمِينَ ضَاقَ ذَرْعُهُ وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِمْ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قوة فى الدفع بنفسى أو آوى إِلَى عَشِيرَةٍ تَمْنَعُ لَمَنَعْتُكُمْ وَقَصْدُ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ الْعُذْرِ عِنْدَ أَضْيَافِهِ وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَطَاعَ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مَا لَفَعَلَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِعْرَاضًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تطيب قُلُوبِ الْأَضْيَافِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حِمَايَتِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتَجَأَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ لِلْأَضْيَافِ التَّأَلُّمَ وَضِيقَ الصَّدْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الداعى) فهو ثناء على يوسف عليه السلام وَبَيَانٌ لِصَبْرِهِ وَتَأَنِّيهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّاعِي رَسُولُ الْمَلِكِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قطعن أيديهن فَلَمْ يَخْرُجْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادِرًا إِلَى الرَّاحَةِ وَمُفَارَقَةِ السَّجْنِ الطَّوِيلِ بَلْ تَثَبَّتَ وَتَوَقَّرَ وَرَاسَلَ الْمَلِكَ فِي كَشْفِ أَمْرِهِ الَّذِي سُجِنَ بِسَبَبِهِ وَلِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَيَلْقَاهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَلَا خَجَلَ مِنْ يُوسُفَ وَلَا غَيْرِهِ فَبَيَّنَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ يوسف فى هذا وقوة نفسه فىالخير وَكَمَالِ صَبْرِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَالَهُ تَوَاضُعًا وَإِيثَارًا لِلْإِبْلَاغِ فِي بَيَانِ كَمَالِ فَضِيلَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُنْكِرُهُ عَلَى مُسْلِمٍ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ لِكَوْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ كَيْفَ يَحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَشُكُّ فِيهِ وَهَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يحتملون فى المتابعات والشواهد مالا يَحْتَمِلُونَ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُمُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَافُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ أَنْ يَكْفُرَ وَأَدَعُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ وَصَلَابَةِ إِيمَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن عامر) فقال أبوعلى الْغَسَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عن سفيان وكذلك قال أبو الحسن الدار قطنى فِي كِتَابِهِ الِاسْتِدْرَاكَاتُ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ يُقَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَافَقُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ سُفْيَانَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً وَسَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً فَرَوَاهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَكِنِ انْضَمَّتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا أَنَّ سُفْيَانَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ مُدَلِّسٍ قَالَ عَنْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ عَنْعَنَ عنه وكيف كان فهذا الكلام فى الاسناد لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُتَّصِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(باب زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى ركن شديد وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأجبت الداعى) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشُكَّ وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الْآيَةِ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا احْتِمَالُ الشك وانما رجح إِبْرَاهِيمُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَقَعُ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فِي الْخِطَابِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ إِنْسَانٍ قَالَ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ مَا كُنْتُ قَائِلًا لِفُلَانٍ أَوْ فَاعِلًا مَعَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ فَقُلْهُ لِي وَافْعَلْهُ مَعِي وَمَقْصُودُهُ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَظُنُّونَهُ شَكًّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِمَزِيدِ الْيَقِينِ وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِنَ الاقوال)فَنَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا أَصَحَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِهِ أَوْجُهًا أَظْهَرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ الطُّمَأْنِينَةَ بِعِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ مُشَاهَدَةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا اسْتِدْلَالًا فَإِنَّ عِلْمَ الِاسْتِدْلَالِ قَدْ تَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الشُّكُوكُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ عِلْمِ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَرَادَ اخْتِبَارَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أَيْ تُصَدِّقَ بِعِظَمِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَاصْطِفَائِكَ وَخُلَّتِكَ وَالثَّالِثُ سَأَلَ زِيَادَةَ يَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ شَكًّا فَسَأَلَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ تَفَاوُتًا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ كَشْفَ غِطَاءِ الْعِيَانِ لِيَزْدَادَ بنور اليقين تمكنا الرابع أَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ دَلِيلَهُ عِيَانًا وَقِيلَ أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جِيفَةً بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يَتَنَاوَلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَتَفَكَّرَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِيفَةِ وَتَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَيِّتٍ يُحْيِيهِ رَبُّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَكِنْ أَحَبَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةَ وَيُحِبُّونَ رُؤْيَةَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْإِيمَانِ بِكُلِّ ذَلِكَ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ والهمزة فى قوله تعالى أولم تؤمن هَمْزَةُ إِثْبَاتٍ كَقَوْلِ جَرِيرٍ أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ الشَّدِيدِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىفَإِنَّهُ أَشَدُّ الْأَرْكَانِ وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعُهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لُوطًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى أَضْيَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الظَّالِمِينَ ضَاقَ ذَرْعُهُ وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِمْ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قوة فى الدفع بنفسى أو آوى إِلَى عَشِيرَةٍ تَمْنَعُ لَمَنَعْتُكُمْ وَقَصْدُ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ الْعُذْرِ عِنْدَ أَضْيَافِهِ وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَطَاعَ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مَا لَفَعَلَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِعْرَاضًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تطيب قُلُوبِ الْأَضْيَافِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حِمَايَتِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتَجَأَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ لِلْأَضْيَافِ التَّأَلُّمَ وَضِيقَ الصَّدْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الداعى) فهو ثناء على يوسف عليه السلام وَبَيَانٌ لِصَبْرِهِ وَتَأَنِّيهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّاعِي رَسُولُ الْمَلِكِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قطعن أيديهن فَلَمْ يَخْرُجْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادِرًا إِلَى الرَّاحَةِ وَمُفَارَقَةِ السَّجْنِ الطَّوِيلِ بَلْ تَثَبَّتَ وَتَوَقَّرَ وَرَاسَلَ الْمَلِكَ فِي كَشْفِ أَمْرِهِ الَّذِي سُجِنَ بِسَبَبِهِ وَلِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَيَلْقَاهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَلَا خَجَلَ مِنْ يُوسُفَ وَلَا غَيْرِهِ فَبَيَّنَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ يوسف فى هذا وقوة نفسه فىالخير وَكَمَالِ صَبْرِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَالَهُ تَوَاضُعًا وَإِيثَارًا لِلْإِبْلَاغِ فِي بَيَانِ كَمَالِ فَضِيلَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُنْكِرُهُ عَلَى مُسْلِمٍ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ لِكَوْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ كَيْفَ يَحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَشُكُّ فِيهِ وَهَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يحتملون فى المتابعات والشواهد مالا يَحْتَمِلُونَ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُمُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَافُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ أَنْ يَكْفُرَ وَأَدَعُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ وَصَلَابَةِ إِيمَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن عامر) فقال أبوعلى الْغَسَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عن سفيان وكذلك قال أبو الحسن الدار قطنى فِي كِتَابِهِ الِاسْتِدْرَاكَاتُ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ يُقَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَافَقُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ سُفْيَانَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً وَسَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً فَرَوَاهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَكِنِ انْضَمَّتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا أَنَّ سُفْيَانَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ مُدَلِّسٍ قَالَ عَنْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ عَنْعَنَ عنه وكيف كان فهذا الكلام فى الاسناد لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُتَّصِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(باب زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى ركن شديد وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأجبت الداعى) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشُكَّ وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الْآيَةِ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا احْتِمَالُ الشك وانما رجح إِبْرَاهِيمُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَقَعُ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فِي الْخِطَابِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ إِنْسَانٍ قَالَ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ مَا كُنْتُ قَائِلًا لِفُلَانٍ أَوْ فَاعِلًا مَعَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ فَقُلْهُ لِي وَافْعَلْهُ مَعِي وَمَقْصُودُهُ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَظُنُّونَهُ شَكًّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِمَزِيدِ الْيَقِينِ وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِنَ الاقوال)فَنَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا أَصَحَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِهِ أَوْجُهًا أَظْهَرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ الطُّمَأْنِينَةَ بِعِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ مُشَاهَدَةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا اسْتِدْلَالًا فَإِنَّ عِلْمَ الِاسْتِدْلَالِ قَدْ تَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الشُّكُوكُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ عِلْمِ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَرَادَ اخْتِبَارَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أَيْ تُصَدِّقَ بِعِظَمِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَاصْطِفَائِكَ وَخُلَّتِكَ وَالثَّالِثُ سَأَلَ زِيَادَةَ يَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ شَكًّا فَسَأَلَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ تَفَاوُتًا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ كَشْفَ غِطَاءِ الْعِيَانِ لِيَزْدَادَ بنور اليقين تمكنا الرابع أَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ دَلِيلَهُ عِيَانًا وَقِيلَ أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جِيفَةً بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يَتَنَاوَلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَتَفَكَّرَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِيفَةِ وَتَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَيِّتٍ يُحْيِيهِ رَبُّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَكِنْ أَحَبَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةَ وَيُحِبُّونَ رُؤْيَةَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْإِيمَانِ بِكُلِّ ذَلِكَ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ والهمزة فى قوله تعالى أولم تؤمن هَمْزَةُ إِثْبَاتٍ كَقَوْلِ جَرِيرٍ أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ الشَّدِيدِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىفَإِنَّهُ أَشَدُّ الْأَرْكَانِ وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعُهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لُوطًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى أَضْيَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الظَّالِمِينَ ضَاقَ ذَرْعُهُ وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِمْ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قوة فى الدفع بنفسى أو آوى إِلَى عَشِيرَةٍ تَمْنَعُ لَمَنَعْتُكُمْ وَقَصْدُ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ الْعُذْرِ عِنْدَ أَضْيَافِهِ وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَطَاعَ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مَا لَفَعَلَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِعْرَاضًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تطيب قُلُوبِ الْأَضْيَافِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حِمَايَتِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتَجَأَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ لِلْأَضْيَافِ التَّأَلُّمَ وَضِيقَ الصَّدْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الداعى) فهو ثناء على يوسف عليه السلام وَبَيَانٌ لِصَبْرِهِ وَتَأَنِّيهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّاعِي رَسُولُ الْمَلِكِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قطعن أيديهن فَلَمْ يَخْرُجْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادِرًا إِلَى الرَّاحَةِ وَمُفَارَقَةِ السَّجْنِ الطَّوِيلِ بَلْ تَثَبَّتَ وَتَوَقَّرَ وَرَاسَلَ الْمَلِكَ فِي كَشْفِ أَمْرِهِ الَّذِي سُجِنَ بِسَبَبِهِ وَلِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَيَلْقَاهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَلَا خَجَلَ مِنْ يُوسُفَ وَلَا غَيْرِهِ فَبَيَّنَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ يوسف فى هذا وقوة نفسه فىالخير وَكَمَالِ صَبْرِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَالَهُ تَوَاضُعًا وَإِيثَارًا لِلْإِبْلَاغِ فِي بَيَانِ كَمَالِ فَضِيلَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُنْكِرُهُ عَلَى مُسْلِمٍ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ لِكَوْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ كَيْفَ يَحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَشُكُّ فِيهِ وَهَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يحتملون فى المتابعات والشواهد مالا يَحْتَمِلُونَ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُمُؤْمِنًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ لَأَرَاهُ أَيْ لَأَعْلَمَهُ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهَا فَإِنَّهُ قَالَ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَةَ وَقَوْلُهُ عن صالح عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا فِقْهُهُ وَمَعَانِيهُ فَفِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِيضَاحُ شَرْحِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ يَكْفِي الْإِقْرَارُ وَهَذَا خَطَأٌ ظاهر يراه إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوصُ فِي إِكْفَارِ الْمُنَافِقِينَ وَهَذِهِ صِفَتُهُمْ وَفِيهِ الشَّفَاعَةُ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْمَسْئُولِ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَفِيهِ تَنْبِيهُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَقْبَلُ مَا يُشَارُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلُهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَصْلَحَتُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وفيه الأمر بالتثبت وَتَرْكِ الْقَطْعِ بِمَا لَا يُعْلَمَ الْقَطْعُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْمَالَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصٌّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاهُهُمْ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَارُ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى بِهِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَبَاطِنٌ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِيمَانِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جَوَابِ سَعْدٍ (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَافُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ أَنْ يَكْفُرَ وَأَدَعُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمُهُ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قَلْبِهِ وَصَلَابَةِ إِيمَانِهِ وَأَمَّا قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن عامر) فقال أبوعلى الْغَسَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عن سفيان وكذلك قال أبو الحسن الدار قطنى فِي كِتَابِهِ الِاسْتِدْرَاكَاتُ قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَدْ يُقَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَافَقُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ سُفْيَانَ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً وَسَمِعَهُ مِنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَرَّةً فَرَوَاهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَكِنِ انْضَمَّتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ مَا ذَكَرُوهُ مِنْهَا أَنَّ سُفْيَانَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ وَمِنْهَا أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ رَوَوْهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْوِي عَنْ مُدَلِّسٍ قَالَ عَنْ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ عَنْعَنَ عنه وكيف كان فهذا الكلام فى الاسناد لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مُتَّصِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(باب زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى قال وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى ركن شديد وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأجبت الداعى) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَصَحُّهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ الشَّكَّ فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَوْ كَانَ مُتَطَرِّقًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَشُكَّ وَإِنَّمَا خُصَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِ الْآيَةِ قَدْ يَسْبِقُ إِلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا احْتِمَالُ الشك وانما رجح إِبْرَاهِيمُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرُ وَلَدِ آدَمَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَتْ طَائِفَةٌ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يَشُكَّ نَبِيُّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْهُ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَقَعُ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فِي الْخِطَابِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ الْمُدَافَعَةَ عَنْ إِنْسَانٍ قَالَ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ مَا كُنْتُ قَائِلًا لِفُلَانٍ أَوْ فَاعِلًا مَعَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ فَقُلْهُ لِي وَافْعَلْهُ مَعِي وَمَقْصُودُهُ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَظُنُّونَهُ شَكًّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ وَإِنَّمَا هُوَ طَلَبٌ لِمَزِيدِ الْيَقِينِ وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا مِنَ الاقوال)فَنَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا أَصَحَّهَا وَأَوْضَحَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا سُؤَالُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِهِ أَوْجُهًا أَظْهَرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ الطُّمَأْنِينَةَ بِعِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْإِحْيَاءِ مُشَاهَدَةً بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا اسْتِدْلَالًا فَإِنَّ عِلْمَ الِاسْتِدْلَالِ قَدْ تَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الشُّكُوكُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ عِلْمِ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ الْأَزْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَرَادَ اخْتِبَارَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أَيْ تُصَدِّقَ بِعِظَمِ مَنْزِلَتِكَ عِنْدِي وَاصْطِفَائِكَ وَخُلَّتِكَ وَالثَّالِثُ سَأَلَ زِيَادَةَ يَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ شَكًّا فَسَأَلَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ تَفَاوُتًا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ كَشْفَ غِطَاءِ الْعِيَانِ لِيَزْدَادَ بنور اليقين تمكنا الرابع أَنَّهُ لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحْيِي وَيُمِيتُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيُظْهِرَ دَلِيلَهُ عِيَانًا وَقِيلَ أَقْوَالٌ أُخَرُ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ سُؤَالِهِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جِيفَةً بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يَتَنَاوَلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ وَدَوَابُّ الْبَحْرِ فَتَفَكَّرَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِيفَةِ وَتَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إِلَى مُشَاهَدَةِ مَيِّتٍ يُحْيِيهِ رَبُّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلَكِنْ أَحَبَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجَنَّةَ وَيُحِبُّونَ رُؤْيَةَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْإِيمَانِ بِكُلِّ ذَلِكَ وَزَوَالِ الشُّكُوكِ عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ والهمزة فى قوله تعالى أولم تؤمن هَمْزَةُ إِثْبَاتٍ كَقَوْلِ جَرِيرٍ أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ الشَّدِيدِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىفَإِنَّهُ أَشَدُّ الْأَرْكَانِ وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعُهَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ لُوطًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَافَ عَلَى أَضْيَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الظَّالِمِينَ ضَاقَ ذَرْعُهُ وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِمْ فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قوة فى الدفع بنفسى أو آوى إِلَى عَشِيرَةٍ تَمْنَعُ لَمَنَعْتُكُمْ وَقَصْدُ لُوطٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَارُ الْعُذْرِ عِنْدَ أَضْيَافِهِ وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَطَاعَ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْهُمْ بِطَرِيقٍ مَا لَفَعَلَهُ وَأَنَّهُ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِعْرَاضًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تطيب قُلُوبِ الْأَضْيَافِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حِمَايَتِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْتَجَأَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ لِلْأَضْيَافِ التَّأَلُّمَ وَضِيقَ الصَّدْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الداعى) فهو ثناء على يوسف عليه السلام وَبَيَانٌ لِصَبْرِهِ وَتَأَنِّيهِ وَالْمُرَادُ بِالدَّاعِي رَسُولُ الْمَلِكِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قطعن أيديهن فَلَمْ يَخْرُجْ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادِرًا إِلَى الرَّاحَةِ وَمُفَارَقَةِ السَّجْنِ الطَّوِيلِ بَلْ تَثَبَّتَ وَتَوَقَّرَ وَرَاسَلَ الْمَلِكَ فِي كَشْفِ أَمْرِهِ الَّذِي سُجِنَ بِسَبَبِهِ وَلِتَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَيَلْقَاهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ بَرَاءَتَهُ مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ وَلَا خَجَلَ مِنْ يُوسُفَ وَلَا غَيْرِهِ فَبَيَّنَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةَ يوسف فى هذا وقوة نفسه فىالخير وَكَمَالِ صَبْرِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَالَهُ تَوَاضُعًا وَإِيثَارًا لِلْإِبْلَاغِ فِي بَيَانِ كَمَالِ فَضِيلَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فَفِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الْمُسَيَّبُ وَالِدُ سَعِيدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ وَقِيلَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُنْكِرُهُ عَلَى مُسْلِمٍ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ لِكَوْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ كَيْفَ يَحْتَجُّ بِشَيْءٍ يَشُكُّ فِيهِ وَهَذَا خَيَالٌ بَاطِلٌ مِنْ قَائِلِهِ فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَاسْتِشْهَادًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يحتملون فى المتابعات والشواهد مالا يَحْتَمِلُونَ فِي الْأُصُولِ وَاللَّهُأَوَائِلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    [150] حَدثنَا بن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي أَطْرَافه هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ كَذَا رَوَاهُ الْحميدِي وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن الصَّباح كلهم عَن سُفْيَان وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَالوهم فِي إِسْقَاطه من بن أبي عمر وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي استدراكاته وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَن يكون سُفْيَان سَمعه من الزُّهْرِيّ مرّة وسَمعه من معمر عَن الزُّهْرِيّ مرّة فَرَوَاهُ على الْوَجْهَيْنِ فَلَا يقْدَح أَحدهمَا فِي الآخر قَالَ بن حجر فِي شرح البُخَارِيّ وَهَذَا فِيهِ بعد لِأَن الرِّوَايَات تضافرت عَن بن عُيَيْنَة بِإِثْبَات معمر وَلم يُوجد بإسقاطه إِلَّا عِنْد مُسلم مَعَ أَنه فِي مُسْند شَيْخه بن أبي عمر بإثباته وَهَذَا يَنْفِي أَن يكون الْوَهم مِنْهُ كَمَا زَعمه أَبُو مَسْعُود قسما بِفَتْح الْقَاف أعْط فلَانا هُوَ جعيل بن سراقَة الضمرِي من خِيَار الصَّحَابَة سَمَّاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي أَو مُسلم بِإِسْكَان الْوَاو مَخَافَة للإسماعيلي قبله زِيَادَة وَمَا أعْطِيه إِلَّا يكبه بِفَتْح أَوله وَضم الْكَاف يُقَال أكب الرجل وكبه الله قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا بِنَاء غَرِيب فَإِن الْعَادة أَن الْفِعْل اللَّازِم بِغَيْر همز يعدى بِالْهَمْزَةِ وَهَذَا عَكسه وَضمير يكبه للمعطى أَي أتألف قلبه بالإعطاء مَخَافَة من كفره إِذا لم يُعْط رهطا أَي جمَاعَة قَالَ النَّوَوِيّ وَأَصله الْجَمَاعَة دون الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه لأراه مُؤمنا قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى أعلمهُ وَلَا يجوز ضمهَا فَيصير بِمَعْنى أَظُنهُ لِأَنَّهُ قَالَ غلبني مَا أعلم مِنْهُ وَلِأَنَّهُ رَاجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مَرَّات وَلَو لم يكن جَازِمًا باعتقاده لما كرر الْمُرَاجَعَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ الرِّوَايَة بِضَم الْهمزَة وَكَذَا قَالَ بن حجر وَأجَاب عَمَّا اسْتدلَّ بِهِ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ أطلق الْعلم على الظَّن الْغَالِب صَالح عَن بن شهَاب حَدثنِي عَامر قَالَ النَّوَوِيّ الثَّلَاثَة تابعيون وَهُوَ رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر فَإِن صَالحا أكبر من بن شهَاب الزُّهْرِيّ

    حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ أَوْ مُسْلِمًا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ أَوْ مُسْلِمًا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏"‏ أَوْ مُسْلِمًا ‏.‏ إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ ‏"‏ ‏.‏

    It is narrated on the authority of Sa'd that the Messenger of Allah (ﷺ) bestowed upon a group of persons (things), and Sa'd was sitting amongst them. Sa'd said:The Messenger of Allah (ﷺ) ignored some of them. And he who was ignored seemed to be more deserving in my eyes (as compared with others). I (Sa'd) said: Messenger of Allah I why is it that you did not give to such and such (man)? Verily I see him a believer. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ) observed: Or a Muslim? I kept quiet for some time but I was again impelled (to express) what I knew about him. I said: Messenger of Allah why is it that you did not give it to such and such? Verily, by Allah, see him a believer. Upon this the Messenger of Allah (ﷺ) remarked: (Nay, not a believer) but a Muslim. He (Sa'd) said: I again kept quite for some time but what I knew about him again impelled me (to express my opinion) and I said: Why is it that you did not give (the share) to so and so: By Allah, verily I see him a believer. The Messenger of Allah (ﷺ) remarked; (Nay, not so) but a Muslim. Verily (at times) I give (a share) to a certain man apprehending that he may not be thrown prostrate in the Fire, whereas the other man (who is not given) is dearer to me (as compared with him)

    Sa'd (que Dieu l'agrée) a dit : L'Envoyé de Dieu (paix et bénédiction de Dieu sur lui) était en train de faire un partage, quand je me suis adressé à lui en disant : "Ô Envoyé de Dieu! Donne à untel, car il est Croyant". - "Il est plutôt musulman!" répondit le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui). A ma demande répétée à trois reprises, le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) donna la même réponse; puis, il ajouta : "Parfois, je donne à un homme, alors que je préfère donner à un autre, dans la crainte que Dieu ne précipite celui-là dans le feu de l'Enfer". (N.B : Le Croyant sincère ne convoite rien; mais c'est surtout un néophyte dont la foi n'est pas encore stable, qui mérite l'aide matérielle pour faire graduellement croître sa foi) Les preuves rassurent le cœur

    Bana Züheyr b. Harb rivayet etti. (Dedi ki): Bize Yâkub b. İbrahim rivayet etti. (Dedi ki): Bize İbni Şihâb'ın kardeşi oğlu, Amcasın-rivâyet etti. Demiş ki: Bana Amir b. Sa'd b. Ebi Vakkas'ın babası Sa'd'dan rivayet ettiğine göre Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem): Birkaç kişiye (dağıttığı mallardan bir şeyler) verdi. Sa'd da aralarında oturuyordu. Sa'd dedi ki: Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem) aralarından kendisine bir şeyler vermediği birisini bıraktı. Halbuki aralarında benim en beğendiğim kişi o idi. Bunun üzerine: Ey Allah'ın Resulü neden filana bir şey vermedin? Allah'a yemin olsun ki ben onu bir mümin olarak görüyorum, dedim. Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem): "Yahut bir Müslüman olarak (de)" buyurdu. (Sa'd) dedi ki: Kısa bir süre sustum sonra onun hakkında bildiklerime yenik düştüm ve: Ey Allah'ın Resulü neden filan'a bir şey vermedin? Allah'a yemin ederim ki ben onu bir mümin olarak görüyorum, dedim. Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem): "Yahut bir Müslüman olarak (de)" buyurdu. (Sa'd) dedi ki: Kısa bir süre sustum sonra onun hakkında bildiklerime yenik düştüm ve: Ey Allah'ın Resulü neden filan kimseye bir şeyler vermedin? Allah'a yemin olsun ki ben onu bir mümin olarak görüyorum, dedim. Resulullah (Sallallahu aleyhi ve Sellem): "Yahut bir Müslüman olarak (de). Şüphesiz ki ben bir adama -başkasını ondan daha çok sevdiğim halde- bir şeyler veririm çünkü onun yüz üstü cehenneme yıkılacağından korkarım" buyurdu

    ابن شہاب ( زہری ) کے بھتیجے نے اپنے چچا سے حدیث بیان کی ، انہوں نے کہا : مجھے عامر بن سعد بن ابی وقاص نےاپنے والد سعد ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ سے خبر دی کہ رسول اللہ ﷺ نے کچھ لوگوں کو کچھ عطا فرمایا ، سعد ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ بھی ان میں بیٹھے تھے ، سعد ‌رضی ‌اللہ ‌عنہ ‌ ‌ نے کہا : پھر رسول اللہ ﷺ نے ان میں سے ایک کو چھوڑ دیا ، اسے کچھ عطانہ فرمایا ، حالانکہ ان سب سے وہی مجھ زیادہ اچھا لگتا تھا ، چنانچہ میں نے عرض کی : اے اللہ کے رسول ! آپ نے فلاں سے اعراض کیوں فرمایا؟ اللہ کی قسم ! میں اسے مومن سمجھتا ہوں ۔ اس پر رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’ یا مسلمان ۔ ‘ ‘ سعد نے کہا : پھر میں تھوڑی دیر کے لیے چپ ہو گیا ، پھر مجھ پر اس بات کا غلبہ ہوا جو میں اس کے بارے میں جانتا تھا تو میں نے عرض کی : اے اللہ کے رسول !فلاں سے آپ نے اعراض کیوں فرمایا؟ اللہ کی قسم !میں تو اسے مومن سمجھتا ہوں ۔ اس پر رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’ یامسلمان ۔ ‘ ‘ تو میں تھوڑی دیر کے لیے چپ ہو گیا ، پھر مجھ پر اس بات کاغلبہ ہوا جو میں اس کے بارے میں جانتا تھا ، چنانچہ میں نے عرض کی : اے اللہ کے رسول ! فلاں سے آپ نے اعراض کیوں فرمایا؟ کیونکہ اللہ کی قسم ! میں نے اسے مومن سمجھتا ہوں ۔ اس پر رسول اللہ ﷺ نے فرمایا : ’’یا مسلمان ۔ بلا شبہ میں ایک آدمی کو ( عطیہ ) دیتا ہوں ۔ حالانکہ دوسرا مجھے اس سے زیادہ پیارا ہوتا ہے ، اس بات سے ڈرتےہوئے کہ اسے منہ کے بل آگ میں ڈال دیا جائے گا ۔ ‘ ‘

    যুহারর ইবনু হারব (রহঃ) ..... সা'দ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন যে, রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কিছু লোককে কিছু মাল দিলেন। তখন সা'দ (রাযিঃ) তাদের মধ্যে বসেছিলেন। সা'দ (রাযিঃ) বলেন, রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তাদের মধ্যে এক ব্যক্তিকে কিছু দিলেন না, অথচ আমার দৃষ্টিতে সে ছিল পাওয়ার বেশি উপযুক্ত। তাই আমি বললাম, হে আল্লাহর রাসূল! অমুককে না দেয়ার কারণ কি? আল্লাহর কসম! অবশ্যই আমি তাকে তো মু'মিন বলে জানি। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়া সাল্লাম বললেন, বরং বল সে মুসলিম। আমি কিছুক্ষণ নীরব থাকলাম। তার সম্পর্কে আমি যা জানি তা আমার নিকট প্রবল হয়ে উঠল, তাই আমি বললাম, হে আল্লাহর রাসূল! অমুককে না দেয়ার কারণ কি? আল্লাহর কসম! আমি তো তাকে অবশ্যই মু'মিন বলে ধারণা করি। রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়া সাল্লাম বললেন, বরং বল সে মুসলিম। আমি কিছুক্ষণ চুপ রইলাম। পুনরায় তার সম্পর্কে আমি যা জানি তা প্রবল হয়ে উঠল, তাই আমি বললাম, হে আল্লাহর রাসূল! অমুককে না দেয়ার কারণ কি? আল্লাহর কসম, আমি তো তাকে অবশ্যই মুমিন বলে জানি! রাসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন, বরং বল সে মুসলিম। অন্যজন আমার নিকট অধিক প্রিয় হওয়া সত্ত্বেও আমি কাউকে এ আশঙ্কায় কিছু দান করে থাকি যে, আল্লাহ তা'আলা যেন তাকে উপুড় করে জাহান্নামে নিক্ষেপ না করেন*। (ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ২৭৭, ইসলামিক সেন্টারঃ)

    சஅத் பின் அபீவக்காஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (ஒரு முறை) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் ஒரு குழுவினருக்கு (தர்மப் பொருள்களை) வழங்கினார்கள். அவர்களிடையே நானும் அமர்ந்திருந்தேன். அப்போது, அக்குழுவினரில் எனக்குப் பிடித்த ஒருவருக்கு ஏதும் கொடுக்காமல் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் விட்டுவிட்டார்கள். ஆகவே நான், "அல்லாஹ்வின் தூதரே! (அவரை ஏன் விட்டுவிட்டீர்கள்?) அவர்மீது உங்களுக்கு என்ன (அதிருப்தி)? அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! அவர் ஓர் இறைநம்பிக்கையாளர் (முஃமின்) என நான் அறிவேன்" என்று கூறினேன். அதற்கு அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், "அவரை முஸ்லிம் (வெளித்தோற்றத்தில் இறை நம்பிக்கையாளர்) என்று சொல்லுங்கள்!" என்றார்கள். சிறிது நேரம் நான் அமைதியாக இருந்தேன். நான் அவரைப் பற்றி அறிந்திருந்த விஷயங்கள் மிகைத்துவிடவே, "அல்லாஹ்வின் தூதரே! அவர்மீது உங்களுக்கு என்ன (அதிருப்தி)? அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! அவர் ஓர் இறைநம்பிக்கையாளர் என்று நான் அறிவேன்" என்று (மீண்டும்) கூறினேன். அதற்கும் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், "அவரை முஸ்லிம் (என்று சொல்லுங்கள்!)" என்றார்கள். சிறிது நேரம் நான் அமைதியாக இருந்தேன். நான் அவரைப் பற்றி அறிந்திருந்த விஷயங்கள் என்னை மிகைத்துவிடவே, "அல்லாஹ்வின் தூதரே! அவர்மீது உங்களுக்கு என்ன (அதிருப்தி)? அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! அவர் ஓர் இறை நம்பிக்கையாளர் என்று நான் அறிவேன்" என்றேன். அப்போதும் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள், "அவரை முஸ்லிம் (என்று சொல்லுங்கள்!) நான் ஒருவருக்குக் கொடுக்கிறேன்; ஆனால், மற்றொருவர் அவரைவிட என் அன்புக்குரியவராய் இருப்பார். (அப்படியிருந்தும் அவருக்கு நான் கொடுப்பதற்குக்) காரணம், (நான் ஏதும் கொடுக்காதிருந்தால் வறுமையினால் அவர் குற்றமேதும் இழைத்து, அதனால்) அவர் நரகத்தில் முகம் குப்புற வீழ்த்தப்படுவாரோ எனும் அச்சம்தான்" என்று கூறினார்கள். - மேற்கண்ட ஹதீஸ் மேலும் இரு அறிவிப்பாளர்தொடர்கள் வழியாகவும் வந்துள்ளது. அவற்றில், "(அக்குழுவினரில் ஒருவருக்கு ஏதும் கொடுக்காததால்) நான் எழுந்து சென்று அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களிடம், "அவர்மீது உங்களுக்கு என்ன (அதிருப்தி)?" என்று இரகசியமாகக் கேட்டேன்" என்று (சஅத் பின் அபீக்காஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாக) அதிகப்படியாக இடம்பெற்றுள்ளது. - மேற்கண்ட ஹதீஸ் மற்றோர் அறிவிப்பாளர் தொடர் வழியாகவும் வந்துள்ளது. அதில், (மூன்று முறை கேட்டு பதிலுரைத்த பின்) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் எனது கழுத்திற்கும் புஜத்திற்கும் மத்தியில் அடித்து, "சஅதே! (என்னிடம் வழக்காடி) மோத வருகின்றீர்களா? நான் ஒருவருக்குக் கொடுக்கிறேன்..." என்று கூறியதாக இடம்பெற்றுள்ளது. அத்தியாயம் :