• 2576
  • أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ ، قَالَ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ ، فَقُلْتُ : مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ؟ قَالَ : " أَوْ مُسْلِمًا " قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ؟ قَالَ : " أَوْ مُسْلِمًا " . قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، قَالَ : " أَوْ مُسْلِمًا " يَعْنِي : فَقَالَ : " إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ ، قَالَ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ ، فَقُلْتُ : مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ؟ قَالَ : أَوْ مُسْلِمًا قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ؟ قَالَ : أَوْ مُسْلِمًا . قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلًا ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ، قَالَ : أَوْ مُسْلِمًا يَعْنِي : فَقَالَ : إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ وَعَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ بِهَذَا ، فَقَالَ : فِي حَدِيثِهِ ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ، فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي ، ثُمَّ قَالَ : أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : {{ فَكُبْكِبُوا }} : قُلِبُوا ، فَكُبُّوا {{ مُكِبًّا }} : أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ ، فَإِذَا وَقَعَ الفِعْلُ ، قُلْتَ : كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا

    رهطا: الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
    فساررته: سارره : حدثه سرا
    غلبني: الغلب : القهر ، والمقصود : استولى عليها
    خشية: الخشية : الخوف
    يكب: الكب : الإلقاء والطرح
    إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، خَشْيَةَ
    حديث رقم: 27 في صحيح البخاري كتاب الإيمان باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل
    حديث رقم: 241 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ تَأَلُّفِ قَلْبِ مَنْ يَخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ لِضَعْفِهِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ
    حديث رقم: 1816 في صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ بَابُ إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ
    حديث رقم: 240 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ تَأَلُّفِ قَلْبِ مَنْ يَخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ لِضَعْفِهِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ
    حديث رقم: 4128 في سنن أبي داوود كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
    حديث رقم: 4126 في سنن أبي داوود كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
    حديث رقم: 4952 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تأويل قوله عز وجل: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
    حديث رقم: 4953 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الإيمان وشرائعه تأويل قوله عز وجل: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
    حديث رقم: 1480 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ مُسْنَدُ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 1536 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ مُسْنَدُ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 163 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ فَرْضِ الْإِيمَانِ
    حديث رقم: 11071 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ
    حديث رقم: 29773 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالرُّؤْيَا بَابٌ
    حديث رقم: 5356 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 68 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 193 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَادِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 87 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 88 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 90 في المسند للشاشي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 142 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8 في مسند سعد بن أبي وقاص مسند سعد بن أبي وقاص عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ
    حديث رقم: 686 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 705 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 747 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 205 في معجم ابن الأعرابي بَابُ المُحمدين بَابُ المُحمدين
    حديث رقم: 1206 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جُمَّاعِ الْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعَمُّ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانَ أَخَصُّ مِنْهُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : الْإِيمَانُ الْعَمَلُ ، وَالْإِسْلَامُ الْكَلِمَةُ وَعَنِ الْحَسَنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّهُمَا كَانَا يَهَابَانِ : مُؤْمِنٌ ، وَيَقُولَانِ : مُسْلِمٌ وَبِهِ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ : حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
    حديث رقم: 8495 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ

    [1478] قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحَسَنِ الْحَلْوَانِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَوْلُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ فَكُبْكِبُوا إِلَخْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْإِيمَانِ وَجَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى عَادَتِهِ فِي إِيرَادِ تَفْسِيرِ اللَّفْظَةِ الْغَرِيبَةِ إِذَا وَافَقَ مَا فِي الْحَدِيثِ مَا فِي الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ أَيْ لَازِما وَإِذا وَقَعَ أَيْ إِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَالْغَرَضُ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مِنَ النَّوَادِرِ حَيْثُ كَانَ الثُّلَاثِيُّ مُتَعَدِّيًا وَالْمَزِيدُ فِيهِ لَازِمًا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَلِفُ أُكَبُّ لِلصَّيْرُورَةِ قَوْلُهُ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي الْإِسْنَادَيْنِ قَوْلُهُ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ يَعْنِي فِي السن وَمثل هَذَا جَاءَ عَن أَحْمد وبن مَعِينٍ.
    وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ كَانَ أَسَنَّ مِنَ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ بَعْدَهَا وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةً وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَمَّا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ فَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً وَقِيلَ قَبْلَهَا وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مِقْدَار عمره سنا تعقبوه عَلَيْهِ وَقَوله أدْرك بن عُمَرَ يَعْنِي أَدْرَكَ السَّمَاعَ مِنْهُ وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَمُخْتَلَفٌ فِي لُقِيِّهِ لَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنِ ابْنِهِ سَالِمٍ عَنْهُ وَالْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْهُ أَنه سمعهما من بن عُمَرَ ثَبَتَ ذِكْرُ سَالِمٍ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    رَابِعُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّالُّ عَلَى ذَمِّ السُّؤَالِ وَمَدْحِ الِاكْتِسَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَسْكَنَةَ إِنَّمَا تُحْمَدُ مَعَ الْعِفَّةِ عَنِ السُّؤَالِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْحَاجَةِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْحَيَاءِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَحُسْنُ الْإِرْشَادِ لِوَضْعِ الصَّدَقَةِ وَأَنْ يَتَحَرَّى وَضْعَهَا فِيمَنْ صِفَتُهُ التَّعَفُّفُ دُونَ الْإِلْحَاحِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ الْفَقِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ وَأَنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَهُ شَيْءٌ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَسَمَّاهُمْ مَسَاكِينَ مَعَ أَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً يَعْمَلُونَ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَعَكَسَ آخَرُونَ فَقَالُوا الْمِسْكِينُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ.
    وَقَالَ آخَرُونَ هُمَا سَوَاءٌ وَهَذَا قَول بن الْقَاسِمِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ وَقِيلَ الْفَقِيرُ الَّذِي يَسْأَلُ والمسكين الَّذِي لَا يسْأَل حَكَاهُ بن بَطَّالٍ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنِ اتَّصَفَ بِالتَّعَفُّفِ وَعَدَمِ الْإِلْحَافِ فِي السُّؤَالِ لَكِنْ قَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَاهُ الْمِسْكِينُ الْكَامِلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ أَصْلِ الْمَسْكَنَةِ عَنِ الطَّوَافِ بَلْ هِيَ كَقَوْلِهِ أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ الْحَدِيثَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى لَيْسَ الْبر الْآيَةَ وَكَذَا قَرَّرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَاللَّهُ أعلم(قَوْلُهُ بَابُ خَرْصِ التَّمْرِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَالْخَرْصُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَبِسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هُوَ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ تَفْسِيرَهُ أَنَّ الثِّمَارَ إِذَا أُدْرِكَتْ مِنَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بَعَثَ السُّلْطَانُ خَارِصًا يَنْظُرُ فَيَقُولُ يُخْرَجُ مِنْ هَذَا كَذَا وَكَذَا زَبِيبًا وَكَذَا وَكَذَا تَمْرًا فَيُحْصِيهِ وَيَنْظُرُ مَبْلَغَ الْعُشْرِ فَيُثْبِتُهُ عَلَيْهِمْ وَيُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الثِّمَارِ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْجِذَاذِ أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ انْتَهَى وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ التَّوْسِعَةُ عَلَى أَرْبَابِ الثِّمَارِ فِي التَّنَاوُلِ مِنْهَا وَالْبَيْعِ مِنْ زَهْوِهَا وَإِيثَارِ الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ وَالْفُقَرَاءِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهِمْ مِنْهَا تَضْيِيقًا لَا يَخْفَى.
    وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنْكَرَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ الْخَرْصَ.
    وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ تَخْوِيفًا لِلْمُزَارِعِينَ لِئَلَّا يَخُونُوا لَا لِيُلْزَمَ بِهِ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ وَغُرُورٌ أَوْ كَانَ يَجُوزُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا وَالْقِمَارِ وَتَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا وَالْمَيْسِرِ مُتَقَدِّمٌ وَالْخَرْصُ عُمِلَ بِهِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ تَرْكُهُ إِلَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ تَخْمِينٌ وَغُرُورٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ التَّمْرِ وَإِدْرَاكِهِ بِالْخَرْصِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْمَقَادِيرِ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ أَنَّ الْخَرْصَ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ يُوَفَّقُ مِنَ الصَّوَابِ مَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ غَيْرُهُ وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ غَيْرِهِ لَا يُسَدَّدُ لِمَا كَانَ يُسَدَّدُ لَهُ سَوَاءٌ أَنْ تَثْبُتَ بِذَلِكَ الْخُصُوصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْمَرْءُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاتِّبَاعُ إِلَّا فِيمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُسَدَّدُ فِيهِ كَتَسْدِيدِ الْأَنْبِيَاءِ لَسَقَطَ الِاتِّبَاعُ وَتَرِدُ هَذِهِ الْحُجَّةُ أَيْضًا بِإِرْسَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَرَّاصَ فِي زَمَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَاعْتَلَّ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لِلثَّمَرَةِ آفَةٌ فَتُتْلِفُهَا فَيَكُونَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِهَا مَأْخُوذًا بَدَلًا مِمَّا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ لَا يُضَمِّنُونَ أَرْبَابَ الْأَمْوَال مَا تلف بعد الْخرص قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ أَنَّ الْمَخْرُوصَ إِذَا أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ قَبْلَ الْجِذَاذِ فَلَا ضَمَانَ

    [1478] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَالَ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ رَجُلاً لَمْ يُعْطِهِ -وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ- فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا. قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا. قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنًا. قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا. يَعْنِي فَقَالَ إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ". وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ هَذَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ "فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلْ أَىْ سَعْدُ، إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ {{فَكُبْكِبُوا}}: قُلِبُوا. {{مُكِبًّا}}: أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ قُلْتَ: كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا. وبه قال: (حدّثنا محمد بن غرير) بضم الغين المعجمة وفتح الراء الأولى مصغرًا ابن الوليد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي المدني (الزهري) قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم عن أبيه) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عامر بن سعد) بسكون العين (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- (قال: أعطى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رهطًا) هو دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة وحذف مفعول أعطى الثاني ليعم (وأنا جالس فيهم)، في الرهط والجملة حالية (قال: فترك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منهم) أي من الرهط ولأبي ذر فيهم (رجلاً) هو جعيل بن سراقة فيما ذكره الواقدي الضمري أو الغفاري أو الثعلبي فيما ذكره أبو موسى. وروى ابن إسحاق في مغازيه عن محمد بن إبراهيم التيمي قال قيل يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة. وتركت جعيلاً. قال: والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلائع الأرض مثل عيينة والأقرع ولكني أتألفهما وأكل جعيلاً إلى إيمانه. وهذا مرسل حسن لكن له شاهدموصول. روى الروياني وابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق بكر بن سوادة عن أبي سالم الجيشاني عن أبي ذر: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له: كيف ترى جعيلاً؟ قلت: مسكينًا كشكله من الناس. قال: وكيف ترى فلانًا؟ قلت سيدًا من السادات. قال: فجعيل خير من ملء الأرض مثل هذا. قال: قلت يا رسول الله ففلان هكذا وتصنع به ما تصنع؟ قال: إنه رأس قومه فأتألفهم. وإسناده صحيح، وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن أبي ذر، لكن لم يسم جعيلاً. وأخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد فأبهم جعيلاً وأبا ذر؛ قاله في الإصابة. (لم يعطه وهو أعجبهم) أي أفضل الرهط وأصلحهم (إلي) أي في اعتقادي. قال في المصابيح: أضاف أفعل التفضيل إلى ضمير الرهط المعطين وأوقعه على الرجل الذي لم يعط وأفعل التفضيل إذا قصدت به الزيادة على من أضيف إليه كما قاله ابن الحاجب اشترط أن يكون منهم، وقد بينا أنه ليس من الرهط ضرورة كونه لم يعط فيمتنع كما يمتنع يوسف أحسن إخوته مع إرادة هذا المعنى والمخلص من ذلك أعجب الرهط الحاضرين الذين منهم المعطى والمتروك. فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المقصود بأفعل التفضيل زيادة مطلقة والإضافة للتخصيص والتوضيح فينتفي المحذور فيجوز التركيب كما أجازوا يوسف أحسن إخوته بهذا الاعتبار. قلت: المراد بالزيادة المطلقة أن يقصد تفضيله على كل ما سواه مطلقًا لا على المضاف إليه وحده وظاهر أن هذا المعنى غير مراد هنا انتهى. قال سعد: (فقمت إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فساررته فقلت: ما لك عن فلان) أي أي شيء حصل لك أعرضت به عن فلان فلا تعطيه (والله إني لأراه مؤمنًا) بضم الهمزة أي لأظنه وفي غير الفرع بفتح الهمزة أي أعلمه. قال النووي: ولا يضم على معنى أظنه لأنه قال: غلبني ما أعلم ولأنه راجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مرارًا فلو لم يكن جازمًا لما كرر المراجعة وتعقب بأن ما أعلم معناه ما أظن كقوله تعالى: {{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}} [الممتحنة: 10] والمراجعة لا تدل على الجزم لأن الظن يلزم اتباعه اتفافًا وحلف على غلبة ظنه. (قال) عليه الصلاة والسلام: (أو مسلمًا) بإسكان الواو على الإضراب عن قوله والحكم بالظاهر كأنه قال: بل مسلمًا ولا تقطع بإيمانه فإن الباطن لا يطلع عليه إلا الله فالأولى أن يعبر بالإسلام وليس حكمًا بعدم إيمانه بل نهي عن الحكم بالقطع به. (قال) سعد: (فسكت) سكوتًا (قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه) أظنه (مؤمنًا قال) عليه الصلاة والسلام: (أو مسلمًا) كذا لأبي ذر في حاشية الفرع وفيه: والله إني لأراه مؤمنًا أو قال مسلمًا. (قال: فسكت) سكوتًا (قليلاً ثم غلبني ما أعلم فيه) ولأبي ذر: منه بالميم والنون بدل الفاء والياء (فقلت يا رسول الله: ما لك عن فلان والله إني لأراه) أظنه (مؤمنًا. قال) عليه الصلاة والسلام: (أو مسلمًا) كذا لأبي ذر في حاشية الفرع وفيه: والله إني لأراه مؤمنًا أو قال مسلمًا (يعني فقال) وهاتان الكلمتان ساقطتان عند أبي ذر (إني لأعطي الرجل) مفعوله الثاني محذوف أي الشيء (وغيره أحب إلي منه) مبتدأ وخبره في موضع الحال (خشية) نصب مفعول له لقوله لأعطي أي لأجل خشية (أن يكب) بضم أوّله وفتح الكاف (في النار على وجهه). وهذا الحديث سبق في باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة من كتب الإيمان (وعن أبيه) عطفًا على السابق أي قال يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم (عن صالح) هو ابن كيسان (عن إسماعيل بن محمد أنه قال: سمعت أبي) محمد بن سعد بن أبي وقاص (يحدث هذا) الحديث، ولأبي ذر: بهذا فهو مرسل لأنه لم يذكر سعدًا، لكن قال الكرماني إن الإشارة في قوله هذا إلى قول سعد فهو متصل (فقال: في) جملة (حديثه فضرب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده فجمع بين عنقي وكتفي) فجمع بالفاء والفعل الماضي كذا في اليونينية، وفي بعض الأصول بجمع بالباء الجارة وضم الجيم وسكون الميم أي ضرب بيده حال كونها مجموعة وبين اسم لا ظرف. كقوله تعالى:{{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}} [الأنعام: 94] على قراءة الرفع. (ثم قال:) عليه الصلاة والسلام (أقبل) بكسر الموحدة فعل أمر من الإقبال، ولأبي ذر والأصيلى أقبل بفتح الموحدة فعل أمر من القبول فهمزته همزة وصل تكسر في الابتداء كأنه لما قال له ذلك تولى ليذهب فأمره بالإقبال ليبين له وجه الإعطاء والمنع (أي سعد) منادى مفرد مبني على الضم وأي نداء (إني لأعطي الرجل) الحديث (قال أبو عبد الله:) البخاري جريًا على عادته في إيراد تفسير اللفظة الغريبة إذا وافق ما في الحديث ما في القرآن ({{فكبكبوا}}) في سورة الشعراء أي (قلبوا) بضم القاف وكسر اللام وضم الموحدة، ولأبي ذر: فكبوا بضم الكاف من الكب وهو الإلقاء على الوجه، وقوله تعالى في سورة الملك ({{مكبًّا}}) بكسر الكاف لأبي ذر يقال: (أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد) أي لازمًا (فإذا وقع الفعل) أي إذا كان متعديًا (قلت: كبه الله لوجهه، وكببته أنا) يريد أن أكب لازم وكب متعد وهو غريب أن يكون القاصر بالهمزة والمتعدي بحذفها.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1420 ... ورقمه عند البغا:1478 ]
    - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ غُزَيْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ عَن أبيهِ عنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عامِرُ بنُ سَعْدٍ عنْ أبِيهِ قَالَ أعْطَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَهطا وَأنا جالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فترَكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنهُم رجُلاً لَمْ يُعْطِهِ وَهْوَ أعْجَبُهُمْ إلَيَّ فقُمْتُ إلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسَاوَرْتُهُ فقُلْتُ مالَكَ عنْ فُلانٍ وَالله إنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما قَالَ فسَكَتُّ قلِيلاً ثُمَّ غَلَبنِي مَا أعْلَمُ فيهِ فقُلْتُ يَا رسولَ الله مَا لَكَ عنْ فُلانٍ وَالله إنِّي لأُرَاهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما قَالَ فسَكَتُّ قَليلاً ثُمَّ غلبَني مَا أعْلَمُ فيهِ فقُلْتُ يَا رسولَ الله مالَكَ عَن فُلانٍ وَالله لأُراهُ مُؤْمِنا قَالَ أوْ مُسْلِما يَعْنِي فَقَالَ إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرَهُ أحَبُّ إليَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ.(انْظُر الحَدِيث 72) .مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الرجل الَّذِي تَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُعْطه شَيْئا، وَهُوَ أَيْضا ترك السُّؤَال أصلا مَعَ مُرَاجعَة سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَبَبِهِ ثَلَاث مَرَّات، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ إِذا لم يكن الْإِسْلَام على الْحَقِيقَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهنا أخرجه: عَن مُحَمَّد بن غرير، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الزُّهْرِيّ، بِضَم الزَّاي وَسُكُون الْهَاء، وَقد تقدم فِي: بابُُ مَا ذكر فِي ذهَاب مُوسَى فِي كتاب الْعلم. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي كتاب الْإِيمَان.وعَنْ أبيهِ عَن صالِحٍ عنْ إسْمَاعِيلَ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ هاذا فَقَالَ فِي حدِيثِهِ فضَرَبَ رسولُ الله بيَدِهِ فجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وكَتِفي ثُمَّ قَالَ أقْبِلْ أيْ سَعْدُ إنِّي لأُعطِي الرَّجُلَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (وَعَن أَبِيه) ، عطف على الْمَذْكُور أَولا فِي الْإِسْنَاد أَي: قَالَ يَعْقُوب عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم عَن صَالح بن كيسَان عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: أَبوهُ مُحَمَّد فروايته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلَة إِذْ لَا بُد من توَسط ذكر سعد حَتَّى يصير مُسْندًا مُتَّصِلا؟ قلت: لفظ، هَذَا، هُوَ إِشَارَة إِلَى قَول سعد، فَهُوَ مُتَّصِل وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ مُسلم عَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي عَن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن صَالح عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن سعد يحدث بِهَذَا ... يَعْنِي حَدِيث الزُّهْرِيّ الْمَذْكُور، فَقَالَ فِي حَدِيثه: فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ بَين عنقِي وكتفي ثمَّ قَالَ: أقتالاً أَي سعد إِنِّي لأعطي الرجل؟ وَفِي الْجمع للحميدي فِي أَفْرَاد مُسلم: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِنَحْوِ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد. قَوْله: (يحدث) ، هَذَا إِشَارَة إِلَى قَول سعد كَمَا ذكرنَا. قَوْله: (فِي حَدِيثه) أَي: فِي جملَة حَدِيثه. قَوْله: (فَجمع) ، بفاء الْعَطف، وَفعل الْمَاضِي، وَقَالَ ابْن التِّين: رِوَايَة أبي ذَر: فَجمع، وَفِي رِوَايَة غَيره: جمع، بِدُونِ الْفَاء، ويروى: (فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَجمع بَين عنقِي وكتفي) . قَالَ ابْن قرقول: أَي: حَيْثُ يَجْتَمِعَانِ، وَكَذَلِكَ مجمع الْبَحْرين حَيْثُ يجْتَمع بَحر وبحر، وتوجيه هَذِه الرِّوَايَة إِن يكون لفظ: بَين، إسما لَا ظرفا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {{لقد تقطع بَيْنكُم}} (الْأَنْعَام: 49) . على قراء الرّفْع فَيكون
    لفظ: مجمع، مُضَافا إِلَيْهِ، ويروى: (فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ يجمع بَين عنقِي وكتفي) ، بِالْبَاء الجارة وَضم الْجِيم وَسُكُون الْمِيم، وَمحله نصب على الْحَال تَقْدِيره: ضرب بِيَدِهِ حَال كَونهَا مَجْمُوعَة، وَيجوز فِي الْكَتف ثَلَاث لُغَات. قَوْله: (ثمَّ قَالَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أقبل) بِفَتْح الْهمزَة، أَمر من الإقبال أَو بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْبَاء من الْقبُول، حسب الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ التَّيْمِيّ: فِي بَعْضهَا أقبل بِقطع الْألف، كَأَنَّهُ لما قَالَ ذَلِك تولى ليذْهب فَقَالَ لَهُ: أقبل لأبين لَك وَجه الْإِعْطَاء وَالْمَنْع، وَفِي بَعْضهَا بوصل الإلف أَي: أقبل مَا أَنا قَائِل لَك وَلَا تعترض عَلَيْهِ. قلت: وَيدل عَلَيْهِ بَاقِي رِوَايَة مُسلم: (أقتالاً أَي سعد) أَي: أتقاتل قتالاً؟ أَي: أتعارضني فِيمَا أَقُول مرّة بعد مرّة كَأَنَّك تقَاتل؟ وَهَذَا يشْعر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره مِنْهُ إلحاحه عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَة. قَوْله: (أَي سعد) يَعْنِي: يَا سعد إِنِّي لأعطي، اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، وَإِنَّمَا أعطي الرجل ليتألفه ليستقر الْإِيمَان فِي قلبه وَعلم أَنه إِن لم يُعْطه قَالَ قولا أَو فعل فعلا دخل بِهِ النَّار، فَأعْطَاهُ شَفَقَة عَلَيْهِ، وَمنع الآخر علما مِنْهُ رسوخ الْإِيمَان فِي صَدره ووثوقا على صبره.وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ: الشَّفَاعَة للرجل من غير أَن يسْأَلهَا ثَلَاثًا. وَفِيه: النَّهْي عَن الْقطع لأحد من النَّاس بِحَقِيقَة الْإِيمَان وَأَن الْحِرْص على هِدَايَة غير الْمُهْتَدي آكِد من الْإِحْسَان إِلَى الْمُهْتَدي. وَفِيه: الْأَمر بالتعفف والاستغناء وَترك السُّؤَال.قَالَ أبُو عَبْدِ الله فَكُبْكِبُوا قُلِبُوا مُكِبا أكَبَّ الرَّجُلِ إذَا كانَ فِعلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أحَدٍ فإذَا وقَعَ الفِعْلُ قُلْتَ كَبَّهُ الله لِوَجْهِهِ وكبَبْتُهُ أنَاقَالَ أَبُو عبد الله، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَقد جرت عَادَته أَنه إِذا كَانَ فِي الْقُرْآن لفظ يُنَاسب لفظ الحَدِيث يذكرهُ اسْتِطْرَادًا فَقَوله: (فكبكبوا) ، مَذْكُور فِي سُورَة الشُّعَرَاء مَعْنَاهُ: فكبوا بِلَفْظ الْمَجْهُول من الكب، وَهُوَ الْإِلْقَاء على الْوَجْه. وَفِي بَعْضهَا: قلبوا بِالْقَافِ وَاللَّام وَالْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله: (مكبا) ، بِضَم الْمِيم هُوَ الْمَذْكُور فِي سُورَة الْملك، وَهُوَ قَوْله: {{أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه}} (الْملك: 22) . قَوْله: (أكب الرجل) يَعْنِي: وَقع على وَجهه، وَهُوَ لَازم أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: (إِذا كَانَ فعله غير وَاقع على أحد) ، وَذَلِكَ أَنهم يسمون الْفِعْل الَّذِي لَا يتَعَدَّى: لَازِما وَغَيره وَاقع. قَوْله: (فَإِذا وَقع الْفِعْل) ، يَعْنِي: إِذا وَقع على أحد يكون مُتَعَدِّيا: وَيُسمى وَاقعا أَيْضا، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: (قلت كَبه الله لوجهه) ، وَهَذَا من نَوَادِر الْكَلِمَة حَيْثُ كَانَ ثلاثيه مُتَعَدِّيا والمزيد فِيهِ لَازِما، عكس الْقَاعِدَة التصريفية. قَوْله: (وكببته أَنا) متعدٍ أَيْضا، أَي: كببت أَنا فلَانا على وَجهه، وأتى بالمثالين أَحدهمَا من الْغَائِب وَالْآخر من الْمُتَكَلّم، وكببته يجوز فِيهِ أَن تبدل الْيَاء من الْبَاء الثَّانِيَة فَنَقُول: كبيته، على مَا علم فِي مَوْضِعه.قَالَ أبُو عَبْدِ الله: صالِحُ بنُ كَيْسَانَ أكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَهْوَ قَدْ أدْرَكَ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (صَالح بن كيسَان) هُوَ الْمَذْكُور فِي الإسنادين. قَوْله: (أكبر) أَي: أكبر سنا، كَانَ عمره مائَة وَسِتِّينَ سنة. قَوْله: (من الزُّهْرِيّ) يَعْنِي من مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. قَوْله: (وَهُوَ) أَي: صَالح ابْن كيسَان (قد أدْرك عبد الله بن عمر) ، يَعْنِي: أدْرك السماع مِنْهُ. وَأما الزُّهْرِيّ فمختلف فِي لقِيه لَهُ، وَالصَّحِيح أَنه لم يلقه وَإِنَّمَا يرْوى عَن أَبِيه سَالم عَنهُ، وَالْحَدِيثَانِ اللَّذَان وَقع فِي رِوَايَة معمر عَنهُ أَنه سمعهما من ابْن عمر ثَبت ذكر سَالم بَينهمَا فِي رِوَايَة غَيره.

    لا توجد بيانات