• 2841
  • أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، أَخْبَرَتْهَا : أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، فَقَالَ : " أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ " ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي " . قُلْتُ : فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ؟ قَالَ : " بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ " ، قُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : " لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي ، إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ " ، قَالَ عُرْوَةُ ، وثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لِأَبِي لَهَبٍ : كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا ، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ ، قَالَ لَهُ : مَاذَا لَقِيتَ ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ : لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ

    حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، أَخْبَرَتْهَا : أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، فَقَالَ : أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي . قُلْتُ : فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ؟ قَالَ : بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي ، إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ ، قَالَ عُرْوَةُ ، وثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لِأَبِي لَهَبٍ : كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا ، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ ، قَالَ لَهُ : مَاذَا لَقِيتَ ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ : لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ

    بمخلية: مخلية : منفردة بك خالية من ضرة
    ربيبتي: الربيبة : بنت زوجة الرجل من غيره تربى في داره
    حجري: الحجر : الكنف والرعاية والتربية
    مولاة: المولاة : الجارية المعتَقة
    لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي
    حديث رقم: 4848 في صحيح البخاري كتاب النكاح باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير
    حديث رقم: 4834 في صحيح البخاري كتاب النكاح باب {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} [النساء: 23]
    حديث رقم: 4835 في صحيح البخاري كتاب النكاح باب {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} [النساء: 23]
    حديث رقم: 5080 في صحيح البخاري كتاب النفقات باب المراضع من المواليات وغيرهن
    حديث رقم: 2704 في صحيح مسلم كِتَابُ الرِّضَاعِ بَابُ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ ، وَأُخْتِ الْمَرْأَةِ
    حديث رقم: 2705 في صحيح مسلم كِتَابُ الرِّضَاعِ بَابُ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ ، وَأُخْتِ الْمَرْأَةِ
    حديث رقم: 3268 في السنن الصغرى للنسائي كتاب النكاح تحريم الربيبة التي في حجره
    حديث رقم: 3269 في السنن الصغرى للنسائي كتاب النكاح تحريم الجمع بين الأم والبنت
    حديث رقم: 3271 في السنن الصغرى للنسائي كتاب النكاح تحريم الجمع بين الأختين
    حديث رقم: 1934 في سنن ابن ماجة كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
    حديث رقم: 26819 في مسند أحمد ابن حنبل مِنْ مُسْنَدِ الْقَبَائِلِ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ
    حديث رقم: 4184 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ الْهَدْيُ
    حديث رقم: 4185 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ الْهَدْيُ
    حديث رقم: 5266 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النِّكَاحِ تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ الَّتِي فِي حِجْرِ الرَّجُلِ
    حديث رقم: 5265 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النِّكَاحِ تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ الَّتِي فِي حِجْرِ الرَّجُلِ
    حديث رقم: 5267 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النِّكَاحِ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ
    حديث رقم: 5268 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النِّكَاحِ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ
    حديث رقم: 13043 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ النِّكَاحِ مَا قَالُوا فِي الرَّضَاعِ : يَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
    حديث رقم: 19316 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19310 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19311 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19312 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19313 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19314 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19315 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 13486 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابٌ : يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
    حديث رقم: 13494 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الطَّلَاقِ بَابٌ : يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
    حديث رقم: 12574 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 13024 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمِنَ
    حديث رقم: 13025 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمِنَ
    حديث رقم: 14560 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الرَّضَاعِ بَابٌ : يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ وَأَنَّ لَبَنَ
    حديث رقم: 1915 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ
    حديث رقم: 302 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1215 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ
    حديث رقم: 3564 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَا يُشَاكِلُهُ بَابُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ
    حديث رقم: 227 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرُ مَنْ أَرْضَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَسْمِيَةِ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ
    حديث رقم: 6990 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني النساء دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ
    حديث رقم: 6971 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
    حديث رقم: 3562 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَا يُشَاكِلُهُ بَابُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ
    حديث رقم: 3563 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَا يُشَاكِلُهُ بَابُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ
    حديث رقم: 3565 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَا يُشَاكِلُهُ بَابُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ
    حديث رقم: 3566 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَا يُشَاكِلُهُ بَابُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ الَّتِي هِيَ
    حديث رقم: 6989 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني النساء دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

    [5101] قَوْلُهُ انْكِحْ أُخْتِي أَيْ تَزَوَّجْ قَوْلُهُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أبي حبيب عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي حَمْنَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ أَصْنَعُ مَاذَا قَالَتْ تَنْكِحُهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ فَأَفْعَلُ مَاذَا وَفِيهِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْفِعْلِ عَلَى مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ مِنَ النُّحَاةِ وَعِنْدَ أَبِي مُوسَى فِي الذَّيْلِ دُرَّةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِالْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ وَقَالَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَهُوَ كَمَا قَالَا قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ لَكِنْ حُذِفَ هَذَا الِاسْمُ وَكَأَنَّهُ عَمْدًا وَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَذَفَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ دُرَّةٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَجَزَمَ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ اسْمَهَا حَمْنَةُ كَمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ وَقَالَ عِيَاضٌ لَا نَعْلَمُ لِعَزَّةَ ذِكْرًا فِي بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْهَرُ فِيهَا عَزَّةُ قَوْلُهُ أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ كَوْنِهَا تَطْلُبُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا مَعَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْغَيْرَةِ قَوْلُهُ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْلَى يُخْلِي أَيْ لَسْتُ بِمُنْفَرِدَةٍ بِكَ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلِ الْإِخْلَاءِ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا مِنْ أَخْلَيْتُ بِمَعْنَى خَلَوْتُ مِنَ الضَّرَّةِ أَيْ لَسْتُ بِمُتَفَرِّغَةٍ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ وَفِي بَعْضِ الرَّوِايَّاتِ بِفَتْحِ اللَّامِ بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ حَكَاهَا الْكِرْمَانِيُّ وَقَالَ عِيَاضٌ مُخْلِيَةٌ أَيْ مُنْفَرِدَةٌ يُقَالُ أَخْلِ أَمَرَكَ وَأَخْلُ بِهِ أَيِ انْفَرِدْ بِهِ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ لَمْ أَجِدْكَ خَالِيًا مِنَ الزَّوْجَاتِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمُ امْرَأَةٌ مُخْلِيَةٌ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْأَزْوَاجِ قَوْلُهُ وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ إِلَيَّ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا مَنْ شَرِكَنِي بِغَيْرِ أَلِفٍ وَكَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ فِي خَيْرٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ أَيُّ خَيْرٍ كَانَ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فِي الْخَيْرِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ صُحْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ السَّاتِرَةُ لِمَا لَعَلَّهُ يَعْرِضُ مِنَ الْغَيْرَةِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَة وَأحب من شركني فِيك اخى فَعَرَفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ ذَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَإِنَّا نُحَدَّثُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفتح الْحَاء على الْبَاء لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ بَلَغَنِي وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لِنَتَحَدَّثُ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرْتُ قَوْلُهُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ وَلَمْ أَقِفُ عَلَى اسْمِ مَنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخَبَرَ لَا أَصْلَ لَهُ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمَرَاسِيلِ قَوْلُهُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الآتيه وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ عِرَاكٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا عِيَاضٌ وَخَطَّأَهَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةُ أَوْ ذَرَّةُ عَلَى الشَّكِّ شَكَّ زُهَيْرٌ رَاوِيَةً عَنْ هِشَامٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى خَطَئِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى فِي ذَيْلِ الْمَعْرِفَةِ حَمْنَةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَقَوْلُهُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِثْبَاتٍ لِرَفْعِ الْإِشْكَالِ أَوِ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَمِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ لَمْ تَطَّلِعْ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ وَإِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَظَنَّتْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ يَدْفَعُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتَدَلَّتْ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ حَرُمَتْ على التأييد وَالْأُخْتَ حَرُمَتْ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ فَقَطْ فَأَجَابَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَأَنَّ الَّذِي بَلَغَهَا مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ وَأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ قَوْلُهُ لَوْ أَنَّهَا لَمْتَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ عَلَّلَ تَحْرِيمَهَا بِكَوْنِهَا رَبِيبَةً وَبِكَوْنِهَا بِنْتَ أَخٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا مَانِعٌ وَاحِد لكفى فِي التَّحْرِيم فَكيف وَبهَا العان فَلَيْسَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ كُلَّ وَصْفَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ فَإِمَّا أَنْ يَتَعَاقَبَا فَيُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا كَمَا فِي السَّبَبَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا وَمِثَالُهُ لَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَحْدَثَ بِغَيْرِ تَخَلُّلِ طَهَارَةٍ فَالْحَدَثُ الثَّانِي لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا أَوْ يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الثَّانِي كَمَا فِي اجْتِمَاعِ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ يُضَافُ إِلَى أَشْبَهِهِمَا وَأَنْسَبِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَمِ الثَّانِيَ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يُضَافُ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ يُوجَدُ فَالْإِضَافَةُ إِلَى الْمَجْمُوعِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءَ عِلَّةٍ لَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَلَا تَجْتَمِعُ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي الْأُصُولِ وَفِيهَا خِلَافٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالرَّبِيبَةِ أَشَدُّ مِنَ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعَةِ وَقَوْلُهُ رَبِيبَتِي أَيْ بِنْتُ زَوْجَتِي مُشْتَقَّةٌ مِنَ الرَّبِّ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَقِيلَ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ وَقَوْلُهُ فِي حِجْرِي رَاعَى فِيهِ لَفْظَ الْآيَةِ وَإِلَّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَفِي رِوَايَةِ عِرَاكٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ ربيبتي مَا حلت لي فَذكر بن حَزْمٍ أَنَّ مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا فِي الْحَجْرِ أَوْ لَا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالَّذِينَ زَادُوا فِيهَا لَفْظَ فِي حِجْرِي حُفَّاظٌ أَثَبَاتٌ قَوْلُهُ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ أَيْ وأرضعت أَبَا سَلَمَةَ وَهُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِل قَوْله ثويبة بمثلثة وموحدة مصغر كَانَتْ مَوْلَاةً لِأَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَلَا تَعْرِضْنَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ عَلَى الْخِطَابِ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ خِطَابٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ وَحدهَا وَالْأول أوجه وَقَالَ بن التِّينِ ضُبِطَ بِضَمِّ الضَّادِ فِي بَعْضِ الْأُمَّهَاتِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ الْأَبْيَنُ فَهُوَ بِسُكُونِ الضَّادِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ وَلَوْ أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ التَّأْكِيدَ فَشَدَّدْتَ النُّونَ لَكَانَ تَعْرِضَنَانِّ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ ثَلَاثُ نُونَاتٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُنَّ بِأَلِفٍ وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِأُمِّ حَبِيبَةَ خَاصَّةً فَتَكُونُ الضَّادُ مَكْسُورَةً وَالنُّونُ مُشَدَّدَةً وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ جَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ رَدْعًا وَزَجْرًا أَنْ تَعُودَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا كَمَا لَوْ رَأَى رَجُلٌ امْرَأَةً تُكَلِّمُ رَجُلًا فَقَالَ لَهَا أَتُكَلِّمِينَ الرِّجَالَ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ شَائِعٌ وَكَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْأَخَوَاتِ قَرِيبَةُ زَوْجُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَقَرِيبَةُ الصُّغْرَى زَوْجُ عُمَرَ ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَزَّةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَلَهَا مِنَ الْبَنَاتِ زَيْنَبُ رَاوِيَةُ الْخَبَرِ وَدُرَّةُ الَّتِي قِيلَ إِنَّهَا مَخْطُوبَةٌ وَكَانَ لِأُمِّ حَبِيبَةَ مِنَ الْأَخَوَاتِ هِنْدٌ زَوْجُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ وَجُوَيْرِيَةُ زَوْجُ السَّائِبِ بْنِ أَبِي حُبَيْشٍ وَأُمَيْمَةُ زَوْجُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَأُمُّ الْحَكَمِ زَوْجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَصَخْرَةُ زَوْجُ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ وَمَيْمُونَةُ زَوْجُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَلَهَا مِنَ الْبَنَاتِ حَبِيبَةُ وَقَدْ رَوَتْ عَنْهَا الْحَدِيثَ وَلَهَا صُحْبَةٌ وَكَانَ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَخَوَاتِ أُمُّ كُلْثُومٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ ابْنَتَا زَمْعَةَ أُخْتَا سَوْدَةَ وَأَسْمَاءُ أُخْتُ عَائِشَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ أُخْتُ حَفْصَةَ وَغَيْرُهُنَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ قَالَ عُرْوَةُ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَلَّقَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْهُ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ فَقَالَ قَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الذُّهْلِيِّعَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِإِسْنَادِهِ قَوْلُهُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلَاةٌ لأبي لَهب قلت ذكرهَا بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالَ اخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِهَا وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ إِسْلَامَهَا غَيْرَهُ وَالَّذِي فِي السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْرِمُهَا وَكَانَتْ تدخل عَلَيْهِ بعد مَا تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَكَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهَا الصِّلَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ مَاتَتْ وَمَاتَ ابْنُهَا مَسْرُوحٌ قَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرُهُ أَنَّ عِتْقَهُ لَهَا كَانَ قَبْلَ إِرْضَاعِهَا وَالَّذِي فِي السِّيَرِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا أَنَّ عِتْقَهَا كَانَ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ وَسَأَذْكُرُ كَلَامَهُ قَوْلُهُ أُرِيَهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ النَّائِبُ عَنِ الْفَاعِلِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي بَعْدَ حَوْلٍ فِي شَرِّ حَالٍ فَقَالَ مَا لَقِيتُ بَعْدَكُمْ رَاحَةً إِلَّا أَنَّ الْعَذَابَ يُخَفَّفُ عَنِّي كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ بَشَّرَتْ أَبَا لَهَبٍ بِمَوْلِدِهِ فَأَعْتَقَهَا قَوْلُهُ بِشَرِّ حِيبَةٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ سوء حَال وَقَالَ بن فَارِسٍ أَصْلُهَا الْحَوْبَةُ وَهِيَ الْمَسْكَنَةُ وَالْحَاجَةُ فَالْيَاءُ فِي حِيبَةٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغْوِيِّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فِي حَالَةٍ خَائِبَةٍ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ هُوَ تَصْحِيفٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُرْوَى بِالْمُعْجَمَةِ وَوَجَدَتْهُ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَحَكَى فِي الْمَشَارِقِ عَنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْجِيمِ وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا تَصْحِيفًا وَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا قَالَ قَوْلُهُ مَاذَا لَقِيتَ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي كَذَا فِي الْأُصُولِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَمْ أَلْقَ بعدكم رَاحَة قَالَ بن بَطَّالٍ سَقَطَ الْمَفْعُولُ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنِّي سَقَيْتُ فِي هَذِهِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِالْحَذْفِ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَذْكُورَةِ وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي تَحْتَ إِبْهَامِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْمَذْكُورَةِ وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا مِنَ الْأَصَابِعِ وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ كَذَا مِثْلُهُ بِلَفْظِ يَعْنِي النُّقْرَةَ إِلَخْ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى حَقَارَةِ مَا سُقِيَ مِنَ الْمَاءِ قَوْلُهُ بِعَتَاقَتِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِعِتْقِي وَهُوَ أَوْجَهُ وَالْوَجْهُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِإِعْتَاقِي لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّخْلِيصُ مِنَ الرِّقِّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِي الْآخِرَةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وَأُجِيبَ أَوَّلًا بِأَنَّ الْخَبَرَ مُرْسَلٌ أَرْسَلَهُ عُرْوَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا فَالَّذِي فِي الْخَبَرِ رُؤْيَا مَنَامٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَعَلَّ الَّذِي رَآهَا لَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ أَسْلَمَ بَعْدُ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَثَانِيًا عَلَى تَقْدِيرِ الْقَبُولِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُ فَنُقِلَ مِنَ الْغَمَرَاتِ إِلَى الضَّحْضَاحِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ مَا وَرَدَ مِنْ بُطْلَانِ الْخَيْرِ لِلْكُفَّارِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَكُونُ لَهُمُ التَّخَلُّصُ مِنَ النَّارِ وَلَا دُخُولُ الْجَنَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَهُ عَلَى مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْجَرَائِمِ سِوَى الْكُفْرِ بِمَا عَمِلُوهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَأَمَّا عِيَاضٌ فَقَالَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمْ وَلَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا بِنَعِيمٍ وَلَا تَخْفِيفِ عَذَابٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَشَدَّ عَذَابًا مِنْ بَعْضٍ قُلْتُ وَهَذَا لَا يَرُدُّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَنْبِ الْكُفْرِ وَأَمَّا ذَنْبُ غَيْرِ الْكُفْرِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَخْفِيفِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا التَّخْفِيفُخَاصٌّ بِهَذَا وَبِمَنْ وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا مُحَالٌ وَهِيَ اعْتِبَارُ طَاعَةِ الْكَافِرِ مَعَ كُفْرِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّاعَةِ أَنْ تَقَعَ بِقَصْدٍ صَحِيحٍ وَهَذَا مَفْقُودٌ مِنَ الْكَافِرِ الثَّانِيَةُ إِثَابَةُ الْكَافِرِ عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا لَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِتْقُ أَبِي لَهَبٍ لِثُوَيْبَةَ قُرْبَةً مُعْتَبَرَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَا شَاءَ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ وَالْمُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا قُلْتُ وَتَتِمَّةُ هَذَا أَنْ يَقَعَ التَّفَضُّلُ الْمَذْكُورُ إِكْرَامًا لِمَنْ وَقَعَ مِنَ الْكَافِرِ الْبِرُّ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم (قَوْله بَاب من قَالَ لارضاع بَعْدَ حَوْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا أَيِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ لِكُلٍّ مِنَ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا تَقْدِيرُ مُدَّةِ أَقَلِّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَإِلَى ذَلِكَ صَارَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ إِنَّ أَقْصَى الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَنِصْفٌ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَةٌ تُوَافِقُ قَوْلَ الْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّ مَنْزَعَهَمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مُدَّةً يُدْمِنُ الطِّفْلُ فِيهَا عَلَى الْفِطَامِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُفْطَمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَلْ عَلَى التَّدْرِيجِ فِي أَيَّامٍ قَلِيلَاتٍ فَلِلْأَيَّامِ الَّتِي يُحَاوَلُ فِيهَا فِطَامُهُ حُكْمُ الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيلَ يُغْتَفَرُ نِصْفُ سَنَةٍ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ وَقِيلَ شَهْرٌ وَقِيلَ لَا يُزَادُ على الْحَوْلَيْنِ وَهِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَمِنْ حجتهم حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ لَمْ يُسْنِدْهُ عَن بن عُيَيْنَةَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافظ وَأخرجه بن عدي وَقَالَ غير الْهَيْثَم يوقفه على بن عَبَّاسٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَعِنْدَهُمْ مَتَى وَقَعَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوِ ابْتَدَأَ الْوَضْعُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ جُبِرَ الْمُنْكَسِرُ مِنْ شَهْرٍ آخَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَمِرُّ إِلَى ثَلَاثِ سِنِين إِذا كَانَ يجتزئ بِاللَّبنِ وَلَا يجتزيء بِالطَّعَامِ وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَن يكون يجتزيء بِاللَّبَنِ وَحَكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْطَمَ فَمَتَى فُطِمَ وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَمَا رَضَعَ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ رَضَاعًا قَوْلُهُ وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ هَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالْعُمُومِ الْوَارِدِ فِي الْأَخْبَارِ مِثْلُ حَدِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ مَا زَادَ عَلَى الرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَعَنْ حَفْصَةَ كَذَلِكَ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا سَبْعُ رَضعَات أخرجه بن أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَاوَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ لَا يُحَرِّمُ دُونَ سَبْعِ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْهَا كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخَتْ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهَا قَالَتْ لَا يُحَرِّمُ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ بِهِ بن حَزْمٍ وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عبيد وَأَبُو ثَوْر وبن الْمُنْذر وَدَاوُد وَأَتْبَاعه الا بن حَزْمٍ إِلَى أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ ثَلَاثُ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ لَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا دَاوُدُ وَيَخْرُجُ مِمَّا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ يَقُولُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَالثَّلَاثُ وَأَنَّ الْأَرْبَعَ هِيَ الَّتِي تُحَرِّمُ وَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْخَمْسِ وَأَمَّا حَدِيثُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ فَلَعَلَّهُ مِثَالٌ لِمَا دُونَ الْخَمْسِ وَإِلَّا فَالتَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ فَمَا فَوْقَهَا إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ بِالْمَفْهُومِ وَقَدْ عَارَضَهُ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْمُخَرَّجِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَهُوَ الْخَمْسُ فَمَفْهُومُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ وَمَفْهُومُ خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَنَّ الَّذِي دُونَ الْأَرْبَعِ لَا يُحَرِّمُ فَتَعَارَضَا فَيَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمَفْهُومَيْنِ وَحَدِيثُ الْخَمْسِ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ وَحَدِيثُ الْمَصَّتَانِ جَاءَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ لَكِنْ قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ مُضْطَرِبٌ لِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَن الزبير أَو عَن بن الزُّبَيْرِ أَوْ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ لَكِنْ لَمْ يَقْدَحْ الِاضْطِرَابُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ أَنَصُّ مَا فِي الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ وَقَوَّى مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَتْ فِي الْعَدَدِ وَعَائِشَةُ الَّتِي رَوَتْ ذَلِكَ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهَا فِيمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَيُعَضِّدُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّهُ مَعْنًى طَارِئٌ يَقْتَضِي تَأْيِيدَ التَّحْرِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالصِّهْرِ أَوْ يُقَالُ مَائِعٌ يَلِجُ الْبَاطِنَ فَيُحَرِّمُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْمَنِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيِ الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَالرَّاوِي رَوَى هَذَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ لَا خَبَرٌ فَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا وَلَا ذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهُ خَبَرٌ لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَاللَّهُ أعلم قَوْله عَن الْأَشْعَث هُوَ بن أَبِي الشَّعْثَاءِ وَاسْمُهُ سَلِيمُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ قَوْلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَأَظُنُّهُ ابْنًا لِأَبِي الْقُعَيْسِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ رَضِيعُ عَائِشَةَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَذَا تَابِعِيٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَأَنَّ أُمَّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ عَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَلَدَتْهُ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ رَضِيعُ عَائِشَةَ قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ كَذَا فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّهَادَاتِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا قَوْلُهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِي فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَرٍ بِدُونِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ فَذَكَرَهَا وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ جَمِيعًا عَنِ الْأَشْعَثِ قَوْلُهُ انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ إِخْوَانِكُنَّ وَهِيَأَوْجَهٌ وَالْمَعْنَى تَأَمَّلْنَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعَةِ وَمِقْدَارِ الِارْتِضَاعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ الرَّضَاعِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ الْمُشْتَرَطُ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَاهُ انْظُرْنَ مَا سَبَبُ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ إِنَّمَا هِيَ فِي الصِّغَرِ حَتَّى تَسُدَّ الرَّضَاعَةُ الْمَجَاعَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنَ مِنَ الرَّضَاعِ لَا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ فِيهِ تَعْلِيلُ الْبَاعِثِ عَلَى إِمْعَانِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ لِأَنَّ الرَّضَاعَةَ تُثْبِتُ النَّسَبَ وَتَجْعَلُ الرَّضِيعَ مُحَرَّمًا وَقَوْلُهُ مِنَ الْمَجَاعَةِ أَيِ الرَّضَاعَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ بِهَا الْخَلْوَةُ هِيَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلًا لِسَدِّ اللَّبَنِ جَوْعَتَهُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ ضَعِيفَةٌ يَكْفِيهَا اللَّبَنُ وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ فَيَصِيرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمُرْضِعَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلَادِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا رَضَاعَةَ مُعْتَبَرَةٌ إِلَّا الْمُغْنِيَةَ عَنِ الْمَجَاعَةِ أَوِ الْمُطْعِمَةِ مِنَ الْمَجَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى اطعمهم من جوع وَمن شواهده حَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَإِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ فَأَوْلَى مَا يُؤْخَذُ بِهِ مَا قَدَّرَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغْذِيَةَ بِلَبَنِ الْمُرْضِعَةِ يُحَرِّمُ سَوَاءٌ كَانَ بِشُرْبٍ أَمْ أَكْلٍ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ حَتَّى الْوَجُورُ وَالسَّعُوطُ وَالثَّرْدُ وَالطَّبْخُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْرُدُ الْجُوعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَيُوَافِقُ الْخَبَرَ وَالْمَعْنَى وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ لَكِنِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْحُقْنَةَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا إِنَّ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ وَمَصِّ اللَّبَنِ مِنْهُ وَأَوْرَدَ عَلِيُّ بْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِشْكَالٌ فِي الْتِقَامِ سَالِمٍ ثَدْيَ سَهْلَةَ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ فَإِنَّ عِيَاضًا أَجَابَ عَنِ الْإِشْكَالِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ ثَدْيَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ احْتِمَالٌ حسن لكنه لَا يُفِيد بن حَزْمٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الرَّضَاعِ إِلَّا بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ لَكِنْ أَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ عُفِيَ عَن ذَلِك للْحَاجة وَأما بن حَزْمٍ فَاسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ سَالِمٍ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْأَجْنَبِيِّ ثَدْيَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْتِقَامِ ثَدْيِهَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهَا مُطْلَقًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَالِ الصِّغَرِ لِأَنَّهَا الْحَالُ الَّذِي يُمْكِنُ طَرْدَ الْجُوعِ فِيهَا بِاللَّبَنِ بِخِلَافِ حَالِ الْكِبَرِ وَضَابِطُ ذَلِكَ تَمَامُ الْحَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعَلَيْهِ دَلَّ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن حِبَّانَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ تَثْبِيتُ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ صَرِيحَةٍ فِي اعْتِبَارِ الرَّضَاعِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ الرَّضِيعُ عَنِ الطَّعَامِ بِاللَّبَنِ وَيُعْتَضَدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ عَادَةً الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عَادَةً فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا إِذْ لَا حُكْمَ لِلنَّادِرِ وَفِي اعْتِبَارِ إِرْضَاعِ الْكَبِيرِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الْمَرْأَةِ بِارْتِضَاعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْهَا لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَتِهَا وَلَوْ بِالْتِقَامِهِ ثَدْيَهَا قُلْتُ وَهَذَا الْأَخِيرُ عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ لَا تُفَرِّقُ فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ بَيْنَ حَالِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَتِهَا وَاحْتَجَّتْ هِيَ بِقِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ فَلَعَلَّهَا فَهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ مَا يَسُدُّ الْجَوْعَةَ مِنْ لَبَنِ الْمُرْضِعَةِ لِمَنْ يَرْتَضِعُ مِنْهَا وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَضِعُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ نَصًّا فِي مَنْعِ اعْتِبَارِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ مَعَ تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَلَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ الْفِطَامَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ لَوْ وَقَعَ رُتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمُ التَّحْرِيمِ فَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَدْفَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ فَلِهَذَا عَمِلَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَنْ دَاوُدَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَذَا نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ دَاوُدَ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُفِيدُ رَفْعَ الِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَمَال إِلَى هَذَا القَوْل بن الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ لِدَاوُدَ نظر فَإِن بن حَزْمٍ ذَكَرَ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ مَعَ الْجُمْهُورِ وَكَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُمْ أَخْبَرُ بِمَذْهَبِ صَاحِبِهِمْ وَإِنَّمَا الَّذِي نَصَرَ مَذْهَبَ عَائِشَة هَذَا وَبَالغ فِي ذَلِك هُوَ بن حَزْمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِث الْأَعْوَر عَنهُ وَلذَلِك ضعفه بن عبد الْبر وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ قَالَ رَجُلٌ لِعَطَاءٍ إِنَّ امْرَأَةً سَقَتْنِي من لَبنهَا بعد مَا كَبرت أفأنكحها قَالَ لَا قَالَ بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لَهُ هَذَا رَأْيُكَ قَالَ نَعَمْ كَانَتْ عَائِشَةَ تَأْمُرُ بِذَلِكَ بَنَاتِ أَخِيهَا وَهُوَ قَول اللَّيْث بن سعد وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَسَاقَ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ عَنْ حَفْصَةَ مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ وَهُوَ مِمَّا يَخُصُّ بِهِ عُمُومَ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ فِي آخَرِينَ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى الْقُرْطُبِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْجَوَازَ بَعْدَ عَائِشَةَ بِدَاوُدَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ سَالِمٍ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَنْسُوخٌ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي أَحْكَامِهِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قِصَّةَ سَالِمٍ كَانَتْ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ فَدَلَّ عَلَى تَأَخُّرِهَا وَهُوَ مُسْتَنَدٌ ضَعِيفٌ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَأَخُّرِ إِسْلَامِ الرَّاوِي وَلَا صِغَرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا رَوَاهُ مُتَقَدِّمًا وَأَيْضًا فَفِي سِيَاقِ قِصَّةِ سَالِمٍ مَا يُشْعِرُ بِسَبْقِ الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ لِقَوْلِ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ حَيْثُ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ قَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ إِنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ قَالَ أَرْضِعِيهِ وَهَذَا يعشر بِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّ الصِّغَرَ مُعْتَبَرٌ فِي الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ وَمِنْهَا دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ بِسَالِمٍ وَامْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّة وَقَررهُ بن الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ أَصْلَ قِصَّةِ سَالِمٍ مَا كَانَ وَقَعَ مِنَ التَّبَنِّي الَّذِي أَدَّى إِلَى اخْتِلَاطِ سَالِمٍ بِسَهْلَةَ فَلَمَّا نَزَلَ الِاحْتِجَابُ وَمُنِعُوا مِنَ التَّبَنِّي شَقَّ ذَلِكَ عَلَى سَهْلَةَ فَوَقَعَ التَّرْخِيصُ لَهَا فِي ذَلِكَ لِرَفْعِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِلْحَاقَ مَنْ يُسَاوِي سَهْلَةَ فِي الْمَشَقَّةِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهَا فَتَنْفِي الْخُصُوصِيَّةَ وَيَثْبُتُ مَذْهَبُ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يُفِيدُ الِاحْتِجَاجَ وَقَرَّرَهُ آخَرُونَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرِّمُ فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصِّغَرِ خُولِفَ الْأَصْلُ لَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقِصَّةُ سَالِمٍ وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَطْرُقُهَا احْتِمَالُ الْخُصُوصِيَّةِ فَيَجِبُ الْوُقُوفُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَرَأَيْتُ بِخَطِّ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ أَنَّهُ رَأَى فِي تَصْنِيفٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلٍ الْأَنْدَلُسِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي أَنَّ عَائِشَةَ وَإِنْ صَحَّ عَنْهَا الْفُتْيَا بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهَا إِدْخَالُ أَحَدٍ مِنَ الْأَجَانِبِ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ قَالَ تَاجُ الدِّينِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدِي فِيهِ قَوْلٌ جَازِمٌ لَا مِنْ قَطْعٍ وَلَا مِنْ ظَنٍّ غَالِبٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ غَفْلَةٌ عَمَّا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بَنَاتِ إِخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَيَرَاهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فَأَيُّ ظَنٍّ غَالِبٍ وَرَاءَ هَذَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُالْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ وَقَالَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَهُوَ كَمَا قَالَا قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ لَكِنْ حُذِفَ هَذَا الِاسْمُ وَكَأَنَّهُ عَمْدًا وَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَذَفَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ دُرَّةٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَجَزَمَ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ اسْمَهَا حَمْنَةُ كَمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ وَقَالَ عِيَاضٌ لَا نَعْلَمُ لِعَزَّةَ ذِكْرًا فِي بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْهَرُ فِيهَا عَزَّةُ قَوْلُهُ أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ كَوْنِهَا تَطْلُبُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا مَعَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْغَيْرَةِ قَوْلُهُ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْلَى يُخْلِي أَيْ لَسْتُ بِمُنْفَرِدَةٍ بِكَ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلِ الْإِخْلَاءِ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا مِنْ أَخْلَيْتُ بِمَعْنَى خَلَوْتُ مِنَ الضَّرَّةِ أَيْ لَسْتُ بِمُتَفَرِّغَةٍ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ وَفِي بَعْضِ الرَّوِايَّاتِ بِفَتْحِ اللَّامِ بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ حَكَاهَا الْكِرْمَانِيُّ وَقَالَ عِيَاضٌ مُخْلِيَةٌ أَيْ مُنْفَرِدَةٌ يُقَالُ أَخْلِ أَمَرَكَ وَأَخْلُ بِهِ أَيِ انْفَرِدْ بِهِ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ لَمْ أَجِدْكَ خَالِيًا مِنَ الزَّوْجَاتِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمُ امْرَأَةٌ مُخْلِيَةٌ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْأَزْوَاجِ قَوْلُهُ وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ إِلَيَّ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا مَنْ شَرِكَنِي بِغَيْرِ أَلِفٍ وَكَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ فِي خَيْرٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ أَيُّ خَيْرٍ كَانَ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فِي الْخَيْرِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ صُحْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ السَّاتِرَةُ لِمَا لَعَلَّهُ يَعْرِضُ مِنَ الْغَيْرَةِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَة وَأحب من شركني فِيك اخى فَعَرَفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ ذَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَإِنَّا نُحَدَّثُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفتح الْحَاء على الْبَاء لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ بَلَغَنِي وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لِنَتَحَدَّثُ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرْتُ قَوْلُهُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ وَلَمْ أَقِفُ عَلَى اسْمِ مَنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخَبَرَ لَا أَصْلَ لَهُ وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمَرَاسِيلِ قَوْلُهُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الآتيه وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق بن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ عِرَاكٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا عِيَاضٌ وَخَطَّأَهَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةُ أَوْ ذَرَّةُ عَلَى الشَّكِّ شَكَّ زُهَيْرٌ رَاوِيَةً عَنْ هِشَامٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى خَطَئِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى فِي ذَيْلِ الْمَعْرِفَةِ حَمْنَةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ خَطَأٌ وَقَوْلُهُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِثْبَاتٍ لِرَفْعِ الْإِشْكَالِ أَوِ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَمِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ لَمْ تَطَّلِعْ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ وَإِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَظَنَّتْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ يَدْفَعُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتَدَلَّتْ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ حَرُمَتْ على التأييد وَالْأُخْتَ حَرُمَتْ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ فَقَطْ فَأَجَابَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَأَنَّ الَّذِي بَلَغَهَا مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ وَأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ قَوْلُهُ لَوْ أَنَّهَا لَمْتَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ عَلَّلَ تَحْرِيمَهَا بِكَوْنِهَا رَبِيبَةً وَبِكَوْنِهَا بِنْتَ أَخٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا مَانِعٌ وَاحِد لكفى فِي التَّحْرِيم فَكيف وَبهَا العان فَلَيْسَ مِنَ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ كُلَّ وَصْفَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ فَإِمَّا أَنْ يَتَعَاقَبَا فَيُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا كَمَا فِي السَّبَبَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا وَمِثَالُهُ لَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَحْدَثَ بِغَيْرِ تَخَلُّلِ طَهَارَةٍ فَالْحَدَثُ الثَّانِي لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا أَوْ يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الثَّانِي كَمَا فِي اجْتِمَاعِ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ يُضَافُ إِلَى أَشْبَهِهِمَا وَأَنْسَبِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَمِ الثَّانِيَ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يُضَافُ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ يُوجَدُ فَالْإِضَافَةُ إِلَى الْمَجْمُوعِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءَ عِلَّةٍ لَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً فَلَا تَجْتَمِعُ عِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي الْأُصُولِ وَفِيهَا خِلَافٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالرَّبِيبَةِ أَشَدُّ مِنَ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعَةِ وَقَوْلُهُ رَبِيبَتِي أَيْ بِنْتُ زَوْجَتِي مُشْتَقَّةٌ مِنَ الرَّبِّ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَقِيلَ مِنَ التَّرْبِيَةِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ وَقَوْلُهُ فِي حِجْرِي رَاعَى فِيهِ لَفْظَ الْآيَةِ وَإِلَّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ وَفِي رِوَايَةِ عِرَاكٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ ربيبتي مَا حلت لي فَذكر بن حَزْمٍ أَنَّ مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا فِي الْحَجْرِ أَوْ لَا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالَّذِينَ زَادُوا فِيهَا لَفْظَ فِي حِجْرِي حُفَّاظٌ أَثَبَاتٌ قَوْلُهُ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ أَيْ وأرضعت أَبَا سَلَمَةَ وَهُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِل قَوْله ثويبة بمثلثة وموحدة مصغر كَانَتْ مَوْلَاةً لِأَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَلَا تَعْرِضْنَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ عَلَى الْخِطَابِ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ خِطَابٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ وَحدهَا وَالْأول أوجه وَقَالَ بن التِّينِ ضُبِطَ بِضَمِّ الضَّادِ فِي بَعْضِ الْأُمَّهَاتِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ الْأَبْيَنُ فَهُوَ بِسُكُونِ الضَّادِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ وَلَوْ أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ التَّأْكِيدَ فَشَدَّدْتَ النُّونَ لَكَانَ تَعْرِضَنَانِّ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ ثَلَاثُ نُونَاتٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُنَّ بِأَلِفٍ وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِأُمِّ حَبِيبَةَ خَاصَّةً فَتَكُونُ الضَّادُ مَكْسُورَةً وَالنُّونُ مُشَدَّدَةً وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ جَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ رَدْعًا وَزَجْرًا أَنْ تَعُودَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَهَذَا كَمَا لَوْ رَأَى رَجُلٌ امْرَأَةً تُكَلِّمُ رَجُلًا فَقَالَ لَهَا أَتُكَلِّمِينَ الرِّجَالَ فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ شَائِعٌ وَكَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ مِنَ الْأَخَوَاتِ قَرِيبَةُ زَوْجُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَقَرِيبَةُ الصُّغْرَى زَوْجُ عُمَرَ ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَزَّةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَلَهَا مِنَ الْبَنَاتِ زَيْنَبُ رَاوِيَةُ الْخَبَرِ وَدُرَّةُ الَّتِي قِيلَ إِنَّهَا مَخْطُوبَةٌ وَكَانَ لِأُمِّ حَبِيبَةَ مِنَ الْأَخَوَاتِ هِنْدٌ زَوْجُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ وَجُوَيْرِيَةُ زَوْجُ السَّائِبِ بْنِ أَبِي حُبَيْشٍ وَأُمَيْمَةُ زَوْجُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَأُمُّ الْحَكَمِ زَوْجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَصَخْرَةُ زَوْجُ سَعِيدِ بْنِ الْأَخْنَسِ وَمَيْمُونَةُ زَوْجُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَلَهَا مِنَ الْبَنَاتِ حَبِيبَةُ وَقَدْ رَوَتْ عَنْهَا الْحَدِيثَ وَلَهَا صُحْبَةٌ وَكَانَ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَخَوَاتِ أُمُّ كُلْثُومٍ وَأُمُّ حَبِيبَةَ ابْنَتَا زَمْعَةَ أُخْتَا سَوْدَةَ وَأَسْمَاءُ أُخْتُ عَائِشَةَ وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ أُخْتُ حَفْصَةَ وَغَيْرُهُنَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ قَالَ عُرْوَةُ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَلَّقَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْهُ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ فَقَالَ قَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الذُّهْلِيِّعَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِإِسْنَادِهِ قَوْلُهُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلَاةٌ لأبي لَهب قلت ذكرهَا بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَقَالَ اخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِهَا وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ إِسْلَامَهَا غَيْرَهُ وَالَّذِي فِي السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْرِمُهَا وَكَانَتْ تدخل عَلَيْهِ بعد مَا تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَكَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهَا الصِّلَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ مَاتَتْ وَمَاتَ ابْنُهَا مَسْرُوحٌ قَوْلُهُ وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرُهُ أَنَّ عِتْقَهُ لَهَا كَانَ قَبْلَ إِرْضَاعِهَا وَالَّذِي فِي السِّيَرِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا أَنَّ عِتْقَهَا كَانَ قَبْلَ الْإِرْضَاعِ وَسَأَذْكُرُ كَلَامَهُ قَوْلُهُ أُرِيَهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ النَّائِبُ عَنِ الْفَاعِلِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي بَعْدَ حَوْلٍ فِي شَرِّ حَالٍ فَقَالَ مَا لَقِيتُ بَعْدَكُمْ رَاحَةً إِلَّا أَنَّ الْعَذَابَ يُخَفَّفُ عَنِّي كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ بَشَّرَتْ أَبَا لَهَبٍ بِمَوْلِدِهِ فَأَعْتَقَهَا قَوْلُهُ بِشَرِّ حِيبَةٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ سوء حَال وَقَالَ بن فَارِسٍ أَصْلُهَا الْحَوْبَةُ وَهِيَ الْمَسْكَنَةُ وَالْحَاجَةُ فَالْيَاءُ فِي حِيبَةٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغْوِيِّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فِي حَالَةٍ خَائِبَةٍ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ هُوَ تَصْحِيفٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُرْوَى بِالْمُعْجَمَةِ وَوَجَدَتْهُ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَحَكَى فِي الْمَشَارِقِ عَنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْجِيمِ وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا تَصْحِيفًا وَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا قَالَ قَوْلُهُ مَاذَا لَقِيتَ أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي كَذَا فِي الْأُصُولِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَمْ أَلْقَ بعدكم رَاحَة قَالَ بن بَطَّالٍ سَقَطَ الْمَفْعُولُ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِ قَوْلُهُ غَيْرَ أَنِّي سَقَيْتُ فِي هَذِهِ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِالْحَذْفِ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمَذْكُورَةِ وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي تَحْتَ إِبْهَامِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْمَذْكُورَةِ وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا مِنَ الْأَصَابِعِ وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ كَذَا مِثْلُهُ بِلَفْظِ يَعْنِي النُّقْرَةَ إِلَخْ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى حَقَارَةِ مَا سُقِيَ مِنَ الْمَاءِ قَوْلُهُ بِعَتَاقَتِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِعِتْقِي وَهُوَ أَوْجَهُ وَالْوَجْهُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِإِعْتَاقِي لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّخْلِيصُ مِنَ الرِّقِّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِي الْآخِرَةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وَأُجِيبَ أَوَّلًا بِأَنَّ الْخَبَرَ مُرْسَلٌ أَرْسَلَهُ عُرْوَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا فَالَّذِي فِي الْخَبَرِ رُؤْيَا مَنَامٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَعَلَّ الَّذِي رَآهَا لَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ أَسْلَمَ بَعْدُ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَثَانِيًا عَلَى تَقْدِيرِ الْقَبُولِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُ فَنُقِلَ مِنَ الْغَمَرَاتِ إِلَى الضَّحْضَاحِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ مَا وَرَدَ مِنْ بُطْلَانِ الْخَيْرِ لِلْكُفَّارِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَكُونُ لَهُمُ التَّخَلُّصُ مِنَ النَّارِ وَلَا دُخُولُ الْجَنَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَهُ عَلَى مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْجَرَائِمِ سِوَى الْكُفْرِ بِمَا عَمِلُوهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَأَمَّا عِيَاضٌ فَقَالَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمْ وَلَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا بِنَعِيمٍ وَلَا تَخْفِيفِ عَذَابٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَشَدَّ عَذَابًا مِنْ بَعْضٍ قُلْتُ وَهَذَا لَا يَرُدُّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَنْبِ الْكُفْرِ وَأَمَّا ذَنْبُ غَيْرِ الْكُفْرِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَخْفِيفِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا التَّخْفِيفُخَاصٌّ بِهَذَا وَبِمَنْ وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ وَقَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا مُحَالٌ وَهِيَ اعْتِبَارُ طَاعَةِ الْكَافِرِ مَعَ كُفْرِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّاعَةِ أَنْ تَقَعَ بِقَصْدٍ صَحِيحٍ وَهَذَا مَفْقُودٌ مِنَ الْكَافِرِ الثَّانِيَةُ إِثَابَةُ الْكَافِرِ عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا لَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِتْقُ أَبِي لَهَبٍ لِثُوَيْبَةَ قُرْبَةً مُعْتَبَرَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَا شَاءَ كَمَا تَفَضَّلَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ وَالْمُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا قُلْتُ وَتَتِمَّةُ هَذَا أَنْ يَقَعَ التَّفَضُّلُ الْمَذْكُورُ إِكْرَامًا لِمَنْ وَقَعَ مِنَ الْكَافِرِ الْبِرُّ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم (قَوْله بَاب من قَالَ لارضاع بَعْدَ حَوْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا أَيِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ لِكُلٍّ مِنَ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا تَقْدِيرُ مُدَّةِ أَقَلِّ الْحَمْلِ وَأَكْثَرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَإِلَى ذَلِكَ صَارَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ إِنَّ أَقْصَى الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَنِصْفٌ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَةٌ تُوَافِقُ قَوْلَ الْحَنَفِيَّةِ لَكِنَّ مَنْزَعَهَمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مُدَّةً يُدْمِنُ الطِّفْلُ فِيهَا عَلَى الْفِطَامِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُفْطَمُ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَلْ عَلَى التَّدْرِيجِ فِي أَيَّامٍ قَلِيلَاتٍ فَلِلْأَيَّامِ الَّتِي يُحَاوَلُ فِيهَا فِطَامُهُ حُكْمُ الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيلَ يُغْتَفَرُ نِصْفُ سَنَةٍ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ وَقِيلَ شَهْرٌ وَقِيلَ لَا يُزَادُ على الْحَوْلَيْنِ وَهِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَمِنْ حجتهم حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ لَمْ يُسْنِدْهُ عَن بن عُيَيْنَةَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافظ وَأخرجه بن عدي وَقَالَ غير الْهَيْثَم يوقفه على بن عَبَّاسٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَعِنْدَهُمْ مَتَى وَقَعَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوِ ابْتَدَأَ الْوَضْعُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ جُبِرَ الْمُنْكَسِرُ مِنْ شَهْرٍ آخَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَمِرُّ إِلَى ثَلَاثِ سِنِين إِذا كَانَ يجتزئ بِاللَّبنِ وَلَا يجتزيء بِالطَّعَامِ وَحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَن يكون يجتزيء بِاللَّبَنِ وَحَكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفْطَمَ فَمَتَى فُطِمَ وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَمَا رَضَعَ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ رَضَاعًا قَوْلُهُ وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ هَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالْعُمُومِ الْوَارِدِ فِي الْأَخْبَارِ مِثْلُ حَدِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ مَا زَادَ عَلَى الرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَعَنْ حَفْصَةَ كَذَلِكَ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا سَبْعُ رَضعَات أخرجه بن أَبِي خَيْثَمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْهَاوَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ لَا يُحَرِّمُ دُونَ سَبْعِ رَضَعَاتٍ أَوْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْهَا كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخَتْ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهَا قَالَتْ لَا يُحَرِّمُ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ بِهِ بن حَزْمٍ وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عبيد وَأَبُو ثَوْر وبن الْمُنْذر وَدَاوُد وَأَتْبَاعه الا بن حَزْمٍ إِلَى أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ ثَلَاثُ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ لَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا دَاوُدُ وَيَخْرُجُ مِمَّا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ يَقُولُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ وَالثَّلَاثُ وَأَنَّ الْأَرْبَعَ هِيَ الَّتِي تُحَرِّمُ وَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْخَمْسِ وَأَمَّا حَدِيثُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ فَلَعَلَّهُ مِثَالٌ لِمَا دُونَ الْخَمْسِ وَإِلَّا فَالتَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ فَمَا فَوْقَهَا إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ بِالْمَفْهُومِ وَقَدْ عَارَضَهُ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْمُخَرَّجِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَهُوَ الْخَمْسُ فَمَفْهُومُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ أَنَّ الثَّلَاثَ تُحَرِّمُ وَمَفْهُومُ خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَنَّ الَّذِي دُونَ الْأَرْبَعِ لَا يُحَرِّمُ فَتَعَارَضَا فَيَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمَفْهُومَيْنِ وَحَدِيثُ الْخَمْسِ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ وَحَدِيثُ الْمَصَّتَانِ جَاءَ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ لَكِنْ قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ مُضْطَرِبٌ لِأَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ عَنْ عَائِشَةَ أَوْ عَن الزبير أَو عَن بن الزُّبَيْرِ أَوْ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ لَكِنْ لَمْ يَقْدَحْ الِاضْطِرَابُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ أَنَصُّ مَا فِي الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ وَقَوَّى مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْأَخْبَارِ اخْتَلَفَتْ فِي الْعَدَدِ وَعَائِشَةُ الَّتِي رَوَتْ ذَلِكَ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهَا فِيمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَيُعَضِّدُهُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ أَنَّهُ مَعْنًى طَارِئٌ يَقْتَضِي تَأْيِيدَ التَّحْرِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالصِّهْرِ أَوْ يُقَالُ مَائِعٌ يَلِجُ الْبَاطِنَ فَيُحَرِّمُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْمَنِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَائِشَةَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيِ الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَالرَّاوِي رَوَى هَذَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ لَا خَبَرٌ فَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا وَلَا ذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهُ خَبَرٌ لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَاللَّهُ أعلم قَوْله عَن الْأَشْعَث هُوَ بن أَبِي الشَّعْثَاءِ وَاسْمُهُ سَلِيمُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ قَوْلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَأَظُنُّهُ ابْنًا لِأَبِي الْقُعَيْسِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ رَضِيعُ عَائِشَةَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَذَا تَابِعِيٌّ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَأَنَّ أُمَّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ عَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَلَدَتْهُ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ رَضِيعُ عَائِشَةَ قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ كَذَا فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّهَادَاتِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا قَوْلُهُ فَقَالَتْ إِنَّهُ أَخِي فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَرٍ بِدُونِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَشْعَثَ فَذَكَرَهَا وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ جَمِيعًا عَنِ الْأَشْعَثِ قَوْلُهُ انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ إِخْوَانِكُنَّ وَهِيَأَوْجَهٌ وَالْمَعْنَى تَأَمَّلْنَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعَةِ وَمِقْدَارِ الِارْتِضَاعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ الرَّضَاعِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ الْمُشْتَرَطُ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَاهُ انْظُرْنَ مَا سَبَبُ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ إِنَّمَا هِيَ فِي الصِّغَرِ حَتَّى تَسُدَّ الرَّضَاعَةُ الْمَجَاعَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنَ مِنَ الرَّضَاعِ لَا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ فِيهِ تَعْلِيلُ الْبَاعِثِ عَلَى إِمْعَانِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ لِأَنَّ الرَّضَاعَةَ تُثْبِتُ النَّسَبَ وَتَجْعَلُ الرَّضِيعَ مُحَرَّمًا وَقَوْلُهُ مِنَ الْمَجَاعَةِ أَيِ الرَّضَاعَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ بِهَا الْخَلْوَةُ هِيَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلًا لِسَدِّ اللَّبَنِ جَوْعَتَهُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ ضَعِيفَةٌ يَكْفِيهَا اللَّبَنُ وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ فَيَصِيرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمُرْضِعَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلَادِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا رَضَاعَةَ مُعْتَبَرَةٌ إِلَّا الْمُغْنِيَةَ عَنِ الْمَجَاعَةِ أَوِ الْمُطْعِمَةِ مِنَ الْمَجَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى اطعمهم من جوع وَمن شواهده حَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَإِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ فَأَوْلَى مَا يُؤْخَذُ بِهِ مَا قَدَّرَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغْذِيَةَ بِلَبَنِ الْمُرْضِعَةِ يُحَرِّمُ سَوَاءٌ كَانَ بِشُرْبٍ أَمْ أَكْلٍ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ حَتَّى الْوَجُورُ وَالسَّعُوطُ وَالثَّرْدُ وَالطَّبْخُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْرُدُ الْجُوعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَيُوَافِقُ الْخَبَرَ وَالْمَعْنَى وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ لَكِنِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْحُقْنَةَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا إِنَّ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ وَمَصِّ اللَّبَنِ مِنْهُ وَأَوْرَدَ عَلِيُّ بْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِشْكَالٌ فِي الْتِقَامِ سَالِمٍ ثَدْيَ سَهْلَةَ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ فَإِنَّ عِيَاضًا أَجَابَ عَنِ الْإِشْكَالِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ ثَدْيَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ احْتِمَالٌ حسن لكنه لَا يُفِيد بن حَزْمٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الرَّضَاعِ إِلَّا بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ لَكِنْ أَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ عُفِيَ عَن ذَلِك للْحَاجة وَأما بن حَزْمٍ فَاسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ سَالِمٍ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْأَجْنَبِيِّ ثَدْيَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْتِقَامِ ثَدْيِهَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهَا مُطْلَقًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَالِ الصِّغَرِ لِأَنَّهَا الْحَالُ الَّذِي يُمْكِنُ طَرْدَ الْجُوعِ فِيهَا بِاللَّبَنِ بِخِلَافِ حَالِ الْكِبَرِ وَضَابِطُ ذَلِكَ تَمَامُ الْحَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعَلَيْهِ دَلَّ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن حِبَّانَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ تَثْبِيتُ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ صَرِيحَةٍ فِي اعْتِبَارِ الرَّضَاعِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ الرَّضِيعُ عَنِ الطَّعَامِ بِاللَّبَنِ وَيُعْتَضَدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ عَادَةً الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عَادَةً فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا إِذْ لَا حُكْمَ لِلنَّادِرِ وَفِي اعْتِبَارِ إِرْضَاعِ الْكَبِيرِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الْمَرْأَةِ بِارْتِضَاعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْهَا لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَتِهَا وَلَوْ بِالْتِقَامِهِ ثَدْيَهَا قُلْتُ وَهَذَا الْأَخِيرُ عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ لَا تُفَرِّقُ فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ بَيْنَ حَالِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَتِهَا وَاحْتَجَّتْ هِيَ بِقِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ فَلَعَلَّهَا فَهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ مَا يَسُدُّ الْجَوْعَةَ مِنْ لَبَنِ الْمُرْضِعَةِ لِمَنْ يَرْتَضِعُ مِنْهَا وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَضِعُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ نَصًّا فِي مَنْعِ اعْتِبَارِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ مَعَ تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَلَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ الْفِطَامَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ لَوْ وَقَعَ رُتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمُ التَّحْرِيمِ فَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَدْفَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ فَلِهَذَا عَمِلَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَنْ دَاوُدَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَذَا نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ دَاوُدَ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُفِيدُ رَفْعَ الِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَمَال إِلَى هَذَا القَوْل بن الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي نِسْبَةِ ذَلِكَ لِدَاوُدَ نظر فَإِن بن حَزْمٍ ذَكَرَ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ مَعَ الْجُمْهُورِ وَكَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُمْ أَخْبَرُ بِمَذْهَبِ صَاحِبِهِمْ وَإِنَّمَا الَّذِي نَصَرَ مَذْهَبَ عَائِشَة هَذَا وَبَالغ فِي ذَلِك هُوَ بن حَزْمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِث الْأَعْوَر عَنهُ وَلذَلِك ضعفه بن عبد الْبر وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ قَالَ رَجُلٌ لِعَطَاءٍ إِنَّ امْرَأَةً سَقَتْنِي من لَبنهَا بعد مَا كَبرت أفأنكحها قَالَ لَا قَالَ بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لَهُ هَذَا رَأْيُكَ قَالَ نَعَمْ كَانَتْ عَائِشَةَ تَأْمُرُ بِذَلِكَ بَنَاتِ أَخِيهَا وَهُوَ قَول اللَّيْث بن سعد وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قُلْتُ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْآثَارِ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَسَاقَ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ عَنْ حَفْصَةَ مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ وَهُوَ مِمَّا يَخُصُّ بِهِ عُمُومَ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ فِي آخَرِينَ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى الْقُرْطُبِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْجَوَازَ بَعْدَ عَائِشَةَ بِدَاوُدَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ سَالِمٍ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَنْسُوخٌ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي أَحْكَامِهِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قِصَّةَ سَالِمٍ كَانَتْ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ فَدَلَّ عَلَى تَأَخُّرِهَا وَهُوَ مُسْتَنَدٌ ضَعِيفٌ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَأَخُّرِ إِسْلَامِ الرَّاوِي وَلَا صِغَرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا رَوَاهُ مُتَقَدِّمًا وَأَيْضًا فَفِي سِيَاقِ قِصَّةِ سَالِمٍ مَا يُشْعِرُ بِسَبْقِ الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ لِقَوْلِ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ حَيْثُ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ قَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ إِنَّهُ ذُو لِحْيَةٍ قَالَ أَرْضِعِيهِ وَهَذَا يعشر بِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّ الصِّغَرَ مُعْتَبَرٌ فِي الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ وَمِنْهَا دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ بِسَالِمٍ وَامْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّة وَقَررهُ بن الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ أَصْلَ قِصَّةِ سَالِمٍ مَا كَانَ وَقَعَ مِنَ التَّبَنِّي الَّذِي أَدَّى إِلَى اخْتِلَاطِ سَالِمٍ بِسَهْلَةَ فَلَمَّا نَزَلَ الِاحْتِجَابُ وَمُنِعُوا مِنَ التَّبَنِّي شَقَّ ذَلِكَ عَلَى سَهْلَةَ فَوَقَعَ التَّرْخِيصُ لَهَا فِي ذَلِكَ لِرَفْعِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِلْحَاقَ مَنْ يُسَاوِي سَهْلَةَ فِي الْمَشَقَّةِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهَا فَتَنْفِي الْخُصُوصِيَّةَ وَيَثْبُتُ مَذْهَبُ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يُفِيدُ الِاحْتِجَاجَ وَقَرَّرَهُ آخَرُونَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرِّمُ فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصِّغَرِ خُولِفَ الْأَصْلُ لَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقِصَّةُ سَالِمٍ وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَطْرُقُهَا احْتِمَالُ الْخُصُوصِيَّةِ فَيَجِبُ الْوُقُوفُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَرَأَيْتُ بِخَطِّ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ أَنَّهُ رَأَى فِي تَصْنِيفٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلِيلٍ الْأَنْدَلُسِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي أَنَّ عَائِشَةَ وَإِنْ صَحَّ عَنْهَا الْفُتْيَا بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهَا إِدْخَالُ أَحَدٍ مِنَ الْأَجَانِبِ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ قَالَ تَاجُ الدِّينِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدِي فِيهِ قَوْلٌ جَازِمٌ لَا مِنْ قَطْعٍ وَلَا مِنْ ظَنٍّ غَالِبٍ كَذَا قَالَ وَفِيهِ غَفْلَةٌ عَمَّا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بَنَاتِ إِخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَيَرَاهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فَأَيُّ ظَنٍّ غَالِبٍ وَرَاءَ هَذَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا جَوَازُلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَلَا زَوْجِهَا نَسَبٌ وَلَا سَبَبٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4829 ... ورقمه عند البغا: 5101 ]
    - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: «أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ»؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِي». قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ. قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي. إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». قَالَ عُرْوَةُ: وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِي لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ، غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ. [الحديث 5101 - أطرافه في: 5106، 5107، 5123، 5372].وبه قال: (حدّثنا الحكم بن نافع) قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (إن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سمة أخبرته أن أم حبيبة) رملة (بنت أبي سفيان) صخر بن حرب (أخبرتها أنها قالت: يا رسول الله انكح) بكسر الهمزة لأنه من نكح ينكح فثالث المضارع مكسور ومتى كسر ثالثه أو فتح كسر الأمر منه ومتى ضم ثالثه ضم الأمر منه كقتل يقتل الأمر منه اقتل بضم الهمزة أي تزوج (أختي) ولمسلم أختي عزة. وعند أبي موسى في الدلائل درة، وعند الطبراني قلت: يا رسول الله هل لك في حمنة (بنت) ولأبي ذر ابنة (أبي سفيان). وجزم المنذري
    بأن اسمها حمنة.وقال القاضي عياض لا نعلم لعزة ذكرًا في بنات أبي سفيان إلا في رواية يزيد بن أبي حبيب وقال أبو موسى الأشهر أنها عزة (فقال) عليه الصلاة والسلام:(أوَ تحبين ذلك)؟ الهمزة للاستفهام والواو عاطفة على ما قبل الهمزة عند سيبويه وعلى مقدّر عند الزمخشري وموافقيه، فعلى مذهب سيبويه معطوف على انكح أختي، وعلى مذهب الزمخشري أأنكحها وتحبين ذلك وهو استفهام تعجب من كونها تطلب أن يتزوج غيرها مع ما طبع عليه النساء من الغيرة (فقلت: نعم) حرف جواب مقرّر لما سبق نفيًا أو إثباتًا (لست لك بمخلية) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر اللام والباء زائدة في النفي أي لست خالية من ضرّة غيري. قال في النهاية: المخلية التي تخلو بزوجها وتنفرد به أي لست لك بمتروكة لدوام الخلوة به وهذا البناء إنما يكون من أخليت ويقال: أخلت المرأة فهي مخلية فأما من خلوت فلا وقد جاء أخليت بمعنىأخلوت، وقال ابن الأثير في موضع آخر: أي لم أجدك خاليًا من الزوجات غيري وليس من قولهم امرأة مخلية إذا خلت من الزوج (وأحب) بفتح الهمزة والمهملة (من شاركني) بألف بعد الشين (في خير أختي) أحب مبتدأ وهو أفعل تفضيل مضاف إلى من ومن نكرة موصوفة أي وأحب شخص شاركني فجملة شاركني في محل جر صفة لمن، ويحتمل أن تكون موصولة والجملة صلتها، والتقدير أحب المشاركين لي في خير أختي وفي خير متعلق بشاركني وأختي الخبر، ويجوز أن تكون أختي المبتدأ وأحب خبر مقدم لأن أختي معرفة بالإضافة وأفعل لا يتعرف بها في المعروف. قيل: والمراد بالخير صحبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المتضمنة لسعادة الدارين الساترة لما لعله يعرض من الغيرة التي جرت بها العادة بين الزوجات وفي رواية هشام الآتية إن شاء الله تعالى وأحب من شركني فيك أختي قال في الفتح: فعرف أن المراد بالخير ذاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.(فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن ذلك) بكسر الكاف خطاب لمؤنث (لا يحل لي) لأن فيه الجمع بين الأختين (قلت فإنا نحدّث) بضم النون وفتح الحاء والدال (إنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة) درة بضم الدال المهملة وتشديد الراء (قال) عليه الصلاة والسلام (بنت أم سلمة) مفعول مقدر أي أأنكح بنت أم سلمة أو تعنين (قلت: نعم) وعدل عن قوله أبي سلمة إلى قوله أم سلمة توطئة لقوله: (فقال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري) بفتح الحاء وقد تكسر واسم كان ضمير بنت أم سلمة وربيبتي خبرها وربيبة فعيلة بمعنى مفعول لأن زوج الأم يربها وقال القاضي عياض الربيبة مشتقة من الرب وهو الإصلاح لأنه يربها ويقوم بأمورها وإصلاح حاله ومن ظن من الفقهاء أنه مشتق من التربية فقد غلط لأن شرط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية والاشتراك فيها فإن آخر رب باء موحدة وآخر ربي ياء مثناة تحتية وجواب لو قوله (ما حلت لي) يعني لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم فكيف وبها مانعان وقوله في حجري تأكيد وراعى فيه لفظ الآية ولا مفهوم له عند الجمهور بل خرج مخرج الغالب وقد تمسك بظاهره داود الظاهري فأحل الربيبة البعيدة التي لم تكن في الحجر (إنها لابنة أخي من الرضاعة) اللام في قوله لابنة هي الداخلة في خبر إن (أرضعتني وأبا سلمة ثويبة) بضم المثلثة وفتح الواو وبعد التحتية الساكنة موحدة والجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب ولا يجوز أن تكون بدلًا من خبر إن ولا خبرًا بعد الخبر لعدم الضمير. وأبا سلمة معطوف على المفعول أو مفعول معه (فلا تعرضن عليّ) بتشديد الياء (بناتكن ولا أخواتكن) لا ناهية وتعرضن فعل مضارع والنون الخفيفة نون جماعة النسوة والفعل معها مبنيّ ومع أختيها الشديدة والخفيفة وشرط ابن مالك أن تكون مباشرة مثل لينبذن فن لم تكن مباشرة نحو ولا تتبعان فأما ترين وليسجننه فهو معرب والأكثرون على أن المؤكد بالنون مبني مطلقًا باشرته النون أم لم تباشره، وزعم آخرون
    أنه معرب مطلقًا باشرته أم لم تباشره، والصحيح التفصيل الذي اختاره ابن مالك من جهة القياس، وتعرضن هنا بفتح الفوقية وسكون العين والضاد المعجمة بينهما راء مكسورة وآخره نون خفيفة كذا في الفرع بناء على أنه لم يتصل به نون تأكيد وإنما اتصل بالفعل نون جماعة المؤنث فإن روي فلا تعرضن بضم الضاد فالخطاب للمذكرين لأنه لو كانلمؤنثات لكان فلا تعرضنان لأنه يجتمع ثلاث نونات فيفرق بينها بالألف ومتى قدر أنه اتصل به ضمير جماعة المذكرين فتغليبًا لهم في الخطاب على المؤنثات الحاضرات فأصله لا تعرضونن فاستثقل اجتماع ثلاث نونان فحذف نون الرفع فالتقى ساكنان فحذفن الواو لاعتلالها وبقي النون المشددة لصحتها وإن كان الخطاب لأم حبيبة وحدها فبكسر الضاد وتشديد النون. وقال القرطبي جاء بلفظ الجمع وإن كانت القصة لاثنتين وهما أم حبيبة وأم سلمة ردعًا وزجرًا أن تعود واحدة منهما أو غيرهما إلى مثل هذا.(وقال غيره) بن الزبير بالإسناد السابق (وثويبة) المذكورة (مولاة لأبي لهب) واختلف في إسلامها قال أبو نعيم لا نعلم أحدًا ذكر إسلامها غير ابن منده (كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) معطوف على أعتقها وظاهره أن عتقه لها كان قبل إرضاعها والذي في السير أن أبا لهب أعتقها قبيل الهجرة وذلك بعد الإرضاع بدهر طويل (فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله) في المنام قيل هو العباس (بشرّ حيبة) بكسر الحاء المهملة وبعد التحية الساكنة موحدة والباء في بشر باء المصاحبة وهي باء الحال أي متلبسًا بسوء حال أو كائنًا به وهذه الرؤية حلمية فتتعدّى إلى مفعولين كالعلمية عند ابن مالك وموافقيه فبعض المرفوع قائم مقام المفعول الأول والثاني المتصل به، وقيل يتعدى لواحد فيكون تعدّيه هنا إلى اثنين بالنقل بالهمزة ولا بد من تقدير في المنام وحذف للعلم به والجملة معترضة لا محل لها من الإعراب وعند المستملي كما قال في الفتح خيبة بفتح الخاء المعجمة أي في حالة خائبة من كل خير وعزاها في الفرع كأصله لغير الحموي والمستملي (قال) ولأبي ذر فقال (له) الرائي: (ماذا لقيت)؟ بعد الموت (قال أبو لهب: لم ألق بعدكم خيرًا) كذا في الفرع بإثبات المفعول. وقال في الفتح: إنه بحذفه في الأصول. قلت: والذي في اليونينية هو الحذف، وقال ابن بطال: سقط المفعول من رواية البخاري ولا يستقيم الكلام إلا به، وفي رواية الإسماعلي لم ألق بعد رخاء ولعبد الرزاق عن معمر عن الزهري لم ألق بعدكم راحة (غير أني سقيت) بضم السين مبنيًّا للمفعول (في هذه) زاد عبد الرزاق وأشار إلى النقرة التي تحت إبهامه وغير نصب على الاستثناء (بعتاقتي ثويبة) بفتح العين مصدر عتق يقال عتق يعتق بالكسر عتقًا وعتاقًا وعتاقة والمصدر هنا مضاف إلى الفاعل وثويبة مفعول للمصدر وفي رواية عبد الرزاق بعتقي.قال في الفتح: وهو أوجه والوجه أن يقول بإعتاقي لأن المراد التخلص من الرقّ انتهى.وتعقبه العيني فقال: هذا أخذه من كلام الكرماني فإنه قال: معناه التخلص من الرقيّة فالصحيح أن يقال بإعتاقي قال: وكلٌّ منهما لم يحرر كلامه فإن العتق والعتاقة والعتاق كلها مصادر من عتق العبد وقوله وهو أوجه غير موجه لأن العتق والعتاقة واحد في المعنى فكيف يقول: العتق أوجه؟ ثم قوله: والوجه أن يقول بإعتاقي لأن المراد التخلص من الرقّ كلام من ليس له وقوف على كلام القوم فإن صاحب المغرب قال: العتق الخروج من المملوكية وهو التخلص من الرقية وقد تقدم أن العتق يقوم مقام الإعتاق الذي هو مصدر أعتقه مولاه انتهى.واستدلّ بهذا على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة وهو مردود بظاهر قوله: {{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا}} [الفرقان: 23] لا سيما والخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدّثه به وعلى تقدير أن يكون موصولًا فلا يحتج به إذ هو رؤيا منام لا يثبت به حكم شرعي لكن يحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخصوصًا من ذلك بدليل التخفيف عن أبي
    طالب المروي في الصحيح والله أعلم.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4829 ... ورقمه عند البغا:5101 ]
    - حدَّثنا الحَكَمُ بنُ نافِعٍ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أخبرَني عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أبي سلَمةَ أخبَرَتْهُ أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أبي سُفْيان أخبَرَتْها أَنَّهَا قالَتْ: يَا رسولُ الله} انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أبي سُفْيانَ. فَقَالَ: أوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وأحَبُّ منْ شاركَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لي. قُلْتُ: فإِنَّا نُحَدَّثُ أنكَ تُرِيدُ أنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أبي سلَمَةَ؟ قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سلَمة؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إنَّها لابْنَةُ أخِي مِنَ الرَّضاعَةِ، أرْضَعَتْنِي وَأَبا سلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضَن عَلَيَّ بنَاتِكنَّ وَلَا أخَوَاتِكُنَّ.قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلاةٌ لأبي لَهبٍ، كانَ أبُو لَهبٍ أعْتَقَها فأرْضَعَتِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فلَمَّا ماتَ أبُو لَهبٍ أُرَيَةُ بَعْضُ أهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، قَالَ لهُ: ماذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أبُو لَهبٍ: لَمْ ألْقِ بَعْدكُمْ، غَيْرَ أنِّي سُقِيتُ فِي هاذِهِ بِعتَاقَتي ثُوَيْبَةَ.
    مطابقته للتَّرْجَمَة فِي الشق الثَّانِي وَزَيْنَب بنت أبي سَلمَة بن عبد الْأسد المَخْزُومِي ربيبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمّهَا أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ اسْم زَيْنَب برة فسماها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب، ولدتها أمهَا بِأَرْض الْحَبَشَة وقدمت بهَا وحفظت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت زَيْنَب عِنْد عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود، فَولدت لَهُ، وَأَبُو سَلمَة اسْمه عبد الله بن عبد الْأسد وَأمة برة بنت عبد الْمطلب، وَهَاجَر الهجرتين وَشهد بَدْرًا وَخرج يَوْم أحد فَمَاتَ مِنْهُ. وَذَلِكَ لثلاث مضين لجمادى الْآخِرَة سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، وَأم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْمهَا مِلَّة بِلَا خلاف.والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النَّفَقَات عَن يحيى بن بكير وَفِي النِّكَاح أَيْضا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث بِهِ، وَعَن الْحميدِي عَن سُفْيَان وَعَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن أبي كريب وَغَيره وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَغَيره وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن رمح وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة.قَوْله: (أنكح أُخْتِي) : أَي: تزوج، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَالنَّسَائِيّ: (أنكح أُخْتِي عزة بنت أبي سُفْيَان) ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ قَالَت: يَا رَسُول الله هَل لَك فِي أُخْتِي حمْنَة بنت أبي سُفْيَان، وَعند أبي مُوسَى فِي الذيل مَدَرَة بنت أبي سُفْيَان بِضَم الدَّال الْمُهْملَة، وَحكى عِيَاض عَن بعض رُوَاة مُسلم أَنه ضَبطهَا بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ تَصْحِيف. قَوْله: (أَو تحبين ذَلِك؟) هَذَا اسْتِفْهَام تعجب مَعَ مَا طبع عَلَيْهِ النِّسَاء من الْغيرَة. قَوْله: (بمخيلة) ، بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام اسْم فَاعل من الإخلاء مُتَعَدِّيا ولازما من أخليت بِمَعْنى خلوت من الضرة، وَالْمعْنَى: لست بمنفردة عَنْك وَلَا خَالِيَة من ضرَّة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ لم أجد خَالِيا من الزَّوْجَات، وَلَيْسَ هُوَ من قَوْلهم: امْرَأَة مخلية، أَي: خَالِيَة من الْأزْوَاج، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات بِلَفْظ الْمَفْعُول. قَوْله: (وَأحب) مُبْتَدأ مُضَاف إِلَى: من. قَوْله: (أُخْتِي) ، خَبره. قَوْله: (فِي خبر) كَذَا بِالتَّنْوِينِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين أَي: أَي خبر كَانَ؟ وَفِي رِوَايَة هِشَام: وَأحب من شركني فِيك أُخْتِي، وَعرف أَن المُرَاد بالخيرذاته، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (إِن ذَلِك لَا يحل لي) . لِأَنَّهُ جمع بَين الْأُخْتَيْنِ، وَهَذَا كَانَ قبل علم أم حَبِيبَة بِالْحُرْمَةِ، أَو ظنت أَن جَوَازه من خَصَائِص النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، لِأَن أَكثر حكم نِكَاحه يُخَالف أَحْكَام أنكحة الْأمة. قَوْله: (فَإنَّا نُحدث) ، بِضَم النُّون وَفتح الْحَاء وَالدَّال الْمُشَدّدَة على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة هِشَام: وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (فوَاللَّه لقد أخْبرت) . قَوْله: (إِنَّك تُرِيدُ أَن تنْكح) ، وَفِي رِوَايَة هِشَام: بَلغنِي أَنَّك تخْطب. قَوْله: (فَقَالَ: إِنَّهَا) أَي: بنت أبي سَلمَة. قَوْله: (فِي حجري) ، خرج مخرج الْغَالِب، وإلاَّ فالربيبة حرَام مُطلقًا سَوَاء كَانَت فِي حجر زوج أمهَا أم لَا. قَوْله: (لابنَة أخي) اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن حرمتهَا عَلَيْهِ بسببين وهما: كَونهَا ربيبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَونهَا بنت أَخِيه من الرَّضَاع. وَالْحكم يثبت بعلل شَتَّى. قَوْله: (وَأَبا سَلمَة) ، أَي: وأرضعت أَبَا سَلمَة، وَقدم الْمَفْعُول على الْفَاعِل، وَالْفَاعِل هُوَ ثويبة، وَقد مر الْكَلَام فِيهَا عَن قريب. قَوْله: (فَلَا تعرضن) ، بِفَتْح التَّاء وَسُكُون الْعين وَكسر الرَّاء وبالنون الْخَفِيفَة: خطاب لجَماعَة النِّسَاء، ويروي (وَلَا تعرضن) ، بالنُّون الْمُشَدّدَة، خطاب لأم حَبِيبَة. قَوْله: (عَليّ) ، بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (قَالَ عُرْوَة) هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (أريه) ، بِضَم الْهمزَة وَكسر الرَّاء على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: رأى أَبَا لَهب بعض أَهله فِي الْمَنَام. قَوْله: (بشر حيبة) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: على أسوء حَالَة، يُقَال: بَات الرجل بحيبة سوء أَي: بِحَالَة رَدِيئَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الحيبة والحوبة الْهم والحزن، وَوَقع فِي شرح السّنة لِلْبَغوِيِّ. بِفَتْح الْحَاء، ووقه عِنْد الْمُسْتَمْلِي بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة، أَي: فِي حَالَة خائبة من كل خير، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هُوَ تَصْحِيف. قلت: هَذَا أقرب من جِهَة الْمَعْنى وَلِهَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يروي بِالْمُعْجَمَةِ، وَحكى فِي الْمَشَارِق بِالْجِيم فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَلَا أَظُنهُ إلاَّ تصحيفا. قَوْله: (مَاذَا لقِيت) أَي: قَالَ الرَّائِي لأبي لَهب: مَاذَا لقِيت بعد موتك؟ قَوْله: (لم ألق بعدكم) كَذَا فِي الْأُصُول بِحَذْف الْمَفْعُول، وَعند عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ: لم ألق بعدكم رَاحَة، وَقَالَ ابْن بطال: سقط الْمَفْعُول من رِوَايَة البُخَارِيّ، وَلَا يَسْتَقِيم الْكَلَام إلاَّ بِهِ. قَوْله: (سقيت) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فِي هَذِه) كلمة: هَذِه إِشَارَة. وَلم يبين الْمشَار إِلَيْهِ وَبَينه عبد الرَّزَّاق فِي رِوَايَته بِالْإِشَارَةِ إِلَى النقرة الَّتِي بَين الْإِبْهَام والمسبحة، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَأَشَارَ إِلَى النقرة الَّتِي بَين الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا من الْأَصَابِع، وَحَاصِل الْمَعْنى إِشَارَة إِلَى حقارة مَا سقى من المَاء، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: سقِِي نقطة من مَاء فِي جَهَنَّم بِسَبَب ذَلِك، قَالَ: وَذَلِكَ أَنه جَاءَ فِي الصَّحِيح أَنه رثي فِي
    النّوم فَقيل لَهُ: مَا فعل رَبك هُنَاكَ؟ فَقَالَ: سقيت مثل هَذِه، وَأَشَارَ إِلَى ظفر إبهامه. قَوْله: (بعتاقتي) أَي: بِسَبَب عتاقتي ثوبية، وعتاقة بِفَتْح الْعين، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق: بعتقي، وَقَالَ بَعضهم: وَهُوَ أوجه، وَالْوَجْه أَن يَقُول: بإعتاقي لِأَن المُرَاد التَّخَلُّص من الرّقّ. قلت: هَذَا الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من كَلَام الْكرْمَانِي، فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِن قلت: مَعْنَاهُ التَّخَلُّص من الرّقية، فَالصَّحِيح أَن يُقَال: بإعتاقي. قلت: كل من النَّاقِل وَالْمَنْقُول مِنْهُ لم يحرر كَلَامه، فَإِن الْعتْق والعتاقة وَالْعتاق كلهَا مصَادر من عتق العَبْد، وَقَول النَّاقِل: وَهُوَ أوجه، غير موجه، لِأَن الْعتْق والعتاقة وَاحِد فِي الْمَعْنى، فَكيف يَقُول الْعتْق أوجه؟ ثمَّ قَوْله: وَالْأَوْجه أَن يَقُول: بإعتاقي لِأَن المُرَاد التَّخَلُّص من الرّقّ، كَلَام من لَيْسَ لَهُ وقُوف على كَلَام الْقَوْم، فَإِن صَاحب الْمغرب قَالَ: الْعتْق الْخُرُوج من المملوكية وَهُوَ التَّخَلُّص من الرّقية، وَقد يقوم الْعتْق مقَام الْإِعْتَاق الَّذِي هُوَ مصدر أعْتقهُ مَوْلَاهُ. وَفِي التَّوْضِيح: وَفِيه أَي: وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَن الْكَافِر قد يعْطى عوضا من أَعماله الَّتِي يكون مِنْهَا قربَة لأهل الْإِيمَان بِاللَّه، كَمَا فِي حق أبي طَالب. غير أَن التَّخْفِيف عَن أبي لَهب أقل من التَّخْفِيف عَن أبي طَالب، وَذَلِكَ لنصرة أبي طَالب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحياطته لَهُ وعداوة أبي لَهب لَهُ. وَقَالَ ابْن بطال: وَصَحَّ قَول من تَأَول فِي معنى الحَدِيث الَّذِي جَاءَ عَن الله تَعَالَى: إِن رَحمته سبقت غَضَبه، إِن رَحمته لاتنقطع عَن أهل النَّار المخلدين فِيهَا، إِذْ فِي قدرته أَن يخلق لَهُم عذَابا يكون عَذَاب النَّار لأَهْلهَا رَحْمَة وتخفيفا بِالْإِضَافَة إِلَى ذَلِك الْعَذَاب وَمذهب الْمُحَقِّقين أَن الْكَافِر لَا يُخَفف عَنهُ الْعَذَاب بِسَبَب حَسَنَاته فِي الدُّنْيَا، بل يُوسع عَلَيْهِ بهَا فِي دُنْيَاهُ. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَن الْكفَّار لَا تنفعهم أَعْمَالهم وَلَا يثابون عَلَيْهَا بنعيم وَلَا تَخْفيف عَذَاب، وَلَكِن بَعضهم أَشد عذَابا بِحَسب جرائمهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَا ينفع الْكَافِر الْعَمَل الصَّالح. إِذْ الرُّؤْيَا لَيست بِدَلِيل، وَعلي تَقْدِير التَّسْلِيم يحْتَمل أَن يكون الْعَمَل الصَّالح وَالْخَيْر الَّذِي يتَعَلَّق لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَخْصُوصًا، كَمَا أَن أَبَا طَالب أَيْضا ينْتَفع بتَخْفِيف الْعَذَاب. وَذكر السُّهيْلي أَن الْعَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: لما مَاتَ أَبُو لَهب رَأَيْته فِي مَنَامِي بعد حول فِي شَرّ حَال، فَقَالَ: مَا لقِيت بعدكم رَاحَة إلاَّ أَن الْعَذَاب يُخَفف عني كل يَوْم اثْنَيْنِ. قَالَ: وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولد يَوْم الِاثْنَيْنِ وَكَانَت ثويبة بشرت أَبَا لَهب بمولده فَأعْتقهَا. وَيُقَال: إِن قَول عُرْوَة لما مَاتَ أَبُو لَهب: أريه بعض أَهله إِلَى آخِره خبر مُرْسل أرْسلهُ عُرْوَة وَلم يذكر من حَدثهُ بِهِ، وعَلى تَقْدِير أَن يكون مَوْصُولا فَالَّذِي فِي الْخَبَر رُؤْيا مَنَام فَلَا حجَّة فِيهِ، وَلَعَلَّ الَّذِي رَآهَا لم يكن إِذْ ذَاك أسلم بعد، فَلَا يحْتَج بِهِ. وَأجِيب ثَانِيًا: على تَقْدِير الْقبُول، يحْتَمل أَن يكون مَا يتَعَلَّق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَخْصُوصًا من ذَلِك بِدَلِيل قصَّة أبي طَالب حَيْثُ خفف عَنهُ. فَنقل من الغمرات إِلَى الضحضاح، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا التَّخْفِيف خَاص بِهَذَا وبمن ورد النَّص فِيهِ، وَالله أعلم. وَمن جملَة مَا يشْتَمل هَذَا على حُرْمَة الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ بِلَا خلاف، وَاخْتلف فِي الْأُخْتَيْنِ بِملك الْيَمين، وكافة الْعلمَاء على التَّحْرِيم أَيْضا خلافًا لأهل الظَّاهِر، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عُثْمَان: حرمتهما آيَة وأحلتهما آيَة، وَالْآيَة الْمحلة لَهَا قَوْله تَعَالَى: {{وَأحل لكم ماوراء ذَلِكُم}} (النِّسَاء: 42) وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيّ وَعَن عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد رُوِيَ الْمَنْع عَن عَمْرو عَليّ أَيْضا وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وعمار وَابْن عمر وَعَائِشَة وَابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَمِمَّا يشْتَمل هَذَا أَيْضا على ثُبُوت حُرْمَة الرَّضَاع بَين الرَّضِيع والمرضعة، فَإِنَّهَا تصير بِمَنْزِلَة أمه من الْولادَة، وَيحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا أبدا وَيحل لَهُ النّظر إِلَيْهَا وَالْخلْوَة بهَا والمسافرة مَعهَا، وَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَحْكَام الأمومة من كل وَجه، فَلَا توارث وَلَا نَفَقَة وَلَا عتق بذلك بِالْملكِ وَلَا ترد شَهَادَته لَهَا وَلَا يعقل عَنْهَا وَلَا يسْقط عَنْهُمَا الْقصاص بِقَتْلِهِمَا، وَمن ذَلِك انتشار الْحُرْمَة بَين الْمُرضعَة وَأَوْلَاد الرَّضِيع وَبَين الرَّضِيع وَأَوْلَاد الْمُرضعَة وَحُرْمَة الرَّضَاع بَين الرَّضِيع وَزوج الْمُرضعَة وَيصير الرَّضِيع ولدا لَهُ وَأَوْلَاد الرجل إخْوَة الرَّضِيع، وإخوة الرجل أعمام الرَّضِيع وأخواته عماته وَيكون أَوْلَاد الرَّضِيع أَوْلَاد الرجل، وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إلاَّ أهل الظَّاهِر وَابْن علية فَإِنَّهُم قَالُوا بِحرْمَة الرَّضَاع بَين الرجل الرَّضِيع، كَذَا نَقله الْخطابِيّ وعياض عَنْهُمَا، وَزَاد الْخطابِيّ، ابْن الْمسيب.

    حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ ‏"‏ أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ ‏"‏‏.‏ فَقُلْتُ نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِي ‏"‏‏.‏ قُلْتُ فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ‏"‏‏.‏ قُلْتُ نَعَمْ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ ‏"‏‏.‏ قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِي لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ مَاذَا لَقِيتَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ‏.‏

    Narrated Um Habiba:(daughter of Abu Sufyan) I said, "O Allah's Messenger (ﷺ)! Marry my sister. the daughter of Abu Sufyan." The Prophet (ﷺ) said, "Do you like that?" I replied, "Yes, for even now I am not your only wife and I like that my sister should share the good with me." The Prophet (ﷺ) said, "But that is not lawful for me." I said, We have heard that you want to marry the daughter of Abu Salama." He said, "(You mean) the daughter of Um Salama?" I said, "Yes." He said, "Even if she were not my step-daughter, she would be unlawful for me to marry as she is my foster niece. I and Abu Salama were suckled by Thuwaiba. So you should not present to me your daughters or your sisters (in marriage)." Narrated 'Urwa: Thuwaiba was the freed slave girl of Abu Lahb whom he had manumitted, and then she suckled the Prophet. When Abu Lahb died, one of his relatives saw him in a dream in a very bad state and asked him, "What have you encountered?" Abu Lahb said, "I have not found any rest since I left you, except that I have been given water to drink in this (the space between his thumb and other fingers) and that is because of my manumitting Thuwaiba

    Telah menceritakan kepada kami [Al Hakam bin Nafi'] Telah mengabarkan kepada kami [Syu'aib] dari [Az Zuhri] ia berkata; Telah mengabarkan kepadaku [Urwah bin Az Zubair] bahwa [Zainab binta Abu Salamah] Telah mengabarkan kepadanya bahwa [Ummu Habibah binti Abu Sufyan] Telah mengabarkan kepadanya bahwa ia pernah berkata, "Wahai Rasulullah nikahilah saudaraku binti Abu Sufyan." Maka beliau balik bertanya: "Apakah suka akan hal itu?" aku menjawab, "Ya. Namun aku tidak mau ditinggal oleh Anda. Hanya saja aku suka bila saudariku ikut serta denganku dalam kebaikan." Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pun bersabda: "Sesungguhnya hal itu tidaklah halal bagiku." Aku berkata, "Telah beredar berita, bahwa Anda ingin menikahi binti Abu Salamah." Beliau bertanya: "Anak wanita Ummu Salamah?" aku menjawab, "Ya." Maka beliau pun bersabda: "Meskipun ia bukan anak tiriku, ia tidaklah halal bagiku. Sesungguhnya ia adalah anak saudaraku sesusuan. Tsuwaibah telah menyusuiku dan juga Abu Salamah. Karena itu, janganlah kalian menawarkan anak-anak dan saudari-saudari kalian padaku." Urwah berkata; Tsuwaibah adalah bekas budak Abu Lahab. Waktu itu, Abu Lahab membebaskannya, lalu Tsuwaibah pun menyusui Nabi shallallahu 'alaihi wasallam. Dan ketika Abu Lahab meninggal, ia pun diperlihatkan kepada sebagian keluarganya di alam mimpi dengan keadaan yang memprihatinkan. Sang kerabat berkata padanya, "Apa yang telah kamu dapatkan?" Abu Lahab berkata."Setelah kalian, aku belum pernah mendapati sesuatu nikmat pun, kecuali aku diberi minum lantaran memerdekakan Tsuwaibah

    Ebu Seleme'nin kızından aktarılan rivayette: "Ebu Süfyan'ın kızı Ümmü Habibe'nin kendisine haber verdiğine göre, Allah Rasulüne: 'Ey Allah'ın Rasulü, kızkardeşim Ebu Süfyan'ın kızını nikahına al', deyince, o şöyle buyurdu: 'Peki, böyle bir şeyi gerçekten arzu eder misin. Ben: Evet. Çünkü sen benden başka zevcesi bulunmayan birisi değilsin. Bir hayırda bana ortak olmasını en çok sevdiğim kişi de kızkardeşimdir', dedim. Bunun üzerine Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: Bu, bana helal değildir. Ben, dedim ki: 'Ama bize senin Ebu Seleme'nin kızını nikahlamak istediğin söyleniyordu.' Allah Rasulü: (Zevcem) Ümmü Seleme'nin kızı mı, diye sordu. Ben: Evet deyince şöyle buyurdu: Eğer o benim himayemde bulunan, benim üvey kızım olmasaydı bile yin bana helal olmazdı. Çünkü o benim süt kardeşimin kızıdıf. Süt annem Suveybe beni ve Ebu Seleme'yi birlikte emzirmişti. Sakın bana klZlarınızı da, kız kardeşlerinizi de onlarla evleneyim diye teklif etmeyiniz." Urve dedi ki: "Suveybe, Ebu Leheb'in bir cariyesi idi. Ebu Leheb onu azad etmişti. O da Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e süt emzirmişti. Ebu Leheb öldükten sonra yakınlarından birisine çok kötü bir halde (rüyasında) gösterildi. Ona: Ne ile karşılaştın, diye sordu. Ebu Leheb ona: Sizden sonra (hayır namına) bir şey görmedim. Ancak Suveybe'yi hürriyetine kavuşturmam sebebiyle şununla bana su içirildi." Bu hadis 5106, 5107,5123 ve 5372 nolarla gelecek inşaallah. Fethu'l-Bari Açıklaması: "Süt emmek, doğum sebebiyle haram kılınanları haram kılar," mubah olanları da mubah kılar demektir. Bu da nikah ve ona tabi olan hususların haramlığı ile alakalı hususlar hakkında icma' ile kabul edilmiş bir husustur. Haramlık, süt emen çocuk ile süt annenin çocukları arasında sözkonusu olur ve onlara bakmanın, halvetin (baş başa kalmanın) ve beraber yolculuk yapmanın caizliği hususunda akrabalar seviyesine getirir. Fakat mirasçılık, nafakanın vücCıbu, köle olarak malik olunma halinde azad oluş, şahit1ik, diyet, kısasın düşürülmesi gibi diğer annelik ahkamı sözkonusu olmaz. Kurtubı dedi ki: Hadiste süt emmenin, süt emen ile süt emziren kadın ve onun kocası arasında hürmetin (haram oluş hükmünün) yaygınlık kazanacağını göstermektedir. Yani o kadının kocası ya da efendisi olup, ondan doğma çocukları ile birlikte süt emen arasında da haramlık sözkonusudur. Bu kadın, süt emen çocuğa, annesi olduğundan haram olur. Süt emziren kadının annesi de onun ninesi olduğundan dolayı haram olur ve bu yukarıya doğru devam eder, gider. O annenin kızkardeşi, teyzesi olduğundan, kızı onun kızkardeşi olduğundan, kızının kızı ve aşağıya doğru onun kızkardeşinin kızı olduğundan süt sahibinin (süt annenin kocasının ya da efendisinin) kızı da kendisinin kızkardeşi olduğundan, onun kızının kızı .aşağıya doğru kendi kızkardeşinin kızı olduğundan, süt sahibinin annesi ve yukarı doğru diğer anneleri. ninesi olduğundan, süt sahibinin kızkardeşi halası olduğundan ona haram olurlar. Ancak haramlık hükmü, süt emen çocuğun yakınlarından herhangi birisi hakkında sözkonusu değildir. Mesela onun süt kızkardeşi kendi kardeşinin kızkardeşi olmadığı gibi, kendisinin baba bir kızkardeşi de böyledir. Çünkü bunlar arasında süt emmek birlikteliği yoktur. Bundaki hikmete gelince, haramlığın sebebi, kadının ve kocanın cüzlerinden ayrılan şeyolan süttür. Süt emen çocuk, bu süt ile gıdalandığı takdirde o çocuk da onların cüzlerinden bir parça olur. Böylelikle aralarında haramlık yayılmış olur. Ancak süt emenin akrabalarının durumu böyle değildir. Çünkü onlarla süt emme arasında ve kocası arasında herhangi bir neseb ya da bir sebep (haram kılıcı gerekçe, bağ) bulunmamaktadır. Doğrusunu en iyi bilen Allah'tır. "Kızkardeşimi nikahla", onunla evlen, demektir. "Bunu arzu eder misin?" İfade kadınların tabiatıarında bulunan kıskançlıkla birlikte, kendisinden başkası ile evlenmesini istemesi dolayısıyla hayretini dile getiren bir sorudur. "Sen benden başka zevcesi bulunmayan birisi değilsin ki. .. " Ben seninle baş başa değilim ve kuması olmayan birisi de değilim, demektir. "Hayırda ortak." Bu sözle kumalar arasında adeten görülen arızı kıskançlıkları örten, ortadan kaldıran, dünya ve ahiret mutluluğunu da kapsayan Rasulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem ile birlikte oluşun kastedildiği söylenmiştir. Fakat sözü geçen Hişam yoluyla gelen rivayetle şöyle denilmektedir: "Seninle birlikte benimle ortaklığını en çok sevdiğim kişi kızkardeşimdir" denilmektedir. Böylelikle "hayır" ile kastedilenin bizzat Rasulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in kendisi olduğu anlaşılmaktadır. "Ümmü Seleme'nin kızı mı?" Bu, aradaki karışıklığı ortadan kaldırmak için emin olmak amacıyla sorulmuş ya da red ve tepki anlamında yöneltiimiş bir sorudur. Yani: Eğer senin kastetliğin, Ebu Seleme'nin Ümmü Seleme'den olma kızı ise onun benim için haram oluşu -ileride açıklanacağı üzere- iki bakımdandır. Eğer Ebu Seleme'nin, Ümmü Seleme'nin dışında bir kadından doğma kızı ise senin kastetliğin, o takdirde tek bir yönden bana haram olur. Sanki Ümmü Habibe bunun haram oluşundan habersiz idi. Bu habersizliği de ya haram kılan ayetin nüzulünden önce olduğundan dolayı idi yahut bundan sonra olmakla birlikte, böyle bir şeyin Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in özelliklerinden olduğunu zannetmesi dolayısıyla olabilirdi. el-Kermanı böyle demektedir. Kabul edilen de ikinci ihtimaldir. Birincisini hadisin anlatım tarzı uygun kılmamaktadır. Sanki Ümmü Habibe iki kızkardeşi aynı nikah altında bulundurmanın caiz oluşunu, kadının kızı ile birlikte aynı nikah altında bulundurulmasının cevazına göre daha uygun görmüş gibidir. Çünkü üvey kız çocuğu ebediyyen haram kılınmış olmakla birlikte, kızkardeş sadece diğer kızkardeşi ile birlikte aynı nikah altında bulundurulması halinde haram kılınmıştır. Allah Rasulü ona böyle bir işin helal olmayacağını ve bu hususta ona ulaşan bilginin gerçek olmadığını belirterek Ümmü Seleme'nin kızının da iki bakımdan kendisine haram olduğunu açıklayarak cevaplandırmıştır. Hadis-i şerifte üvey kızın haram kılınışının, süt emmek yoluyla haram kılın IŞtan daha ağır olduğuna da işaret bulunmaktadır. "Çok kötü halde idi." Yani en kötü haldeydi. Hadis-i şerifte kafirin yapmış olduğu salih bir amelin ahirette faydasını görebileceğine işaret vardır. Ancak bu, Kur'an'ın zahirinden anlaşılana muhaliftir. Çünkü yüce Allah şöyle buyurmaktadır: "işledikleri amellerinin önüne geçip, onu havaya saçılmış toz zerreleri yaparız. "(furkan, 23) Ayrıca (hadise karşı) şöyle de cevap verilmiştir: 1 - Bu haber mürseldir. Bunu Urve mürselolarak rivayet etmiş ve kendisine kimin naklettiğini söylememiştir. Mevsul olduğunu kabul etsek dahi haberde sözü edilen şey, görülen bir rüyadır. Bunun delil olacak bir tarafı yoktur. Üstelik o rüyayı gören şahıs o sırada Müslüman olmamış olabilir ve dolayısıyla o şahıs delil olarak kabul edilemez. 2- Şahsın söylediklerinin delil kabul edileceğini varsaysak bile Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem ile ilgili olan bu hususta bir özellik olabilir. Buna delil de daha önce geçen Ebu Talib ile ilgili olaydır. Çünkü bu husustaki rivayete göre azabı hafifletilerek cehennemin her tarafı kaplayan azabından ayak topuklarma kadar varan seviyedeki ateşe nakledilmiştir. Beyhaki dedi ki: Kafirlerin hayırlarının boşa çıkarılacağı ile ilgili gelen buyrukların anlamı şudur: Onlar, bunlar sebebi ile cehennemden kurtulamazlar, cennete de giremezler. Bununla birlikte küfür dışında işlemiş oldukları suçlar dolayısıyla görmeleri gereken azap, işlemiş oldukları hayırlardan ötürü hafifletilebilir. (Kadı) lyad ise şöyle demektedir: Kafirlerin işlemiş oldukları (iyi) am ellerinin kendilerine fayda sağlamayacağı ve bundan dolayı ne bir nimet ile ne de azaplarının hafifletilmesi ile bir mükafat görmeyecekleri hususu üzerinde kma' gerçekleşmiş bulunmaktadır. Kafirlerin bir kısmın m azabı, diğerlerine göre daha ağır olmakla birlikte bu böyledir. Derim ki: Bununla birlikte bu husus Beyhaki'nin sözünü ettiği ihtimali reddetmemektedir. Çünkü bu kabilden gelmiş bütün rivayetler küfür günahı ile alakalıdır. Küfrün dışındaki günahlara gelince, bunla.nn azabının hafifletilmesinin engeli ne olabilir? ibnu'l-Müneyyir, haşiyede der ki: Burada iki mesele vardır. Birincisi imkansızdır, bu da kafirin küfrü ile birlikte itaatinin göz önünde bulundurulacağıdır. Çünkü itaatin bir şartı da sahih bir maksat ile yapılmış olmasıdır. Kafirde ise böyle bir şart bulunmaz. ikincisi ise kafirin yüce Allah'ın bir lütfu olarak bazı amelleri dolayısı ile mükafatlandınlmasıdır. Akıl bunu imkansız bir şey görmez. Bu husus anlaşıldığına göre Ebu Leheb'in, Suveybe'ye hürriyetini vermesi, itibar olunan Allah'a yakınlaştıncı bir amel olamaz. Bununla birlikte yüce Allah'ın Ebu Ta!ib'e lütufta bulunduğu gibi ona da dilediği şekilde lütufta bulunması mümkündür. Bu hususta uyulması gereken ise ister olumsuz, ister olumlu kanaat belirtilsin, konu ile ilgili varid olmuş Kur'anı ve nebevı naslardır. Derim ki: Bunun da tamamlayıcı unsuru şudur: Sözü edilen lütfun, kafirin iyilikte bulunduğu ve benzeri davranışlar yaptığı kimseye ikram olmak üzere yapılmasıdır. Doğrusunu en iyi bilen Allah'tır

    ہم سے حکم بن نافع نے بیان کیا، کہا ہم کو شعیب نے خبر دی، ان سے زہری نے بیان کیا، انہیں عروہ بن زبیر نے خبر دی، انہیں زینب بنت ابی سلمہ نے خبر دی اور انہیں ام المؤمنین ام حبیبہ بنت ابی سفیان نے خبر دی کہ انہوں نے عرض کیا کہ یا رسول اللہ! میری بہن ( ابوسفیان کی لڑکی ) سے نکاح کر لیجئے۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ کیا تم اسے پسند کرو گی ( کہ تمہاری سوکن بہن بنے ) ؟ میں نے عرض کیا جی ہاں، میں تو پسند کرتی ہوں اگر میں اکیلی آپ کی بیوی ہوتی تو پسند نہ کرتی۔ پھر میری بہن اگر میرے ساتھ بھلائی میں شریک ہو تو میں کیونکر نہ چاہوں گی ( غیروں سے تو بہن ہی اچھی ہے ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا وہ میرے لیے حلال نہیں ہے۔ ام حبیبہ رضی اللہ عنہا نے کہا: یا رسول اللہ! لوگ کہتے ہیں آپ ابوسلمہ کی بیٹی سے جو ام سلمہ کے پیٹ سے ہے، نکاح کرنے والے ہیں۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اگر وہ میری ربیبہ اور میری پرورش میں نہ ہوتی ( یعنی میری بیوی کی بیٹی نہ ہوتی ) جب بھی میرے لیے حلال نہ ہوتی۔ وہ دوسرے رشتے سے میری دودھ بھتیجی ہے، مجھ کو اور ابوسلمہ کے باپ کو دونوں کو ثوبیہ نے دودھ پلایا ہے۔ دیکھو، ایسا مت کرو اپنی بیٹیوں اور بہنوں کو مجھ سے نکاح کرنے کے لیے نہ کہو۔ عروہ راوی نے کہا ثوبیہ ابولہب کی لونڈی تھی۔ ابولہب نے اس کو آزاد کر دیا تھا۔ ( جب اس نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے پیدا ہونے کی خبر ابولہب کو دی تھی ) پھر اس نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو دودھ پلایا تھا جب ابولہب مر گیا تو اس کے کسی عزیز نے مرنے کے بعد اس کو خواب میں برے حال میں دیکھا تو پوچھا کیا حال ہے کیا گزری؟ وہ کہنے لگا جب سے میں تم سے جدا ہوا ہوں کبھی آرام نہیں ملا مگر ایک ذرا سا پانی ( پیر کے دن مل جاتا ہے ) ابولہب نے اس گڑھے کی طرف اشارہ کیا جو انگوٹھے اور کلمہ کے انگلی کے بیچ میں ہوتا ہے یہ بھی اس وجہ سے کہ میں نے ثوبیہ کو آزاد کر دیا تھا۔

    উম্মু হাবীবাহ বিনতে আবূ সুফ্ইয়ান (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি রাসূলুল্লাহ্সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-কে বললাম, হে আল্লাহর রাসূল! আপনি আমার বোন আবূ সুফিয়ানের কন্যাকে বিয়ে করুন। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লামবললেন, তুমি কি এটা পছন্দ কর? তিনি উত্তর করলেন, হাঁ। এখন তো আমি আপনার একক স্ত্রী নই এবং আমি চাই যে, আমার বোনও আমার সঙ্গে উত্তম কাজে অংশীদার হোক। তখন নবীসাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লামউত্তর দিলেন, এটা আমার জন্য হালাল নয়। আমি বললাম, আমরা শুনতে পেলাম, আপনি নাকি আবূ সালামাহর মেয়েকে বিয়ে করতে চান। তিনি বললেন, তুমি বলতে চাচ্ছ যে, আমি উম্মু সালামাহর মেয়েকে বিয়ে করতে চাই। আমি বললাম, হ্যাঁ। তিনি বললেন, যদি সে আমার প্রতিপালিতা কন্যা না হত, তাহলেও তাকে বিয়ে করা হালাল হত না। কেননা, সে দুধ সম্পর্কের দিক দিয়ে আমার ভাতিজী। কেননা, আমাকে এবং আবূ সালামাহ্কে সুওয়াইবা দুধ পান করিয়েছে। সুতরাং, তোমরা তোমাদের কন্যা ও বোনদেরকে বিয়ের জন্য পেশ করো না। ‘উরওয়াহ (রাঃ) বর্ণনা করেন, সুওয়াইবা ছিল আবূ লাহাবের দাসী এবং সে তাকে আযাদ করে দিয়েছিল। এরপর রাসূলুল্লাহ্সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-কে দুধ পান করায়। আবূ লাহাব যখন মারা গেল, তার একজন আত্মীয় তাকে স্বপ্নে দেখল যে, সে ভীষণ কষ্টের মধ্যে নিপতিত আছে। তাকে জিজ্ঞেস করল, তোমার সঙ্গে কেমন ব্যবহার করা হয়েছে। আবূ লাহাব বলল, যখন থেকে তোমাদের হতে দূরে আছি, তখন থেকেই ভীষণ কষ্টে আছি। কিন্তু সুওয়াইবাকে আযাদ করার কারণে কিছু পানি পান করতে পারছি। [৫১০৬, ৫১০৭, ৫১২৩, ৫৩৭২; মুসলিম ১৭/৪, হাঃ ১৪৪৯, আহমাদ ২৭৪৮২](আধুনিক প্রকাশনী- ৪৭২৮, ইসলামিক ফাউন্ডেশন)

    உம்மு ஹபீபா பின்த் அபீ சுஃப்யான் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நான் (என் கணவர்) நபி (ஸல்) அவர்களிடம், ‘‘அல்லாஹ்வின் தூதரே! என் சகோதரியான அபூசுஃப்யானின் மகளை தாங்கள் மணந்துகொள்ளுங்கள்!” என்று கூறினேன். அதற்கு அவர்கள், ‘‘இதை நீயே விரும்புகிறாயா?” என்று (வியப்புடன்) கேட்டார்கள். நான், ‘‘ஆம்! (மனைவியென்று) தங்களுக்கு நான் ஒருத்தி மட்டும் இல்லையே! (தங்களுக்குத் துணைவியாகும்) பாக்கியத்தில் என்னுடன் என் சகோதரிக்கும் பங்கு கிடைப்பதை நான் பெரிதும் விரும்புகிறேன்” என்றேன். அதற்கு அவர்கள், ‘‘எனக்கு அ(வளை மணப்ப)து அனுமதிக்கப்பட்டதன்று” என்றார்கள். நான் ‘‘தாங்கள் அபூசலமாவின் புதல்வியை மணக்க விரும்புவதாக எங்களுக்குச் சொல்லப்பட்டதே!” என்று கேட்டேன். ‘‘(அதாவது என் துணைவியார்) உம்முசலமாவிற்கு (முந்தைய கணவன் மூலம்) பிறந்த மகளையா?” என நபியவர்கள் கேட்க, நான் ‘ஆம்’ என்றேன். அப்போது நபி (ஸல்) அவர்கள், ‘‘அவள் (உம்முசலமாவின் மகள்) எனது மடியில் வளர்ப்பு மகளாக (இருந்து வருகிறாள். அப்படி) இல்லாவிட்டாலும்கூட, அவளை நான் மணக்க முடியாது. (ஏனெனில்) அவள் பால்குடி உறவு முறையில் என் சகோதரரின் புதல்வி ஆவாள். எனக்கும் (அவளுடைய தந்தை) அபூசலமாவுக்கும் ஸுவைபா பாலூட்டி னார். ஆகவே, என்னிடம் உங்கள் பெண் மக்களையோ உங்கள் சகோதரிகளையோ (மணமுடித்துக்கொள்ளுமாறு) பரிந்துரைக்க வேண்டாம்” என்று சொன்னார்கள்.36 அறிவிப்பாளர் உர்வா (ரஹ்) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்: ஸுவைபா, அபூலஹபின் அடிமைப் பெண்ணாவார். அபூலஹப் அவரை விடுதலை செய்திருந்தார். அவர் நபி (ஸல்) அவர்களுக்குப் பாலூட்டினார். அபூலஹப் இறந்தபோது அவருடைய குடும்பத்தாரில் ஒருவர் அவரைக் (கனவில்) கண்டார். அபூலஹப் மோசமான நிலையில் அவருக்குக் காட்டப்பட்டார். அபூலஹபிடம், ‘‘(மரணத்திற்குப் பிறகு) நீ எதிர்கொண்டது என்ன?” என்று அவர் கேட்டார். ‘‘உங்களைவிட்டுப் பிரிந்தபின் ஒரு சுகத்தையும் நான் சந்திக்கவில்லை. ஆயினும், நான் ஸுவைபாவை விடுதலை செய்ததற்குப் பிரதியாக இந்த விரல்களினூடே எனக்கு நீர் புகட்டப்படுகிறது” என்று கூறினார். அத்தியாயம் :