• 462
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ، قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ ، قَالَ : أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَذَاكِ "

    حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ، قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ ، قَالَ : أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَذَاكِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : {{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }} حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : {{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ }} ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي المُزَرَّدِ بِهَذَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : {{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ }} *

    بحقو: الحَقو لغة : مَعْقِد الإزَار
    مه: مه : استفهام بمعنى ما والهاء للسكت
    العائذ: العائذ : المستجير والمتحصن والمعتصم والمحتمي
    أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ،
    حديث رقم: 5665 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب من وصل وصله الله
    حديث رقم: 5664 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب من وصل وصله الله
    حديث رقم: 7104 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15]
    حديث رقم: 4740 في صحيح مسلم كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا
    حديث رقم: 7747 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8183 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8792 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9086 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10260 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9679 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 443 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطْعِهَا
    حديث رقم: 442 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطْعِهَا
    حديث رقم: 445 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطْعِهَا
    حديث رقم: 11051 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 7374 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ
    حديث رقم: 2960 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ كِتَابُ التَّفْسِيرِ
    حديث رقم: 7395 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
    حديث رقم: 7396 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
    حديث رقم: 24870 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْأَدَبِ مَا قَالُوا فِي الْبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 3399 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الثَّاءِ مَنِ اسْمُهُ ثَابِتٌ
    حديث رقم: 9493 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْهَاءِ ذِكْرُ مَنِ اسْمُهُ : هَاشِمٌ
    حديث رقم: 12358 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بَابُ الرَّجُلِ يَقْسِمُ صَدَقَتَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ وَجِيرَانِهِ ، إِذَا كَانُوا مِنْ
    حديث رقم: 142 في الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري
    حديث رقم: 2657 في مسند الطيالسي مَا أَسْنَدَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ
    حديث رقم: 95 في الجامع لعبد الله بن وهب بَابُ الْأَسْمَاءِ
    حديث رقم: 147 في الجامع لعبد الله بن وهب الْبِرُّ
    حديث رقم: 406 في الزهد لوكيع بن الجراح الزهد لوكيع بن الجراح بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 992 في الزهد لهناد بن السري الزهد لهناد بن السري بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 995 في الزهد لهناد بن السري الزهد لهناد بن السري بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 115 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطِيعَتِهَا وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ
    حديث رقم: 126 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطِيعَتِهَا وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ
    حديث رقم: 51 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 66 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ إِثْمِ قَاطِعِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 51 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ الرَّجُلِ يُحِبُّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ
    حديث رقم: 5818 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 269 في مساؤئ الأخلاق للخرائطي مساؤئ الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَالتَّغْلِيظِ
    حديث رقم: 54 في معجم ابن المقرئ المحمدين المحمدين
    حديث رقم: 3923 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ
    حديث رقم: 10181 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ذِكْرُ مَنْ حَدَّثَ وَرَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، وَالْأَعْلَامِ التَّابِعِينَ
    حديث رقم: 63 في الأربعون الصغرى للبيهقي الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ
    حديث رقم: 1073 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْعَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ
    حديث رقم: 1826 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْمِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

    [4830] قَوْلُهُ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَيْ قَضَاهُ وَأَتَمَّهُ قَوْلُهُ قَامَتِ الرَّحِمُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْأَعْرَاضُ يَجُوزُ أَنْ تَتَجَسَّدَ وَتَتَكَلَّمُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفٍ أَيْ قَامَ مَلَكٌ فَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمَثَلِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْمُرَادُ تَعْظِيمُ شَأْنِهَا وَفَضْلُ وَاصِلِهَا وَإِثْمُ قَاطِعِهَا قَوْلُهُ فَأَخَذَتْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ مَفْعُولِ أخذت وَفِي رِوَايَة بن السَّكَنِ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ بِحَقْوَيِ الرَّحْمَنِ بِالتَّثْنِيَةِ قَالَ الْقَابِسِيُّ أَبَى أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ أَنْ يَقْرَأَ لَنَا هَذَا الْحَرْفَ لِإِشْكَالِهِ وَمَشَى بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَلَى الْحَذْفِ فَقَالَ أَخَذَتْ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ وَقَالَ عِيَاضٌ الْحَقْوُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْتَجَارُ بِهِ وَيُحْتَزَمُ بِهِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحَقِّ مَا يُحَامَى عَنْهُ وَيُدْفَعُ كَمَا قَالُوا نَمْنَعُهُ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ مَجَازًا لِلرَّحِمِ فِي اسْتِعَاذَتِهَا بِاللَّهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ انْتَهَى وَقَدْ يُطْلَقُ الْحَقْوُ عَلَى الْإِزَارِ نَفْسِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فَأَعْطَاهَا حَقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ يَعْنِي إِزَارَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ عِنْدَ الْإِلْحَاحِ فِي الِاسْتِجَارَةِ وَالطَّلَبِ وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا صَحِيحٌ مَعَ اعْتِقَادِ تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ الْجَارِحَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ كَأَنَّهُ شَبَّهَ حَالَةَ الرَّحِمِ وَمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الِافْتِقَارِ إِلَى الصِّلَةِ وَالذَّبِّ عَنْهَا بِحَالِ مُسْتَجِيرٍ يَأْخُذُ بِحَقْوِ الْمُسْتَجَارِ بِهِ ثُمَّ أَسْنَدَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّخْيِيلِيَّةِ مَا هُوَ لَازِمٌ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ فَيَكُونُ قَرِينَةً مَانِعَةً مِنْ إِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ ثُمَّ رُشِّحَتْ الِاسْتِعَارَةُ بِالْقَوْلِ وَالْأَخْذِ وَبِلَفْظِ الْحَقْوِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ أُخْرَى وَالتَّثْنِيَةُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْيَدَيْنِ آكَدُ فِي الِاسْتِجَارَةِ مِنَ الْأَخْذِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ مَهْ هُوَ اسْمُ فعل مَعْنَاهُ الزّجر أَي اكفف وَقَالَ بن مَالِكٍ هِيَ هُنَا مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ حُذِفَتْ أَلِفُهَا وَوُقِفَ عَلَيْهَا بِهَاءِ السَّكْتِ وَالشَّائِعُ أَنْ لَا يُفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا وَهِيَ مَجْرُورَةٌ لَكِنْ قَدْ سُمِعَ مِثْلُ ذَلِكَ فَجَاءَ عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلِأَهْلِهَا ضَجِيجٌ بِالْبُكَاءِ كَضَجِيجِ الْحَجِيجِ فَقُلْتُ مَهْ فَقَالُوا قُبِضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَاد حَدثنَا سُلَيْمَان هُوَ بن بِلَالٍ قَوْلُهُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ هَذِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمَقَامِ أَيْ قِيَامِي فِي هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ هَذَا مَقَامُ عَائِذٍ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالْعَائِذُ الْمُسْتَعِيذُ وَهُوَ الْمُعْتَصِمُ بِالشَّيْءِ الْمُسْتَجِيرُ بِهِ قَوْله قَالَ أَبُو هُرَيْرَة اقرؤوا إِن شِئْتُم فَهَل عسيتم هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِشْهَادَ مَوْقُوفٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ من رَفعهوَكَذَا فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَوْلُهُ حَدثنَا حَاتِم هُوَ بن إِسْمَاعِيل الْكُوفِي نزيل الْمَدِينَة وَمُعَاوِيَة هُوَ بن أَبِي مُزَرِّدٍ الْمَذْكُورُ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ بِهَذَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَلِكَ لَكِ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي وَقَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الْمَذْكُورَة قَوْله أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ قَوْلُهُ بِهَذَا أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ وَوَافَقَ حَاتِمًا عَلَى رَفْعِ هَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ تَنْبِيهٌ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْوِلَايَةِ وَالْمَعْنَى إِنْ وُلِّيتُمُ الْحُكْمَ وَقِيلَ بِمَعْنَى الْإِعْرَاضِ وَالْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ إِنْ أعرضتم عَن قبُول الْحق أَنْ يَقَعَ مِنْكُمْ مَا ذُكِرَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْض قَالَ هُمْ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إِنْ وُلُّوا النَّاسَ أَنْ لَا يفسدوا فِي الأَرْض وَلَا يقطعوا أرحامهم قَوْله آسن متغير وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ غَيْرُ مُنْتِنٍ وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مَرْفُوعا فِيهِ ذكر الْجنَّة قَالَ وأنهار من مَاء غير آسن قَالَ صَافٍ لَا كَدَرَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ سُورَةُ الْفَتْحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ بُورًا هَالِكِينَ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَسَقَطَ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَيُقَالُ بَارَ الطَّعَامُ أَيْ هَلَكَ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بن الزبعري يَا رَسُول الله الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِي رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ إِذْ أَنَا بُورُ أَيْ هَالِكٌ قَوْلُهُ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم السَّحْنَةُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْقَابِسِيِّ السَّجْدَةُ وَالْأول أولى فقد وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَاكِمِ عَنْ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ وَالسَّحْنَةُ بِالسِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَقَيَّدَهُ بن السَّكَنِ وَالْأَصِيلِيُّ بِفَتْحِهِمَا قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ لِينُ الْبَشَرَةِ وَالنَّعْمَةُ وَقيل الْهَيْئَةوَقيل الْحَال انْتهى وَجزم بن قُتَيْبَةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْضًا وَأَنْكَرَ السُّكُونَ وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَقَالَ الْعُكْبَرِيُّ السَّحْنَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيَهِ لَوْنُ الْوَجْهِ وَلِرِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ تَوْجِيهٌ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِالسَّجْدَةِ أَثَرَهَا فِي الْوَجْهِ يُقَالُ لِأَثَرِ السُّجُودِ فِي الْوَجْهِ سَجْدَةٌ وَسَجَّادَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ الْمَسْحَةُ قَوْلُهُ وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ التَّوَاضُعُ وَصَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ وَرَوَيْنَاهُ فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَفِي تَفْسِيرِ عبد بن حميد وبن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سُفْيَانَ وَزَائِدَةَ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ هُوَ الْخُشُوعُ زَادَ فِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ قُلْتُ مَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا هَذَا الْأَثَرَ الَّذِي فِي الْوَجْهِ فَقَالَ رُبَّمَا كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْ مَنْ هُوَ أَقْسَى قَلْبًا مِنْ فِرْعَوْنَ قَوْلُهُ شَطْأَهُ فِرَاخَهُ فَاسْتَغْلَظَ غَلُظَ سُوقُهُ السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله كزرع أخرج شطأه أَخْرَجَ فِرَاخَهُ يُقَالُ قَدْ أَشْطَأَهُ الزَّرْعُ فَآزَرَهُ سَاوَاهُ صَارَ مِثْلَ الْأُمِّ فَاسْتَغْلَظَ غَلُظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ بن حميد من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ كَزَرْعٍ أخرج شطأه قَالَ مَا يَخْرُجُ بِجَنْبِ الْحَقْلَةِ فَيَتِمُّ وَيَنْمَى وَبِهِ فِي قَوْلِهِ عَلَى سُوقِهِ قَالَ عَلَى أُصُولِهِ قَوْلُهُ شَطْأَهُ شَطْءُ السُّنْبُلِ تُنْبِتُ الْحَبَّةُ عَشْرًا أَوْ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَآزَرَهُ قَوَّاهُ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَة لم تقم على سَاق وَهُوَ مثل ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ كَمَا قوي الْحبَّة بِمَا ينْبت مِنْهَا ( قَوْله دَائِرَة السوء) كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ وَدَائِرَةُ السَّوْءِ الْعَذَابُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ الْمَعْنَى تَدُورُ عَلَيْهِمْ تَنْبِيهٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ السَّوْءِ بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَضمّهَا أَبُو عَمْرو وبن كَثِيرٍ قَوْلُهُ يُعَزِّرُوهُ يَنْصُرُوهُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَيُعَزِّرُوهُ قَالَ يَنْصُرُوهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَعْرَافِ فَالَّذِينَ آمنُوا بِهِ وعزروه ونصروه وَهَذِهِ يَنْبَغِي تَفْسِيرُهَا بِالتَّوْقِيرِ فِرَارًا مِنَ التَّكْرَارِ وَالتَّعْزِيرُ يَأْتِي بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالْإِعَانَةِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَمِنْ هُنَا يَجِيءُ التَّعْزِيرُ بِمَعْنَى التَّأْدِيبِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْجَانِي مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْجِنَايَةِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَجَاءَ فِي الشواذ عَن بن عَبَّاسٍ يُعَزِّزُوهُ بِزَاءَيْنِ مِنَ الْعِزَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ(قَوْلُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ) هَذَا السِّيَاقُ صُورَتُهُ الْإِرْسَالُ لِأَنَّ أَسْلَمَ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي أَثْنَائِهِ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي إِلَخْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْقَابِسِيُّ وَقَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى سَمِعْتُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَن مَالك هَكَذَا إِلَّا بن عَثْمَة وبن غَزوَان انْتهى وَرِوَايَة بن غَزْوَانَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبُو نُوحٍ الْمَعْرُوفُ بِقُرَادٍ قَدْ أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ عَنْهُ وَاسْتَدْرَكَهَا مُغْلَطَايْ على الْبَزَّار ظَانّا أَنه غير بن غَزْوَانَ وَأَوْرَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ هَذَيْنِ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ وَإِسْحَاقَ الْحُنَيْنِيِّ أَيْضًا فهولاء خَمْسَةٌ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ بِصَرِيحِ الِاتِّصَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَيْضًا أَخْرَجَ طَرِيق بن عَثْمَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَة عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ هُوَ عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُعْتَمِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا رَجَعْنَا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ نُسُكِنَا فَنَحْنُ بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ فَنَزَلَتْ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ فَوَقَعَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ بِضَجْنَانَ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَنُونٍ خَفِيفَةٍ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَعَنْ أَبِي مَعْشَرٍ بِالْجُحْفَةِ وَالْأَمَاكِنُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ قَوْلُهُ فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِكُلِّ كَلَامٍ جَوَابٌ بَلِ السُّكُوتُ قَدْ يَكُونُ جَوَابًا لِبَعْضِ الْكَلَامِ وَتَكْرِيرُ عُمَرَ السُّؤَالَ إِمَّا لِكَوْنِهِ خَشِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ لِأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ يَسْأَلُ عَنْهُ كَانَ مُهِمًّا عِنْدَهُ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَرَكَ إِجَابَتَهُ أَوَّلًا لِشُغْلِهِ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ نُزُولِ الْوَحْيِ قَوْلُهُ ثَكِلَتْ بِكَسْرِ الْكَافِ أُمُّ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثَكِلَتْكَ أُمُّ عُمَرَ وَالثُّكْلُ فِقْدَانُ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا دَعَا عُمَرُ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنَ الْإِلْحَاحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُرِدِ الدُّعَاءَ عَلَى نَفْسِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُقَالُ عِنْدَ الْغَضَبِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَعْنَاهَا قَوْلُهُ نَزَرْتُ بِزَايٍ ثُمَّ رَاءٍ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفُ أَشْهَرُ أَيْ ألححت عَلَيْهِ قَالَه بن فَارِسٍ وَالْخَطَّابِيِّ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى الْمُثْقَلِ أَقْلَلْتُ كَلَامَهُ إِذَا سَأَلْتُهُ مَا لَا يَجِبُ أَنْ يُجِيبَ عَنْهُ وَأَبْعَدَ مَنْ فَسَّرَ نَزَرْتُ بِرَاجَعْتُ قَوْلُهُ فَمَا نَشِبْتُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ أَيْ لَمْ أَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُ قَوْلُهُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَيْ لِمَا فِيهَا من الْبشَارَة بالمغفرة وَالْفَتْح قَالَ بن الْعَرَبِيِّ أَطْلَقَ الْمُفَاضَلَةَبَيْنَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أُعْطِيَهَا وَبَيْنَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَمِنْ شَرْطِ الْمُفَاضَلَةِ اسْتِوَاءُ الشَّيْئَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى ثُمَّ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا اسْتِوَاءَ بَيْنَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ وَالدُّنْيَا بأسرها وَأجَاب بن بَطَّالٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ إِلَّا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ فَأَخْرَجَ الْخَبَرَ عَنْ ذِكْرِ الشَّيْءِ بِذِكْرِ الدُّنْيَا إِذْ لَا شَيْءَ سِوَاهَا إِلَّا الْآخِرَةَ وَأجَاب بن الْعَرَبِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ أَفْعَلَ قَدْ لَا يُرَادُ بِهَا الْمُفَاضَلَةَ كَقَوْلِهِ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مقيلا وَلَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَوِ الْخِطَابُ وَقَعَ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِ أَكْثَرِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّنْيَا لَا شَيْءَ مِثْلَهَا أَوْ أَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ فَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ خَيْرٌ مِمَّا يَظُنُّونَ أَنْ لَا شَيْءَ أَفْضَلُ مِنْهُ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ غَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ فَرَجَّحَهَا وَجَمِيعُ الْآيَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا فَدَخَلَتْ كُلُّهَا فِيمَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ الْحَدِيثُ الْثَّانِي

    باب {{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}}هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({{وتقطعوا أرحامكم}}) [محمد: 22] بتشديد الطاء المكسورة على التكثير ويعقوب بفتح التاء وسكون القاف وفتح الطاء مخففة مضارع قطع وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4569 ... ورقمه عند البغا: 4830 ]
    - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}}. [الحديث 4830 - أطرافه في: 4831، 4832، 5987، 7502].وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة الكوفي قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال قال: (حدّثني) بالإفراد (معاوية بن أبي مزرد) بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء وفي اليونينية بفتحها مشددة بعدها دال مهملة اسمه عبد الرحمن بن يسار بالتحتية والمهملة المخففة (عن) عمه (سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):(خلق الله الخلق فلما فرغ منه) أي قضاه أو أتمه أو نحو ذلك مما يشهد بأنه مجاز من القول فإنه سبحانه وتعالى لن يشغله شأن عن شأن (قامت الرحم) حقيقة بأن تجسمت (فأخذت بحقو الرحمن) بفتح الحاء المهملة وفي اليونينية بكسرها وكذا في الفرع مصلحة وكشط فوقها، وعند الطبري بحقوي الرحمن بالتثنية والحقو الإزار والخصر ومشدّ الإزار.قال البيضاوي: لما كان من عادة المستجير أن يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف ردائه وإزاره وربما أخذ بحقو إزاره مبالغة في الاستجارة فكأنه يشير به إلى أن المطلوب أن يحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت إزاره ويذب عنه فإنه لاصق به لا ينفك عنه استعير ذلك للرحم.وقال الطيبي: وهذا مبني على الاستعارة التمثيلية التي الوجه فيها منتزع من أمور متوهمة للمشبه المعقول وذلك أنه شبّه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذبّ عنها من القطيعة بحال مستجير يأخذ بذيل المستجار به وحقو إزاره ثم أدخل صورة حال المشبه في جنس المشبه به واستعمل في حال المشبه ما كان مستعملًا في المشبه به من الألفاظ بدلائل قرائن الأحوال، ويجوز أن تكون مكنية بأن يشبه الرحم بإنسان مستجير بمن يحميه ويحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم المشبه به من القيام ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة ثم رشحت الاستعارة بأخذ الحقو والقول وقوله بحقو الرحمن
    استعارة أخرى مثلها وسقط قوله: بحقو الرحمن في رواية أبي ذر كما في الفرع وأصله. وقال في الفتح: حذف للأكثر مفعول أخذت قال وفي رواية ابن السكن فأخذت بحقو الرحمن.وقال القابسي أبى أبو زيد أن يقرأ لنا هذا الحرف لأشكاله وقال هو ثابت لكن مع تنزيه الله تعالى ويحتمل أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها أو على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضيلة وأصلها وإثم قاطعها وتثنية حقو المروية عند الطبري للتأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة.(فقال) تعالى (له: مه) بفتح الميم وسكون الهاء اسم فعل أي اكفف وانزجر. وقال ابن مالك: هي هنا ما الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت والشائع أن لا يفعل ذلك بها إلا وهي مجرورة ومن استعمالها كما وقع هنا غير مجرورة قول أبي ذؤيب الهذلي قدمت المدينة ولأهلها ضجيج كضجيج الحجيج فقلت مه فقالوا قبض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. اهـ.فإن كان المراد الزجر فواضح وإن كان الاستفهام فالمراد منه الأمر بإظهار الحاجة دون الاستعلام فإنه تعالى يعلم السر وأخفى.(قالت هذا مقام العائذ) بالذال المعجمة أي قيامي هذا قيام المستجر (بك من القطيعة) وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها تكلم بلسان طلق ذلق (قال) تعالى (ألا) بالتخفيف (ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه وأرحمه لطفًا وفضلًا (وأقطع من قطعك) فلا أرحمه (قالت: بلى يا رب) أي رضيت (قال) تعالى (فذاك) بكسر الكاف إشارة إلى قوله ألا ترضين الخ زاد الإسماعيلي لك.(قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- (اقرؤوا إن شئتم {{فهل عسيتم}}) أي فهل يتوقع منكم ({{إن توليتم}}) أحكام الناس وتأمرتم عليهم أو أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه ({{أن تفسدوا في الأرض}}) بالمعصية والبغي وسفك الدماء ({{وتقطعوا أرحامكم}}).وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد وفي الأدب ومسلم في الأدب والنسائي في التفسير.

    (بابٌُ: {{وَتُقَطَّعُوا أرْحَامَكُمْ}} (مُحَمَّد: 22)أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: {{فَهَل عسيتم أَن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم}} وَقَرَأَ الْجُمْهُور، وتقطعوا بِالتَّشْدِيدِ من التقطيع، وَقَرَأَ يَعْقُوب بِالتَّخْفِيفِ من الْقطع.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4569 ... ورقمه عند البغا:4830 ]
    - حدَّثنا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ حدَّثنا سُلَيْمَانُ قَالَ حدَّثني مُعَاوِيَةُ بنُ أبِي مُزَرَّدٍ عَنْ سَعِيدِ ابنِ يَسارٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَلَقَ الله الخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قامتِ الرَّحِمُ فأخَذَتِ بِحَقْوِ الرَّحْمانِ فَقَالَ لَهُ مَهْ قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِدَ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ قَالَ أَلا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالت بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَاك..قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ إقْرَؤُا إنْ شِئْتُمْ {{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ}} .مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وخَالِد بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام وبالخاء الْمُعْجَمَة بَينهمَا: الْكُوفِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَمُعَاوِيَة بن أبي مزرد، بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالدال الْمُهْملَة واسْمه عبد الرَّحْمَن بن يسَار أَخُو سعيد بن يسَار ضد الْيَمين، يروي مُعَاوِيَة عَن عَمه سعيد بن يسَار.والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن إِسْمَاعِيل بن أويس، وَفِيه عَن إِبْرَاهِيم ابْن حَمْزَة، وَفِيه فِي الْأَدَب، عَن بشر بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن عباد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن أبي حَاتِم.قَوْله: (فَلَمَّا فرغ مِنْهُ) أَي: فَلَمَّا قَضَاهُ وأئمة. قَوْله: (قَامَت الرَّحِم) أَي الْقرْبَة مُشْتَقَّة من الرَّحْمَة وَهِي عرض جعلت فِي جسم فَلذَلِك قَامَت وتكلمت، وَقَالَ القَاضِي: يجوز أَن يكون المُرَاد قيام ملك من الْمَلَائِكَة وَتعلق بالعرش وَتكلم على لسانها بِهَذَا بِأَمْر الله تَعَالَى، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الرَّحِم الَّتِي توصل وتقطع إِنَّمَا هِيَ معنى من الْمعَانِي والمعاني لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقيام وَلَا الْكَلَام فَيكون المُرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا وفضيلة وَأَصلهَا وَعظم إِثْم قاطعيها. قَوْله: (فَأخذت) ، فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِلَا ذكره مَفْعُوله، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن، فَأخذت بحقو الرَّحْمَن، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: بحقوي الرَّحْمَن، بالتثنية. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: التَّثْنِيَة فِيهِ للتَّأْكِيد لِأَن الْأَخْذ باليدين آكِد فِي الاستجارة من الْأَخْذ بيد وَاحِدَة، والحقو بِالْفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وبالواو الْإِزَار والخصر ومشد الْإِزَار، وَقَالَ عِيَاض: الحقو معقد الْإِزَار وَهُوَ الْموضع الَّذِي يستجار بِهِ ويتحرم بِهِ على عَادَة الْعَرَب لِأَنَّهُ من أَحَق مَا يحامى عَنهُ وَيدْفَع كَمَا قَالُوا: نمنعه مِمَّا يمْنَع مِنْهُ أزرنا فاستعير ذَلِك مجَازًا للرحم فِي استعاذتها بِاللَّه من القطيعة، وَقَالَ
    الطَّيِّبِيّ: هَذَا القَوْل مَبْنِيّ على الِاسْتِعَارَة التمثيلية كَأَنَّهُ شبه حَالَة الرَّحِم وَمَا هِيَ عَلَيْهِ من الافتقار إِلَى الصِّلَة والذب عَنْهَا بِحَال مستجير يَأْخُذ بحقو والمستجار بِهِ ثمَّ أسْند على سَبِيل الِاسْتِعَارَة التخييلية مَا هُوَ لَازم الْمُشبه بِهِ من الْقيام فَيكون قرينَة مَانِعَة من إِرَادَة الْحَقِيقَة. ثمَّ رشحت الِاسْتِعَارَة بالْقَوْل وَالْأَخْذ، وبلفظ الحقو فَهُوَ اسْتِعَارَة أُخْرَى. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ: مَه) أَي: فَقَالَ الرَّحْمَن للرحم، مَه أَي: اكفف، وَيُقَال: مَا تَقول؟ على الزّجر والاستفهام، وَهَاهُنَا إِن كَانَ على الزّجر فَبين، وَإِن كَانَ عل الِاسْتِفْهَام فَالْمُرَاد مِنْهُ الْأَمر بِإِظْهَار الْحَاجة دون الاستعلام، فَإِنَّهُ يعلم السِّرّ وأخفى. وَقَالَت النُّحَاة مَه اسْم فعل مَعْنَاهُ الزّجر أَي: اكفف وانزجر، وَقَالَ ابْن مَالك هِيَ هُنَا مَا الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عَلَيْهَا بهاء السكت. قَوْله: (هَذَا مقَام العائذ) ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ المعتصم بالشَّيْء المستجير بِهِ قَوْله: (هَذَا) إِشَارَة إِلَى الْمقَام، مَعْنَاهُ، قيامي هَذَا قيام العائذ بك، وَهَذَا أَيْضا مجَاز للمعنى الْمَعْقُول إِلَى الْمِثَال المحسوس الْمُعْتَاد بَينهم، ليَكُون أقرب إِلَى فهمهم، وَأمكن فِي نُفُوسهم. قَوْله: (أَن أصل من وصلك) وَحَقِيقَة الصِّلَة الْعَطف وَالرَّحْمَة وَهِي فضل الله على عباده لطفا بهم وَرَحمته إيَّاهُم، وَلَا خلاف أَن صلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة وقطعها مَعْصِيّة كَبِيرَة، وَالْأَحَادِيث فِي الْبابُُ تشهد لذَلِك، وَلَكِن للصلة، دَرَجَات بَعْضهَا أرفع من بعض وَأَدْنَاهَا ترك المهاجرة وصلتها بالْكلَام وَلَو بِالسَّلَامِ، وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف الْقُدْرَة وَالْحَاجة. فَمِنْهَا: وَاجِب وَمِنْهَا مُسْتَحبّ وَلَو قصر عَمَّا قدر عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَن يُسمى واصلاً.وَاخْتلف فِي الرَّحِم الَّتِي يجب صلتها. فَقيل: هِيَ كل رحم محرم بِحَيْثُ لَو كَانَ أَحدهمَا ذكرا وَالْآخر أُنْثَى حرمت مناكحتها، فعلى هَذَا لَا يجب فِي بني الأغمام وَبني الأخوال لجَوَاز الْجمع فِي النِّكَاح دون الْمَرْأَة وَأُخْتهَا وعمتها. وَقيل: بل هَذَا فِي كل ذِي رحم مِمَّن ينْطَلق عَلَيْهِ ذَلِك من ذَوي الْأَرْحَام فِي الْمَوَارِيث محرما كَانَ أَو غَيره. قَوْله: (قَالَ: فَذَاك) ، إِشَارَة إِلَى قَوْله: (أَلا ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك) ، أَي: ذَاك لَك كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة هَكَذَا.قَوْله: (قَالَ أَبُو هُرَيْرَة) إِلَى آخِره ظَاهره أَنه مَوْقُوف، وَيَأْتِي مَرْفُوعا فِي الطَّرِيق الَّذِي أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة عقيب هَذَا. قَوْله: (فَهَل عسيتم) قَرَأَهُ نَافِع بِكَسْر السِّين وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْح، وَقد حكى عبد الله بن الْمُغَفَّل أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا بِكَسْر السِّين. قَوْله: (إِن توليتم) اخْتلف فِي مَعْنَاهُ فالأكثرون على أَنَّهَا من الْولَايَة وَالْمعْنَى: إِن وليتم الحكم، وَقيل: بِمَعْنى الْإِعْرَاض، وَالْمعْنَى: لَعَلَّكُمْ إِن أعرضتم عَن قبُول الْحق أَن يَقع مِنْكُم مَا ذكر، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: وَعَن الْمسيب بن شريك وَالْفراء (فَهَل عسيتم أَن توليتم) يَعْنِي: إِن وليتم أَمر النَّاس أَن تفسدوا فِي الأَرْض بالظلم نزلت فِي بني أُميَّة وَبني هَاشم. قَوْله: (وتقطعوا) قيل: من الْقطع، وَقيل: من التقطيع على التكثير لأجل الْأَرْحَام.

    لا توجد بيانات