• 2456
  • بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ ، يُقَاتِلُونَ المُشْرِكِينَ ، فَأَسْلَمَ الهُرْمُزَانُ ، فَقَالَ : إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ ، فَإِنْ كُسِرَ الجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى ، وَالجَنَاحُ قَيْصَرُ ، وَالجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ ، فَمُرِ المُسْلِمِينَ ، فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى ، - وَقَالَ بَكْرٌ ، وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ - قَالَ : فَنَدَبَنَا عُمَرُ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ العَدُوِّ ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا ، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ ، فَقَالَ : لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ ، فَقَالَ المُغِيرَةُ : سَلْ عَمَّا شِئْتَ ؟ قَالَ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالَ : نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ ، نَمَصُّ الجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الجُوعِ ، وَنَلْبَسُ الوَبَرَ وَالشَّعَرَ ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالحَجَرَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ - إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا ، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ " ، فَقَالَ النُّعْمَانُ : رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُنَدِّمْكَ ، وَلَمْ يُخْزِكَ ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ القِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ ، وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ "

    حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ ، قَالَ : بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ ، يُقَاتِلُونَ المُشْرِكِينَ ، فَأَسْلَمَ الهُرْمُزَانُ ، فَقَالَ : إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ ، فَإِنْ كُسِرَ الجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى ، وَالجَنَاحُ قَيْصَرُ ، وَالجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ ، فَمُرِ المُسْلِمِينَ ، فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى ، - وَقَالَ بَكْرٌ ، وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ - قَالَ : فَنَدَبَنَا عُمَرُ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ العَدُوِّ ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا ، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ ، فَقَالَ : لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ ، فَقَالَ المُغِيرَةُ : سَلْ عَمَّا شِئْتَ ؟ قَالَ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالَ : نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ ، نَمَصُّ الجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الجُوعِ ، وَنَلْبَسُ الوَبَرَ وَالشَّعَرَ ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالحَجَرَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ - إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا ، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ ، فَقَالَ النُّعْمَانُ : رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمْ يُنَدِّمْكَ ، وَلَمْ يُخْزِكَ ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ القِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ ، وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ

    أفناء: الأفناء : النواحي
    الأمصار: المصر : البلد أو القرية
    شدخ: الشَّدْخ : كَسْرُ الشَّيء الأجْوفِ.
    وبلاء: البلاء والابتلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
    الوبر: الوبر : صوف الإبل والأرانب ، وأهل الوبر : سكان البادية لأنَّ بُيوتَهم يَتَّخِذونها منه
    الجزية: الجزية : هي عبارة عن الْمَال الذي يُعْقَد للْكِتَابي عليه الذِّمَّة، وهي فِعْلة، من الجزَاء، كأنها جَزَت عن قتله ، والجزية مقابل إقامتهم في الدولة الإسلامية وحمايتها لهم
    قط: قط : بمعنى أبدا ، وفيما مضى من الزمان
    نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، أَوْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ ، وَأَخْبَرَنَا
    حديث رقم: 7132 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته)
    حديث رقم: 5934 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذِكْرُ مَنَاقِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 17744 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 17380 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجِزْيَةِ بَابُ الْمَجُوسُ أَهْلُ كِتَابٍ وَالْجِزْيَةُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ
    حديث رقم: 456 في دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني الْفَصْلُ السَّادسُ وَالْعِشْرُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغُيُوبِ فَتَحَقَّقَ ذَلِكَ الْفَصْلُ السَّادسُ وَالْعِشْرُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغُيُوبِ فَتَحَقَّقَ ذَلِكَ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ نُمُوِّ أَمْرِهِ وَافْتِتَاحِ الْأَمْصَارِ وَالْبُلْدَانِ الْمُمَصَّرَةِ كَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ عَلَى أُمَّتِهِ وَالْفِتَنِ الْكَائِنَةِ بَعْدَهُ ، وَرِدَّةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ شَاهَدَهُ وَرَآهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَإِخْبَارِهِ بِعَدَدِ الْخُلَفَاءِ وَمُدَّتِهِمْ وَالْمُلْكِ الْعَضُوضِ بَعْدَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِصَالِ فِي تَرْجَمَةِ الْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

    [3159] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَزَعَمَ الدِّمْيَاطِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ الْمُعَمَّرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ قَالَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ الرَّقِّيَّ لَا يَرْوِي عَنِ الْمُعْتَمِرِ الْبَصْرِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكَافٍ فِي رَدِّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَهَبْ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ بَلَدَ الْآخَرِ أَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا الْتَقَيَا مَثَلًا فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْغَزْوِ وَمَا ذَكَرَهُ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ فَإِنَّ الْمُعَمَّرَ بْنَ سُلَيْمَانَ رَقِّيٌّ وَسَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بَصْرِيٌّ فَمَهْمَا اسْتُبْعِدَ مِنْ لِقَاءِ الرَّقِّيِّ الْبَصْرِيَّ جَاءَ مِثْلُهُ فِي لِقَاءِ الرَّقِّيِّ لِلْبَصْرِيِّ وَأَيْضًا فَالَّذِينَ جَمَعُوا رِجَالَ الْبُخَارِيِّ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِمُ الْمُعَمَّرَ بْنَ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيَّ وَأَطْبَقُوا عَلَى ذِكْرِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْبَصْرِيِّ وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَحَكَى أَنَّهُ قِيلَ الصَّوَابُ فِي هَذَا مُعَمَّرُ بْنُ رَاشِدٍ يَعْنِي شَيْخَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الْخَطَأُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّقِّيِّ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ رَاشِدٍ رِوَايَةٌ أَصْلًا وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ثُمَّ رَأَيْتُ سَلَفَ الدِّمْيَاطِيِّ فِيمَا جزم بِهِ فَقَالَ بن قُرْقُولٍ فِي الْمَطَالِعِ وَقَعَ فِي التَّوْحِيدِ وَفِي الْجِزْيَةِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَذَا لِلْجَمِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالُوا وَهُوَ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ الْمُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ وَكَذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْأَصِيلِيِّ فَزَادَ فِيهِ التَّاءَ وَأَصْلَحَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ الْأَصِيلِيُّ الْمُعْتَمِرُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُعَمَّرُ هُوَ الصَّحِيحُ وَالرَّقِّيُّ لَا يَرْوِي عَنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَاكِمُ وَلَا الْبَاجِيُّ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ الْمُعَمَّرَ بْنَ سُلَيْمَانَ بَلْ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ يَرْوِي عَنِ الْمُعْتَمِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ رِوَايَةً قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ هُوَ بن جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الْمَذْكُورُ بَعْدُ وَزِيَادُ بْنُ جُبَير شَيْخه هُوَ بن عَمِّهِ قَوْلُهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ هُوَ جَدُّ زِيَادٍ وَحَيَّةُ أَبُوهُ بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ مُثْقَلَةٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَاسْمُ جَدِّهِ مَسْعُودُ بْنُ مُعْتِبٍ بِمُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِبَعِيدٍ لِأَنَّ مَنْ شَهِدَ الْفُتُوحَ فِي وَسَطِ خِلَافَةِ عُمَرَ يَكُونُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمَيّزا وَقد نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي سَنَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ أَحَدٌ إِلَّا أَسْلَمَ وَشَهِدَهَا وَهَذَا مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ كَبِيرٍ فَإِنَّ عَمَّهُ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ رَئِيسَ ثَقِيفٍ فِي زَمَانِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ بن عَمهوَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبِي وَلِسَعِيدٍ حَفِيدِهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْأَشْرِبَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَعَمُّهُ زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ رِوَايَاتٌ أُخْرَى فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَذَكَرَ أَبُو الشَّيْخِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ حَيَّةَ وَلِيَ إِمْرَةَ أَصْبَهَانَ وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَوْلُهُ بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الْأَمْصَارِ أَيْ فِي مَجْمُوعِ الْبِلَادِ الْكِبَارِ وَالْأَفْنَاءُ بِالْفَاءِ وَالنُّونِ مَمْدُودٌ جَمْعُ فِنْوٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَيُقَالُ فُلَانٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ إِذَا لَمْ تُعَيَّنْ قَبِيلَتُهُ وَالْمِصْرُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ الْأَنْصَارِ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمِيمِ وَشَرَحَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي بَعْضِهَا الْأَمْصَارُ قَوْلُهُ فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ فِي السِّيَاقِ اخْتِصَارٌ كَثِيرٌ لِأَنَّ إِسْلَامَ الْهُرْمُزَانِ كَانَ بَعْدَ قِتَالٍ كَثِيرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَدِينَةِ تُسْتَرَ ثُمَّ نَزَلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ فَأَسَرَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ مَعَ أَنَسٍ فَأَسْلَمَ فَصَارَ عُمَرُ يُقَرِّبهُ وَيَسْتَشِيرُهُ ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ أَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ وَاطَأَ أَبَا لُؤْلُؤَةَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ فَعَدَا عَلَى الْهُرْمُزَانِ فَقَتَلَهُ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ وَسَتَأْتِي قِصَّةُ إِسْلَامِ الْهُرْمُزَانِ بَعْدَ عَشَرَةِ أَبْوَابٍ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ بَعْدَهَا زَايٌ وَكَانَ من عُظَمَاء الْفُرْسِ قَوْلُهُ إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ بِالتَّشْدِيدِ وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي قَصْدِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ الْهُرْمُزَانَ فِي فَارِسَ وَأَصْبَهَانَ وَأَذْرَبِيجَانَ أَيْ بِأَيِّهَا يَبْدَأُ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُ فِي جِهَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْهُرْمُزَانُ كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ وَكَانَ أَعْلَمَ بِأَحْوَالِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَالرَّأْسُ كِسْرَى وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ وَالْجَنَاحُ الْآخَرُ فَارِسُ نَظَرٌ لِأَنَّ كِسْرَى هُوَ رَأْسُ أَهْلِ فَارِسَ وَأَمَّا قَيْصَرُ صَاحِبُ الرُّومِ فَلَمْ يَكُنْ كِسْرَى رَأْسًا لَهُمْ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فَإِنَّ فَارِسَ الْيَوْمَ رَأْسٌ وَجَنَاحَانِ وَهَذَا مُوَافق لرِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ قَيْصَرَ كَانَ بِالشَّامِ ثُمَّ بِبِلَادِ الشَّمَالِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُمْ بِالْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَالْمَشْرِقِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ كِسْرَى رَأْسَ الْمُلُوكِ وَهُوَ مَلِكُ الْمَشْرِقِ وَقَيْصَرَ مَلِكَ الرُّومِ دُونَهُ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ جَنَاحَانِ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ الْجَنَاحَ الثَّانِيَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ كَمُلُوكِ الْهِنْدِ وَالصِّينِ مَثَلًا لَكِنْ دَلَّتِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا أَهْلَ بِلَادِهِ الَّتِي هُوَ عَالِمٌ بِهَا وَكَأَنَّ الْجُيُوشَ إِذْ ذَاكَ كَانَتْ بِالْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ وَأَكْثَرُهَا وَأَعْظَمُهَا بِالْبَلْدَةِ الَّتِي فِيهَا كِسْرَى لِأَنَّهُ كَانَ رَأْسُهُمْ قَوْلُهُ فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى فِي رِوَايَةِ مُبَارَكٍ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ قَالَ فَاقْطَعِ الْجَنَاحَيْنِ يَلِنْ لَكَ الرَّأْسُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ بَلِ اقْطَعِ الرَّأْسَ أَوَّلًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عَادَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ قَوْلُهُ وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ بِالْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ الْمُزَنِيُّ وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ هَاجَرَ هُوَ وَإِخْوَةٌ لَهُ سَبْعَة وَقيل عشرَة وَقَالَ بن مَسْعُودٍ إِنَّ لِلْإِيمَانِ بُيُوتًا وَإِنَّ بَيْتَ آلِ مُقَرِّنٍ مِنْ بُيُوتِ الْإِيمَانِ وَكَانَ النُّعْمَانُ قَدِمَ على عمر بِفَتْح الْقَادِسِيَّة فَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ الْمَذْكُورَةِ فَدَخَلَ عُمَرُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِالنُّعْمَانِ يُصَلِّي فَقَعَدَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ قَالَ أَمَّا جَابِيًا فَلَا وَلَكِنْ غَازِيًا قَالَ فَإِنَّكَ غَازٍ فَخَرَجَ مَعَهُ الزُّبَيْرُ وَحُذَيْفَة وبن عمر والأشعث وَعَمْرو بن معد يكرب وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَأَرَادَ عُمَرُ الْمَسِيرَ بِنَفسِهِ ثمَّ بعث النُّعْمَان وَمَعَهُ بن عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنْ يَسِيرَ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَإِلَى حُذَيْفَةَ أَنْ يَسِيرَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا بِنَهَاوَنْدَ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْهَاءِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ قَالَ وَإِذَا الْتَقَيْتُمْ فَأَمِيرُكُمُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ أَنَّهَا نَهَاوَنْدُ قَوْلُهُ خَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى سَمَّاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ فِيرِوَايَته بنْدَار وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ فَلَعَلَّ أَحَدَهُمَا لَقَبُهُ قَوْلُهُ فَقَامَ تَرْجُمَانُ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَرْسَلَ بُنْدَارٌ إِلَيْهِمْ أَنْ أَرْسِلُوا إِلَيْنَا رَجُلًا نُكَلِّمُهُ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ الْمُغيرَة وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ نَهَرٌ فَسَرَّحَ إِلَيْهِمُ الْمُغِيرَةَ فَعَبَرَ النَّهَرَ فَشَاوَرَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ أَصْحَابَهُ كَيْفَ نَقْعُدُ لِلرَّسُولِ فَقَالُوا لَهُ اقْعُدْ فِي هَيْئَةِ الْمُلْكِ وَبَهْجَتِهِ فَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ وَوَضَعَ التَّاج على رَأسه وَقَامَ أَبنَاء الْمُلُوك حوله سِمَاطَيْنِ عَلَيْهِمْ أَسَاوِرُ الذَّهَبِ وَالْقِرَطَةُ وَالدِّيبَاجُ قَالَ فَأَذِنَ لِلْمُغِيرَةِ فَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ رَجُلَانِ وَمَعَهُ رُمْحُهُ وَسَيْفُهُ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِرُمْحِهِ فِي بُسُطِهِمْ لِيَتَطَيَّرُوا وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ قَالَ الْمُغِيرَةُ فَمَضَيْتُ وَنُكِّسَتْ رَأْسِي فَدُفِعْتُ فَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّ الرَّسُولَ لَا يُفْعَلُ بِهِ هَذَا قَوْلُهُ مَا أَنْتُمْ هَكَذَا خَاطَبَهُ بِصِيغَةِ مَنْ لَا يَعْقِلُ احْتِقَارًا لَهُ وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَصَابَكُمْ جُوعٌ وَجَهْدٌ فَجِئْتُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ مِرْنَاكُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ أَعْطَيْنَاكُمُ الْمِيرَةَ أَيِ الزَّادَ وَرَجَعْتُمْ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَطْوَلُ النَّاسِ جُوعًا وَأَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَمَا مَنَعَنِي أَنْ آمُرَ هَؤُلَاءِ الْأَسَاوِرَةَ أَنْ يَنْتَظِمُوكُمْ بِالنِّشَابِ إِلَّا تَنَجُّسًا لِجِيَفِكُمْ قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْتُ مَا أَخْطَأْتَ شَيْئًا مِنْ صِفَتِنَا كَذَلِكَ كُنَّا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولَهُ قَوْلُهُ نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأمه زَاد فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فِي شَرَفٍ مِنَّا أَوْسَطُنَا حَسَبًا وَأَصْدَقُنَا حَدِيثًا قَوْلُهُ فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ هَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ إِخْبَارُ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْمَجُوسِ حَتَّى يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ فَفِيهِ دَفْعٌ لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ وَإِنَّا وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاءِ حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ قَوْلُهُ فَقَالَ النُّعْمَانُ هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُخْتَصرا قَالَ بن بَطَّالٍ قَوْلُ النُّعْمَانِ لِلْمُغِيرَةِ رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا أَيْ مِثْلَ هَذِهِ الشِّدَّةِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يُنَدِّمْكَ أَيْ مَا لَقِيتَ مَعَهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَلَمْ يُحْزِنْكَ أَيْ لَوْ قُتِلْتَ مَعَهُ لِعِلْمِكَ بِمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ مِنَ النَّعِيمِ وَثَوَابِ الشَّهَادَةِ قَالَ وَقَوْلُهُ وَلَكِنِّي شَهِدْتُ إِلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَابْتِدَاءُ قِصَّةٍ أُخْرَى أه وَقَدْ بَيَّنَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ ارْتِبَاطَ كَلَامِ النُّعْمَانِ بِمَا قَبْلَهُ وَبِسِيَاقِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَيْسَ قِصَّةً مُسْتَأْنَفَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ أَنْكَرَ عَلَى النُّعْمَانِ تَأْخِيرَ الْقِتَالِ فَاعْتَذَرَ النُّعْمَانُ بِمَا قَالَهُ وَمَا أَوَّلَ بِهِ قَوْلَهُ فَلَمْ يُنَدِّمْكَ إِلَخْ فِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَلَمْ يُنَدِّمْكَ أَيْ عَلَى التَّأَنِّي وَالصَّبْرِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُحْزِنْكَ شَرْحُهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مِنَ الْحُزْنِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِغَيْرِ نُونٍ وَهُوَ أَوْجَهُ لِوِفَاقِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى وَلَفْظُ مُبَارَكٍ مُلَخَّصًا أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا النَّهَرَ أَوْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ قَالَ النُّعْمَانُ اعْبُرُوا إِلَيْهِمْ قَالَ فَتَلَاقَوْا وَقَدْ قَرَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَلْقَوْا حَسَكَ الْحَدِيدِ خَلْفَهُمْ لِئَلَّا يَفِرُّوا قَالَ فَرَأَى الْمُغِيرَةُ كَثْرَتَهُمْ فَقَالَ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فَشَلًا أَنَّ عَدُوَّنَا يُتْرَكُونَ يَتَأَهَّبُونَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيَّ لَقَدْ أَعْجَلْتُهُمْ وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فَصَافَفْنَاهُمْ فَرَشَقُونَا حَتَّى أَسْرَعُوا فِينَا فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلنُّعْمَانِ إِنَّهُ قَدْ أَسْرَعَ فِي النَّاسِ فَلَوْ حَمَلْتَ فَقَالَ النُّعْمَانُ إِنَّكَ لَذُو مَنَاقِبَ وَقَدْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهَا وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ قَدْ كَانَ اللَّهُ أَشْهَدَكَ أَمْثَالَهَا وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أُنَاجِزَهُمْ إِلَّا شَيْءٌ شَهِدْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ حَتَّى تَهُبَّ الْأَرْوَاحُ جَمْعُ رِيحٍ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لَكِنْ لَمَّا انْكَسَرَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ السَّاكِنَةِ انْقَلَبَتْ يَاءً وَالْجَمْعُ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا وَقد حكى بن جِنِّيٍّ جَمْعَ رِيحٍ عَلَى أَرْيَاحٍ قَوْلُهُ وَتَحْضُرُ الصَّلَوَات فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ وَتَزُولُ الشَّمْسُ وَهُوَ بِالْمَعْنَى وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّويطيب الْقِتَال وَفِي رِوَايَة بن أبي شيبَة وَينزل النَّصْر وَزَادا مَعًا وَاللَّفْظُ لِمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ النُّعْمَانُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُقِرَّ عَيْنِي الْيَوْمَ بِفَتْحٍ يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الْإِسْلَامِ وَذُلُّ الْكُفْرِ وَالشَّهَادَةُ لِي ثُمَّ قَالَ إِنِّي هَازٌّ اللِّوَاءَ فَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فَلْيَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ هازه الثَّانِيَة فتأهبوا وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى نَفْسِهِ وَيَرْمِي مِنْ سِلَاحِهِ ثُمَّ هَازُّهُ الثَّالِثَةَ فَاحْمِلُوا وَلَا يَلْوِيَنَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ قُتِلْتُ فَإِنْ قُتِلْتُ فَعَلَى النَّاسِ حُذَيْفَةُ قَالَ فَحَمَلَ وَحَمَلَ النَّاسُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا يَوْمَئِذٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَظْفَرَ فَثَبَتُوا لَنَا ثُمَّ انْهَزَمُوا فَجَعَلَ الْوَاحِدُ يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ فَيَقْتُلُ سَبْعَةً وَجَعَلَ الْحَسَكُ الَّذِي جَعَلُوهُ خَلْفَهُمْ يَعْقِرُهُمْ وَفِي رِوَايَةِ بن أَبِي شَيْبَةَ وَوَقَعَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ عَنْ بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ وَجَعَلَ النُّعْمَانُ يَتَقَدَّمُ بِاللِّوَاءِ فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْفَتْحُ جَاءَتْهُ نَشَّابَةٌ فِي خَاصِرَتِهِ فَصَرَعَتْهُ فَسَجَّاهُ أَخُوهُ مَعْقِلٌ ثَوْبًا وَأَخَذَ اللِّوَاءَ وَرَجَعَ النَّاسُ فَنَزَلُوا وَبَايَعُوا حُذَيْفَةَ فَكَتَبَ بِالْفَتْحِ إِلَى عُمَرَ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ وَسَمَّاهُ سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ طَرِيفَ بْنَ سَهْمٍ وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ أَنَّهُ ذَهَبَ بِالْبِشَارَةِ إِلَى عُمَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا تَرَافَقَا وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِلنُّعْمَانِ وَمَعْرِفَةُ الْمُغِيرَةِ بِالْحَرْبِ وَقُوَّةُ نَفْسِهِ وَشَهَامَتُهُ وَفَصَاحَتُهُ وَبَلَاغَتُهُ وَلَقَدِ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ هَذَا الْوَجِيزُ عَلَى بَيَانِ أَحْوَالِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوِهِمَا وَعَلَى أَحْوَالِهِمُ الدِّينِيَّةِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَعَلَى مُعْتَقَدِهِمْ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِيمَانِ بِالْمِعَادِ وَعَلَى بَيَانِ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَوُقُوعِهَا كَمَا أَخْبَرَ وَفِيهِ فَضْلُ الْمَشُورَةِ وَأَنَّ الْكَبِيرَ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِي مُشَاوَرَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ وَأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ أَمِيرًا عَلَى الْأَفْضَلِ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ فِي جَيْشٍ عَلَيْهِ فِيهِ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ وَالزُّبَيْرُ أَفْضَلُ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَمِثْلُهُ تَأْمِيرُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى جَيْشٍ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَفِيهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ وَجَوْدَةُ تَصَوُّرِ الْهُرْمُزَانِ وَلِذَلِكَ اسْتَشَارَهُ عُمَرُ وَتَشْبِيهٌ لِغَائِبِ الْمَجُوسِ بِحَاضِرٍ مَحْسُوسٍ لِتَقْرِيبِهِ إِلَى الْفَهْمِ وَفِيهِ الْبُدَاءَةُ بِقِتَالِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ وَبَيَانُ مَا كَانَ الْعَرَبُ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْفَقْرِ وَشَظَفِ الْعَيْشِ وَالْإِرْسَالُ إِلَى الْإِمَامِ بِالْبِشَارَةِ وَفَضْلُ الْقِتَالِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْجِهَادِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغِيرُ صَبَاحًا لِأَنَّ هَذَا عِنْدَ الْمُصَافَفَةِ وَذَاكَ عِنْد الْغَارة (قَوْلُهُ بَابُ إِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ) أَيْ لِبَقِيَّةِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ فَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ بَغْلَةً الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3016 ... ورقمه عند البغا: 3159 ]
    - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ: "بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ. قَالَ: نَعَمْ، مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ. فَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ. وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ. فَالرَّأْسُ كِسْرَى وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ وَالْجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ. فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى. وَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تُرْجُمَانٌ فَقَالَ:لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ. قَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قَالَ: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ. نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ. وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ. وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ. فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ -تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ- إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ. وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ. وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ" [الحديث 3159 - طرفه في: 7530].وبه قال: (حدّثنا الفضل بن يعقوب) البغدادي قال: (حدّثنا عبد الله بن جعفر الرقي) بفتح الراء وكسر القاف المشددتين نسبة إلى الرقة مدينة بالقرب من الفرات قال: (حدّثنا المعتمر بن سليمان) بسكون العين المهملة وفتح الفوقية وكسر الميم وليس هو المعمر بفتح المهملة وتشديد الميم المفتوحة ولا المعمر بسكون العين ابن راشد قال: (حدّثنا سعيد بن عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة مصغرًا ابن جبير بن حيّة (الثقفي) قال: (حدّثنا بكر بن عبد الله) بسكون الكاف (المزني) البصري (وزياد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة وهو عم سعيد بن عبيد الله كلاهما (عن) والد زياد (جبير بن حية) بفتح الحاء المهملة والتحتية المشددة ابن مسعود الثقفي أنه (قال: بعث عمر) بن الخطاب -رضي الله عنهما- (الناس في أفناء الأمصار) بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح النون ممدودًا والأمصار بالميم ولم أره بالنون في أصل من الأصول والمصر المدينة العظيمة (يقاتلون المشركين) فلما كانوا بالقادسية أتاهم في الجيش الذين أرسلهم يزدجرد إلى قتال المسلمين فوقع بينهم قتال عظيم لم يعهد مثله مستهل المحرم سنة أربع عشرة وأبلى في ذلك اليوم جماعة من الشجعان كطليحة الأسدي وعمرو بن معد يكرب وضرار بن الخطاب، وأرسل الله تعالى في ذلك اليوم ريحًا شديدة أرمت خيام الفرس من أماكنها وهرب رستم مقدم الجيش وأدركه المسلمون وقتلوه وانهزمت الفرس، وقتل المسلمون منهم خلقًا كثيرًا ولم يزل المسلمون وراءهم إلى أن دخلوا مدينة الملك وهي المدائن التي فيها إيوان كسرى وكان الهرمزان بضم الهاء وسكون الراء وضم الميم وتخفيف الزاي واسمه رستم من جملة الهاربين ووقعت بينه وبين المسلمين وقعة ثم وقع الصلح بينه وبينهم ثم نقضه، فجمع أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- الجيش وحاصروه فسأل الأمان إلى أن يحمل إلى عمر -رضي الله عنه- فوجهه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- مع أنس إليه (فأسلم الهرمزان) طائعًا وصار عمر يقربه ويستشيره (فقال) له: (إني مستشيرك في مغازي هذه) بتشديد ياء مغازي أي فارس وأصبهان وأذربيجان كما عند ابن أبي شيبة أي بأيها نبدأ لأن الهرمزان كان أعلم بشأنها من غيره. (قال) الهرمذان: (نعم مثلها) أي الأرض التي دل عليها السياق (ومثل من فيها من الناس من عدوّ المسلمين مثل طائر له رأس) برفع مثل خبر المبتدأ الذي هو مثلها وما بعده عطف عليه (وله جناحان وله رجلان فإن كسر) بضم الكاف مبنيًّا للمفعول (أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس) بالرفع عطفًا على الرجلان ولأبي ذرّ والرأس بالجر عطفًا على بجناح (فإنكسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس وإن شدخ) بضم الشين المعجمة بعد الدال المهملة المكسورة خاء معجمة أي كسر (الرأس ذهبت الرجلان والجناحان والرأس) فإذا فات الرأس فات الكل (فالرأس كسرى) بكسر الكاف وتفتح (والجناح قيصر) غير منصرف صاحب الروم (والجناح الآخر فارس) غير منصرف اسم الجبل المعروف من العجم، وتعقب هذا بأن كسرى لم يكن رأسًا للروم. وأجيب: بأن كسرى كان رأس الكل لأنه لم يكن في زمانه ملك أكبر منه لأن سائر ملوك البلاد كانت تهادنه وتهاديه ولم يقل
    في الحديث والرجلان اكتفاء بالسابق للعلم به فرجل قيصر الفرنج مثلاً لاتصالها به وكسرى الهند مثلاً قاله الكرماني (فمر المسلمين فلينفروا) بكسر الفاء (إلى كسرى) فإنه الرأس وبقطعها يبطل الجناحان.(وقال بكر) هو ابن عبد الله المزني (وزياد) هو ابن جبير (جميعًا عن جبير بن حيّة فندبنا) بفتح الدال والموحدة أي طلبنا ودعانا (عمر) -رضي الله عنه- للغزو (واستعمل علينا النعمان بن مقرن) بالميم المضمومة والقاف المفتوحة وبعد الراء المشددة المكسورة نون المزني الصحابي أميرًا (حتى إذا) أي سرنا حتى إذا (كنا بأرض العدوّ) وهي نهاوند وكان قد خرج معهم فيما رواه ابن أبي شيبة الزبير وحذيفة وابن عمرو الأشعث وعمرو بن معد يكرب (وخرج) بالواو وسقطت لأبي ذر وابن عساكر (علينا عامل كسرى) بندار كما عند الطبراني من رواية مبارك بن فضالة وعند ابن أبي شيبة ذو الجناحين (في أربعين ألفًا) من أهل فارس وكرمان ومن غيرهما كنهاوند وأصبهان مائة ألف وعشرة آلاف (فقام ترجمان) بفتح أوّله وضمه لهم لم يسم (فقال: ليكلمني رجل منكم) بالجزم على الأمر (فقال المغيرة): أي ابن شعبة الصحابي (سل عما) بألف ولأبي ذر وابن عساكر عم (شئت؟ قال): أي الترجمان ولأبوي الوقت وذر فقال (ما أنتم؟) بصيغة من لا يعقل احتقارًا (قال): أي المغيرة (نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء شديد نمص الجلد) بفتح الميم في الفرع وأصله (والنوى من الجوع ونلبس الوبر والشعر ونعبد الشجر والحجر فبينا) بغير ميم (نحن كذلك إذ بعث رب السماوات ورب الأرضين) بفتح الراء (تعالى ذكره وجلت عظمته إلينا نبيًّا من أنفسنا نعرف أباه وأمه) زاد في رواية ابن أبي شيبة في شرف منا أوسطنا حسبًا وأصدقنا حديثًا (فأمرنا نبينا رسول ربنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدّوا الجزية) وهذا موضع الترجمة وفيه دلالة على جواز أخذها من المجوس لأنهم كانوا مجوسًا. (وأخبرنا نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن رسالة ربنا أنه من قتل منا) أي في الجهاد (صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها) أي الجنة (قط. ومن بقي منا ملك رقابكم). بالأسر وفيه كما قاله الكرماني فصاحة المغيرة من حيث إن كلامه مبين لأحوالهم فيما يتعلق بدنياهم من المطعوم والملبوس وبدينهم من العبادة وبمعاملتهم مع الأعداء من طلب التوحيد أو الجزية ولمعادهم في الآخرة إلى كونهم في الجنة وفي الدنيا إلى كونهم ملوكًا ملاكًا للرقاب.

    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3016 ... ورقمه عند البغا:3159]
    حدَّثنا الفَضْلُ بنُ يَعْقُوبَ قَالَ حدَّثنا عبدُ الله بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِيُّ قَالَ حدَّثنا الْمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثنا سَعِيدُ بنُ عُبَيْدِ الله الثَّقَفِيُّ قالَ حدَّثنا بَكْرُ بنُ عَبْدِ الله المُزَنِيُّ وزِيادُ ابنُ جُبَيْرٍ عنْ جُبَيْرِ عنْ جُبَيْرِ بنِ حَيَّةَ قَالَ بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أفْناءِ الأمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ فأسْلَمَ الْهُرْمُزَانَ فَقال إنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هذِهِ قالَ نَعَمْ مَثَلُها ومَثلُ منْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ منْ عَدُوِّ المُسْلِمِينَ مثَلُ طائِرٍ لَهُ رأسٌ ولَهُ جَناحَانِ ولَهُ رِجْلانِ فإنْ كُسِرَ أحَدُ الجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلانِ بِجَناح والرَّأسُ فإنْ كُسِرَ الجَناحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ والرَّأسُ وإنْ شُدِخُ الرَّأسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلانِ والجَنَاحانِ والرَّأسُ فالرَّأسُ كِسْرَى والجَناحُ قَيْصَرُ والجَنَاحُ الآخَرُ فارِسُ فَمُرِ المُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى. وَقَالَ بَكْرٌ وزِيادٌ جَمِيعاً عنْ جُبَيْرِ بنِ حَيَّةَ قالَ فنَدَبَنا عُمَرُ واسْتَعْمَلَ علَيْنَا النُّعْمانَ بنَ مُقَرِّنٍ حتَّى إذَا كُنَّا بأرْضِ العَدُوِّ وخَرَجَ علَيْنَا عامِلُ كِسْرَى فِي أرْبَعِينَ ألْفاً فَقامَ تَرْجُمانٌ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِي رجُلٌ مِنْكُمْ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ سَلْ عَمَّا شِئْتَ قَالَ مَا أنْتُمْ قَالَ نَحْنُ أُناسٌ مِنَ العَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وبَلاَءٍ شَدِيدٍ نَمَصُّ الجِلْدَ والنَّوَى مِنَ الجُوعِ ونَلْبَسُ الْوَبَرَ والشَّعْرَ ونَعْبُدُ الشَّجَرَ والحجَرَ فَبَيْنَا نَحْنُ كذَلِكَ إذْ بَعثَ رَبُّ السَّماواتِ وربُّ الأرَضِين تَعَالَى ذِكْرُهُ وجَلَّتْ عَظَمَتُهُ إلَيْنَا نَبِيَّاً مِنْ أنْفُسِنَا نَعْرِفُ أبَاهُ وأُمُّهُ فأمَرَنا نَبِيُّنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ نُقَاتِلَكُمْ حتَّى تَعْبُدُوا الله وحْدَهُ أَو تُؤدُّوا الجِزْيَةَ وأخْبَرَنا نَبِيُّنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ رِسالَةِ رَبِّنَا أنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صارَ إلَى الجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَها قَطُّ ومنْ بَقِيَ مِنَّا ملَكَ رِقَابَكُمْ. فقَالَ النُّعْمَانُ رُبَّما أشْهَدَكَ الله مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمْ يُندِّمْكَ ولَمْ يُخْزِكَ ولكنِّي شَهِدْتُ القِتَالَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا لَمْ يُقاتِلْ فِي أوَّلِ النَّهارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأرْوَاحُ وتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ. (الحَدِيث 9513 طرفه فِي: 0357) .

    مطابقته للتَّرْجَمَة فِي تَأْخِير النُّعْمَان بن مقرن عَن مقاتلة الْعَدو وانتظاره هبوب الرِّيَاح وَزَوَال الشَّمْس، وَهُوَ معنى قَوْله فِي آخر الحَدِيث: (أنْتَظر حَتَّى تهب الْأَرْوَاح وتحضر الصَّلَوَات) وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: حَتَّى تَزُول الشَّمْس، على مَا نذكرهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَهَذِه موادعة فِي هَذَا الزَّمَان مَعَ الْإِمْكَان للْمصْلحَة، والترجمة هِيَ المواعدة مَعَ أهل الْحَرْب، وَهِي ترك قِتَالهمْ مَعَ إِمْكَانه قبل الظفر بهم.
    ذكر رِجَاله وهم ثَمَانِيَة: الأول: الْفضل بن يَعْقُوب الرخامي الْبَغْدَادِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، مر فِي البيع. الثَّانِي: عبد الله ابْن جَعْفَر بن غيلَان أَبُو عبد الرَّحْمَن الرقي، بِفَتْح الرَّاء الْمُشَدّدَة وَكسر الْقَاف الْمُشَدّدَة: نِسْبَة إِلَى الرقة، وَكَانَت مَدِينَة مَشْهُورَة على شَرْقي ضفة الْفُرَات، وَيُقَال لَهَا: الرقة الْبَيْضَاء، وَهِي الرافقة أما الرقة فخربت وَغلب اسْم الرقة على الرافقة. الثَّالِث: الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، كَذَا وَقع فِي جَمِيع النّسخ: بِسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْمِيم، وَكَذَا وَقع فِي (مستخرج) الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره فِي هَذَا الحَدِيث، وَزعم الدمياطي: أَن الصَّوَاب: المعمر، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم الْمَفْتُوحَة وبالراء، قَالَ: لِأَن عبد الله ابْن جَعْفَر لَا يروي عَن الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ، ورد بِأَن ذَلِك لَيْسَ بكافٍ فِي رد الرِّوَايَات الصَّحِيحَة، لِأَن عدم دُخُول أَحدهمَا بلد الآخر لَا يسْتَلْزم عدم ملاقاتهما فِي سفر الْحَج وَنَحْوه، وَقَالَ بَعضهم: وَأغْرب الْكرْمَانِي، فَحكى أَنه قيل: الصَّوَاب فِي هَذَا: معمر ابْن رَاشد، يَعْنِي: شيخ عبد الرَّزَّاق، ثمَّ قَالَ: قلت: وَهَذَا هُوَ الْخَطَأ بِعَيْنِه، فَلَيْسَتْ لعبد الله بن جَعْفَر الرقي عَن معمر بن رَاشد رِوَايَة أصلا. انْتهى. قلت: الْكرْمَانِي لم يجْزم فِيهِ، بل حكى عَن بَعضهم، وَلمن حكى عَنهُ أَن يَقُول: الدَّعْوَى بِعَدَمِ رِوَايَة عبد الله بن جَعْفَر الرقي عَن معمر بن رَاشد يحْتَاج إِلَى دَلِيل، فمجرد النَّفْي غير كَاف. الرَّابِع: سعيد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ، هُوَ ابْن جُبَير بن حَيَّة الَّذِي يَأْتِي الْآن. الْخَامِس: بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ. السَّادِس: زِيَاد بن جُبَير بن حَيَّة الثَّقَفِيّ، روى عَن أَبِيه جُبَير بن حَيَّة، وروى عَنهُ سعيد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ الْمَذْكُور آنِفا. السَّابِع: جُبَير بن حَيَّة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن مَسْعُود، ابْن معتب بن مَالك بن عَمْرو بن سعد بن عَوْف بن ثَقِيف الثَّقَفِيّ، ولاه زِيَاد أَصْبَهَان، وَمَات أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان، وَقَالَ ابْن مَاكُولَا: جُبَير بن حَيَّة الثَّقَفِيّ روى عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، هُوَ وَالِد الجبيرين بِالْبَصْرَةِ، وَابْنه زِيَاد بن جُبَير. قلت: روى جُبَير بن حَيَّة أَيْضا عَن عمر بن الْخطاب، والنعمان بن بشير. الثَّامِن: عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
    وَأخرج البُخَارِيّ بعض هَذَا الحَدِيث فِي التَّوْحِيد عَن الْفضل بن يَعْقُوب أَيْضا.
    ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي أفناء الْأَمْصَار) ، قَالَ صَاحب (الْمطَالع) : قَوْله، فِي أفناء النَّاس، أَي: جماعاتهم، وَالْوَاحد فنو، وَقيل: أفناء النَّاس أخلاطهم، يُقَال للرجل إِذا لم يعلم من أَي قَبيلَة: هُوَ من أفناء الْقَبَائِل، وَقيل: الأفناء أنزاع من الْقَبَائِل من هَهُنَا وَمن هَهُنَا، حكى أَبُو حَاتِم أَنه لَا يُقَال فِي الْوَاحِد: هَذَا من أفناء النَّاس، إِنَّمَا يُقَال فِي الْجَمَاعَة هَؤُلَاءِ من أفناء النَّاس، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال: هُوَ من أفناء النَّاس، إِذا لم يعلم مِمَّن هُوَ، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَفِي الحَدِيث: رجل من أفناء النَّاس أَي: لم يعلم مِمَّن هُوَ، الْوَاحِد فنو، وَقيل: هُوَ من الفناء، وَهُوَ المتسع أَمَام الدَّار، وَيجمع الفناء على أفنية، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: أفناء الْأَمْصَار، يُقَال: هُوَ من أفناء النَّاس إِذا لم يعلم مِمَّن هُوَ، وَفِي بَعْضهَا: الْأَمْصَار، بِالْمِيم، وَقَالَ بَعضهم (فِي أفناء الْأَمْصَار) : إِنَّه فِي مَجْمُوع الْبِلَاد الْكِبَار. قلت: هَذَا التَّفْسِير لَيْسَ على قانون اللُّغَة، وَالَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ التَّفْسِير. قَوْله: (فَأسلم الهرمزان) ، بِضَم الْهَاء وَسُكُون الرَّاء وَضم الْمِيم وَتَخْفِيف الزَّاي، وَفِي آخِره نون و: هَذَا الْموضع يَقْتَضِي بعض بسط الْكَلَام حَتَّى ينشرح صدر النَّاظر فِيهِ، لِأَن الرَّاوِي هُنَا أخل شَيْئا كثيرا، فَنَقُول: وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: أما الهرمزان فَكَانَ ملكا كَبِيرا من مُلُوك الْعَجم، وَكَانَت تَحت يَده كورة الأهواز، وكورة جندي سَابُور، وكورة السوس، وكورة السرق، وكورة نهر بَين، وكورة نهر تيري، ومناذر، بِفَتْح الْمِيم وَالنُّون وَبعد الْألف ذال مُعْجمَة وَفِي آخِره رَاء، وَكَانَ الهرمزان فِي الْجَيْش الَّذين أرسلهم يزدجر إِلَى قتال الْمُسلمين وهم على الْقَادِسِيَّة، وَهِي قَرْيَة على طَرِيق الْحَاج على مرحلة من الْكُوفَة، وأمير الْمُسلمين يَوْمئِذٍ سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ رَأس جَيش الْعَجم رستم فِي مائَة ألف وَعشْرين ألفا يتبعهَا ثَمَانُون ألفا، وَمَعَهُمْ ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ فيلاً، وَكَانَ الهرمزان رَأس الميمنة، وَزعم ابْن إِسْحَاق أَن الْمُسلمين كَانُوا مَا بَين السَّبْعَة آلَاف إِلَى الثَّمَانِية آلَاف، وَوَقع بَينهم قتال عَظِيم لم يعْهَد مثله، وأبلى فِي ذَلِك الْيَوْم جمَاعَة من الشجعان مثل طليحة الْأَسدي وَعَمْرو بن معدي كرب والقعقاع بن عَمْرو وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ وَضِرَار بن الْخطاب وخَالِد بن عرفطة وأمثالهم، وَكَانَت الْوَقْعَة بَينهم يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل الْمحرم عَام أَربع عشرَة، وَأرْسل الله تَعَالَى فِي ذَلِك الْيَوْم ريحًا شَدِيدَة أرمت خيام الْفرس من أماكنها، وَأَلْقَتْ سَرِير رستم مقدم الْجَيْش، فَركب بغلة وهرب، وأدركه الْمُسلمُونَ وقتلوه، وانهزمت الْفرس وَقتل الْمُسلمُونَ مِنْهُم خلقا كثيرا، وَكَانَ فيهم المسلسلون ثَلَاثِينَ ألف فَقتلُوا بكمالهم، وَقتل فِي المعركة عشرَة آلَاف، وَقيل: قريب من ذَلِك، وَلم يزل الْمُسلمُونَ وَرَاءَهُمْ إِلَى أَن دخلُوا مَدِينَة الْملك، وَهِي الْمَدَائِن الَّتِي فِيهَا إيوَان كسْرَى، وَكَانَ الهرمزان من جملَة الهاربين، ثمَّ وَقعت بَينه وَبَين الْمُسلمين وقْعَة، ثمَّ وَقع الصُّلْح بَينه وَبَين الْمُسلمين، ثمَّ نقض الصُّلْح ثمَّ: جمع أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْجَيْش وحاصروا هرمزان فِي مَدِينَة تستر، وَلما اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمر بعث إِلَى أبي مُوسَى فَسَأَلَ الْأمان إِلَى أَن يحملهُ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَوجه مَعَه الْخمس من غَنَائِم الْمُسلمين، فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ وَوَقع نظره عَلَيْهِ سجد لله تَعَالَى، وَجرى بَينه وَبَين عمر محاورات، ثمَّ بعد ذَلِك أسلم طَائِعا غير مكره، وَأسلم من كَانَ مَعَه من أَهله وَولده وخدمه، ثمَّ قربه عمر وَفَرح بِإِسْلَامِهِ، فَهَذِهِ قصَّة إِسْلَام هرمزان الَّذِي قَالَ فِي حَدِيث الْبَاب: فَأسلم الهرمزان، وَكَانَ لَا يُفَارق عمر حَتَّى قتل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فاتهمه بعض النَّاس بممالأة أبي لؤلؤه فَقتله عبيد الله بن عمر. قَوْله: (فَقَالَ: إِنِّي مستشيرك) ، أَي: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، للهرمزان. قَوْله: (فِي مغازي) ، بتَشْديد الْبَاء، وَقد بيَّن ابْن أبي شيبَة مَا قَصده من ذَلِك، فروى من طَرِيق معقل بن يسَار أَن عمر شاور الهرمزان فِي فَارس وأصبهان وأذربيجن أَن بأيها يبْدَأ، وَإِنَّمَا شاوره عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ أعلم بأحوال تِلْكَ الْبِلَاد. قَوْله: (قَالَ: نعم) أَي: قَالَ الهرمزان: نعم، وَهُوَ حرف إِيجَاب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن صحت الرِّوَايَة بِلَفْظ فعل الْمَدْح فتقديره: نعم الْمثل مثلهَا، وَالضَّمِير فِي مثلهَا يرجع إِلَى الأَرْض الَّتِي يدل عَلَيْهَا السِّيَاق، وارتفاع: مثلهَا، على الِابْتِدَاء وَخَبره قَوْله: مثل طَائِر. قَوْله: (والجناج قَيْصر) ، هُوَ ملك الرّوم، قيل: فِيهِ نظر لِأَن كسْرَى لم يكن رَأْسا للروم، ونوزع فِي هَذَا بِأَن كسْرَى رَأس الْكل لِأَنَّهُ لم يكن فِي زَمَانه ملك أكبر مِنْهُ، لِأَن سَائِر مُلُوك الْبِلَاد كَانُوا يهابونه ويهادونه. قَوْله: (فلينفروا إِلَى كسْرَى) ، إِنَّمَا أَشَارَ بالنفير أَولا إِلَى كسْرَى لكَونه رَأْسا، فَإِذا فَاتَ الرَّأْس فَاتَ الْكل. وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى بقوله: (وَإِن شدخ الرَّأْس) أَي: وَإِن كسر، من الشدخ بالشين الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، قَالَ ابْن الْأَثِير: الشدخ كسر الشَّيْء الأجوف، تَقول: شدخت رَأسه فانشدخ، فَإِن قلت: قَالَ: فالرأس كسْرَى والجناح قَيْصر والجناح الآخر فَارس، وَمَا الرّجلَانِ؟ قلت: لقيصر الفربخ مثلا، ولكسرى الْهِنْد مثلا، وَلَا شكّ أَن الفربخ كَانَت فِي طرف من قَيْصر متصلين بِهِ، والهند كَانَت فِي طرف من كسْرَى متصلين بِهِ، وَإِنَّمَا لم يقل: وَإِن كسر الرّجلَانِ فَكَذَا، اكْتِفَاء للْعلم بِحَالهِ قِيَاسا على الْجنَاح، لَا سِيمَا وَأَنه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الظَّاهِر أسهل حَالا من الْجنَاح. فَإِن قلت: إِذا انْكَسَرَ الجناحان وَالرجلَانِ جَمِيعًا لَا ينْهض أَيْضا؟ قلت: الْغَرَض أَن الْعُضْو الشريف هُوَ الأَصْل فَإِذا صلح صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فسد فسد، بِخِلَاف الْعَكْس. قَوْله: (وَقَالَ بكر) ، هُوَ بكر بن عبد الله الْمَذْكُور. (وَزِيَاد) ، هُوَ زِيَاد بن جُبَير الْمَذْكُور. قَوْله: (فندبنا) ، بِفَتْح الدَّال وَالْبَاء على صِيغَة الْمَاضِي، أَي: طلبنا ودعانا وعزم علينا أَن نَجْتَمِع للْجِهَاد. قَوْله: (وَاسْتعْمل علينا النُّعْمَان بن مقرن) أَي: جعله أَمِيرا علينا، وَكَانَ النُّعْمَان قدم على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِفَتْح الْقَادِسِيَّة الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن قريب، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: فَدخل عمر الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بالنعمان يُصَلِّي، فَقعدَ فَلَمَّا فرغ قَالَ: إِنِّي مستعملك! قَالَ: أما جابياً فَلَا، وَلَكِن غازياً. قَالَ: فَإنَّك غازٍ، فَخرج وَمَعَهُ الزبير وَحُذَيْفَة وَابْن عمر والأشعث وَعَمْرو بن معدي كرب، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: فَأَرَادَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن يسير بِنَفسِهِ ثمَّ بعث النُّعْمَان وَمَعَهُ ابْن عمر وَجَمَاعَة، وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يسير بِأَهْل الْبَصْرَة، وَإِلَى حُذَيْفَة أَن يسير بِأَهْل الْكُوفَة حَتَّى يجتمعوا بنهاوند، وَإِذا التقيتم فأميركم النُّعْمَان بن مقرن، بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالنون: ابْن عَائِذ بن منجي بن هجير بن نصر بن حبشية بن كَعْب بن عبد بن تور بن هدمة بن الأطم بن عُثْمَان. وَهُوَ مزينة بن عَمْرو بن أد بن طابخة الْمُزنِيّ، قَالَ أَبُو عمر: وَيُقَال: النُّعْمَان بن عَمْرو بن مقرن، يكنى أَبَا عَمْرو، وَيُقَال: أَبَا حَكِيم. قَالَ مُصعب: هَاجر النُّعْمَان بن مقرن وَمَعَهُ سَبْعَة أخوة، وروى عَنهُ أَنه قَالَ: قدمنَا على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَربع مائَة من مزينة، ثمَّ سكن الْبَصْرَة وتحول عَنْهَا إِلَى الْكُوفَة. قَوْله: (حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض الْعَدو) وَهِي نهاوند، بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الْهَاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون النُّون، وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، وَضبط بَعضهم: بِفَتْح النُّون وَلَيْسَ كَذَلِك، بل بِالضَّمِّ لِأَن الَّذِي بناها نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَت تسمى: نوح أوند، يَعْنِي: عمرها نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فأبدلوا الْحَاء هَاء، وَهِي مَدِينَة جنوبي هَمدَان وَلها أَنهَار وبساتين، وَهِي كَثِيرَة الْفَوَاكِه وَتحمل فواكهها إِلَى الْعرَاق لجودتها، مِنْهَا إِلَى هَمدَان أَرْبَعَة عشر فرسخاً، وَهِي من بِلَاد عراق الْعَجم فِي حد بِلَاد الجيل. قَوْله: (وَخرج علينا عَامل كسْرَى فِي أَرْبَعِينَ ألفا) ، كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعُونَ ألفا من أهل فَارس وكرمان، وَكَانَ من أهل نهاوند عشرُون ألفا وَمن أهل أَصْبَهَان عشرُون، وَمن أهل قُم وقاشان عشرُون وَمن أهل أذربيجان ثَلَاثُونَ ألفا وَمن بِلَاد أُخْرَى عشرُون ألفا فالجملة مائَة ألف وَخَمْسُونَ ألفا فُرْسَانًا، وَكَانَ عَامل كسْرَى الَّذِي على هَؤُلَاءِ الْجَيْش الغيرزان، وَيُقَال: بنْدَار، وَيُقَال: ذُو الحاجبين، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي (كتاب الأذواء) : ذُو الحاجبين هُوَ خرزاد بن هُرْمُز من الْفرس أحد الْأُمَرَاء الْأَرْبَعَة الَّذين أَمرتهم الْأَعَاجِم على كورة نهاوند، وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة الَّتِي وَقعت على نهاوند وقْعَة عَظِيمَة، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يسمونها فتح الْفتُوح، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق والواقدي: كَانَت وقْعَة نهاوند فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين، وَقَالَ سيف: كَانَت فِي سنة سبع عشرَة، وَقيل: فِي سنة تسع عشرَة، وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة أَربع وقعات، وَفِي الْوَقْعَة الثَّانِيَة قتل النُّعْمَان ابْن مقرن أَمِير الْجَيْش وَقَامَ مقَامه حُذَيْفَة بن الْيَمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: (فَقَامَ ترجمان) ، بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا وَضم الْجِيم وَالْوَجْه الثَّالِث فتحهما نَحْو: الزَّعْفَرَان. قَوْله: (فَقَالَ الْمُغيرَة) ، وَهُوَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَكَانَ هُوَ الترجمان، وَكَذَلِكَ كَانَ هُوَ الترجمان بَين الهرمزان وَعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْمَدِينَة لما قدم الهرمزان إِلَيْهِ كَمَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (قَالَ: مَا أَنْتُم؟)هَكَذَا خَاطب عَامل كسْرَى الَّذِي هُوَ عينه على جَيْشه بِصِيغَة من لَا يعقل احتقاراً لَهُ. قَوْله: (قَالَ: نَاس من الْعَرَب) أَي: قَالَ الْمُغيرَة: نَحن نَاس من الْعَرَب ... إِلَى آخر مَا ذكره، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة، فَقَالَ: إِنَّكُم معشر الْعَرَب، أَصَابَكُم جوع وَجهد فجئتم، فَإِن شِئْتُم مرناكم، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الرَّاء أَي: أعطيناكم الْميرَة، أَي الزَّاد وَرَجَعْتُمْ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: إِنَّكُم معشر الْعَرَب أطول النَّاس جوعا وَأبْعد النَّاس من كل خير، وَمَا مَنَعَنِي أَن أَمر هَؤُلَاءِ الأساورة أَن ينتظموكم بالنشاب إلاَّ تقذراً لجيفكم. قَالَ الْمُغيرَة: فحمدت لله وأثنيت عَلَيْهِ، ثمَّ قلت: مَا أَخْطَأت شَيْئا من صفتنا، كَذَلِك كُنَّا حَتَّى بعث الله إِلَيْنَا رَسُوله. قَوْله: (نَعْرِف أَبَاهُ وَأمه) ، وَزَاد فِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: فِي شرف منا أوسطنا حسباً وأصدقنا حَدِيثا. قَوْله: (فَقَالَ النُّعْمَان) يَعْنِي للْمُغِيرَة: رُبمَا أشهدك الله أَي أحضرك الله مثلهَا، أَي: مثل هَذِه الشدَّة مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (فَلم يندمك) بِضَم الْيَاء من الإندام، يُقَال: أندمه الله فندم، وَالْمعْنَى: لم يندمك فِيمَا لقِيت مَعَه من الشدَّة. قَوْله: (وَلم يخزك) من الإخزاء، يُقَال: خزي، بِالْكَسْرِ: إِذا ذل وَهَان، ويروى: فَلم يحزنك، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون، وَهِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَالْأولَى رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَهِي أوجه لوفاق مَا قبله، كَمَا فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس: غير خزايا وَلَا ندامى، وَهَذِه المحاورة الَّتِي وَقعت بَين النُّعْمَان بن مقرن والمغيرة بن شُعْبَة بِسَبَب تَأْخِير النُّعْمَان الْقِتَال، فَاعْتَذر النُّعْمَان بقوله: (وَلَكِنِّي شهِدت الْقِتَال مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِلَى آخِره، وَقَالَ الْكرْمَانِي مَا معنى الِاسْتِدْرَاك؟ وَأَيْنَ توسطه بَين كلامين متغايرين؟ قلت: كَانَ الْمُغيرَة قصد الِاشْتِغَال بِالْقِتَالِ أول النَّهَار بعد الْفَرَاغ من المكالمة مَعَ الترجمان فَقَالَ النُّعْمَان: إِنَّك شهِدت الْقِتَال مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكنك مَا ضبطت انْتِظَاره للهبوب، وَقَالَ ابْن بطال: قَوْله: (وَلَكِنِّي شهِدت) إِلَى آخِره كَلَام مُسْتَأْنف وَابْتِدَاء قصَّة أُخْرَى. قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاق الْكَلَام، وسياقه على مَا لَا يخفى على المتأمل، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: قد كَانَ الله أشهدك أَمْثَالهَا، وَالله مَا مَنَعَنِي أَن أناجزهم إلاَّ شَيْء شهدته من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ قَوْله: كَانَ إِذا لم يُقَاتل أول النَّهَار إِلَى آخِره. قَوْله: (حَتَّى تهب الْأَرْوَاح) جمع ريح، وَأَصله: روح، قلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا، والتصغير والتكسير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا. وَقد حكى ابْن جني جمع ريح على: أرياح. قَوْله: (وتحضر الصَّلَوَات) يَعْنِي: بعد زَوَال الشَّمْس، تدل عَلَيْهِ رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: وتزول الشَّمْس، وَزَاد فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: ويطيب الْقِتَال، وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: وَينزل النَّصْر.
    وَفِي الحَدِيث من الْفَوَائِد منقبة النُّعْمَان وَمَعْرِفَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة بِالْحَرْبِ وَقُوَّة نَفسه وشهامته وفصاحته وبلاغته واشتمال كَلَامه على بَيَان أَحْوَالهم الدِّينِيَّة والدنياوية، وعَلى بَيَان معجزات الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخباره عَن المغيبات ووقوعها كَمَا أخبر. وَفِيه: فضل المشورة وَأَن الْكَبِير لَا نقص عَلَيْهِ فِي مُشَاورَة من هُوَ دونه، وَأَن الْمَفْضُول قد يكون أَمِيرا على الْأَفْضَل، لِأَن الزبير ابْن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ فِي جَيش عَلَيْهِ النُّعْمَان بن مقرن، وَالزُّبَيْر أفضل مِنْهُ اتِّفَاقًا وَفِيه: ضرب الْمثل. وَفِيه: جودة تصور الهرمزان، وَكَذَلِكَ استشارة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: الْإِرْسَال إِلَى الإِمَام بالبشارة. وَفِيه: فضل الْقِتَال بعد زَوَال الشَّمْس على مَا قبله.

    حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ فَقَالَ إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ‏.‏ قَالَ نَعَمْ، مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلاَنِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلاَنِ وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالْجَنَاحُ الآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى‏.‏ وَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جَمِيعًا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ فَنَدَبَنَا عُمَرُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تُرْجُمَانٌ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ‏.‏ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ سَلْ عَمَّا شِئْتَ‏.‏ قَالَ مَا أَنْتُمْ قَالَ نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرَضِينَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا، نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبِّنَا ﷺ أَنْ نَقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا ﷺ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ‏.‏ فَقَالَ النُّعْمَانُ رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يُنَدِّمْكَ وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ الْقِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ‏.‏

    Narrated Jubair bin Haiya:`Umar sent the Muslims to the great countries to fight the pagans. When Al-Hurmuzan embraced Islam, `Umar said to him. "I would like to consult you regarding these countries which I intend to invade." Al-Hurmuzan said, "Yes, the example of these countries and their inhabitants who are the enemies. of the Muslims, is like a bird with a head, two wings and two legs; If one of its wings got broken, it would get up over its two legs, with one wing and the head; and if the other wing got broken, it would get up with two legs and a head, but if its head got destroyed, then the two legs, two wings and the head would become useless. The head stands for Khosrau, and one wing stands for Caesar and the other wing stands for Faris. So, order the Muslims to go towards Khosrau." So, `Umar sent us (to Khosrau) appointing An-Nu`man bin Muqrin as our commander. When we reached the land of the enemy, the representative of Khosrau came out with forty-thousand warriors, and an interpreter got up saying, "Let one of you talk to me!" Al-Mughira replied, "Ask whatever you wish." The other asked, "Who are you?" Al-Mughira replied, "We are some people from the Arabs; we led a hard, miserable, disastrous life: we used to suck the hides and the date stones from hunger; we used to wear clothes made up of fur of camels and hair of goats, and to worship trees and stones. While we were in this state, the Lord of the Heavens and the Earths, Elevated is His Remembrance and Majestic is His Highness, sent to us from among ourselves a Prophet whose father and mother are known to us. Our Prophet, the Messenger of our Lord, has ordered us to fight you till you worship Allah Alone or give Jizya (i.e. tribute); and our Prophet has informed us that our Lord says:-- "Whoever amongst us is killed (i.e. martyred), shall go to Paradise to lead such a luxurious life as he has never seen, and whoever amongst us remain alive, shall become your master." (Al-Mughira, then blamed An-Nu`man for delaying the attack and) An-Nu' man said to Al-Mughira, "If you had participated in a similar battle, in the company of Allah's Messenger (ﷺ) he would not have blamed you for waiting, nor would he have disgraced you. But I accompanied Allah's Apostle in many battles and it was his custom that if he did not fight early by daytime, he would wait till the wind had started blowing and the time for the prayer was due (i.e. after midday)

    Telah bercerita kepada kami [Al Fadlal bin Ya'qub] telah bercerita kepada kami ['Abdullah bin Ja'far ar-Raqqiy] telah bercerita kepada kami [Al Mu'tamir bin Sulaiman] telah bercerita kepada kami [Sa'id bin 'Ubaidullah Ats-Tsaqafiy] telah bercerita kepada kami [Bakr bin 'Abdullah Al Muzaniy] dan [Ziyad bin Jubair] dari [Jubair bin Hayyah] berkata; "'Umar mengutus banyak orang ke berbagai negeri untuk memerangi orang-orang musyrik. Kemudian ketika Al Humuzan telah masuk Islam, 'Umar berkata; "Aku minta pendapatmu tentang peperangan ini". Al Hurmuzan berkata' "Baiklah. Perumpamaan perang ini dan orang-orang yang terlibat di dalamnya dari kalangan musuh kaum Muslimin seperti seekor burung yang memiliki satu kepala, dua sayap dan dua kaki. Apabila salah satu sayapnya patah maka dia akan tegak berdiri dengan dua kaki, satu sayap dan satu kepala dan apabila sayap yang satunya lagi patah maka dia akan tegak dengan dua kaki dan satu kepala. Namun jika kepalanya dipecahkan maka lumpuhlah kedua kaki dan kedua sayap sekaligus kepala. Perumpamaan kepala adalah Kisra (raja Persia) dan sayap yang satu umpama Qaishar (raja Romawi) sedangkan sayap yang satunya lagi adalah orang-orang Persia. Maka itu perintahkanlah kaum Muslimin agar berangkat untuk memerangi Kisra". Dan Bakr dan Ziyad keduanya berkata dari Jubair bin Hayyah yang berkata; "Maka 'Umar mengirim kami dan mengangkat an-Nu'man bin Muqarrin sebagai pemimpin kami hingga ketika kami tiba di negeri musuh keluarlah seorang antek Kisra bersama empat puluh ribu pasukan menghadang kami lalu seorang perterjemah berdiri seraya berkata; "Hendaklah salah seorang dari kalian berbicara kepadaku". Maka Al Mughirah berkata; "Bertanyalah apa yang kalian inginkan!". Dia berkata; "Siapa kalian ini?". [Al Mughirah] menjawab; "Kami adalah orang-orang dari bangsa Arab yang sebelumnya kami hidup dalam kesengsaraan dan ujian yang berat, kami menghisap kulit dan biji-bijian karena lapar, kami memakai pakaian bulu dan rambut dan kami menyembah pohon dan batu. Dalam kondisi seperti itu, Rabb langit dan bumi Yang Maha Tinggi dan Besar Keagungan-Nya mengutus kepada kami Nabi kami dari kalangan kami sendiri yang kami kenal bapak dan ibunya, lalu Nabi utusan Rabb shallallahu 'alaihi wasallam kami itu memerintahkan kami untuk memerangi kalian hinga kalian menyembah Allah saja atau kalian membayar jizyah. Dan Nabi kami shallallahu 'alaihi wasallam mengabarkan kepada kami tentang risalah ajaran Rabb kami bahwa siapa saja orang dari kami yang terbunuh maka dia akan masuk surga dengan kenikmatan yang belum pernah dia lihat sekalipun, dan siapa yang tetap hidup diantara kami maka dia akan menguasai kalian". Kemudian [an-Nu'man] berkata; "Seringkali Allah menyertakan kamu dalam peperangan bersama Nabi shallallahu 'alaihi wasallam semacam itu, yang tidak akan membuat kamu menyesal dan terhina. Dan aku juga pernah ikut berperang bersama Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, apabila Beliau belum memulainya di awal siang, Beliau menunggu hingga angin bertiup dan waktu-waktu shalat telah masuk

    Cübeyr İbn Hayye'nin şöyle dediği nakledilmiştir: "Hz. Ömer, çeşitli ülkelerdeki müşriklerle savaşmaları için büyük şehirlere ordular göndermişti. Bu savaşlar sonunda Hürmüzan Müslüman oldu. Hz. Ömer ona: "Ben seninle düşmanlarımız ile yapacağımız savaş konusunda görüş alışverişinde bulunmak istiyorum" dedi ve o da: "Hay hay, Sizin düşmanınız olan bu ülkeler ile orada yaşayan ve Müslümanların düşmanı olan halk tek başlı, çift kanatlı ve çift ayaklı bir kuşa benzer. Bu kanatlardan birisi koparılsa bile kuşun iki ayağı, tek kanadı ve başı hayatını sürdürmesine yeter. Diğer kanadı da koparılacak olursa iki ayağı ve başı ile yaşamaya devam eder. Fakat kuşun kafasını gövdesinden ayırırsanız iki ayağı, iki kanadı ve kafayı işlevsiz hale getirirsiniz. Bu kuşun kafası Kisra, kanatlardan biri Kayser diğeri de pers / Fars hükümdarıdır. Sen Müslümanlara emret, Kisra'nın üzerine yürüsünler!" diye cevap verdi." Bekir ve Ziyad, her ikisi de Cübeyr İbn Hayye'nin şöyle dediğini nakletmişlerdir: "Hz. Ömer bir ordu kurup bizi bu ordu da görevlendirdi. Başımıza da komutan olarak Nu'man İbn Mukarrin'i atadı. Biz sefere çıkıp düşman topraklarına girince Kisra'nın komutanlarından birisi kırk bin kişilik bir ordu ile bizi karşıladı. Bir tercüman kalkıp: "İçinizden biri bizimle konuşsun!" dedi. Bunun üzerine Muğıre: "İstediğini sor bakalım!" dedi. Tercüman da: "Siz kimsiniz, burada ne işiniz var?" dedi. Muğire ona şöyle cevap verdi: "Bizler Araplarız. Daha önce hiç düşünemeyeceğiniz kadar bedbaht, sıkıntılı ve çaresiz bir durumda idik. Açlıktan (nefesimiz kokuyordu) deriyi ve hurma çekirdeklerini gevip emerdik. Sırtımıza giydiğimiz hayvan postları idi. Üstelik ağaçlara ve taşlara tapan bir topluluktuk. Biz bu durumda iken göklerin ve yerlerin Rabbi - O'nun şanı pek yücedir, azametinin ululuğuna sınır yoktur - bize kendi içimizden, anasını ve babasını bildiğimiz bir Nebi gönderdi. Nebiimiz, Rabbimizin elçisi bize siz sadece Allah'a ibadet eden kullar oluncaya veya kendi ellerinizle cizye verinceye kadar sizinle savaşmamızı emretti. Nebiimiz bize Rabbimizden aldığı vahiy ile, bizden kim öldürülürse onun cennete gideceğini, orada eşi benzeri görülmemiş nimetler içinde olacağını ve sağ kalanların da sizin üzerinize hükümran olacaklarını, söyledi." [-3160-] Nu'man Muğire'ye şöyle demiştir: "Belki de Allah seni Resul-i Ekrem Sallallahu Aleyhi ve Sellem ile birlikte bunun gibi sıkıntılı durumlara da şahit kılmış, O'nunla s.a.v. birlikte katlandığın bu sıkıntılara karşı sana bir yılgınlık / pişmanlık vermemiş ve seni mahrum da bırakmamıştır. Ben de Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem ile beraber savaşa çıktım. O s.a.v. günün başında savaşa girişmemişse rüzgarlar esene ve namaz vakitleri girene kadar beklerdi

    নু‘মান (রহ.) (মুগীরাহকে) বললেন, আপনাকে আল্লাহ তা‘আলা এমন যুদ্ধে রাসূলূল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর সাথী করেছেন আর তিনি আপনাকে লজ্জিত ও অসম্মানিত করেনি আর আমিও আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর সঙ্গে অনেক যুদ্ধে অংশ নিয়েছি। তাঁর নিয়ম এ ছিল যে, যদি দিনের পূর্বাহ্নে যুদ্ধ শুরু না করতেন, তবে তিনি বাতাস প্রবাহিত হওয়া এবং সালাতের সময় হওয়া পর্যন্ত অপেক্ষা করতেন। (আধুনিক প্রকাশনীঃ ২৯২৩, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ২৯৩৪ শেষাংশ)