• 2014
  • عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ لا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ ، " فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا " ، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ ، وَهِيَ عَاتِقٌ ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ ، فَلَمْ يُرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ ، لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ : {{ إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ، فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }} ، قَالَ عُرْوَةُ : فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ }} إِلَى {{ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} ، قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ بَايَعْتُكِ " كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْبِرَانِ ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ لا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا ، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ ، فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا ، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ ، وَهِيَ عَاتِقٌ ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ ، فَلَمْ يُرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ ، لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ : {{ إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ، فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }} ، قَالَ عُرْوَةُ : فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ }} إِلَى {{ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} ، قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ بَايَعْتُكِ كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ

    كاتب: المكاتبة : اتفاق العبد مع سيده بدفع مال له مقابل عتقه
    وخليت: خلى : ترك
    وامتعضوا: امتعضوا فيه : شق عليهم وكرهوه
    عاتق: العاتق : الأنثى أول ما تبلغ ، والتي لم تتزوج بعد
    قَدْ بَايَعْتُكِ كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ
    حديث رقم: 3973 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية
    حديث رقم: 6826 في صحيح البخاري كتاب الأحكام باب بيعة النساء
    حديث رقم: 4627 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} [الممتحنة: 10]
    حديث رقم: 5002 في صحيح البخاري كتاب الطلاق باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي
    حديث رقم: 3560 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ بَابُ كَيْفِيَّةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 3561 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ بَابُ كَيْفِيَّةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 2598 في سنن أبي داوود كِتَاب الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَيْعَةِ
    حديث رقم: 3376 في جامع الترمذي أبواب تفسير القرآن باب: ومن سورة الممتحنة
    حديث رقم: 2872 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 24310 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24672 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24650 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24678 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24769 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25784 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 5671 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مَمْنُوعٌ عَنْ مَسِّ امْرَأَةٍ لَا يَكُونُ لَهَا
    حديث رقم: 4637 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ بَيْعَةِ الْأَئِمَّةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ
    حديث رقم: 5672 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ مَا وَصَفْنَا أَرَادَتْ بِهِ فِي الْبَيْعَةِ
    حديث رقم: 8444 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ السِّيَرِ امْتِحَانُ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 8958 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ مُصَافَحَةُ ذِي مَحْرَمٍ
    حديث رقم: 8959 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ مُصَافَحَةُ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 11140 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةَ
    حديث رقم: 4270 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ عَلِيٌّ
    حديث رقم: 542 في المعجم الصغير للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ عَلِيُّ
    حديث رقم: 9540 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْعَةُ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 9542 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْعَةُ النِّسَاءِ
    حديث رقم: 15434 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ بَابُ : كَيْفَ يُبَايِعُ النِّسَاءُ ؟
    حديث رقم: 15435 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ بَابُ : كَيْفَ يُبَايِعُ النِّسَاءُ ؟
    حديث رقم: 2983 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْجِزْيَةِ بَابُ الْمُهَادَنَةِ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ
    حديث رقم: 2984 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْجِزْيَةِ بَابُ الْمُهَادَنَةِ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ
    حديث رقم: 1632 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ الرِّزْقِ وَمُبَايَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ الرِّزْقِ وَمُبَايَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 73 في مشيخة ابن طهمان مشيخة ابن طهمان مشيخة ابن طهمان
    حديث رقم: 8229 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد العاشر ذِكْرُ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ
    حديث رقم: 5807 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأُمَرَاءِ بَيَانُ صِفَةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَبَيْعَةِ مَنْ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى
    حديث رقم: 2162 في المطالب العالية للحافظ بن حجر كِتَابُ الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ بَابُ كَيْفِيَّةِ الْبَيْعَةِ فِي الْإِسْلَامٍ
    حديث رقم: 4631 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 5808 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأُمَرَاءِ بَيَانُ صِفَةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَبَيْعَةِ مَنْ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى
    حديث رقم: 5809 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْأُمَرَاءِ بَيَانُ صِفَةِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَبَيْعَةِ مَنْ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى
    حديث رقم: 176 في معجم ابن الأعرابي بَابُ المُحمدين بَابُ المُحمدين
    حديث رقم: 3342 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ قَسْمِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ جِمَاعُ أَبْوَابِ الصُّلْحِ وَالْعُهُودِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ سِوَى

    [2711] قَوْلُهُ يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا قَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِرِوَايَةِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ عَنْهُمَا مُرْسَلٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرَا الْقِصَّةَ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُصِبْ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ الْمِسْوَرِ أَوْ مَرْوَانَ لِأَنَّ مَرْوَانَ لَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا صُحْبَةٌ وَأَمَّا الْمِسْوَرُ فَصَحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ إِنَّمَا قَدِمَ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ بَعْدَ الْفَتْحِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ قَوْلُهُ لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو هَكَذَا اقْتَضَبَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ بِطُولِهِ من وَجه آخر عَن بن شِهَابٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ وَقَوْلُهُ فَامْتَعَضُوا بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَنِفُوا وَشَقَّ عَلَيْهِمْ قَالَ الْخَلِيلُ مَعِضَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّيْءِ وَامْتَعَضَ تَوَجَّعَ مِنْهُ وَقَالَ بن الْقَطَّاعِ شَقَّ عَلَيْهِ وَأَنِفَ مِنْهُ وَوَقَعَ مِنَ الرُّوَاةِ اخْتِلَافٌ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى مَا هُنَا وَالْأَصِيلِيُّ وَالْهَمْدَانِيُّ بِظَاءٍ مُشَالَةٍ وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ امَّعَضُوا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَكَذَا الْعَبْدُوسِيُّ وَعَنِ النَّسَفِيِّ انْغَضُّوا بِنُونٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَضَادٍ غَيْرِ مُشَالَةٍ قَالَ عِيَاضٌ وَكُلُّهَا تَغْيِيرَاتٌ حَتَّى وَقَعَ عِنْدَ بَعْضِهِمُ انْفَضُّوا بِفَاءٍ وَتَشْدِيدٍ وَبَعْضُهُمْ أَغْيَظُوا مِنَ الْغَيْظِ وَقَوْلُهُ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ النِّكَاحِ وَمَضَى الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ جَرِيرٍ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ (قَوْلُهُ بَابُ إِذَا بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ) زَادَ أَبُو ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الثّمن أَي المُشْتَرِي ذكر فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ جَوَابَ الشَّرْطِ اكْتِفَاءً بِمَا فِي الْخَبَر(قَوْلُهُ بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبُيُوعِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ وَقد تقدم الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ التَّرْجَمَة للتفصيل فِي اعْتِبَاره بَين الْفُقَهَاء قَوْلُهُ بَابُ إِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ هَكَذَا جَزَمَ بِهَذَا الْحُكْمِ لِصِحَّةِ دَلِيلِهِ عِنْدَهُ وَهُوَ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ وَفِيمَا يُشْبِهُهُ كَاشْتِرَاطِ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وبن شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَطَائِفَةٌ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَتَنَزَّلُ فِيهِ الشَّرْطُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ إِذَا كَانَ قَدْرُهُ مَعْلُومًا صَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ إِلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا وَوَافَقَهُمْ مَالِكٌ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ وَقِيلَ حَدُّهُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ الْبَابِ وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ الِاشْتِرَاطَ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ كَلَامِهِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ أَلْفَاظَهُ اخْتَلَفَتْ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ الشَّرْطَ وَمِنْهُم منذَكَرَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ يَطْرُقُهَا الِاحْتِمَالُ وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ فَفِيهِ بُطْلَانُ الشَّرْطِ الْمُخَالِفِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي آخِرِ الْعِتْقِ وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الثُّنَيَّا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يُنَافِي مَقْصُودَ الْبَيْعِ مَا إِذَا اشْتَرَطَ مَثَلًا فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَفِي الدَّارِ أَنْ لَا يَسْكُنَهَا وَفِي الْعَبْدِ أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ وَفِي الدَّابَّةِ أَنْ لَا يَرْكَبَهَا أَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ شَيْئًا مَعْلُومًا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الثُّنَيَّا فَفِي نَفْسِ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَمَّا كَانَ مَجْهُولًا وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ فَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِذَلِكَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

    كتاب الشروط

    (بسم الله الرحمن الرحيم).
    (كتاب الشروط) جمع شرط وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، فخرج بالقيد الأوّل المانع فإنه لا يلزم من عدمه شيء، وبالثاني السبب فانه يلزم من وجوده الوجود وبالثالث مقارنة الشرط للسبب فيلزم الوجود كوجود الحول الذي هو شرط لوجوب الزكاة مع النصاب الذي هو سبب للوجوب ومقارنة المانع كالدين على القول بأنه مانع من وجوب الزكاة فيلزم العدم والوجود فلزوم الوجود والعدم في ذلك لوجود السبب والمانع لا لذات الشرط ثم هو عقلي كالحياة للعلم وشرعي كالطهارة للصلاة وعادي كنصب السلم لصعود السطح ولغوي وهو المخصص كما في أكرم بني إن جاؤوا أي الجائين منهم فينعدم الإكرام المأمور به بانعدام المجيء ويوجد بوجوده إذا امتثل الأمر قاله الجلال المحلي وسقط قوله كتاب الشروط لغير أبي ذر.


    باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإِسْلاَمِ، وَالأَحْكَامِ، وَالْمُبَايَعَةِ

    (باب ما يجوز من الشروط) عند الدخول (في الإسلام) كشرط عدم التكلف بالنقلة من بلد إلى أخرى لا أنه لا يصلّي مثلاً (و) ما يجوز من الشروط في (الأحكام) أي العقود والفسوخ وغيرهما من المعاملات (والمبايعة) من عطف الخاص على العام.

    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2591 ... ورقمه عند البغا:2711]

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَن لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ -وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ- إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلاَّ ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ
    سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا. وَجَاءَت الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ -وَهْيَ عَاتِقٌ- فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ: {{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ -إِلَى قَوْلِهِ- وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}} [الممتحنة: 1].
    وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري ونسبه إلى جدّه لشهرته به واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأموي مولاهم (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أنه سمع مروان) بن الحكم ولا صحبة له (والمسور بن مخرمة) وله سماع من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكنه إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت قصة الحديبية الآتي حديثها هنا مختصرًا قبل بسنتين (-رضي الله عنهما- يخبران عن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهم عدول ولا يقدح عدم معرفة من لم يسم منهم (قال) كلٌّ منهما (لما كاتب سهيل بن عمرو) بضم السين مصغرًا وعمرو بفتح العين وسكون الميم أحد أشراف قريش وخطيبهم وهو من مسلمة الفتح (يومئذٍ) أي يوم صلح الحديبية (كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لا يأتيك منا أحد) من قريش (وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه) بعين مهملة فضاد معجمة أي غضبوا من هذا الشرط وأنفوا منه وقال ابن الأثير شقّ عليهم وعظم (وأبي سهيل إلا ذلك) الشرط (فكاتبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك فرد) عليه الصلاة والسلام (يومئذٍ أبا جندل) العاصي حين حضر من مكة إلى الحديبية يرسف في قيوده (إلى أبيه سهيل بن عمرو) لأنه لا يبلغ به في الغالب الهلاك (ولم يأته) بكسر الهاء عليه الصلاة والسلام (أحد من الرجال إلا ردّه) إلى قريش (في تلك المدة وان كان مسلمًا) وفاء بالشرط (وجاء المؤمنات) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وجاءت المؤمنات (مهاجرات) نصب على الحال من المؤمنات (وكانت أم كلثوم) بضم الكاف وسكون اللام وضم المثلثة (بنت عقبة بن أبي معيط) بضم العين وسكون القاف وفتح الموحدة ومعيط بضم الميم وفتح العين المهملة وسكون التحتية (ممن خرج إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ وهي عاتق) بعين مهملة فألف فمثناة فوقية فقاف وهي شابة أول بلوغها الحلم (فجاء أهلها يسألون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يرجعها إليهم) بفتح ياء المضارعة لأن ماضيه ثلاث قال تعالى: {{فإن رجعك الله}} (فلم يرجعها) عليه الصلاة والسلام (إليهم لما) بكسر اللام وتخفيف الميم (أنزل الله فيهنّ) في المهاجرات ({{إذا جاءكم المؤمنات}}) سماهن به لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بكلمة الشهادة ولم يظهر منهن ما يخالف ذلك ({{مهاجرات}}) من دار الكفر إلى دار الإسلام ({{فامتحنوهن}}) فاختبروهن بالحلف والنظر في العلامات ليغلب على ظنكم صدق إيمانهن ({{الله أعلم بإيمانهنّ}}) منكم لأن عنده حقيقة العلم (إلى قوله) تعالى ({{ولا هم يحلون لهن}}) [الممتحنة: 10] لأنه لا حلّ بين المؤمنة والمشرك.
    قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ -إِلَى- غَفُورٌ رَحِيمٌ}} قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ بَايَعْتُكِ" كَلاَمًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ". [الحديث 2713 - أطرافه في: 2733، 4182، 4891، 5288، 7214].
    (قال عروة) بن الزبير متصل بالإسناد السابق أولاً (فأخبرتني عائشة) -رضي الله عنها- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمتحنهن) يختبرهن (بهذه الآية: {{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن}} إلى {{غفور رحيم}}) وسقط لفظ فامتحنوهن لأبي ذر (قال عروة قالت عائشة فمن أقرّ بهذا الشرط منهن قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد بايعتك) حال كونه (كلامًا يكلمها به والله ما مسّت يده) عليه الصلاة والسلام (يد امرأة قطّ في المبايعة) بفتح الياء (وما بايعهنّ إلا بقوله).
    وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الطلاق ويأتي إن شاء الله تعالى تامًّا قريبًا من وجه آخر عن ابن شهاب.

    (بابُُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإسْلامِ والأحْكَامِ والمُبَايَعَةِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يجوز من الشُّرُوط فِي الْإِسْلَام، يَعْنِي الدُّخُول فِيهِ، وَهَذَا كَمَا اشْترط النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على جرير حِين بَايعه على الْإِسْلَام: (النصح لكل مُسلم) ، وَفِي لفظ: (على إِقَامَة الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة والنصح لكل مُسلم) ، وَلَا يجوز أَن يشْتَرط من يدْخل فِي الْإِسْلَام أَن لَا يُصَلِّي أَو لَا يُزكي عِنْد الْقُدْرَة. وَنَحْو ذَلِك. قَوْله: (وَالْأَحْكَام) ، أَي: الْعُقُود والفسوخ والمعاملات. قَوْله: (والمبايعة) ، من عطف الْخَاص على الْعَام، وَهَذَا الْبابُُ، وَقَبله: كتاب الشُّرُوط، رِوَايَة أبي ذَر، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره لفظ: كتاب الشُّرُوط.

    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2590 ... ورقمه عند البغا:2712 ]
    - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْر قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ والمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يُخْبِرَانِ عنْ أصْحَابِ رسولِ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَمَّا كاتَبَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍ ويَوْمَئِذٍ كانَ فِيما اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرو عَلى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أحَدٌ وإنْ كانَ على دِينِكَ إلاَّ رَدَدْتَهُ إلَيْنَا وخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وامْتَعَضُوا مِنْهُ وأبى سُهَيْلٌ إلاَّ ذلِكَ فَكاتَبَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى ذَلِكَ فرَدَّ يَوْمَئِذٍ أبَا جَنْدَلٍ إِلَى أبِيهِ سُهَيْلِ ابنِ عَمْرٍ وولَمْ يأتِهِ أحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وإنْ كانَ مُسْلِماً وجاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ وكانَتْ أُمُّ كَلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَئِذٍ وهْيَ عاتِقٌ فَجاءَ أهْلُهَا يَسْأَلُونَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَرْجِعَهَا ألَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إلَيْهِمْ لِمَا أنْزَلَ الله فِيهِنَّ {{إذَا جاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مِهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ الله أعْلَمُ بِإيمَانِهِنَّ}} (الممتحنة: 01) . إِلَى قَوْله: {{ولاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}} (الممتحنة: 01) . قَالَ عُرْوَةُ فأخْبَرَتْنِي عائِشَةُ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيةَ {{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ}} (الممتحنة: 01) . إِلَى {{غَفُورٌ رَحيِمٌ}} (الممتحنة: 21) . قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ فَمَنْ أقَرَّ بِهاذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ بايَعْتُكَ كَلاَماً يُكَلِّمُها بِهِ وَالله مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ وَمَا بَايَعَهُنَّ إلاَّ بِقَوْلِهِ..مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل بن عَمْرو) إِلَى قَوْله: (وَجَاء الْمُؤْمِنَات) . وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّلَاق، ومروان هُوَ ابْن الحكم والمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة، لَهُ ولأبيه صُحْبَة.قَوْله: (يخبران عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَكَذَا قَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مُرْسل عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لم يحضرا الْقِصَّة، فعلى هَذَا فَالْحَدِيث من مُسْند من لم يسم من الصَّحَابَة، وَلم يصب من أخرجه من أَصْحَاب الْأَطْرَاف فِي مُسْند الْمسور أَو مَرْوَان، أما مَرْوَان، فَإِنَّهُ لَا يَصح لَهُ سَماع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا صُحْبَة لإنه خرج إِلَى الطَّائِف طفْلا لَا يعقل لما نفى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَاهُ الحكم، وَكَانَ مَعَ أَبِيه بِالطَّائِف حَتَّى اسْتخْلف عُثْمَان فردهما، وَقد روى حَدِيث الْحُدَيْبِيَة بِطُولِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأما الْمسور فصح سَمَاعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكنه إِنَّمَا قدم مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير بعد الْفَتْح، وَكَانَت هَذِه الْقِصَّة قبل ذَلِك بِسنتَيْنِ، وَلَا يُقَال: إِنَّه رِوَايَة عَن الْمَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول فَلَا قدح فِيهِ بِسَبَب عدم معرفَة أسمائهم. قَوْله: (لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو) ، قد ذكرنَا تَرْجَمته فِيمَا مضى عَن قريب، وَكَانَ أحد أَشْرَاف قُرَيْش وخطيبهم، أسر يَوْم بدر، فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (انْزعْ ثنيته فَلَا يقوم عَلَيْك خَطِيبًا) ، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (دَعه، فَعَسَى أَن يقوم مقَاما تحمده) . أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ رَقِيقا كثير الْبكاء عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن، فَمَاتَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاخْتلف النَّاس بِمَكَّة، وارتد كَثِيرُونَ، فَقَامَ سُهَيْل خَطِيبًا. وَسكن النَّاس ومنعهم من الِاخْتِلَاف، وَهَذَا هُوَ الْمقَام الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (يَوْمئِذٍ) أَي: يَوْم صلح الْحُدَيْبِيَة. قَوْله: (فامتعضوا مِنْهُ) ، بِعَين مُهْملَة وضاد مُعْجمَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ: شقّ عَلَيْهِم وَعظم، يُقَال: معض من شَيْء سَمعه وامتعض إِذا غضب وشق عَلَيْهِ، وَقَالَ القَاضِي: لَا أصل لهَذَا من كَلَام الْعَرَب، وَأَحْسبهُ: فكرهوا ذَلِك وامتعضوا مِنْهُ أَي: شقّ عَلَيْهِم. وَقَالَ ابْن قرقول: (امتعظوا) ، كَذَا للأصيلي والهمداني، وفسروه: كرهوه، وَهُوَ غير صَحِيح، وَفِي الْخط والهجاء وَإِنَّمَا يَصح لَو كَانَ امتعضوا بضاد غير مشالة، كَمَا عِنْد أبي ذَر هُنَا وعبدوس، بِمَعْنى: (كَرهُوا وانفوا) وَقد وَقع مُفَسرًا كَذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات فِي (الْأُم) وَعند الْقَابِسِيّ أَيْضا فِي (الْمَغَازِي) : (امَّعظوا) بتَشْديد الْمِيم وبالظاء الْمُعْجَمَة، وَكَذَا لعبدوس، وَعند بَعضهم: (اتغظوا) ، من الغيظ، وَعند بَعضهم عَن النَّسَفِيّ، واتغضوا، بغين
    مُعْجمَة وضاد مُعْجمَة غير مشالة، قَالَ: وكل هَذِه الرِّوَايَات إحالات وتغييرات، وَلَا وَجه لشَيْء من ذَلِك إلاَّ: امتعضوا، وَمعنى: انغضوا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: تفَرقُوا من الإنغاض، قَالَ الله تَعَالَى: {{فسينغضون إِلَيْك}} (الْإِسْرَاء: 15) . قَوْله: (مهاجرات) نصب على الْحَال من {{الْمُؤْمِنَات) . قَوْله: (أم كُلْثُوم) ، بِضَم الْكَاف وَسُكُون اللَّام وَضم الثَّاء الْمُثَلَّثَة بنت عقبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن أبي معيط، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره طاء مُهْملَة: أم حميد بن عبد الرَّحْمَن. قَوْله: (وَهِي عاتق) ، جملَة حَالية، والعاتق بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق: الْجَارِيَة الشَّابَّة أول مَا أدْركْت. قَوْله: (أَن يرجعها) ، بِفَتْح الْيَاء، وَرجع يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى. قَوْله: {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات}} وأولها قَوْله تَعَالَى: {{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن، الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهم مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار، لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ، وَلَا تمسكوا بعصم الكوفر، واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم وَالله عليم حَكِيم، وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا وَاتَّقوا الله الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ، يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فبايعهن واستغفر لَهُنَّ الله إِن الله غَفُور رَحِيم}} (الممتحنة: 01 21) . قَوْله: {{إذَا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات}} سماهن: مؤمنات لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بِكَلِمَة الشَّهَادَة، وَلم يظْهر مِنْهُنَّ مَا يُنَافِي ذَلِك. قَوْله: (مهاجرات) يَعْنِي: من دَار الْكفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام. قَوْله: {{فامتحنوهن}} أَي: فاختبروهن بِالْحلف وَالنَّظَر فِي الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: معنى امتحانهن أَن يستحلفن مَا خرجن من بغض زوج وَمَا خرجن عَن أَرض إِلَى أَرض، وَمَا خرجن التمَاس دنيا، وَمَا خرجن إلاَّ حبا لله وَرَسُوله. قَوْله: {{الله أعلم بإيمانهن}} أَي: أعلم مِنْكُم لأنكم تكسبون فِيهِ علما يطمئن مَعَه نفوسكم إِذا استحلفتموهن، وَعند الله حَقِيقَة الْعلم بِهِ {{فَإِن علمتموهن مؤمنات}} الْعلم الَّذِي تبلغه طاقتكم، وَهُوَ الظَّن الْغَالِب بِالْحلف وَظُهُور الأمارات. {{فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار}} وَلَا تردوهن مؤمنات} الْعلم الَّذِي تبلغه طاقتكم، وَهُوَ الظَّن الْغَالِب بِالْحلف وَظُهُور الأمارات {{فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار}} وَلَا تردوهن إِلَى أَزوَاجهنَّ الْمُشْركين {{لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ}} لِأَنَّهُ لَا حل بَين المؤمنة والمشرك. قَوْله: {{وَآتُوهُمْ}} أَي: أعْطوا أَزوَاجهنَّ الْكفَّار مَا أَنْفقُوا مثل مَا دفعُوا إلَيْهِنَّ من الْمهْر، سمي الظَّن الْغَالِب علما فِي قَوْله: {{فَإِن علمتموهن مؤمنات}} إِيذَانًا بِأَن الظَّن الْغَالِب وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد وَالْقِيَاس بشرائطها جَار مجْرى الْعلم، وَأَن صَاحبه غير دَاخل فِي قَوْله: {{وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم}} (الْإِسْرَاء: 63) . قَوْله: {{وَلَا جنَاح عَلَيْكُم}} يَعْنِي: {{أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ}} وَإِن كَانَ لَهُنَّ أَزوَاج كفار لِأَنَّهُ فرق بَينهمَا الْإِسْلَام إِذا استبرئت أرحامهن بِالْحيضِ، وَالْمرَاد من الأجور: مهورهن، لِأَن الْمهْر أجر الْبضْع. قَوْله: {{وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر}} العصم: جمع الْعِصْمَة، وَهِي مَا يعتصم بِهِ من عقد وَسبب، والكوافر جمع كَافِرَة، وَنهى الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ عَن الْمقَام على نِكَاح المشركات، وأمرهن بفراقهن، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يَقُول: لَا نَأْخُذ بِعقد الكوافر، فَمن كَانَت لَهُ امْرَأَة كَافِرَة بِمَكَّة فَلَا يتقيدن بهَا، فقد انْقَطَعت عصمتها مِنْهُ. قَالَ الزُّهْرِيّ: فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة طلق عمر بن الْخطاب امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ بِمَكَّة مشركتين: قريبَة بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، فَتَزَوجهَا بعده مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وهما على شركهما بِمَكَّة. وَالْأُخْرَى أم كُلْثُوم بنت عَمْرو الْخُزَاعِيَّة أم عبد الله بن عمر، فَتَزَوجهَا أَبُو جهم بن حذافة، رجل من قَومهَا وهما على شركهما. قَوْله: {{واسألوا مَا أنفقتم}} أَي: اسألوا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ {{الَّذين ذهبت أَزوَاجهم}} فلحقن بالمشركين مَا أنفقتم عَلَيْهِنَّ من الصَدَاق من تزوجهن مِنْهُم {{وليسألوا}} يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين لحقت أَزوَاجهم بكم مؤمنات إِذا تَزَوَّجن مِنْكُم من تزَوجهَا مِنْكُم مَا أَنْفقُوا أَي: أَزوَاجهنَّ الْمُشْركين من الْمهْر. قَوْله: {{ذَلِكُم}} إِشَارَة إِلَى جَمِيع مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة. قَوْله: {{حكم الله يحكم بَيْنكُم}} إِشَارَة إِلَى جَمِيع مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة. قَوْله: {{حكم الله يحكم بَيْنكُم}} كَلَام مُسْتَأْنف، وَقيل: حَال من حكم الله على حذف الضَّمِير، أَي: يحكم الله بَيْنكُم {{وَالله عليم حَكِيم}} . قَوْله: {{وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم}} أَي: وَإِن سبقكم وانفلت مِنْكُم من أزواجكم {{إِلَى الْكفَّار فعاقبتم}} يَعْنِي: فظفرتم وأصبتم من الْكفَّار عُقبى، وَهِي الْغَنِيمَة، وظفرتم وَكَانَت الْعَاقِبَة لكم {{فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم}} إِلَى الْكفَّار مِنْكُم {{مثل مَا أَنْفقُوا عَلَيْهِنَّ}} من الْغَنِيمَة الَّتِي صَارَت فِي أَيْدِيكُم من أَمْوَال الْكفَّار. وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: وَكَانَ جَمِيع من لحق بالمشركين من نسَاء الْمُؤمنِينَ الْمُهَاجِرين رَاجِعَة عَن الْإِسْلَام سِتّ نسْوَة: أم الْحَكِيم بنت أبي سُفْيَان، كَانَت تَحت عِيَاض بن شَدَّاد الفِهري.
    وَفَاطِمَة بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، أُخْت أم سَلمَة، كَانَت تَحت عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلَمَّا أَرَادَ عمر أَن يُهَاجر أَبَت وارتدت. وَبرْوَع بنت عقبَة، كَانَت تَحت شماس بن عُثْمَان، وَعَبدَة بنت عبد الْعُزَّى، وَزوجهَا عَمْرو بن ود. وَهِنْد بنت أبي جهل بن هِشَام، وَكَانَت تَحت هِشَام بن الْعَاصِ. وكلثوم بنت جَرْوَل، كَانَت تَحت عمر بن الْخطاب، فَأَعْطَاهُمْ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُهُور نِسَائِهِم من الْغَنِيمَة. قَوْله: {{يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات ... (الممتحنة: 01) . الْآيَة، لما فتح رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفرغ من بيعَة الرِّجَال جَاءَت النِّسَاء يبايعنه. فَنزلت هَذِه الْآيَة. قَوْله: (يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ) يَعْنِي: لَا يَأْتِين بِولد لَيْسَ من أَزوَاجهنَّ، فينسبنه إِلَيْهِم، وَقيل {{بَين أَيْدِيهنَّ}} ألسنتهن {{وَبَين أرجلهن}} فروجهن، وَقيل: هُوَ توكيد. مثل {{مَا كسبت أَيْدِيكُم}} (الشورى: 03) . قَوْله: {{وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف}} قيل: هَذَا فِي النوح. وَقيل: (لَا يخلون بِغَيْر ذِي محرم) وَقيل: (فِي كل حق مَعْرُوف لله تَعَالَى) . قَوْله: (عُرْوَة فأخبرتني عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا) ، هُوَ مُتَّصِل بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور أَو لَا، قَوْله: (كلَاما) : هُوَ كَلَام عَائِشَة، وَقع حَالا. قَوْله: (وَالله مَا مست يَده) إِلَى آخِره، وَكَانَت عَائِشَة تَقول: كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النِّسَاء بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة وَمَا مس يَد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَد امْرَأَة قطّ، إلاَّ يَد امْرَأَة يملكهَا. وَعَن الشّعبِيّ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النِّسَاء وعَلى يَده ثوب قطري، وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا بَايع النِّسَاء دَعَا بقدح من مَاء، فَغمسَ يَده فِيهِ ثمَّ غمس أَيْدِيهنَّ فِيهِ.وَاخْتلف الْعلمَاء فِي صلح الْمُشْركين على أَن يرد إِلَيْهِم من جَاءَ مِنْهُم مُسلما، فَقَالَ قوم: لَا يجوز هَذَا، وَهُوَ مَنْسُوخ بقوله، عَلَيْهِ السَّلَام: أَنا بَرِيء من كل مُسلم أَقَامَ مَعَ مُشْرك فِي دَار الْحَرْب، وَقد أجمع الْمُسلمُونَ أَن هِجْرَة دَار الْحَرْب فَرِيضَة على الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَذَلِكَ الَّذِي بَقِي من فرض الْهِجْرَة، هَذَا قَول الْكُوفِيّين، وَقَول أَصْحَاب مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي: هَذَا الحكم فِي الرِّجَال غير مَنْسُوخ، وَلَيْسَ لأحد هَذَا العقد إلاَّ للخليفة أَو لرجل يَأْمُرهُ، فَمن عقد غير الْخَلِيفَة فَهُوَ مَرْدُود، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَقَول الشَّافِعِي، وَهَذَا الحكم فِي الرِّجَال غير مَنْسُوخ يدل أَن مذْهبه أَنه فِي النِّسَاء مَنْسُوخ.

    لا توجد بيانات