• 1495
  • قَالَ : ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " كَانَ ذُو المَجَازِ ، وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ ، حَتَّى نَزَلَتْ : {{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ }} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ "

    حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : قَالَ : ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : كَانَ ذُو المَجَازِ ، وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ ، حَتَّى نَزَلَتْ : {{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ }} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ

    لا توجد بيانات
    كَانَ ذُو المَجَازِ ، وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ ،
    حديث رقم: 1966 في صحيح البخاري كتاب البيوع باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} [الجمعة: 11]، وقوله: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: 29]
    حديث رقم: 2014 في صحيح البخاري كتاب البيوع باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتبايع بها الناس في الإسلام
    حديث رقم: 4270 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
    حديث رقم: 1506 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ
    حديث رقم: 1509 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ الْكَرِيِّ
    حديث رقم: 2820 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ أَفْعَالٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِبَاحَتِهِ لِلْمُحْرِمِ ، نَصَّتْ
    حديث رقم: 3968 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ ، رَمْيُ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ
    حديث رقم: 1600 في المستدرك على الصحيحين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ
    حديث رقم: 3050 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ التَّفْسِيرِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ
    حديث رقم: 1726 في المستدرك على الصحيحين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ
    حديث رقم: 11007 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 12803 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 3123 في سنن سعيد بن منصور كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
    حديث رقم: 3124 في سنن سعيد بن منصور كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
    حديث رقم: 8141 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ
    حديث رقم: 8142 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ
    حديث رقم: 1260 في معجم ابن الأعرابي بَابُ الْجِيمِ بَابُ الْجِيمِ
    حديث رقم: 3062 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1770] قَوْلُهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَن عِيسَى بن يُونُس عَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَوْلُهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنِ الْمَنِيعِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَن يحيى بن أبي زَائِدَة عَن بن جريج عَن عَمْرو عَن بن الزُّبَيْرِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ كَذَا فِي كِتَابِي وَعَلَيْهِ صَحَّ قُلْتُ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ كَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ فَإِنَّ حَدِيث بن الزبير عِنْد بن عُيَيْنَة وبن جُرَيْجٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْهُ وَهُوَ أخصرمن سِيَاق بن عَبَّاس وَقد رَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن بن عَبَّاسٍ ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن أَبِي زَائِدَةَ قَوْلُهُ كَانَ ذُو الْمَجَازِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِي آخِرِهِ زَايٌ وَهُوَ بِلَفْظٍ ضِدَّ الْحَقِيقَةِ وَعُكَاظٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَاف وَفِي آخِره ظاء مشاله زَاد بن عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرٍو كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَفِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَمَجِنَّةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ قَوْلُهُ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ مَكَانَ تِجَارَتِهِمْ وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا ذُو الْمَجَازِ فَذكر الفاكهي من طَرِيق بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ بِنَاحِيَةِ عَرَفَةَ إِلَى جَانِبِهَا وَعِنْدَ الْأَزْرَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ لِهُذَيْلٍ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ عَرَفَةَ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْكِرْمَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ بِمِنًى وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَبِيعُونَ وَلَا يَبْتَاعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَلَا مِنًى لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِمِ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَمَّا عُكَاظٌ فَعَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ نَخْلَةَ وَالطَّائِفِ إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ الْفُتُقُ بِضَمِّ الْفَاءُ وَالْمُثَنَّاةُ بعْدهَا قَاف وَعَن بن الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ وَرَاءَ قَرْنِ الْمَنَازِلِ بِمَرْحَلَةٍ عَلَى طَرِيقِ صَنْعَاءَ وَكَانَتْ لِقَيْسٍ وَثَقِيفٍ وَأَمَّا مجنة فَعَن بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ إِلَى جَبَلٍ يُقَال لَهُ الْأَصْغَر وَعَن بن الْكَلْبِيِّ كَانَتْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْهَا غَرْبِيَّ الْبَيْضَاءِ وَكَانَتْ لِكِنَانَةَ وَذَكَرَ مِنْ أَسْوَاقِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا حُبَاشَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةَ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ مُعْجَمَةٌ وَكَانَتْ فِي دِيَارِ بَارِقٍ نَحْوُ قَنُونَى بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِضَمِّ النُّون الْخَفِيفَة وَبعد الْألف نُونٌ مَقْصُورَةٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ السُّوقَ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُقَامُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ قَالَ الْفَاكِهِيُّ وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْأَسْوَاقُ قَائِمَةً فِي الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ كَانَ أَوَّلُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ عُكَاظٍ فِي زَمَنِ الْخَوَارِجِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَآخِرُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ حُبَاشَةَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى الْعَبَّاسِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنِ بن الْكَلْبِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيفٍ كَانَ إِنَّمَا يَحْضُرُ سُوقَ بَلَدِهِ إِلَّا سُوقَ عُكَاظٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَافَوْنَ بِهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَكَانَتْ أَعْظَمَ تِلْكَ الْأَسْوَاقِ وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى مِنْهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ وَقَدْ مَضَى فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُقَامُ صُبْحَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ عِشْرُونَ يَوْمًا قَالَ ثُمَّ يُقَامُ سُوقُ مَجِنَّةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ إِلَى هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ يَقُومُ سُوقُ ذِي الْمَجَازِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مِنًى لِلْحَجِّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ بِمَجِنَّةَ وَعُكَاظٍ يُبَلِّغُ رِسَالَاتِ رَبِّهِ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ كَأَنَّهُمْ أَيِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ كَرِهُوا ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا أَيْ خَشُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ لِلِاشْتِغَالِ فِي أَيَّامِ النُّسُكِ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن بن عَبَّاسٍ إِنَّ النَّاسَ فِي أَوَّلِ الْحَجِّ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَمَوَاسِمِ الْحَجِّ فَخَافُوا الْبَيْعَ وَهُمْ حُرُمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَا جنَاح عَلَيْكُم أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَالَ فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْر أَنه كَانَ يَقْرَأها فِي الْمُصْحَفِ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ بِمِنًى فَأُمِرُوا بِالتِّجَارَةِ إِذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ كَانُوا يَمْنَعُونَ الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ يَقُولُونَ إِنَّهَا أَيَّامُ ذِكْرٍ فَنَزَلَتْ وَلَهُ من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُدْخِلُوا فِي حَجِّهِمُ التِّجَارَةمن سِيَاق بن عَبَّاس وَقد رَوَاهُ بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن بن عَبَّاسٍ ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن أَبِي زَائِدَةَ قَوْلُهُ كَانَ ذُو الْمَجَازِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِي آخِرِهِ زَايٌ وَهُوَ بِلَفْظٍ ضِدَّ الْحَقِيقَةِ وَعُكَاظٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَاف وَفِي آخِره ظاء مشاله زَاد بن عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرٍو كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَفِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَمَجِنَّةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ قَوْلُهُ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ مَكَانَ تِجَارَتِهِمْ وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا ذُو الْمَجَازِ فَذكر الفاكهي من طَرِيق بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ بِنَاحِيَةِ عَرَفَةَ إِلَى جَانِبِهَا وَعِنْدَ الْأَزْرَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ لِهُذَيْلٍ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ عَرَفَةَ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْكِرْمَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ بِمِنًى وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَبِيعُونَ وَلَا يَبْتَاعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَلَا مِنًى لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِمِ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَمَّا عُكَاظٌ فَعَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ نَخْلَةَ وَالطَّائِفِ إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ الْفُتُقُ بِضَمِّ الْفَاءُ وَالْمُثَنَّاةُ بعْدهَا قَاف وَعَن بن الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ وَرَاءَ قَرْنِ الْمَنَازِلِ بِمَرْحَلَةٍ عَلَى طَرِيقِ صَنْعَاءَ وَكَانَتْ لِقَيْسٍ وَثَقِيفٍ وَأَمَّا مجنة فَعَن بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ إِلَى جَبَلٍ يُقَال لَهُ الْأَصْغَر وَعَن بن الْكَلْبِيِّ كَانَتْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْهَا غَرْبِيَّ الْبَيْضَاءِ وَكَانَتْ لِكِنَانَةَ وَذَكَرَ مِنْ أَسْوَاقِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا حُبَاشَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةَ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ مُعْجَمَةٌ وَكَانَتْ فِي دِيَارِ بَارِقٍ نَحْوُ قَنُونَى بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِضَمِّ النُّون الْخَفِيفَة وَبعد الْألف نُونٌ مَقْصُورَةٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ السُّوقَ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُقَامُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ قَالَ الْفَاكِهِيُّ وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْأَسْوَاقُ قَائِمَةً فِي الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ كَانَ أَوَّلُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ عُكَاظٍ فِي زَمَنِ الْخَوَارِجِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَآخِرُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ حُبَاشَةَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى الْعَبَّاسِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنِ بن الْكَلْبِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيفٍ كَانَ إِنَّمَا يَحْضُرُ سُوقَ بَلَدِهِ إِلَّا سُوقَ عُكَاظٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَافَوْنَ بِهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَكَانَتْ أَعْظَمَ تِلْكَ الْأَسْوَاقِ وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى مِنْهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ وَقَدْ مَضَى فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُقَامُ صُبْحَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ عِشْرُونَ يَوْمًا قَالَ ثُمَّ يُقَامُ سُوقُ مَجِنَّةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ إِلَى هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ يَقُومُ سُوقُ ذِي الْمَجَازِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مِنًى لِلْحَجِّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ بِمَجِنَّةَ وَعُكَاظٍ يُبَلِّغُ رِسَالَاتِ رَبِّهِ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ كَأَنَّهُمْ أَيِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ كَرِهُوا ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا أَيْ خَشُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ لِلِاشْتِغَالِ فِي أَيَّامِ النُّسُكِ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن بن عَبَّاسٍ إِنَّ النَّاسَ فِي أَوَّلِ الْحَجِّ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَمَوَاسِمِ الْحَجِّ فَخَافُوا الْبَيْعَ وَهُمْ حُرُمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَا جنَاح عَلَيْكُم أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَالَ فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْر أَنه كَانَ يَقْرَأها فِي الْمُصْحَفِ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ من طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ بِمِنًى فَأُمِرُوا بِالتِّجَارَةِ إِذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ كَانُوا يَمْنَعُونَ الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ يَقُولُونَ إِنَّهَا أَيَّامُ ذِكْرٍ فَنَزَلَتْ وَلَهُ من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُدْخِلُوا فِي حَجِّهِمُ التِّجَارَةالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلمالثَّانِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا اشْتَرَتْهَا وَشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا خَدَعَتِ الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ أَنْكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ يَحْيَى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللَّفْظَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ.
    وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا فقال بعضهم بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُمُ اللَّعْنَةُ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها أَيْ فَعَلَيْهَا وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ يُنْكِرْهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَقِيلَ مَعْنَى اشْتَرِطِي لهم الولاء أظهرى لهم حكم الولاء وقيل المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان بين لَهُمْ حُكْمَ الْوَلَاءِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يحل فلما ألحول فِي اشْتِرَاطِهِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ قَالَ لِعَائِشَةَ هَذَا بمعنى لا تبالى سواء شركته أَمْ لَا فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ لَهُمْ فَعَلَى هَذَا بمعنى لَا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي هُنَا لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ وَاحْتَمَلَ هَذَا الْإِذْنَ وَإِبْطَالَهُ فِي هذه القصة الخاصة وهي قصية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا قَالُوا وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مِثْلِهِ كَمَا أَذِنَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ بِهِ وَأَمَّا الْعَتِيقُ فَلَا يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ.
    وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ يَرِثُهُ كَعَكْسِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِمَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ وَلَا لِمُلْتَقِطٍ وَلَا لِمَنْ حَالَفَ انسانا علىالْمُنَاصَرَةِ وَبِهَذَا كُلِّهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
    وَقَالَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ فَوَلَاؤُهُ لَهُ.
    وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَثْبُتُ لِلْمُلْتَقِطِ الْوَلَاءُ عَلَى اللَّقِيطِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِالْحِلْفِ وَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً أَيْ على أن لا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَاغِيًا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَهَا وَعُتِقَتْ بِمَوْتِهِ فَفِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ وَإِنْ كَانَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي الْحَالِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا إِذَا عُتِقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
    وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا قَالَ الْحُفَّاظُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا إِخْبَارُهَا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا وَهِيَ صَاحِبَةُ الْقَضِيَّةِ وَالثَّانِي قَوْلُهَا لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَقُولُهُ إِلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ وَلَا طَرِيقَ إِلَى فَسْخِهِ إِلَّا بِالشَّرْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ فَبَقِيَ الْحُرُّ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا عَارَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي الْمُقَامِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَامَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَأَثْبَتَ لَهَا الشَّرْعُ الْخِيَارَ فِي الْعَبْدِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالُوا وَلِأَنَّ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ تدور على عائشة وبن عباس فأما بن عَبَّاسٍ فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا وَأَمَّا عَائِشَةُ فَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا فَوَجَبَ تَرْجِيحُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الموضع الخامس قولهأَدَّى الثُّلُثَ وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ التَّاسِعَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ عَلَى نُجُومٍ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ هَذِهِ إِنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ إِنَّ أَهْلَهَا كَاتَبُوهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ كُلَّ سنة وقية وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا.
    وَقَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ تَجُوزُ عَلَى نُجُومٍ وَتَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ الْعَاشِرَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ اذا عتقت تحت عبد الحادية عشر تصحيح الشروط التي دلت عليه أصول الشرع وابطال ما سواها الثانية عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر جواز الصدقة على موالى قريش الثالثة عشر جواز قبول هدية الفقير والمعتق الرابعة عشر تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ كَانَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفَرْضِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ الخامسة عشر أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّ عَائِشَةَ قُرَشِيَّةٌ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ اللَّحْمَ مِنْ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّ له حكم الصدقة وإنما حَلَالٌ لَهَا دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا الاعتقاد السادسة عشر جَوَازُ سُؤَالِ الرَّجُلِ عَمَّا يَرَاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي قَوْلِهِا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ عَهِدَهُ وَفَاتَ فَلَا يَسْأَلُ أَيْنَ ذَهَبَ وَأَمَّا هُنَا فَكَانَتِ الْبُرْمَةُ وَاللَّحْمُ فِيهَا مَوْجُودَيْنِ حَاضِرَيْنِ فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فِيهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ إِحْضَارَهُ لَهُ شُحًّا عَلَيْهِ بِهِ بَلْ لِتَوَهُّمِهِمْ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ فَأَرَادَ بَيَانَ ذَلِكَ لَهُمْ السابعة عشر جواز السجع اذ لَمْ يُتَكَلَّفْ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ ونحوه مما فيه تكلف الثامنة عشر اعانة المكاتب في كتابته التاسعة عشر جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِالشِّرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً الْعِشْرُونَ أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
    وَقَالَ سَعِيدُ بن المسيب هو طلاق وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَرُدُّ الْمَذْهَبَيْنِ لِأَنَّهَا خُيِّرَتْ فِي بَقَائِهَا مَعَهُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ اكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ بِالسُّؤَالِ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَعْظَمِهِمَا وَاحْتِمَالِ مَفْسَدَةٍ يَسِيرَةٍ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي تَأْوِيلِ شَرْطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الْحَاكِمِ إِلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجَوَازُالشَّفَاعَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا الْفَسْخُ بِعِتْقِهَا وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهَا لِأَنَّهُ كَانَ يَبْكِي عَلَى بَرِيرَةَ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ جَوَازُ خِدْمَةِ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ بِرِضَاهُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَ وُقُوعِ بِدْعَةٍ أَوْ أَمْرٍ يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِهِ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُبَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ ذَلِكَ وَيُنْكِرَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَجَمِيلِ الْمَوْعِظَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أقوالم يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يُوَاجِهْ صَاحِبَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَضِيحَةٍ وَشَنَاعَةٍ عَلَيْهِ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّ الْخُطَبَ تَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَقُولَ بعد الحمد اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا فِي خُطَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ الثَّلَاثُونَ التَّغْلِيظُ فِي إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْبِيحِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ قوله تعالى فإخوانكم في الدين ومواليكم وقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه الْآيَةُ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قوله (قالوا ان شاءت ان تَحْتَسِبُ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ) مَعْنَاهُ إِنْ أَرَادَتِ الثَّوَابَ عند الله وأن لا يَكُونَ لَهَا وَلَاءٌ فَلْتَفْعَلْ قَوْلُهَا (فِي كُلِّ عامأُوقِيَّةٌ) وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ وُقِيَّةٌ وَفِي بَعْضِهَا أُوقِيَّةٌ بِالْأَلِفِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَوُقِيَّةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بِاتِّفَاقِ النُّسَخِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُمَا لُغَتَانِ إِثْبَاتُ الْأَلِفِ أَفْصَحُ وَالْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَوْلُهَا (فَانْتَهَرَتْهَا فَقَالَتْ لاها الله ذلك) وفي بعض النسخ لا هاء اللَّهِ إِذَا هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَفِي رِوَايَاتِ الْمُحَدِّثِينَ لَاهَاءَ اللَّهِ إِذَا بِمَدِّ قَوْلِهِ هَاءَ وَبِالْأَلِفِ فِي إِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ هَذَانِ لَحْنَانِ وَصَوَابُهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِالْقَصْرِ فِي هَا وَحَذْفِ الْأَلِفِ من اذا قالوا وما سواه خطأ قالوا وَمَعْنَاهُ ذَا يَمِينِي وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصَّوَابَ لَاهَا اللَّهِ ذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ.
    وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي هَا وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي إِذَا وَيَقُولُونَ صَوَابُهُ ذَا قَالُوا وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جاء في القسم لا هاء اللَّهِ قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ فَأَدْخَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ هَا وَذَا وَاسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مُغِيثٌ بِضَمِّ الْمِيمِ والله أعلم(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى النُّزُولِ بِذِي طُوًى وَالْمَبِيتِ بِهَا إِلَى الصُّبْحِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ وَالْمَقْصُودُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَبِيتِ بِهَا أَيْضًا لِلرَّاجِعِ مِنْ مَكَّةَ وَغَفَلَ الدَّاوُدِيُّ فَظَنَّ أَنَّ هَذَا الْمَبِيتَ مُتَّحِدٌ بِالْمَبِيتِ بِالْمُحَصَّبِ فَجَعَلَ ذَا طُوًى هُوَ الْمُحَصَّبَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَإِنَّمَا يَقَعُ الْمَبِيتُ بِالْمُحَصَّبِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى فَيُصْبِحُ سَائِرًا إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى ذِي طُوًى فَيَنْزِلَ بِهَا وَيَبِيتَ فَهَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ

    باب التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَالْبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ(باب) جواز (التجارة أيام الموسم) بفتح الميم وسكون الواو وكسر السين المهملة. قال في القاموس: موسم الحج مجتمعه (و) جواز (البيع في أسواق الجاهلية) وهي أربعة: عكاظ وذو الجاز ومجنة بفتح الميم والجيم والنون المشددة على أميال يسيرة من مكة بناحية مرّ الظهران، ويقال هي على بريد من مكة وهي لكنانة. وحباشة بضم المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف شين معجمة وكانت بأرض بارق من مكة إلى جهة اليمن على ست مراحل ولا ذكر للأخيرين في هذا الحديث. نعم أخرج أحمد عن جابر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لبث ثلاث عشرة سنة يتبع الناس في منازلهم في الموسم بمجنة وإنما لم يذكر سوق حباشة في الحديث لأنه لم يكن في مواسم الحج وإنما كان يقام في شهر رجب.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1690 ... ورقمه عند البغا: 1770 ]
    - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ [البقرة: 198]: {{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ". [الحديث 1770 - أطرافه في: 2050، 2098، 4519].وبالسند قال: (حدّثنا عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتية وفتح المثلثة المؤذن البصري قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك المكي (قال عمرو بن دينار): بفتح العين (قال ابن عباس -رضي الله عنهما-) وفي رواية إسحاق بن راهويه في مسنده عن عيسى بن يونس عن ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار عن ابن عباس (كان ذو المجاز) بفتح الميم والجيم المخففة وبعد الألف زاي وكانت بناحية عرفة إلى جانبها، وعند ابن الكلبي مما ذكره الأزرقي أنه كان لهذيل على فرسخ من عرفة. وقول البرماوي كالكرماني موضع بمنى كان له سوق في الجاهلية رده الحافظ ابن حجر بمارواه الطبري عن مجاهد أنهم كانوا لا يبيعون ولا يبتاعون بعرفة ولا منى، لكن روى الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس أن الناس في أول الحج كانوا يبتاعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج فخافوا البيع وهم حرم فأنزل الله تعالى: ({{فليس عليكم جناح}}) اهـ.(وعكاظ) بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وبعد الألف ظاء معجمة كغراب. قال الرشاطي: هي صحراء مستوية لا علم فيها ولا جبل إلا ما كان من الأنصاب التي كانت بها في الجاهلية، وعن ابن إسحاق أنها فيما بين نخلة والطائف إلى بلد يقال له الفتق بضم الفاء والفوقية بعدها قاف، وعن ابن الكلبي أنها كانت وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء وكانت لقيس وثقيف (متجر الناس) بفتح الميم والجيم بينهما مثناة فوقية أي مكان تجارتهم (في الجاهلية) وفي رواية ابن عيينة: أسواقًا في الجاهلية (فلما جاء الإسلام كأنهم) أي المسلمين (كرهوا ذلك).قال في المصابيح: فإن قلت: أتى جواب لما هنا جملة اسمية وإنما أجازوه إذا كانت مصدرة بإذا الفجائية، وزاد ابن مالك جواز وقوعها جوابًا إذا تصدرت بالفاء نحو: {{فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد}} [لقمان: 32] والفرض أن ليس هنا إذا ولا الفاء وأجاب بأن الجواب محذوف لدلالة الجملة
    الواقعة بعده عليه أي: فلما جاء الإسلام تركوا التجارة فيها كأنهم كرهوا ذلك اهـ.وقال الزمخشري: وكان ناس من العرب يتأثمون أن يتجروا أيام الحج وإذا دخل العشر كفوا عن البيع والشراء فلم يقم لهم سوق ويسمون من يخرج بالتجارة الداج ويقولون هؤلاء الداج وليسوا بالحاج.وفي رواية ابن عيينة كأنهم تأثموا أي خافوا الوقوع في الإثم للاشتغال في أيام النسك بغير العبادة (حتى نزلت) آية ({{ليس عليكم جناح أن تبتغوا}}) في ({{أن تبتغوا}}) أي تطلبوا ({{فضلاً من ربكم}}) [البقرة: 198] عطاء ورزقًا منه يريد الربح بالتجارة زاد أبي في قراءته (في مواسم الحج) الجار متعلق بجناح والمعنى أن الجناح منتف ويبعد تعلقه بليس لأنه لم يرد أن ينفي الجناح مطلقًا ويجعل انتفاء التجارة ظرفًا للنفي فيبعد لهذا أن يكون متعلقًا به، وقد كان أهل الجاهلية يصبحون بعكاظ يوم هلال ذي القعدة ثم يذهبون منه إلى مجنة بعد مضي عشرين يومًا من ذي القعدة فإذا رأوا هلال ذي الحجة ذهبوا من مجنة إلى ذي المجاز فلبثوا به ثمان ليال ثم يذهبون إلى عوفة ولم تزل هذه الأسواق قائمة في الإسلام إلى أن كان أوّل ما ترك منها سوق عكاظ في زمن الخوارج سنة تسع وعشرين ومائة لما خرج الحروري بمكة مع أبي حمزة المختار بن عوف خاف الناس أن ينتهبوا وخابوا الفتنة فتركت إلى الآن، ثم ترك مجنة وذو المجاز بعد ذلك واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعوفة وآخر ما ترك سوق حباشة في زمن داود بن عيسى بن موسى العباسي في سنة سبع وتسعين ومائة.

    (بابُُ التِّجَارَةِ أيَّامَ الْمَوْسِمِ والْبَيْعِ فِي أسْوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز التِّجَارَة فِي أَيَّام الْمَوْسِم، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَكسر السِّين، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: سمي موسم الْحَج موسما لِأَنَّهُ معلم يجْتَمع إِلَيْهِ النَّاس، وَهُوَ مُشْتَقّ من السِّمة، وَهِي الْعَلامَة. قَوْله: (وَالْبيع) ، بِالْجَرِّ عطف على التِّجَارَة أَي: وَفِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة البيع أَيْضا فِي أسواق الْجَاهِلِيَّة، وأسواق الْجَاهِلِيَّة أَرْبَعَة، وَهِي: عكاظ، وَذُو الْمجَاز، ومجنة وحباشة.وَأما عكاظ فَهُوَ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْكَاف وَبعد الْألف ظاء مُعْجمَة، قَالَ الرشاطي: هِيَ صحراء مستوية لَا علم فِيهَا وَلَا جبل، إلاَّ مَا كَانَ من الأنصاب الَّتِي كَانَت بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَبهَا من دِمَاء الْبدن كالأرحاء الْعِظَام، وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: عكاظ بِأَعْلَى نجد، قريب من عَرَفَات، وَقَالَ غَيره: عكاظ وَرَاء قرن الْمنَازل بمرحلة من طَرِيق صنعاء، وَهِي من عمل الطَّائِف، وعَلى بريد مِنْهَا وأرضها لبني نصر، واتخذت سوقا بعد الْفِيل بِخمْس عشرَة سنة، وَتركت عَام خرجت الحرورية بِمَكَّة مَعَ الْمُخْتَار بن عَوْف سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة إِلَى هَلُمَّ جرا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عكاظ فِيمَا بَين نَخْلَة والطائف إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ: الفتق، بِضَم الْفَاء وَالتَّاء الْمُثَنَّاة وبالقاف، وَبِه أَمْوَال ونخل لثقيف، بَينه وَبَين الطَّائِف عشرَة أَمْيَال، فَكَانَ سوق عكاظ يقوم صبح هِلَال ذِي الْقعدَة عشْرين يَوْمًا. وعكاظ مُشْتَقّ من قَوْلك: عكظت الرجل عكظا إِذا قهرته بحجتك، لأَنهم كَانُوا يتفاخرون هُنَاكَ بالفخر وَكَانَت بعكاظ وقائع مرّة بعد مرّة، وبعكاظ رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قس بن سَاعِدَة، وَحفظ كَلَامه وَكَانَ يتَّصل بعكاظ بلد تسمى: ركبة، بهَا عين تسمى: عين خليص، وَكَانَ ينزلها من الصَّحَابَة: قدامَة بن عمار الْكلابِي، ولقيط بن ضَمرَة الْعقيلِيّ، وَمَالك بن نَضْلَة الحبشي.وَأما ذُو الْمجَاز: فقد ذكر ابْن إِسْحَاق: أَنَّهَا كَانَت بِنَاحِيَة عَرَفَة إِلَى جَانبهَا، وَعَن ابْن الْكَلْبِيّ أَنه كَانَ لهذيل على فَرسَخ من عَرَفَة، وَقَالَ الرشاطي: كَانَ ذُو الْمجَاز سوقا من أسواق الْعَرَب، وَهُوَ عَن يَمِين الْموقف بِعَرَفَة قَرِيبا من كبكب، وَهُوَ سوق مَتْرُوك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ذُو الْمجَاز بِلَفْظ ضد الْحَقِيقَة مَوضِع بمنى كَانَ بِهِ سوق فِي الْجَاهِلِيَّة، وَهَذَا غير صَحِيح، لِأَن الطَّبَرِيّ روى
    عَن مُجَاهِد أَنهم كَانُوا لَا يبيعون وَلَا يبتاعون فِي الْجَاهِلِيَّة بِعَرَفَة وَلَا منى.وَأما مجنة، فَهِيَ: بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَتَشْديد النُّون، وَهِي على أَمْيَال: مسيرَة من مَكَّة بِنَاحِيَة مر الظهْرَان، وَيُقَال: هِيَ على بريد من مَكَّة، وَهِي لكنانة وبأرضها، وشامة وطفيل جبلان مشرفان عَلَيْهَا، سميت بهَا لبساتين تتصل بهَا، وَهِي الْجنان، وَيحْتَمل أَن يكون من مجن يمجن، سميت بذلك لِأَن ضربا من المجون كَانَ بهَا.وَأما حُبَاشَة: فَهِيَ بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف شين مُعْجمَة، وَكَانَت بِأَرْض بارق نَحْو قنونا، بِفَتْح الْقَاف وَضم النُّون المخففة وَبعد الْوَاو الساكنة نون أُخْرَى، مَقْصُورَة من مَكَّة إِلَى جِهَة الْيمن على سِتّ مراحل، وَلم يذكر هَذَا فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ لم يكن من مواسم الْحَج، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَام فِي شهر رَجَب. وَقَالَ الرشاطي: هِيَ أكبر أسواق تهَامَة. كَانَ يقوم ثَمَانِيَة أَيَّام فِي السّنة. قَالَ حَكِيم بن حزَام، وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحضرها واشتريت مِنْهُ فِيهَا بزا من بز تهَامَة، وَقَالَ الفاكهي: وَلم تزل هَذِه الْأَسْوَاق قَائِمَة فِي الْإِسْلَام إِلَى أَن كَانَ أول من ترك مِنْهَا سوق عكاظ فِي زمن الْخَوَارِج سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة، وَآخر مَا ترك مِنْهَا سوق حُبَاشَة فِي زمن دَاوُد بن عِيسَى بن مُوسَى العباسي فِي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة، وروى الزبير بن بكار فِي (كتاب النّسَب) من طَرِيق حَكِيم بن حزَام أَنَّهَا، أَي: سوق عكاظ، كَانَت تُقَام صبح هِلَال ذِي الْقعدَة إِلَى أَن يمْضِي عشرُون يَوْمًا، قَالَ: ثمَّ يقوم سوق مجنة عشرَة أَيَّام إِلَى هِلَال ذِي الْحجَّة، ثمَّ يقوم سوق ذُو الْمجَاز ثَمَانِيَة أَيَّام ثمَّ يتوجهون إِلَى منى لِلْحَجِّ، وَفِي حَدِيث أبي الزبير (عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبث عشر سِنِين يتبع النَّاس فِي مَنَازِلهمْ فِي الْمَوْسِم بمجنة وعكاظ يبلغ رسالات ربه) الحَدِيث. أخرجه أَحْمد وَغَيره.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1690 ... ورقمه عند البغا:1770 ]
    - حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا كانَ ذُو المَجَازِ وعُكاظٌ مَتْجَرَ الناسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا جاءَ الإسْلاَمُ كأنَّهُمْ كَرِهُوا ذالِكَ حَتَّى نَزَلَتْ {{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنُ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ. (الْبَقَرَة: 891) ..مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: أَبُو عَمْرو الْمُؤَذّن الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ. وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز الْمَكِّيّ.والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَعلي بن عبد الله، وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان عَنهُ بِهِ.قَوْله: (متجر النَّاس) ، بِفَتْح الْمِيم أَي: مَكَان تِجَارَتهمْ، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: أسواقا فِي الْجَاهِلِيَّة. قَوْله: (كَأَنَّهُمْ) أَي: كَانَ الْمُسلمين. قَوْله: (كَرهُوا ذَلِك) ، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: (فكأنهم تأثموا) . أَي: خشبوا الْوُقُوع فِي الْإِثْم للاشتغال فِي أَيَّام النّسك بِغَيْر الْعِبَادَة. قَوْله: (حَتَّى نزلت {{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح}} ) (الْبَقَرَة: 891) . وروى أَبُو دَاوُد وَغَيره من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالُوا: كَانُوا يَتَّقُونَ الْبيُوع وَالتِّجَارَة فِي الْمَوْسِم وَالْحج، يَقُولُونَ: أَيَّام ذكر، فَأنْزل الله تَعَالَى: {{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم}} (الْبَقَرَة: 891) . وَقَالَ ابْن جرير: حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا هَيْثَم أخبرنَا حجاج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: {{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم}} (الْبَقَرَة: 891) . فِي مواسم الْحَج، وَقَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة: لَا حرج عَلَيْكُم فِي الشِّرَاء وَالْبيع قبل الْإِحْرَام وَبعده، وَهَكَذَا روى الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: (فِي مواسم الْحَج) هَذِه قِرَاءَة ابْن عَبَّاس، قَالَ وَكِيع: حَدثنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْحَضْرَمِيّ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم}} (الْبَقَرَة: 891) . فِي مواسم الْحَج وَرَوَاهُ عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن الْفضل عَن حَمَّاد بن زيد عَن عبد الله ابْن أبي زيد: سَمِعت ابْن الزبير يقْرَأ، فَذكر مثله سَوَاء، وَهَكَذَا فَسرهَا مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالربيع بن أنس وَغَيرهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (فِي مواسم الْحَج) كَلَام الرَّاوِي ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة، وَقَالَ بَعضهم: فَاتَهُ مَا زَاده المُصَنّف فِي آخر حَدِيث ابْن عُيَيْنَة فِي الْبيُوع. قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَرَوَاهُ ابْن أبي عمر فِي (مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة. وَقَالَ فِي آخِره: وَكَذَلِكَ كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا. انْتهى. قلت: نعم، ذهل الْكرْمَانِي عَن هَذَا، وَلَكِن قَوْله ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة لَهُ وَجه، لِأَن مُجَاهدًا وَمن ذَكَرْنَاهُمْ مَعَه فسروها هَكَذَا فجعلوها تَفْسِيرا وَلم يجعلوها قِرَاءَة، وَمَعَ هَذَا على تَقْدِير كَونهَا قِرَاءَة فَهِيَ من الْقِرَاءَة الشاذة وَحكمهَا عِنْد الْأَئِمَّة حكم التَّفْسِير. وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا أَسْبَاط
    أخبرنَا الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي (عَن أبي أُمَامَة التَّيْمِيّ، قَالَ: قلت لِابْنِ عمر: إِنَّا نكرِي، فَهَل لنا من حج؟ قَالَ أَلَيْسَ تطوفون بِالْبَيْتِ فَتَأْتُونَ الْمُعَرّف وترمون الْجمار وتحلقون رؤوسكم؟ . قَالَ: قُلْنَا: بلَى. فَقَالَ ابْن عمر: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الَّذِي سَأَلتنِي عَنهُ فَلم يجبهُ حَتَّى نزل جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِهَذِهِ الْآيَة: {{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم}} (الْبَقَرَة: الْآيَة: 891) . فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَنْتُم حجاج) .

    حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ‏.‏

    Narrated Ibn ' `Abbas:Dhul-Majaz and `Ukaz were the markets of the people during the Pre-Islamic period of ignorance. When the people embraced Islam, they disliked to do bargaining there till the following Holy Verses were revealed:-- There is no harm for you If you seek of the bounty Of your Lord (during Hajj by trading, etc)

    Telah menceritakan kepada kami ['Utsman bin Al Haitsam] telah mengabarkan kepada kami [Ibnu Juraij] telah berkata, ['Amru bin Dinar] berkata, [Ibnu 'Abbas radliallahu 'anhuma]: "Dzul Majaz dan Ukazh adalah tempat berdagang orang-orang pada masa jahiliyah. Ketika Islam datang seakan-akan mereka membenci tempat itu, hingga turunlah QS AL Baqarah ayat 195 yang artinya: ("Tidak ada dosa bagi kalian jika kalian mencari karunia(rezeqi hasil perniagaan) dari Rabb kalian"), yaitu pada musim haji

    İbn Abbas r.a. şöyle dedi; Zül mecaz ve Ukaz, cahiliye döneminde insanların ticaret yaptığı pazarlardı. İslam dininin gelmesinden sonra Müslümanlar bu pazarlarda alışveriş yapmayı çirkin bir iş olarak gördüler. Bu­nun üzerine şu ayet indirildi: "(Hac günlerinde) Rabbinizden bir lütuf aramanızda sizin için bir günah söz konusu değildir". Bakara 198 Tekrar:

    ہم سے عثمان بن ہیثم نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم کو ابن جریج نے خبر دی، ان سے عمرو بن دینار نے بیان کیا اور ان سے عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہ ذوالمجاز اور عکاظ عہد جاہلیت کے بازار تھے جب اسلام آیا تو گویا لوگوں نے ( جاہلیت کے ان بازاروں میں ) خرید و فروخت کو برا خیال کیا اس پر ( سورۃ البقرہ کی ) یہ آیت نازل ہوئی ”تمہارے لیے کوئی حرج نہیں اگر تم اپنے رب کے فضل کی تلاش کرو، یہ حج کے زمانہ کے لیے تھا۔

    ইবনু ‘আব্বাস (রাঃ) হতে বর্ণিত, তিনি বলেন, জাহিলী যুগে যুল-মাজায ও ‘উকায লোকেদের ব্যবসা কেন্দ্র ছিল। ইসলাম আসার পর মুসলিমগণ যেন তা অপছন্দ করতে লাগল, অবশেষে এ আয়াত নাযিল হলঃ ‘হাজ্জের মৌসুমে তোমাদের প্রতিপালকের অনুগ্রহ সন্ধান করাতে তোমাদের কোন পাপ নেই’- (আল-বাকারাঃ ১৯৮)। (২০৫০, ২০৯৮, ৪৫১৯) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৬৪৫. ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: துல்மஜாஸ், உ(க்)காழ் ஆகியவை அறியாமைக் கால வணிகத் தலங்களாக இருந்தன. இஸ்லாம் வந்ததும் மக்கள் அவ்வணிகத் தலங்களை வெறுக்கலா னார்கள். இறுதியில், “(ஹஜ்ஜின்போது) உங்கள் இறைவனுடைய அருளைத் தேடுவது உங்கள்மீது குற்றமாகாது” (2:198) எனும் இறைவசனம் அருளப்பெற்றது. இது ஹஜ்ஜுக் காலங்களில் வியாபாரம் செய்வதைக் குறிக்கின்றது. அத்தியாயம் :