• 2885
  • عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ " ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : " يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ " قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : " يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ " قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : " فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ "

    حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ

    الملهوف: الملهوف : المكروب والمُضْطَرُّ المستغيث المُتَحَسِّر
    عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ
    حديث رقم: 5699 في صحيح البخاري كتاب الأدب باب: كل معروف صدقة
    حديث رقم: 1738 في صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ بَابُ بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ
    حديث رقم: 2521 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الزكاة صدقة العبد
    حديث رقم: 19119 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْكُوفِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
    حديث رقم: 19264 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْكُوفِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
    حديث رقم: 2290 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الزَّكَاةِ صَدَقَةُ الْعَبْدِ
    حديث رقم: 26105 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْأَدَبِ فِي نَفَقَةِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ
    حديث رقم: 743 في سنن الدارمي وَمِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ بَابُ : عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ
    حديث رقم: 7367 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ وُجُوهِ الصَّدَقَةِ ، وَمَا عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ
    حديث رقم: 18819 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ وَسَائِرَ أَعْمَالِ الْوُلَاةِ مِمَّا
    حديث رقم: 491 في مسند الطيالسي أَحَادِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ
    حديث رقم: 489 في مسند الروياني مسند الروياني مُسْنَدُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
    حديث رقم: 459 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي شُعْبَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ
    حديث رقم: 563 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد تَتِمَّةُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى
    حديث رقم: 315 في البر والصلة للحسين بن حرب البر والصلة للحسين بن حرب بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْأَهْلِ
    حديث رقم: 107 في مكارم الأخلاق للخرائطي مكارم الأخلاق للخرائطي بَابُ مَا جَاءَ فِي اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْفَضْلِ
    حديث رقم: 227 في الأدب المفرد للبخاري بَابُ إِنَّ كُلَّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ
    حديث رقم: 315 في الأدب المفرد للبخاري

    [1445] قَوْلُهُ سعيد بن أبي بردة أَي بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ الْمُتَأَكِّدِ أَوْ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَالْعِبَارَةُ صَالِحَةٌ لِلْإِيجَابِ وَالِاسْتِحْبَابِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ فَذَكَرَ مِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ اتِّفَاقًا وَزَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِهِ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِكُلِّ يَوْمٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ وَالسُّلَامَى بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الْمَفْصِلُ وَلَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمَائَةِ مَفْصِلٍ قَوْلُهُ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ كَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ لَفْظِ الصَّدَقَةِ الْعَطِيَّةَ فَسَأَلُوا عَمَّنْ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّدَقَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهَلْ تَلْتَحِقُ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ الَّتِي تُحْسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْفَرْضِ الَّذِي أَخَلَّ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا غَيْرُهَا لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِسَبَبِ عِتْقِ الْمَفَاصِلِ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ قَوْلُهُ الْمَلْهُوفُ أَيِ الْمُسْتَغِيثُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَظْلُومًا أَوْ عَاجِزًا قَوْلُهُ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ فَلْيَأْمُرْ بِالْخَيْرِ أَوْ بِالْمَعْرُوفِ زَادَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَوْلُهُ وَلْيُمْسِكْ فِي رِوَايَتِهِ فِي الْأَدَبِ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ شُعْبَةَ وَهُوَ أَصَحُّ سِيَاقًا فَظَاهِرُ سِيَاقِ الْبَابِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِمْسَاكَ عَنِ الشَّرِّ رُتْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْإِمْسَاكُ هُوَ الرُّتْبَةُ الْأَخِيرَةُ قَوْلُهُ فَإِنَّهَا كَذَا وَقَعَ هُنَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ بِاعْتِبَارِ الْخَصْلَةِ مِنَ الْخَيْرِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَدَبِ فَإِنَّهُ أَيِ الْإِمْسَاكُ لَهُ أَيْ لِلْمُمْسِكِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ لِلْمُمْسِكِ عَنِ الشَّرِّ إِذَا نَوَى بِالْإِمْسَاكِ الْقُرْبَةَ بِخِلَافِ مَحْضِ التَّرْكِ وَالْإِمْسَاكُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالسُّلَامَةِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ شَرُّهُ لَا يَتَعَدَّى نَفْسَهُ فَقَدْ تَصَدَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ مَنَعَهَا مِنَ الْإِثْمِ قَالَ وَلَيْسَ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَرْتِيبًا وَإِنَّمَا هُوَ لِلْإِيضَاحِ لِمَا يَفْعَلُهُ مَنْ عَجَزَ عَنْ خَصْلَةٍ مِنَ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ خَصْلَةً أُخْرَى فَمَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَيَتَصَدَّقَ وَأَنْ يُغِيثَ الْمَلْهُوفَ وَأَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُمْسِكَ عَنِ الشَّرِّ فَلْيَفْعَلِ الْجَمِيعَ وَمَقْصُودُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ أَعْمَالَ الْخَيْرِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الصَّدَقَاتِ فِي الْأَجْرِ وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ فِي حَقِّ الْقَادِرِ عَلَيْهَا أَفْضَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ الْقَاصِرَةِ وَمُحَصَّلُ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَهِيَ إِمَّا بِالْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْمَالُ إِمَّا حَاصِلٌ أَوْ مُكْتَسَبٌ وَغَيْرُ الْمَالِ إِمَّا فِعْلٌ وَهُوَ الْإِغَاثَةُ وَإِمَّا تَرْكٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ تَرْتِيبُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَدَبَ إِلَى الصَّدَقَةِ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا نَدَبَ إِلَى مَا يَقْرُبُ مِنْهَا أَوْ يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ الْعَمَلُ وَالِانْتِفَاعُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ نَدَبَ إِلَى مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ الْإِغَاثَةُ وَعِنْدَ عدم ذَلِكنَدَبَ إِلَى فِعْلِ الْمَعْرُوفِ أَيْ مِنْ سِوَى مَا تَقَدَّمَ كَإِمَاطَةِ الْأَذَى وَعِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ نَدَبَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَتَرْكُ الشَّرِّ وَذَلِكَ آخِرُ الْمَرَاتِبِ قَالَ وَمَعْنَى الشَّرِّ هُنَا مَا مَنَعَهُ الشَّرْعُ فَفِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلْعَاجِزِ عَنْ فِعْلِ الْمَنْدُوبَاتِ إِذَا كَانَ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِك عَن غَيْرِ اخْتِيَارٍ قُلْتُ وَأَشَارَ بِالصَّلَاةِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَيُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَا الضُّحَى وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ لَا يُكَمِّلُ مِنْهَا مَا يَخْتَلُّ مِنَ الْفَرْضِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُكَمِّلُ الصَّلَاةَ وَلَا الْعَكْسُ فَدَلَّ عَلَى افْتِرَاقِ الصَّدَقَتَيْنِ وَاسْتُشْكِلَ الْحَدِيثُ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَكَيْفَ تُجْزِئُ عَنْهُ صَلَاةُ الضُّحَى وَهِيَ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ الْأَمْرِ هُنَا عَلَى مَا إِذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ وَكَأَنَّ فِي كَلَامِهِ هُوَ زِيَادَةٌ فِي تَأْكِيدِ ذَلِكَ فَلَوْ تَرَكَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ صَلَاةُ الضُّحَى كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى تَقُومُ مَقَامَ الثلثمائة وَسِتِّينَ حَسَنَةً الَّتِي يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْعَى فِي تَحْصِيلِهَا كُلَّ يَوْمٍ لِيُعْتِقَ مَفَاصِلَهُ الَّتِي هِيَ بِعَدَدِهَا لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى تُغْنِي عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَمَلٌ بِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَتَتَحَرَّكُ الْمَفَاصِلُ كُلُّهَا فِيهَا بِالْعِبَادَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِ الرَّكْعَتَيْنِ تَشْتَمِلَانِ عَلَى ثَلَاثِمَائِةٍ وَسِتِّينَ مَا بَيْنَ قَوْلٍ وَفِعْلٍ إِذَا جَعَلْتَ كُلَّ حَرْفٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَثَلًا صَدَقَةً وَكَأَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ تَطَوُّعَاتِ النَّهَارِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَرَاتِبَتِهِ وَقَدْ أَشَارَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ إِلَى أَنَّ صَدَقَةَ السُّلَامَى نَهَارِيَّةٌ لِقَوْلِهِ يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَيُمْسِي وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ الْمَأْمُورَ بِصَرْفِهَا وَقَدْ قَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ وَفِيهِ مُرَاجَعَةُ الْعَالِمِ فِي تَفْسِيرِ الْمُجْمَلِ وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ وَفِيهِ فَضْلُ التَّكَسُّبِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِعَانَةِ وَتَقْدِيمُ النَّفْسِ عَلَى الْغَيْرِ وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ ذَات الشَّخْص وَمَا يلْزمه وَالله أعلم (قَوْلُهُ بَابُ قَدْرُ كَمْ يُعْطِي مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَنْ أَعْطَى شَاةً) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي إِهْدَائِهَا الشَّاةَ الَّتِي تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهَا قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَطْفُ الصَّدَقَةَ عَلَى الزَّكَاةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ إِذْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الزَّكَاةِ لَأَفْهَمَ أَنَّ غَيْرَهَا بِخِلَافِهَا وَحَذَفَ مَفْعُولَ يُعْطِي اخْتِصَارًا لِكَوْنِهِمْ ثَمَانِيَةَ أَصْنَافٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ قَدْرَ النِّصَابِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى وَقَالَ غَيْرُهُ لَفْظُ الصَّدَقَةِ يَعُمُّ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ وَالزَّكَاةُ كَذَلِكَ لَكِنَّهَا لَا تُطْلَقُ غَالِبًا إِلَّا عَلَى الْمَفْرُوضِ دُونَ التَّطَوُّعِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الصَّدَقَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَفْظُ الصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْفَرْضِ مُرَادِفُ الزَّكَاةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقِ عَلَى النَّفْلِ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ لَفْظُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَفْرُوضَةِ وَلَكِنَّ الْأَغْلَبَ التَّفْرِقَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ قَالَ لَا) هَذَا مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْمُرَادُ بِهِ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ الَّتِي كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ عَدَمِ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ وَلَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ يَتْرُكُونَهُ لِتَغْيِيرِهَا فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مَكَّةَ دَخَلَ الْبَيْتَ وَصَلَّى فِيهِ وَأَزَالَ الصُّوَرَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (باب نَقْضِ الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكَ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتِ الْبَيْتَ اسْتَقْصَرَتْ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا) وَفِي الرواية الأخرى اقتصرواعن قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْأُخْرَى فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا وَفِي الْأُخْرَى اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَفِي الْأُخْرَى قَصَّرُوا فِي الْبِنَاءِ وَفِي الْأُخْرَى قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمَعْنَى اسْتَقْصَرَتْ قَصَّرَتْ عَنْ تَمَامِ بِنَائِهَا وَاقْتَصَرَتْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِقُصُورِ النَّفَقَةِ بِهِمْ عَنْ تَمَامِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِقَوَاعِدَ مِنَ الْأَحْكَامِ مِنْهَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ فِعْلِ الْمَصْلَحَةِ وَتَرْكِ الْمَفْسَدَةِ بُدِئَ بِالْأَهَمِّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَةِ وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَةٌ وَلَكِنْ تُعَارِضُهُ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِنْهُ وَهِيَ خَوْفُ فِتْنَةِ بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْلِ الْكَعْبَةِ فَيَرَوْنَ تَغْيِيرَهَا عَظِيمًا فَتَرَكَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا فِكْرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ وَاجْتِنَابُهُ مَا يَخَافُ مِنْهُ تَوَلُّدُ ضَرَرٍ عَلَيْهِمْ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا إِلَّا الْأُمُورَ الشَّرْعِيَّةَ كَأَخْذِ الزَّكَاةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا تَأَلُّفُ قُلُوبِ الرَّعِيَّةِ وَحُسْنُ حِيَاطَتِهِمْ وَأَنْ لَا يَنْفِرُوا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا يَخَافُ تَنْفِيرَهُمْ بِسَبَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ كَمَا سَبَقَ قَالَ الْعُلَمَاءُ بُنِيَ الْبَيْتُ خَمْسَ مَرَّاتٍ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاءَ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ وَقَعَ إِزَارُهُ ثم بناه بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآنِ عَلَى بِنَاءِ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ إِيضَاحِ الْمَنَاسِكِ الْكَبِيرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَدْمِهَا وردها إلى بناء بن الزُّبَيْرِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين ألا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ لُعْبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَالْمُرَادُ بِهِ بَابٌ مِنْ خَلْفِهَا وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ هِشَامٌ خَلْفًا يَعْنِي بَابًا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِمُسْلِمٍ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خِلْفَيْنِ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ ذَكَرَ الْحَرْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هَكَذَا وَضَبَطَهُ خِلْفَيْنِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَقَالَ الْخَالِفَةُ عَمُودٌ فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ خَلْفَيْنِ بِفَتْحِالْخَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ عَلَى شَيْخِنَا أبي الحسين قال وذكر الهروى عن بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ الْخَلْفَ الظَّهْرَ وَهَذَا يُفَسِّرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ كَمَا فَسَّرَتْهُ الْأَحَادِيثُ الْبَاقِيَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكَ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ أَيْ قُرْبُ عَهْدِهِمْ بِالْكُفْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا) قَالَ الْقَاضِي لَيْسَ هَذَا اللفظ من بن عُمَرَ عَلَى سَبِيلِ التَّضْعِيفِ لِرِوَايَتِهَا وَالتَّشْكِيكِ فِي صِدْقِهَا وَحِفْظِهَا فَقَدْ كَانَتْ مِنَ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ بحيث لا يستراب في حديثها ولا فيا تَنْقُلُهُ وَلَكِنْ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ صُورَةُ التَّشْكِيكِ وَالتَّقْرِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْيَقِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ ومتاع إلى حين وَقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نفسي وإن اهتديت الْآيَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا أن قومك حديثوا عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ أَوْ قَالَ بِكُفْرٍ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِتَقْدِيمِ أَهَمِّ الْمَصَالِحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَمِيعِهَا كَمَا سَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ إِنْفَاقِ كَنْزِ الْكَعْبَةِ وَنُذُورِهَا الْفَاضِلَةِ عَنْ مَصَالِحِهَا في سبيل الله لكن جاء في رماية لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي بِنَائِهَا وَبِنَاؤُهَا مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ وَقْفِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا غَيْرَهُ بَلْ يُحْفَظُ دَائِمًا لِلْمَكَانِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي فَضَلَ مِنْهُ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَاللَّهُ اعلم قوله ص(وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ) وَفِي رِوَايَةٍ وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حِينَ بَنَتِ الْكَعْبَةَ وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَ أَذْرُعٍ وَفِي رِوَايَةٍ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِ أَذْرُعٍ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجِدَارِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةٍ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أن تنكره قلوبهم لنظرت أن أدخل الجدار فِي الْبَيْتِ قَالَ أَصْحَابُنَا سِتَّ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الْبَيْتَ مَحْسُوبَةً مِنَ الْبَيْتِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الزَّائِدِ خِلَافٌ فَإِنْ طَافَ فِي الْحِجْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ طَوَافُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحِجْرِ وَلَا عَلَى جِدَارِهِ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَطُوفَ خَارِجًا مِنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَرَجَّحَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إِنْ طَافَ فِي الْحِجْرِ وَبَقِيَ فِي مَكَّةَ أَعَادَهُ وَإِنْ رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ بِلَا إِعَادَةٍ أَرَاقَ دَمًا وَأَجْزَأَهُ طَوَافُهُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ وَقَالَ لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ ثُمَّ أَطْبَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْآنَ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ مِنَ الْبَيْتِ أَمْ بَعْضُهُ فَالطَّوَافُ يَكُونُ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ سِتَّةَ أَذْرُعٍ بِالْهَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَ وَفِي رِوَايَةٍ قَرِيبًا مِنْ سَبْعٍ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَفِي الذارع لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ أَفْصَحُ قَوْلُهُ(لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حين غزاه أهل الشام تركه بن الزُّبَيْرِ حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ أَوْ يُحَرِّبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ) أَمَّا الحرف الأول فهو يجرثهم بالجيم والراء بعدها هَمْزَةٌ مِنَ الْجَرَاءَةِ أَيْ يُشَجِّعَهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ بِإِظْهَارِ قُبْحِ فِعَالِهِمْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي ضَبْطِهِ قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ يُجَرِّبَهُمْ بِالْجِيمِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَعْنَاهُ يَخْتَبِرَهُمْ وَيَنْظُرَ مَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ حَمِيَّةٍ وَغَضَبٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِبَيْتِهِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَحْرِبَهُمْ فَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَوَّلُهُ مَفْتُوحٌ وَمَعْنَاهُ يَغِيظَهُمْ بِمَا يَرَوْنَهُ قَدْ فُعِلَ بِالْبَيْتِ مِنْ قَوْلِهِمْ حَرِبْتَ الْأَسَدَ إِذَا أَغْضَبْتَهُ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْحَرْبِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَيْهَا وَيُؤَكِّدُ عَزَائِمَهُمْ لِذَلِكَ قَالَ وَرَوَاهُ آخَرُونَ يَحْزُبَهُمْ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ يَشُدَّ قُوَّتَهُمْ وَيُمِيلَهُمْ إِلَيْهِ وَيَجْعَلَهُمْ حِزْبًا لَهُ وَنَاصِرِينَ لَهُ على مخالفيه وَحِزْبُ الرَّجُلِ مَنْ مَالَ إِلَيْهِ وَتَحَازَبَ الْقَوْمُ تَمَالُوا قَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِاسْتِحْبَابِ مُشَاوَرَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ قَوْلُهُ (قال بن عباس فإني قد فرق لي فيه رَأْيٌ) هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ كُشِفَ وَبُيِّنَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ أَيْ فَصَّلْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي ضبطه هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَمَعْنَاهَا وَهَكَذَا ضَبَطَهُ الْقَاضِي وَالْمُحَقِّقُونَ وَقَدْ جَعَلَهُ الْحُمَيْدِيُّ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الصَّحِيحَيْنِ فَرَقَ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِمَعْنَى خَافَ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَغَلَّطُوا الْحُمَيْدِيَّ فِي ضبطه وتفسيره قوله (فقال بن الزُّبَيْرِ لَوْ كَانَ أَحَدُكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُمَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ يُجِدَّهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَبِدَالٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا يُجَدِّدُ بِدَالَيْنِ وَهُمَا بِمَعْنًى قوله (تتابعوا فنقضوه) هكذا ضبطناه تتابعوا بياء مُوَحَّدَةٍ قَبْلَ الْعَيْنِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَعَنْ أَبِي بَحْرٍ تَتَابَعُوا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُسْتَعْمَلُ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ قَوْلُهُ (فَجَعَلَ بن الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً فَسَتَرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ) الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ الْأَعْمِدَةِ وَالسُّتُورِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا الْمُصَلَّوْنَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَيَعْرِفُوا مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّتُورُ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَصَارَ مُشَاهَدًا لِلنَّاسِ فَأَزَالَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ مِنَ الْكَعْبَةِ وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِهَذَا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالِاسْتِقْبَالِ الْبِنَاءُ لا البقعة قال وقد كان بن عباس أشار على بن الزُّبَيْرِ بِنَحْوِ هَذَا وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ هادمها فلا تدل النَّاسَ بِلَا قِبْلَةٍ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ صَلُّوا إِلَى مَوْضِعِهَا فَهِيَ الْقِبْلَةُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ إِلَى أَرْضِ الْكَعْبَةِ وَيُجْزِيهِ ذَلِكَ بلا خلاف عند سواءكَانَ بَقِيَ مِنْهَا شَاخِصٌ أَمْ لَا وَاللَّهُ أعلم قوله (إنا لسنا من تلطيخ بن الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ) يُرِيدُ بِذَلِكَ سَبَّهُ وَعَيْبَ فِعْلِهِ يُقَالُ لَطَّخْتُهُ أَيْ رَمَيْتُهُ بِأَمْرٍ قَبِيحٍ قَوْلُهُ (وَفَدَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا خِلَافٌ وَنُسَخُ بِلَادِنَا هِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْفَارِسِيِّ وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ هَكَذَا لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ سِوَى الْفَارِسِيِّ فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ بَلِ الصَّوَابُ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ رِوَايَةِ الْفَارِسِيِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهَا كَرِوَايَةِ غَيْرِهِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلْقَاضِي نُسْخَةٌ عَنِ الْفَارِسِيِّ فِيهَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُصَحَّفَةٌ عَلَى الْفَارِسِيِّ لَا مِنَ الْفَارِسِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ) هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ قُرْبِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكَ) هو بغير همزة يقال بداله فِي الْأَمْرِ بَدَاءً بِالْمَدِّ أَيْ حَدَثَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ ذُو بَدَوَاتٍ أَيْ يَتَغَيَّرُ رَأْيُهُ وَالْبَدَاءُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ النَّسْخِ قَوْلُهُ (فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ) هَذَا جَارٍ عَلَى إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي هَلُمَّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ تَقُولُ هَلُمَّ يَا رَجُلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى تَعَالَ قَالَ الْخَلِيلِيُّ أَصْلُهُ لَمَّ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمَّ اللَّهُ شُعْثَهُ أَيْ جَمَعَهُ كَأَنَّهُ أراد لم نفسك الينا أي اقرب وها لِلتَّنْبِيهِ وَحُذِفَتْ أَلِفُهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَجُعِلَا اسْمًا واحدا يستوى فيه الواحد والاثنان والجمع المؤنث فَيُقَالُ فِي الْجَمَاعَةِ هَلُمَّ هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ الينا وَأَهْلُ نَجْدٍ يَصْرِفُونَهَا فَيَقُولُونَ لِلِاثْنَيْنِ هَلُمَّا وَلِلْجَمْعِ هلموا وللمرأة هلمى وللنساء هلمن وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَتَّى إِذَا كان أَنْ يَدْخُلَ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِجَوَازِ دُخُولِ أَنْ بَعْدَ كَادَ وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ وَهِيَ لُغَةٌ فَصَيْحَةٌ وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ عَدَمُهُ قَوْلُهُ (فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ) أَيْ بَحَثَ بِطَرَفِهَا فِي الْأَرْضِ وَهَذِهِ عَادَةُ مَنْ تَفَكَّرَ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ قوله(فَقَالَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ) هَذَا فِيهِ الِانْتِصَارُ لِلْمَظْلُومِ وَرَدُّ الْغِيبَةِ وَتَصْدِيقُ الصَّادِقِ إِذَا كَذَّبَهُ إِنْسَانٌ وَالْحَرْثُ هَذَا تَابِعِيٌّ وَهُوَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَوْلُهَا (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَدْرِ) وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ (لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْحِجْرُ وَسَبَقَ بَيَانُ حُكْمُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍالْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ قَالَ لَا) هَذَا مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْمُرَادُ بِهِ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ الَّتِي كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ عَدَمِ دُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ وَلَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ يَتْرُكُونَهُ لِتَغْيِيرِهَا فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مَكَّةَ دَخَلَ الْبَيْتَ وَصَلَّى فِيهِ وَأَزَالَ الصُّوَرَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (باب نَقْضِ الْكَعْبَةِ وَبِنَائِهَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكَ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتِ الْبَيْتَ اسْتَقْصَرَتْ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا) وَفِي الرواية الأخرى اقتصرواعن قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْأُخْرَى فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا وَفِي الْأُخْرَى اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَفِي الْأُخْرَى قَصَّرُوا فِي الْبِنَاءِ وَفِي الْأُخْرَى قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمَعْنَى اسْتَقْصَرَتْ قَصَّرَتْ عَنْ تَمَامِ بِنَائِهَا وَاقْتَصَرَتْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ لِقُصُورِ النَّفَقَةِ بِهِمْ عَنْ تَمَامِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِقَوَاعِدَ مِنَ الْأَحْكَامِ مِنْهَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ فِعْلِ الْمَصْلَحَةِ وَتَرْكِ الْمَفْسَدَةِ بُدِئَ بِالْأَهَمِّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَةِ وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَةٌ وَلَكِنْ تُعَارِضُهُ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِنْهُ وَهِيَ خَوْفُ فِتْنَةِ بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْلِ الْكَعْبَةِ فَيَرَوْنَ تَغْيِيرَهَا عَظِيمًا فَتَرَكَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا فِكْرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ وَاجْتِنَابُهُ مَا يَخَافُ مِنْهُ تَوَلُّدُ ضَرَرٍ عَلَيْهِمْ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا إِلَّا الْأُمُورَ الشَّرْعِيَّةَ كَأَخْذِ الزَّكَاةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا تَأَلُّفُ قُلُوبِ الرَّعِيَّةِ وَحُسْنُ حِيَاطَتِهِمْ وَأَنْ لَا يَنْفِرُوا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا يَخَافُ تَنْفِيرَهُمْ بِسَبَبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ كَمَا سَبَقَ قَالَ الْعُلَمَاءُ بُنِيَ الْبَيْتُ خَمْسَ مَرَّاتٍ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاءَ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ وَقَعَ إِزَارُهُ ثم بناه بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآنِ عَلَى بِنَاءِ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ إِيضَاحِ الْمَنَاسِكِ الْكَبِيرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَدْمِهَا وردها إلى بناء بن الزُّبَيْرِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين ألا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ لُعْبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَالْمُرَادُ بِهِ بَابٌ مِنْ خَلْفِهَا وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ هِشَامٌ خَلْفًا يَعْنِي بَابًا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِمُسْلِمٍ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَجَعَلْتُ لَهَا خِلْفَيْنِ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ ذَكَرَ الْحَرْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هَكَذَا وَضَبَطَهُ خِلْفَيْنِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَقَالَ الْخَالِفَةُ عَمُودٌ فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ خَلْفَيْنِ بِفَتْحِالْخَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ عَلَى شَيْخِنَا أبي الحسين قال وذكر الهروى عن بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ الْخَلْفَ الظَّهْرَ وَهَذَا يُفَسِّرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْبَابُ كَمَا فَسَّرَتْهُ الْأَحَادِيثُ الْبَاقِيَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكَ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ أَيْ قُرْبُ عَهْدِهِمْ بِالْكُفْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا) قَالَ الْقَاضِي لَيْسَ هَذَا اللفظ من بن عُمَرَ عَلَى سَبِيلِ التَّضْعِيفِ لِرِوَايَتِهَا وَالتَّشْكِيكِ فِي صِدْقِهَا وَحِفْظِهَا فَقَدْ كَانَتْ مِنَ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ بحيث لا يستراب في حديثها ولا فيا تَنْقُلُهُ وَلَكِنْ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ صُورَةُ التَّشْكِيكِ وَالتَّقْرِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْيَقِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ ومتاع إلى حين وَقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نفسي وإن اهتديت الْآيَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا أن قومك حديثوا عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ أَوْ قَالَ بِكُفْرٍ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِتَقْدِيمِ أَهَمِّ الْمَصَالِحِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَمِيعِهَا كَمَا سَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ إِنْفَاقِ كَنْزِ الْكَعْبَةِ وَنُذُورِهَا الْفَاضِلَةِ عَنْ مَصَالِحِهَا في سبيل الله لكن جاء في رماية لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي بِنَائِهَا وَبِنَاؤُهَا مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ وَقْفِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا غَيْرَهُ بَلْ يُحْفَظُ دَائِمًا لِلْمَكَانِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي فَضَلَ مِنْهُ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَاللَّهُ اعلم قوله ص(وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ) وَفِي رِوَايَةٍ وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حِينَ بَنَتِ الْكَعْبَةَ وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَ أَذْرُعٍ وَفِي رِوَايَةٍ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِ أَذْرُعٍ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجِدَارِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ وَفِي رِوَايَةٍ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أن تنكره قلوبهم لنظرت أن أدخل الجدار فِي الْبَيْتِ قَالَ أَصْحَابُنَا سِتَّ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الْبَيْتَ مَحْسُوبَةً مِنَ الْبَيْتِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الزَّائِدِ خِلَافٌ فَإِنْ طَافَ فِي الْحِجْرِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ طَوَافُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحِجْرِ وَلَا عَلَى جِدَارِهِ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَطُوفَ خَارِجًا مِنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَرَجَّحَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إِنْ طَافَ فِي الْحِجْرِ وَبَقِيَ فِي مَكَّةَ أَعَادَهُ وَإِنْ رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ بِلَا إِعَادَةٍ أَرَاقَ دَمًا وَأَجْزَأَهُ طَوَافُهُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ وَقَالَ لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ ثُمَّ أَطْبَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْآنَ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ مِنَ الْبَيْتِ أَمْ بَعْضُهُ فَالطَّوَافُ يَكُونُ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ سِتَّةَ أَذْرُعٍ بِالْهَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَ وَفِي رِوَايَةٍ قَرِيبًا مِنْ سَبْعٍ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَفِي الذارع لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ أَفْصَحُ قَوْلُهُ(لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حين غزاه أهل الشام تركه بن الزُّبَيْرِ حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ أَوْ يُحَرِّبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ) أَمَّا الحرف الأول فهو يجرثهم بالجيم والراء بعدها هَمْزَةٌ مِنَ الْجَرَاءَةِ أَيْ يُشَجِّعَهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ بِإِظْهَارِ قُبْحِ فِعَالِهِمْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي ضَبْطِهِ قَالَ الْقَاضِي وَرَوَاهُ الْعُذْرِيُّ يُجَرِّبَهُمْ بِالْجِيمِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَعْنَاهُ يَخْتَبِرَهُمْ وَيَنْظُرَ مَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ حَمِيَّةٍ وَغَضَبٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِبَيْتِهِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَحْرِبَهُمْ فَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَوَّلُهُ مَفْتُوحٌ وَمَعْنَاهُ يَغِيظَهُمْ بِمَا يَرَوْنَهُ قَدْ فُعِلَ بِالْبَيْتِ مِنْ قَوْلِهِمْ حَرِبْتَ الْأَسَدَ إِذَا أَغْضَبْتَهُ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْحَرْبِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَيْهَا وَيُؤَكِّدُ عَزَائِمَهُمْ لِذَلِكَ قَالَ وَرَوَاهُ آخَرُونَ يَحْزُبَهُمْ بِالْحَاءِ وَالزَّايِ يَشُدَّ قُوَّتَهُمْ وَيُمِيلَهُمْ إِلَيْهِ وَيَجْعَلَهُمْ حِزْبًا لَهُ وَنَاصِرِينَ لَهُ على مخالفيه وَحِزْبُ الرَّجُلِ مَنْ مَالَ إِلَيْهِ وَتَحَازَبَ الْقَوْمُ تَمَالُوا قَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِاسْتِحْبَابِ مُشَاوَرَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ قَوْلُهُ (قال بن عباس فإني قد فرق لي فيه رَأْيٌ) هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ كُشِفَ وَبُيِّنَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ أَيْ فَصَّلْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي ضبطه هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَمَعْنَاهَا وَهَكَذَا ضَبَطَهُ الْقَاضِي وَالْمُحَقِّقُونَ وَقَدْ جَعَلَهُ الْحُمَيْدِيُّ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الصَّحِيحَيْنِ فَرَقَ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِمَعْنَى خَافَ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَغَلَّطُوا الْحُمَيْدِيَّ فِي ضبطه وتفسيره قوله (فقال بن الزُّبَيْرِ لَوْ كَانَ أَحَدُكُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُمَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ يُجِدَّهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَبِدَالٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا يُجَدِّدُ بِدَالَيْنِ وَهُمَا بِمَعْنًى قوله (تتابعوا فنقضوه) هكذا ضبطناه تتابعوا بياء مُوَحَّدَةٍ قَبْلَ الْعَيْنِ وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَعَنْ أَبِي بَحْرٍ تَتَابَعُوا وَهُوَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُسْتَعْمَلُ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ قَوْلُهُ (فَجَعَلَ بن الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً فَسَتَرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ) الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ الْأَعْمِدَةِ وَالسُّتُورِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا الْمُصَلَّوْنَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَيَعْرِفُوا مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّتُورُ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَصَارَ مُشَاهَدًا لِلنَّاسِ فَأَزَالَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ مِنَ الْكَعْبَةِ وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِهَذَا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالِاسْتِقْبَالِ الْبِنَاءُ لا البقعة قال وقد كان بن عباس أشار على بن الزُّبَيْرِ بِنَحْوِ هَذَا وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ هادمها فلا تدل النَّاسَ بِلَا قِبْلَةٍ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ صَلُّوا إِلَى مَوْضِعِهَا فَهِيَ الْقِبْلَةُ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ إِلَى أَرْضِ الْكَعْبَةِ وَيُجْزِيهِ ذَلِكَ بلا خلاف عند سواءكَانَ بَقِيَ مِنْهَا شَاخِصٌ أَمْ لَا وَاللَّهُ أعلم قوله (إنا لسنا من تلطيخ بن الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ) يُرِيدُ بِذَلِكَ سَبَّهُ وَعَيْبَ فِعْلِهِ يُقَالُ لَطَّخْتُهُ أَيْ رَمَيْتُهُ بِأَمْرٍ قَبِيحٍ قَوْلُهُ (وَفَدَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا خِلَافٌ وَنُسَخُ بِلَادِنَا هِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْفَارِسِيِّ وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ هَكَذَا لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ سِوَى الْفَارِسِيِّ فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ بَلِ الصَّوَابُ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ رِوَايَةِ الْفَارِسِيِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهَا كَرِوَايَةِ غَيْرِهِ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ لِلْقَاضِي نُسْخَةٌ عَنِ الْفَارِسِيِّ فِيهَا هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُصَحَّفَةٌ عَلَى الْفَارِسِيِّ لَا مِنَ الْفَارِسِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ) هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ قُرْبِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكَ) هو بغير همزة يقال بداله فِي الْأَمْرِ بَدَاءً بِالْمَدِّ أَيْ حَدَثَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ ذُو بَدَوَاتٍ أَيْ يَتَغَيَّرُ رَأْيُهُ وَالْبَدَاءُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ النَّسْخِ قَوْلُهُ (فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ) هَذَا جَارٍ عَلَى إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي هَلُمَّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ تَقُولُ هَلُمَّ يَا رَجُلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى تَعَالَ قَالَ الْخَلِيلِيُّ أَصْلُهُ لَمَّ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمَّ اللَّهُ شُعْثَهُ أَيْ جَمَعَهُ كَأَنَّهُ أراد لم نفسك الينا أي اقرب وها لِلتَّنْبِيهِ وَحُذِفَتْ أَلِفُهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَجُعِلَا اسْمًا واحدا يستوى فيه الواحد والاثنان والجمع المؤنث فَيُقَالُ فِي الْجَمَاعَةِ هَلُمَّ هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ الينا وَأَهْلُ نَجْدٍ يَصْرِفُونَهَا فَيَقُولُونَ لِلِاثْنَيْنِ هَلُمَّا وَلِلْجَمْعِ هلموا وللمرأة هلمى وللنساء هلمن وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَتَّى إِذَا كان أَنْ يَدْخُلَ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِجَوَازِ دُخُولِ أَنْ بَعْدَ كَادَ وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ وَهِيَ لُغَةٌ فَصَيْحَةٌ وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ عَدَمُهُ قَوْلُهُ (فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ) أَيْ بَحَثَ بِطَرَفِهَا فِي الْأَرْضِ وَهَذِهِ عَادَةُ مَنْ تَفَكَّرَ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ قوله(فَقَالَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ) هَذَا فِيهِ الِانْتِصَارُ لِلْمَظْلُومِ وَرَدُّ الْغِيبَةِ وَتَصْدِيقُ الصَّادِقِ إِذَا كَذَّبَهُ إِنْسَانٌ وَالْحَرْثُ هَذَا تَابِعِيٌّ وَهُوَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَوْلُهَا (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَدْرِ) وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ (لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْحِجْرُ وَسَبَقَ بَيَانُ حُكْمُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ

    [1445] حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ. قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ. قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ: فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ». [الحديث طرفه في: 6022]. وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) القصاب قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا سعيد بن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء (عن أبيه) أبي بردة عامر (عن جده) جد سعيد أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال): (على كل مسلم صدقة) أي على سبيل الاستحباب المتأكد ولا حق في المال سوى الزكاة إلا على سبيل الندب ومكارم الأخلاق كما قاله الجمهور (فقالوا يا نبي الله فمن لم يجد) ما يتصدق به (قال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا: فإن لم يجد قال: يعين ذا الحاجة الملهوف) بالنصب صفة لذا الحاجة المنصوب على المفعولية والملهوف شامل للمظلوم والعاجز (قالوا: فإن لم يجد) أي فإن لم يقدر (قال: فليعمل بالمعروف). وعند المؤلّف في الأدب من وجه آخر عن شعبة فليأمر بالخير أو بالمعروف. وزاد أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة: وينهى عن المنكر (وليمسك عن الشر فإنها) بتأنيث الضمير باعتبار الخصلة التي هي الإمساك (له) أي للممسك (صدقة) والحاصل أن الصدقة تكون بمال موجود أو بمقدور التحصيل أو بغير مال وذلك إما فعل وهو الإعانة أو ترك وهو الإمساك عن الشر، لكن قال ابن المنير: حصول ذلك للممسك إنما يكون مع نيّة القربة به وفيه تنبيه على أن الترك فعل، ولذا جعل الإمساك والكف صدقة ولا خلاف أن الصدقة فعل فقد صدق على الترك أنه فعل. ورواةهذا الحديث كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري وشعبة فواسطي، وفيه التحديث والعنعنة ورواية الابن عن أبيه عن جدّه، وأخرجه مسلم والنسائي في الزكاة. 31 - باب قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَمَنْ أَعْطَى شَاةً (باب) بالتنوين (قدر كم يعطي) المزكي (من الزكاة) المفروضة (و) كم يعطي المتصدق من (الصدقة) المسنونة وهو من عطف العام على الخاص (و) حكم (من أعطى شاة) في الزكاة ولأبي ذر أعطي بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول.

    (بابٌُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌ صَدَقَةٌ فَمَنْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ)أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ على كل مُسلم صَدَقَة. قَوْله: (فَمن لم يجد) من التَّرْجَمَة أَي: فَمن لم يقدر على الصَّدَقَة فليعمل بِالْمَعْرُوفِ، وَالْمَعْرُوف اسْم جَامع لكل مَا عرف من طَاعَة الله عز وَجل، والتقرب إِلَيْهِ وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس، وكل مَا ندب إِلَيْهِ الشَّرْع وَنهى عَنهُ من المحسنات والمقبحات.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1388 ... ورقمه عند البغا:1445 ]
    - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي بُرْدَةَ عنْ أبِيهِ عنْ جَدِّهِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ فقالُوا يَا نَبِيَّ الله فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنفَعُ نَفْسَهُ وَيَتصَدَّقُ قَالُوا فإنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ قالُوا فإنْ لَمْ يَجِدْ قالَ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ ولْيُمْسِكْ عنِ الشَّرِّ فإنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ.(الحَدِيث 5441 طرفه فِي 2206) .مطابقته للتَّرْجَمَة للجزء الأول بِعَيْنِه وللجزء الثَّانِي فِي قَوْله: (فليعمل بِالْمَعْرُوفِ) .ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب، وَقد مر غير مرّة. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: سعيد بن أبي بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: واسْمه عَامر. الرَّابِع: أَبوهُ أَبُو بردة عَامر. الْخَامِس: جد سعيد وَهُوَ: أَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وَشعْبَة واسطي والبقية كوفيون. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن أَبِيه عَن جده.والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (على كل مُسلم صَدَقَة) قَالَ بَعضهم: أَي على سَبِيل الِاسْتِحْبابُُ المتأكد. قلت: كلمة: على، تنَافِي هَذَا الْمَعْنى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: ظَاهره الْوُجُوب، لَكِن خففه، عز وَجل، حَيْثُ جعل مَا خَفِي من المندوبات مسْقطًا لَهُ لطفا مِنْهُ وتفضلاً، قلت: يُمكن أَن يحمل ظَاهر الْوُجُوب على كل مُسلم رأى مُحْتَاجا عَاجِزا عَن التكسب، وَقد أشرف على الْهَلَاك فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق عَلَيْهِ إحْيَاء لَهُ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: أطلق الصَّدَقَة هُنَا وَبَينهَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، بقوله: (فِي كل يَوْم) ، وَهَذَا أخرجه مُسلم
    عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (كل سلامي من النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَة كل يَوْم تطلع فِيهِ الشَّمْس) الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن أبي ذَر مَرْفُوعا: (يصبح على كل سلامي على أحدكُم صَدَقَة) . والسلامي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام: الْمفصل، وَله فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (خلق الله كل إِنْسَان من بني آدم على سِتِّينَ وثلاثمائة مفصل) . قَوْله: (يَا نَبِي الله فَمن لم يجد؟) أَي: فَمن لم يقدر على الصَّدَقَة، فكأنهم فَهموا من الصَّدَقَة الْعَطِيَّة، فَلذَلِك قَالُوا: فَمن لم يجد، فَبين لَهُم أَن المُرَاد بِالصَّدَقَةِ مَا هُوَ أَعم من ذَلِك وَلَو بإغاثة الملهوف وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ. قَوْله: (يعْمل بِيَدِهِ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (يعتمل بيدَيْهِ) ، من الإعتمال من بابُُ الافتعال. وَفِيه معنى التَّكَلُّف. قَوْله: (يعين) من أعَان إِعَانَة. قَوْله: (الملهوف) بِالنّصب لِأَنَّهُ صفة: ذَا الْحَاجة، وانتصاب هَذَا على المفعولية، والملهوف يُطلق على المتحسر والمضطر وعَلى الْمَظْلُوم، وتلهف على الشَّيْء تحسر. قَوْله: (فليعمل بِالْمَعْرُوفِ) وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْأَدَب: (قَالُوا فَإِن لم يفعل؟ قَالَ: فليمسك عَن الشَّرّ) . وَإِذا أمسك شَره عَن غَيره فَكَأَنَّهُ قد تصدق عَلَيْهِ لأمنه مِنْهُ، فَإِن كَانَ شرا لَا يعدو نَفسه فقد تصدق على نَفسه، بِأَن منعهَا من الْإِثْم. قَوْله: (فَإِنَّهَا) تَأْنِيث الضَّمِير فِيهِ إِمَّا بِاعْتِبَار الفعلة الَّتِي هِيَ الْإِمْسَاك، أَو بِاعْتِبَار الْخَبَر، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأَدَب: فَإِنَّهُ، أَي: فَإِن الْإِمْسَاك. قَوْله: (لَهُ) أَي: للممسك.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: يُسْتَفَاد مِنْهُ أَن الشَّفَقَة على خلق الله تَعَالَى لَا بُد مِنْهَا، وَهِي إِمَّا بِالْمَالِ أَو بِغَيْرِهِ، وَالْمَال إِمَّا حَاصِل أَو مَقْدُور التَّحْصِيل لَهُ والغير، إِمَّا فعل، وَهُوَ: الْإِعَانَة، أَو ترك وَهُوَ: الْإِمْسَاك، وأعمال الْخَيْر إِذا حسنت النيات فِيهَا تنزل منزلَة الصَّدقَات فِي الأجور وَلَا سِيمَا فِي حق من لَا يقدر على الصَّدَقَة، وَيفهم مِنْهُ أَن الصَّدَقَة فِي حق الْقَادِر عَلَيْهَا أفضل من سَائِر الْأَعْمَال القاصرة على فاعلها، وَأجر الْفَرْض أَكثر من النَّفْل، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة عَن الرب، عز وَجل: (وَمَا تقرب إِلَى عَبدِي بِشَيْء أحب إِلَيّ مِمَّا افترضت عَلَيْهِ) . قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ، عَن بعض الْعلمَاء: ثَوَاب الْفَرْض يزِيد على ثَوَاب النَّافِلَة بسبعين دَرَجَة.وَاعْلَم أَنه لَا تَرْتِيب فِيمَا تضمنه الحَدِيث الْمَذْكُور، وَإِنَّمَا هُوَ للإيضاح لما يَفْعَله من عجز عَن خصْلَة من الْخِصَال الْمَذْكُورَة، فَإِنَّهُ يُمكنهُ خصْلَة أُخْرَى، فَمن أمكنه أَن يعْمل بِيَدِهِ فَيتَصَدَّق، وَأَن يغيث الملهوف وَأَن يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر ويمسك عَن الشَّرّ فَلْيفْعَل الْجَمِيع.وَفِيه: فضل التكسب لما فِيهِ من الْإِعَانَة وَتَقْدِيم النَّفس على الْغَيْر، وَالله أعلم.

    حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ‏"‏ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ ‏"‏‏.‏ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ ‏"‏ يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ ‏"‏‏.‏ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ ‏"‏ يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ ‏"‏‏.‏ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Burda:from his father from his grandfather that the Prophet (ﷺ) said, "Every Muslim has to give in charity." The people asked, "O Allah's Prophet! If someone has nothing to give, what will he do?" He said, "He should work with his hands and benefit himself and also give in charity (from what he earns)." The people further asked, "If he cannot find even that?" He replied, "He should help the needy who appeal for help." Then the people asked, "If he cannot do that?" He replied, "Then he should perform good deeds and keep away from evil deeds and this will be regarded as charitable deeds

    Telah menceritakan kepada kami [Muslim bin Ibrahim] telah menceritakan kepada kami [Syu'bah] telah menceritakan kepada kami [Sa'id bin Abu Burdah] dari [bapaknya] dari [kakeknya] dari Nabi Shallallahu'alaihiwasallam bersabda: "Wajib bagi setiap muslim bershadaqah". Mereka (para sahabat) bertanya: "Wahai Nabi Allah, bagaimana kalau ada yang tidak sanggup?". Beliau menjawab: "Dia bekerja dengan tangannya sehingga bermanfaat bagi dirinya lalu dia bershadaqah". Mereka bertanya lagi: "Bagaimana kalau tidak sanggup juga?". Beliau menjawab: "Dia membantu orang yang sangat memerlukan bantuan". Mereka bertanya lagi: "Bagaimana kalau tidak sanggup juga?". Beliau menjawab: "Hendaklah dia berbuat kebaikan (ma'ruf) dan menahan diri dari keburukan karena yang demikian itu berarti shodaqah baginya

    Saîd İbn Ebu Bürde'nin babası ve dedesinden naklettiğine göre-Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurmuştur: Her müslüman'ın sadaka vermesi gerekir." Bunun üzerine oradaki sahabiler, "Ya Resulullah! Ya sadaka verecek bir şey bulamazsa ?" diye sordu. Efendimiz Sallallahu Aleyhi ve Sellem, "Bu durumda eliyle çalışır, (kazandığı mal) kendisine faydası olduğu gibi (ondan) sadaka da verir" buyurdu. Sahabîler, "Buna da gücü yetmezse?" diye sordu. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem, "Bunu da yapamayan yardım isteyen kimseye yardım etsin" buyurdu. "Bunu da yapamazsa?" diye tekrar sordukları zaman ise, "İyilik yapsın, kötülüklerden uzak dursun. Bu da onun için bir sadakadır" buyurmuştur

    ہم سے مسلم بن ابراہیم نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم سے شعبہ نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم سے سعید بن ابی بردہ نے بیان کیا ‘ ان سے ان کے باپ ابوبردہ نے ان کے دادا ابوموسیٰ اشعری سے کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ہر مسلمان پر صدقہ کرنا ضروری ہے۔ لوگوں نے پوچھا اے اللہ کے نبی! اگر کسی کے پاس کچھ نہ ہو؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ پھر اپنے ہاتھ سے کچھ کما کر خود کو بھی نفع پہنچائے اور صدقہ بھی کرے۔ لوگوں نے کہا اگر اس کی طاقت نہ ہو؟ فرمایا کہ پھر کسی حاجت مند فریادی کی مدد کرے۔ لوگوں نے کہا اگر اس کی بھی سکت نہ ہو۔ فرمایا پھر اچھی بات پر عمل کرے اور بری باتوں سے باز رہے۔ اس کا یہی صدقہ ہے۔

    بَاب صَدَقَةِ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ ২৪/২৯. অধ্যায় : উপার্জন করে প্রাপ্ত সম্পদ ও ব্যবসায় লব্ধ মালের সদাকাহ। لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) এ পর্যায়ে মহান আল্লাহর বাণীঃ ‘‘হে মু’মিনগণ! তোমরা যা উপার্জন কর এবং আমি যা ভূমি হতে তোমাদের জন্য উৎপাদন করে দেই, তন্মধ্যে যা উৎকৃষ্ট, তা ব্যয় কর, তা হতে নিকৃষ্ট বস্তু দান করার ইচ্ছা কর না। (কেননা) তোমরা নিজেরাও তো ঐরূপ বস্তু (কারো নিকট হতে) ভ্রুকুঞ্চিত না করে নিতে চাও না এবং জেনে রেখ, নিশ্চয়ই আল্লাহ মহাসম্পদশালী, প্রশংসিত।’’ (আল-বাকারাঃ ২৬৭) ১৪৪৫. আবূ মূসা আশ‘আরী (রাঃ) সূত্রে নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ প্রতিটি মুসলিমের সদাকাহ করা উচিত। সাহাবীগণ আরয করলেন, কেউ যদি সদাকাহ দেয়ার মত কিছু না পায়? (তিনি উত্তরে) বললেনঃ সে ব্যক্তি নিজ হাতে কাজ করবে এতে নিজেও লাভবান হবে, সদাকাহও করতে পারবে। তাঁরা বললেন, যদি এরও ক্ষমতা না থাকে? তিনি বললেনঃ কোন বিপদগ্রস্তকে সাহায্য করবে। তাঁরা বললেন, যদি এতটুকুরও সামর্থ্য না থাকে? তিনি বললেনঃ এ অবস্থায় সে যেন সৎ ‘আমল করে এবং অন্যায় কাজ হতে বিরত থাকে। এটা তার জন্য সদাকাহ বলে গণ্য হবে। (৬০২২) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৩৫১, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூமூசா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் “தர்மம் செய்வது ஒவ்வொரு முஸ்லிமுக்கும் கடமையாகும்” என்று கூறினார்கள். அப்போது மக்கள், “அல்லாஹ்வின் தூதரே! (தர்மம் செய்வதற் கான பொருள்) ஏதும் கிடைக்கா விட்டால்...?” எனக் கேட்டனர். அதற்கு நபி (ஸல்) அவர்கள், “ஏதேனும் கைத்தொழில் செய்து, தாமும் பலனடைந்து, தர்மமும் செய்ய வேண்டும்” என்றார்கள். மக்கள், “அதுவும் முடியவில்லை யாயின்” எனக் கேட்டதற்கு, “பாதிக்கப்பட்ட தேவையாளிக்கு அவர் உதவ வேண்டும்” என்று பதிலளித்தார்கள். மக்கள் “அதுவும் இயலவில்லையாயின்” என்றதும், “நல்லறம் ஏதேனும் செய்யட்டும்! (குறைந்த பட்சம்) தீங்கு செய்யாமல் இருக்கட்டும்! இதுவே அவர் செய்யும் தர்மமாகும்” எனக் கூறினார்கள். அத்தியாயம் :