• 999
  • عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَدَخَلْنَا ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا ، فَصَلُّوا ، وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ "

    حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الحَسَنِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ ، فَدَخَلْنَا ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ ، فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا ، فَصَلُّوا ، وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ

    فانكسفت: الكسوف : احتجاب الشمس أو القمر وذهاب ضوئهما
    رداءه: الرداء : ما يوضع على أعالي البدن من الثياب
    انجلت: انجلى : انكشف
    ينكسفان: الكسوف : احتجاب الشمس أو القمر وذهاب ضوئهما
    الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا ، فَصَلُّوا
    حديث رقم: 1027 في صحيح البخاري أبواب الكسوف باب الصلاة في كسوف القمر
    حديث رقم: 1015 في صحيح البخاري أبواب الكسوف باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يخوف الله عباده بالكسوف» وقال أبو موسى: عن النبي صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 5472 في صحيح البخاري كتاب اللباس باب من جر إزاره من غير خيلاء
    حديث رقم: 1028 في صحيح البخاري أبواب الكسوف باب الصلاة في كسوف القمر
    حديث رقم: 1454 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف كسوف الشمس والقمر
    حديث رقم: 1458 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف باب الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي
    حديث رقم: 1486 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف نوع آخر
    حديث رقم: 1487 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف نوع آخر
    حديث رقم: 1498 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الكسوف الأمر بالدعاء في الكسوف
    حديث رقم: 1300 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْوِتْرِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 19913 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 2891 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 2892 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 2893 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 2895 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 496 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الصَّلَاةِ عَدَدُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ
    حديث رقم: 1821 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ كَيْفَ كُسُوفُ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ
    حديث رقم: 1827 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ الْكُسُوفِ حَتَّى تَنْجَلِيَ
    حديث رقم: 1858 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 1857 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 11026 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ فُصِّلَتْ
    حديث رقم: 1870 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ الْأَمْرُ بِالدُّعَاءِ فِي الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 1190 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْكُسُوفِ كِتَابُ الْكُسُوفِ
    حديث رقم: 8179 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَالْإِمَامَةِ وَأَبْوَابٌ مُتَفَرِّقَةٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ ، كَمْ هِيَ ؟
    حديث رقم: 35822 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَسْأَلَةٌ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ
    حديث رقم: 5960 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بَابُ مَنْ صَلَّى فِي الْخُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ
    حديث رقم: 5984 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بَابُ الصَّلَاةِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ
    حديث رقم: 5961 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بَابُ مَنْ صَلَّى فِي الْخُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ
    حديث رقم: 5983 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ بَابُ الصَّلَاةِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ
    حديث رقم: 1563 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْعِيدَيْنِ بَابُ صِفَةِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَهَيْئَتِهِمَا
    حديث رقم: 1564 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْعِيدَيْنِ بَابُ صِفَةِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَهَيْئَتِهِمَا
    حديث رقم: 903 في مسند الطيالسي أَبُو بَكْرَةَ أَبُو بَكْرَةَ
    حديث رقم: 1219 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1221 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1095 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي وَمَا أَسْنَدَهُ شُعْبَةُ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ
    حديث رقم: 1096 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي وَمَا أَسْنَدَهُ شُعْبَةُ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ
    حديث رقم: 1097 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي وَمَا أَسْنَدَهُ شُعْبَةُ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ
    حديث رقم: 1333 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني بَابُ الصَّادِ صَالِحُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو عُمَرَ الْجَرْمِيُّ النَّحْوِيُّ قَدِمَ أَصْبَهَانَ مَعَ فَيْضِ بْنِ مُحَمَّدٍ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الْحَجِّ فَأَعْطَاهُ يَوْمَ مَقْدِمِهِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَكَانَ يُعْطِيهِ كُلَّ سَنَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، يُؤْخَذُ عَنْهُ النَّحْوَ وَالْغَرِيبِ ، رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، وَعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ وَالْبَصْرِيِّينَ *
    حديث رقم: 2829 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الْكُسُوفِ ذِكْرُ الْأَخْبَارِ فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ , صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي
    حديث رقم: 2821 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الْكُسُوفِ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

    [1040] قَوْلُهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ زَادَ النَّسَائِيُّ كَمَا تُصَلُّونَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَحمله بن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْكُسُوفِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ خَاطَبَ بِذَلِكَ أهل الْبَصْرَة وَقد كَانَ بن عَبَّاسٍ عَلَّمَهُمْ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ركوعان كَمَا روى ذَلِك الشَّافِعِي وبن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ يُونُسَ الْآتِيَةِ فِي أَوَاخِرِ الْكُسُوفِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيم بن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِثْلُهُ وَقَالَ فِيهِ إِنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اتِّحَادِ الْقِصَّةِ وَظَهَرَ أَنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرَةَ مُطْلَقَةٌ وَفِي رِوَايَةِ جَابِرٍ زِيَادَةُ بَيَانٍ فِي صِفَةِ الرُّكُوعِ وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ الطُّرُقِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا أَن فِي كل رَكْعَة ركوعين وَعند بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِهَا أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ حَتَّى انْجَلَتْ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إِطَالَةِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَقَعَ الِانْجِلَاءُ وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَصَلُّوا وَادْعُوا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ يَتَشَاغَلُ بِالدُّعَاءِ حَتَّى تنجلي وَقَررهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَايَةَ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُمْتَدًّا إِلَى غَايَةِ الِانْجِلَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَيَصِيرُ غَايَةً لِلْمَجْمُوعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ وَلَا تَكْرِيرُهَا وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى انْجَلَتْ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ رَكْعَتَيْنِ أَيْ رُكُوعَيْنِ وَقَدْ وَقَعَ التَّعْبِيرُ عَنِ الرُّكُوعِ بِالرَّكْعَةِ فِي حَدِيث الْحسن خسف الْقَمَر وبن عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ وَقَعَ بِالْإِشَارَةِ فَلَا يَلْزَمُ التَّكْرَارُ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلَّمَا رَكَعَ رَكْعَةً أَرْسَلَ رَجُلًا يَنْظُرُ هَلِ انْجَلَتْ فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ ثَبَتَ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ زَالَ الْإِشْكَالُ أَصْلًا قَوْلُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ زَادَ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ فَلَمَّا كَشَفَ عَنَّا خَطَبَنَا فَقَالَوَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِانْجِلَاءَ لَا يُسْقِطُ الْخُطْبَةَ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ لِمَوْتِ أَحَدٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ الْآتِيَةِ بَيَانُ سَبَبِ هَذَا الْقَوْلِ وَلَفْظُهُ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ مَاتَ فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بن فضَالة عِنْد بن حِبَّانَ فَقَالَ النَّاسُ إِنَّمَا كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيم وَلأَحْمَد وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى انْجَلَتْ فَلَمَّا انْجَلَتْ قَالَ إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنَ الْعُظَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبْطَالُ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْكَوَاكِبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي فِي الِاسْتِسْقَاءِ يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكُسُوفَ يُوجِبُ حُدُوثَ تَغَيُّرٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ ضَرَرٍ فَأَعْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ وَأَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لِلَّهِ لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَانٌ فِي غَيْرِهِمَا وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَفِيهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ مِنْ رَبِّهِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ بَيَانٍ قَوْلُهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ رَأَيْتُمُوهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

    [1040] حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». [الحديث أطرافه في: 1048، 1062، 1063، 5785]. وبه قال: (حدَّثنا عمرو بن عون) بفتح العين الواسطي (قال: حدّثنا خالد) هو ابن عبد الله الواسطي (عن يونس) بن عبيد (عن الحسن عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث، رضي الله عنه، والحسن هو: البصري، كما عند البخاري وشيخه ابن المديني. خلافًا للدارقطني، حيث انتقد على المؤلّف: بأن الحسن البصري إنما يروي عن الأحنف عن أبي بكرة، وتأوّله أنه: الحسن بن علي. وأجيب: بأنه قد وقع التصريح بسماع الحسن البصري من أبي بكرة، في باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يخوف الله عباده بالكسوف" حيث قال: وتابعه موسى، عن مبارك عن الحسن، قال: أخبرني أبو بكرة. وفي باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحسن بن علي: "ابني هذا سيد" حيث قال فيه: فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .... ثم قال المؤلّف فيه: قال لي علي بن عبد الله، أي المديني إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث، يعني لتصريحه فيه بالسماع. (قال): (كنا عند رسول الله) ولأبي ذر: عند النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فانكسفت الشمس) بوزن انفعلت، وهو يردّ على القزاز حيث أنكره (فقام النبي) ولأبوي ذر، والوقت: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يجرّ رداءه) من غير عجب ولا خيلاء، حاشاه الله من ذلك زاد في اللباس من وجه آخر، عن يونس: مستعجلاً. وللنسائي: من العجلة (حتى دخل المسجد، فدخلنا) معه، (فصلّى بنا ركعتين) زاد النسائي كما تصلون. واستدلّ به الحنفية على أنها كصلاة النافلة، وأيّده صاحب عمدة القاري، منهم، بحديث ابن مسعود عند ابن خزيمة في صحيحه، وابن سمرة عبد الرحمن عند مسلم، والنسائي، وسمرة بن جندب عند أصحاب السنن الأربعة، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند الطحاوي، وصححه الحاكم وغيرهم، وكلهم مصرحة بأنها ركعتان. وحمله ابن حبان والبيهقي، من الشافعية، على أن المعنى: كما كانوا يصلون في الكسوف، لأن أبا بكرة خاطب بذلك أهل البصرة، وقد كان ابن عباس علمهم أنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان، كما روى ذلك الشافعي وابن أبي شيبة وغيرهما. ويؤيد ذلك: أن في رواية عبد الوارث عن يونس، الآتية في أواخر الكسوف، أن ذلك وقع يوم مات إبراهيم ابن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد ثبت في حديث جابر عند مسلم مثله، وقال فيه: إن في كل ركعة ركوعين، فدلّ ذلك على اتحاد القصة. وظهر أن رواية أبي بكرة مطلقة. وفي رواية جابر زيادة بيان في صفة الركوع والأخذ بها أولى، ووقع في أكثر الطرق، عن عائشة أيضًا: أن في كل ركعة ركوعين. قاله في فتح الباري؛ وتعقبه العيني بأن حمل ابن حبان والبيهقي على أن المعنى: كما يصلون في الكسوف، بعيد وظاهر الكلام يرده، وبأن حديث أبي بكرة، عن الذي شاهده من صلاة النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وليس فيه خطاب أصلاً، ولئن سلمنا أنه خاطب بذلك من الخارج، فليس معناه كما حمله ابن حبان والبيهقي، لأن المعنى: كما كانت عادتكم فيما إذا صليتم ركعتين بركوعين وأربع سجدات. على ما تقرر من شأن الصلاة. نعم، مقتضى كلام أصحابنا الشافعية كما في المجموع، أنه: لو صلاها كسنة الظهر صحت، وكان تاركًا فضل، أخذًا من حديث قبيصة: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاها بالمدينة ركعتين؟ وحديث النعمان: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جعل يصلّي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت، رواهما أبو داود، وغيره، بإسنادين صحيحين. وكأنهم لم ينظروا إلى احتمال أنه صلاها ركعتين بزيادة ركوع في كل ركعة، كما في حديث عائشة وجابر وابن عباس وغيرهم، حملاً للمطلق على المقيد، لأنه خلاف الظاهر، وفيه نظر، فإن الشافعي لما نقل ذلك قال: يحمل المطلق على المقيد، وفد نقله عنه البيهقي في المعرفة، وقال: الأحاديث على بيان الجواز، ثم قال: وذهبجماعة من أئمة الحديث، منهم ابن المنذر، إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات، وحملوها على أنه صلاها مرات، وأن الجميع جائز. والذي ذهب إليه الشافعي ثم البخاري، من ترجيح أخبار الركوعين، بأنها أشهر وأصح، وأولى لما مر من أن الواقعة واحدة. اهـ. لكن، روى ابن حبان في الثقات: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى لخسوف القمر، فعليه الواقعة متعددة، وجرى عليه السبكي والأذرعي، وسبقهما إلى ذلك النووي في شرح مسلم، فنقل فيه عن ابن المنذر وغيره: أنه يجوز صلاتها على كل واحدة من الأنواع الثابتة، لأنها جرت في أوقات، واختلاف صفاتها محمول على جواز الجميع، قال: وهذا أقوى. اهـ. وقد وقع لبعض الشافعية، كالبندنيجي: أن صلاتها ركعتين كالنافلة لا تجزي. (حتى انجلت الشمس) بالنون بعد همزة الوصل أي صفت وعاد نورها. واستدل به على إطالة الصلاة حتى يقع الانجلاء، ولا تكون الإطالة إلا بتكرار الركعات وعدم قطعها إلى الانجلاء. وزاد ابن خزيمة: فلما كشف عنا خطبنا (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إن الشمس والقمر) آيتان من آيات الله (لا ينكسفان) بالكاف (لموت أحد). قاله عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم. وقال الناس: إنما كسفت لموته إبطالاً لما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض (فإذا رأيتموهما) بميم بعد الهاء بتثنية الضمير أي: الشمس والقمر، ولأبي الوقت: رأيتموها بالإفراد، أي: الكسفة التي يدل عليها قوله: لا ينكسفان، أو: الآية، لأن الكسفة آية من الآيات، (فصلوا وادعوا) الله (حتى ينكشف ما بكم) غاية للمجموع من الصلاة والدعاء. وفي هذا الحديث: التحديث والعنعنة، ورواته كلهم بصريون إلا خالدًا، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: صلاة الكسوف، واللباس والنسائي: في الصلاة، والتفسير.

    [1040] نا عمرو بن عون: نا خالد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: كنا عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنكسفت الشمس، فقام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجر رداءه، حتى دخل المسجد، [فدخلنا] ، فصلى بنا ركعتين، حتى انجلت الشمس، فقال: ((إن الشمس والقمر لاينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما فصلوا، وادعوا، حتى يكشف ما بكم)) . سماع الحسن من أبي بكرة صحيح عند علي بن المديني والبخاري وغيرهما، وخالف فيه ابن معين، وقد سبق ذلك.وقد ذكر البخاري - فيما بعد - أن مبارك بن فضالة رواه عن الحسن، قال: حدثني أبو بكرة. وخرجه الإمام أحمد كذلك. وقد رواه قتادة، عن الحسن، عن النعمان بن بشير، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. خرج حديثه النسائي. وهذا مخالف لروايات أصحاب الحسن، عنه، عن أبي بكرة. وجر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رداءه هاهنا؛ لأنه قام عجلا دهشا، كما في حديث أبي موسى: ((فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة)) ، وسيأتي - فيما بعد. وإنما يكره جر الرداء تعمدا لذلك. وفي رواية الإمام أحمد لهذا الحديث: ((فقام يجر ثوبه مستعجلاً)) . وقوله: ((فصلى بنا ركعتين)) ، لم يذكر صفة الركعتين. وقد رواه ابن علية ويزيد بن زريع، عن يونس، فزادا في الحديث: ((فصلى بهم ركعتين نحو ما يصلون)) . وخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) من رواية أشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه صلى في كسوف الشمس والقمر ركعتين، مثل صلاتكم.وخرجه النسائي، ولم يذكر: ((القمر)) ، وعنده: ((مثل صلاتكم هذه)) . وقال ابن حبان: أراد به مثل صلاتكم في الكسوف. وهذا التأويل متجه في رواية ابن علية ويزيد بن زريع، عن يونس - أيضا. وبذلك تأولها البيهقي 0 والمتبادر إلى الفهم: التشبيه بصلاة ركعتين، يتطوع بهما. وهذا مما تعلّق به من قال: إن صلاة الكسوف ليس فيها ركوع زائد، وسيأتي ذكره - إن شاء الله سبحانه تعالى 0 وفيه دليل على أن صلاة الكسوف تستدام حتى تنجلي الشمس. وقوله: ((إنهما لا يكسفان لموت أحد)) ، إشارة إلى قول الناس: ((إن الشمس كسفت لموت إبراهيم عليه السلام)) . وفي رواية خرجها البخاري - فيما بعد -: ((وذلك أن ابنا للنبي مات، يقال له: إبراهيم، فقال الناس في ذلك)) . و [روى] هذا الحديث محمد بن دينار الطاحي، عن يونس، فزاد في الحديث: ((وإن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له)) . خرجه الدارقطني. [وقال]-: تابعه: نوح بن قيس، عن يونس.وخرجه - أيضا - من رواية بكار بن يونس: [ثنا] حميد، عن الحسن، عن أبي بكرة - بهذه الزيادة - أيضا ورويت هذا. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .كتاب العمل في الصلاة 1 - باب استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة وقال ابن عباس: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء. ووضع أبو إسحاق قلنسوته في الصلاة، ورفعها. ووضع علي كفه على رسغه الأيسر، إلاّ أن يحك جلداً، أو يصلح ثوباً. شرع البخاري من هاهنا في الكلام فيما يجوز من الأفعال في الصلاة، وما يكره فيها، وما لا يجوز. وابتدأ من ذلك باستعانة المصلي بيده في صلاته، فيما يحتاج إليه من أمر صلاته.وحكى عن ابن عباس، قال: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء. وعن أبي إسحاق، أنه وضع قلنسوته في صلاته ورفعها. والظاهر: أن هذا كان لحاجة، وإلاّ لكان عبثاً، وهو مكروه. وعن علي بن أبي طالب، أنه وضع كفه على رسغه الأيسر، إلاّ أن يحك جسداً أو يصلح ثوباً. روي وكيع في ((كتابه)) عن عبد السلام بن شداد الجريري، عن غزوان بن جرير الضبي، عن أبيه، قال: كان علي إذا قام في الصلاة وضع يمينه على رسغه، فلا يزال كذلك حتى يركع متى ما ركع، إلاّ أن يصلح ثوبه، أو يحك جسده. وروى بإسناده، عن إبراهيم، أنه كره أن يحدث الرجال في الصلاة شيئاً، حتى زر القميص. قال: وكان إبراهيم لايرى بأساً إذا استرخى إزاره في الصلاة أن يرفعه. وروى عبد الرزاق في ((كتابه)) ، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد،قال: كان يقال في مسح اللحية في الصلاة: واحدة او دع 0 وعن هشيم: أخبرني حصين، عن عبد الملك بن سعيد، قال: قد كان النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا صلى وضع يده اليمنى على يده اليسرى، وكان ربما يضع يده على لحيتة في الصَّلاة. وخرجه أبو داود في ((مراسيله)) من رواية شعبة، عن حصين، عن عبد الملك بن أخي عمرو بن حريث، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج: سألت عطاء عن الاحتكاك في الصلاة، والارتداء، والاتزار؟ قالَ: كل ذَلِكَ لا تفعله في الصَّلاة. وهذا محمول على أنه لم يكن لهُ حاجة إليه. والمروي عن علي محمول [على] أنه كان يفعله للحاجة إليه. وقال سفيان الثوري: يكره أن يلبس النعل أو الرداء، وأن يضع القلنسوة على رأسه، وينزع خفيه أو نعليه، إلاّ لشيء يؤذيه، ولا بأس أن يحك شيئاً من جسده، إذا آذاه ذَلِكَ. وعند أصحابنا: كل عمل يسير يعرض في الصلاة لحاجة فلا يكره. واستدلوا بما خرجه مسلم - رحمة الله - من حديث وائل بن حجر، أنه رأى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر ثم التحفبثوبه، ثم وضع يده اليمنى على يده اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، [ثم] كبر فركع - وذكر الحديث. ومذهب الشافعي نحوه - أيضا. وروى حرب، عن أحمد في الرجل يسقط رداؤه عن ظهره في الصَّلاة، فيحمله، قال: أرجو أن لا يضيق ذلك. وروى حرب بإسناده، عن أبي جعفر والشعبي، قالا: لا بأس أن يسوي الرجل رداءه في الصلاة. وقال حرب: سألت أحمد عن الرجل يصلي فتحتك ساقه، فيحكه؟ فكأنه كرهه. قلت: يحكه بقدمه؟ قالَ: هوَ بالقدم أسهل، وكانه رخص فيهِ. ومن متأخري أصحابنا من قالَ: الحك الذي لا يصبر عنه المصلي لا يبطل صلاته وإن كثر. خرج في هذا الباب:1198 - حديث: مالك، عن مخرمة، عن كريب، عن ابن عباس، قالَ: بت عند خالتي ميمونة.فذكر الحديث في صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالليل، وصلاة ابن عباس معه. وفيه: قال: فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها بيده، فصلى. وذكر الحديث، وقد سبق بتمامه في غير موضع. وخرجه مسلم - أيضا. وخرجه من طريق الضحاك بن عثمان، عن مخرمة، وفي روايته: فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني في شقه الأيمن، فجعل إذا أغفيت أخذ بشحمة أذني. فتبين بهذه الرواية: أن أخذ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأذن ابن عباس في الصلاة إنما كان عند نعاسه، إيقاظا له. وكذلك خرجه أبو داود والنسائي من رواية سعيد بن أبي هلال، عن مخرمة، وفي حديثة: فقمت إلى جنبه، عن يساره، فجعلني عن يمينه، ووضع يده على رأسي، وجعل يمسح أذني، كأنه يوقظني. فهاتان الروايتان: فيهما دلالة على أنه إنما أخذ بأذنه بعد أن أداره عن يمينه. وفيه: رد على من زعم: أن أخذه بأذنه وفتلها إنما كان ليديره عن شماله إلى يمينه، كما قاله ابن عبد البر. قال: وهذا المعنى لم يقمه مالك في حديثه، وقد ذكره أكثر الرواة. قالَ: وقيل: إنما فتل أذنه ليذكر ذلك ولا ينساه. وقيل: ليذهب نومه. انتهى. ورواية الضحاك مصرحة بهذا المعنى الأخير، ورواية سعيد بن أبي هلال تدل عليه - أيضا.2 - باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة وفيه حديثان: الأول:1199 - ثنا ابن نمير: ثنا ابن فضيل: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قالَ: كنا نسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: ((إن في الصلاة لشغلاً)) . حدثنا ابن نمير: ثنا إسحاق بن منصور السلولي: ثنا هريم بن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحوه. وخرجه - أيضا - في مواضع أخر، من رواية أبي عوانة عن الأعمش - نحوه. ورواه أيضا - أبو بدر شجاع بن الوليد، عن الأعمش - بهذا الإسناد.وإنما احتيج إلى ذكر هذه المتابعات عن الأعمش؛ لأن الثوري وشعبة وزائدة وجريراً وأبا معاوية وحفص بن غياث رووه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله، لم يذكروا فيهِ: ((علقمة)) ، فيصير منقطعاً. وقد رجح انقطاعه كثير من الحفاظ، [منهم] : أبو حاتم الرازي. وقال في رواية ابن فضيل الموصولة: أنها خطأ. وقال الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد: الذين أرسلوه أثبت ممن وصله. قال: ورواه الحكم بن عتبة - أيضا -، عن إبراهيم، عن عبد الله مرسلا - أيضا - إلاّ ما رواه أبو خالد الأحمر، عن شعبة، عن الحكم موصولاً؛ فإنه وهم فيهِ أبو خالد. انتهى.وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك، وأن وصله صحيح. وكذلك مسلم في ((صحيحه)) ؛ فإنه خرجه من طريق ابن فضيل وهريم بن سفيان – موصولا – كما خرجه البخاري 0 وله عن ابن مسعود طريق اخرى متعددة، ذكرتها مستوفاة في ((شرح الترمذي)) . وقال البخاري في أواخر ((صحيحه)) : وقال ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصَّلاة)) . وهذا الحديث المشار إليه، خرجه الإمام أحمد والنسائي من رواية ابن عيينة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نسلم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيرد علينا السلام، حتى قدمنا من أرض الحبشة، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد، فجلست حتى إذا قضى الصلاة قال: ((إن الله يحدث)) – فذكره. ورواه الحميدي وغيره من أصحاب سفيان، عنه، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود. وزعم الطبراني: أنه المحفوظ.قلت: عاصم، هو: ابن أبي النجود، كان يضطرب في حديث زر وأبي وائل، فروى الحديث تارة عن زر، وتارة عن أبي وائل. قال الطبراني: ورواه عبد الغفار بن داود الحراني، عن ابن عيينه، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله. قال: فإن كان حفظه، فهو غريب. قلت: ليس هو بمحفوظ، إنما المحفوظ رواية: سفيان، عن عاصم –كما تقدم. وخرج النسائي – أيضا - من طريق سفيان، عن الزبير بن عدي، عن كلثوم، عن ابن مسعود، قال: كنت آتي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يصلي، فأسلم عليه، فيرد عليَّ، فأتيته، فسلمت عليه وهو يصلي، فلم يرد عليَّ، فلما سلم أشار إلى القوم، فقال: ((إن الله عز وجل - يعني - أحدث في الصلاة أن لا تكلموا إلاّ بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين)) . وكلثوم، هو: ابن المصطلق الخزاعي، يقال: له صحبة، وذكره ابنحبان في ((كتابه)) من التابعين. وقوله: ((إن الله أحدث أن لا تكلموا في الصَّلاة)) إشارة إلى أنه شرع ذلك بعد أن لم يكن شرعه، ومنعه بعد أن لم يكن قد منعه 0 الحديث الثاني:1200 - ثنا إبراهيم بن موسى: ثنا عيسى –هو: ابن يونس -: ثنا إسماعيل –هو: ابن أبي خالد -، عن الحارث بن شبيل، عن أبي عمرو الشيباني، قال: قال لي زيد بن أرقم: إن كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزلت: {{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت. وخرجه مسلم، وزاد فيه: ((ونهينا عن الكلام)) ، وليس عنده: ذكر عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.وخرجه النسائي، وعنده: ((فأمرنا حينئذ بالسكوت)) . وخرجه الترمذي، ولفظه: كنا نتكلم خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصلاة، فيكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه، حتى نزلت {{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}} [البقرة: 238] . قال: فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام. وهذه الرواية صريحة برفع آخره. واختلف الناس في تحريم الكلام في الصَّلاة: هلا كان بمكة، او بالمدينة؟ فقالت طائفة: كانَ بمكة. واستدلوا بحديث ابن مسعود المتقدم، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امتنع من الكلام عند قدومهم عليه من الحبشة، وإنما قدم ابن مسعود عليه من الحبشة إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، كذا ذكره ابن إسحاق وغيره. ويعضد هذا: أنه روي: أن امتناعهم من الكلام كان بنزول قوله: {{وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}} [الأعراف:204] وهذه الآية مكية. فروى أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، قال: قالابن مسعود: كنا نسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فجاء القرآن {{وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}} . وأخرجه ابن جرير وغيره. وهذا الإسناد منقطع؛ فإن المسيب لم يلق ابن مسعود. وروى الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة، قالَ: كانوا يتكلمون في الصَّلاة، فلما نزلت هذه الآية {{وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ}} والآية الأخرى، قالَ: فأمرنا بالإنصات. وخرجه بقي بن مخلد في ((مسنده)) . وخرجه غيره، وعنده: ((أو الآية الأخرى)) – بالشك. والهجري، ليس بالقوي. ولكن يشكل على أهل هذه المقالة حديث زيد بن أرقم، الذي خرجه البخاري هاهنا؛ فإن زيداً الأنصاري، لم يصل خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة، إنما صلى خلفه بالمدينة، وقد أخبر أنهم كانوا يتكلمون حتَّى نزلت: {{وَقُومُوالِلَّهِ قَانِتِينَ}} [البقر: 238] . وهي مدنية بالاتفاق. وأجاب أبو حاتم ابن حبان – وهو ممن يقول: إن تحريم كلام كان بمكة -: واجيب عن هذا بجوابين: أحدهما: أن زيد بن أرقم حكى حال الأنصار وصلاتهم بالمدينة قبل هجرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إليهم، وأنهم كانوا يتكلمون حينئذ في الصلاة؛ فإن الكلام حينئذ كانَ مباحاً، وكان النَّبيّ إذ ذاك بمكة، فحكى زيد صلاتهم تلك الأيام، لا أن نسخ الكلام كانَ بالمدينة. قلت: هذا ضعيف؛ لوجهين: أحدهما: أن في رواية الترمذي: ((كنا نتكلم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصَّلاة)) ، فدل على أنه حكى حالهم في صلاتهم خلف النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد هجرته إلى المدينة. والثاني: أنه ذكر أنهم لم ينهوا عن الكلام حتى نزلت الاية، وهي إنما نزلت بعد الهجرة بالاتفاق، فعلم أن كلامهم استمر في الصلاة بالمدينة، حتى نزلت هذه الآية 0 ثم قال ابن حبان: والجواب الثاني: أن زيدا حكى حال الصحابة مطلقا، من المهاجرينوغيرهم، ممن كان يصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل تحريم ((الكلام)) في الصلاة، ولم يرد الأنصار، ولا أهل المدينة بخصوصهم، كما يقول القائل: فعلنا كذا، وإنما فعله بعضهم. قلت: وهذا يرده قوله: ((حتى نزلت الآية)) ؛ فإنه يصرح بأن كلامهم استمر إلى حين نزولها، وهي إنما نزلت بالمدينة. وأجاب غير ابن حبان بجوابين آخرين: أحدهما: أنه يحتمل أنه كان نهي عن الكلام متقدما، ثم أذن فيه، ثم نهي عنه لما نزلت الآية. والثاني: أنه يحتمل أن يكون زيد بن أرقم ومن كان يتكلم في الصلاة لم يبلغهم نهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما نزلت الآية انتهوا. وكلا الجوابين فيه بعد، وإنما انتهوا عند نزول الآية، بأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالسكوت، ونهيه عن الكلام، كما تقدم. وقال طائفة أخرى: إنما حرم الكلام في الصلاة بالمدينة؛ لظاهر حديث زيد بن أرقم، ومنعوا أن يكون ابن مسعود رجع من الحبشة إلى مكة، وقالوا: إنما رجع من الحبشة إلى المدينة، قبيل بدر. واستدلوا بماخرجه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) من حديث عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود، قال: بعثنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى النجاشي، ونحن ثمانون رجلا، ومعنا جعفر بن أبي طالب – فذكر الحديث في دخولهم على النجاشي، وفي آخره -: فجاء ابن مسعود، فبادر، فشهد بدرا. وروى آدم ابن أبي إياس في ((تفسيره)) : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال: قدم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، والناس يتكلمون بحوائجهم في الصلاة، كما يتكلم أهل الكتاب، فأنزل الله {{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}} [البقرة:238] ، فسكت القوم عن الكلام. وهذا مرسل. وأبو معشر، هو: نجيح السندي، يتكلمون فيه. وقد اتفق العلماء على أن الصلاة تبطل بكلام الآدميين فيها عمدا لغير مصلحة الصلاة، واختلفوا في كلام الناسي والجاهل والعامد لمصلحة الصلاة. فأماكلام الجاهل، فيأتي ذكره – قريبا. وأما كلام الناسي والعامد لمصلحة، فيأتي ذكره في ((أبواب سجود السهو)) قريبا – إن شاء الله تعالى.3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال1021 - حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، قال: خرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلح بين بني عمرو بن عوف، وحانت الصلاة، فجاء بلال أبا بكر، فقال: حبس النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتؤم الناس؟ فقالَ: نعم، إن شئتم، فأقام بلال الصَّلاة -، فتقدم أبو بكر فصلى، فجاء النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشي في الصفوف يشقها شقاً، حتَّى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح – قالَ سهل: تدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق -، وكان أبو بكر لايلتفت في صلاته، فلما أكثروا إلتفت، فإذا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الصف، فأشار إليه مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله، ثم رجع القهقرى وراءه، وتقدم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصلى. التصفيق والتصفيح، من الناس من قال: هما بمعنى واحد -: قاله الأصمعي وغيره. وقال الخطابي: التصفيح: التصفيق بصفحتي الكف.وقيل: التصفيق: ضرب بباطن الراحة على الأخرى. والتصفيح: الضرب بظاهر الكف على ظهر الأخرى، ويكون المقصود به: الإعلام والإنذار، بخلاف التصفيق؛ فإنه يراد به الطرب واللعب 0 والله أعلم. وقد سبق هذا الحديث في ((أبواب الإمامة)) ، خرجه البخاري فيها من رواية مالك، عن أبي حازم. وذكرنا هنالك عامة فوائده، وأشرنا إلى الاختلاف فيمن حمد الله في صلاته أو سبح لحادث حدث له، وهل تبطل بذلك صلاته، أم لا؟ وذكرنا ذَلِكَ – أيضا – في ((باب: إجابة المؤذن)) . وأكثر العلماء على أنه لا تبطل صلاته بذلك. فحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وهو – أيضا – قول مالك والشافعي. وسواء قصد بذلك تنبيه غيره، أم لم يقصد. قال إسحاق – فيما نقله، عنه حرب -: إن قرأ آية فيها ((لا إله إلا الله)) ، فأعادها لاتفسد صلاته، وإن انقض كوكب، فقال: ((لا إله إلا الله)) ، تعجباً وتعمداً، فهو كلام يعيد الصلاة، وكذا إذا لدغته عقرب، فقال: ((بسم الله)) . وقال عبيد الله بن الحسن: فيمن رمي في صلاته، فقال: ((بسم الله)) : لم تنقطع صلاته، هو كمن عطس فحمد الله. وقال في الذي يذكر النعمة وهو في الصلاة، فيحمد الله عليها، وإن ذلك حسناً.وقال عطاء: ما جرى على لسان الرجل في الصلاة، فما له أصل في القرآن فليس بكلام. وقالت طائفة: تبطل صلاته، وهو رواية عن أحمد وإسحاق. ومذهب أبي حنيفة: إن قاله ابتداء فليس بكلام، وإن قاله جواباً فهو كلام. قال بعض أصحابنا: هذه الرواية عن أحمد بالبطلان، هي قول أبي حنيفة ومحمد، أنه يبطل الصلاة، فكل ذكر يأتي به المصلي في غير موضعه، إلاّ في تنبيه المأموم على سهوه، وتنبيه المار بين يده ليرجع. وكذلك الخلاف إذا بشر بما يسره، فقال: ((الحمد لله)) ، أو بما يسوؤه، فقال: ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) ، أو عطس، فحمد الله، أو فتح على غير إمامه، أو خاطب إنسانا بشيء من القرآن قاصداً للقراءة والتنبيه. وأصح الروايتين عن أحمد: أن الصلاة لا تبطل بذلك، كقول جمهور العلماء. وفي ((الصحيحين)) ، عن عائشة، أن أسماء أختها لما سالتها وهي تصلي صلاة الكسوف، فأشارت برأسها إلى السماء، وقالت: ((سبحان الله)) . واحتج أحمد بما ذكره عن علي، أنه كان في صلاة الفجر، فمر بعض الخوارج، فناداه: {{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}} [الزمر: 65] ، فأجابه علي وهو في صلاته: {{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لايُوقِنُونَ}} [الروم:60] . وروي عن ابن مسعود، أنه استأذن عليه رجل وهو يصلي، فقال: {{ادْخُلُوا مِصْرَ إن شاء اللَّهُ آمِنِينَ}} [يوسف: 99] . وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يفعله. وخرج الإمام أحمد من حديث علي، قال: كانت لي ساعة من السحر أدخل على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن كان في صلاة سبح، فكان إذنه لي. ومن حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((إذن الرجل إذا كان في صلاة أن يسبح، وإذن المرأة أن تصفق)) .وقد روي، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن رجلاً عطس وراءه في الصلاة، فحمد الله، فأخبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قضى صلاته بابتدار الملائكة لها، وكتابتها. وقد خرجه أبو داود والترمذي والنسائي، من حديث رفاعة بن رافع. وخرجه أبو داود – أيضا – من حديث عامر بن ربيعة – بمعناه. وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم، أنهم حملوا ذلك على التطوع، وقالوا: في المكتوبة يحمد الله في نفسه. وهذا التفريق، هو قول مكحول، ورواية عن أحمد. وقولهم: ((يحمد الله في نفسه)) ، ويحتمل أنهم أرادوا أنه يحمده بقلبه ولا يتلفظ به، ويحتمل أنهم أرادوا انه لا يجهر به. وكذا قال النخعي: في الرجل يعطس في الصلاة: يحمد الله، ولا يجهر. وقال الحسن: يحمد الله في المكتوبة وغيرها. وكذا نقله حرب، عن إسحاق.وروى عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: سمعت ابا طلحة: سمعت ابن عمر يقول في العاطس في الصلاة: يجهر بالحمد. وأما تخصيص البخاري جواز التسبيح والحمد في الصلاة للرجال؛ فلأن المرأة تخالف الرجل في التسبيح للتنبيه، وإنما تنبه بالتصفيح، كما ياتي ذكره، فلا يشرع لها التسبيح والتحميد في غير ذَلِكَ – أيضا. لكن حكمها حكم الرجل في القول بالإبطال وعدمه، وإنما يختلفان في الكراهة؛ فإن المرأة لايشرع لها رفع صوتها في الصَّلاة بقرآن ولا ذكر.4 - باب من سمى قوماً أو سلم في الصلاة على غيره وهو لا يعلم1202 - حدثنا عمرو بن عيسى: حدثنا أبو عبد الصمد العمي عبد العزيز بن عبد الصمد: ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نقول: التحية في الصلاة، ونسمي، ويسلم بعضنا على بعض، فسمعه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ((قولوا التحيات لله)) . فذكر التشهد بتمامه، ثم قال: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض)) . وقد تقدم هذا الحديث في ((أبواب التشهد)) بألفاظ أخر. وفي بعضها: أنهم كانوا يقولون: السلام على الله، والسلام على جبريل وميكائيل، وعلى فلان وفلان.فأماالسلام على الله فهو كلام غير جائز، ولهذا قال لهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لا تقولوا السلام على الله)) . وقد خرجه البخاري فيما تقدم. وأما السلام على أشخاص معينين، فإن كان بلفظ الغيبة، فأكثر العلماء على أنه لايبطل الصلاة. وقال الثوري وأبو حنيفة: هو كلام. وقد سبق ذكر ذلك في ((أبواب التشهد)) . وإن كان بلفظ الخطاب، فهو كرد السلام في الصلاة على من يسلم، ويأتي ذكره – إن شاء الله تعالى. وفي هذا الحديث: دليل على أن من تكلم في صلاته جاهلا، أنه لا تبطل صلاته؛ فإن كلام الجاهل قسمان: أحدهما: أن يتكلم في صلاته جاهلا بأن الكلام في الصلاة ممنوع، وهذا يقع من كثير من أعراب البوادي وغيرهم ممن هو حديث عهد بالإسلام، وقد كان هذا يقع في أول الإسلام كثيراً. قالت الشافعية: ولا يعذر بذلك إلاّ قريب العهد بالإسلام، فأمامن طال عهده بالإسلام فتبطل صلاته؛ لتقصيره في التعلم، وكذا لو علم تحريم الكلام في الصَّلاة، ولم يعلم أنه مبطل لها، كما لو علم تحريم الزنا، ولم يعلم حدّه، فإنه يحدّ بغير خلاف. والثاني: أن يتكلم بكلام يظنه جائزاً، وهو في نفسه غير جائز التكلمبه في الصلاة وغيرها، كقولهم: ((السلام على الله)) ، أو يتكلم بكلام يظنه جائزاً في الصلاة، كما أنه جائز في غيرها، كرد السلام وتشميت العاطس. وقد اختلف العلماء في حكم الجاهل في الصلاة: فمنهم من قال: حكمه حكم كلام الناسي، وهو قول مالك والشافعي، وهو أحد الوجهين لأصحابنا. ومنهم من قال: تبطل، بخلاف كلام الناسي، وهو قول المالكية. والثالث: لا تبطل وإن قلنا: يبطل كلام الناسي، وهو قول طائفة من أصحابنا. ويدل له: ما خرجه البخاري في ((الأدب)) من ((صحيحه)) هذا من حديث أبي هريرة، قال: قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الصلاة، وقمنا معه، فقال أعرابي –وهو في الصلاة -: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي، قال للأعرابي: ((لقد حجرت واسعاً)) –يريد: رحمة الله. وفي ((صحيح مسلم)) عن معاوية بن الحكم السلمي: أنه صلى خلف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعطس رجل من القوم، فقال له: يرحمك الله. قال: فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم، تنظرون إلي؟ قالَ: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. وقال: فلما رأيتهميصمتونني، لكني سكت، فلما صلى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ لهُ: ((إن هذه الصَّلاة لايصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القران)) – أو كما قالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولم ينقل أنه أمر أحدا بالإعادة. وكذلك روي، عن معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وغيرهما. قال أصحابنا: ولأن الكلام كان مباحاً في أول الإسلام، ثم نسخ، والنسخ لا يثبت في حق الجاهل قبل العلم، بدليل قصة أهل قباء في القبلة. ولكن هذا إنما يصح في حق من تمسك بالإباحة السابقة، ولم يبلغه نسخها، فأمامن لا يعلم شيئاً من ذلك، فلا يصح هذا في حقه. وكذلك من تكلم بكلام محرم في نفسه، وهو يظن جوازه، كقول القائل: ((السلام على الله)) ، وقول الآخر: ((اللهم، ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً)) . وللشافعية – فيمن علم أن جنس الكلام محرم في الصلاة، ولم يعلم أن ما تكلم به محرم: هل يعذر بذلك ولا تبطل صلاته؟ - وجهان، أصحهما: يعذر به. وكذلك لو جهل أن التنحنح ونحوه مبطل للصلاة.5 - باب التصفيق للنساء فيه حديثان: أحدهما:1203 - حدثنا علي بن عبد الله: ثنا سفيان: ثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، [عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] ، قال: ((التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء)) . وخرجه مسلم – أيضا. وخرجه – أيضا – من طريق يونس، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة ومن طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. ومن طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة، وزاد في حديثه: ((في الصلاة)) . وخرجه النسائي من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة.وخرجه أبو داود من حديث رجل من الطفاوة، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال لهم: ((إن نساني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح القوم، وليصفق النساء)) . وله طرق أخرى، عن أبي هريرة. الحديث الثاني:

    (كِتَابُ الكُسُوفِ)

    أَي: هَذِه أَبْوَاب فِي بَيَان أُمُور الْكُسُوف، وَفِي بعض النّسخ: كتاب الْكُسُوف، وَالْكتاب يجمع الْأَبْوَاب، وَأَصله: من كسفت حَاله أَي: تَغَيَّرت، وَهُوَ نُقْصَان الضَّوْء، وَالْأَشْهر فِي ألسن الْفُقَهَاء تَخْصِيص الْكُسُوف بالشمس والخسوف بالقمر، وَادّعى الْجَوْهَرِي أَنه الْأَفْصَح، وَقيل: هما يستعملان فيهمَا، وَبَوَّبَ لَهُ البُخَارِيّ بَابا كَمَا سَيَأْتِي. وَقيل: الْكُسُوف للقمر والخسوف للشمس، وَهُوَ مَرْدُود. وَقيل: الْكُسُوف أَوله، والخسوف آخِره، وَقَالَ اللَّيْث بن سعد: الخسوف فِي الْكل، والكسوف فِي الْبَعْض. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً فِيمَا تقدم.


    (بابُُ الصَّلاةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة صَلَاة كسوف الشَّمْس، وَالْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع: الأول: أَنه لَا خلاف فِي مَشْرُوعِيَّة صَلَاة الْكُسُوف والخسوف، وأصل مشروعيتها بِالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة. أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى: {{وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إلاّ تخويفا}} (الْإِسْرَاء: 95) . والكسوف آيَة من آيَات الله المخوفة، وَالله تَعَالَى يخوف عباده ليتركوا الْمعاصِي ويرجعوا إِلَى طَاعَة الله الَّتِي فِيهَا فوزهم. وَأما السّنة فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من هَذِه الأفزاع فافزعوا إِلَى الصَّلَاة) . وَأما الْإِجْمَاع، فَإِن الْأمة قد اجْتمعت عَلَيْهَا من غير إِنْكَار اُحْدُ. الثَّانِي: أَن سَبَب مشروعيتها هُوَ الْكُسُوف، فَإِنَّهَا تُضَاف إِلَيْهِ وتتكرر بتكرره. الثَّالِث: أَن شَرط جَوَازهَا هُوَ مَا يشْتَرط بِسَائِر الصَّلَوَات. الرَّابِع: أَنَّهَا سنة وَلَيْسَت بواجبة، وَهُوَ الْأَصَح. وَقَالَ بعض مَشَايِخنَا: إِنَّهَا وَاجِبَة لِلْأَمْرِ بهَا. وَنَصّ فِي (الْأَسْرَار) على وُجُوبهَا، وَصرح أَبُو عوَانَة أَيْضا بِوُجُوبِهَا، وَعَن مَالك أَنه: أجراها مجْرى الْجُمُعَة، وَقيل: إِنَّهَا فرض كِفَايَة
    واستبعد ذَلِك. الْخَامِس: أَنَّهَا تصلى فِي الْمَسْجِد الْجَامِع أَو فِي مصلى الْعِيد. السَّادِس: أَن وَقتهَا هُوَ الْوَقْت الَّذِي يسْتَحبّ فِيهِ سَائِر الصَّلَوَات دون الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة، وَبِه قَالَ مَالك. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يكره فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة. السَّابِع: فِي كمية عدد ركعاتها، فَعِنْدَ اللَّيْث بن سعد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر: صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ، فِي كل رَكْعَة ركوعان وسجودان، فَتكون الْجُمْلَة أَربع ركوعات وَأَرْبع سَجدَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَعند طَاوُوس وحبِيب بن أبي ثَابت وَعبد الْملك بن جريج: رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة أَربع ركوعات وسجدتان، فَتكون الْجُمْلَة ثَمَان ركوعات وَأَرْبع سَجدَات، ويحكى هَذَا عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَعند قَتَادَة وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَإِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر: رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة ثَلَاث ركوعات وسجدتان، فَتكون الْجُمْلَة سِتّ ركوعات وَأَرْبع سَجدَات، وَعند سعيد بن جُبَير وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي رِوَايَة، وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَبَعض الشَّافِعِيَّة: لَا تَوْقِيت فِيهَا، بل يُطِيل أبدا وَيسْجد إِلَى أَن تنجلي الشَّمْس. وَقَالَ عِيَاض: وَقَالَ بعض أهل الْعلم: إِنَّمَا ذَلِك بِحَسب مكث الْكُسُوف، فَمَا طَال مكثه زَاد تَكْرِير الرُّكُوع فِيهِ، وَمَا قصر اقْتصر فِيهِ، وَمَا توَسط اقتصد فِيهِ قَالَ: وَإِلَى هَذَا نحا الْخطابِيّ وَيحيى وَغَيرهمَا. وَقد يعْتَرض عَلَيْهِ بِأَن طولهَا ودوامها لَا يعلم من أول الْحَال وَلَا من الرَّكْعَة الأولى، وَعند إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد هِيَ: رَكْعَتَانِ كَسَائِر صَلَاة التَّطَوُّع فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد وسجدتان، ويروى ذَلِك عَن ابْن عمر وَأبي بكرَة وَسمرَة بن جُنْدُب وَعبد الله بن عَمْرو وَقبيصَة الْهِلَالِي والنعمان بن بشير وَعبد الرَّحْمَن ابْن سَمُرَة وَعبد الله بن الزبير، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس. وَفِي (الْمُحِيط) : عَن أبي حنيفَة: إِن شاؤا صلوها رَكْعَتَيْنِ وَإِن شاؤا أَرْبعا. وَفِي (الْبَدَائِع) : وَإِن شاؤا أَكثر من ذَلِك، هَكَذَا رَوَاهُ الْحسن عَن أبي حنيفَة، وَعند الظَّاهِرِيَّة: يُصَلِّي لكسوف الشَّمْس خَاصَّة إِن كسفت من طُلُوعهَا إِلَى أَن يصلى الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَإِن كسفت من بعد صَلَاة الظّهْر إِلَى أَخذهَا فِي الْغُرُوب صلى أَربع رَكْعَات كَصَلَاة الظّهْر، وَالْعصر وَفِي كسوف الْقَمَر خَاصَّة: إِن كسف بعد صَلَاة الْمغرب إِلَى أَن يُصَلِّي الْعشَاء الْآخِرَة صلى ثَلَاث رَكْعَات كَصَلَاة الْمغرب، وَإِن كسفت بعد صَلَاة الْعَتَمَة إِلَى الصُّبْح صلى أَرْبعا كَصَلَاة الْعَتَمَة، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث النُّعْمَان بن بشير: (إِذا خسفت الشَّمْس وَالْقَمَر فصلوا كأحدث صَلَاة صليتموها) .
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1006 ... ورقمه عند البغا:1040 ]
    - حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ يُونُسَ عنِ الحَسَنِ عنْ أبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عنْدَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ فدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ فإذَا رَأيْتُمُوهُمَا فَصَلّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ..مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد كسوف الشَّمْس.ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن عون، مر فِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة. الثَّانِي: خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان الوَاسِطِيّ. الثَّالِث: يُونُس بن عبيد. الرَّابِع: الْحسن الْبَصْرِيّ. الْخَامِس: أَبُو بكرَة، نفيع بن الْحَارِث، وَقد تقدم.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن الْإِسْنَاد كُله بصريون غير خَالِد. وَفِيه: أَن رِوَايَة الْحسن عَن أبي بكرَة مُتَّصِلَة عِنْد البُخَارِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ،، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ مُرْسل، وَقَالَ أَبُو الْوَلِيد فِي (كتاب الْجرْح وَالتَّعْدِيل) : أخرج البُخَارِيّ حَدِيثا فِيهِ الْحسن: سَمِعت أَبَا بكرَة، فتأوله الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره من الْحفاظ على أَنه: الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، لِأَن الْبَصْرِيّ لم يسمع عِنْدهم من أبي بكرَة، وَالصَّحِيح أَن الْحسن فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَكَذَا قَالَه الدَّاودِيّ فِيمَا ذكره ابْن بطال،ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صَلَاة الْكُسُوف عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد بن زيد وَعَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث وَفِي اللبَاس عَن مُحَمَّد عَن عبد الْأَعْلَى، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن عمرَان بن مُوسَى عَن عبد الْوَارِث نَحوه، وَفِي التَّفْسِير عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يزِيد مقطعا وَعَن عَمْرو بن عَليّ وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى، كِلَاهُمَا عَن
    خَالِد وَفِيه وَفِي التَّفْسِير أَيْضا عَن قُتَيْبَة بِبَعْضِه وَعَن مُحَمَّد بن كَامِل.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فانكسفت) يُقَال: كسفت الشَّمْس، بِفَتْح الْكَاف، وانكسفت بِمَعْنى، وَأنكر الْقَزاز: انكسفت، والْحَدِيث يرد عَلَيْهِ. قَوْله: (يجر رِدَاءَهُ) ، جملَة وَقعت حَالا، وَزَاد فِي اللبَاس من وَجه آخر عَن يُونُس: مستعجلاً. وللنسائي فِي رِوَايَة يزِيد ابْن زُرَيْع عَن يُونُس: من العجلة، قَوْله: (فَإِذا رأيتموها) ، بتوحيد الضَّمِير، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (فَإِذا رأيتموهما) ، بتثنية الضَّمِير، وَجه الأول أَن الضَّمِير يرجع إِلَى الكسفة الَّتِي يدل عَلَيْهَا قَوْله: (لَا يكسفان) . أَو الْآيَة، لِأَن الكسفة آيَة من الْآيَات، وَوجه الثَّانِي ظَاهر، لِأَن الْمَذْكُور الشَّمْس وَالْقَمَر.ذكر استنباط الْأَحْكَام: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: اسْتدلَّ بِهِ أَصْحَابنَا على أَن صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ، لِأَنَّهُ مُصَرح فِيهِ بقوله: (فصلى ركعتينن) ، وَكَذَلِكَ روى جمَاعَة من الصَّحَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ. مِنْهُم: ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج حَدِيثه ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) عَنهُ: (انكسفت الشَّمْس فَقَالَ النَّاس: إِنَّمَا انكسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى رَكْعَتَيْنِ) . وَمِنْهُم: عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج حَدِيثه مُسلم: (انخسفت الشَّمْس فَانْطَلَقت، فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يسبح وَيكبر وَيَدْعُو، حَتَّى انجلت الشَّمْس، وَقَرَأَ سورتين وَركع رَكْعَتَيْنِ) . وَأخرجه الْحَاكِم، وَلَفظه: (وَقَرَأَ سورتين فِي رَكْعَتَيْنِ) . وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.، وَأخرجه النَّسَائِيّ وَلَفظه: (فصلى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات) . وَمِنْهُم: سَمُرَة بن جُنْدُب، أخرج حَدِيثه الْأَرْبَعَة أَصْحَاب السّنَن، وَفِيه: (فصلى فَقَامَ بِنَا كأطول مَا قَامَ بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، قَالَ: ثمَّ ركع بِنَا كأطول مَا ركع بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، قَالَ: ثمَّ سجد بِنَا كأطول مَا سجد بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، قَالَ: ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك) . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح. وَمِنْهُم: النُّعْمَان بن بشير، أخرج حَدِيثه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي الْبَصْرِيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا شريك عَن عَاصِم الْأَحول عَن أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان بن بشير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس كَمَا تصلونَ رَكْعَة وسجدتين) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو قلَابَة لم يسمع من النُّعْمَان، والْحَدِيث مُرْسل قلت: صرح فِي (الْكَمَال) بِسَمَاعِهِ عَن النُّعْمَان، وَقَالَ ابْن حزم: أَبُو قلَابَة أدْرك النُّعْمَان وروى هَذَا الْخَبَر عَنهُ، وَصرح ابْن عبد الْبر بِصِحَّة هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: من أحسن حَدِيث ذهب إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ حَدِيث أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان، وَأَبُو قلَابَة أحد الْأَعْلَام، واسْمه: عبد الله بن زيد الْجرْمِي، والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضا. وَمِنْهُم: عبد الله بن عَمْرو ابْن الْعَاصِ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أخرج حَدِيثه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ربيع الْمُؤَذّن، قَالَ: حَدثنَا أَسد، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو، وَقَالَ: كسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ بِالنَّاسِ فَلم يكد يرفع ثمَّ رفع فَلم يكد يسْجد ثمَّ سجد فَلم يكد يرفع ثمَّ رفع، وَفعل فِي الثَّانِيَة مثل ذَلِك، فَرفع رَأسه وَقد امحصت الشَّمْس) . وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ: صَحِيح وَلم يخرجَاهُ من أجل عَطاء بن السَّائِب. قلت: قد أخرج البُخَارِيّ لعطاء هَذَا حَدِيثا مَقْرُونا بِأبي بشر، وَقَالَ أَيُّوب: هُوَ ثِقَة، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَأحمد فِي (مُسْنده) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) . وَمِنْهُم: قبيصَة الْهِلَالِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرج حَدِيثه أَبُو دَاوُد، قَالَ: (كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج فَزعًا يجر ثَوْبه وَأَنا مَعَه يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فصلى رَكْعَتَيْنِ) الحَدِيث، وَفِيه: (فَإِذا رأيتموها فصلوا كأحدث
    صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة)
    . وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من طَرِيقين، فَفِي طَرِيقه الأولى: عَن قبيصَة البَجلِيّ، وَفِي الثَّانِيَة: عَن قبيصَة الْهِلَالِي وَغَيره، وكل مِنْهُمَا صَحَابِيّ على مَا ذكره الْبَعْض، وَذكر أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي (مُعْجم الصَّحَابَة) أَولا قبيصَة الْهِلَالِي فَقَالَ: سكن الْبَصْرَة وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَادِيث، ثمَّ ذكر قبيصَة آخر، فَقَالَ: قبيصَة يُقَال: إِنَّه البَجلِيّ، وَيُقَال: الْهِلَالِي: سكن الْبَصْرَة، وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا. حَدثنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي حَدثنَا عبد الْوَارِث حَدثنَا أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن قبيصَة قَالَ: (انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَادَى فِي النَّاس، فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ، فَأطَال فيهمَا حَتَّى انجلت الشَّمْس، فَقَالَ: إِن هَذِه الْآيَة تخويف يخوف الله بهَا عباده فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك: فصلوا كأخف صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة) . وَقَالَ أَبُو نعيم: ذكر بعض الْمُتَأَخِّرين قبيصَة البَجلِيّ وَهُوَ عِنْدِي قبيصَة بن مُخَارق الْهِلَالِي، والبجلي وهم قلت: رِوَايَة الطَّحَاوِيّ وَكَلَام الْبَغَوِيّ يدلان على أَنَّهُمَا اثْنَان. قَوْله: (كأحدث صَلَاة) ، يَعْنِي: كأقرب صَلَاة. قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ إِن آيَة من هَذِه الْآيَات إِذا وَقعت مثلا بعد الصُّبْح يصلى وَيكون فِي كل رَكْعَة ركوعان، وَإِن كَانَت بعد الْمغرب يكون فِي كل رَكْعَة ثَلَاث ركوعات، وَإِن كَانَت بعد الرّبَاعِيّة يكون فِي كل رَكْعَة أَربع ركوعات. وَقَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ أَن آيَة من هَذِه الْآيَات إِذا وَقعت عقيب صَلَاة جهرية يصلى ويجهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَإِن وَقعت عقيب صَلَاة سَرِيَّة يصلى ويخافت فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ. قلت: رِوَايَة الْبَغَوِيّ: كأخف صَلَاة، تدل على أَن المُرَاد كَمَا وَقع فِي صَلَاة من الْمَكْتُوبَة فِي الخفة، وَهِي صَلَاة الصُّبْح، وَأَرَادَ بِهِ أَنه يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاة الصُّبْح بركوعين وَأَرْبع سَجدَات. فَافْهَم. وَمِنْهُم: عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج حَدِيثه أَحْمد من رِوَايَة حَنش عَنهُ قَالَ: (كسفت الشَّمْس فصلى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، للنَّاس فَقَرَأَ يس أَو نَحْوهَا، ثمَّ ركع نَحوا من قدر سُورَة، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: سمع الله لمن حَمده، ثمَّ سجد ثمَّ قَامَ إِلَى الرَّكْعَة الثَّانِيَة، فَفعل كَفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَة الأولى، ثمَّ جلس يَدْعُو ويرغب حَتَّى انجلت الشَّمْس، ثمَّ حَدثهمْ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَذَلِك فعل) . وروى ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح (عَن السَّائِب بن مَالك، وَالِد عَطاء: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صلى فِي كسوف الْقَمَر رَكْعَتَيْنِ) . وَفِي (علل ابْن أبي حَاتِم) : السَّائِب لَيست لَهُ صُحْبَة، وَالصَّحِيح إرْسَاله، وَرَوَاهُ بَعضهم عَن أبي إِسْحَاق عَن السَّائِب بن مَالك عَن ابْن عمر عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروى ابْن أبي شيبَة أَيْضا بِسَنَد صَحِيح (عَن إِبْرَاهِيم: كَانُوا يَقُولُونَ: إِذا كَانَ ذَلِك فصلوا كصلاتكم حَتَّى تنجلي) . وَحدثنَا وَكِيع حَدثنَا إِسْحَاق بن عُثْمَان الْكلابِي (عَن أبي أَيُّوب الهجري، قَالَ: انكسفت الشَّمْس بِالْبَصْرَةِ وَابْن عَبَّاس أَمِير عَلَيْهَا، فَقَامَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقَرَأَ فَأطَال الْقِرَاءَة. ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ سجد، ثمَّ فعل مثل ذَلِك فِي الثَّانِيَة، فَلَمَّا فرغ قَالَ: هَكَذَا صَلَاة الْآيَات! قَالَ: فَقلت: بِأَيّ شَيْء قَرَأَ فيهمَا؟ قَالَ: بالبقرة وَآل عمرَان) . وَحدثنَا وَكِيع عَن يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن الْحسن (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي كسوف رَكْعَتَيْنِ، فَقَرَأَ فِي إِحْدَاهمَا بِالنَّجْمِ) وَفِي (الْمحلى) أَخذ بِهَذَا طَائِفَة من السّلف، مِنْهُم عبد الله بن الزبير صلى فِي الْكُسُوف رَكْعَتَيْنِ كَسَائِر الصَّلَوَات. فَإِن قيل: قد خطأه فِي ذَلِك أَخُوهُ عُرْوَة. قُلْنَا: عُرْوَة أَحَق بالْخَطَأ من عبد الله الصاحب الَّذِي عمل بِعلم، وَعُرْوَة أنكر مَا لم يعلم، وَذهب ابْن حزم إِلَى الْعَمَل بِمَا صَحَّ من الْأَحَادِيث فِيهَا، ونحا نَحوه ابْن عبد الْبر، فَقَالَ: وَإِنَّمَا يصير كل عَالم إِلَى مَا روى عَن شُيُوخه، وَرَأى عَلَيْهِ أهل بَلَده، وَقد يجوز أَن يكون ذَلِك اخْتِلَاف إِبَاحَة وتوسعة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَبِه قَالَ ابْن رَاهَوَيْه وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو بكر بن إِسْحَاق والخطابي، وَاسْتَحْسنهُ ابْن الْمُنْذر، وَقَالَ ابْن قدامَة: مُقْتَضى مَذْهَب أَحْمد أَنه يجوز أَن تصلى صَلَاة الْكُسُوف على كل صفة، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف مرَارًا، فَحكى كل مَا رأى، وَكلهمْ صَادِق كَالنُّجُومِ، من اقْتدى بهم اهْتَدَى، وَذهب الْبَيْهَقِيّ إِلَى أَن الْأَحَادِيث المروية فِي هَذَا الْبابُُ كلهَا ترجع إِلَى صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسوف الشَّمْس يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم. وَقد روى فِي حَدِيث كل وَاحِد مِنْهُم مَا يدل على ذَلِك، وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ أُولَئِكَ الْأَئِمَّة توفيق بَين الْأَحَادِيث، وَإِذا عمل بِمَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ حصل بَينهَا خلاف يلْزم مِنْهُ سُقُوط بَعْضهَا وإطراحه، وَإِنَّمَا يدل على وَهن قَوْله مَا روته عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عِنْد النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي كسوف فِي صفة زَمْزَم يَعْنِي بِمَكَّة، وَأكْثر الْأَحَادِيث كَانَت بِالْمَدِينَةِ، فَدلَّ ذَلِك على التَّعَدُّد، وَكَانَت وَفَاة إِبْرَاهِيم يَوْم الثُّلَاثَاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر، وَدفن بِالبَقِيعِ، وَالْحَاصِل فِي ذَلِك أَن أَصْحَابنَا تعلقوا بِأَحَادِيث من ذَكَرْنَاهُمْ من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ورأوها أولى من رِوَايَة غَيرهم، نَحْو حَدِيث عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَغَيرهمَا، لموافقتها الْقيَاس فِي أَبْوَاب الصَّلَاة،وَقد نَص فِي حَدِيث أبي بكرَة على رَكْعَتَيْنِ صَرِيحًا. بقوله: (فصلى رَكْعَتَيْنِ) ، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (كَمَا تصلونَ) ، وَحمل ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ على أَن الْمَعْنى: كَمَا تصلونَ فِي الْكُسُوف، بعيد وَظَاهر الْكَلَام يردهُ. فَإِن قلت: خَاطب أَبُو بكرَة بذلك أهل الْبَصْرَة، وَقد كَانَ ابْن عَبَّاس علمهمْ أَن صَلَاة الْكُسُوف رَكْعَتَانِ، فِي كل رَكْعَة ركوعان. قلت: حَدِيث أبي بكرَة إِخْبَار عَن الَّذِي شَاهده من صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ فِيهِ خطاب أصلا، وَلَئِن سلمنَا أَنه خَاطب بذلك من الْخَارِج، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا حمله ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ، لِأَن الْمَعْنى: كَمَا كَانَت عبادتكم فِيمَا إِذا صليتم رَكْعَتَيْنِ بركوعين وَأَرْبع سَجدَات، على مَا تقرر شَأْن الصَّلَوَات على هَذَا. وَقَالَ بَعضهم: وَظهر أَن رِوَايَة أبي بكرَة مجملة وَرِوَايَة جَابر: أَن فِي كل رَكْعَة ركوعين، مبينَة، فالأخذ بالمبين أولى قلت: لَيْت شعري أَيْن الْإِجْمَال فِي حَدِيث أبي بكرَة؟ هَل هُوَ إِجْمَال لغَوِيّ أَو إِجْمَال اصطلاحي؟ وَلَيْسَ هَهُنَا أثر من ذَلِك؟ وَلَو قَالَ هَذَا الْقَائِل: الْأَخْذ بِحَدِيث
    جَابر أولى لِأَن فِيهِ زِيَادَة، وَالْأَخْذ بِالزِّيَادَةِ فِي رِوَايَات الثِّقَات أولى وأجدر. فَنَقُول: وَإِن كَانَ الْأَمر هَذَا، وَلَكِن الْأَخْذ بِمَا يُوَافق الْأُصُول أولى. وأعجب من هَذَا أَن هَذَا الْقَائِل ادّعى اتِّحَاد الْقِصَّة، وَقد أبطلنا ذَلِك عَن قريب.الثَّانِي من الْوُجُوه: الِاسْتِدْلَال بقوله: (حَتَّى انجلت) ، على إطالة الصَّلَاة، حَتَّى يَقع الانجلاء، وَلَا تكون الإطالة إلاّ بتكرار الرَّكْعَات والركوعات وَعدم قطعهَا إِلَى الانجلاء، وَأجَاب الطَّحَاوِيّ عَن ذَلِك بِأَنَّهُ قد قَالَ فِي بعض الْأَحَادِيث: (فصلوا وَادعوا حَتَّى ينْكَشف) . ثمَّ روى بِإِسْنَادِهِ، حَدِيثا عَن عبد الله بن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله تَعَالَى لَا ينكسفان لمَوْت أحد أرَاهُ قَالَ: وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ مثل ذَلِك فَعَلَيْكُم بِذكر الله وَالصَّلَاة) . فَدلَّ ذَلِك على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يرد مِنْهُم مُجَرّد الصَّلَاة، بل أَرَادَ مِنْهُم مَا يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَى الله تَعَالَى من الصَّلَاة وَالدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَغير ذَلِك، نَحْو: الصَّدَقَة والعتاقة. وَقَالَ بَعضهم بعد أَن نقل بعض كَلَام الطَّحَاوِيّ فِي هَذَا: وَقَررهُ ابْن دَقِيق الْعِيد بِأَنَّهُ جعل الْغَايَة لمجموع الْأَمريْنِ، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون غَايَة لكل مِنْهُمَا على انْفِرَاده. فَجَاز أَن يكون الدُّعَاء ممتدا إِلَى غَايَة الانجلاء بعد الصَّلَاة، فَيصير غَايَة للمجموع وَلَا يلْزم مِنْهُ تَطْوِيل الصَّلَاة وَلَا تكريرها. قلت: فِي الحَدِيث أَعنِي حَدِيث أبي بكرَة: (فصلوا وَادعوا حَتَّى ينْكَشف مَا بكم) ، فقد ذكر الصَّلَاة وَالدُّعَاء بواو الْجمع، فَاقْتضى أَن يجمع بَينهمَا إِلَى وَقت الانجلاء قبل الْخُرُوج من الصَّلَاة، وَذَلِكَ لَا يكون إلاّ بإطالة الرُّكُوع وَالسُّجُود بِالذكر فيهمَا وبإطالة الْقِرَاءَة أما إطالة الرُّكُوع والسجزد فقد وَردت فِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي رِوَايَة مُسلم: (مَا ركعت رُكُوعًا قطّ وَلَا سجدت سجودا قطّ كَانَ أطول مِنْهُ) . وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَيْضا: (ثمَّ سجد سجودا طَويلا) . وَقَالَ أَيْضا (فصلى بأطول قيام وركوع وَسُجُود) . وَأما إطالة الْقِرَاءَة فَفِي حَدِيث عَائِشَة: (فَأطَال الْقِرَاءَة) ، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (فَقَامَ قيَاما طَويلا قدر نَحْو سُورَة الْبَقَرَة) ، وَلَا يشك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن فِي طول قِيَامه ساكتا، بل كَانَ مشتغلاً بِالْقِرَاءَةِ وبالدعاء، وَإِذا مد الدُّعَاء بعد خُرُوجه من الصَّلَاة لَا يكون جَامعا بَين الصَّلَاة وَالدُّعَاء فِي وَقت وَاحِد، لِأَن خُرُوجه من الصَّلَاة يكون قَاطعا للْجمع، وَلَا شكّ أَن الْوَاو تدل على الْجمع، وَقد وَقع فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، قَالَ: (كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيسْأل عَنْهَا حَتَّى انجلت) . فَهَذَا يدل على أَن إطالته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت بتعداد الرَّكْعَات، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: (رَكْعَتَيْنِ) أَي: ركوعين وَأَن يكون السُّؤَال وَقع بِالْإِشَارَةِ فَلَا يلْزم التّكْرَار قلت: مُرَاد هَذَا الْقَائِل الرَّد على الْحَنَفِيَّة فِي قَوْلهم أَن صَلَاة الْكُسُوف كَسَائِر الصَّلَوَات بِلَا تكْرَار الرُّكُوع، لما ذكرنَا وَجه ذَلِك، وَلَا يساعده مَا يذكرهُ لِأَن تَأْوِيله: رَكْعَتَيْنِ بركوعين، تَأْوِيل فَاسد بِاحْتِمَال غير ناشيء عَن دَلِيل، وَهُوَ مَرْدُود. فَإِن قلت: فعلى مَا ذكرت فقد دلّ الحَدِيث على أَنه يُصَلِّي للكسوف رَكْعَتَانِ بعد رَكْعَتَيْنِ، وَيُزَاد أَيْضا إِلَى وَقت الانجلاء، فَأنْتم مَا تَقولُونَ بِهِ؟ قلت: لَا نسلم ذَلِك، وَقد روى الْحسن عَن أبي حنيفَة: إِن شاؤا صلوا رَكْعَتَيْنِ، وَإِن شاؤا صلوا أَرْبعا، وَإِن شاؤا صلوا أَكثر من ذَلِك، ذكره فِي (الْمُحِيط) وَغَيره، فَدلَّ ذَلِك على أَن الصَّلَاة إِن كَانَت بِرَكْعَتَيْنِ يطول ذَلِك بِالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاء فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود إِلَى وَقت الانجلاء، وَإِن كَانَت أَكثر من رَكْعَتَيْنِ فالتطويل يكون بتكرار الرَّكْعَات دون الركوعات، وَقَول الْقَائِل الْمَذْكُور، وَإِن يكون السُّؤَال وَقع بِالْإِشَارَةِ؟ قلت: يرد هَذَا مَا أخرجه عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي قلَابَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما ركع رَكْعَة أرسل رجلا لينْظر: هَل انجلت؟ قلت: فَهَذَا يدل على أَن السُّؤَال فِي حَدِيث النُّعْمَان كَانَ بِالْإِرْسَال لَا بِالْإِشَارَةِ، وَأَنه كلما كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ على الْعَادة يُرْسل رجلا يكْشف عَن الانجلاء. فَإِن قلت: قَوْله: (ركع رَكْعَة) ، يدل على تكْرَار الرُّكُوع قلت: لَا نسلم ذَلِك، بل المُرَاد كلما ركع رَكْعَتَيْنِ من بابُُ إِطْلَاق الْجُزْء على الْكل، وَهُوَ كثير فَلَا يقدر الْمُعْتَرض على رده.الثَّالِث: فِي هَذَا الحَدِيث إبِْطَال مَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعتقدونه من تَأْثِير الْكَوَاكِب فِي الأَرْض، وَقَالَ الْخطابِيّ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَعْتَقِدُونَ أَن الْكُسُوف يُوجب حُدُوث تغير فِي الأَرْض من موت أَو ضَرَر، فَأعْلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اعْتِقَاد بَاطِل، وَأَن الشَّمْس وَالْقَمَر خلقان مسخران لله تَعَالَى، لَيْسَ لَهما سُلْطَان فِي غَيرهمَا وَلَا قدرَة على الدّفع عَن أَنفسهمَا.الرَّابِع: فِيهِ مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ من الشَّفَقَة على أمته وَشدَّة الْخَوْف من آيَة الله تَعَالَى، عز وَجل. الْخَامِس: فِيهِ مَا يدل على أَن جر الثَّوْب لَا يذم إلاّ من قصد بِهِ الْخُيَلَاء، كَمَا صرح بذلك فِي غير هَذَا الحَدِيث. السَّادِس: فِيهِ الْمُبَادرَة إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى، أَلا ترى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ قَامَ، وَهُوَ يجر رِدَاءَهُ مشتغلاً بِمَا نزل؟ السَّابِع: قَالُوا: وَفِيه دلَالَة على أَنه يجمع فِي
    خُسُوف الْقَمَر كَمَا يجمع فِي كسوف الشَّمْس، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَأهل الحَدِيث، وَذهب أَبُو حنيفَة وَأحمد وَمَالك إِلَى أَن: لَيْسَ فِي خُسُوف الْقَمَر جمَاعَة. قلت: أَبُو حنيفَة لم ينف الْجَمَاعَة فِيهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: الْجَمَاعَة فِيهِ غير سنة، بل هِيَ جَائِزَة وَذَلِكَ لتعذر اجْتِمَاع النَّاس من أَطْرَاف الْبَلَد بِاللَّيْلِ، وَكَيف وَقد ورد قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة) ؟ وَقَالَ مَالك: لم يبلغنَا، وَلَا أهل بلدنا، أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع لكسوف الْقَمَر، وَلَا نقل عَن أحد من الْأَئِمَّة بعده أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع فِيهِ. وَنقل ابْن قدامَة فِي (الْمُغنِي) عَن مَالك: لَيْسَ فِي كسوف الْقَمَر سنة وَلَا صَلَاة، وَقَالَ الْمُهلب: يُمكن أَن يكون تَركه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالله أعلم، رَحْمَة للْمُؤْمِنين لِئَلَّا تَخْلُو بُيُوتهم بِاللَّيْلِ فيخطفهم النَّاس وَيَسْرِقُونَ، يدل على ذَلِك قَوْله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأم سَلمَة لَيْلَة نزُول التَّوْبَة على كَعْب بن مَالك وصاحبيه: (قلت لَهُ: أَلا أبشِّر النَّاس؟ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخْشَى أَن يخطفهم النَّاس) . وَفِي حَدِيث آخر: (أخْشَى أَن يمْنَع النَّاس نومهم) . وَقَالَ تَعَالَى: {{وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ}} (الْقَصَص: 37) . فَجعل السّكُون فِي اللَّيْل من النعم الَّتِي عَددهَا الله تَعَالَى على عباده، وَقد سمى ذَلِك رَحْمَة، وَقد قَالَ ابْن الْقصار: خُسُوف الْقَمَر يتَّفق لَيْلًا فَيشق الِاجْتِمَاع لَهُ، وَرُبمَا أدْرك النَّاس نياما فيثقل عَلَيْهِم الْخُرُوج لَهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَاس على كسوف الشَّمْس، لِأَنَّهُ يدْرك النَّاس مستيقظين متصرفين، وَلَا يشق اجْتِمَاعهم كالعيدين وَالْجُمُعَة وَالِاسْتِسْقَاء. فَإِن قلت: رُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، قَالَ: خسف الْقَمَر وَابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ، فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي كل رَكْعَة رَكْعَتَانِ، فَلَمَّا فرغ خَطَبنَا: وَقَالَ: صليت بكم كَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا. رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي (مُسْنده) وَذكره ابْن التِّين بِلَفْظ: (أَنه صلى فِي خُسُوف الْقَمَر ثمَّ خطب، وَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي لم ابتدع هَذِه الصَّلَاة بِدعَة، وَإِنَّمَا فعلت كَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل) . وَقد علمنَا أَنه صلاهَا فِي جمَاعَة لقَوْله: (خطب) لِأَن الْمُنْفَرد لَا يخْطب، وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: (أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي خُسُوف الشَّمْس أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وَيقْرَأ فِي الأولى بالعنكبوت أَو الرّوم وَفِي الثَّانِيَة بيس) . قلت: أما رِوَايَة الْحسن فرواها الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَهُوَ ضَعِيف، وَقَول الْحسن: خَطَبنَا، لَا يَصح، فَإِن الْحسن لم يكن بِالْبَصْرَةِ لما كَانَ ابْن عَبَّاس بهَا. وَقيل: إِن هَذَا من تدليساته. وَأما حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فمستغرب. فَإِن قلت: روى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من طَرِيق حبيب: (عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر ثَمَان رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات) . قلت: فِي إِسْنَاده نظر، والْحَدِيث فِي مُسلم وَلَيْسَ فِيهِ ذكر: الْقَمَر، وَالْعجب من شَيخنَا زين الدّين الْعِرَاقِيّ، رَحمَه الله، يَقُول: لم تثبت صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخسوف الْقَمَر بِإِسْنَاد مُتَّصِل، ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة وَحَدِيث ابْن عَبَّاس اللَّذين رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: وَرِجَال إسنادهما ثِقَات، وَلَكِن كَون رجالهما ثِقَات لَا يسْتَلْزم اتِّصَال الْإِسْنَاد. وَلَا نفي المدرج ,.الأسئلة والأجوبة مِنْهَا مَا قيل: مَا الْحِكْمَة فِي الْكُسُوف؟ وَالْجَوَاب:: مَا قَالَه أَبُو الْفرج: فِيهِ سبع فَوَائِد. الأول: ظُهُور التَّصَرُّف فِي الشَّمْس وَالْقَمَر. الثَّانِي: تَبْيِين قبح شَأْن من يعبدهما. الثَّالِث: إزعاج الْقُلُوب الساكنة بالغفلة عَن مسكن الذهول. الرَّابِع: ليرى النَّاس نموذج مَا سيجري فِي الْقِيَامَة من قَوْله: {{وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر}} (الْقِيَامَة: 9) . الْخَامِس: أَنَّهُمَا يوجدان على حَال التَّمام فيركسان، ثمَّ يلطف بهما فيعادان إِلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ، فيشار بذلك إِلَى خوف الْمَكْر ورجاء الْعَفو. السَّادِس: أَن يفعل بهما صُورَة عِقَاب لمن لَا ذَنْب لَهُ. السَّابِع: أَن الصَّلَوَات المفروضات عِنْد كثير من الْخلق عَادَة لَا انزعاج لَهُم فِيهَا وَلَا وجود هَيْبَة، فَأتى بِهَذِهِ الْآيَة وسنت لَهما الصَّلَاة ليفعلوا صَلَاة على انزعاج وهيبة.وَمِنْهَا مَا قيل: أَلَيْسَ فِي رُؤْيَة الْأَهِلّة وحدوث الْحر وَالْبرد وكل مَا جرت الْعَادة بحدوثه من آيَات الله تَعَالَى فَمَا معنى قَوْله فِي الكسوفين: (أَنَّهُمَا آيتان) ؟ وَأجِيب: بِأَن: هَذِه الْحَوَادِث آيَات دَالَّة على وجوده، عز وَجل، وَقدرته. وَخص الكسوفين لإخباره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ربه عز وَجل أَن الْقِيَامَة تقوم وهما منكوسان وذاهبا النُّور، فَلَمَّا أعلمهم بذلك أَمرهم عِنْد رُؤْيَة الْكُسُوف بِالصَّلَاةِ وَالتَّوْبَة خوفًا من أَن يكون الْكُسُوف لقِيَام السَّاعَة ليعتدوا لَهَا. وَقَالَ الْمُهلب: يحْتَمل أَن يكون هَذَا قبل أَن يُعلمهُ الله تَعَالَى بأشراط السَّاعَة.وَمِنْهَا مَا قيل: مَا الْكُسُوف؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ تغير يخلقه الله تَعَالَى فيهمَا لأمر يشاؤه وَلَا يدْرِي مَا هُوَ، أَو يكون تخويفا للاعتبار بهما مَعَ عظم خلقهما، وكونهما عرضة للحوادث، فَكيف بِابْن آدم الضَّعِيف الْخلق؟ وَقيل: يحْتَمل أَن يكون الخسوف فيهمَا عِنْد تجلي الله سُبْحَانَهُ لَهما، وَفِي حَدِيث قبيصَة الْهِلَالِي عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِك، فَقَالَ فِيهِ: (أَن
    الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يخسفان لمَوْت أحد، ولكنهما خلقان من خلقه فَإِن الله عز وَجل يحدث فِي خلقه مَا يَشَاء، وَإِن الله عز وَجل إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خشع لَهُ)
    الحَدِيث: وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى: {{فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا}} (الْأَعْرَاف: 341) . وَلأَهل الْحساب فِيهِ كَلَام كثير، أَكْثَره خباط. يَقُولُونَ: أما كسوف الشَّمْس فَإِن الْقَمَر يحول بَينهَا وَبَين النّظر، وَأما كسوف الْقَمَر فَإِن الشَّمْس تخلع نورها عَلَيْهِ، فَإِذا وَقع فِي ظلّ الأَرْض لم يكن لَهُ نور بِحَسب مَا تكون لَهُ الْمُقَابلَة، وَيكون الدُّخُول فِي ظلّ الأَرْض يكون الْكُسُوف من كل أَو بعض. قَالُوا: وَهَذَا أَمر يدل عَلَيْهِ الْحساب وَيصدق فِيهِ الْبُرْهَان، ورد عَلَيْهِم بِأَنَّهُم قَالُوا بالبرهان: إِن الشَّمْس أَضْعَاف الْقَمَر فِي الجرمية بِالْعقلِ، فَكيف يحجب الصَّغِير الْكَبِير إِذا قابله وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ عشرَة؟ وَأَيْضًا إِن الشَّمْس إِذا كَانَت تعطيه نورها، فَكيف يحجب نورها ونوره من نورها؟ هَذَا خباط، وَأَيْضًا: قُلْتُمْ: إِن الشَّمْس أكبر من الأَرْض بتسعين ضعفا أَو نَحْوهَا، وقلتم: إِن الْقَمَر أكبر مِنْهَا بِأَقَلّ من ذَلِك، فَكيف يَقع الْأَعْظَم فِي ظلّ الْأَصْغَر، وَكَيف تحجب الأَرْض نور الشَّمْس، وَهِي فِي زَاوِيَة مِنْهَا. وَأَيْضًا فالشمس لَهَا فلك ومجرى، وَلَا خلاف أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَحْدُود وَمَعْلُوم لَا يعدو مجْرَاه، كل يَوْم إِلَى مثله من الْعَام، فيجتمعان ويتقابلان، فَلَو كَانَ الْكُسُوف لوُقُوعه فِي ظلّ الأَرْض فِي وَقت لَكَانَ ذَلِك الْوَقْت محدودا مَعْلُوما، لِأَن المجرى مِنْهُمَا مَحْدُود مَعْلُوم، فَلَمَّا كَانَ تَأتي الْأَوْقَات الْمُخْتَلفَة والجري وَاحِدًا والحساب وَاحِدًا علم قطعا فَسَاد قَوْلهم.

    حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ ﷺ ‏ "‏ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا، وَادْعُوا، حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Bakra:We were with Allah's Messenger (ﷺ) when the sun eclipsed. Allah's Messenger (ﷺ) stood up dragging his cloak till he entered the Mosque. He led us in a two-rak`at prayer till the sun (eclipse) had cleared. Then the Prophet (p.b.u.h) said, "The sun and the moon do not eclipse because of someone's death. So whenever you see these eclipses pray and invoke (Allah) till the eclipse is over

    Telah menceritakan kepada kami ['Amru bin 'Aun] berkata, telah menceritakan kepada kami [Khalid] dari [Yunus] dari [Al Hasan] dari [Abu Bakrah] berkata, "Kami pernah duduk-duduk bersama Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam lalu terjadi gerhana matahari. Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam berdiri menjulurkan selendangnya hingga masuk ke dalam masjid, kamipun ikut masuk ke dalam Masjid, beliau lalu mengimami kami shalat dua rakaat hingga matahari kembali nampak bersinar. Setelah itu beliau bersabda: "Sesungguhnya matahari dan bulan tidak akan mengalami gerhana disebabkan karena matinya seseorang. Jika kalian melihat gerhana keduanya, maka dirikanlah shalat dan banyaklah berdoa hingga selesai gerhana yang terjadi pada kalian

    Ebu Bekre'nin şöyle dediği nakledilmiştir: "Biz Resul-i Ekrem Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in yanında iken güneş tutulması oldu. Bunun üzerine Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem omuzuna attığı ridasını sürüyerek mescide girdi ve biz de onu takip ederek mescid'e gittik. Bize orada güneş geri açılana kadar iki rekat namaz kıldırdı ve şöyle buyurdu; "Güneş ve ay hiç kimsenin ölümü dolayısıyla tutulmaz. Siz bunların tutulduğunu görürseniz tekrar açılana kadar namaz kılın ve dua edin! Tekrar:

    ہم سے عمرو بن عون نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم سے خالد بن عبداللہ نے یونس سے بیان کیا، ان سے امام حسن بصری نے بیان کیا، ان سے ابوبکرہ نفیع بن حارث رضی اللہ عنہ نے کہ ہم سے عمرو بن عون نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم سے خالد بن عبداللہ نے یونس سے بیان کیا، ان سے امام حسن بصری نے بیان کیا، ان سے ابوبکرہ نفیع بن حارث رضی اللہ عنہ نے کہ

    আবূ বাকরাহ (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমরা নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর নিকট ছিলাম, এ সময় সূর্যগ্রহণ শুরু হয়। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তখন উঠে দাঁড়ালেন এবং নিজের চাদর টানতে টানতে মসজিদে প্রবেশ করলেন এবং আমরাও প্রবেশ করলাম। তিনি আমাদেরকে নিয়ে সূর্য প্রকাশিত হওয়া পর্যন্ত দু’রাক‘আত সালাত আদায় করলেন। অতঃপর নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ কারো মৃত্যুর কারণে কখনো সূর্যগ্রহণ বা চন্দ্রগ্রহণ হয় না। তোমরা যখন সূর্যগ্রহণ দেখবে তখন এ অবস্থা দূর না হওয়া পর্যন্ত সালাত আদায় করবে এবং দু‘আ করতে থাকবে। (১০৪৮,১০৬২, ১০৬৩, ৫৭৮৫) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৯৭৭, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூபக்ரா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நாங்கள் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களிடம் இருந்துகொண்டிருந்தோம். அப்போது சூரிய கிரகணம் ஏற்பட்டது. உடனே நபி (ஸல்) அவர்கள் எழுந்து தமது மேலாடையை இழுத்துக்கொண்டே பள்ளிவாசலுக்குள் சென்றார்கள். நாங்க ளும் சென்றோம். (கிரகணம் விலகி) வெளிச்சம் வரும்வரை எங்களுக்கு இரண்டு ரக்அத்கள் தொழுவித்தார்கள். பிறகு, “யாருடைய இறப்புக்காகவும் சூரிய கிரகணமோ சந்திர கிரகணமோ ஏற்படுவதில்லை. எனவே, அவற்றை நீங்கள் கண்டால், உங்களுக்கு ஏற்பட்ட (கிரகணமான)து அகற்றப்படும்வரை நீங்கள் தொழுங்கள்; பிரார்த்தியுங்கள்” என்று கூறினார்கள். அத்தியாயம் :