• 2740
  • حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيُّ القُرَشِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ ، أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ ، وَقَدْ امْتَرَوْا فِي المِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا ، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى ، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي

    أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ ، وَقَدْ امْتَرَوْا فِي المِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ - " مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا ، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ " فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى ، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي "

    امتروا: المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة، والمناظرة والتنازع
    عوده: العود : الشجر والخشب
    طرفاء: الطرفاء : من شجر البادية وهو الأثل
    القهقرى: القهقرى : الْمَشيُ إلى خَلْف من غير أن يُعيد وجْهَه إلى جِهة مَشْيه
    صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ،
    لا توجد بيانات

    [917] قَوْلُهُ امْتَرَوْا مِنْ الْمُمَارَاةِ وَهِيَ الْمُجَادَلَةُ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ مِنْ الِامْتِرَاءِ وَهُوَالشَّكُّ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنْ تَمَارَوْا فَإِنَّ مَعْنَاهُ تَجَادَلُوا قَالَ الرَّاغِبُ الِامْتِرَاءُ وَالْمُمَارَاةُ الْمُجَادَلَةُ وَمِنْهُ فَلَا تُمَارِ فيهم إِلَّا مراء ظَاهرا وَقَالَ أَيْضًا الْمِرْيَةُ التَّرَدُّدُ فِي الشَّيْءِ وَمِنْهُ فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه قَوْلُهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ فِيهِ الْقَسَمُ عَلَى الشَّيْءِ لِإِرَادَةِ تَأْكِيدِهِ لِلسَّامِعِ وَفِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى السُّؤَالِ لَكِنَّ فَائِدَتَهُ إِعْلَامُهُمْ بِقُوَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنَّ سَهْلًا قَالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي قَوْلُهُ أَرْسَلَ إِلَخْ هُوَ شَرْحُ الْجَوَابِ قَوْلُهُ إِلَى فُلَانَةَ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي رِوَايَةِ أَبِي غَسَّانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ أَبِي غَسَّانَ لِإِطْبَاقِ أَصْحَابِ أَبِي حَازِمٍ عَلَى قَوْلِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَذَا قَالَ أَيْمَنُ عَنْ جَابِرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اسْمِهَا فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ سَمَّاهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ فِيمَا أَخْرَجَهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَأَبُو سَعْدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى جَمِيعًا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ بن لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى خَشَبَةٍ فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قِيلَ لَهُ لَوْ كُنْتَ جَعَلْتَ مِنْبَرًا قَالَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ مَيْمُونٌ فَذَكَرَ الحَدِيث وَأخرجه بن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا السِّيَاقِ وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْغِفَارِيِّ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ خَالٍ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْرُجْ إِلَى الْغَابَةِ وَأْتِنِي مِنْ خَشَبِهَا فَاعْمَلْ لِي مِنْبَرًا الْحَدِيثَ وَجَاءَ فِي صَانِعِ الْمِنْبَرِ أَقْوَالٌ أُخْرَى أَحَدُهَا اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ وَفِي إِسْنَادِهِ الْعَلَاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ الرَّوَّاسُ وَهُوَ مَتْرُوكٌ ثَانِيهَا بَاقُولٌ بِمُوَحَّدَةٍ وَقَافٍ مَضْمُومَةٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مُنْقَطِعٍ وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ قَالَ بَاقُومٌ آخِرُهُ مِيمٌ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا ثَالِثُهَا صُبَاحٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ أَيْضًا ذكره بن بَشْكُوَالَ بِإِسْنَادٍ شَدِيدِ الِانْقِطَاعِ رَابِعُهَا قَبِيصَةُ أَوْ قَبِيصَةُ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلَاهُمْ ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ خَامِسُهَا كِلَابٌ مَوْلَى الْعَبَّاسِ كَمَا سَيَأْتِي سَادِسُهَا تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مُخْتَصَرًا وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ أَلَا نَتَّخِذُ لَكَ مِنْبَرًا يَحْمِلُ عِظَامَكَ قَالَ بَلَى فَاتَّخَذَ لَهُ مِنْبَرًا الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَيْهِ ثمَّ وروى بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى جِذْعٍ فَقَالَ إِنَّ الْقِيَامَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَلَا أَعْمَلُ لَكَ مِنْبَرًا كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِالشَّامِ فَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَرَأَوْا أَنْ يَتَّخِذَهُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنَّ لِي غُلَامًا يُقَالُ لَهُ كِلَابٌ أَعْمَلَ النَّاسَ فَقَالَ مُرْهُ أَنْ يَعْمَلَ الْحَدِيثُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا الْوَاقِدِيّ سابعها ميناء ذكره بن بَشْكُوَالَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَمِلَ الْمِنْبَرَ غُلَامٌ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَوْ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ أَوِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِينَاءُ انْتَهَى وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيُرُ فِيهِ عَلَى الْأَقْرَبِ فَيَكُونُ مِينَاءُ اسْمَ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا حَكَيْنَاهُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالسُّطُوحِ عَن بن التِّينِ أَنَّ الْمِنْبَرَ عَمِلَهُ غُلَامُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَجَوَّزْنَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ زَوْجَ سَعْدٍ وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سُمِّيَ فِيهَا النَّجَّارُ شَيْءٌ قَوِيُّ السَّنَدِ إِلَّا حَدِيثَ بن عُمَرَ وَلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الَّذِي اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ بَلْ قَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَة بنسَعْدٍ أَنَّ تَمِيمًا لَمْ يَعْمَلْهُ وَأَشْبَهُ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ هُوَ مَيْمُونٌ لِكَوْنِ الْإِسْنَادِ مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْأُخْرَى فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا لِوَهَائِهَا وَيَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنهَا بِأَنَّ النَّجَّارَ كَانَتْ لَهُ أَسْمَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَأَمَّا احْتِمَالُ كَوْنِ الْجَمِيعِ اشْتَرَكُوا فِي عَمَلِهِ فَيَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلَهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةِ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا نَجَّارٌ وَاحِدٌ إِلَّا إِنْ كَانَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاحِدِ الْمَاهِرُ فِي صِنَاعَتِهِ وَالْبَقِيَّةُ أَعْوَانُهُ فَيُمْكِنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَقَعَ عِنْد التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَاهُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُسْنِدُ ظَهْرُهُ إِلَى جِذْعٍ مَنْصُوبٍ فِي الْمَسْجِدِ يَخْطُبُ فَجَاءَ إِلَيْهِ رُومِيٌّ فَقَالَ أَلَا أَصْنَعُ لَكَ مِنْبَرًا الْحَدِيثَ وَلَمْ يُسَمِّهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ بِالرُّومِيِّ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ السَّفَرِ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ سَبَبُ عَمَلِ الْمِنْبَرِ وَجزم بن سَعْدٍ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِذِكْرِ الْعَبَّاسِ وَتَمِيمٍ فِيهِ وَكَانَ قُدُومُ الْعَبَّاسِ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَان وقدوم تَمِيم سنة تسع وَجزم بن النَّجَّارِ بِأَنَّ عَمَلَهُ كَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا فَإِنْ حُمِلَ عَلَى التَّجَوُّزِ فِي ذِكْرِ الْمِنْبَرِ وَإِلَّا فَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا مَضَى وَحَكَى بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ طِينٍ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ الَّذِي مِنْ خَشَبٍ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنِدُ إِلَى الْجِذْعِ إِذَا خَطَبَ وَلَمْ يَزَلِ الْمِنْبَرُ عَلَى حَالِهِ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجَاتٍ مِنْ أَسْفَلِهِ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ الْمِنْبَرَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُلِعَ فَأَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ وَقَالَ إِنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ فَدَعَا نَجَّارًا وَكَانَ ثَلَاثَ دَرَجَات فَزَاد فِيهِ الزِّيَادَة الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ حَتَّى رَأَيْنَا النُّجُومَ وَقَالَ فَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجَاتٍ وَقَالَ إِنَّمَا زِدْتُ فِيهِ حِين كثر النَّاس قَالَ بن النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَا أُصْلِحَ مِنْهُ إِلَى أَنِ احْتَرَقَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ ثُمَّ جَدَّدَ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ الْيَمَنِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ مِنْبَرًا ثُمَّ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ منبرا فأزيل مِنْبَر المظفر فَلم يزل ذَلِك إِلَى هَذَا الْعَصْرِ فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ الْمُؤَيَّدُ سَنَةَ عِشْرِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ مِنْبَرًا جَدِيدًا وَكَانَ أَرْسَلَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ مِنْبَرًا جَدِيدًا إِلَى مَكَّةَ أَيْضًا شَكَرَ اللَّهُ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ آمِينَ قَوْلُهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ مِنْ أَثْلَةِ الْغَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْأَثْلَ هُوَ الطَّرْفَاءُ وَقِيلَ يُشْبِهُ الطَّرْفَاءَ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَالْغَابَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ جِهَةَ الشَّامِ وَهِيَ اسْمُ قَرْيَةٍ بِالْبَحْرَيْنِ أَيْضًا وَأَصْلُهَا كُلُّ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ قَوْلُهُ فَأَرْسَلَتْ أَيِ الْمَرْأَةُ تُعْلِمُ بِأَنَّهُ فَرَغَ قَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ أَنَّثَ لِإِرَادَةِ الْأَعْوَادِ وَالدَّرَجَاتِ فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ فَعَمِلَ لَهُ هَذَا الدَّرَجَاتِ الثَّلَاثَ قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْأَعْوَادِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْمِنْبَرِ قَوْلُهُ وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى لَمْ يَذْكُرِ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَلَفْظُهُ كَبَّرَ فَقَرَأَ وَرَكَعَثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَالْقَهْقَرَى بِالْقَصْرِ الْمَشْيُ إِلَى خَلْفٍ وَالْحَامِلُ عَلَيْهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقَدُّمَ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ أَيْ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى جَنْبِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى مِنْهُ قَوْلُهُ ثُمَّ عَادَ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَوْلُهُ وَلِتَعَلَّمُوا بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ لِتَتَعَلَّمُوا وَعُرِفَ مِنْهُ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي صَلَاتِهِ فِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ لِيَرَاهُ مَنْ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ رُؤْيَتُهُ إِذَا صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا يُخَالِفُ الْعَادَةَ أَنْ يُبَيِّنَ حِكْمَتَهُ لِأَصْحَابِهِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِكُلِّ خَطِيبٍ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَفِيهِ جَوَازُ قَصْدِ تَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ وَجَوَازُ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا الْكَثِيرُ إِنْ تَفَرَّقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ وَكَذَا فِي جَوَازِ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي مُشَاهَدَةِ الْخَطِيبِ وَالسَّمَاعِ مِنْهُ وَاسْتِحْبَابُ الِافْتِتَاحِ بِالصَّلَاةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَدِيدٍ إِمَّا شُكْرًا وَإِمَّا تَبَرُّكًا وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنْ كَانَ الْخَطِيبُ هُوَ الْخَلِيفَةَ فَسُنَّتُهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ وَلِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَهُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ بِالْبِدْعَةِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالسُّنَّةِ قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حِكْمَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَشَارَ بِهَا إِلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَلَعَلَّ مُرَادَ مَنِ اسْتَحَبَّهُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ الْإِمَامُ عَنِ الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِمَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَنْ يُشْرَعَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ وُجُودُ الِاشْتِرَاكِ فِي وَعْظِ السَّامِعِينَ وَتَعْلِيمِهِمْ بَعْضَ أُمُورِ الدِّينِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ

    [917]إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي)) . قد خرّجه فيما تقدم من حديث ابن عيينة عن أبي حازم، وهذا السياق أتم. وفي روايةٍ ابن عيينة: ((من أثل الغابة)) ، و ((الأثل)) و ((الطرفاء)) : يشبه بعضه بعضاً. و ((الغابة)) : خارج المدينة مشهورة. وخرّجه البخاري –أيضاً - مختصراً في ((أبواب المساجد)) ، في ((باب: الاستعانة بالصناع والنجار في عمل المسجد والمنبر)) من حديث عبد العزيز بن أبي حازم، وذكرنا الاختلاف في رسم الذي عمل المنبر. وخرّجه مسلم من حديث عبد العزيز بتمامه، وفي حديثه: أن المنبر كان ثلاث درجاتٍ. وقد روي هذا الحديث عن سهل من وجه أخر، وفيه: حنين الخشبة. خرّجه ابن سعدٍ في ((طبقاته)) : ثنا أبو بكر بن أبي أويس: حدثني سليمان بن بلال، عن سعدٍ بن سعيدٍ بن قيس، عن عباسٍ بن سهل بن سعدٍ، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين –قال: أراه كانت من دومة كانت في مصلاه -،فكأن يتكئ عليها، فقال له أصحابه: يا رسول الله، إن الناس قد كثروا، فلو أتخذت شيئاً تقوم عليه إذا خطبت نراك؟ فقال: ((ما شئتم)) . قال سهل: ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد، فذهبت أنا وذلك النجار إلى الخانقين، فقطعنا هذا المنبر من أثله. قال: فقام عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحنت الخشبة، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((ألا تعجبون لحنين هذه الخشبة؟)) فأقبل الناس وفرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم، فنزل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أتاها، فوضع يده عليها، فسكنت، فامر بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدفنت تحت منبره – أو جعلت في السقف. ورواه أبو إسماعيل الترمذي، عن أيوب بن سليمان بن بلال، عن أبي بكر ابن أبي أويس، به. وهذا إسنادٌ جيد، ورجاله كلهم يخرج لهم البخاري، الا سعدٍ بن سعيدٍ بن قيس –وهو: اخو يحيى بن سعيدٍ -؛ فإن البخاري استشهد به، وخَّرج له مسلم، وتكلم بعضهم في حفظه. الحديث الثاني: 918 -

    باب الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِوَقَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: خَطَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ.(باب) مشروعية (الخطبة) للجمعة وغيرها (على المنبر) بكسر الميم.(وقال أنس) هو ابن مالك، مما وصله المؤلّف في: الاعتصام والفتن مطوّلاً: (خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على المنبر) فيستحب فعلها عليه.فإن لم يكن منبر فعلى مرتفع، لأنه أبلغ في الإعلام، فإن تعذر، استند إلى خشبة أو نحوها، لما سيأتي إن شاء الله تعالى، أنه عليه الصلاة والسلام المكان يخطب، إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، وأن يكون المنبر على يمين المحراب، والمراد به يمين مصلّى الإمام قال الرافعي، رحمه الله: هكذا وضع منبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:890 ... ورقمه عند البغا: 917 ]
    - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ الْقُرَشِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ: "أَنَّ رِجَالاً أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَقَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ؟ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى فُلاَنَةَ -امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ- مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ، فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا. ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَيْهَا، وَكَبَّرَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَالْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ عَادَ. فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا، وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي».وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) سقط: ابن سعيد، عند أبي ذر وابن عساكر (قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري) بالقاف والمثناة المشددة من غير همز، نسبة إلى القارة، قبيلة (القرشي) الحلف في بني زهرة من قريش، قال عياض: كذا لبعض رواة البخاري: القرشي، وسقط للأصيلي، وكلاهما صحيح، (الإسكندراني) السكن والوفاة، وكانت سنة إحدى وثمانين ومائة، (قال: حدّثنا أبو حازم بن دينار) بالحاء المهملة والزاي، واسمه سلمة الأعرج (أن رجالاً)، قال الحافظ ابن حجر، لم أقف على أسمائهم، (أتوا سهل بن سعد الساعدي) بإسكان الهاء والعين (وقد امتروا) جملة حالية، أي: تجادلوا أو شكوا، من المماراة، وهي: المجادلة.قال الراغب: الامتراء والماراة، ومنه {{فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا}} [الكهف: 22].وفي رواية عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عند مسلم: أن نفرًا تماروا، أي تجادلوا. قاله ابن حجر، وجعله البرماوي كالكرماني من: الامتراء. قال: هو: الشك. قال العيني متعقبًا للحافظ ابن حجر: وهو الأصوب، ولم يبين لذلك دليلاً.(في المنبر) النبوي (مِمَّ عوده)؟ أي: من أي شيء هو؟ (فسألوه) أي: سهل بن سعد (عن لك) الممترى فيه (فقال: والله إني لأعرف مما هو) بثبوت ألف ما الاستفهامية المجرورة على الأصل، وهو قليل. وهي قراءة عبد الله وأُبيّ في {{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}} [النبأ: 1] والجمهور بالحذف، وهو المشهور، وإنما أتى بالقسم مؤكدًا بالجملة الاسمية، وبأن، التي للتحقيق، و: بلام التأكيد في الخبر، لإرادة التأكيد فيما قاله للسامع (ولقد رأيته) أي المنبر (أوّل) أي: في أوّل (يوم وضع) موضعه، هو زيادة على السؤال، كقوله: (وأوّل يوم) أي: في أول يوم (جلس عليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).وفائدة هذه الزيادة المؤكدة: باللام، وقد، إعلامهم بقوة معرفته بما سألوه عنه.ثم شرح الجواب بقوله: (أرسل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى فلانة امرأة) بعدم الصرف في فلانة، للتأنيث والعلمية.ولا يعرف اسم المرأة، وقيل: هي فكيهة بنت عبيد بن دليم، أو: علاثة، بالعين المهملة وبالمثلثة، وقيل: إنه تصحيف فلانة، أو: هي
    عائشة، قيل: وهو تصحيف الصحف السابق.وزاد الأصيلي من الأنصار، (قد سماها سهل) فقال لها:(مري) أصله: أومري، على وزن: افعلي، فاجتمعت همزتان فثقلتا، فحذفت الثانية، واستغني عن همزة الوصل، فصار: مري على وزن: علي لأن المحذوف فاء الفعل (غلامك النجار) بالنصب،صفة لغلام (أن يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن إذا كلمت الناس) أجلسُ بالرفع في اليونينية، أي: أنا أجلس وفي غيرها أجلس بالجزم جواب للأمر.والغلام: اسمه ميمون، كما عند قاسم بن أصبغ، أو: إبراهيم، كما في الأوسط للطبراني، أو: باقول بالموحدة والقاف المضمومة واللام، كما عند عبد الرزاق، وباقوم، بالميم بدل اللام، كما عند ابن نعيم في المعرفة، أو: وصباح، بضم الصاد المهملة بعدها موحدة خفيفة آخره حاء مهملة، كما عند ابن بشكوال، أو: قبيصة المخزومي، مولاهم، كما ذكره عمر بن شبة في الصحابة، أو: كلاب، مولى ابن عباس، أو: تميم الداري، كما عند أبي داود والبيهقي، أو ثمينًا، كما ذكره ابن بشكوال، أو: رومي، كما عند الترمذي وابن خزيمة وصححاه.ويحتمل أن يكون المراد به: تميمًا الداري لأنه كان كثير السفر إلى أرض الروم.وأشبه الأقوال بالصواب أنه: ميمون. ولا اعتداد بالأخرى لوهاها.وحمله بعضهم على أن الجميع اشتركوا في عمله، وعورض بقوله في كثير من الروايات السابقة، ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد.وأجيب: باحتمال أن المراد بالواحد، الماهر في صناعته والبقية. أعوان له.(فأمرته) أي: أمرت المرأة غلامها أن يعمل، (فعملها) أي: الأعواد (من طرفاء الغابة) بفتح الطاء وسكون الراء المهملتين وبعد الراء فاء ممدودة، شجر من شجر البادية، والغابة: بالغين المعجمة بالموحدة، موضع من عوالي المدينة من جهة الشام، (ثم جاء) الغلام (بها) بعد أن عملها، (فأرسلت) أي: المرأة (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) تعلمه بأنه فرغ منها.(فأمر بها)، عليه الصلاة والسلام، (فوضعت هاهنا. ثم رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليها) أي: علىالأعواد المعمولة منبرًا ليراه من قد تخفى عليه رؤيته إذا صلّى على الأرض (وكبّر وهو عليها) جملة حالية، زاد في رواية سفيان، عن أبي حازم: فقرأ (ثم ركع، وهو عليها) جملة حالية أيضًا، كذلك، زاد سفيان أيضًا: ثم رفع رأسه (ثم نزل القهقرى) أي رجع إلى خلفه محافظة على استقبال القبلة.(فسجد في أصل المنبر) أي على الأرض إلى جنب الدرجة السفلى منه، (ثم عاد) إلى المنبر.وفي رواية هشام بن سعد، عن أبي حازم، عند الطبراني: فخطب الناس عليه، ثم أقيمت الصلاة، فكبر وهو على المنبر، فأفادت هذه الرواية تقدم الخطبة على الصلاة.(فلما فرغ) من الصلاة (أقبل على الناس) بوجهه الشريف (فقال) عليه الصلاة والسلام، مبينًّا لأصحابه رضي الله عنهم حكمة ذلك.(أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي) بكسر اللام وفتح المثناة الفوقية والعين، أي: لتتعلموا فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا.وفيه جواز العمل اليسير في الصلاة. وكذا الكثير إن تفرق، وجواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل، وارتفاع الإمام على المأمومين، وشروع الخطبة على المنبر لكل خطيب، واتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه.ورواة الحديث: واحد منهم بلخي، وهو شيخ المؤلّف، والاثنان بعده مدنيان، وفيه التحديث والقول، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.

    (بابُُ الخُطْبَةِ عَلَى المِنْبَرِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْخطْبَة على الْمِنْبَر، يَعْنِي مشروعيتها عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لم يقل يَوْم الْجُمُعَة ليتناول الْجُمُعَة وَغَيرهَا.وَقَالَ أنسٌ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خطَبَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلى المِنْبَرِهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام، وَفِي الْفِتَن مطولا، وَفِيه قصَّة عبد الله بن حذافة، وَحَدِيث أنس أَيْضا فِي الاسْتِسْقَاء فِي قصَّة الَّذِي قَالَ: هلك المَال، وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:890 ... ورقمه عند البغا:917 ]
    - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عَبْدِ القَارِيُّ القُرَشِيُّ اْلإسْكَنْدَرَانِيُّ قَالَ حدَّثنا أبُو حازِمِ بنُ دِينارٍ أنَّ رِجالاً أتَوْا سَهْلَ بنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وقَدِ امْتَرَوْا فِي المِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَألُوهُ عنْ ذالِكَ فقالَ وَالله إِنِّي لاَعْرِفُ مِمَّا هُوَ ولَقَدْ رَأَيْتُهُ أوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ يَوْمَ جَلَسَ عَلَيْهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى فُلاَنَةَ امْرَأةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أنْ يَعْمَلَ لِي أعْوَادا أجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفاءِ الغَابَةِ ثُمَّ جاءَ بِهَا إلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هاهُنا ثُمَّ رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى عَلَيْهَا وكَبَّرَ وَهْوَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَكعَ وَهْوَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى فَسَجدَ فِي أصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عادَ فَلَمَّا فَرَغَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فقالَ أيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا صَنَعْتُ هذَا لتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتِي. .مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِذا كلمت النَّاس) إِذْ الْعَادة أَن الْخَطِيب لَا يتَكَلَّم على الْمِنْبَر، إِلَّا بِالْخطْبَةِ.ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: قُتَيْبَة بن سعيد، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن هُوَ الْقَارِي، بِالْقَافِ وبالراء المخففة وبياء النِّسْبَة إِلَى القارة، وَهِي قَبيلَة. وَإِنَّمَا قيل لَهُ: الْقرشِي، لِأَنَّهُ حَلِيف بني زهرَة، و: الْمدنِي، لِأَن أَصله من الْمَدِينَة، و: الاسكندراني لِأَنَّهُ سكن فِيهَا وَمَات بهَا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة. الثَّالِث: أَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي، واسْمه سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج. الرَّابِع: سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ بلخي، والإثنان مدنيان، والْحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، جَمِيعهم عَن قُتَيْبَة.
    ذكر مَعْنَاهُ: قد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي: بابُُ الصَّلَاة فِي الْمِنْبَر والسطوح والخشب، وَلَكِن نذْكر هَهُنَا مَا لم نذْكر هُنَاكَ زِيَادَة للْبَيَان وَإِن وَقع فِيهِ بعض تكْرَار، فَنَقُول: قَوْله: (إِن رجَالًا) لم يسموا من هم. قَوْله: (وَقد امتروا) جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال من: الامتراء. قَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ الشَّك، وَقَالَ بَعضهم: من المماراة: وَهِي المجادلة، وَالَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ الأصوب. قَوْله: (وَالله إِنِّي لَا أعرف مِمَّا هُوَ) أَي: من أَي شَيْء هُوَ، أَي: عوده، وَإِنَّمَا أَتَى بالقسم مؤكدا بِالْجُمْلَةِ الإسمية وبكلمة: أَن، الَّتِي للتحقيق، وبلام التَّأْكِيد فِي الْخَبَر لإِرَادَة التَّأْكِيد فِيمَا قَالَه للسامع. قَوْله: (وَلَقَد رَأَيْته أول يَوْم وضع) أَي: لقد رَأَيْت الْمِنْبَر فِي أول يَوْم وضع فِي مَوْضِعه، وَهُوَ زِيَادَة على السُّؤَال، وَكَذَا قَوْله: (وَأول يَوْم جلس عَلَيْهِ) ، أَي: أول يَوْم جلس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر، وَفَائِدَة هَذِه الزِّيَادَة الْمُؤَكّدَة بِاللَّامِ وَكلمَة: قد للإعلام بِقُوَّة مَعْرفَته بِمَا سَأَلُوهُ. قَوْله: (ارسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الى آخِره شرح جَوَابه لَهُم وَبَيَانه فَلذَلِك فَصله عَمَّا قبله وَلم يذكرهُ بعطف قَوْله (إِلَى فُلَانَة) ، فلَان للمذكر وفلانة للمؤنث، كِنَايَة عَن اسْم سمي بِهِ الْمُحدث عَنهُ خَاص غاالب، وَيُقَال فِي غير النَّاس الفلان والفلانة، وَالْمَانِع من صرفه، وجود العلتين: العلمية والتأنيث. وَقد ذكرنَا فِي: بابُُ الصَّلَاة على الْمِنْبَر، مَا قَالُوا فِي إسمها، وَكَذَلِكَ ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِي صانع الْمِنْبَر على أَقْوَال كَثِيرَة مستقصاة، وَفِي حَدِيث سهل الْمَذْكُور وَهُنَاكَ: عمله فلَان مولى فُلَانَة، وَهَهُنَا قَوْله: (مري غلامك) تَقْدِيره: أرسل إِلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: مري غلامك، وَهُوَ أَمر من: أَمر يَأْمر، وَأَصله: أؤمري، على وزن افعلي، فاجتمعت همزتان فنقلتا فحذفت الثَّانِيَة واستغنيت عَن همزَة الْوَصْل فَصَارَ مري على وزن: عَليّ، لِأَن الْمَحْذُوف فَاء الْفِعْل. قَوْله: (غلامك النجار) بِنصب النجار لِأَنَّهُ صفة للغلام، وَقد سَمَّاهُ عَبَّاس بن سهل بِأَن اسْمه مَيْمُون، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ من رَوَاهُ، وَيُقَال اسْمه: مينا، ذكره إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَبِيه، قَالَ: عمل الْمِنْبَر غُلَام لامْرَأَة من الْأَنْصَار من بني سَلمَة أَو بني سَاعِدَة أَو امْرَأَة لرجل مِنْهُم يُقَال لَهُ مينا. وأشبه الْأَقْوَال الَّتِي ذكرت فِي صانع الْمِنْبَر بِالصَّوَابِ قَول من قَالَ: هُوَ مَيْمُون، لكَون الْإِسْنَاد فِيهِ من طَرِيق سهل بن سعد، وَبَقِيَّة الْأَقْوَال بأسانيد ضَعِيفَة بل فِيهَا شَيْء واه.فَإِن قلت: كَيفَ يكون طَرِيق الْجمع بَين هَذِه الْأَقْوَال وَهِي سَبْعَة على مَا ذكرنَا فِي: بابُُ الصَّلَاة على الْمِنْبَر؟ قلت: لَا طَرِيق فِي هَذَا إِلَّا أَن يحمل على وَاحِد بِعَيْنِه مَا هُوَ فِي صَنعته والبقية أعوانه. فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون الْكل قد اشْتَركُوا فِي الْعَمَل؟ قلت: جَاءَ فِي رِوَايَات كَثِيرَة أَنه لم يكن بِالْمَدِينَةِ إلاّ نجار وَاحِد. فَإِن قلت: مَتى كَانَ عمل هَذَا الْمِنْبَر؟ قلت: ذكر ابْن سعد أَنه كَانَ فِي السّنة السَّابِعَة، لَكِن يردهُ ذكر الْعَبَّاس وَتَمِيم فِيهِ، وَكَانَ قدوم الْعَبَّاس بعد الْفَتْح فِي آخر سنة ثَمَان، وقدوم تَمِيم سنة تسع، وَذكر ابْن النجار بِأَنَّهُ كَانَ فِي سنة ثَمَان، وَيَردهُ أَيْضا مَا ورد فِي حَدِيث الْإِفْك فِي (الصَّحِيحَيْنِ) : (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: فثار الْحَيَّانِ الْأَوْس والخزرج حَتَّى كَادُوا أَن يقتتلوا، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر، فحفضهم حَتَّى سكتوا) . وَعَن الطُّفَيْل بن أبي ابْن كَعْب عَن أَبِيه قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِلَى جذع إِذْ كَانَ الْمَسْجِد عَرِيشًا، وَكَانَ يخْطب إِلَى ذَلِك الْجذع. فَقَالَ رجل من أَصْحَابه: يَا رَسُول الله! هَل لَك أَن نجْعَل لَك منبرا تقوم عَلَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة وَتسمع النَّاس يَوْم الْجُمُعَة خطبتك؟ قَالَ: نعم، فَصنعَ لَهُ ثَلَاث دَرَجَات هِيَ على الْمِنْبَر، فَلَمَّا صنع الْمِنْبَر وضع مَوْضِعه الَّذِي وَضعه فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَبَدَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقوم فيخطب عَلَيْهِ، فَمر إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَازَ الْجذع الَّذِي كَانَ يخْطب إِلَيْهِ خار حَتَّى تصدع وَانْشَقَّ، فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمع صَوت الْجذع فمسحه بِيَدِهِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَر) . وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (لما وضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على الْجذع وسكنه غَار الْجذع فَذهب) . وَقيل: لما سكن لم يزل على حَاله، فَلَمَّا هدم الْمَسْجِد أَخذ ذَلِك أبي بن كَعْب فَكَانَ عِنْده إِلَى أَن بلي وأكلته الأَرْض، فَعَاد رفاتا، رَوَاهُ الشَّافِعِي وَأحمد وَابْن مَاجَه. وَفِي رِوَايَة: لما وضع يَده على الْجذع سكن حنينه، وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى: (لَو لم أفعل ذَلِك لحن إِلَى قيام السَّاعَة) . فَإِن قلت: حكى بعض أهل السّير أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب على مِنْبَر من طين قبل أَن يتَّخذ الْمِنْبَر الَّذِي من خشب. قلت: يردهُ الحَدِيث الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسْتَند إِلَى الْجذع إِذا خطب.ثمَّ إعلم أَن الْمِنْبَر لم يزل على حَاله ثَلَاث دَرَجَات حَتَّى زَاده مَرْوَان فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سِتّ دَرَجَات من أَسْفَله، وَكَانَ سَبَب ذَلِك مَا حَكَاهُ الزبير بن بكار فِي (أَخْبَار الْمَدِينَة) بِإِسْنَادِهِ إِلَى حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، قَالَ: بعث مُعَاوِيَة إِلَى مَرْوَان وَهُوَ عَامله على الْمَدِينَة أَن يحمل الْمِنْبَر إِلَيْهِ فَأمر بِهِ فَقلع: فأظلمت الْمَدِينَة، فَخرج مَرْوَان فَخَطب فَقَالَ:
    إنماأمرني أَمِير المأمنين أَن أرفعه، فَدَعَا نجارا وَكَانَ ثَلَاث دَرَجَات فَزَاد فِيهِ الزِّيَادَة الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْيَوْم. وَرَوَاهُ من وَجه آخر، قَالَ: فكسفت الشَّمْس حَتَّى رَأينَا النُّجُوم، قَالَ: وَزَاد فِيهِ سِتّ دَرَجَات، وَقَالَ: إِنَّمَا زِدْت فِيهِ حِين كثر النَّاس. فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما بدن قَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ: (أَلا اتخذ لَك منبرا يَا رَسُول الله يجمع أَو يحمل عظامك؟ قَالَ: بلَى، فَاتخذ لَهُ منبرا مرقاتين) أَي: اتخذ لَهُ منبرا دَرَجَتَيْنِ، فبينه وَبَين مَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه ثَلَاث دَرَجَات مُنَافَاة. قلت: الَّذِي قَالَ: مرقاتين، لم يعْتَبر الدرجَة الَّتِي كَانَ يجلس عَلَيْهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ ابْن النجار وَغَيره: اسْتمرّ على ذَلِك إِلَّا مَا أصلح مِنْهُ إِلَى أَن أحترق مَسْجِد الْمَدِينَة سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة، فَاحْتَرَقَ ثمَّ جدد المظفر صَاحب الْيمن سنة سِتّ وَخمسين منبرا ثمَّ أرسل الظَّاهِر بيبرس رَحمَه الله بعد عشر سِنِين منبرا، فأزيل مِنْبَر المظفر فَلم يزل ذَلِك إِلَى هَذَا الْعَصْر، فَأرْسل الْملك الْمُؤَيد شيخ، رَحمَه الله، فِي سنة عشْرين وثمان مائَة منبرا جَدِيدا، وَكَانَ أرسل فِي سنة ثَمَانِي عشرَة منبرا جَدِيدا إِلَى مَكَّة أَيْضا.قَوْله: (وأجلس) ، بِالرَّفْع والجزم، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: أما الرّفْع فعلى تَقْدِير: وَأَنا أَجْلِس، وَأما الْجَزْم فَلِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر، قَوْله: (من طرفاء الغابة) ، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عَن أبي حَازِم: من أثل الغابة. الطرفاء، بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبعد الرَّاء فَاء ممدودة، وَهُوَ شجر من شجر الْبَادِيَة، وَاحِدهَا طرفَة، بِفَتْح الْفَاء مثل قَصَبَة وقصباء، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الطرفاء وَأحمد وَجمع. والأثل بِسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة، قَالَ الْقَزاز: هُوَ ضرب من الشّجر يشبه الطرفاء، وَقَالَ الْخطابِيّ، هُوَ الشَّجَرَة الطرفاء. قلت: فعلى هَذَا لَا مُنَافَاة بَين الرِّوَايَتَيْنِ، والغاية، بالغين الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة: وَهِي أَرض على تِسْعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة كَانَت إبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُقِيمَة بهَا للمرعى، وَبهَا وَقعت قصَّة العرنيين الَّذِي أَغَارُوا على سرحه، وَقَالَ ياقوت: بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الغابة بريد من الْمَدِينَة من طَرِيق الشَّام. وَفِي (الْجَامِع) : كل شجر ملتف فَهُوَ غابة. وَفِي (الْمُحكم) : الغابة الأجمة الَّتِي طَالَتْ وَلها أَطْرَاف مُرْتَفعَة باسقة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ أجمة الْقصب. قَالَ: وَقد جعلت جمَاعَة الشّجر غابا مأخوذا من الغيابة، وَالْجمع غابات وَغَابَ. قَوْله: (فَأرْسلت) أَي: الْمَرْأَة تعلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ فرغ. قَوْله: (فَأمر بهَا فَوضعت) أنث الضَّمِير فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِاعْتِبَار الأعواد والدرجات. قَوْله: (عَلَيْهَا) أَي: على الأعواد. قَوْله: (وَهُوَ عَلَيْهَا) ، جملَة حَالية. قَوْله: (ثمَّ نزل الْقَهْقَرَى) ، وَهُوَ الرُّجُوع إِلَى خلف. قيل: يُقَال رَجَعَ الْقَهْقَرَى، وَلَا يُقَال: نزل الْقَهْقَرَى، لِأَنَّهُ نوع من الرُّجُوع لَا من النُّزُول. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لما كَانَ النُّزُول رُجُوعا من فَوق إِلَى تَحت صَحَّ ذَلِك، وَكَانَ الْحَامِل على ذَلِك الْمُحَافظَة على اسْتِقْبَال الْقبْلَة، وَلم يذكر فِي هَذِه الرِّوَايَة الْقيام بعد الرُّكُوع وَلَا الْقِرَاءَة بعد التَّكْبِير، وَقد بَين ذَلِك فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن أبي حَازِم، وَلَفظه: (كبر فَقَرَأَ وَركع ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى) ، وَفِي رِوَايَة هِشَام بن سعد عَن أبي حَازِم عِنْد الطَّبَرَانِيّ: (فَخَطب النَّاس عَلَيْهِ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فَكبر وَهُوَ على الْمِنْبَر) . قَوْله: (فِي أصل الْمِنْبَر) أَي: على الأَرْض إِلَى جنب الدرجَة السُّفْلى مِنْهُ. قَوْله: (ثمَّ عَاد) ، وَزَاد مُسلم من رِوَايَة عبد الْعَزِيز: (حَتَّى فرغ من آخر صلَاته) . قَوْله: (ولتعلموا) ، بِكَسْر اللَّام وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد اللَّام، وَأَصله: لتتعلموا، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَعرف مِنْهُ أَن الْحِكْمَة فِي صلَاته فِي أَعلَى الْمِنْبَر ليراه من قد يخفى عَلَيْهِ رُؤْيَته إِذا صلى على الأَرْض. وَقَالَ ابْن حزم، وبكيفية هَذِه الصَّلَاة قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَأهل الظَّاهِر. وَمَالك وَأَبُو حنيفَة لَا يجيزانها، وَقَالَ ابْن التِّين: الْأَشْبَه أَن ذَلِك كَانَ لَهُ خَاصَّة.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن من فعل شَيْئا يُخَالف الْعَادة بَين حكمته لأَصْحَابه، فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى هَذِه الصَّلَاة بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّة وَكَانَ ذَلِك لمصْلحَة بيناها، فَنَقُول: إِذا كَانَ مثل ذَلِك لمصْلحَة يَنْبَغِي أَن لَا تفْسد صلَاته وَلَا تكره أَيْضا، كَمَا فِي مَسْأَلَة من انْفَرد خلف الصَّفّ وَحده، فَإِن لَهُ أَن يجذب وَاحِدًا من الصَّفّ إِلَيْهِ ويصطفان، فَإِن المجذوب لَا تبطل صلَاته وَلَو مَشى خطْوَة أَو خطوتين، وَبِه صرح أَصْحَابنَا فِي الْفِقْه. وَفِيه: دَلِيل على أَن الْفِعْل الْكثير بالخطوات وَغَيرهَا إِذا تفرق لَا يبطل الصَّلَاة، لِأَن النُّزُول عَن الْمِنْبَر والصعود تكَرر، وَجُمْلَته كَثِيرَة، وَلَكِن أَفْرَاده المتفرقة كل وَاحِد مِنْهَا قَلِيل. وَفِيه: اسْتِحْبابُُ اتِّخَاذ الْمِنْبَر لكَونه أبلغ فِي مُشَاهدَة الْخَطِيب وَالسَّمَاع مِنْهُ، وَيسْتَحب أَن يكون الْمِنْبَر على يَمِين الْمِحْرَاب مُسْتَقْبل الْقبْلَة فَإِن لم يكن مِنْبَر فموضع عَال، وإلاّ فَإلَى خَشَبَة لِلِاتِّبَاعِ فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب إِلَى جذع قبل اتِّخَاذ الْمِنْبَر، فَلَمَّا صنع تحول إِلَيْهِ، وَيكرهُ الْمِنْبَر الْكَبِير جدا الَّذِي يضيق على الْمُصَلِّين إِذا لم يكن الْمَسْجِد متسعا. وَفِيه: اسْتِحْبابُُ الِافْتِتَاح بِالصَّلَاةِ فِي كل شَيْء جَدِيد، إِمَّا شكرا وَإِمَّا تبركا.

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ الْقُرَشِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ رِجَالاً، أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَقَدِ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى فُلاَنَةَ ـ امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ ـ ‏"‏ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ ‏"‏‏.‏ فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَا هُنَا، ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى عَلَيْهَا، وَكَبَّرَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهْوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ ‏"‏ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Hazim bin Dinar:Some people went to Sahl bin Sa`d As-Sa`idi and told him that they had different opinions regarding the wood of the pulpit. They asked him about it and he said, "By Allah, I know of what wood the pulpit was made, and no doubt I saw it on the very first day when Allah's Messenger (ﷺ) took his seat on it. Allah's Messenger (ﷺ) sent for such and such an Ansari woman (and Sahl mentioned her name) and said to her, 'Order your slave-carpenter to prepare for me some pieces of wood (i.e. pulpit) on which I may sit at the time of addressing the people.' So she ordered her slave-carpenter and he made it from the tamarisk of the forest and brought it (to the woman). The woman sent that (pulpit) to Allah's Messenger (ﷺ) who ordered it to be placed here. Then I saw Allah's Messenger (ﷺ) praying on it and then bowed on it. Then he stepped back, got down and prostrated on the ground near the foot of the pulpit and again ascended the pulpit. After finishing the prayer he faced the people and said, 'I have done this so that you may follow me and learn the way I pray

    Telah menceritakan kepada kami [Qutaibah bin Sa'id] berkata, telah menceritakan kepada kami [Ya'qub bin 'Abdurrahman bin Muhammad bin 'Abdullah bin 'Abdul Qari Al Qurasyi Al Iskandarani] berkata, telah menceritakan kepada kami [Abu Hazim bin Dinar] bahwa ada orang-orang mendatangi [Sahl bin Sa'd As Sa'idi] yang berdebat tentang mimbar dan bahan membuatnya? Mereka menanyakan hal itu kepadanya. Sahl lalu berkata, "Demi Allah, akulah orang yang paling mengerti tentang masalah ini. Sungguh aku telah melihat hari pertama mimbar tersebut dipasang dan hari saat Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam duduk di atasnya. Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam mengutus orang untuk menemui seorang wanita Anshar, yang namanya sudah disebutkan oleh Sahl, Sahl lalu berkata, "Perintahkanlah budak lelakimu yang tukang kayu itu untuk membuat mimbar bertangga, sehingga saat berbicara dengan orang banyak aku bisa duduk di atasnya." Maka kemudian wanita itu memerintahkan budak lelakinya membuat mimbar yang terbuat dari batang kayu hutan. Setelah diberikan kepada wanita itu, lalu itu mengirimnya untuk Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam. Maka Beliau memerintahkan orang untuk meletakkan mimbar tersebut di sini. Lalu aku melihat Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam shalat diatasnya. Beliau bertakbir dalam posisi di atas mimbar lalu rukuk dalam posisi masih di atas mimbar. Kemudian Beliau turun dengan mundur ke belakang, lalu sujud di dasar mimbar, kemudian Beliau mengulangi lagi (hingga shalat selesai). Setelah selesai, beliau menghadap kepada orang banyak lalu bersabda: "Wahai sekalian manusia, sesungguhnya aku berbuat seperti tadi agar kalian mengikuti dan agar kalian dapat mengambil pelajaran tentang tata cara shalatku

    Ebu Hazim İbn Dinar'dan nakledilmiştir: "Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in minberinin hangi ağaç'tan yapıldığı konusunda görüş ayrılığına düşen bir kesim Sehl İbn Sa'd es-Sâidî'ye gelerek minber'in neden yapıldığını sordular. Sehl onlara şu cevabı verdi: "Allah'a yemin ederim ki, ben bu minber'in hangi ağaç'tan yapıldığını, mescid'e konduğu ilk günü ve Resul-i Ekrem Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in üzerine oturduğu ilk günü çok iyi biliyorum. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem kölesi marangozlukla meşgul olan bir kadın'a -Sehl bu kadının kim oldu­ğunu söylemişti- haberci göndererek, 'Kölene söyle insanlara hitap ettiğim zaman üzerine oturacağım bir minber yapsın' diye emir buyurmuştu. Kadın da kendisine söylendiği gibi kölesine bu minberi yaptırdı. Köle Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in istediği minberi orman'dan temin ettiği ılgın ağacından yapmış ve getirmişti. Kadın bu minberi daha sonra Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e gönderdi ve minber Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in istediği yere kondu, işte ben Resul-i Ekrem Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in bu minber üzerinde namaz kıldığını ve yine minber'in üzerinde iken tekbir getirdiğini gördüm. Sonra minber'den inmeden rükû etmişti ve ardından geri geri çekilerek minber'den inmişti. Bu şekilde geriye çekildikten sonra minber'in ilk basamağının dibine secde etmiş ve ardından aynı uygulamayı tekrar etmişti. Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem namaz'ı bitirince insanlara dönerek şöyle buyurdu: "Ey insanlar, ben bu şekilde namaz kıldım ki bana uyasınız ve benim namazımın nasıl olduğunu öğrenesiniz

    ہم سے قتیبہ بن سعید نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم سے یعقوب بن عبدالرحمٰن بن محمد بن عبداللہ بن عبد القاری قرشی اسکندرانی نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ ہم سے ابوحازم بن دینار نے بیان کیا کہ کچھ لوگ سہل بن سعد ساعدی رضی اللہ عنہ کے پاس آئے۔ ان کا آپس میں اس پر اختلاف تھا کہ منبرنبوی علی صاحبہا الصلوۃ والسلام کی لکڑی کس درخت کی تھی۔ اس لیے سعد رضی اللہ عنہ سے اس کے متعلق دریافت کیا گیا آپ نے فرمایا اللہ گواہ ہے میں جانتا ہوں کہ منبرنبوی کس لکڑی کا تھا۔ پہلے دن جب وہ رکھا گیا اور سب سے پہلے جب اس پر رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم بیٹھے تو میں اس کو بھی جانتا ہوں۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے انصار کی فلاں عورت کے پاس جن کا سعد رضی اللہ عنہ نے نام بھی بتایا تھا۔ آدمی بھیجا کہ وہ اپنے بڑھئی غلام سے میرے لیے لکڑی جوڑ دینے کے لیے کہیں۔ تاکہ جب مجھے لوگوں سے کچھ کہنا ہو تو اس پر بیٹھا کروں چنانچہ انہوں نے اپنے غلام سے کہا اور وہ غابہ کے جھاؤ کی لکڑی سے اسے بنا کر لایا۔ انصاری خاتون نے اسے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں بھیج دیا۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے اسے یہاں رکھوایا میں نے دیکھا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے اسی پر ( کھڑے ہو کر ) نماز پڑھائی۔ اسی پر کھڑے کھڑے تکبیر کہی۔ اسی پر رکوع کیا۔ پھر الٹے پاؤں لوٹے اور منبر کی جڑ میں سجدہ کیا اور پھر دوبارہ اسی طرح کیا جب آپ نماز سے فارغ ہوئے تو لوگوں کو خطاب فرمایا۔ لوگو! میں نے یہ اس لیے کیا کہ تم میری پیروی کرو اور میری طرح نماز پڑھنی سیکھ لو۔

    وَقَالَ أَنَسٌ خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ আনাস (রাযি.) বলেছেন, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম মিম্বার হতে খুৎবাহ দিতেন। ৯১৭. আবূ হাযিম ইবনু দ্বীনার হতে বর্ণিত যে, (একদিন) কিছু লোক সাহল ইবনু সা‘দ সা‘ঈদীর নিকট আগমন করে এবং মিম্বরটি কোন্ কাঠের তৈরি ছিল, এ নিয়ে তাদের মনে প্রশ্ন জেগে ছিল। তারা এ সম্পর্কে তাঁর নিকট জিজ্ঞেস করলে তিনি বললেন, আল্লাহর শপথ! আমি সম্যকরূপে অবগত আছি যে, তা কিসের ছিল। প্রথম যেদিন তা স্থাপন করা হয় এবং প্রথম যে দিন এর উপর আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বসেন তা আমি দেখেছি। আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আনসারদের অমুক মহিলার (বর্ণনাকারী বলেন, সাহল (রাযি.) তার নামও উল্লেখ করেছিলেন) নিকট লোক পাঠিয়ে বলেছিলেন, তোমার কাঠমিস্ত্রি গোলামকে আমার জন্য কিছু কাঠ দিয়ে এমন জিনিস তৈরি করার নির্দেশ দাও, যার উপর বসে আমি লোকদের সাথে কথা বলতে পারি। অতঃপর সে মহিলা তাকে আদেশ করেন এবং সে (মদিনা হতে নয় মাইল দূরবর্তী) গাবা’র ঝাউ কাঠ দ্বারা তা তৈরি করে নিয়ে আসে। মহিলাটি আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর নিকট তা পাঠিয়েছেন। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর আদেশে এখানেই তা স্থাপন করা হয়। অতঃপর আমি দেখেছি, এর উপর আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম সালাত আদায় করেছেন। এর উপর উঠে তাকবীর দিয়েছেন এবং এখানে (দাঁড়িয়ে) রুকূ‘ করেছেন। অতঃপর পিছনের দিকে নেমে এসে মিম্বারের গোড়ায় সিজদা্ করেছেন এবং (এ সিজদা্) পুনরায় করেছেন, অতঃপর সালাত শেষ করে সমবেত লোকদের দিকে ফিরে বলেছেনঃ হে লোক সকল! আমি এটা এ জন্য করেছি যে, তোমরা যেন আমার অনুসরণ করতে এবং আমার সালাত শিখে নিতে পার। (৩৭৭; মুসলিম ৫/০ হাঃ ৫৪৪৪, আহমাদ ২২১৩৪) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৮৬৪, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அபூஹாஸிம் சலமா பின் தீனார் (ரஹ்) அவர்கள் கூறியதாவது: சஹ்ல் பின் சஅத் (ரலி) அவர்களிடம் சிலர் வந்து, ‘(நபி (ஸல்) அவர்களது) சொற்பொழிவு மேடை (மிம்பர்) எந்த மரத்தால் செய்யப்பட்டது என்பது தொடர் பாகச் சர்ச்சை செய்தனர். அதற்கு சஹ்ல் (ரலி) அவர்கள், “அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! அது எதனால் செய்யப்பட்டது என்பதை நான் நன்கறிவேன். அது வைக்கப்பட்ட முதல் நாளிலேயே நான் அதைப் பார்த்திருக்கி றேன். அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் அதன்மீது அமர்ந்த முதல் நாளிலேயே (நான் அதைப் பார்த்திருக்கி றேன்)” என்று கூறிவிட்டு (அது பற்றிய முழுத் தகவலையும் பின்வருமாறு) கூறினார்கள்: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் இன்ன பெண்மணியிடம், -அப்பெண்மணியின் பெயரை சஹ்ல் (ரலி) அவர்கள் குறிப்பிட்டார்கள்- ஆளனுப்பி, “நான் மக்களிடையே உரையாற்றும்போது அமர்ந்துகொள்வதற்கு (ஏற்ற வகையில்) எனக்காக (சொற்பொழிவு மேடைக்குத் தேவையான) மரச்சட்டங்களைச் செய்து தரும்படி தச்சு வேலை தெரிந்த உன் அடிமைக்குக் கட்டளையிடுவாயாக!” என்று சொல்-யனுப்பினார்கள். அவ்வாறே அப்பெண்மணி அந்த அடிமைக்குக் கட்டளையிட, அவர் (மதீனா அருகிலுள்ள) ‘அல்ஃகாபா’ வனத்திலிருந்த ஒரு வகை சவுக்கு மரத்தினால் அதைச் செய்து அப்பெண்மணியிடம் கொண்டு வந்தார். அதை அப்பெண்மணி அல்லாஹ் வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களிடம் அனுப்பி வைத்தார். பிறகு அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் உத்தரவிட, இதோ இந்த இடத்தில் அது வைக்கப்பட்டது. அதன் பிறகு நான் பார்த்தேன்: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் அதன்மீது நின்று தொழு(வித்)தார்கள். (அதாவது) அதன் மீது நின்று தக்பீர் கூறினார்கள்; அதன் மீது ருகூஉ செய்தார்கள். பிறகு (முதுகைத் திருப்பாமல்) பின்வாக்கில் இறங்கி அந்த மேடையின் அடிக்கட்டைப் பகுதியில் சஜ்தா செய்தார் கள். பிறகு பழையபடி (மேடைக்கே) சென்றார்கள். தொழுது முடித்ததும், மக்களை முன் னோக்கி, “மக்களே! நீங்கள் என்னைப் பின்பற்ற வேண்டும் என்பதற்காகவும் எனது தொழுகையை நீங்கள் அறிந்து கொள்வதற்காகவுமே நான் இவ்வாறு செய்தேன்” என்று குறிப்பிட்டார்கள். அத்தியாயம் :