• 2017
  • عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخْبَرَتْهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا ، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ " فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ ، فَقَالَ : " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ ، حَدَّثَ فَكَذَبَ ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ "

    حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا ، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ ، فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ ، حَدَّثَ فَكَذَبَ ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ

    أعوذ: أعوذ : ألجأ وأحتمي وأعتصم
    وأعوذ: أعوذ : ألجأ وأتحصن وأحتمي
    المأثم: المأثم : ما يسبب الإثم الذي يجر إلى الذم والعقوبة
    والمغرم: المغرم : المراد مغرم الذنوب والمعاصي ، وقيل المغرم هو الدين الذي لله أو للعباد
    المغرم: المغرم : المراد مغرم الذنوب والمعاصي ، وقيل المغرم هو الدين الذي لله أو للعباد
    غرم: الغُرْم : ما يلزم الشخص أداؤه كالضمان والدين والدية وغير ذلك
    : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ
    حديث رقم: 2296 في صحيح البخاري كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس باب من استعاذ من الدين
    حديث رقم: 6041 في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب الاستعاذة من فتنة الغنى
    حديث رقم: 6033 في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب التعوذ من المأثم والمغرم
    حديث رقم: 6747 في صحيح البخاري كتاب الفتن باب ذكر الدجال
    حديث رقم: 6040 في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب الاستعاذة من أرذل العمر، ومن فتنة الدنيا وفتنة النار
    حديث رقم: 6042 في صحيح البخاري كتاب الدعوات باب التعوذ من فتنة الفقر
    حديث رقم: 955 في صحيح مسلم كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ بَابُ مَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 957 في صحيح مسلم كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ بَابُ مَا يُسْتَعَاذُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4984 في صحيح مسلم كتاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَغَيْرِهَا
    حديث رقم: 1354 في سنن أبي داوود كِتَاب الصَّلَاةِ بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ
    حديث رقم: 775 في سنن أبي داوود كِتَاب الصَّلَاةِ بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
    حديث رقم: 3571 في جامع الترمذي أبواب الدعوات باب
    حديث رقم: 61 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الطهارة الوضوء بماء الثلج
    حديث رقم: 333 في السنن الصغرى للنسائي كتاب المياه باب الوضوء بماء الثلج والبرد
    حديث رقم: 1300 في السنن الصغرى للنسائي كتاب السهو نوع آخر
    حديث رقم: 5404 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة باب الاستعاذة من المغرم، والمأثم
    حديث رقم: 5416 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من شر فتنة القبر
    حديث رقم: 5422 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من المغرم
    حديث رقم: 5427 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الاستعاذة الاستعاذة من شر فتنة الغنى
    حديث رقم: 3835 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الدُّعَاءِ بَابُ مَا تَعَوَّذَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 820 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا ، وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي زُجِرَ
    حديث رقم: 23779 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25110 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 24058 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25188 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25541 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 25785 في مسند أحمد ابن حنبل حَدِيثُ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    حديث رقم: 2002 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 58 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الطَّهَارَةِ مَاءُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
    حديث رقم: 2167 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْجَنَائِزِ التَّعَوُّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
    حديث رقم: 7467 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ النُّعُوتِ السُّؤَالُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ وَالِاسْتِعَاذَةُ بِهَا
    حديث رقم: 7629 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْمَأْثَمِ
    حديث رقم: 1209 في السنن الكبرى للنسائي الْعَمَلُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ نَوْعٌ آخَرُ
    حديث رقم: 7645 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْمَغْرَمِ
    حديث رقم: 7640 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْقَبْرِ
    حديث رقم: 7650 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى
    حديث رقم: 1351 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ الْجَنَائِزِ كِتَابُ الْجَنَائِزِ
    حديث رقم: 1942 في المستدرك على الصحيحين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
    حديث رقم: 1899 في سنن الدارمي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 28539 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الدُّعَاءِ بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ
    حديث رقم: 28541 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الدُّعَاءِ بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ
    حديث رقم: 28610 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ
    حديث رقم: 36785 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفِتَنِ مَا ذُكِرَ فِي فِتْنَةِ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 4715 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ : عُبَيْدُ اللَّهِ
    حديث رقم: 8951 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مِقْدَامٌ
    حديث رقم: 9469 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْهَاءِ ذِكْرُ مَنِ اسْمُهُ : هَاشِمٌ
    حديث رقم: 2995 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 2994 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 9 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة بَابُ التَّطْهِيرِ بِمَاءِ الثَّلْجِ ، وَالْبَرَدِ ، وَالْمَاءِ الْبَارِدِ
    حديث رقم: 2683 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 10276 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْبُيُوعِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَالرَّدِ بِالْعُيُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
    حديث رقم: 12300 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَمَسُّ حَاجَةً مِنَ الْمِسْكِينِ
    حديث رقم: 227 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ الدُّعَاءِ
    حديث رقم: 65 في مسند عائشة مسند عائشة عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ
    حديث رقم: 1496 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد مِنْ مُسْنَدِ الصِّدِّيقَةِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَعَنْ
    حديث رقم: 162 في حديث أبي محمد الفاكهي حديث أبي محمد الفاكهي
    حديث رقم: 1290 في السنة لعبد الله بن أحمد السُّنَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ
    حديث رقم: 4797 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 4359 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 293 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ إِثْبَاتِ خَازِنِ النَّارِ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ ، وَإِثْبَاتِ
    حديث رقم: 4545 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 1615 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ الدُّعَاءِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ الْمُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ
    حديث رقم: 1967 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُبَيِّنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي
    حديث رقم: 1620 في مستخرج أبي عوانة بَابٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ الدُّعَاءِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ الْمُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ
    حديث رقم: 837 في الشريعة للآجري كِتَابُ الْإِيمَانِ بِالْحَوْضِ الَّذِي أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ
    حديث رقم: 859 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالدَّجَّالِ , وَأَنَّهُ خَارِجٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَابُ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَتَعْلِيمِهِ لِأُمَّتِهِ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 861 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالدَّجَّالِ , وَأَنَّهُ خَارِجٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَابُ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَتَعْلِيمِهِ لِأُمَّتِهِ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 860 في الشريعة للآجري كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالدَّجَّالِ , وَأَنَّهُ خَارِجٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَابُ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَتَعْلِيمِهِ لِأُمَّتِهِ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ
    حديث رقم: 8810 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
    حديث رقم: 1729 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا دُلُّوا فِي حُفْرَتِهِمْ يَسْأَلُهُمْ مُنْكَرٌ ، وَنَكِيرٌ ، وَأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ ، وَالْإِيمَانَ بِهِ وَاجِبٌ
    حديث رقم: 11786 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ
    حديث رقم: 2035 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني بَابُ الْفَاءِ الْفُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقَنَّادُ ، أَصْبَهَانِيُّ سَكَنَ الْكُوفَةَ ، أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَةَ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ شَيْئًا *

    [832] قَوْلُهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْفِتْنَةُ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ قَالَ عِيَاضٌ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْعُرْفِ لِكَشْفِ مَا يُكْرَهُ اه وَتُطْلَقُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَالنَّمِيمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمَسِيحُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ يُطلق على الدَّجَّال وعَلى عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَكِنْ إِذَا أُرِيدَ الدَّجَّالُ قُيِّدَ بِهِ.
    وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ الْمَسِيحُ مُثَقَّلٌ الدَّجَّالُ وَمُخَفَّفٌ عِيسَى وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا مَا نَقَلَ الْفَرَبْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَنْهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ أَنَّ الْمَسِيحَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِد يُقَال للدجال وَيُقَال لعيسى وَأَنه لافرق بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى لَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ رَأْيٌ ثَالِثٌ.
    وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مَنْ قَالَهُ بِالتَّخْفِيفِ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْضَ وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَلِكَوْنِهِ مَمْسُوحَ الْعَيْنِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِي الدَّجَّالِ وَنُسِبَ قَائِلُهُ إِلَى التَّصْحِيفِ وَاخْتُلِفَ فِي تَلْقِيبِ الدَّجَّالِ بِذَلِكَ فَقِيلَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْنَ فِيهِ وَلَا حَاجِبَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ إِذَا خَرَجَ وَأَمَّا عِيسَى فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ الْأَرْضَ بِسِيَاحَتِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ رِجْلَهُ كَانَتْ لَا أَخْمُصَ لَهَا وَقِيلَ لِلُبْسِهِ الْمُسُوحَ وَقِيلَ هُوَ بالعبرانية مَا شَيخا فَعُرِّبَ الْمَسِيحَ وَقِيلَ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ ذِكْرُ قَائِلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ صَاحِبُ الْقَامُوسِ أَنَّهُ جَمَعَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَةِ عِيسَى بِذَلِكَ خَمْسِينَ قَوْلًا أَوْرَدَهَا فِيوَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيَدْعُو حَتَّى حَسِرَ قَالَ فَلَمَّا حَسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ وَيُظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بَعْدَ انْجِلَاءِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ جَمَعَ الرَّاوِي جَمِيعَ مَا جَرَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ دُعَاءٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي الْقِيَامَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتِ السُّورَتَانِ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ تَتْمِيمًا لِلصَّلَاةِ فَتَمَّتْ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوَّلُهَا فِي حَالِ الْكُسُوفِ وَآخِرُهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ تقديره لابد مِنْهُ لِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِقَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَلِرِوَايَاتِ بَاقِي الصَّحَابَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا لِيَتَّفِقَ الرِّوَايَتَانِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ انْجِلَاءِ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا صَلَاةَ كُسُوفٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ إِلَى قَوْلِهِ وَيَدْعُو فِيهِ دَلِيلٌ لِأَصْحَابِنَا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي دَعَوَاتِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ حَسِرَ عَنْهَا أَيْ كَشَفَ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى جُلِّيَ عَنْهَا قَوْلُهُ كُنْتُ أَرْتَمِي بَأَسْهُمٍ أَيْ أَرْمِي كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُقَالُ أَرْمِي وَأَرْتَمِي وَتَرَامَى وَتَرَمَّى كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الأخيرة قولهوَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيَدْعُو حَتَّى حَسِرَ قَالَ فَلَمَّا حَسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ وَيُظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بَعْدَ انْجِلَاءِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ جَمَعَ الرَّاوِي جَمِيعَ مَا جَرَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ دُعَاءٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي الْقِيَامَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتِ السُّورَتَانِ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ تَتْمِيمًا لِلصَّلَاةِ فَتَمَّتْ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوَّلُهَا فِي حَالِ الْكُسُوفِ وَآخِرُهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ تقديره لابد مِنْهُ لِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِقَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَلِرِوَايَاتِ بَاقِي الصَّحَابَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا لِيَتَّفِقَ الرِّوَايَتَانِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ انْجِلَاءِ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا صَلَاةَ كُسُوفٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ إِلَى قَوْلِهِ وَيَدْعُو فِيهِ دَلِيلٌ لِأَصْحَابِنَا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي دَعَوَاتِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ حَسِرَ عَنْهَا أَيْ كَشَفَ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى جُلِّيَ عَنْهَا قَوْلُهُ كُنْتُ أَرْتَمِي بَأَسْهُمٍ أَيْ أَرْمِي كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُقَالُ أَرْمِي وَأَرْتَمِي وَتَرَامَى وَتَرَمَّى كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الأخيرة قولهوَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيَدْعُو حَتَّى حَسِرَ قَالَ فَلَمَّا حَسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ وَيُظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بَعْدَ انْجِلَاءِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ جَمَعَ الرَّاوِي جَمِيعَ مَا جَرَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ دُعَاءٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي الْقِيَامَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَتِ السُّورَتَانِ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ تَتْمِيمًا لِلصَّلَاةِ فَتَمَّتْ جُمْلَةُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ أَوَّلُهَا فِي حَالِ الْكُسُوفِ وَآخِرُهَا بَعْدَ الِانْجِلَاءِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ تقديره لابد مِنْهُ لِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِقَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَلِرِوَايَاتِ بَاقِي الصَّحَابَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا لِيَتَّفِقَ الرِّوَايَتَانِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ انْجِلَاءِ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا صَلَاةَ كُسُوفٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُسَبِّحُ إِلَى قَوْلِهِ وَيَدْعُو فِيهِ دَلِيلٌ لِأَصْحَابِنَا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ وَرَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي دَعَوَاتِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ حَسِرَ عَنْهَا أَيْ كَشَفَ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى جُلِّيَ عَنْهَا قَوْلُهُ كُنْتُ أَرْتَمِي بَأَسْهُمٍ أَيْ أَرْمِي كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُقَالُ أَرْمِي وَأَرْتَمِي وَتَرَامَى وَتَرَمَّى كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ الأخيرة قولهشَرْحِ الْمَشَارِقِ قَوْلُهُ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِتْنَةُ الْمَحْيَا مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنَ الِافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالَاتِ وَأَعْظَمُهَا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا عَلَى هَذَا مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا فِتْنَةُ الْقَبْرِ وَقَدْ صَحَّ يَعْنِي فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ الْآتِي فِي الْجَنَائِزِ إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَلَا يَكُونُ مَعَ هَذَا الْوَجْهِ مُتَكَرِّرًا مَعَ قَوْلِهِ عَذَابِ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْعَذَابَ مُرَتَّبٌ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ وَقِيلَ أَرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا الِابْتِلَاءَ مَعَ زَوَالِ الصَّبْرِ وَبِفِتْنَةِ الْمَمَاتِ السُّؤَالَ فِي الْقَبْرِ مَعَ الْحِيرَةِ وَهَذَا مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ لِأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ دَاخِلٌ تَحْتَ فِتْنَةِ الْمَمَاتِ وَفِتْنَةُ الدَّجَّالِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا سُئِلَ مَنْ رَبُّكَ تَرَاءَى لَهُ الشَّيْطَانُ فَيُشِيرُ إِلَى نَفْسِهِ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَلِهَذَا وَرَدَ سُؤَالُ التَّثَبُّتِ لَهُ حِينَ يُسْأَلُ ثُمَّ أَخْرَجَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ أَنْ يَقُولُوا اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ قَوْلُهُ وَالْمَغْرَمِ أَيِ الدَّيْنِ يُقَالُ غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيِ ادَّانَ قِيلَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُسْتَدَانُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَفِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ.
    وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمَغْرَمُ الْغُرْمُ وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الضَّرَرِ اللَّاحِقِ مِنَ الْمَغْرَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ عَائِشَةُ وَلَفْظُهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ إِلَخْ قَوْلُهُ مَا أَكْثَرَ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى التَّعَجُّبِ وقَوْلُهُ إِذَا غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُهُ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ مَنْ يَسْتَدِينُ غَالِبًا قَوْلُهُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَ بِهِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا لَكِنْ لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ عَنْهُ إِلَّا مُطَوَّلًا وَرَأَيْتُهُ بِاللَّفْظِ الْمُخْتَصَرِ الْمَذْكُورِ سَنَدًا وَمَتْنًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ صَالِحٍ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ دُعَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ مَغْفُورٌ لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ قَصَدَ التَّعْلِيمَ لِأُمَّتِهِ ثَانِيهَا أَنَّ الْمُرَادَ السُّؤَالُ مِنْهُ لِأُمَّتِهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى هُنَا أَعُوذُ بِكَ لِأُمَّتِي ثَالِثُهَا سُلُوكُ طَرِيقِ التَّوَاضُعِ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ وَإِلْزَامُ خَوْفِ اللَّهِ وَإِعْظَامِهِ وَالِافْتِقَارُ إِلَيْهِ وَامْتِثَالُ أَمْرِهِ فِي الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَلَا يَمْتَنِعُ تَكْرَارُ الطَّلَبِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِجَابَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُحَصِّلُ الْحَسَنَاتِ وَيَرْفَعُ الدَّرَجَاتِ وَفِيهِ تَحْرِيضٌ لِأُمَّتِهِ عَلَى مُلَازَمَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَ تَحَقُّقِ الْمَغْفِرَةِ لَا يَتْرُكُ التَّضَرُّعَ فَمَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ أَحْرَى بِالْمُلَازَمَةِ وَأَمَّا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ مَعَ تَحَقُّقِهِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقِيلَ عَلَى الثَّالِثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحَقُّقِ عَدَمِ إِدْرَاكِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

    [832] حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». [الحديث أطرافه في: 833، 2397، 6368، 6375، 6376، 6377، 7129]. وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) أي ابن أبي حمزة (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أخبرنا عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقط قوله: زوج النبي إلخ. ولأبي ذر وابن عساكر: أنها (أخبرته أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدعو في) آخر (الصلاة) بعد التشهد قبل السلام، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعًا: إذا تشهد أحدكم فليقل: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) بفتح الميم وكسر السين مخففة. وقيده بالدجال ليمتاز عن عيسى ابن مريم عليه السلام، والدجل الخلط. وسمي به لكثرة خلطه الباطل بالحق، أو من دجل: كذب والدجال: الكذاب. وبالمسيح، لأن إحدى عينيه ممسوحة، فعيل بمعنى مفعول، أو لأنه يمسح الأرض أي يقطعها في أيام معدودة، فهو بمعنى فاعل، أو لأن الخير مسح منه فهو مسيح الضلال. (وأعوذ بك من فتنة المحيا) ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان، أي: الابتلاء بالدنيا والشهوات والجهالات، (وفتنة الممات) ما يفتتن به عند الموت في أمر الخاتمة، أعاذنا الله من ذلك، أضيفت إليه لقربها منه. أو فتنة القبر، ولا تكرار مع قوله أولاً عذاب القبر، لأن العذاب مرتب على الفتنة، والسبب غير المسبب. (اللهم إني أعوذ بك من المأثم) أي ما يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، وضعًا للمصدر موضع الاسم (و) أعوذ بك من (المغرم) أي الدَّين، فيما لا يجوز أو فيما يجوز، ثم يعجز عن أدائه. فأما دين احتاجه وهو قادر على أدائه فلا استعاذة منه، والأول حق الله، والثاني حق العباد. (فقال له) أي للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قائل) في رواية النسائي من طريق معمر عن الزهري أن السائل عائشة، ولفظها: فقلت: يا رسول الله (ما أكثر) بفتح الراء على التعجب (ما تستعيذ من المغرم)؟ في محل نصب به، أي: ما أكثر استعاذتك من المغرم (فقال) عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل إذا غرم) بكسر الراء، وجواب قوله: (حدث فكذب) بأن يحتج بشيء في وفاء ما عليه ولم يقم به، فيصير كاذبًا. وذال كذب مخففة وهو عطف على حدث. (ووعد فأخلف). كأن قال لصاحب الدين: أوفيك دينك في يوم كذا، ولم يوف، فيصير مخلفًا لوعده. والكذب وخلف الوعد من صفات المنافقين. وللحموي والمستملي: وإذا وعد أخلف. وهذا الدعاء صدر منه عليه الصلاة والسلام على سبيل التعليم لأمته، وإلاّ فهو عليه الصلاة والسلام معصوم من ذلك، أو أنه سلك به طريق التواضع، وإظهار العبودية، وإلزام خوف الله تعالى، والافتقار إليه ولا يمنع تكرار الطلب مع تحقّق الإجابة لأن ذلك يحصل الحسنات، ويرفع الدرجات. وزاد أبو ذر عن المستملي، هنا: قال محمد بن يوسف بن مطر الفربري: يحكى عن المؤلّف أنه قال: سمعت خلف بن عامر الهمذاني يقول في المسيح، بفتح الميم وتخفيف السين، والمسيح مشدد مع كسر الميم ليس بينهما فرق، وهما واحد في اللفظ، أحدهما عيسى ابن مريم عليه السلام، والآخر الدجال لا اختصاص لأحدهما بأحد الأمرين، لكن إذا أريد الدجال قيد به كما مر. وقال أبو داود في السُّنن: المسيح مثقل. هو الدجال، ومخفف: عيسى عليه السلام، وحكي عن بعضهم أن الدجال مسيخ بالخاء المعجمة، لكن نسب إلى التصحيف. وفي الحديث: التحديث بالجمع والإخبار ورواية تابعي عنتابعي عن صحابية ورواته ما بين حمصي ومدني، وأخرجه المؤلّف في الاستقراض، ومسلم في الصلاة وكذا أبو داود والنسائي.

    [832] ثنا محمد بن الصباح: ثنا هشيم: أنا خالد، عن أبي قلابة: انا مالك بن الحويرث الليثي، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً. وقد خرّجه في الباب الأتي من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك، وفي حديثه: أنه جلس واعتمد على الأرض، ثم قام. وقد سبق من وجه آخر بهذا الإسناد، وفيه: كان يقعد في الثالثة أو الرابعة. وهذا لا معنى له؛ لأن قعوده في الرابعة لابد منه للتشهد. وروى هذا الحديث أنيس بن سوار الحنفي، قال: حدثني أبي، قال: كنت مع أبي قلابة، فجاءه رجل من بني ليث، يقال له: مالك بن الحويرث، من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: إلا أريكم كيف كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يصلي؟ قلنا: بلى، فصلى لنا ركعتين، فأوجز فيهما. قال أبي: فاختلفت أنا وأبو قلابة، قال أحدنا: لزق بالارض، وقال الأخر: تجافى. خرّجه الخلال في ((كتاب العلل)) . وقال الإمام أحمد في حديث مالك بن الحويرث في الاستواء إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى، قال: هو صحيح، إسناده صحيح. وقال –أيضاً -: ليس لهذا الحديث ثان. يعني: أنه لم ترو هذه الجلسة في غير الحديث. وهذا يدل على أن ما روي فيه هذه الجلسة من الحديث غير حديث مالك بن الحويرث، فانه غير محفوظ، فإنها قد رويت في حديث أبي حميد وأصحابه في صفة صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه. وذكر بعضهم أنه خرّجه أبو داود والترمذي، وإنما خرّجا أصل الحديث، ولم نجد في ((كتابيهما)) هذه اللفظة.والظاهر –والله أعلم -: إنها وهم من بعض الرواة، كرر فيه ذكر الجلوس بين السجدتين غلطاً. وبعضهم ذكر سجوده، ثم جلوسه، ثم ذكر أنه نهض. كذا في رواية الترمذي وغيره. فظن بعضهم، أنه نهض عن جلوسٍ، وليس كذلك، إنما المراد بذلك الجلوس: جلوسه بين السجدتين، ولم يذكر صفة الجلسة الثانية لاستغنائه عنها بصفة الجلسة الأولى. وقد خرج أبو داود حديث أبي حميد وأصحابه من وجه آخر، وفيه: أنه سجد، ثم جلس فتورك، ثم سجد، ثم كبر فقام ولم يتورك. وهذه الرواية صريحة في أنه لم يجلس بعد السجدة الثانية. ويدل عليه: أن طائفة من الحفاظ ذكروا أن حديث أبي حميد ليس فيه ذكر هذه الجلسة. واستدل بعضهم –أيضاً - بالحديث الذي خرّجه البخاري في ((صحيحه)) هذا في ((كتاب الاستئذان)) و ((أبواب السلام)) في ((باب من رد فقال: عليك السلام)) ، خرج فيه حديث المسيء في صلاته، من رواية ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبيهريرة، أن رجلاً دخل المسجد فصلى، ثم جاء فسلم - فذكر الحديث بطوله، وفيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: ((إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) . قال: وقال أبو أسامة في الأخير: ((حتى تستوي قائماً)) . يعني: أنه ذكر بدل الجلوس: القيام. ثم خرّج من حديث يحيى القطان، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) . يعني: أنه وافق ابن نمير في ذكر الجلوس. فهذه اللفظة قد اختلف فيها في حديث أبي هريرة هذا، فمن الرواة من ذكر أنه أمره بالجلوس بعد السجدتين، ومنهم من ذكر أنه أمره بالقيام بعدهما، وهذا هو ألاشه؛ فإن هذا الحديث لم يذكر أحد فيه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه شيئاً من سنن الصلاة المتفق عليها، فكيف يكون قد أمره بهذه الجلسة؟ هذا بعيد جداً. ثم وجدت البيهقي قد ذكر هذا، وذكر أن أبا أسامة اختلف عليه في ذكر هذه الجلسة الثانية بعد السجدتين. قال: والصحيحعنه: أنه قال بعد ذكر السجدتين: ((ثم ارفع حتى تستوي قائماً)) . قال: وقد رواه البخاري في ((صحيحه)) عن إسحاق بن منصور، عن أبي أسامة – وذكر رواية ابن نمير، ولم يذكر تخريج البخاري لها، ولم يذكر يحيى بن سعيد في روايته السجود الثاني، ولا ما بعده من القعود أو القيام. قال: والقيام أشبه بما سيق الخبر لأجله من عد الأركان دون السنن. والله أعلم. قلت: وهذا يدل على أن ذكر الجلسة الثانية غير محفوظة عن يحيى. وفي حديث يحيى بن خلاد الزرقي، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه علم المسيء في صلاته، وقال له بعد أن أمره بالسجود، ثم بالقعود، ثم بالسجود، فقال له: ((ثم قم)) . وخرّجه الإمام أحمد بهذا اللفظ. واستدل به على أنه لا يجلس قبل قيامه. وخرّجه الترمذي –أيضاً -، وحسنه. مع أن حديث رفاعة هذا فيهتعليم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهذا المسيء أشياء من مسنونات الصلاة. وقد روي في حديث رفاعة هذا: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: ((ثم انهض قبل أن تستوي قاعداً)) . خرّجه الحافظ أبو محمد الحسن بن علي الخلال. ولكن إسناده ضعيف. وخرج الإمام أحمد من حديث شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، أن أبا مالك الأشعري جمع قومه، فقال: اجتمعوا أعلمكم صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر الحديث، وفيه: أنه صلى بهم، وذكر صفة صلاته، وقال فيها: ثم كبرّ وخر ساجداً، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فانتهض قائماً، فلما قضى صلاته قال: احفظوا؛ فإنها صلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وخرج أبو داود بعض الحديث، ولم يتمه. وفي جلسة الاستراحة: حديث عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، قال: إذا رفع أحدكم رأسه من السجد الثانية فليلزق اليتيه بالارض، ولا يفعل كما تفعل الإبل؛ فإني سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ((ذَلِكَ توقير الصَّلاة)) . خرّجه العقيلي من رواية أبي خالد القرشي، عن علي بن الحزور، عن ألاصبغ بن نباته، عن علي.وهذا إسناد ساقط، والظاهر: أن الحديث موضوع، وأبو خالد، الظاهر: أنه عمرو بن خالد الواسطي، كذاب مشهور بالكذب، وعلي بن الحزور، قال ابن معين: لا يحل لأحد أن يروي عنه، وإلاصبغ بن نباته، ضعيف جداً. وهذه الجلسة تسمى جلسة الاستراحة، وأكثر الأحاديث ليس فيها ذكر شيء من ذلك، كذا قاله الإمام أحمد وغيره. وقد اختلف العلماء في استحبابها في الصلاة: فقالت طائفة: هي مستحبة. وهو قول حماد بن زيد والشافعي –في أشهر قوليه - وأحمد –في رواية عنه، ذكر الخلال: أن قوله استقر عليها، واختارها الخلال وصاحبة أبو بكر بن جعفر. وقال إلاكثرون: هي غير مستحبة، بل المستحب إذا رفع رأسه من السجدة الثانية أن ينهض قائماً، حكاه أحمد عن عمر وعلي وابن مسعود، وذكره ابن المنذر عن ابن عباس. وذكر بإسناده، عن النعمان بن أبي عياش، قال: أدركتغير واحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة – أول ركعة والثالثة – قام كما هو ولم يجلس. وروي - أيضاً - عن أبي ريحانة صاحب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروي معناه عن ابن عمر – أيضاً. خرجهما حرب الكرماني. وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم. وممن قال ذلك: عبادة بن نسي وأبو الزناد والنخعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي – في أحد قوليه – وأحمد – في المشهور من مذهبه عند عامة أصحابه. ومن أصحابنا وأصحاب الشافعي من قال: هي مستحبة لمن كبر وثقل بدنه؛ لأنه يشق عليه النهوض معتمدا على ركبته من غير جلسة. وحمل أبو إسحاق المروزي القولين للشافعي على اختلاف حالين، لا على اختلاف قولين، وحملوا حديث مالك بن الحويرث على مثل ذلك، وان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقعد أحيانا لمّا كبر وثقل بدنه؛ فإن وفود العرب إنما وفدت على النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في آخر عمره. ويشهد لذلك، أن أكابر الصحابة المختصين بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكونوا يفعلون ذلك في صلاتهم، فدل على أنهم علموا أن ذلك ليسمن سنن الصلاة مطلقاً. وروى حرب الكرماني، عن إسحاق بن راهويه روايتين: أحداهما: تستحب جلسة الاستراحة لكل أحد. والثانية: لا تستحب إلا لمن عجز عن النهوض عن صدر قدميه. وهي رواية ابن منصور، عن إسحاق –أيضاً. ومن لم يستحب هذا الجلوس بالكلية، قال: إنه من الأفعال المباحة التي تفعل في الصلاة للحاجة إليها، كالتروح لكرب شديد، ودفع المؤذي، ونحو ذلك مما ليس بمسنون، وإنما هو مباح. * * * 143 -باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة824 - حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: جاءنا مالك بن الحويرث، فصلى بنا في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم ولا أريد الصلاة، لكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي. قال أيوب: فقلت لأبي قلابة: وكيف كانت صلاته؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا - يعني: عمرو بن سلمة. قال أيوب: وكان ذلك الشيخ يتم التكبير، وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض، ثم قام. هذه الرواية ليست صريحة في رفع الاعتماد على الأرض بخصوصه؛ لان فيها أن صلاة عمرو بن سلمة مثل صلاة مالك بن الحويرث، وصلاة مالك مثل صلاة النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليس ذلك تصريحاً برفع جميع حركات الصلاة، فان الممائلة تطلق كثيراً ولا يراد بها التماثل من كل وجه، بل يكتفي فيها بالممائلة من بعض الوجوه، أو أكثرها. لكن رواية الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة – بنحوه، وقال فيه: كان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الأولى، فاستوىقاعداً قام واعتمد على الأرض. خرّجه النسائي وغيره. وقد اختلف العلماء في القائم إلى الركعة الثانية من صلاة: كيف يقوم؟ فقالت طائفة: يعتمد بيديه على الأرض، كما في حديث مالك بن الحويرث هذا. وروي عن عطاء، وقال: يتواضع لله عز وجل. وهو من رواية ابن لهيعة، عنه. وهو قول مالك والشافعي وإسحاق. وروي عن أحمد، أنه كان يفعله، وتأوله القاضي أبو يعلى وغيره على أنه فعله لعجز وكبر. وقد روي عن كثير من السلف، أنه يعتمد على يديه في القيام إلى الركعة الثانية، منهم: عمر وعبادة بن نسي وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري – وقال: هو سنة الصلاة -، وهو قول إلاوزاعي وغيره، ورخص فيه قتادة. وقالت طائفة: ينهض على صدور قدميه، ولا يعتمد على يديه، بل يضعهما على ركبتيه، صح ذلك عن ابن مسعود، وروي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، أنه قال: هو من سنة الصلاة، وعن ابن عمر –أيضاً - وابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبيليلى، وهو قول النخعي والثوري وأبي حنيفة وأحمد. وحكى ابن المنذر عن أحمد الاعتماد على يديه، وهو خلاف مذهبه المعروف عنه. وإلاكثرون على أنه لا تلازم بين الجلسة والاعتماد، فقد كان من السلف من يعتمد ولا يجلس للاستراحة، منهم: عبادة بن نسي، وحكاه عن أبي ريحانة الصحابي. وهذا مذهب أصحاب الشافعي وأحمد؛ فان أصحاب الشافعي قالوا: يعتمد، سواء قلنا: يجلس للاستراحة أو قلنا لا يجلس. وقال أصحاب أحمد: لا يعتمد، سواء قلنا: يجلس، أو قلنا: لا يجلس، وحملوا حديث مالك بن الحويرث على أنه فعل الاعتماد لحاجته أليه: لضعف أو كبر ونحو ذلك. ولا يبعد إذا قلنا: إن جلسة الاستراحة فعلها تشريعاً للأمة، أن يكون الاعتماد فعله كذلك. وكلام أحمد في رواية ابنه عبد الله وغيره من أصحابه يدل على تلازم الجلسة والاعتماد، فيحتمل أن يقال: أن قلنا: يجلس للاستراحةاعتمد على الأرض، لا سيما إن فعل ذلك لعجز أو كبر، وإن نهض من غير جلوس نهض على صدور قدميه، معتمداً على ركبتيه. ويدل على ذلك: أن أحمد استدل على النهوض على صدور القدمين بحديث رفاعة بن رافع وحديث أبي حميد المتقدمين، وفيهما: ذكر القيام بعد السجدتين، من غير ذكر النهوض على صدور القدمين، فدل على أنه يرى تلازم الأمرين، وأنه يلزم من ترك جلسة الاستراحة النهوض على صدور القدمين. وقد روى الهيثم، عن عطية بن قيس بن ثعلبة، عن الازرق بن قيس، قال: رأيت ابن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام، فقلت: ما هذا؟ قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعجن في الصلاة –يعني: يعتمد. خرّجه الطبراني في ((أوسطه)) . والهيثم هذا، غير معروف. وقال بعضهم: العاجن، هو الشيخ الكير الذي يعتمد إذا قام ببطن يديه، ليس هو عاجن العجين. وفي النهوض على صدور القدمين أحاديث مرفوعة،أسانيدها ليست قوية، أجودها: حديث مرسل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه. وقد خرّجه أبو داود بالشك في وصله وإرساله. والصحيح: إرساله جزماً. والله سبحانه وتعالى أعلم. * * * 144 -باب يكبر وهو ينهض من السجدتين وكان ابن الزبير يكبر في نهضته. وقد سبق في ((باب: يهوي بالتكبير حين يسجد)) حديث أبي هريرة، أنه كان يكبر حين يرفع رأسه من السجدة الأولى والثانية، ويقول حين ينصرف: إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا. وهو يدل على أنه كان يكبر في حال نهوضه وقيامه من السجود إلى الركعة التي بعده. وخرّج هاهنا حديثين: الحديث الأول: 825 -حدثنا يحيى بن صالح: ثنا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: صلى لنا أبو سعيد، فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، وقال:هكذا رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثاني: 826 -حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد: ثنا غيلان بن جرير، عن مطرف، قالَ: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب –رضي الله عنه -، فكان إذا سجد كّبر، وإذا رفع كبر، وإذا نهض من الركعتين كّبر، فلما سلم أخذ عمران بيدي، فقال: لقد صلى بنا هذا صلاة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو قال: لقد ذكرني هذا صلاة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ووجه استدلال البخاري بهذين الحديثين على ما بوب عليه: أن حديث أببي سعيد فيه التكبير حين يرفع من السجود، وهذا ظاهر في شروعه في التكبير مع شروعه في الرفع، وأما حديث عمران، ففيه: ((إذا رفع كّبر)) ، ويحُمل –أيضاً – على أنه كّبر حين شرع في الرفع. وحديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه أصرح من ذلك كله؛ فإن فيه: أنه كان يكّبر حين يرفع رأسه من السجدة الأولى والثانية، وهذا لا اختلاف فيه. وفي حديث أبي سعيد: التكبير حين قام من الركعتين، وفي حديث عمران: إذا نهض من الركعتين كّبر.وقد اختلف في تأويل ذلك، فحمله إلاكثرون على أنه كان يكّبر حين يشرع في القيام والنهوض. وفي حديث أبي هريرة المشار إليه في أول الباب: ((ويكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين)) . وهذا قول أبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد. وقال مالك - في أشهر الروايتين عنه -: لا يكبر إذا قام من الركعتين حتَّى يستوي قائماً؛ لأنه روي في بعض ألفاظ حديث أبي حميد وأصحابه: ((حتى إذا قام من الركعتين كّبر)) . خرّجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان. وروي نحوه من حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما. وهذه الأحاديث محمولة على أنه كان يكبر إذا أراد القيام من التشهد الأول؛ بدليل ما روي في رواية أخرى في حديث أبي حميد وأصحابه: ((ثم جلس بعد ركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة)) .خرّجه أبو داود. فهذه الرواية تدل على أن معنى تلك الرواية: أنه كان إذا شرع في القيام من الركعتين كبر. * * * 145 -باب سنة الجلوس في التشهد وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل، وكانت فقيهة قال حرب الكرماني: نا عمرو بن عثمان: نا الوليد بن مسلم، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، أن أم الدرداء كانت تجلس في الصلاة جلسة الرجل إلا إنها تميل على شقها الأيسر، وكانت فقيهةً. وهذا قول مالك والاوزاعي والشافعي، وهو رواية عن النخعي وروى عن نافع، أن أبن عمر كان يأمر نساءه أن يتربعن في الصلاة وروي من وجه آخر عن صفية بنت أبي عبيد امرأة عمر، أنها كانت تتربع في الصلاة. وقال زرعة بن إبراهيم، عن خالد بن اللجلاج، كن النساء يؤمرن بأن يتربعن إذا جلسن في الصلاة، ولا يجلسن جلوس الرجالعلى أوراكهن، يتقى ذلك عن المرأة، مخافة أن يكون الشيء منها. خرّجه ابن أبي شيبة. وقال الإمام أحمد: تتربع في جلوسها أو تسدل رجليها عن يمينها، والسدل عنده أفضل. وهو قول النخعي والثوري وإسحاق؛ لأنه أشبه بجلسة الرجل، وأبلغ في الاجتماع والضم. وحمل بعض أصحابنا فعل أم الدرداء على مثل ذلك، وأما الإمام أحمد فصرّح بأنه لا يذهب إلى فعل أم الدرداء. وروى سعيد بن منصور بإسناده، عن عبد الرحمن بن القاسم، قال كانت عائشة تجلس في الصلاة عن عرقيها وتضم فخذيها، وربما جلست متربعة. وقال الشعبي: تجلس كما تيسر عليها وقال قتادة: تجلس كما ترى أنه أستر. وقال عطاء: لا يضرها أي ذلك جلست، إذا اجتمعت. قال: وجلوسها على شقها الأيسر أحب إلى من الأيمن وقال حماد: تفعل كيف شاءتخرج فيه حديثين: الحديث الأول: 827 -ثنا عبد الله بم مسلمة، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله، أنه اخبره أنه كان يرى ابن عمر يتربع في الصلاة إذا جلس ففعلته وأنا يومئذ حديث السن، فنهاني عبد الله بن عمر، وقال: إنما سنة الصلاةُ أن تنصب رجلك اليمنى وتثني رجلك اليسرى فقلت: إنك تفعل ذلك؟ فقالَ أن رجلي لا تحملاني. وخرّجه النسائي من رواية يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى وفي رواية – أيضاً - بهذا إسناد: من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى. وهذا حكمه حكم المرفوع؛ لقوله: ((من سنة الصَّلاة)) وقد رواه مالك عن يحيى بن سعيد فجعله عن ابن عمر من فعله ولم يذكر: السنةخرّجه أبو داود وذكر فيه الجلوس على وركه الأيسر وسيأتي لفظه فيما بعد إن شاء الله سبحانه وتعالى. وظاهر الروايات التي قبل هذه: إنما تدل على الافتراش لا على التورك ورواية النسائي صريحة بذلك. الحديث الثاني: 828 -ثنا يحيى بن بكير: ثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء -. وثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالساً في نفر من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرنا صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأيته إذا كّبر جعل يديه حذاء منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصباليمنى فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته. وسمع الليث بن يزيد بن أبي حبيب ويزيد من محمد بن حلحلة وابن حلحلة من ابن عطاء وقال أبو صالح، عن الليث: كل فقار وقال ابن المبارك عن يحيى بن أيوب حدثني يزيد بن أبي حبيب أن محمد بن عمرو بن حلحلة حدثه: كل فقار مقصود البخاري بما ذكره: اتصال إسناد هذا الحديث وأن الليث سمع من يزيد بن أبي حبيب وأن يزيد سمع من محمد بن عمرو بن حلحلة وأن ابن حلحلة سمع من محمد بن عمرو بن عطاء. وفي رواية يحيى بن أيوب التي علقها: التصريح بسماع يزيد من محمد بن عمرو بن حلحلة وأما سماع محمد بن عطاء من أبي حميد والنفر من الصحابة الذين معه ففي هذا رواية أنه كان جالساً معهم وهذا تصريح بالسماعمن أبي حميد وقد صّرح البخاري في تأريخه بسماع محمد بن عمرو بن عطاء من أبي حميد كذلك. وقد روى هذا الحديث عبد الحميد أبن جعفر: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهم: أبو قتادة بن ربعي - فذكر الحديث وفي آخره: قالوا: صدقت هكذا صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي: حسن صحيح. وسماع محمد بن عمرو بن عطاء من أبي قتادة قد أثبته البخاري والبيهقي ورد على الطحاوي في إنكاره له وبين ذلك بياناً شافياً. وأنكر آخرون محمد بن عمرو بن عطاء لهذا الحديث من أبيحميد - أيضاً - وقالوا: بينهما رجل وممن قال ذلك: أبو حاتم الرازي والطحاوي وغيرهما. ولعل مسلماً لم يخّرج في صحيحه الحديث لذلك واستدلوا لذلك بأن عطاف بن خالد روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو بن عطاء: حدثنا رجل أنه وجد عشرة من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جلوساً - فذكر الحديث. وروى الحسن بن الحر الحديث بطوله، عن عبد الله بن عيسى بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس - أو عياش - بن سهل الساعدي أنه كان في مجلس فيهم أبو هـ وكان من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي المجلس أبو هريرة وأبو أسيد وأبو حميد الساعدي - فذكر الحديث خرّجه أبو داود مختصراً وخرّجه - أيضاً - مختصراً من رواية بقية بن الوليد: حدثني عتبة بن أبي حكيم: حدثني عبد الله بن عيسى، عن العباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي - فذكره.. وكذلك رواه إسماعيل بن عياش عن عتبة أيضاًخرّجه من طريقه بقي بن مخلد في مسنده. وقال إسماعيل: عن عتبة عن عيسى بن عبد الله وهو أصح ورواه ابن المبارك عن عتبة عن عباس بغير واسطة وخرّجه أبو داود - أيضاً - من رواية فليح بن سليمان: حدثني عباس بن سهل، قال أجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال أبو وحميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر الحديث. وخّرج بعضه ابن ماجه والترمذي وصّححه. قال أبو داود: ورواه ابن المبارك: أخبرنا فليح، قال: سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه فحدثنيه أراه عيسى بن عبد الله أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد الساعدي - فذكره. وخرّجه الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق: حدثني عباس بن سهل بن سعد قال: جلست بسوق المدينة الضحى مع أبي أسيد وأبي حميد وأبي قتادة فذكر الحديث. قال أبو حاتم الرازي: هذا الحديث إنما يعرف من رواية عباس بن سهل وهو صحيح من حديثه؛ كذا رواه فليح وغيره. فيتوجه أنيكون محمد بن عمرو إنما أخذه عن عباس فتصير رواية عبد الحميد بن جعفر مرسله، وكذا رواية ابن حلحلة التي خر‍ّجها البخاري ها هنا. ويجاب عن ذلك: بأن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي قد روى هذا الحديث عن محمد بن عمر بن عطاء أنه سمع أبا حميد يحدثه فكيف يعارض ذلك برواية عطاف بن خالد عن محمد بن عمرو بن عطاء وعطاف لا يقاوم ابن حلحلة ولا يقاربه. وقد تابع ابن حلحلة على ذكر سماع ابن عمرو له من أبي حميد: عبد الحميد بن جعفر وهو ثقة جليل مقدم على عطاف وأمثاله. وأما رواية عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو فعيسى ليس بذلك المشهور فلا يقضي بروايته على رواية الثقات الإثبات؛ فان رواية عيسى كثيرة الاضطراب وإلاكثرون رووه عن عيسى عن عباس بغير واسطة منهم: عتبة بن أبي حكيم وفليح بن سليمان. واختلف فيه عن الحسن بن الحر: فروي عنه عن عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء: أخبرني مالك عن عباس - أو عياش - بن سهل أنه كان في مجلس فيه أبوه ففي هذه الرواية بين محمد بن عمرو وبين أبي حميد رجلان. وقد خرّجه البيهقي كذلك ثم قال روي - أيضاً - عن الحسن بنالحر عن عيسى عن محمد بن عمرو بن عطاء: حدثني مالك عن عباس وقوله: عباس أو عياش يدل على عدم ضبطه لهذا الاسم وإنما هو عباس بغير شك. وفي حديث الحسن بن الحر وهم في هذا الحديث وهو أنه ذكر أنه تورك في جلوسه بين السجدتين دون التشهد وهذا مما لا شك أنه خطأ فتبين أنه لم يحفظ متن هذا الحديث ولا إسناده. والصحيح في اسم هذا الرجل أنه عيسى بن عبد الله بن مالك الدار وجده مولى عمر بن الخطاب ومن قال فيه: عبد الله بن عيسى - كما وقع في روايتين لأبي داود - فقد وهم. وزعم الطبراني أنه: عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو وهم - أيضاً – وأما هو: عيسى بن عبد الله ابن مالك الدار -: قال البخاري في تأريخه وأبو حاتم الرازي وغيرهما من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين. وقال ابن المديني فيه: هو مجهول وحينئذ؛ فلا يعتمد على روايته مع كثرة اضطرابها وتعلل بها رويات الحفاظ الإثبات. فظهر بهذا: أن أصح روايات هذا الحديث رواية لبن حلحلة عنمحمد بن عمرو التي أعتمد عليها البخاري ورواية عبد الحميد المتابعة لها ورواية فليح وغيره عن عباس بن سهل مع أن فليحاً ذكر أنه سمعه من عباس ولم يحفظه عنه إنما حفظه عن عيسى عنه. وأما ما تضمنه حديث أبي حميد من الفقه في أحكام الصلاة فقد سبق ذكر عامة مافيه من الفوائد مفرقاً في مواضع متعددة وبقي ذكر صفة جلوسه للتشهد وهو مقصود البخاري في هذا الباب. وقد دل الحديث على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يجلس في التشهد الأول مفترشاً، وفي التشهد الثاني متوركاً. خرّجه أبو داود من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بإسناده ولفظه: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة. ولم يذكر أحد من رواة حديث أبي حميد التشهدين في حديثه سوى ابن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء وقد ذكر غيره من الرواة التشهد الأول خاصة وبعضهم ذكر الأخير خاصة. ففي رواية فليح عن عباس بن سهل عن أبي حميد - فذكر الحديث وفيه: ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمن على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه. خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصحّحه.. ورواه - أيضاً - عتبة بن أبي حكيم عن عيسى - أو ابن عيسى عن العباس - بمعناه - أيضاً. ففي هذه الرواية: ذكر التشهد الأول خاصة. وأما ذكر التشهد الأخيرة ففي رواية عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي حميد - فذكرالحديث وفيه: حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخرج رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر. خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه وصحّحه الترمذي. وقد خرّجه الجوزجاني في كتابه المترجم عن أبي عاصم عن [ ... ..أنه كانَ] في الثنتين يثني رجله اليسرى فيقعد عليها معتدلاً حتى يقر كل عظم منه موضعه ثم ذكر: توركه في تشهده الأخير وهذه زيادة غريبة. وقد خرّج أبو داود وابن ماجه الحديث من رواية أبي عاصم وخرّجه الإمام أحمد عن أبي عاصم ولم يذكروا صفة جلوسه في الركعتين إنما ذكروا ذلك في جلوسه بين السجدتين. وفي حديث عبد الحميد: زيادة ذكر رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول وكذلك في حديث عتبة بن أبي حكيم - أيضاً. وقد أخذ بهذا الحديث في التفريق بين الجلوس في التشهد الأول وإلاخر في الصلاة فقهاء الحديث كالشافعي وأحمد وإسحاق. ثم اختلفوا: فقال الشافعي: يتورك في التشهد الذي يعقبه السلام بكل حال سواء كانت الصلاة فيها تشهد واحد أو تشهدان؛ لأن التشهد الذي يسلم فيه يطول بالدعاء فيه فيتورك فيه؛ لأن التورك أهون من الافتراش. وقال أحمد وإسحاق: إن كان فيها تشهدان تورك في الأخير منهماوإن كان فيها تشهد واحد لم يتورك فيه، بل يفترش. فيكون التورك للفرق بين التشهدين ويكون فيه فائدتان: نفي السهو عن المصلي ومعرفة الداخل معه في التشهد: هل هو في الأول أو الثاني. واتفقوا – أعني: هؤلاء الثلاثة - على أنه يفرش في التشهد الأول الذي لا يسلم فيه. وقد خرّج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث وائل بن حجر أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي فلما جلس أفترش. لكن اختلفت ألفاظ الروايات فيه: ففي رواية الترمذي: ((يعني للتشهد)) وهذا التفسير من بعض الرواة وفي رواية للإمام أحمد: أن ذلك كان في جلوسه بين السجدتين. وفي رواية للنسائي: أنه كان يفعل ذلك إذا جلس في الركعتين وهذه الرواية، إنما تدل على افتراشه في جلوسه، بعد الركعتين وأحمد وإسحاق يقولان بذلك. وفي ((صحيح مسلم)) عن عائشة قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول في كل ركعتين التحية وكان يفرش رجله اليسرى وينصباليمنى. وهو محمول على صلاة الركعتين، بدلالة سياق أول الكلام. وخّرج أبو داود من حديث رفاعة بن رافع، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للمسيء في صلاته: ((إذا قعدت فاقعد على فخذك اليسرى)) . وفي رواية أخرى له -: ((فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وأفترش فخذك اليسرى، ثم تشهد)) . وهذه الرواية تدل على أنه إنما أمره بالافتراش في التشهد الأول خاصة. وفي ((المسند)) من طريق ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: علمني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها. فكنا نحفظ عن ابن مسعود، حين أخبرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه إياه، فكان يقول: إذا جلس في وسط الصلاة وفي أخرها على وركه اليسرى: ((التحيات لله)) - إلى آخر التشهد. والظاهرُ: أن قوله ((على وركه)) يعود إلى قوله: ((وفي آخرها خاصة)) . وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يفترش في جميع التشهدات،وهو قول أبي حنيفة والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم. وقال طائفة: يتورك في جميعها، وهو قول مالك، وكذا قال في الجلوس بين السجدتين. وجميع ما سبق ذكره العلماء: أنه يفترش فيه. وفي ((صحيح مسلم)) عن ابن الزبير، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى وقد فسره بالتورك حرب الكرماني وغيره. وقد روى التورك في الجلوس في الصلاة عن ابن عمر، ذكره مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه أراهم الجلوس في التشهد منضب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى، وجلس على وركه الأيسر، ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر، وأخبرني أن أباه كان يفعل ذلك. وخرّجه أبو داود من طريقه. وقال ابن جرير الطبري: كل ذلك جائز؛ لأنه يروى على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيخير المصلي بينه، فيفعل منه ما شاء. ومال إلى قوله ابن عبد البر.وقد نص أحمد في رواية إلاثرم عل الجواز التورك في التشهد الذي يسلم فيه من ركعتين، مع قوله: إن الافتراش فيه أفضل. وقد روي النهي عن التورك في الصلاة، ولا يثبت، وفيه حديثان: أحدهما: من رواية يحيى بن إسحاق، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن التورك وإلاقعاء في الصلاة خرّجه أبو داود في كتاب التفرد)) . وقال: هذا الحديث ليس بالمعروف. وخرّجه البزار في ((مسنده)) . وقال: لا يروى عن أنس إلا من هذا الوجه، وأظن يحيى أخطأ فيه. وقال أبو بكر البرديجي في كتاب ((أصول الحديث)) له: هذاحديث لا يثبت؛ لأن أصحاب حماد لم يجاوزوا به قتادة. كأنه يشير إلى أن يحيى أخطأ في وصله بذكر انس، وأنما هو مرسل. وثانيهما: من رواية سعيد بن بشير، عن الحسن، عن سمرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن التورك وإلاقعاء، وأن لا نستوفز في صلاتنا. خرّجه البزار. وقال: سعيد بن بشير، لا يحتج به. وخرّجه الإمام أحمد، ولفظه: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نعتدل في الجلوس، وأن لا نستوفز. * * * 146 -باب من لم يرى التشهد الأول واجباً لان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام من الركعتين ولم يرجع829 - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثني عبد الرحمن بن هرمز مولى بني عبد المطلب - وقال مرة: مولى ربيعة بن الحارث - أن عبد الله بن بحينه - وهو من أزد شنوءة، وهو حليف لبني عبد مناف، وكان من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين، لم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم. عبد الرحمن بن هرمز: هو الأعرج؛ وهو مولى ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب، فلذلك نسبه الزهري مرة إلى ولاء بني عبد المطلب، ومرة إلى مولاه. وقد استدل بهذا الحديث كثير من العلماء - كما أشار إليه البخاري - على أن التشهد الأول ليس بواجب؛ لأن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نسيه، ولم يرجع بعد قيامه إلى الركعة الثالثة. وممن ذهب إلى أن التشهد الأول والجلوس لهُ سنة لا تبطل الصَّلاةبتركهما عمداً: النخعي وأبو حنيفة وإلاوزاعي ومالك والشافعي وحكي رواية عن أحمد. والمنصوص عن أحمد: إنكار تسميته سنة، وتوقف في تسميته فرضاً؛ وقال: هو أمر أمر به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الثوري وأحمد – في ظاهر مذهبه – وإسحاق وأبو ثور وداود: أن ترك واحداً منها عمداً بطلت الصلاة، وإن تركه سهواً سجد لسهو. وحكى الطحاوي مثله عن مالك. لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يداوم عليه، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ، وإنما تركه نسياناً، وجبره بسجود السهو، وقد روى عنه الأمر به. كما خرّجه أبو دواد من حديث رفاعة بن رافع، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للمسيء في صلاته: ((فإذا جلست في وسط الصلاة فأطمئن وأفترش فخذك اليسرى ثم تشهد)) . والعجب أن من المخالفين في ذلك من يقول في خطبتي الجمعة: إذا لم تجلس بينهما لم تصح الخطبة، وهو يقول: لو صلى الظهر أربعاً من غير جلوس في وسطها صحت صلاته. وأما التشهد الأخر والجلوس به، فقال كثير من العلماء: إنهمامن فرائض الصلاة، ومن تركهما لم تصح صلاته، وهو قول الحسن ومكحول ونافع مولى ابن عمر والشافعي وأحمد - في ظاهر مذهبه - وإسحاق وأبي ثور وداود. وحكى ابن المنذر مثله عن مالك، إلا أنه قال: إذا نسيه خلف الإمام حمله عنه، وروي عن إلاوزاعي نحوه. ونقل مهنا عن أحمد ما يدل على مثل ذلك. وقال أبو مصعب: من ترك التشهد بطلت صلاته، ونقله عن مالك وأهل المدينة. وقالت طائفة: هو سنة كالتشهد الأول، لا تبطل الصلاة بتركه، منهم: النخعي وقتادة وحماد وإلاوزاعي، وهو المشهور عن مالك. ونقل محمد بن يحيى الكحال، عن أحمد، فيمن سلم ولم يتشهد: لا إعادة، واستدل بحديث ابن بحينه. ونقل ابن وهب، عن مالك، قال: كل أحد يحسن التشهد؟ وإذا ذكر الله أجزاء عنه. وقال أحمد - في رواية عنه، نقلها حرب -: إذا لم يقدر أن يتعلم التشهد يدعو بما أحب. وأوجب أبو حنيفة الجلوس له بقدر التشهد، دون التشهد، وهو رواية عن الثوري. وروي عنه: أن أحدث قبل التشهد تمت صلاته. وحكي القول بأنه رواية عن أحمد - أيضاً - حكاه عنه الترمذيفي ((جامعه)) ، فأنه قال في رواية ابن منصور، وقد قيل: فأن لم يتشهد وسلم؟ قال: التشهد أهون؛ قام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثنتين ولم يتشهد فحمله هؤلاء على أن التشهد غير واجب. ومنهم من حملة على التشهد الأول؛ لاستدلاله عليهِ الحديث، والحديث إنما ورد في الأول، وقالوا: قد فرق بين الأول والثاني في روايات آخر عنه. وقال طائفة: هوَ واجب، تبطل الصَّلاة بتركه عمداً، ويسجد لسهوه، وهو قول الزهيري والثوري، وحكي عن إلاوزاعي - أيضاً - ونقله إسماعيل بن سعيد وأبو طالب وغيرهما عن أحمد. وذكر أبو حفص البرمكي من أصحابنا: أن هذا هو مذهب أحمد، وأنه لا فرق عنده بين التشهد الأول والثاني، وإنهما واجبان تبطل الصلاة بتركهما عمداً، ويسجد لسهوهما. وهو - أيضاً - قول أبي خيثمة وسليمان بن داود الهاشمي وابن أبي شيبة واستدل من قال: أنه فرض، بما روي عن ابن مسعود، أنه قال: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: ((السلام على الله)) - الحديث، وذكر فيه أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم بالتشهد وتعليمه لهم. خرّجه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وخرّج البزار والطبراني من حديث ابن مسعود، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمهمالتشهد، وقال لهم: ((تعلموا؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد)) . وفي إسناده أبو حمزة، ضعيف جداً. وخرّج الطبراني نحوه من حديث علي مرفوعاً، بإسناد لا يصح. وقد روى موقوفاً على ابن مسعود، وهو أشبه. وروى شعبة، عن مسلم أبي النضر، قال: سمعت حملة بن عبد الرحمن، عن عمر، أنه قالَ: لا تجزي صلاة إلا بتشهد. خرّجه الجوزجاني وغيره. وفي رواية: قالَ: من لم يشهد فلا صلاة لهُ. وخرّجه البهقي، وعنده التصريح بسماع حملة لهُ من عمر. * * * 147 -باب التشهد في الأولى383 - حدثنا قتيبة: ثنا بكر - هو ابن مضر -، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن عبد الله بن مالك بن بحينة، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظهر، فقام وعليه جلوس، فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين وهو جالسٌ. يعني البخاري: التشهد في الجلسة الأولى في الصلاة وحديث ابن بحينة قد سبق في الباب الماضي وفيه: دليل على أن من تركه نسياناً لم تبطل صلاته، وأنه يسجد للسهو لتركه، وقد سبق حكم تركه نسياناً وعمداً في الباب الماضي. ومذهب أحمد: إن تركه نسياناً لزمه ((بسجود به أن يجبره بسهوويه)) وإن تركه عمداً بطلت صلاته؛ كما سبق ذكره.وفي ((صحيح مسلم)) عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في كل ركعتين التحية. وخرّجه البهيقي، ولفظه: إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول بين كل ركعتين تحية. وخرّج أبو داود من حديث سمرة بن جندب، قال: أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم: ((التحيات والطيبات والصلوات والملك لله)) ، ثم سلموا. والتشهد بعد الركعتين - وإن لم يسلم منه - إشارة إلى أن كل صلاة ركعتين صلاة تامة، فيتشهد عقبها، وإن كان يقوم منها إلى صلاة؛ فان الصلاة التي يقوم إليها كالصلاة المستقبلة. ولم يكن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي أكثر من ركعتين بغير تشهد غير صلاة الليل؛ فإنه قد روي عنه أنه كان يصلي ثمانياً واربعاً ثم يتشهد. * * * 148 -باب التشهد في الآخرة يعني: في الجلسة الأخيرة في الصلاة831 - حدثنا أبو نعيم: ثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة، قال: قال عبد الله: كنا إذا صلينا خلف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلنا: السلام على جبريل ومكائيل، السلام على فلان السلام على فلان، فالتفت إلينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((إن الله هو السلام)) فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله عز وجل صالح في السماء وإلا رض، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) . وإنما خص البخاري هذا الحديث بالتشهد الأخير. لأنه روي في آخره الأمر بالتخيير من الدعاء، كما سيأتي، والدعاء يختص بالأخير، ولكن المراد بالتشهد الأخير: كل تشهديسلم منه، سواء كان تشهد آخر أم لا. وخرج الإمام أحمد والنسائي حديث ابن مسعود بلفظ آخر وهو: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله)) - فذكره وقال في آخره: ((ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل)) . وهذا اللفظ صريح في أنه يتشهد بهذا التشهد في كل ركعتين يسلم منهما. وخرّجه الترمذي والنسائي - أيضاً بلفظ آخر وهو: علمنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قعدنا في الركعتين أن نقول: ((التحيات لله)) - فذكره، ولم يذكر بعده الدعاء. وخرّجه الإمام أحمد بلفظ، وهو: علمني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها - وذكر الحديث، وقد سبق ذكر إسناده، وقال في آخره: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها، دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم. وهذه الرواية صريحة في أنه يتشهد به في التشهد الأول وإلاخر.وخرّجه النسائي بلفظ آخر، وهو: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم: ((قولوا في كل جلسة: التحيات لله)) - فذكره. وهذا يشمل الجلوس الأول والثاني. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أن الله هو السلام)) إنما قاله نهياً لهم على أن يقولوا: ((السلام على الله من عباده)) ، وكانوا يقولون ذلك، ثم يسلمون على جبريل وميكائيل وغيرهما. وقد خرّج البخاري في رواية أخرى، يأتي ذكرهما - إن شاء الله تعالى ولم يأمرهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإعادة الصلوات التي قالوا فيها ذلك، واستدل بذلك على أن كلام الجاهل لا يبطل الصلاة؛ فإن هذا الكلام منهيٌ عنه في الصلاة وغيرها؛ فإن الله تعالى هو السلام؛ لأنه القدوس بالمبدأ من الآفات والنقائص كلها، وذلك واجب له لذاته، ومنه يطلب السلامة لعباده؛ فإنهم محتاجون إلى السلامة من عقابه وسخطه وعذابه. وفي قولهم هذا الكلام قبل أن يعلموا التحيات: دليل على أنهم رأوا أن المنصرف من صلاته لا ينصرف حتى يحيي الله تعالى وخواص عباده بعده، ثم ينصرف، ثم يسلم؛ لأن المصلي يناجي ربه ما دام يصلي، فلا ينصرف حتى يختم مناجاته بتحية تليق به، ثم يحيي خواص خلقه، ثم يدعو لنفسه، ثم يسلم على الحاضرين معه، ثم ينصرف.وقد أقرهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ما قصدوه من ذلك، لكنه أمرهم أن يبدلوا قولهم: ((السلام على الله)) ، بقولهم: ((التحيات لله)) . والتحيات: جمع تحية، وفسرت التحية بالملك، وفسرت بالبقاء والدوام وفسرت بالسلامة؛ والمعنى: أن السلامة من الآفات ثابت لله، واجب له لذاته. وفسرت بالعظمة، وقيل: إنها تجمع ذلك كله، وما كان بمعناه، وهو أحسن. قال ابن قتيبة: إنما قيل ((التحيات)) بالجمع؛ لأنه كان لكل واحد من ملوكهم تحية يحيا بها، فقيل لهم: ((قولوا: التحيات لله)) أي: أن ذلك يستحقه الله وحده. وقوله: ((والصلوات)) فسرت بالعبادات جميعها، وقد روي عن طائفة من المتقدمين: أن جميع الطاعات صلاة، وفسرت الصلوات هاهنا بالدعاء، وفسرت بالرحمة، وفسرت بالصلوات الشرعية، فيكون ختام الصلاة بهده الكلمة كاستفتاحها بقول: {{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}} [الأنعام:162] وقوله: ((والطيبات)) ، فسرت بالكلمات الطيبات، كما في قوله تعالى: {{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ}} [فاطر 10] فالمعنى: إن ما كان منكلام فإنه لله، يثنى به عليه ويمجد به. وفسرت ((الطيبات)) بالاعمال الصالحة كلها؛ فإنها توصف بالطيب، فتكون كلها لله بمعنى: أنه يعبد بها ويتقرب بها إليه. فهذا جعله النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدل قوله: ((السلام على الله)) وأما سلامهم على جبريل وميكائيل وفلان وفلان من خواص الخلق، فأقرهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذكر السلام؛ لأن الخلق كلهم يطلب السلام من الله. وفي تفسير ((السلام على فلان)) قولان: أحدهما: أن المراد بالسلام اسم الله - يعني: فكأنه يقول: اسم الله عليك. والثاني: أن المراد: سلّم الله عليك تسليماً وسلاماً، ومن سلّم عليه الله فقد سلم من الآفات كلها ثم أقرهم أن يسلموا على النبي بخصوصه ابتداءً؛ فإنه أشرف المخلوقين وأفضلهم، وحقه على الأمة أوجب من سائر الخلق؛ لأن هدايتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة كان بتعليمه وإرشاده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسليماً، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته. والسلام على النبي بلفظ: ((السلام عليك أيها النبي)) ، وهكذا في سائرالروايات؛ ولذلك كان عمر يعلم الناس في التشهد على المنبر بمحضر من الصحابة. وقد اختار بعضهم أن يقال بعد زمان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((السلام على النبي)) ، وقد ذكر البخاري في موضع آخر من ((كتابه)) أنهم كانوا يسلمون على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد موته في التشهد كذلك، وهو رواية عن ابن عمر وعائشة. ثم عطف على ذكر السلام على النبي: ((ورحمة الله وبركاته)) ، وهذا مطابق لقول الملائكة لإبراهيم عليه سلام: {{رَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ}} [هود: 73] ويستدل بذلك على جواز الدعاء بالرحمة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيه اختلاف بين العلماء. ثم أمرهم بعد ذلك بأن يقولوا: ((السلام علينا)) والضمير عائد على المصلي نفسه، وعلى من حضره من الملائكة والمصلين وغيرهم. وفي هذا مستند لمن أستجب لمن يدعوه لغيره أن يبدأ بالدعاء لنفسه قبله، وهو قول علماء الكوفة، وخالفهم آخرون، وقد أطال الاستدلال لذلك في ((كتاب الدعاء)) من ((صحيحه)) هذا، ويأتي - أن شاء الله تعالى - في موضعه بتوفيق الله وعونه.وقوله: ((وعلى عباد الله الصالحين)) هو كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((فإنكم إذا قلتم ذلك أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض)) . فيعني ذلك عن تعيين أسمائهم؛ فإن حصرهم لا يمكن، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد خرّج النسائي حديث ابن مسعود في التشهد، ولفظه: قال عبد الله: كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلمنا نبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جوامع الكلم: ((التحيات لله)) – فذكره. وفي رواية أخرى له: كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين، غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وأن محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم فواتح الكلم وخواتمه، فقال: ((إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات الله)) - فذكره. ثم أمرهم أن يختموه بالشهادتين، فيشهدون لله بتفرده بإلالهية، ويشهدون لمحمد بالعبودية والرسالة؛ فإن مقام العبودية أشرف مقامات الخلق؛ ولهذا سمى الله محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أشرف مقاماته وأعلاها بالعبودية، كما قال تعالى في صفة ليلة الإسراء: {{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}} [الإسراء: 1] ، وقال: {{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}} [النجم: 10] .وقال في حقه في مقام الدعوة: {{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}} [الجن:19] ، وقال: {{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}} [البقرة: 23] . ولهذاالمعنى لما سلّم على الصالحين في هذا التشهد سماهم: ((عبادا الله)) ، والصالحون هم القائمون بما لله عليهم من الحقوق له ولخلقه، وإنما سمي التشهد تشهداً لختمه بالشهادتين. ولم يخرج البخاري في التشهد غير تشهد ابن مسعود، وقد أجمع العلماء على أنه أصح أحاديث التشهد، وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد من روايات أخر فيها بعض المخالفة لحديث ابن مسعود بزيادة ونقص، وقد خرج مسلم منها حديث ابن عباس وأبي موسى الأشعري، وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد وإسحاق. وحديث أبي موسى فيه: ((التحيات الطيبات الصلوات لله)) ، وباقيه كتشهد ابن مسعود. وحديث ابن عباس فيه: ((التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله)) وباقيه كتشهد ابن مسعود، غير أن في آخره: ((وأشهد أن محمداً رسول الله)) . وكل ما صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التشهدات، فإنه يصح الصلاة به، حكى طائفة الإجماع على ذلك،لكن اختلفوا في أفضل التشهدات: فذهب إلاكثرون إلى ترجيح تشهد ابن مسعود، وتفضيله، والأخذ به وقد روى ابن عمر، أن أبا بكر الصديق كان يعلمهم على المنبر كما يُعلم الصبيان في الكتاب، ثم ذكره بمثل تشهد ابن مسعود. خرّجه ابن أبي شيبة. وروى - أيضاً - نحوه عن أبي سعيد الخدري وغيره، وهو قول علماء العراق من أهل الكوفة والبصرة، من التابعين ومن بعدهم. قال أبو إسحاق، عن الأسود: رأيت علقمة يتعلم التشهد من عبد الله، كما يتعلم السورة من القرآن. وقال إبراهيم، عن الأسود: كان عبد الله يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القران، يأخذ علينا الألف والواو. وقال إبراهيم: كانوا يتحفظون هذا التشهد - تشهد عبد الله - ويتبعونه حرفاً حرفاً. خرّجه ابن أبي شيبة وغيره وذكر الترمذي أن العمل على تشهد ابن مسعود عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين، وأنه قول الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق.وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور وأهل الرأي وكثير من أهل المشرق وحكاه ابن البر عن أكثر أهل الحديث. وروي عن خصيف قال: رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المنام فقلت: يا رسول الله، اختلف علينا في التشهد: فقال: ((عليك بتشهد ابن مسعود)) . وقد نص أحمد على أنه لو تشهد بغيره بما روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يجزئه. وذكر القاضي أبو يعلى: أن كلام أحمد في التشهد بما روي عن الصحابة، كعمر أو غيره: هل يجزئ، أو لا؟ - محتمل، والأظهر: أنه يجزئ. وقد روي عن علي وابن عمر وعائشة تشهدت أخر. وقد نص إسحاق على جواز التشهد بذلك كله -: نقله حرب ومن أصحابنا من قال: يجب التشهد بتشهد ابن مسعود، ولا يجزئ أن يسقط منه واواً ولا الفاً. وهذا خلاف أحمد. والمحققون من أصحابنا على أنه يجوز التشهد بجميع أنواع التشهدات المروية عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما نص عليه أحمد. وقال طائفة، منهم: القاضي أبو يعلى في كتابه ((الجامع الكبير)) : إذا أسقط من التشهد ما هو ساقط في بعض الروايات دون بعض صحت صلاته، وإن أسقط ما هو ساقط في جميعها لم تصح.وقيل لأحمد: لو قال في تشهده: ((أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله)) : هل يجزئه؟ قالَ: أرجو. وقد ورد مثل ذَلِكَ في بعض روايات حديث أبي موسى، وهو في بعض نسخ ((صحيح مسلم)) ، وهي رواية لأبي دواد والنسائي. والأفضل عند الشافعي: التشهد بتشهد ابن عباس، الذي نقله عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخرّجه مسلم، وهو قول الليث بن سعد. والأفضل عن مالك تشهد عمر بن الخطاب، وقد ذكره في ((الموطأ)) موقوفاً على عمر، أنه كان يعلمه الناس على المنبر يقول: قولوا: ((التحيات لله، الزاكيات لله، الصلوات لله)) وباقيه كتشهد ابن مسعود وإليه ذهب الزهري ومعمر. وقد روى عن عمر مرفوعاً من وجوه لا تثبت، والله أعلم. وطائفة مم علماء الأندلس اختاروا تشهد ابن مسعود، وكان يقال عنه: أنه لم يكن بالاندلس من اجتمع له علم الحديث والفقه أحد قبله مثله. وقد روي من حديث سلمان الفارسي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه التشهدحرفاً حرفاً - فذكر مثل حديث تشهد ابن مسعود سواء، قال: ثم قال: ((قلها يا سلمان في صلاتك، ولا تزد فيها حرفاً، ولا تنتقص منها حرفاً)) . خرّجه البزار في ((مسنده)) وفي إسناده ضعف. والله أعلم. * * * 149 -باب الدعاء قبل السلام فيه حديثان الأول: 832 -حدثنا أبو اليمان: أنا شعيب، عن الزهري: أنا عروة، عن عائشة أخبرته، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدعو في الصلاة: ((اللهم أني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) ، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقالَ: ((إن الرجل إذا غرم حدّث فكذب ووعد فاخلف)) . 833 -وعن الزهري، قال: أخبرني عروة، أن عائشة قالت: سمعت النبي ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال.إنما في هذا الحديث أنه كان يدعو بذلك في صلاته، وليس فيه أنه كان يدعو به في تشهده قبل السلام، كما بوب عليه. وقد روى مسروق، عن عائشة في ذكر عذاب القبر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يصل صلاة بعد ذلك إلا تعوذ من عذاب القبر. وقد خرّجه البخاري في موضع آخر. وخرّجه النسائي من رواية جسرة بنت دجاجة، عن عائشة، وفي حديثها: أنه كان يقول في ذلك دبر كل صلاة. وهذا يدل على أنه كان يقوله في تشهده. ويستدل على ذلك - أيضاً - بحديث أخر، خرّجه مسلم من رواية إلاوزاعي، عن حسان ابن عطية، عن محمد بن أبي عائشة، عن أبي هريرة وعن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم أني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)) . وفي رواية له بالطريق الأول خاصة: ((إذا فرع أحدكم من التشهد فليقل)) .وفي رواية أخرى له أيضاً -: ((التشهد الأخير)) . وخرّج - أيضاً - من رواية هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتعوذ من ذلك - ولم يذكر: الصلاة. وكذلك خرّجه البخاري في ((الجنائز)) من رواية هشام. وهذا يدل على أن رواية إلاوزاعي حمل فيها حديث يحيى، عن أبي سلمة على لفظ حديث حسان، عن ابن أبي عائشة، ولعل البخاري لم يخرّجه لذلك؛ فإن المعروف ذكر الصلاة في رواية ابن أبي عائشة خاصة، ولم يخرج له البخاري. وخرّج أبو داود من رواية عُمر بن يونس اليمامي: حدثني ابن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يقول بعد التشهد: ((اللهم، إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة الدجال)) . وروى مالك، عن أبي الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن – فذكره، ولم يذكر: الصلاة. وخرّجه من طريقه مسلمٌ. وكذلك خرج - أيضاً - من طريق ابن عيية، عن ابن طاوس، عنأبيه، عن أبي هريرة - ومن طريق عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه يأمر بهذا التعوذ، ولم يذكر: الصلاة - أيضاً. وذكر مسلم، أنّ طاوساً كان يروي هذا الحديث عن ثلاثة، أو عن أربعة، وأنه أمر ابنه أن يعيد الصلاة حيث لم يتعوذ فيها من ذلك. وخرّجه الحاكم من طريق ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عائشة، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وذكر الدارقطني أن ابن طاوس كانَ يرويه، عن أبيه مرسلاً. وسماع عائشة دعاء النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلاته يدل على أنه كانَ أحياناً يسمع من يليه دعاءه، كما كانَ أحياناً يسمع من يليه الآية من القرآن. الحديث الثاني: 834 -

    (بابُُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلاَمِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء قبل أَن يسلم الْمُصَلِّي، يَعْنِي: التَّشَهُّد قبل السَّلَام.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:810 ... ورقمه عند البغا:832 ]
    - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرنَا عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ زوْجِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرْتُهُ أنَّ رسولَ الله كانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ
    بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ وأعُوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيَا وَفِتْنَةِ المَمَاتِ اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ فقالَ لَهُ قائِلٌ مَا أكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ فَقَالَ إنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرَمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ ووعَدَ فأخْلَفَ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُف سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ عَامِرٍ يَقُولُ فِي المَسِيحِ وَالمَسِيحِ مُشَدَّدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُمَا واحِدٌ أحَدُهُمَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ والآخَرُ الدَّجَّالُ. .مطابقته للتَّرْجَمَة من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: بِالْقَرِينَةِ، وَهِي الَّتِي ذكرهَا الْكرْمَانِي من حَيْثُ إِن لكل مقَام ذكرا مَخْصُوصًا، فَتعين أَن يكون مقَامه بعد الْفَرَاغ من الْكل، وَهُوَ آخر الصَّلَاة. قلت: بَيَان ذَلِك أَن للصَّلَاة قيَاما وركوعا وسجودا وقعودا، فالقيام مَحل قِرَاءَة الْقُرْآن وَالرُّكُوع، وَالسُّجُود لَهما دعاءان مخصوصان، وَالْقعُود مَحل التَّشَهُّد، فَلم يبْق للدُّعَاء مَحل إلاّ بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام، وَبِهَذَا التَّقْرِير ينْدَفع قَول بَعضهم عقيب نَقله كَلَام الْكرْمَانِي: وَفِيه نظر، لِأَن هَذَا هُوَ مَحل التَّرْتِيب للْبُخَارِيّ، لكنه مطَالب بِدَلِيل اخْتِصَاص هَذَا الْمحل بِهَذَا الذّكر، وَلَو أمعن هَذَا الْقَائِل فِي تَأمل مَا ذكرنَا لما طلب الْكرْمَانِي بِمَا ذكره. وَالْوَجْه الآخر: أَن الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا. وَقد رُوِيَ فِي بعض الطّرق تعْيين مَحل الدُّعَاء، فَأخْرج ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن جريج: أَخْبرنِي عبد الله بن طَاوُوس عَن أَبِيه أَنه: كَانَ يَقُول بعد التَّشَهُّد كَلِمَات يعظمهن جدا، قلت: فِي الْمثنى كليهمَا؟ قَالَا: بل فِي التَّشَهُّد الْأَخير: قلت: مَا هِيَ؟ قَالَ: أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. .) الحَدِيث. قَالَ ابْن جريج: أخبرنيه عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَرُوِيَ من طَرِيق مُحَمَّد ابْن أبي عَائِشَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعا: (إِذا تشهد أحدكُم فَلْيقل. .) فَذكر نَحوه، هَذِه رِوَايَة وَكِيع عَن الْأَوْزَاعِيّ عَنهُ، وَأخرجه أَيْضا من رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ بِلَفْظ: (إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير. .) فَذكره، وَفِي رواي ابْن مَاجَه: (إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فليتعوذ من أَربع. .) الحَدِيث.ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم.ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي موضِعين، وبالإفراد من الْمَاضِي فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية. وَفِيه: التَّصْرِيح بِأَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، زوج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: أَن الْإِثْنَيْنِ الْأَوَّلين من الروَاة حمصيان والآخران مدنيان.وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي الْيَمَان فِي الاستقراض. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر عَن إِسْحَاق الصَّاغَانِي عَن أبي الْيَمَان بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن بَقِيَّة عَن شُعَيْب بِهِ.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة) أَي: فِي آخر الصَّلَاة بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام، بالقرائن الَّتِي ذَكرنَاهَا. قَوْله: (من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال) الْفِتْنَة عبارَة عَن الِابْتِلَاء والامتحان، يُقَال: فتنته أفتنته فتنا وفتونا: إِذا امتحنته. وَيُقَال فِيهَا: افتنه أَيْضا، وَهُوَ قَلِيل. وَقد كثر اسْتِعْمَالهَا فِيمَا أخرجه الاختبار للمكروه، ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل بِمَعْنى الْإِثْم وَالْكفْر والقتال والإحراق والإزالة وَالصرْف عَن الشَّيْء والمسيح، بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين الْمُهْملَة المخففة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: يُطلق على عِيسَى ابْن مَرْيَم، وعَلى الدَّجَّال أَيْضا، وَلكنه يفرق بالتقييد، وَسمي الدَّجَّال بالمسيح لِأَن الْخَيْر مسح مِنْهُ، فَهُوَ مسيح الضَّلَالَة. وَقيل: سمي بِهِ لِأَن عينه الْمُوَحدَة ممسوحة، وَيُقَال: رجل مَمْسُوح الْوَجْه ومسيح، وَهُوَ أَن لَا يبْقى على أحد شقي وَجهه عين وَلَا حَاجِب إِلَّا اسْتَوَى. وَقيل: لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض، أَي: يقطعهَا إِذا خرج. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: إِنَّه مسيح على وزن: سكيت، وَهُوَ الَّذِي مسح خلقه أَي شوه، فَكَأَنَّهُ هرب من الالتباس بالمسيح بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَلَا التباس، لِأَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا سمي مسيحا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يمسح بِيَدِهِ الْمُبَارَكَة ذَا عاهة إلاّ برىء. وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ أَمسَح
    الرجل لَا أَخْمص لَهُ. وَقيل: لِأَنَّهُ خرج من بطن أمه ممسوحا بدهن. وَقيل: الْمَسِيح الصّديق، وَقيل: هُوَ بالعبرانية مشيحا، فعرب. وَأما تَسْمِيَة الدَّجَّال بِهَذَا اللَّفْظ فَلِأَنَّهُ، خداع ملبس من الدجل، وَهُوَ الْخَلْط، وَيُقَال الطلي والتغطية، وَمِنْه الْبَعِير المدجل أَي: المدهون بالقطران، ودجلة نهر بِبَغْدَاد سميت بذلك لِأَنَّهَا تغطي الأَرْض بِمَائِهَا، وَهَذَا الْمَعْنى أَيْضا فِي الدَّجَّال لِأَنَّهُ يُغطي الأَرْض بِكَثْرَة أَتْبَاعه، أَو يُغطي الْحق بباطله. وَقيل: لِأَنَّهُ مطموس الْعين من قَوْلهم: دجل الْأَثر إِذا عفى ودرس، وَقيل: من دجل أَي: كذب، والدجال: الْكذَّاب. قَوْله: (من فتْنَة الْمحيا وفتنة الْمَمَات) ، والمحيا وَالْمَمَات كِلَاهُمَا مصدران ميميان بِمَعْنى: الْحَيَاة وَالْمَوْت، وَيحْتَمل زمَان ذَلِك، لِأَن مَا كَانَ مُعْتَلًّا من الثلاثي فقد يَأْتِي مِنْهُ الْمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان بِلَفْظ وَاحِد. أما فتْنَة الْحَيَاة فَهِيَ الَّتِي تعرض للْإنْسَان مُدَّة حَيَاته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأشدها وَأَعْظَمهَا، وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى، أَمر الخاتمة عِنْد الْمَوْت، وَأما فتْنَة الْمَوْت فَاخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقيل: فتْنَة الْقَبْر، وَقيل: يحْتَمل أَن يُرَاد بالفتنة عِنْد الاحتضار أضيفت إِلَى الْمَوْت لقربها مِنْهُ. فَإِن قلت: إِذا كَانَ المُرَاد من قَوْله: (وفتنة الْمَمَات) فتْنَة الْقَبْر، يكون هَذَا مكررا، لِأَن قَوْله: (من عَذَاب الْقَبْر) يدل على هَذَا؟ قلت: لَا تكْرَار، لِأَن الْعَذَاب يزِيد على الْفِتْنَة، والفتنة سَبَب لَهُ، وَالسَّبَب غير الْمُسَبّب. قَوْله: (من المأثم) أَي: الْإِثْم الَّذِي يجر إِلَى الذَّم والعقوبة، أَو المُرَاد هُوَ الْإِثْم نَفسه، وضعا للمصدر مَوضِع الإسم. قَوْله: (والمغرم) أَي: الدّين، يُقَال: غرم الرجل، بِالْكَسْرِ إِذا أدان. وَقيل: الْغرم والمغرم، مَا يَنُوب الْإِنْسَان فِي مَاله من ضَرَر بِغَيْر جِنَايَة مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَا يلْزمه أَدَاؤُهُ، وَمِنْه الغرامة، والغريم: الَّذِي عَلَيْهِ الدّين، وَالْأَصْل فِيهِ: الغرام، وَهُوَ الشَّرّ الدَّائِم وَالْعَذَاب. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ قَائِل) أَي: قَالَ للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَائِل سَائِلًا عَن وَجه الْحِكْمَة فِي كَثْرَة استعاذته من المغرم، فَقَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل إِذا عزم يَعْنِي إِذا لحقه دين حدث فكذب بِأَن يحْتَج بِشَيْء فِي وَفَاء مَا عَلَيْهِ، وَلم يقم بِهِ، فَيصير كَاذِبًا، ووعد فأخلف بِأَن قَالَ لصَاحب الدّين: أوفيك دينك فِي يَوْم كَذَا، أَو فِي شهر كَذَا، أَو فِي وَقت كَذَا، وَلم يوف فِيهِ، فَيصير مُخَالفا لوعده، وَالْكذب وَخلف الْوَعْد من صِفَات الْمُنَافِقين، كَمَا ورد فِي الحَدِيث الْمَشْهُور، فلولا هَذَا الدّين عَلَيْهِ لما ارْتكب هَذَا الْإِثْم الْعَظِيم، وَلما اتّصف بِصِفَات الْمُنَافِقين. وَكلمَة: مَا، فِي قَوْله: (مَا أَكثر مَا تستعيذ) للتعجب، و: مَا، الثَّانِيَة مَصْدَرِيَّة يَعْنِي: مَا أَكثر استعاذتك من المغرم، و: مَا تستعيذ، فِي مَحل النصب. قَوْله: (حدث) ، بِالتَّشْدِيدِ: جَزَاء الشَّرْط. قَوْله: (وَكذب) . بِالتَّخْفِيفِ عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (ووعد) عطف على: حدث. قَوْله: (أخلف) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: (فأخلف) ، بِالْفَاءِ.فَإِن قلت: قَوْله: (فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات) يَشْمَل جَمِيع مَا ذكر، فلأي شَيْء خصصت هَذِه الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة بِالذكر؟ قلت: لعظم شَأْنهَا وَكَثْرَة شَرها، وَلَا شكّ أَن تَخْصِيص بعض مَا يَشْمَلهُ الْعَام من بابُُ الاعتناء بأَمْره لشدَّة حكمه، وَفِيه أَيْضا عطف الْعَام على الْخَاص، وَذَلِكَ لفخامة أَمر الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَعظم شَأْنه، وَفِيه اللف والنشر الْغَيْر الْمُرَتّب، لِأَن عَذَاب الْقَبْر دَاخل تَحت فتْنَة الْمَمَات، وفتنة الدَّجَّال تَحت فتْنَة الْمحيا. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة تعوذه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْأُمُور الَّتِي قد عصم مِنْهَا؟ قلت: إِنَّمَا ذَلِك ليلتزم خوف الله تَعَالَى، ولتقتدي بِهِ الْأمة، وليبين لَهُم صفة الدُّعَاء. فَإِن قلت: سلمنَا ذَلِك، وَلَكِن مَا فَائِدَة تعوذه من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، مَعَ علمه بِأَنَّهُ مُتَأَخّر عَن ذَلِك الزَّمَان بِكَثِير؟ قلت: فَائِدَته أَن ينتشر خَبره بَين الْأمة من جيل إِلَى جيل، وَجَمَاعَة إِلَى جمَاعَة، بِأَنَّهُ كَذَّاب مُبْطل مفتر ساعٍ على وَجه الأَرْض بِالْفَسَادِ، مموه سَاحر، حَتَّى لَا يلتبس على الْمُؤمنِينَ أمره عِنْد خُرُوجه، عَلَيْهِ اللَّعْنَة، ويتحققوا أمره ويعرفوا أَن جَمِيع دعاويه بَاطِلَة، كَمَا أخبر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَيجوز أَن يكون هَذَا تَعْلِيما مِنْهُ لأمته أَو تعوذا مِنْهُ لَهُم. فَإِن قلت: يُعَارض التَّعَوُّذ بِاللَّه عَن المغرم مَا رَوَاهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عبد الله بن جَعْفَر، يرفعهُ: (إِن الله تَعَالَى مَعَ الدَّائِن حَتَّى يقْضِي دينه مَا لم يكن فِيمَا يكرههُ الله تَعَالَى) ، وَكَانَ ابْن جَعْفَر يَقُول لِخَادِمِهِ: إذهب فَخذ لي بدين، فَإِنِّي أكره أَن أَبيت اللَّيْلَة، إلاّ وَالله معي. قَالَ الطَّبَرَانِيّ: وكلا الْحَدِيثين صَحِيح. قلت: المغرم الَّذِي استعاذ مِنْهُ إِمَّا أَن يكون فِي مُبَاح، وَلَكِن لَا وَجه عِنْده لقضائه، فَهُوَ متعرض لهلاك مَال أَخِيه، أَو يستدين وَله إِلَى الْقَضَاء سَبِيل غير أَنه يرى ترك الْقَضَاء، وَهَذَا لَا يَصح إلاّ أذا نزل كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على التَّعْلِيم، لأمته، أَو يستدين من غير حَاجَة طَمَعا فِي مَال أَخِيه وَنَحْو ذَلِك، وَحَدِيث جَعْفَر فِيمَن يستدين لاحتياجه، احتياجا شَرْعِيًّا وَنِيَّته الْقَضَاء، وَإِن لم يكن لَهُ سَبِيل إِلَى الْقَضَاء
    فِي ذَلِك الْوَقْت، لِأَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَنِيَّة الْمُؤمن خير من عمله.قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف) هُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف إِبْنِ مطرف الْفربرِي، أحد الروَاة عَن البُخَارِيّ، يحْكى البُخَارِيّ عَنهُ أَنه قَالَ: سَمِعت خلف بن عَامر، يَعْنِي الْهَمدَانِي، أحد الْحفاظ أَنه لم يفرق بَين الْمَسِيح بِالتَّخْفِيفِ والمسيح بِالتَّشْدِيدِ، وَذكرنَا عَن أبي الْهَيْثَم أَنه فرق بَينهمَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: إِثْبَات عَذَاب الْقَبْر ردا على الْمُعْتَزلَة وَمن أنكرهُ من غَيرهم. وَفِيه: إِثْبَات وجود الدَّجَّال وَإِثْبَات خُرُوجه. وَفِيه: الِاسْتِعَاذَة من الْفِتَن والشرور، وَالسُّؤَال من الله تَعَالَى دَفعهَا عَنهُ. وَفِيه: بشاعة الدّين وشدته وتأديته الدَّائِن إِلَى ارْتِكَاب الْكَذِب وَالْخلف فِي الْوَعْد اللَّذين هما من صِفَات الْمُنَافِقين. وَفِيه: وجوب الِاسْتِعَاذَة من الدّين لِأَنَّهُ يشين فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَعَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الدّين راية الله فِي الأَرْض، فَإِذا أَرَادَ الله أَن يذل عبدا وَضعه فِي عُنُقه) . رَوَاهُ الْحَاكِم، وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم.

    حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ ‏"‏ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ فَقَالَ ‏"‏ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ‏"‏‏.‏ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ

    Narrated `Aisha:(the wife of the Prophet) Allah's Messenger (ﷺ) used to invoke Allah in the prayer saying "Allahumma inni a`udhu bika min `adhabi l-qabr, wa a`udhu bika min fitnati l-masihi d-dajjal, wa a`udhu bika min fitnati l-mahya wa fitnati l-mamat. Allahumma inni a`udhu bika mina l-ma'thami wa l-maghram. (O Allah, I seek refuge with You from the punishment of the grave, from the afflictions of the imposter- Messiah, and from the afflictions of life and death. O Allah, I seek refuge with You from sins and from debt)." Somebody said to him, "Why do you so frequently seek refuge with Allah from being in debt?" The Prophet (ﷺ) replied, "A person in debt tells lies whenever he speaks, and breaks promises whenever he makes (them)." `Aisha also narrated: I heard Allah's Messenger (ﷺ) in his prayer seeking refuge with Allah from the afflictions of Ad-Dajjal

    Telah menceritakan kepada kami [Abu Al Yaman] berkata, telah mengabarkan kepada kami [Syu'aib] dari [Az Zuhri] berkata, telah mengabarkan kepada kami ['Urwah bin Az Zubair] dari ['Aisyah] isteri Nabi shallallahu 'alaihi wasallam, dia telah mengabarkan kepadanya, bahwa Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam di dalam shalat membaca do'a: 'ALLAHUMMA INNII A'UUDZU BIKA MIN 'ADZAABIL QABRI, WA A'UUDZU BIKA MIN FITNATIL MASIIHID DAJJAAL, WA A'UUDZU BIKA MIN FITNATIL MAHYAA WA FITNATIL MAMAAT. ALLAHUMMA INNII A'UUDZU BIKA MINAL MA'TSAMI WAL MAGHRAM (Ya Allah, aku berlindung kepada-Mu dari siksa kubur dan aku berlindung kepada-Mu dari fitnah Al Masihid Dajjal, dan aku berlindung kepada-Mu dari fitnah kehidupan dan fitnah kematian. Ya Allah, aku berlindung kepada-Mu dari perbuatan dosa dan hutang) '. Tiba-tiba ada seseorang berkata kepada beliau, "Kenapa tuan banyak meminta perlindungan dari hutang?" Beliau menjawab, "Sesungguhnya seseorang apabila berhutang dia akan cenderung berkata dusta dan berjanji lalu mengingkarinya." Dan dari Az Zuhri ia berkata, 'Urwah bin Az Zubair telah mengabarkan kepadaku, bahwa 'Aisyah? radliallahu 'anha berkata, "Aku mendengar Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam dalam shalatnya meminta perlindungan dari fitnah Dajjal

    Urve İbnü'z-Zübeyr Aişe (r.anha)'nın kendisine şunu haber verdiğini nakletmİştir: "Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem namaz'da iken şöyle dua ederdi; [Allahümme eûzübike min Azabi'l-Kabri ve Eûzübike min Fitneti'l-Mesihi'd-Deccâl ve Eûzübike min Fitneti'l-Mahyâ ve Fitneti'l-Memât Allahümme innî Eûzübike mine'l-Me'semi ve'l-Mağrami] "Allah'ım kabir azabından sana sığınırım, Allahım Mesih - deccâlin fitnesinden sana sığınırım, hayatın ve Ölümün fitnesinden sana sığınırım, Allah'ım günahlardan ve borçlu olmaktan sana sığınırım,' Sahâbîlerden birisi Resûlullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e: Ey Allah'ın Resulü borçlu olmaktan ne kadar çok Allah'a sığınıyorsunuz böyle?!' deyince Resûl-i Ekrem Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: Bir kimse borçlandığı zaman konuşur fakat yalan söyler, söz verir fakat sözünde durmaz. Tekrar: 833, 2397, 6368, 6375, 6376, 6377 ve

    ‘উরওয়াহ ইবনু যুবায়র (রহ.) হতে বর্ণিত। ‘আয়িশাহ্ (রাযি.) বলেন, আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তাঁর সালাতে দাজ্জালের ফিতনা হতে আশ্রয় প্রার্থনা করতেন।