• 2508
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ "

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ

    لا توجد بيانات
    لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ،
    حديث رقم: 3226 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]
    حديث رقم: 3224 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]
    حديث رقم: 3227 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]
    حديث رقم: 3225 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73]
    حديث رقم: 4180 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر
    حديث رقم: 4181 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب
    حديث رقم: 4446 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين} [الحجر: 80]
    حديث رقم: 5403 في صحيح مسلم كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ بَابُ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكيِن
    حديث رقم: 5404 في صحيح مسلم كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ بَابُ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكيِن
    حديث رقم: 5405 في صحيح مسلم كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ بَابُ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكيِن
    حديث رقم: 4424 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5070 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5186 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5246 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5285 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5489 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5549 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5766 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 5817 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6042 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 6305 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ دُخُولِ الْمَرْءِ أَرْضَ ثَمُودَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا
    حديث رقم: 6306 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الدُّخُولِ عَلَى أَصْحَابِ الْحِجْرِ
    حديث رقم: 6307 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ ثَمُودَ إِنَّمَا
    حديث رقم: 6308 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِقَاءِ مِنْ آبَارِ أَرْضِ ثَمُودَ
    حديث رقم: 6309 في صحيح ابن حبان كِتَابُ التَّارِيخِ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ مِنْ أَرْضِ
    حديث رقم: 10827 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ
    حديث رقم: 10831 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ
    حديث رقم: 4031 في المستدرك على الصحيحين كِتَابُ تَوَارِيخِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ذِكْرُ صَالِحٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 4668 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْعَيْنِ مَنِ اسْمُهُ : عَبْدَانُ
    حديث رقم: 13434 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمِمَّا أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
    حديث رقم: 1562 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1563 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1044 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يُفْسِدُ الْمَاءَ
    حديث رقم: 4064 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4065 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 4066 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 629 في مسند الحميدي مسند الحميدي أَحَادِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 1398 في مسند الروياني مسند الروياني حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
    حديث رقم: 1536 في الزهد و الرقائق لابن المبارك ما رواه المروزي بَابُ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
    حديث رقم: 33 في أحاديث إسماعيل بن جعفر أحاديث إسماعيل بن جعفر أَوَّلًا : أَحَادِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ
    حديث رقم: 3 في السير لأبي إسحاق الفزاري السير لأبي إسحاق الفزاري بَابُ نَبْشِ قُبُورِهِمْ وَالرِّكَازِ
    حديث رقم: 4 في السير لأبي إسحاق الفزاري السير لأبي إسحاق الفزاري بَابُ نَبْشِ قُبُورِهِمْ وَالرِّكَازِ
    حديث رقم: 2572 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي مِنْ حَدِيثِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ
    حديث رقم: 800 في المنتخب من مسند عبد بن حميد المنتخب من مسند عبد بن حميد أَحَادِيثُ ابْنِ عُمَرَ
    حديث رقم: 5450 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
    حديث رقم: 6748 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ
    حديث رقم: 530 في الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي بَابُ الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْأَدَاءِ وَشَرَائِطِهِ
    حديث رقم: 3162 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 3163 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

    [433] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن أبي أويس بن أُخْتِ مَالِكٍ قَوْلُهُ لَا تَدْخُلُوا كَانَ هَذَا النَّهْيُ لَمَّا مَرُّوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ دِيَارِ ثَمُودَ فِي حَالِ تَوَجُّهِهِمْ إِلَى تَبُوكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بن عُمَرَ بِبَعْضِ ذَلِكَ قَوْلُهُ هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَلَهُ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ لَيْسَ الْمُرَادُ الِاقْتِصَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى ابْتِدَاءِ الدُّخُولِ بَلْ دَائِمًا عِنْدَ كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الدُّخُولِ وَأَمَّا الِاسْتِقْرَارُ فَالْكَيْفِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ الْبَتَّةَ قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ هُنَاكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَوْضِعُ بُكَاءٍ وَتَضَرُّعٍ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى عَدَمِ مُطَابَقَةِ الْحَدِيثِ لِأَثَرِ عَلِيٍّ قُلْتُ وَالْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ تَرْكُ النُّزُولِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَغَازِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ثُمَّ قَنَّعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ وَلَمْ يُصَلِّ هُنَاكَ كَمَا صَنَعَ عَلِيٌّ فِي خَسْفِ بَابِلَ وَرَوَىالْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا جَاءَ بِخَاتَمٍ وَجَدَهُ بِالْحِجْرِ فِي بُيُوتِ الْمُعَذَّبِينَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَتَرَ بِيَدِهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَقَالَ أَلْقِهِ فَأَلْقَاهُ لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَقَى مِنْ مِيَاهِهِمْ فِي كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ لَا يُصِيبُكُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَةٌ وَالْمَعْنَى لِئَلَّا يُصِيبَكُمْ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ عَلَى أَنَّهَا نَاهِيَةٌ وَهُوَ أَوْجَهُ وَهُوَ نَهْيٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُصِيبَكُمْ أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَكُمْ وَوَجْهُ هَذِهِ الْخَشْيَةِ أَنَّ الْبُكَاءَ يَبْعَثهُ عَلَى التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّفَكُّرِ فِي أَحْوَالٍ تُوجِبُ الْبُكَاءَ مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أُولَئِكَ بِالْكُفْرِ مَعَ تَمْكِينِهِ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِمْهَالِهِمْ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ إِيقَاعِ نِقْمَتِهِ بِهِمْ وَشِدَّةِ عَذَابِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ فَلَا يَأْمَنُ الْمُؤْمِنُ أَنْ تَكُونَ عَاقِبَتُهُ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَالتَّفَكُّرُ أَيْضًا فِي مُقَابَلَةِ أُولَئِكَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِالْكُفْرِ وَإِهْمَالِهِمْ إِعْمَالَ عُقُولِهِمْ فِيمَا يُوجِبُ الْإِيمَانَ بِهِ وَالطَّاعَةَ لَهُ فَمَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيمَا يُوجِبُ الْبُكَاءَ اعْتِبَارًا بِأَحْوَالِهِمْ فَقَدْ شَابَهَهُمْ فِي الْإِهْمَالِ وَدَلَّ عَلَى قَسَاوَةِ قَلْبِهِ وَعَدَمِ خُشُوعِهِ فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَجُرَّهُ ذَلِكَ إِلَى الْعَمَلِ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ فَيُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ قَالَ كَيْفَ يُصِيبُ عَذَابُ الظَّالِمِينَ مَنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَصِيرَ ظَالِمًا فَيُعَذَّبَ بِظُلْمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْمُرَاقَبَةِ وَالزَّجْرُ عَنِ السُّكْنَى فِي دِيَارِ الْمُعَذَّبِينَ وَالْإِسْرَاعُ عِنْدَ الْمُرُورِ بِهَا وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بهم (قَوْلُهُ بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْبِيعَةِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتَانِيَّةٌ مَعْبَدٌ لِلنَّصَارَى قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الْبِيعَةُ صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ وَقِيلَ كَنِيسَةُ النَّصَارَى وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْبِيعَةِ الْكَنِيسَةُ وَبَيْتُ الْمِدْرَاسِ وَالصَّوْمَعَةُ وَبَيْتُ الصَّنَمِ وَبَيْتُ النَّارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالَ عُمَرُ إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ كَنَائِسَهُمْ قَوْلُهُ مِنْ أَجَلِ التَّمَاثِيلِ هُوَ جَمْعُ تِمْثَالٍ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ بَيْنَهُمَا مِيمٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّورَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَالصُّورَةُ أَعَمُّ قَوْلُهُ الَّتِي فِيهَا الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَالصُّوَرِ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ التَّمَاثِيلِ أَوْ بَيَانٌ لَهَا أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ أَنَّ التَّمَاثِيلَ مُصَوَّرَةٌ وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذَا لِلتَّمَاثِيلِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالصُّوَرُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ صَنَعَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى طَعَامًا وَكَانَ مِنْ عُظَمَائِهِمْ وَقَالَ أُحِبُّ أَنْ تَجِيئَنِي وَتُكْرِمَنِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّا لَا ندخلبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ هَذَا فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَقَوَاعِدُ مُهِمَّةٌ مِنْهَا جَوَازُ النِّسْيَانِ فِي الْأَفْعَالِ وَالْعِبَادَاتِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا ادَّعَى شَيْئًا جَرَى بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ لا يخفى عَلَيْهِمْ سَئَلُوا عَنْهُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَمِنْهَا إِثْبَاتُ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ سَجْدَتَانِ وَأَنَّهُ يُكَبِّرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَنَّهُمَا عَلَى هَيْئَةِ سُجُودِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّجُودَ فَلَوْ خَالَفَ الْمُعْتَادَ لَبَيَّنَهُ وَأَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ لَا تَشَهُّدَ لَهُ وَأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الزِّيَادَةِ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ سُجُودِ السَّهْوِ كَانَ نِسْيَانًا لَا عَمْدًا وَمِنْهَا أَنَّ كَلَامَ النَّاسِي لِلصَّلَاةِ وَالَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا يُبْطِلُهَا وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ والخلف وهو قول بن عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَخِيهِ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمِيعِ الْمُحَدِّثِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْكَلَامِ نَاسِيًا أو جاهلا لحديث بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَزَعَمُوا أَنَّ حَدِيثَ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بحديث بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالُوا لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَنَقَلُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَّ قَضَيَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ قَالُوا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْ بَدْرٍ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي مَا لَا يَحْضُرُهُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ صَحِيحَةٍ حَسَنَةٍ مَشْهُورَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَتْقَنُهَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ أَمَّا ادِّعَاؤُهُمْ أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَنَّ حديث بن مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ رَجَعَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ بَعْدَهُ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هريرة وأما قولهم إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ شُهُودُهُ لَهَا مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ ثُمَّ ذَكَرَبِإِسْنَادِهِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صلاتي العشي فسلم من اثنتين وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ وَفِي رِوَايَاتٍ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وفي رواية في مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وفي رواية في غير مُسْلِمٍ بَيْنَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَعِمْرَانُ بن حصين وبن مَسْعَدَةَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا صَحِبَهُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ مُتَأَخِّرًا ثم ذكر أحاديثهم بطرقها قال وبن مَسْعَدَةَ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْجُيُوشِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ لَهُ رِوَايَةٌ قَالَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَغَلَطٌ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَلَسْنَا نُدَافِعُهُمْ أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ ذَكَرَهُ فِيمَنْ قتل يوم بدر قال بن إِسْحَاقَ ذُو الشِّمَالَيْنِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَيْشَانَ مِنْ خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذُو الْيَدَيْنِ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ بِدَلِيلِ حُضُورِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ ذَكَرْنَا قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِيمٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَفِي رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فَذُو الْيَدَيْنِ الَّذِي شَهِدَ السَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ سُلَمِيٌّ وَذُو الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولُ بِبَدْرٍ خُزَاعِيٌّ يُخَالِفُهُ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ وَثَلَاثَةٌ يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذُو الْيَدَيْنِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ لَكِنَّ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ غَيْرَ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ ثُمَّ رُوِيَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَأَمَّا قَوْلُ الزهري في حديث السهوان الْمُتَكَلِّمَ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَقَدِ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ روايته خاصة ثُمَّ ذَكَرَ طُرُقَهُ وَبَيَّنَ اضْطِرَابَهَا فِي الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ وَذَكَرَ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ غَلَّطَ الزُّهْرِيَّ فِي حَدِيثِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ الْمُصَنَّفِينَ فِيهِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكُلُّهمْ تَرَكُوهُ لِاضْطِرَابِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيمًا فِي هَذَا الشَّأْنِ فَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَشَرٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مَتْرُوكٌ لِتَحَقُّقِ غَلَطِهِ فِيهِ هَذَا كَلَامُ أَبِيعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مُخْتَصَرًا وَقَدْ بَسَطَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ بَسْطًا لَمْ يَبْسُطْهُ غَيْرُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَالْإِتْقَانِ وَالْفَوَائِدِ الْجَمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْمُ وَهُمْ بَعْدُ فِي الصَّلَاةِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَوِّزِينَ نَسْخَ الصَّلَاةِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابًا وَذَلِكَ لا يبطل عندنا وعند غيرنا والمسئلة مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صحيح أن الجماعة أومأوا أَيْ نَعَمْ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَعِنْدكُمْ لَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي الرُّجُوعُ فِي قَدْرِ صَلَاتِهِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبَنَى عَلَيْهِ لا أنه رجع إلى مجرد قولهم وَلَوْ جَازَ تَرْكُ يَقِينِ نَفْسِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَرَجَعَ ذُو الْيَدَيْنِ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْخُطُوَاتِ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا تُبْطِلُهَا كَمَا لَا يُبْطِلُهَا الْكَلَامُ سَهْوًا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لَا يُبْطِلُهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى إِلَى الْجِذْعِ وَخَرَجَ السَّرَعَانُ وَفِي رِوَايَةٍ دَخَلَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَجَعَ النَّاسُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ صَعْبٌ عَلَى من أبطلها والله أعلمبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ هَذَا فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَقَوَاعِدُ مُهِمَّةٌ مِنْهَا جَوَازُ النِّسْيَانِ فِي الْأَفْعَالِ وَالْعِبَادَاتِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا ادَّعَى شَيْئًا جَرَى بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ لا يخفى عَلَيْهِمْ سَئَلُوا عَنْهُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَمِنْهَا إِثْبَاتُ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ سَجْدَتَانِ وَأَنَّهُ يُكَبِّرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَنَّهُمَا عَلَى هَيْئَةِ سُجُودِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّجُودَ فَلَوْ خَالَفَ الْمُعْتَادَ لَبَيَّنَهُ وَأَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَنَّهُ لَا تَشَهُّدَ لَهُ وَأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الزِّيَادَةِ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ سُجُودِ السَّهْوِ كَانَ نِسْيَانًا لَا عَمْدًا وَمِنْهَا أَنَّ كَلَامَ النَّاسِي لِلصَّلَاةِ وَالَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا يُبْطِلُهَا وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ والخلف وهو قول بن عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَخِيهِ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمِيعِ الْمُحَدِّثِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْكَلَامِ نَاسِيًا أو جاهلا لحديث بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَزَعَمُوا أَنَّ حَدِيثَ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بحديث بن مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالُوا لِأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَنَقَلُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَنَّ قَضَيَّتَهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ قَالُوا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْ بَدْرٍ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي مَا لَا يَحْضُرُهُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ صَحِيحَةٍ حَسَنَةٍ مَشْهُورَةٍ أَحْسَنُهَا وَأَتْقَنُهَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ أَمَّا ادِّعَاؤُهُمْ أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَنَّ حديث بن مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ رَجَعَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَامَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ بَعْدَهُ وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ أَنَّهُ قَبْلَ حَدِيثِ أَبِي هريرة وأما قولهم إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ شُهُودُهُ لَهَا مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ ثُمَّ ذَكَرَبِإِسْنَادِهِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صلاتي العشي فسلم من اثنتين وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ وَفِي رِوَايَاتٍ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وفي رواية في مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وفي رواية في غير مُسْلِمٍ بَيْنَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَعِمْرَانُ بن حصين وبن مَسْعَدَةَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكُلُّهُمْ لَمْ يَحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا صَحِبَهُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ مُتَأَخِّرًا ثم ذكر أحاديثهم بطرقها قال وبن مَسْعَدَةَ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْجُيُوشِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ لَهُ رِوَايَةٌ قَالَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَغَلَطٌ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَلَسْنَا نُدَافِعُهُمْ أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ ذَكَرَهُ فِيمَنْ قتل يوم بدر قال بن إِسْحَاقَ ذُو الشِّمَالَيْنِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَيْشَانَ مِنْ خُزَاعَةَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَذُو الْيَدَيْنِ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولِ بِبَدْرٍ بِدَلِيلِ حُضُورِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ ذَكَرْنَا قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِيمٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَفِي رِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فَذُو الْيَدَيْنِ الَّذِي شَهِدَ السَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ سُلَمِيٌّ وَذُو الشِّمَالَيْنِ الْمَقْتُولُ بِبَدْرٍ خُزَاعِيٌّ يُخَالِفُهُ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ وَثَلَاثَةٌ يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذُو الْيَدَيْنِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ لَكِنَّ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ غَيْرَ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ ثُمَّ رُوِيَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَأَمَّا قَوْلُ الزهري في حديث السهوان الْمُتَكَلِّمَ ذُو الشِّمَالَيْنِ فَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَقَدِ اضْطَرَبَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ اضْطِرَابًا أَوْجَبَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ تَرْكَهُ مِنْ روايته خاصة ثُمَّ ذَكَرَ طُرُقَهُ وَبَيَّنَ اضْطِرَابَهَا فِي الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ وَذَكَرَ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ غَلَّطَ الزُّهْرِيَّ فِي حَدِيثِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ الْمُصَنَّفِينَ فِيهِ عَوَّلَ عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَكُلُّهمْ تَرَكُوهُ لِاضْطِرَابِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ لَهُ إِسْنَادًا وَلَا مَتْنًا وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَظِيمًا فِي هَذَا الشَّأْنِ فَالْغَلَطُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ بَشَرٌ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مَتْرُوكٌ لِتَحَقُّقِ غَلَطِهِ فِيهِ هَذَا كَلَامُ أَبِيعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مُخْتَصَرًا وَقَدْ بَسَطَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَرْحَ هَذَا الْحَدِيثِ بَسْطًا لَمْ يَبْسُطْهُ غَيْرُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَالْإِتْقَانِ وَالْفَوَائِدِ الْجَمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَكَلَّمَ ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْمُ وَهُمْ بَعْدُ فِي الصَّلَاةِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجَوِّزِينَ نَسْخَ الصَّلَاةِ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابًا وَذَلِكَ لا يبطل عندنا وعند غيرنا والمسئلة مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صحيح أن الجماعة أومأوا أَيْ نَعَمْ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَعِنْدكُمْ لَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي الرُّجُوعُ فِي قَدْرِ صَلَاتِهِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ لِيَتَذَكَّرَ فَلَمَّا ذَكَّرُوهُ تَذَكَّرَ فَعَلِمَ السَّهْوَ فَبَنَى عَلَيْهِ لا أنه رجع إلى مجرد قولهم وَلَوْ جَازَ تَرْكُ يَقِينِ نَفْسِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَرَجَعَ ذُو الْيَدَيْنِ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ وَالْخُطُوَاتِ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ سَهْوًا لَا تُبْطِلُهَا كَمَا لَا يُبْطِلُهَا الْكَلَامُ سَهْوًا وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لَا يُبْطِلُهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى إِلَى الْجِذْعِ وَخَرَجَ السَّرَعَانُ وَفِي رِوَايَةٍ دَخَلَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَجَعَ النَّاسُ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ صَعْبٌ عَلَى من أبطلها والله أعلمكَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا يَعْنِي التَّمَاثِيلَ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ رِوَايَتَيِ النَّصْبِ وَالْجَرِّ أَوْجَهُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ مِنْ عُظَمَائِهِمُ اسْمُهُ قُسْطَنْطِينُ سَمَّاهُ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَمِّهِ أَبِي مُسَجَّعَةَ بْنِ رِبْعِيِّ عَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ أَخْرَجَهَا قَوْلُهُ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَزَادَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَمَاثِيلُ خَرَجَ فَصَلَّى فِي الْمَطَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَنْ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ

    [433] ثنا إسماعيل بن عبد الله: حدثني مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم)) . هذا الحديث: نص في المنع من الدخول على مواضع العذاب، إلا على أكمل حالات الخشوع والاعتبار، وهو البكاء من خشية الله وخوف عقابه الذي نزل بمن كان في تلك البقعة، وان الدخول على غير هذا الوجه يخشى منه إصابة العذاب الذي أصابهم. وفي هذا تحذير من الغفلة عن تدبر الآيات فمن رأى ما حل بالعصاة ولم يتنبه بذلك من غفلته، ولم يتفكر في حالهم، ويعتبر بهم فليحذر من حلول العقوبة به، فإنها إنما حلت بالعصاة لغفلتهم عن التدبر وإهمالهم اليقظة والتذكر. وهذا يدل على أنه لا يجوز السكنى بمثل هذه الأرض، ولا الإقامة بها، وقد صرح بذلك طائفة من العلماء، منهم: الخطابي وغيره، ونص عليه أحمد. قال مهنا: سألت أحمد عمن نزل الحجر: أيشرب من مائها ويعجن به؟ قال: لا، إلا لضرورة، ولا يقيم بها.وعلى هذا: فيتوجه أن من صلى بها لغير ضرورة، ولم يكن في صلاته على حالة الخشوع والخشية التي رخص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدخول عليها أن لا تصح صلاته، على قياس قول من قال: إن الصلاة في المقبرة وأعطان الإبل لا تصح، إلا أن يفرق: بأن النهي هنا عن الدخول لا يخص الصلاة، بخلاف النهي عن الصلاة في المقبرة والأعطان، فيتخرج حينئذ الصلاة فيها على الصلاة في الأرض المغصوبة، كما سبق ذكره. وأحمد - في رواية - مع جماعة من أهل الظاهر: يوجبون الإعادة على من صلى في أرض غصب، وكذلك إسحاق - في رواية عنه -، إذا كان عالما بالنهي. وأما الوضوء من مائها: فقد صرح طائفة من الظاهرية بأنه لا يصح، ويتخرج على قواعد الإمام أحمد وأصحابه على الخلاف عندهم في الوضوء بالماء المغصوب. وقد ورد النهي عن الوضوء بخصوصه في حديث خرجه الطبراني في ((أوسطه)) من رواية ابن إسحاق: حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: مر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحجر واستقى الناس من بئرها، ثم راح فيها، فلما استقل أمر الناس ألا يشربوا من مائها، ولا يتوضئوا منه، وما كان من عجين عجن بشيء من مائها أن يعلف به، ففعل الناس. وروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن العباس بن سهل بن سعد - أو عن العباس بن سعد -، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين مر بالحجر ونزلها استقى الناس من بئرها، فلما راحوا منها قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للناس: ((لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما كان منعجين عجنتم به فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا)) . وهذا مرسل. وقد خرج البخاري حديث ابن عمر هذا في ((قصص الأنبياء)) من ((كتابه)) هذا من حديث عبد الله بن دينار ونافع وسالم، عن ابن عمر. وفي رواية عبد الله ونافع: أنهم نزلوا الحجر. وفي حديث سالم: أنه مر بالحجر وتقنع بردائه، وهو على الرحل. وخرج مسلم حديث سالم، وفيه: ثم زجر فأسرع حتى خلفها. وحمل أبو الحسين ابن المنادي من متقدمي أصحابنا النهي عن دخولها وعن شرب مائها على الكراهة دون التحريم. والله أعلم.54 - باب الصلاة في البيعة وقال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور. وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل. روى حجاج بن منهال: ثنا ربيعة بن كلثوم، عن نافع، قال: قال عمر: إنا لا ينبغي لنا أن ندخل كنيسة فيها تصاوير. وروى وكيع في ((كتابه)) ، عن عبد الله بن نافع مولى ابن عمر، عن أبيه، عن أسلم مولى عمر، قال: قال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم التي فيها تصاوير. وعن سفيان، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس، أنه كره الصلاة في الكنيسة إذا كان فيها تماثيل. وقال سفيان: لا بأس بالصلاة فيها إذا لم يكن فيها تمثال، وإن وجد غيرها فهو أحب إلي. وكره مالك الصلاة في البيع والكنائس؛ لنجاستها من أقدامهم، ولما فيها من الصور، وقال: لا ينزل بها إلا من ضرورة -: ذكره صاحب ((التهذيب)) . ورخص أكثر أصحابنا في دخول ما ليس فيه صور منها، والصلاة فيها. وكرهه بعضهم، منهم: ابن عقيلومنهم من حكى في الكراهة عن أحمد روايتين، والمنصوص عن أحمد: كراهة دخولها في أعيادهم ومجامعهم فيها. ويستدل للكراهة فيما فيه صور: بأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وبأنه محل الشياطين، فتكره الصلاة فيه كالحمام والحش. ويدل على كراهته - أيضا -: خروج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الوادي الذي ناموا فيه عن الصلاة، وقال: ((إن هذا الوادي حضرنا فيه شيطان)) . وكره أصحاب الشافعي الصلاة فيها، مع الصحة. وحكى ابن المنذر وغيره: الرخصة فيها عن طائفة من العلماء، منهم: أبو موسى، والحسن، والشعبي، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، واختاره ابن المنذر. وأكثر المنقول عن السلف في ذلك قضايا أعيان لا عموم لها، فيمكن حملها على ما لم يكن فيه صور. وصرح كثير من أصحابنا بتحريم الدخول إلى بيت فيه صور على جدرانه، وإن كان لا يقدر على إزالتها، وسواء كان حماما أو غيره، منهم: ابن بطة، والقاضي وأبو يعلى. وذكر صاحب ((المغني)) أن ظاهر كلام أحمد أنه مكروه غير محرم، وحكاه - أيضا - عن مالك، وعن أكثر أصحاب الشافعي أنه محرم، وذكر في أثناء كلامه: أن دخول البيع والكنائس جائز، ولو كانفيها صور، وجعله دليلا له، وهو يشعر بأنه محل إجماع. ولعل الفرق: أن صور البيع والكنائس تقر ولا يلزم إزالتها، كما يقر أصل البيع والكنائس، وبخلاف الصور في بيوت المسلمين؛ فإنه يجب إزالتها ومحوها. قال البخاري:

    باب الصَّلاَةِ فِي مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَرِهَ الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بَابِلَ(باب) حكم (الصلاة في مواضع الخسف) بالجمع وللأصيلي في موضع بالإفراد (و) موضع نزول (العذاب) من باب عطف العامّ على الخاص لأن الخسف من جملة العذاب (ويذكر) مما وصله ابن أبي شيبة (أن عليًّا) رضي الله عنه (كره الصلاة بخسف بابل) بعدم الصرف. قال الأخفش: لتأنيثه، وقال البيضاوي والمشهور أنه بلد من سواد الكوفة اهـ.وقيل: المراد بالخسف المذكور ما في قوله تعالى: {{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ}} [النحل: 26] الآية وذلك أن نمروذ بن كنعان بنى الصرح ببابل سمكه خمسة آلاف ذراع ليترصّد أمر السماء، فأهبّ الله الريح فخرّ عليه وعلى قومه فهلكوا قيل: وبات الناس ولسانهم سرياني فأصبحوا وقد تفرقت لغتهم على اثنين وسبعين لسانًا كلٌّ يبلبل بلسانه فسمي الموضع بابلاً.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:425 ... ورقمه عند البغا: 433 ]
    - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». [الحديث 433 - أطرافه في: 3380، 3381، 4419، 4420، 4702].وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس (عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما).(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لأصحابه لما مروا معه بالحجر ديار ثمود في حال توجههم إلى تبوك: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين) بفتح الذال المعجمة وهم قوم صالح أي لا تدخلوا ديارهم (إلا أن تكونوا
    باكين)
    شفقة وخوفًا من حلول مثل ذلك، (فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم) وعند المؤلّف في أحاديث الأنبياء أن يصيبكم أي خشية أن يصيبكم (ما أصابهم) من العذاب، ويصيبكم بالرفع على الاستئناف، ولا تنافي في بين خوف إصابة العذاب وبين قوله تعالى {{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}} [الأنعام: 164] لأن الآية محمولة على عذاب يوم القيامة، ووجه الخوف هنا أن البكاء يبعثه على التفكّر والاعتبار، فكأنه أمرهم بالتفكّر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة، ثم إيقاع نقمه بهم وشدة عذابه، فمن مرّ عليهم ولم يتفكّر فيما يوجب البكاء اعتبارًا بأحوالهم، فقد شابههم في الإهمال ودلّ على قساوة قلبه وعدم خشوعه فلا يأمن أن يجرّه ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم قاله ابن حجر ومن قبله الخطابي.وقد تشاءم عليه الصلاة والسلام بالبقعة التي نام فيها عن الصلاة ورحل عنها ثم صلّى، فكراهية الصلاة في مواضع الخشف أولى لأن إباحة الدخول فيها إنما هو على وجه الاعتبار والبكاء، فمن صلّى هناك لا تفسد صلاته لأن الصلاة موضع البكاء والاعتبار. ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون. وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي والتفسير.

    (بابُُ الصَّلاَةِ فِي مَوَاضِعِ الخَسْفِ وَالعَذَابِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الصَّلَاة فِي الْأَمْكِنَة الَّتِي خسفت أَو نزل عَلَيْهَا الْعَذَاب، وَأبْهم حكمه حَيْثُ لم يبين: هَل هِيَ مَكْرُوهَة أَو غير جَائِزَة؟ وَلَكِن تَقْدِيره: يكره لدلَالَة أثر عَليّ، على ذَلِك، يُقَال: خسف الْمَكَان يخسف خسوفاً: ذهب فِي الأَرْض، وَخسف ابه الأَرْض خسفاً، أَي: غَابَ بِهِ فِيهَا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض}} (الْقَصَص: 18) وَخسف هُوَ فِي الأَرْض، وَخسف بِهِ، وخسوف الْعين ذهابها فِي الرَّأْس، وخسوف الْقَمَر كسوفه. قَوْله: (وَالْعَذَاب) ، من بابُُ عطف الْعَام على الْخَاص.ويُذْكَرُ أنَّ عَلِيًّا رَضِي الله عَنهُ كَرِه الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بابُِلَمُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ يدل أَيْضا على أَن مُرَاده من عقد هَذَا الْبابُُ هُوَ الْإِشَارَة إِلَى أَن الصَّلَاة فِي مَوَاضِع الْخَسْف مَكْرُوهَة وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع، حدّثنا سُفْيَان حدّثنا عبد اللَّه بن شريك عَن عبد اللَّه بن أبي الْمحل العامري، قَالَ: (كُنَّا مَعَ عَليّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، فمررنا على الْخَسْف الَّذِي بِبابُُِل، فَلم يصلِّ حَتَّى أجَازه) أَي: تعداه، و: الْمحل، بِضَم الْمِيم وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام، وروى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) : من حَدِيث حجاج بن شَدَّاد عَن أبي صَالح الْغِفَارِيّ (عَن عَليّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، أَنه مر بِبابُُِل وَهُوَ يسير، فَجَاءَهُ الْمُؤَذّن يُؤذن بِصَلَاة الْعَصْر، فَلَمَّا بدر مِنْهَا أَمر الْمُؤَذّن، فَأَقَامَ، فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة قَالَ: إِن حَبِيبِي، صلى اتعالى عَلَيْهِ وَسلم، نهاني أَن أُصَلِّي فِي الْمقْبرَة، ونهاني أَن أُصَلِّي فِي أَرض بابُل، فَإِنَّهَا ملعونة) .قَالَ ابْن يُونُس أَبُو صَالح الْغِفَارِيّ: سعيد بن عبد الرَّحْمَن روى عَن عَليّ، وَمَا أَظُنهُ سمع مِنْهُ. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: فِي سَنَده رجال لَا يعْرفُونَ. وَقَالَ عبد الْحق: هُوَ حَدِيث واهٍ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) : إِسْنَاده غير قوي. وَقَالَ الْخطابِيّ: فِي سَنَده مقالٌ وَلَا أعلم أحدا من الْعلمَاء حرم الصَّلَاة فِي أَرض بابُل، وَقد عَارضه مَا هُوَ أصح مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله: (جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا) وَيُشبه، إِن ثَبت الحَدِيث، أَن يكون نَهَاهُ أَن يتخذها وطناً ومقاماً، فَإِذا أَقَامَ بهَا كَانَت صلَاته بهَا، وَهَذَا من بابُُ التَّعْلِيق فِي علم الْبَيَان قلت: أَرَادَ بهَا الْمُلَازمَة الشَّرْعِيَّة، لِأَن من لَازم إِقَامَة شخص بمَكَان أَن تكون صلَاته فِيهِ، فَيكون من بابُُ إِطْلَاق الْمَلْزُوم وَإِرَادَة اللَّازِم، وَإِنَّمَا قيدنَا الْمُلَازمَة بالشرعية لانْتِفَاء الْمُلَازمَة الْعَقْلِيَّة. وَقَالَ الْخطابِيّ أَيْضا: لَعَلَّ النَّهْي لعَلي خَاصَّة، أَلا ترى أَنه قَالَ: نهاني، وَلَعَلَّ ذَلِك إنذار مِنْهُ مَا لَقِي من المحنة بِالْكُوفَةِ، وَهِي من أَرض بابُل. قَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ: بابُل بالعراق مَدِينَة السحر مَعْرُوفَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: بابُل، اسْم مَوضِع بالعراق ينْسب إِلَيْهِ السحر وَالْخمر، وَقَالَ الْأَخْفَش: لَا ينْصَرف لتأنيثه، وَذَلِكَ أَن اسْم كل شَيْء مؤنث إِذا كَانَ أَكثر من ثَلَاثَة أحرف فَإِنَّهُ لَا ينْصَرف فِي الْمعرفَة، وَقَالَ أَصْحَاب الْأَخْبَار: بنى نمْرُود المجدل، أَي: الْقصر بهَا، وَطوله فِي السَّمَاء خَمْسَة آلَاف ذِرَاع، وَهُوَ الْبُنيان الَّذِي ذكره اتعالى فِي كِتَابه الْعَزِيز، بقوله تَعَالَى: {{فَأتى ابنيانهم من الْقَوَاعِد}} (النَّحْل: 62) وَبَات النَّاس ولسانهم سرياني فَأَصْبحُوا وَقد تَفَرَّقت لغاتهم على اثْنَيْنِ وَسبعين لِسَانا، كل يتبلبل بِلِسَانِهِ، فَسمى الْموضع بابُلاً. وَقَالَ الْهَمدَانِي: وَرُبمَا سموا الْعرَاق بابُلاً، قَالَ عمر بن أبي ربيعَة، وأتى الْبَصْرَة فضافه ابْن الْهلَال الْمَعْرُوف بصديق الْجِنّ:(يَا أهل بابُل مَا نفست عَلَيْكُم ... من عيشكم إلاَّ ثَلَاث خلال):(مَاء الْفُرَات، وظل عَيْش بَادر ... وغنى مسمعتين لِابْنِ هِلَال)وَذكر الطَّبَرَانِيّ فِي تَفْسِيره: بابُل، اسْم قَرْيَة أَو مَوضِع من مَوَاضِع الأَرْض، وَقد اخْتلف أهل التَّأْوِيل فِيهَا، فَقَالَ بَعضهم، وَهُوَ السّديّ: هِيَ بابُل دنباوند، وَقَالَ بَعضهم: بل ذَلِك بالعراق، ورد ذَلِك فِي حَدِيث مَرْوِيّ عَن عَائِشَة، رَضِي اتعالى عَنْهَا
    وَاعْلَم أَنه قد وَردت أَحَادِيث فِيهَا النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي مَوَاضِع، مِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر، رَضِي اتعالى عَنْهُمَا: (أَن رَسُول الله نهى أَن يصلى فِي سَبْعَة مَوَاطِن: فِي المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطَّرِيق وَفِي الْحمام وَفِي معاطن الْإِبِل وَفَوق ظهر بَيت ا) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه. وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ: الْمَوَاضِع الَّتِي لَا يصلى فِيهَا ثَلَاثَة عشر موضعا، فَذكر السَّبْعَة الْمَذْكُورَة وَزَاد: إِلَى الْمقْبرَة. وأمامك جِدَار مرحاض عَلَيْهِ نَجَاسَة والكنيسة والبيعة وَفِي قبلتك تماثيل وَفِي دَار الْعَذَاب. وَذكر غَيره، الصَّلَاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة وَإِلَى النَّائِم والمتحدث، وَالصَّلَاة فِي بطن الْوَادي وَالصَّلَاة فِي مَسْجِد الضرار، فَصَارَت الْجُمْلَة ثَمَانِيَة عشر موضعا.فَنَقُول: أما المزبلة فَهِيَ الْمَكَان الَّذِي يلقى فِيهِ الزبل، وَهُوَ السرجين، وفيهَا لُغَتَانِ: فتح الْبَاء وَضمّهَا، أما الصَّلَاة فِيهَا فَإِن كَانَت بهَا نَجَاسَة فَتحرم الصَّلَاة فِيهَا من غير حَائِل، وَإِن فرش عَلَيْهَا شَيْء حَائِل بَينه وَبَينهَا انْتَفَى التَّحْرِيم وَبقيت الْكَرَاهَة. وَأما المجرزة: فَهِيَ: بِفَتْح الزَّاي: الْمَكَان الَّذِي ينْحَر فِيهِ الْإِبِل ويذبح فِيهِ الْبَقر وَالْغنم، وَهِي أَيْضا مَحل الدِّمَاء والأرواث، وَالْكَلَام فِيهِ مثل الْكَلَام فِي المزبلة. وَأما الْمقْبرَة: فقد مر الْكَلَام فِيهَا. وَأما قَارِعَة الطَّرِيق: فَلَمَّا فِيهَا من شغل الخاطر بمرور النَّاس ولغطهم. وَأما الْحمام: فَقَالَ أَحْمد: لَا تصح الصَّلَاة فِيهَا، وَمن صلى فِيهَا أعَاد أبدا، وَعند الْجُمْهُور يكره وَلَا يبطل، ثمَّ قيل: الْعلَّة الغسالات، وَقيل: لِأَنَّهَا مأوى الشَّيَاطِين، فعلى الأول إِذا صلى فِي مَكَان طَاهِر فِيهَا لَا يكره، وَيلْزم من الثَّانِي أَن تكره الصَّلَاة فِي غير الْحمام أَيْضا لعدم خلو الْأَمْكِنَة من الشَّيَاطِين. وَأما معاطن الْإِبِل: فقد مر الْكَلَام فِيهَا. وَأما الصَّلَاة فَوق ظهر بَيت ا: فَفِيهِ خلاف وتفصيل عرف ذَلِك من الْفُرُوع. وَفِي (شرح التِّرْمِذِيّ) : وَلم يَصح فِيهِ حَدِيث. وَأما الصَّلَاة إِلَى جِدَار مر حاض: فَلَمَّا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن عبد اللَّه بن عَمْرو، قَالَ: (لَا يصلى إِلَى الحش) ، وَعَن عَليّ، رَضِي اتعالى عَنهُ: (لَا تصلي تجاه حش) . وَعَن إِبْرَاهِيم: (كَانُوا يكْرهُونَ ثَلَاثَة أَبْيَات الْقبْلَة وَذكر مِنْهَا الحش) . وَفِي (شرح التِّرْمِذِيّ) : وَقد نَص الشَّافِعِي على أَنه لَا تكره الصَّلَاة إِذا صلى وَبَين يَدَيْهِ جيفة، وَحكى الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي (شرح التَّنْبِيه) : أَنه يكره اسْتِقْبَال الْجِدَار النَّجس والمتنجس فِي الصَّلَاة، وَقَالَ ابْن حبيب من الْمَالِكِيَّة: من تعمد الصَّلَاة إِلَى نَجَاسَة بطلت صلَاته إلاَّ أَن يكون بَعيدا جدا. وَأما الصَّلَاة فِي الْكَنِيسَة والبيعة: فكرهها الْحسن الْبَصْرِيّ، وَفِي (مُصَنف ابْن أبي شيبَة) : إِن ابْن عَبَّاس كره الصَّلَاة فِي الْكَنِيسَة إِذا كَانَت فِيهَا تصاوير، وَلم ير الشّعبِيّ وَعَطَاء وَابْن أبي رَبَاح بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَة والبيعة بَأْسا وَكَذَلِكَ ابْن سِيرِين، وَصلى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْكَنِيسَة.وَأما الصَّلَاة إِلَى قبْلَة فِيهَا تماثيل:، فقد مر الْكَلَام فِيهَا. وَأما الصَّلَاة فِي دَار الْعَذَاب: فَلَمَّا رُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، وَقد ذكر عَن قريب. وَأما الصَّلَاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة: فَلَمَّا فِيهِ من اسْتِعْمَال حق الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فَيحرم وَتَصِح وَلَا ثَوَاب فِيهَا. وَأما الصَّلَاة إِلَى النَّائِم والمتحدث: فَلَمَّا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس النَّهْي فِي ذَلِك رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه. وَأما الصَّلَاة فِي بطن الْوَادي؛ فَهُوَ خوف السَّيْل السالب للخشوع، قَالَه الرَّافِعِيّ، وَإِن لم يتَوَقَّع ذَلِك. فَيجوز أَن يُقَال: لَا كَرَاهَة. وَأما الصَّلَاة فِي مَسْجِد الضرار: فَلقَوْله تَعَالَى: {{لَا تقم فِيهِ أبدا}} (التَّوْبَة: 801) وَقَالَ ابْن حزم: لَا تصح الصَّلَاة فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوضِع صَلَاة، وَقَالَ: لَا تجوز الصَّلَاة أَيْضا فِي مَسْجِد يستهزأ فِيهِ با أَو بِرَسُولِهِ، أَو بِشَيْء من الدّين، أَو فِي مَكَان يكفر فِيهِ بِشَيْء، فَإِن لم يُمكنهُ الزَّوَال وَلَا قدرَة صلى، وأجزأته صلَاته.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:425 ... ورقمه عند البغا:433]
    - حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدّثني مالِكٌ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ رَضِي اعنهما أنَّ رسولَ قَالَ لاَ تَدْخلُوا عَلى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إلاَّ أنْ تَكُونُوا باكِينَ فإِنْ لَمْ تكُونُوا باكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أصَابَهُمْ. (الحَدِيث 334 أَطْرَافه فِي: 0833، 1833، 9144، 0244، 2074) .هَذَا الحَدِيث مُطَابق لأثر عَليّ من حَيْثُ عدم النُّزُول من النَّبِي لما مر بِالْحجرِ ديار ثَمُود فِي حَال توجهه إِلَى تَبُوك، وَمن عَليّ كَذَلِك حَيْثُ لم ينزل لما أَتَى خسف بابُل، فأثر عَليّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، مُطَابق للتَّرْجَمَة للْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَكَذَلِك حَدِيث ابْن عمر مُطَابق للتَّرْجَمَة، لِأَن المطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء، وَعدم نزولهما فيهمَا مُسْتَلْزم لعدم الصَّلَاة فيهمَا، وَعدم الصَّلَاة لأجل الْكَرَاهَة وَالْبابُُ مَعْقُود لبَيَان الْكَرَاهَة، فحصلت الْمُطَابقَة فَافْهَم.ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة، ذكرُوا
    غير مرّة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ الْمَشْهُور بِابْن أويس.وَمن لطائف إِسْنَاده: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع، والعنعنة فِي مَوضِع، وَأَن رُوَاته كلهم مدنيون.وَأخرجه: البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكر، وَفِي التَّفْسِير عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن معن بن عِيسَى عَنهُ بِهِ.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبين) ، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة: يَعْنِي ديار هَؤُلَاءِ وهم أَصْحَاب الْحجر قوم ثَمُود وَهَؤُلَاء قوم صَالح، عَلَيْهِ السَّلَام، و: الْحجر، بِكَسْر الْحَاء وَسُكُون الْجِيم: بلد بَين الشَّام والحجاز، وَعَن قَتَادَة فِيمَا ذكره الطَّبَرِيّ: الْحجر اسْم الْوَادي الَّذِي كَانُوا بِهِ. وَعَن الزُّهْرِيّ: هُوَ اسْم مدينتهم، وَكَانَ نهي النَّبِي إيَّاهُم بقوله: (لَا تدْخلُوا) حِين مروا مَعَ النَّبِي بِالْحجرِ فِي حَال توجههم إِلَى تَبُوك، وللبخاري فِي (أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء) عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَا تدْخلُوا مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم) . وَقَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا قَالَ: (لَا تدْخلُوا) من جِهَة التشاؤم بِتِلْكَ الْبقْعَة الَّتِي نزل بهَا السخط، يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {{وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم}} (إِبْرَاهِيم: 54) فِي مقَام التوبيخ على السّكُون فِيهَا، وَقد تشاءم بالبقعة الَّتِي نَام فِيهَا عَن الصَّلَاة، ورحل عَنْهَا ثمَّ صلى، فكراهية الصَّلَاة فِي مَوضِع الْخَسْف، أولى، ثمَّ اسْتثْنى من ذَلِك قَوْله. (إلاَّ أَن تَكُونُوا بَاكِينَ) فأباح الدُّخُول فِيهِ على وَجه الْبكاء وَالِاعْتِبَار، وَهَذَا يدل على أَن من صلى هُنَاكَ لَا تفْسد صلَاته، مَوضِع بكاء وَاعْتِبَار.وَزَعَمت الظَّاهِرِيَّة: أَن من صلى فِي بِلَاد ثَمُود وَهُوَ غير باك فَعَلَيهِ سُجُود السَّهْو إِن كَانَ سَاهِيا، وَإِن تعمد ذَلِك بطلت صلَاته. قلت: هَذَا خلف من القَوْل إِذْ لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على فَسَاد صَلَاة من لم يبك، وَإِنَّمَا فِيهِ خوف نزُول الْعَذَاب بِهِ. وَقَالَ الْخطابِيّ: معنى هَذَا الحَدِيث أَن الدَّاخِل فِي ديار الْقَوْم الَّذين أهلكوا بخسف وَعَذَاب، إِذا دَخلهَا فَلم يجلب عَلَيْهِ مَا يرى من آثَار مَا نزل بهم بكاء، وَلم يبْعَث عَلَيْهِ حزنا إِمَّا شَفَقَة عَلَيْهِم وَإِمَّا خوفًا من حُلُول مثلهَا بِهِ، فَهُوَ قاسي الْقلب قَلِيل الْخُشُوع غير مستشعر للخوف والوجل، فَلَا يَأْمَن إِذا كَانَ حَاله كَذَلِك أَن يُصِيبهُ مَا أَصَابَهُم، وَهُوَ معنى قَوْله: (لَا يُصِيبكُم مَا أَصَابَهُم) . وَهُوَ بِالرَّفْع لِأَنَّهُ اسْتِئْنَاف كَلَام.وَقَالَ بَعضهم: وَالْمعْنَى فِيهِ: لِئَلَّا يصبيكم. قلت: الْجُمْلَة الاستئنافية لَا تكون تعليلاً. وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَيجوز الْجَزْم على أَن: لَا ناهية وَهُوَ أوجه. قلت: هَذَا مَبْنِيّ على صِحَة الرِّوَايَة بذلك. وَقَوله: وَهُوَ أوجه، غير موجه، لِأَنَّهُ لم يبين وَجهه، وَفِي لفظ البُخَارِيّ: (أَن يُصِيبكُم) ، بِفَتْح همزَة: أَن، وَفِيه إِضْمَار تَقْدِيره: حذر أَن يُصِيبكُم، أَو خشيَة أَن يُصِيبكُم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ يُصِيب عَذَاب الظَّالِمين لغَيرهم، {{وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}} (الْأَنْعَام: 461، الْإِسْرَاء: 51 فاطر: 81، الزمر: 7، النَّجْم: 83) قلت: لَا نسلم الْإِصَابَة إِلَى غير الظَّالِم. قَالَ تَعَالَى: {{وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة}} (الْأَنْفَال: 52) وَأما الْآيَة الأولى فمحمولة على عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ لَا نسلم أَن الَّذِي يدْخل موضعهم وَلَا يتَضَرَّع لَيْسَ بظالم، لِأَن ترك التضرع فِيمَا يجب فِيهِ التضرع ظلم.ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: فِيهِ: دلَالَة على أَن ديار هَؤُلَاءِ لَا تسكن بعدهمْ وَلَا تتَّخذ وطناً لِأَن الْمُقِيم المستوطن لَا يُمكنهُ أَن يكون دهره باكياً أبدا، وَقد نهى أَن يدْخل دروهم إلاَّ بِهَذِهِ الصّفة. وَفِيه: الْمَنْع من الْمقَام بهَا والاستيطان. وَفِيه: الْإِسْرَاع عَن الْمُرُور بديار الْمُعَذَّبين، كَمَا فعل رَسُول الله فِي وَادي محسر، لِأَن أَصْحَاب الْفِيل هَلَكُوا هُنَاكَ. وَفِيه: أَمرهم بالبكاء لِأَنَّهُ ينشأ عَن التفكر فِي مثل ذَلِك، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: التفكر الَّذِي ينشأ عَنهُ الْبكاء فِي مثل ذَلِك الْمقَام يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: تفكر يتَعَلَّق با تَعَالَى إِذْ قضى على أُولَئِكَ بالْكفْر. الثَّانِي: يتَعَلَّق بأولئك الْقَوْم إِذا بارزوا رَبهم الْكفْر وَالْفساد. الثَّالِث: يتَعَلَّق بالمار عَلَيْهِم لِأَنَّهُ وفْق للْإيمَان وَتمكن من الِاسْتِدْرَاك والمسامحة فِي الزلل. وَفِيه: الدّلَالَة على كَرَاهَة الصَّلَاة فِي مَوضِع الْخَسْف وَالْعَذَاب، وَالْبابُُ مَعْقُود عَلَيْهِ.

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رضى الله عنهما ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ‏ "‏ لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ‏"‏‏.‏

    Narrated `Abdullah bin `Umar:Allah's Messenger (ﷺ) said, "Do not enter (the places) of these people where Allah's punishment had fallen unless you do so weeping. If you do not weep, do not enter (the places of these people) because Allah's curse and punishment which fell upon them may fall upon you

    Telah menceritakan kepada kami [Isma'il bin 'Abdullah] berkata, telah menceritakan kepadaku [Malik] dari ['Abdullah bin Dinar] dari ['Abdullah bin 'Umar] bahwa Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Janganlah kalian memasuki tempat yang penghuninya disiksa kecuali kalian menangis, jika tidak bisa menangis maka janganlah kalian memasukinya agar kalian tidak mendapat mushibah sebagaimana mereka mendapatkannya

    Abdullah İbn Ömer Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in şöyle buyurduğunu nakletmiştir: Azaba uğramış kavimlerin yurdundan ancak ağlayarak geçiniz! Eğer ağlamıyorsanız oradan geçmeyin ki, onların başına gelenler sizin de başınıza gelmesin. Tekrar:

    ہم سے اسماعیل بن عبداللہ نے بیان کیا، انہوں نے کہا کہ مجھ سے امام مالک رحمہ اللہ نے بیان کیا، انہوں نے عبداللہ بن دینار کے واسطہ سے بیان کیا، انہوں نے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما سے کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا، ان عذاب والوں کے آثار سے اگر تمہارا گزر ہو تو روتے ہوئے گزرو، اگر تم اس موقع پر رو نہ سکو تو ان سے گزرو ہی نہیں۔ ایسا نہ ہو کہ تم پر بھی ان کا سا عذاب آ جائے۔

    وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَرِهَ الصَّلاَةَ بِخَسْفِ بَابِلَ উল্লেখ রয়েছে যে, ‘আলী (রাযি.) ব্যাবিলনের ধ্বংসস্তূপে সালাত আদায় করা মাকরূহ মনে করতেন। ৪৩৩. ‘আবদুল্লাহ ইবনু ‘উমার (রাযি.) হতে বর্ণিত যে, আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেনঃ তোমরা এসব ‘আযাবপ্রাপ্ত সম্প্রদায়ের লোকালয়ে ক্রন্দনরত অবস্থা ব্যতীত প্রবেশ করবে না। কান্না না আসলে সেখানে প্রবেশ করো না, যেন তাদের উপর যা আপতিত হয়েছিল তা তোমাদের প্রতিও আসতে না পারে। (৩৩৮০, ৩৩৮১, ৪৪১৯, ৪৪২০, ৪৭০২; মুসলিম ৫৩/১ হাঃ ২৯৮, আহমাদ ৫২৫) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৪১৫, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அப்துல்லாஹ் பின் உமர் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் (‘ஹிஜ்ர்’வாசிகளைக் குறித்து), “இவர்களைத் தீண்டியதைப் போன்ற அதே வேதனை நம்மையும் தீண்டிவிடுமோ என்று (அஞ்சி) அழுதபடியே தவிர, வேதனை செய்யப்பட்ட இந்த மக்களின் (வசிப்பிடங்கள்) வழியாகச் செல்லாதீர்கள். உங்களால் அழ முடியாவிட்டால் அந்த இடத்திற்கே செல்லாதீர்கள்” என்று (ஹிஜ்ர் பிரதேசத்தைக் கடந்து சென்றபோது எங்களிடம்) கூறினார்கள்.41 அத்தியாயம் :