• 193
  • حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ ، فَسَأَلَ فَقَالَ : تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ

    عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِمَكَانِ ابْنَتِهِ ، فَسَأَلَ فَقَالَ : " تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ "

    مذاء: المذاء : الذي ينزل المذي بكثرة وهو ماء رقيق يخرج من مجرى البول دون إرادة عند الملاعبة والتقبيل
    تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ *
    لا توجد بيانات

    [269] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ السُّلَمِيُّ قَوْلُهُ مَذَّاءٌ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْمَذْيِ يُقَالُ مَذَى يَمْذِي مِثْلُ مَضَى يَمْضِي ثُلَاثِيًّا وَيُقَالُ أَيْضًا أَمْذَى يُمْذِي بِوَزْنِ أَعْطَى يُعْطِي رُبَاعِيًّا قَوْلُهُ فَأَمَرْتُ رَجُلًا هُوَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَزَادَ فِيهِ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ قَوْلُهُ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ بن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَجْلِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلُهُ تَوَضَّأْ هَذَا الْأَمْرُ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمِقْدَادَ سَأَلَ لِنَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ لِمُبْهَمٍ أَوْ لِعَلِيٍّ فَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِطَابَ إِلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ حَاضِرَ السُّؤَالِ فَقَدْ أَطْبَقَ أَصْحَابُ الْمَسَانِيدِ وَالْأَطْرَافِ عَلَى إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ وَلَوْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ لَأَوْرَدُوهُ فِي مُسْنَدِ الْمِقْدَادِ وَيُؤَيِّدهُ مَافِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي سَلْهُ فَسَأَلَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ بِلَفْظِ الْغَائِبِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُ الْمِقْدَادِ وَقَعَ عَلَى الْإِبْهَامِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَفِي مُسْلِمٍ أَيْضًا فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَذْيِ يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ وَفِي الْمُوَطَّأِ نَحْوُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وبن خُزَيْمَةَ ذِكْرُ سَبَبِ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ مِنْهُ فِي الشِّتَاءِ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تفعل وَلأبي دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ أَمَرْتُ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ سَأَلت وَجمع بن حِبَّانَ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ ثُمَّ أَمَرَ الْمِقْدَادَ بِذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ جَمْعٌ جَيِّدٌ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى آخِرِهِ لِكَوْنِهِ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ استحيى عَن السُّؤَالِ بِنَفْسِهِ لِأَجْلِ فَاطِمَةَ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ بِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَطْلَقَ أَنَّهُ سَأَلَ لِكَوْنِهِ الْآمِرَ بِذَلِكَ وَبِهَذَا جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيُّ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ أَمَرَ كُلًّا مِنَ الْمِقْدَادِ وَعمَّارًا بِالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ تَذَاكَرَ عَلِيٌّ وَالْمِقْدَادُ وَعَمَّارٌ الْمَذْيَ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّنِي رَجُلٌ مَذَّاءٌ فَاسْأَلَا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ وَصَحَّحَ بن بَشْكُوَالَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْمِقْدَادُ وَعَلَى هَذَا فَنِسْبَةُ عَمَّارٍ إِلَى أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ قَصَدَهُ لَكِنْ تَوَلَّى الْمِقْدَادُ الْخِطَابَ دُونَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأْ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ وَعَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ كَالْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنَ الْبَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَذْيِ فَقَالَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَفِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ حُكْمَ الْمَذْيِ حُكْمُ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ لَا أَنَّهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ بِمُجَرَّدِهِ قَوْلُهُ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ تَقْدِيمُ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِهِ وَوَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَى الْبُخَارِيِّ بِالْعَكْسِ لَكِنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهِيَ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ غَسْلِهِ عَلَى الْوُضُوءِ وَهُوَ أَوْلَى وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِهِ لَكِنْ مَنْ يَقُولُ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِك بِحَائِل وَاسْتدلَّ بِهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَاءِ فِيهِ دُونَ الْأَحْجَارِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يُعَيِّنُ الْغَسْلَ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَقَعُ الِامْتِثَالُ إِلَّا بِهِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَصَحَّحَ فِي بَاقِي كتبه جَوَاز الِاقْتِصَار الحاقا لَهُ بالبول وَحَمْلًا لِلْأَمْرِ بِغَسْلِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَهَذَا الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى إِيجَابِ اسْتِيعَابِهِ بِالْغَسْلِ عَمَلًا بِالْحَقِيقَةِ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ نَظَرُوا إِلَى الْمَعْنَى فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِغَسْلِهِ إِنَّمَا هُوَ خُرُوجُ الْخَارِجِ فَلَا تَجِبُ الْمُجَاوَزَةُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةِ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْهُ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْمَذْيِ وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَليَتَوَضَّأ فَإِن النَّقْض لايتوقف عَلَى مَسِّ جَمِيعِهِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ غَسْلِ جَمِيعِهِ هَلْ هُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فَعَلَى الثَّانِي تَجِبُالنِّيَّةُ فِيهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ بِغَسْلِهِ لِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ بَلْ لِيَتَقَلَّصَ فَيَبْطُلَ خُرُوجُهُ كَمَا فِي الضَّرْعِ إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يَتَفَرَّقُ لَبَنُهُ إِلَى دَاخِلِ الضَّرْعِ فَيَنْقَطِعُ بِخُرُوجِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى نَجَاسَةِ الْمَذْيِ وَهُوَ ظَاهر وَخرج بن عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إِنَّ الْمَذْيَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنِيِّ رِوَايَةً بِطَهَارَتِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَنِيًّا لَوَجَبَ الْغُسْلُ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ بِهِ سَلَسُ الْمَذْيِ لِلْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مَعَ الْوَصْفِ بِصِيغَةِ الْمُبَالغَة الدَّالَّة على الْكَثْرَة وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ هُنَا نَاشِئَةٌ عَنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ مَعَ صِحَّةِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ صَاحِبِ السَّلَسِ فَإِنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ عِلَّةٍ فِي الْجَسَدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَ الشَّارِعُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ فَدَلَّ عَلَى عُمُومِ الْحُكْمِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَعَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْخَبَرِ الْمَظْنُونِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَفِيهِمَا نَظَرٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ بِحَضْرَةِ عَلِيٍّ ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ فِي غَيْبَتِهِ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى الْمُدَّعَى لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْقَرَائِنِ الَّتِي تَحُفُّ الْخَبَرَ فَتُرَقِّيهِ عَنِ الظَّنِّ إِلَى الْقَطْعِ قَالَه القَاضِي عِيَاض وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْمُرَادُ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ كَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ أَنَّهُ صُورَةٌ مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي تَدُلُّ وَهِيَ كَثِيرَةٌ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِجُمْلَتِهَا لَا بِفَرْدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الِاسْتِفْتَاءِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ دَعْوَى الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ حُرْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرِهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْأَدَب فِي ترك المواجهة بِمَا يستحيي مِنْهُ عُرْفًا وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الْأَصْهَارِ وَتَرْكُ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِجِمَاعِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ بِحَضْرَةِ أَقَارِبِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ فِي الْعِلْمِ لِمَنِ اسْتَحْيَى فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ اسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ التَّفْرِيط فِي معرفَة الحكم (قَوْلُهُ بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ قَبْلَ بَابٍ وَمَوْضِعُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ قَوْلَهَا طَافَ فِي نِسَائِهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ وَمِنْ لَازِمِهِ الِاغْتِسَالُ وَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا طَيَّبَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَصْبَحَ مُحْرِمًا وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا وُقُوعُ رَدِّ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى بَعْضٍ بِالدَّلِيلِ وَاطِّلَاعُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ وَخِدْمَةُ الزَّوْجَاتِ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَالتَّطَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَسَيَأْتِي فِي الْحَجِّ وَقَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ اتِّخَاذُ الطِّيبِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

    [269] حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ رَجُلاً أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لِمَكَانِ ابْنَتِهِ- فَسَأَلَ، فَقَالَ: «تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ». وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام الطيالسي (قال: حدّثنا زائدة) بن قدامة بضم أوّله وتخفيف ثانية المهمل الثقفي الكوفي، المتوفى سنة ستين ومائة (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الكوفي التابعي (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب ربيعة بفتح الموحدة وتشديد التحتية السلمي بضم السين وفتح اللام مقرئ الكوفة أحد أعلام التابعين، المتوفى سنة خمس ومائة وصام ثمانين رمضان، (عن علي) هو ابن أبي طالب رضي الله عنه (قال: كنت رجلاً مذاء) صفة لرجل، ولو قال كنت مذاء صحّ إلا أن ذكر الموصوف مع صفته يكون لتعظيمه نحو: رأيت رجلاً صالحًا، أو لتحقيقه نحو: رأيت رجلاً فاسقًا، ولما كان المذي يغلب على الأقوياء الأصحاء حسن ذكر الرجولية معه لأنه يدل على معناها، وراعى في مذاء الثاني وهو كسر الذال. قال ابن فرحون: وهو خلاف الأشهر عندهم لأن كان تدخل على المبتدأ والخبر فرجلاً خبر وضمير المتكلم هو المبتدأ في المعنى، فلو راعاه لقال: كنت رجلاً أمذى، ومثل هذا قوله تعالى: {{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ}} [البقرة: 186] فراعى الضمير في إني، ولو راعى قريب لقال يجيب. قال أبو حيان: ومن اعتبار الأوّل قوله: {{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون}} [النمل: 47] {{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون}} [النمل: 55] ومن اعتبار الثاني قوله: أنا رجل يأمر بالمعروف وأنت امرؤ يأمر بالخير اهـ. وزاد أحمد: فإذا أمذيت اغتسلت ولأبي داود: فجعلت أغتسل حتى يتشقق ظهري، وزاد في الرواية السابقة في باب الوضوء من المخرجين من وجه آخر فأحببت أن أسأل. (فأمرت رجلاً) هو المقداد بن الأسود كما فى الحديث السابق (يسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمكان ابنته) فاطمة بسبب كونها تحته (فسأل) وللحموي والسرخسي فسأله بالهاء، وعند الطحاوي من حديث رافع بن خديج أن عليًّا أمر عمارًا أن يسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المذي. قال: يغسل مذاكيره أي ذكره، وعنده أيضًا عن علي قال: كنت مذاء وكنت إذا أمذيت اغتسلت فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو عند الترمذي عنه بلفظ: سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المذي، وجمع ابن حبان بينهما بأن عليًّا سأل عمارًا ثم أمر المقداد بذلك ثم سأل بنفسه، لكن صحح ابن بشكوال أن الذي سأل هو المقداد، وعورض بأنه يحتاج إلى برهان، وقد دل ما ذكر في الأحاديث السابقة أن كلاًّ منهما قد سأل، وأن عليًّا كذلك سأل، لكن يعكر عليه أنه استحيا أن يسأل بنفسه لأجل فاطمة فيتعين الحمل على المجاز بأن الراوي أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك. (فقال) عليه الصلاة والسلام: (توضأ واغسل ذكرك) أي ما أصابه من الذي كالبول، ويؤيده ما في رواية أغسله أي المذي، وكذلك رواية فرجه، والفرج: المخرج، وهذا مذهب الشافعي والجمهور. وأخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: إذا أمذى الرجل غسل الحشفة وتوضأ وضوءه للصلاة، واحتجوا لذلك بأن الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، وفي رواية عن مالك وأحمد يغسل ذكره كله لظاهر الإطلاق في قوله: اغسل ذكرك، وهل غسله كله معقول المعنى أو للتعبد؟ وأبدى الطحاوي له حكمة وهي: أنه إذا غسل الذكر كله تقلص فبطل خروج المذي كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرّق اللبن إلى داخل الضرع فينقطع خروجه، وعلى القول بأنه للتعبد تجب النيّة. واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها لأن ظاهره تعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به، وصححه النووي في شرح مسلم وصحح في غيره جواز الاقتصار علىالأحجار إلحاقًا بالبول، وحمل الأمر بغسله على الاستحباب، أو أنه خرج مخرج الغالب، والفعلان بالجزم على الأمر وهو يشعر بأن المقداد سأل لنفسه، ويحتمل أن يكون سأل لمبهم، ويقوّيه رواية مسلم فسأل عن المذي يخرج من الإنسان أو لعليّ، فوجه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخطاب إليه، والظاهر أن عليًّا كان حاضرًا للسؤال فقد أطبق أصحاب الأطراف والمسانيد على إيراد هذا الحديث في مسند عليّ، ولو حملوه على أنه لم يحضره لأوردوه في مسند المقداد. ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون ما عدا أبا الوليد فبصري، وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي، وأخرجه المؤلف في العلم والطهارة ومسلم فيها والنسائي فيها وفي العلم أيضًا. 14 - باب مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ، وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ (باب من تطيب) قبل الاغتسال من الجنابة (ثم اغتسل) منها (وبقي أثر الطيب) في جسده وقد كانوا يتطيبون عند الجماع للنشاط.

    [269] حدّثنا أبُو الوَلِيدِ قالَ حدّثنا زَائِدَةُ عَنْ أبي حَصِينٍ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمنِ عَنْ عَليّالْبَوْل عِنْد جَمِيعهم أَيْضا إلاَّ أَن طَائِفَة توجب الْوضُوء على من كَانَت هَذِه حَاله لكل صَلَاة، قِيَاسا على الْمُسْتَحَاضَة عِنْدهم، وَطَائِفَة تستحبه وَلَا توجبه. وَأما الْمَذْي الْمَعْهُود الْمُتَعَارف، وَهُوَ الْخَارِج عِنْد ملاعبة الرجل أَهله لما يجْرِي من اللَّذَّة، أَو لطول عزبة، فعلى هَذَا الْمَعْنى خرج السُّؤَال فِي حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَلِيهِ يَقع الْجَواب، وَهُوَ مَوضِع إِجْمَاع لَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي إِيجَاب الْوضُوء مِنْهُ، وَإِيجَاب غسله لنجاسته انْتهى. وَقَالَ ابْن حزم فِي (الْمحلي) الْمَذْي تَطْهِيره بِالْمَاءِ يغسل مخرجه من الذّكر وينضح بِالْمَاءِ مَا مَسّه من الثَّوْب انْتهى قلت: قَالَ الطَّحَاوِيّ: لم يكن أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِغسْل ذكره لإِيجَاب غسله كُله، وَلكنه ليتقلص، أَي: لينزوي وينضم، وَلَا يخرج، كَمَا إِذا كَانَ لَهُ هدى وَله لين فَإِنَّهُ ينضح ضرعه بِالْمَاءِ ليتقلص ذَلِك فِيهِ فَلَا يخرج. قلت: من خاصية المَاء الْبَارِد أَن يقطع اللين وَيَردهُ إِلَى دَاخل الضَّرع، وَكَذَلِكَ إِذا أصَاب الْأُنْثَيَيْنِ رد الْمَذْي وكسره. ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقد جَاءَت الْآثَار متواترة فِي ذَلِك، فروى مِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عَليّ، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَعَن غير ابْن عَبَّاس عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ قَالَ: فَلَا ترى أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لما ذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أوجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك ذكر وضوء الصَّلَاة فَثَبت بذلك أَن مَا كَانَ سوى وضوء الصَّلَاة مِمَّا أمره بِهِ فَإِنَّمَا كَانَ لغير الْمَعْنى الَّذِي أوجب وضوء الصَّلَاة، ثمَّ قَالَ: وَقد روى سهل بن حنيف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد دلّ على هَذَا أَيْضا حَدثنَا نصر بن مَرْزُوق وَسليمَان بن شُعَيْب قَالَا: حَدثنَا يحيى بن حسان. قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن سعيد بن عبيد السباق عَن أَبِيه عَن سهل بن حنيف (أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَذْي، فَقَالَ: فِيهِ الْوضُوء) وَقَالَ أَبُو جَعْفَر: فَأخْبر أَن مَا يجب فِيهِ هُوَ الْوضُوء، وَذَلِكَ يَنْفِي أَن يكون عَلَيْهِ مَعَ الْوضُوء غَيره وَأخرج التِّرْمِذِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق إِلَخ وَلَفظه (كنت ألْقى من الْمَذْي شدَّة وعناء، فَكنت أَكثر مِنْهُ الْغسْل فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَأَلته عَنهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا يجْزِيك من ذَلِك الْوضُوء قلت: يَا رَسُول الله! كَيفَ بِمَا يُصِيب ثوبي مِنْهُ؟ قَالَ: يَكْفِيك أَن تَأْخُذ كفا من مَاء فتنضح بِهِ ثَوْبك حَيْثُ ترى أَنه أصَاب مِنْهُ) ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. (وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا بِنَحْوِهِ) فَإِن قلت: رُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: (إِذا وجدت المَاء فاغسل فرجك وانثييك وَتَوَضَّأ وضوءك للصَّلَاة، قَالَه لِسُلَيْمَان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ، وَكَانَ قد تزوج امْرَأَة من بني عقيل، فَكَانَ يَأْتِيهَا فيلاعبها فيمذي، فَسَأَلَ ذَلِك عَنهُ) قلت: يحْتَمل جَوَاب ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ من حَدِيث رَافع بن خديج، ثمَّ شيد الطَّحَاوِيّ مَا ذهب إِلَيْهِ أَصْحَابنَا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هُوَ الْمَنِيّ والمذي والودي فَأَما الْمَذْي والودي فَإِنَّهُ يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وَأما الْمَنِيّ فَفِيهِ الْغسْل. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من طَرِيقين حسنين جَيِّدين وَأخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا نَحوه وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن أَنه، يغسل فرجه وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِذا أمذى الرجل غسل الْحَشَفَة وَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وَأخرجه ابْن أبي شيبَة أَيْضا نَحوه ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف، ثمَّ اعْلَم أَن ابْن دَقِيق الْعِيد اسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور على تعين المَاء فِيهِ دون الْأَحْجَار وَنَحْوهَا، أخذا بِالظَّاهِرِ، وَوَافَقَهُ النَّوَوِيّ على ذَلِك فِي (شرح مُسلم) وَخَالفهُ فِي بَاقِي كتبه، وَحمل الْأَمر بِالْغسْلِ على الِاسْتِحْبَاب. وَمن أَحْكَام هَذَا الحَدِيث دلَالَته على نَجَاسَة الْمَذْي وَهُوَ ظَاهر، وَنقل عَن ابْن عقيل الْحَنْبَلِيّ أَنه خرج من قَول بَعضهم: أَن الْمَذْي من أَجزَاء الْمَنِيّ رِوَايَة بِطَهَارَتِهِ ورد عَلَيْهِ أَنه لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ الْغسْل مِنْهُ. 14 - (بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من تطيب قبل الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة وَبَقِي أثر التَّطَيُّب فِي جسده، وَكَانُوا يتطيبون عِنْد الْجِمَاع لأجل النشاط وَقَالَ ابْن بطال: السّنة اتِّخَاذ الطّيب للرِّجَال وَالنِّسَاء عِنْد الْجِمَاع. والمناسبة بَين الْحَدِيثين من حَيْثُ إِن فِي الْبَاب السَّابِق يحصل الطّيب فِي الخاطر عِنْد غسل الْمَذْي، وَهَاهُنَا يحصل الطّيب فِي الْبدن والنشاط فِي الخاطر عَم التَّطَيُّب عِنْد الْجِمَاع.

    [269] حدثنا أبو الوليد: ثنا زائدة، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمان، عن علي، قالَ: كنت رجلاً مذاء، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمكان ابنته -، فسأله فقالَ: ((توضأ، واغسل ذكرك)) . وقد خرجه البخاري - فيما سبق - في آخر ((العلم)) - مختصراً -، من حديث محمد ابن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في باب: من استحي، فأمر غيره أن يسأل)) . وقد استنبط البخاري منه - ها هنا - حكمين: أحدهما: غسل المذي؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اغسل ذكرك)) . وقد اختلف العلماء في معنى الأمر بغسل الذكر من المذي: هل المراد غسل ما أصاب الذكر منه كالبول، أو غسل جميع الذكر؟ وفيه: قولان، وهما روايتان عن مالك والإمام أحمد. وحكي عنه رواية ثالثة، بوجوب غسل الذكر كله مع الأنثيين. وقد روي في حديث علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: ((يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ)) ، من وجوه قد تكلم فيها. واختار هذه الرواية أبو بكر عبدالعزيز بن جعفر من أصحابنا، وذكر أن الحديث صح بذلك. ولو استجمر منه بحجر أجزأه كالبول -: ذكره اصحابنا. وهذا - على قولنا: يجب غسل ما أصحاب الذكر منه - ظاهر. فأما إن قلنا يجب غسل الذكر جميعه، أو الذكر مع الأنثيين، فلا ينبغي أن يجزىء منه الاستجمار. وعنده الشافعية: أن المذي: هل يجزيء فيهِ الاستجمار؟ فيهِ قولان: بناء على أن الخارج النادر: هل يجزيء الاستجمار كالمعتاد؟ ، على قولين للشافعي، أصحهما: الجواز. لكنهم لا يوجبون زيادة على غسل ما أصاب الذكر منه، وهو قول أبي حنيفة وغيره. وقال سعيد بن جبير - في المذي -: يغسل الحشفة منه ثلاثاً. فأما إن أصاب المذي غير الفرج من البدن أو الثوب، فالجمهور على أنه نجس يجب غسله كالبول. وعن أحمد رواية: أنه يعفى عن يسيره كالدم. وعنه رواية ثالثة: أن نجاسته مخففة، يجزىء نضحه بالماء، كبول الغلام الذي لم يأكل الطعام؛ لعموم البلوى به، ومشقة الاحتراز منه. وفيه حديث، من رواية سهل بن حنيف، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه سئل عما أصاب الثوب من المذي؟ قالَ: ((تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابك)) . خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي. وقال: حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث ابن إسحاق. وقال الإمام أحمد - في رواية الأثرم -: لا اعلم شيئاً يخالفه. ونقل عنهغيره، أنه قالَ: لم يروه إلا ابن إسحاق، وأنا أتيهيبه. وقال - مرة -: إن كانَ ثابتاً أجزأه النضح. وعن أحمد رواية: أن المذي طاهر كالمني. وهي اختيار أبي حفص البرمكي من أصحابنا، أوجب مع ذَلِكَ نضحه تعبداً. ومن الأصحاب من قالَ: إذا قلنا بطهارته، لم يجب غسل ما أصاب الثوب منه. وهل يجب الاستنجاء منه؟ على وجهين، كالمني. وهذا بعيد، وهو مخالف للأمر بغسله. والحكم الثاني: وجوب الوضوء منه. وقد أجمع العلماء على أن المذي يوجب الوضوء، ما لم يكن سلساً دائماً؛ فإنه يصير حينئذ كسلس البول، ودم الاستحاضة. ومالك لا يوجب الوضوء منه حينئذ. وخالفه جمهور العلماء. وأما إذا خرج على الوجه المعتاد، فإنه يوجب الوضوء باتفاقهم، لا يوجب الغسل - أيضاً - بالاتفاق. وقد حكي عن ابن عمر فيهِ اختلاف. والصحيح عنه، كقول جمهور العلماء، أنه يكفي منه الوضوء. وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قالَ - في المذي -: ((توضأ، وانضح فرجك)) . خرجه مسلم وغيره. فمن العلماء من حمل نضح الفرج على غسله، بما في اللفظ الآخر: ((توضأ واغسل ذكرك)) . ومنهم من حمله على نضح الفرج بعد الضوء منه؛ لتفتير الشهوة، ودفع الوسواس. وقد ورد في رواية التصريح بهذا المعنى، لكن في إسناده ضعف. وعلى هذا؛ فالأمر بالنضح محمول على الاستحباب.14 - بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَ اغْتَسَلَ وبَقَي أثَرُ الطَّيبِ خرج فيهِ حديثين: أحدهما:

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلاً أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ ‏ "‏ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ‏"‏‏.‏

    Narrated `Ali:I used to get emotional urethral discharge frequently. Being the son-in-law of the Prophet (ﷺ) I requested a man to ask him about it. So the man asked the Prophet (ﷺ) about it. The Prophet (ﷺ) replied, "Perform ablution after washing your organ (penis)

    Telah menceritakan kepada kami [Abu Al Walid] berkata, telah menceritakan kepada kami [Za'idah] dari [Abi Hushain] dari [Abu 'Abdurrahman] dari ['Ali] berkata,: "Dulu aku adalah seorang yang sering mengeluarkan madzi. Maka aku minta seseorang untuk bertanya kepada Nabi shallallahu 'alaihi wasallam. karena kedudukan putri Beliau shallallahu 'alaihi wasallam. Maka orang itu bertanya, lalu Jawab Nabi shallallahu 'alaihi wasallam.: "Baginya wudlu' dan mencuci kemaluannya

    Ali r.a.'den şöyle nakledilmiştir: "Ben, mezisi çok gelen biriydim, Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'e karşı konumumdan dolayı, birini ona gidip bu hususu sorması İçin görevlendirdim. O kişi, bu meseleyi Nebi s.a.v.'e sorunca şöyle buyurdu: Abdest al ve cinsel organını yıka

    ہم سے ابوالولید نے بیان کیا، کہا ہم سے زائدہ نے ابوحصین کے واسطہ سے، انہوں نے ابوعبدالرحمٰن سے، انہوں نے علی رضی اللہ عنہ سے، آپ نے فرمایا کہ مجھے مذی بکثرت آتی تھی، چونکہ میرے گھر میں نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی صاحبزادی ( فاطمۃالزہراء رضی اللہ عنہا ) تھیں۔ اس لیے میں نے ایک شخص ( مقداد بن اسود اپنے شاگرد ) سے کہا کہ وہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے اس کے متعلق مسئلہ معلوم کریں انہوں نے پوچھا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ وضو کر اور شرمگاہ کو دھو ( یہی کافی ہے ) ۔

    ‘আলী (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ আমার অধিক মযী বের হতো। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর কন্যা আমার স্ত্রী হবার কারণে আমি একজনকে নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর নিকট এ বিষয়ে জিজ্ঞেস করার জন্য পাঠালাম। তিনি প্রশ্ন করলে নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ উযূ কর এবং লজ্জাস্থান ধুয়ে ফেল। (১৩২) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ২৬২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அலீ (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: பாலுணர்வு கிளர்ச்சி நீர் (‘மதீ’) அதிகமாக வெளியேறும் ஆடவனாக நான் இருந்தேன். நபி (ஸல்) அவர்களின் புதல்வி (ஃபாத்திமா என் மனைவியாக) இருந்ததால், நபி (ஸல்) அவர்களிடம் இதைப் பற்றிக் கேட்குமாறு (வேறு) ஒருவரை நான் பணித்தேன். அவர் (அது குறித்துக்) கேட்டபோது, “(அவ்வாறு பாலுணர்வு கிளர்ச்சி நீர் வெளியேறினால்) அங்கத் தூய்மை செய்துகொள்வீராக! (குளிக்க வேண்டியதில்லை. ஆனால்,) பிறவி உறுப்பைக் கழுவிக்கொள்வீராக” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள். அத்தியாயம் :