• 1198
  • عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلاَبِ ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ الأَيْسَرِ ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ "

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ حَنْظَلَةَ ، عَنِ القَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلاَبِ ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ الأَيْسَرِ ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ

    الجنابة: الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم، وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
    الحلاب: الحلاب : إناء يسع قدر حلب ناقة
    بشق: الشق : الجانب
    فقال: فقال : صب ، وهذا من إطلاق القول على الفعل
    إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ ، دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلاَبِ ،

    [258] قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ أَيْ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ أَيْ فَطَيَّبَهُ إِلَخْ وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الحَدِيث صفة التَّطَيُّب لَا الِاغْتِسَالِ وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ بِالنِّسْبَةِ لِظَاهِرِ لَفْظِ الرِّوَايَةِ الَّتِي سَاقَهَا الْبُخَارِيُّ لَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَ طُرُقَ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَرَفَ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّطَيُّبِ فَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ يَغْتَسِلُ بِقَدَحٍ بَدَلَ قَوْلِهِ بِحِلَابٍ وَزَادَ فِيهِ كَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ الْحَدِيثَ وَلِلْجَوْزَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَمْدَانَ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ اغْتَسَلَ فَأُتِيَ بِحِلَابٍ فَغَسَلَ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ الْحَدِيثَ فَقَوْلُهُ اغْتَسَلَ وَيَغْسِلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَاءُ الْمَاءِ لَا إِنَاءُ الطِّيبِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ بُنْدَارٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ دُونَ الْحِلَابِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ مَاءً فَأَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ فَلَوْلَا قَوْلُهُ مَاءٌ لَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى التَّطَيُّبِ قَبْلَ الْغُسْلِ لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بِلَفْظِكَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ حِلَابٍ فَيَأْخُذُ غُرْفَةً بِكَفَّيْهِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ يَغْتَسِلُ وَقَوْلُهُ غُرْفَةٌ أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَاءُ الْمَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ وَالتَّطَيُّبِ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالصَّبِّ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْعِدُ تَأْوِيلَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى التَّطَيُّبِ وَرَأَيْتَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَا أَحْفَظُهُ الْآنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطِّيبِ فِي التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ وَالْغُسْلُ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَكَأَنَّ الطِّيبَ حَصَلَ عِنْدَ الْغُسْلِ فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ هُنَا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَمِرًّا مِنْ عَادَتِهِ انْتَهَى وَيُقَوِّيهِ تَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبْعَةِ أَبْوَابٍ بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَهَا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ لَمَعَانِهِ فِي مَفْرِقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَهُ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا فَاسْتُنْبِطَ الِاغْتِسَالُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ مِنْ قَوْلِهَا ثُمَّ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ وَمِنْ لَازِمِهِ الِاغْتِسَالُ فَعُرِفَ أَنَّهُ اغْتَسَلَ بَعْدَ أَنْ تَطَيَّبَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ بَعْدَ الْغُسْلِ لِكَثْرَتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الطِّيبَ وَيُكْثِرُ مِنْهُ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ هُنَا مَنْ بَدَأَ بِالْحِلَابِ أَيْ بِإِنَاءِ الْمَاءِ الَّذِي لِلْغُسْلِ فَاسْتَدْعَى بِهِ لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَوْ مَنْ بَدَأَ بِالطِّيبِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْغُسْلِ فَالتَّرْجَمَةُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَدَلَّ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى مُدَاوَمَتِهِ عَلَى الْبَدَاءَةِ بِالْغُسْلِ وَأَمَّا التَّطَيُّبُ بَعْدَهُ فَمَعْرُوفٌ مِنْ شَأْنِهِ وَأَمَّا الْبَدَاءَةُ بِالطِّيبِ قَبْلَ الْغُسْلِ فَبِالْإِشَارَةِ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ عِنْدِي وَأَلْيَقُهَا بِتَصَرُّفَاتِ الْبُخَارِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَيُّ مَعْنًى لِلطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ مُعْتَرَضٌ وَكَذَا قَوْلُ بن الْأَثِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ مُؤَاخَذَاتٌ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهَا لِظُهُورِهَا وَاللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ تَكْمِيلٌ أَبُو عَاصِمٍ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ النَّبِيلُ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَكِنَّهُ نَزَلَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَأَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَينه وَاسِطَة وحَنْظَلَة هُوَ بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي وَالقَاسِم هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُهُ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ أَيْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَقَوْلُهُ دَعَا أَيْ طَلَبَ وَقَوْلُهُ نَحْوَ الْحِلَابِ أَيْ إِنَاءٍ قَرِيبٍ مِنَ الْإِنَاءِ الَّذِي يُسَمَّى الْحِلَابَ وَقَدْ وَصَفَهُ أَبُو عَاصِمٍ بِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ شِبْرٍ فِي شِبْرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَأَشَارَ أَبُو عَاصِمٍ بِكَفَّيْهِ فَكَأَنَّهُ حَلَّقَ بِشِبْرَيْهِ يَصِفُ بِهِ دَوْرَهُ الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ كَقَدْرِ كُوزٍ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَاد بعد قَوْله الْأَيْسَر ثمَّ أَخذ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ إِلَى الْغُرْفَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ وَقَوْلُهُ بِكَفِّهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِكَفَّيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ كُلُّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ وَسْطٌ بِالسُّكُونِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْبَدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ فِي التَّطَهُّرِ وَبِذَلِكَ ترْجم عَلَيْهِ بن خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ الِاجْتِزَاءُ بِالْغُسْلِ بِثَلَاثِ غُرُفَاتٍ وَترْجم على ذَلِك بن حِبَّانَ وَسَنَذْكُرُ الْكَلَامَ عَلَى قَوْلِهِ فَقَالَ بِهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى(قَوْلُهُ بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ) أَيْ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْمُرَادُ هَلْ هُمَا وَاجِبَانِ فِيهِ أم لَا وَأَشَارَ بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَنْبَطَ عَدَمَ وُجُوبِهِمَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لِلْوُضُوءِ وَقَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَة غير وَاجِب والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنْ تَوَابِعِ الْوُضُوءِ فَإِذَا سَقَطَ الْوُضُوءُ سَقَطَتْ تَوَابِعُهُ وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ مِنْ صِفَةِ غُسْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكَمَالِ وَالْفَضْلِ

    [258] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَىْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ. وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (محمد بن المثنى) البصري (قال: حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد بفتح الميم وسكون المعجمة النبيل (عن حنظلة) بن أبي سفيان القرشي (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم المدني أفضل أهل زمانه التابعي أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، المتوفى سنة بضع ومائة (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت): (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا اغتسل) أي أراد أن يغتسل (من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب) بكسر الحاء أي طلب إناء مثل الإناء الذي يسمى الحلاب، وقد وصفه أبو عاصم كما أخرجه أبو عوانة في صحيحه عنه بأقل من شبر في شبر، وللبيهقي قدر كوز يسع ثمانية أرطال (فأخذ بكفّه) بالإفراد وللكشميهني بكفّيه (فبدأ بشق رأسه الأيمن) بكسر الشين المعجمة (ثم) بشق رأسه (الأيسر فقال بهما) أي بكفّيه وهو يقوي رواية الكشميهني بكفّيه (على رأسه) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر على وسط رأسه بفتح السين. قال الجوهري: كل موضع يصلح فيه بين فهو وسط بالسكون وإلا فهو بالتحريك وأطلق القول على الفعل مجازًا. ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكّي ومدني، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي. 7 - باب الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ (باب) حكم (المضمضة والاستنشاق) هل هما واجبان أو سُنّتان (في) الغسل من (الجنابة). 259 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حدَّثَنا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنَا مَيْمُونَةُ قَالَتْ: صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غُسْلاً، فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا. وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بضم العين المهملة في الأول وكسر المعجمة في الثالث وآخره مثلثة المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين (قال: حدّثنا أبي) هو حفص بن غياث بن طلق النخعي الكوفي قاضي بغداد، المتوفى سنة ست وتسعين ومائة (قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدّثني) بالإفراد (سالم) هو ابن أي الجعد التابعي (عن كريب) بضم الكاف مصغرًا (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال: حدّثتنا) بالمثناة الفوقية بعد المثلثة (ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها (قالت): (صببت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غسلاً) بضم الغين أي ماء للاغتسال (فأفرغ) عليه الصلاة والسلام (بيمينه على يساره فغسلهما ثم غسل فرجه، ثم قالبيده الأرض) ولأبي ذر وابن عساكر على الأرض أي ضربها بيده (فمسحها بالتراب ثم غسلها) بالماء وأجرى القول مجرى الفعل مجازًا كما مرَّ (ثم تمضمض) بمثناة قبل الميم، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر مضمض (واستنشق) طلبًا للكمال المستلزم للثواب، وقد قال الحنفية بفرضيتهما في الغسل دون الوضوء لقوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6]. قالوا: وهو أمر بتطهير جميع البدن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن النص بخلاف الوضوء لأن الواجب غسل الوجه والمواجهة فيهما منعدمة، وأيضًا مواظبته عليه الصلاة والسلام عليهما بحيث لم ينقل عنه تركهما يدل على الوجوب لنا قوله عليه الصلاة والسلام عشر من الفطرة أي من السُّنّة وذكرهما منها، (ثم غسل) عليه الصلاة والسلام (وجهه وأفاض) أي صب الماء (على رأسه ثم تنحى) أي تحول إلى ناحية (فغسل قدميه ثم أُتي) بضم الهمزة (بمنديل) بكسر الميم (فلم ينفض بها) بضم الفاء وفي نسخه فلم ينتفض بمثناة فوقية بعد النون، وأنّث الضمير على معنى الخرقة لأن المنديل خرقة مخصوصة. زاد هنا في رواية كريمة قال أبو عبد الله: أي المؤلف يعني لم يتمسح به أي بالمنديل من بلل الماء لأنه أثر عبادة فكان تركه أولى. قال ابن التين: ما أُتي بالمنديل إلا أنه كان يتنشف به ورده لنحو وسخ كان فيه اهـ. وفي التنشف في الوضوء والغسل أوجه فقيل: يندب تركه لا ذكر، وقيل: يندب فعله ليسلم من غبار نجس ونحوه، وقيل: يكره فعله فيهما وإليه ذهب ابن عمرو. قال ابن عباس: يكره في الوضوء دون الغسل وقبل تركه وفعله سواء. قال النووي في شرح مسلم: وهذا هو الذي نختاره ونعمل به لاحتياج المنع والاستحباب إلى دليل، وقيل: يكره في الصيف دون الشتاء. قال في المجموع: وهذا كله إذا لم يكن حاجة كبرد أو التصاق نجاسة فإن كان فلا كراهة قطعًا اهـ. قال في الذخائر: وإذا تنشف فالأولى أن لا يكون بذيله وطرف ثوبه ونحوهما. ورواة هذا الحديث السبعة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي. 8 - باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى (باب مسح اليد) أي مسح المغتسل يده (بالتراب لتكون) بالفوقية لابن عساكر والأصيلي ولغيرهما بالتحتية (أنقى) بالنون والقاف أي أطهر من غير الممسوحة فحذف من الملازمة لأفعل التفضيل المنكر، وحينئذ فلا مطابقة بينهما لأن أفعل التفضيل إذا كان بمن فهو مفرد مذكر قاله العيني كالكرماني، وتعقبه البرماوي بأنه إن عنى أن اسمها ضمير اليد صح ما قاله قال: والظاهر أن اسمها يعود على المسح أو نحوه فالمطابقة حاصلة.

    [258] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قالَ حدّثنا أبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ عنِ القَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قالتْ كانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ دَاَا بِشَيءٍ نَحْوَ الحِلاب فَأَخَذَ بِكَفَهِ فَبدأَ بِشِقِّ رَأسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ فَقَالَ بِهِما عَلَى وَسطِ رَأْسِهِ. رِجَاله خَمْسَة: مُحَمَّد بن الْمثنى وَقد مر، وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة الْبَصْرِيّ الْمُتَّفق عَلَيْهِ علما وَعَملا، ولقب بالنبيل لِأَن شُعْبَة حلف أَنه لَا يحدث شهرا فَبلغ ذَلِك، أَبَا عَاصِم فقصده فَدخل مَجْلِسه، فَقَالَ: حدث وَغُلَام الْعَطَّار عَن كَفَّارَة يَمِينك، فأعجبه ذَلِك، وَقَالَ: أَبُو عَاصِم النَّبِيل، فلقب بِهِ وَقيل لغير ذَلِك، وحَنْظَلَة ابْن أبي سُفْيَان الْقرشِي تقدم فِي بَاب دعاؤكم وإيمانكم، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق التَّيْمِيّ، أفضل أهل زَمَانه، كَانَ ثِقَة عَالما فَقِيها من الْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ، إِمَامًا ورعاً من خِيَار التَّابِعين مَاتَ سنة بضع وَمِائَة. بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن أَبَا عَاصِم من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ: وَقد أَكثر عَنهُ فِي هَذَا الْكتاب، لكنه نزل فِي هَذَا الْإِسْنَاد فَأدْخل بَينه وَبَينه مُحَمَّد بن الْمثنى. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومكي ومدني. ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن أبي عَاصِم عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ قَوْله: (كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل) أَي: إِذا أَرَادَ أَن يغْتَسل. قَوْله: (دَعَا) أَي: طلب. قَوْله: (نَحْو الحلاب) أَي: إِنَاء مثل الْإِنَاء الَّذِي يُسمى الحلاب، وَقد وَصفه أَبُو عَاصِم بِأَنَّهُ أقل من شبر فِي شبر، أخرجه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) عَنهُ، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان: وَأَشَارَ أَبُو عَاصِم بكفيه، حِكَايَة حلق شبريه، يصف بِهِ دوره الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَة للبيهقي (كَقدْر كوز يسع ثَمَانِيَة أَرْطَال) وَفِي حَدِيث مكي عَن الْقَاسِم: (إِنَّه سُئِلَ كم يَكْفِي من غسل الْجَنَابَة، فَأَشَارَ إِلَى الْقدح والحلاب) ، فَفِيهِ بَيَان مِقْدَار مَا يحْتَمل من المَاء لَا الطّيب والتطيب، وَمن لَهُ ذوق من الْمعَانِي وَتصرف فِي التراكيب يعلم أَن الحلاب الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة إِنَّمَا هُوَ الْإِنَاء وَلم يقْصد البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا غير أَن الْقَوْم أَكْثرُوا الْكَلَام فِيهِ من غير زِيَادَة فَائِدَة، وَلَفظ الحَدِيث أكبر شَاهد على مَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ قَالَ: دَعَا بِشَيْء نَحْو الحلاب: فَلفظ: نَحْو: هَاهُنَا بِمَعْنى: الْمثل، وَمثل الشَّيْء غَيره، فَلَو كَانَ دَعَا بالحلاب كَانَ رُبمَا يشكل على أَن فِي بعض الْأَلْفَاظ دَعَا بِإِنَاء مثل الحلاب قَوْله: (فَأخذ بكفه) بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بكفيه، بالتثنية، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم بعد قَوْله: (الْأَيْسَر) وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد قَوْله: (فَقَالَ بهما) أَي: بكفيه، وَهَذَا يدل على أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة، فَأخذ بكفيه، بالتثنية حَيْثُ أعَاد الضَّمِير بالتثنية. وَأما على رِوَايَة مُسلم فَظَاهر، لِأَنَّهُ زَاد فِي رِوَايَته بعد قَوْله: (الْأَيْسَر)(فَأخذ بكفيه) وَمعنى: قَالَ بهما. قلب بكفيه على وسط رَأسه وَالْعرب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال، وتطلقه أَيْضا على غير الْكَلَام فَتَقول: قَالَ بِيَدِهِ، أَي: أَخذ، وَقَالَ بِرجلِهِ، أَي: مَشى قَالَ الشَّاعِر: (وَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة) أَي: أَوْمَأت وَجَاء فِي حَدِيث آخر: (فَقَالَ بِثَوْبِهِ) أَي: دَفعه، وكل ذَلِك على الْمجَاز والاتساع، وَيُقَال: إِن قَالَ: يَجِيء لمعان كَثِيرَة بِمَعْنى: أقبل وَمَال واستراح وَذهب وَغلب وَأحب وَحكم وَغير ذَلِك، وَسمعت أهل مصر يستعملون هَذَا فِي كثير من ألفاظهم، وَيَقُولُونَ: أَخذ الْعَصَا وَقَالَ بِهِ كَذَا أَي ضرب بِهِ، وَأخذ ثَوْبه وَقَالَ بِهِ عَلَيْهِ، أَي: لبسه وَغير ذَلِك، يقف على هَذَا من تتبع كَلَامهم قَوْله: (وسط رَأسه) بِفَتْح السِّين، وَقَالَ الْجَوْهَرِي بِالسُّكُونِ ظرف، وبالحركة اسْم، وكل مَوضِع صلح فِيهِ بَين فَهُوَ بِالسُّكُونِ، وَإِن لم يصلح فِيهِ فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَالَ المطرزي: سَمِعت ثعلباً يَقُول: استنبطنا من هَذَا الْبَاب أَن كل مَا كَانَ أَجزَاء ينْفَصل. قلت: فِيهِ وسط بالتسكين، وَمَا كَانَ لَا ينْفَصل وَلَا يتفرق، قلت: بِالتَّحْرِيكِ. تَقول من الأول: أجعَل هَذِه الحرزة وسط السبحة، وانظم هَذِه الياقوتة وسط القلادة، وَتقول أَيْضا مِنْهُ، لَا تقعد وسط الْحلقَة، ووسط الْقَوْم، هَذَا كُلهيتَجَزَّأ ويتفرق وينفصل، فَيَقُول فِيهِ بالتسكين، وَتقول فِي الْقسم الثَّانِي، احْتجم وسط رَأسه، وَقعد وسط الدَّار، فقس على هَذَا وَفِي (الواعي) لأبي مُحَمَّد، قَالَ الْفراء: سَمِعت يُونُس يَقُول: وسط ووسط بِمَعْنى، وَفِي (الْمُخَصّص) عَن الْفَارِسِي: سوى بعض الْكُوفِيّين بَين وسط ووسط فَقَالَ: هما ظرفان وإسمان. وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ أَن المغتسل يسْتَحبّ لَهُ أَن يُجهز الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ المَاء ليغتسل مِنْهُ، وَيسْتَحب لَهُ أَن يبْدَأ بشقه الْأَيْمن ثمَّ بالشق الْأَيْسَر، ثمَّ على وسط رَأسه، ويستنبط من قَوْلهَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مداومته على ذَلِك لِأَن هَذِه اللَّفْظَة تدل على الِاسْتِمْرَار والدوام، وَالله أعلم. 7 - (بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم المضمة وَالِاسْتِنْشَاق فِي غسل الْجَنَابَة هَل هما واجبان أم سنتَانِ؟ وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ ابْن بطال وَغَيره إِلَى أنالبخاري استنبط عدم وجوبهما من هَذَا الحَدِيث، لِأَن فِي رِوَايَة الْبَاب الَّذِي بعده فِي هَذَا الحَدِيث، (ثمَّ تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة) فَدلَّ على أَنَّهُمَا للْوُضُوء وَقَامَ الْإِجْمَاع على أَن الْوضُوء فِي غسل الْجَنَابَة غير وَاجِب. والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق من تَوَابِع الْوضُوء، فَإِذا اسقط الْوضُوء سقط توابعه، وَيحمل مَا روى من صفة غسله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، على الْكَمَال وَالْفضل، قلت: هَذَا الِاسْتِدْلَال غير صَحِيح لِأَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ لَهُ تعلق بِالْحَدِيثِ الَّذِي يَأْتِي وَفِيه التَّصْرِيح بالمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق وَلَا شكّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتركهما، فَدلَّ على الْمُوَاظبَة وَهِي تدل على الْوُجُوب. فَإِن قلت: مَا الدَّلِيل على الْمُوَاظبَة؟ قلت: عدم النَّقْل عَنهُ بِتَرْكِهِ إيَّاهُمَا، وَسُقُوط الْوضُوء القصدي لَا يسْتَلْزم سُقُوط الْوضُوء الضمني، وعَلى كل حَال لم ينْقل تَركهمَا، وَأَيْضًا النَّص يدل على وجوبهما، كَمَا ذكرنَا فِيمَا مضى.

    [258] حدثني محمد بن المثنى: نا أبو عاصم، عن حنظلة، عن القاسم، عن عائشة، قالت: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب، فأخذ بكفيه، فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، فقالَ بهما على وسط رأسه. ((حنظلة)) ، هوَ: ابن أبي سفيان. وظاهر تبويب البخاري على هذا الحديث: يدل على أنه فهم منه أن الحلاب نوع من الطيب، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يستعمل شيئاً من الطيب في رأسه في غسل الجنابة. وقد أنكر العلماء ذَلِكَ على البخاري - رحمه الله -، ونسبوه فيهِ إلى الوهم، منهم: الخطابي والإسماعيلي وغير واحد. وقالوا: إنما الحلاب إناء يحلب فيهِ، ويقال لهُ: المحلب - أيضاً. والمراد: أنه كانَ يغتسل من مد نحو الإناء الذي يحلب فيهِ اللبن من المواشي، وهو معنى الحديث الآخر: أنه نحو الصاع. ويشهد لذلك: أنه روي في بعض طرق هذا الحديث، أن القاسم سئل: كم يكفي من غسل الجنابة، فحدث بهذهالحديث. وإنما كانَ السؤال عن قدر ماء الغسل، لا عن الطيب عندَ الغسل. ذكره الإسماعيلي في ((صحيحه)) . وذكر - أيضاً - حديث ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرب إليه حلاب فيهِ لبن، فشرب منه - يعني: يوم عرفة. وزعم بعضهم: أنه ((الجلاب)) - بالجيم -، وأن المراد به: ماء الورد. وهو أيضاً - تصحيف، وخطأ ممن لا يعرف الحديث. وزعم آخرون: أن ((الحلاب)) - بالحاء - وعاء للطيب. ولا أصل لذلك. وخرج أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الفقيه في ((كتاب الشافي)) ، في هذا الحديث، من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن حنظلة، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يغتسل في حلاب قدر هذا - وأرانا أبو عاصم قدر الحلاب بيده، فإذا هوَ كقدر كوز يسع ثمانية أرطال -، ثم يصب على شق رأسه الأيسر، ثم يأخذ بكفيه فيصب وسط رأسه.7 - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاِستْنْشاقِ في الْجَنَابةِ

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَىْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ‏.‏

    Narrated `Aisha:Whenever the Prophet (ﷺ) took the bath of Janaba (sexual relation or wet dream) he asked for the Hilab or some other scent. He used to take it in his hand, rub it first over the right side of his head and then over the left and then rub the middle of his head with both hands

    Telah menceritakan kepada kami [Muhammad bin Al Mutsanna] berkata, telah menceritakan kepada kami [Abu 'Ashim] dari [Hanzhalah] dari [Al Qasim] dari ['Aisyah] berkata, "Jika Nabi shallallahu 'alaihi wasallam mandi janabat, beliau minta diambilkan bejana sebesar bejana yang digunakan untuk memerah susu. Beliau lalu mengambil air dengan telapak tangannya dan mengguyurkannya dimulai dari sisi sebelah kanan lalu sebelah kiri. Kemudian menuangkan dengan keduanya pada bagian tengah kepala

    Aişe r.anha'nın şöyle dediği nakledilmiştir: "Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem) cünüplükten dolayı gusül abdesti almak istediği zaman, süt sağılan kaba benzer bir kap dolusu su isterdi. Sonra avucuyla su alıp başının sağ tarafını yıkamaya başlardı. Daha sonra ise sol tarafını yıkardı. Başının her iki tarafını bu şekilde yıkardı

    محمد بن مثنیٰ نے ہم سے بیان کیا، کہا کہ ہم سے ابوعاصم (ضحاک بن مخلد) نے بیان کیا، وہ حنظلہ بن ابی سفیان سے، وہ قاسم بن محمد سے، وہ عائشہ رضی اللہ عنہا سے۔ آپ نے فرمایا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم جب غسل جنابت کرنا چاہتے تو حلاب کی طرح ایک چیز منگاتے۔ پھر ( پانی کا چلو ) اپنے ہاتھ میں لیتے اور سر کے داہنے حصے سے غسل کی ابتداء کرتے۔ پھر بائیں حصہ کا غسل کرتے۔ پھر اپنے دونوں ہاتھوں کو سر کے بیچ میں لگاتے تھے۔

    ‘আয়িশাহ (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম যখন জানাবাতের গোসল করতেন, তখন হিলাবের অনুরূপ পাত্র চেয়ে নিতেন। তারপর এক আজলা পানি নিয়ে প্রথমে মাথার ডান পাশ এবং পরে বাম পাশ ধুয়ে ফেলতেন। দু’হাতে মাথার মাঝখানে পানি ঢালতেন। (মুসলিম ৩/৯, হাঃ ৩১৮) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ২৫১, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    ஆயிஷா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் பெருந்துடக்கிற் காக (கடமையான குளியல்) குளிக்கும் போது, பால் கறக்கும் குவளை போன்ற ஒன்றைக் கொண்டுவரச் சொல்லி, அதிலிருந்து (தமது கையில் நீர் அள்ளித்) தமது தலையின் வலப் புறம் ஊற்றுவார் கள்; பிறகு இடப் புறம் ஊற்றுவார்கள். பிறகு தம் இரு கைகளால் (நீர் அள்ளி) தலையின் நடுவில் ஊற்றுவார்கள். அத்தியாயம் :