• 1400
  • حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ ، أَوْ مَكَّةَ ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ : بَلَى ، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً ، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ : إِلَى أَنْ يَيْبَسَا

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ ، أَوْ مَكَّةَ ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ " ثُمَّ قَالَ : " بَلَى ، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ " . ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً ، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : " لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا " أَوْ : " إِلَى أَنْ يَيْبَسَا "

    بحائط: الحائط : البستان أو الحديقة وحوله جدار
    حيطان: الحائط : البستان أو الحديقة وحوله جدار
    يستتر: لا يستتر : لا يواري جسده ويبعده عن رذاذ البول ولا يستبرئ ولا يتحفظ منه
    يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ :
    لا توجد بيانات

    [216] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَمُجاهد هُوَ بن جبر صَاحب بن عَبَّاسٍ وَقَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْهُ وَاشْتُهِرَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ لَكِنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِد فَأدْخل بَينه وَبَين بن عَبَّاسٍ طَاوُسًا كَمَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ قَلِيلٍ وَإِخْرَاجُهُ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ يَقْتَضِي صِحَّتَهُمَا عِنْدَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُجَاهِدًا سَمِعَهُ مِنْ طَاوُسٍ عَن بن عَبَّاس ثمَّ سَمعه من بن عَبَّاسٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوِ الْعَكْسِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي سِيَاقِهِ عَنْ طَاوُسٍ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي رِوَايَته عَن بن عَبَّاس وَصرح بن حِبَّانَ بِصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ قَوْلُهُ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ أَيْ بُسْتَانٍ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ غَيْرُ الْحَائِطِ الَّذِي مَرَّ بِهِ وَفِي الْأَفْرَادِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الْحَائِطَ كَانَ لِأُمِّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ وَهُوَ يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَدَبِ لِجَزْمِهَا بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَالشَّكُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَكَّةَ مِنْ جَرِيرٍ قَوْلُهُ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قبورهما قَالَ بن مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ إِفْرَادِ الْمُضَافِ الْمُثَنَّى إِذَا كَانَ جُزْءَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ نَحْوَ أَكَلْتُ رَأْسَ شَاتَيْنِ وَجمعه أَجود نَحْو فقد صغت قُلُوبكُمَا وَقَدِ اجْتَمَعَ التَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُضَافُ جُزْءَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ فَالْأَكْثَرُ مَجِيئُهُ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ فَإِنْ أُمِنَ اللَّبْسُ جَازَ جَعْلُ الْمُضَافِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَقَوْلُهُ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا شَاهِدٌ لِذَلِكَ قَوْلُهُ يُعَذَّبَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ مَرَّ بقبرين زَاد بن مَاجَهْ جَدِيدَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَنْ يُقَالَ أَعَادَهُ عَلَى الْقَبْرَيْنِ مَجَازًا وَالْمُرَادُ مَنْ فِيهِمَا قَوْلُهُ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى أَيْ إِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ فَقَالَ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَاتِ رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَلَى الْأَعْمَشِ وَلم يُخرجهَا مُسلم وَاسْتدلَّ بن بَطَّالٍ بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَلَى أَنَّ التَّعْذِيبَ لَا يَخْتَصُّ بِالْكَبَائِرِ بَلْ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّغَائِرِ قَالَ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ مِنَ الْبَوْلِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ وَعِيدٌ يَعْنِي قَبْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَتُعُقِّبَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَلَفْظُهُ وَمَا يعذبان فِي كَبِير بلَى وَقَالَ بن مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ فِي كَبِيرٍ شَاهِدٌ عَلَى وُرُودِ فِي لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ قَالَ وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ مَعَ وُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِكَقَوْل الله تَعَالَى لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم وَفِي الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الشِّعْرِ فَذَكَرَ شَوَاهِدَ انْتَهَى وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَوْنِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ كَبِيرٍ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ كَبِيرٌ فَاسْتَدْرَكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا وَالنَّسْخُ لَا يَدْخُلُ الْخَبَرَ وَأجِيب بِأَن الحكم بالْخبر يَجُوزُ نَسْخُهُ فَقَوْلُهُ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ إِخْبَارٌ بِالْحُكْمِ فَإِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَبِيرٌ فَأَخْبَرَ بِهِ كَانَ نَسْخًا لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَعُودُ على الْعَذَاب لما ورد فِي صَحِيح بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يُعَذَّبَانِ عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ وَقِيلَ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى أَحَدِ الذَّنْبَيْنِ وَهُوَ النَّمِيمَةُ لِأَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِرِ بِخِلَافِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ الْمَنْفِيَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي وَقَالَ الدَّاودِيّ وبن الْعَرَبِيِّ كَبِيرٌ الْمَنْفِيِّ بِمَعْنَى أَكْبَرَ وَالْمُثْبَتُ وَاحِدُ الْكَبَائِرِ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَالْقَتْلِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي الْجُمْلَةِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الصُّورَةِ لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَالْحَقَارَةِ وَهُوَ كَبِيرُ الذَّنْبِ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي اعْتِقَادِهِمَا أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِينَ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَبِيرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ أَيْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَجَمَاعَةٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنَّمَا صَارَ كَبِيرًا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ السِّيَاقُ فَإِنَّهُ وَصَفَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ مِنْهُ وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ لِلْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ بَعْدَ حَرْفِ كَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ لَا يَسْتَتِرُ كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَة وَفِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ يَسْتَبْرِئُ بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ يَسْتَنْزِهُ بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ ثُمَّ هَاءٌ فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ مَعْنَى الِاسْتِتَارِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَوْلِهِ سُتْرَةً يَعْنِي لَا يَتَحَفَّظُ مِنْهُ فَتُوَافِقُ رِوَايَةَ لَا يَسْتَنْزِهُ لِأَنَّهَا مِنَ التَّنَزُّهِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ كَانَ لَا يَتَوَقَّى وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ وَأَجْرَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَضُعِّفَ بِأَنَّ التَّعْذِيبَ لَوْ وَقَعَ عَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ لَاسْتَقَلَّ الْكَشْفُ بِالسَّبَبِيَّةِ وَاطُّرِحَ اعْتِبَارُ الْبَوْلِ فَيَتَرَتَّبُ الْعَذَابُ عَلَى الْكَشْفِ سَوَاءٌ وُجِدَ الْبَوْلُ أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَسَيَأْتِي كَلَام بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَرِيبًا وَأَمَّا رِوَايَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فَهِيَ أَبْلَغُ فِي التَّوَقِّي وَتَعَقَّبَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ رِوَايَةَ الِاسْتِتَارِ بِمَا يحصل جَوَابه مِمَّا ذكرنَا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَوْ حُمِلَ الِاسْتِتَارَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَلَزِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ كَانَ سَبَبَ الْعَذَابِ الْمَذْكُورِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْبَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَذَابِ الْقَبْرِ خُصُوصِيَّةً يُشِيرُ إِلَى مَا صَححهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ لَفْظَ مِنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا أُضِيفَ إِلَى الْبَوْلِ اقْتَضَى نِسْبَةَ الِاسْتِتَارِ الَّذِي عَدَمُهُ سَبَبُ الْعَذَابِ إِلَى الْبَوْلِ بِمَعْنَى أَنَّ ابْتِدَاءَ سَبَبِ الْعَذَابِ مِنَ الْبَوْلِ فَلَوْ حُمِلَ عَلَى مُجَرَّدِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ لِتَجْتَمِعَ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ وَاحِدٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أبي بكرَة عِنْد أَحْمد وبن مَاجَهْ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُعَذَّبُ فِي الْبَوْلِ وَمِثْلُهُ لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَوْلُهُ مِنْ بَوْلِهِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ قَوْلهيمشي بالنميمة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هِيَ نَقْلُ كَلَامِ النَّاسِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا مَا كَانَ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ فَأَمَّا مَا اقْتَضَى فِعْلَ مَصْلَحَةٍ أَوْ تَرْكَ مَفْسَدَةٍ فَهُوَ مَطْلُوبٌ انْتَهَى وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلنَّمِيمَةِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهِيَ نَقْلُ كَلَامِ الْغَيْرِ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ هَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ الْكَبِيرَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ وَلَا حَدَّ عَلَى الْمَشْيِ بِالنَّمِيمَةِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الِاسْتِمْرَارُ هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ جَعْلَهُ كَبِيرَةً لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْكَبِيرَةِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرَةِ مَعْنًى غَيْرُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ انْتَهَى وَمَا نَقَلَهُ عَنِ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ جَمِيعِهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ حَيْثُ حَكَى فِي تَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ قَالَ وَهُمْ إِلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ وَالثَّانِي أَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ انْتَهَى وَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ مَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يُعَدَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ مِنَ الْكَبَائِرِ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُمَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعُرِفَ بِهَذَا الْجَوَابِ عَنِ اعْتِرَاضِ الْكِرْمَانِيِّ بِأَنَّ النَّمِيمَةَ قَدْ نُصَّ فِي الصَّحِيحِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ وَلِلْأَعْمَشِ فَدَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ وَالْعَسِيبُ بِمُهْمَلَتَيْنِ بِوَزْنِ فَعِيلٍ هِيَ الْجَرِيدَةُ الَّتِي لَمْ يَنْبُتْ فِيهَا خُوصٌ فَإِنْ نَبَتَ فَهِيَ السَّعَفَةُ وَقِيلَ إِنَّهُ خَصَّ الْجَرِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بَطِيءُ الْجَفَافِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَنَّ الَّذِيَ أَتَاهُ بِالْجَرِيدَةِ بِلَالٌ وَلَفْظُهُ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ إِذْ سَمِعَ شَيْئًا فِي قَبْرٍ فَقَالَ لِبِلَالٍ ائْتِنِي بِجَرِيدَةٍ خَضْرَاءَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ فَكَسَرَهَا أَيْ فَأَتَى بِهَا فَكَسَرَهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ الَّذِي أَتَى بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ أَنَّهُ الَّذِي قَطَعَ الْغُصْنَيْنِ فَهُوَ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ هَذِهِ فَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ وَقِصَّةُ جَابِرٍ كَانَتْ فِي السَّفَرِ وَكَانَ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَتَبِعَهُ جَابِرٌ وَحْدَهُ وَمِنْهَا أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَسَ الْجَرِيدَةَ بَعْدَ أَنْ شَقَّهَا نِصْفَيْنِ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ جَابِرًا بِقَطْعِ غُصْنَيْنِ مِنْ شَجَرَتَيْنِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتَرَ بِهِمَا عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ ثُمَّ أَمَرَ جَابِرًا فَأَلْقَى الْغُصْنَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَيْثُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَأَنَّ جَابِرًا سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرْفَعَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ أَيْضًا السَّبَبُ الَّذِي كَانَا يُعَذَّبَانِ بِهِ وَلَا التَّرَجِّي الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَعَلَّهُ فَبَان تغاير حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَّهُمَا كَانَا فِي قِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ ائْتُونِي بِجَرِيدَتَيْنِ فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ قِصَّةً ثَالِثَةً وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَسَمِعَ شَيْئًا فِي قَبْرٍ وَفِيهِ فَكَسَرَهَا بِاثْنَيْنِ تَرَكَ نِصْفَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَنِصْفَهَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَفِي قِصَّةِ الْوَاحِد جعل نِصْفَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَنِصْفَهَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَفِي قِصَّةِ الِاثْنَيْنِ جَعَلَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ جَرِيدَةً أَنَّهَا كِسْرَتَيْنِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْكِسْرَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ الْمَكْسُورِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ أَنَّهَا كَانَتْ نِصْفًا وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْهُ بِاثْنَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ وَالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ قَوْلُهُ فَوَضَعَ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ الْآتِيَةِ فَغَرَزَ وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الْأُولَى قَوْلُهُ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةًوَقَعَ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْأَعْمَشِ ثُمَّ غَرَزَ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِطْعَة قَوْله فَقيل لَهُ وللاعمش قَالُوا أَيِ الصَّحَابَةُ وَلَمْ نَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ السَّائِل مِنْهُم قَوْله لَعَلَّه قَالَ بن مَالِكٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَجَازَ تَفْسِيرُهُ بِأَنْ وَصِلَتِهَا لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ جُمْلَةٍ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُسْنَدٍ وَمُسْنَدٍ إِلَيْهِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَنْ زَائِدَةً مَعَ كَوْنِهَا نَاصِبَةً كَزِيَادَةِ الْبَاءِ مَعَ كَوْنِهَا جَارَّةً انْتَهَى وَقَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بِحَذْفِ أَنْ فَقَوَّى الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ شَبَّهَ لَعَلَّ بِعَسَى فَأَتَى بِأَنْ فِي خَبَرِهِ قَوْلُهُ يُخَفَّفُ بِالضَّمِّ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيِ الْعَذَابُ عَنِ الْمَقْبُورَيْنِ قَوْلُهُ مَا لَمْ تَيْبَسَا كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ أَيْ الْكِسْرَتَانِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا أَنْ تَيْبَسَا بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلِلْمُسْتَمْلِي إِلَى أَنْ يَيْبَسَا بِإِلَى الَّتِي لِلْغَايَةِ وَالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْعُودَانِ قَالَ الْمَازِرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ الْعَذَابَ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا هَذِهِ الْمُدَّةَ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّ هُنَا لِلتَّعْلِيلِ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْوَحْيُ لَمَا أَتَى بِحَرْفِ التَّرَجِّي كَذَا قَالَ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِذَا حَمَلْنَاهَا عَلَى التَّعْلِيلِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقِيلَ إِنَّهُ شَفَعَ لَهُمَا هَذِهِ الْمُدَّةَ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَكَذَا رَجَّحَ النَّوَوِيُّ كَوْنَ الْقِصَّة وَاحِدَة وَفِيه نظر لما اوضحناه مِنَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ دَعَا لَهُمَا بِالتَّخْفِيفِ مُدَّةَ بَقَاءِ النَّدَاوَةِ لَا أَنَّ فِي الْجَرِيدَةِ مَعْنًى يَخُصُّهُ وَلَا أَنَّ فِي الرَّطْبِ مَعْنًى لَيْسَ فِي الْيَابِسِ قَالَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يُسَبِّحُ مَا دَامَ رَطْبًا فَيَحْصُلُ التَّخْفِيفُ بِبَرَكَةِ التَّسْبِيحِ وَعَلَى هَذَا فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا فِيهِ رُطُوبَةٌ مِنَ الْأَشْجَارِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ فِيمَا فِيهِ بركَة كالذكر وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِمَا مَا دَامَتَا رَطْبَتَيْنِ تَمْنَعَانِ الْعَذَابَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ لَنَا كَعَدَدِ الزَّبَانِيَةِ وَقَدِ اسْتَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَضْعَ النَّاسِ الْجَرِيدَ وَنَحْوَهُ فِي الْقَبْرِ عَمَلًا بِهَذَا الحَدِيث وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِبَرَكَةِ يَدِهِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لِأَنَّهُ عَلَّلَ غَرْزَهُمَا عَلَى الْقَبْرِ بِأَمْرٍ مُغَيَّبٍ وَهُوَ قَوْلُهُ لَيُعَذَّبَانِ قُلْتُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِنَا لَا نَعْلَمُ أَيُعَذَّبُ أَمْ لَا أَنْ لَا نَتَسَبَّبَ لَهُ فِي أَمْرٍ يُخَفِّفُ عَنْهُ الْعَذَابَ أَنْ لَوْ عُذِّبَ كَمَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَنَا لَا نَدْرِي أَرُحِمَ أَمْ لَا أَنْ لَا نَدْعُوَ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْطَعُ عَلَى أَنَّهُ بَاشَرَ الْوَضْعَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِهِ وَقَدْ تَأَسَّى بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ الصَّحَابِيُّ بِذَلِكَ فَأَوْصَى أَنْ يُوضَعَ عَلَى قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ مِنْ غَيْرِهِ تَنْبِيهٌ لَمْ يُعْرَفِ اسْمُ الْمَقْبُورَيْنِ وَلَا أَحَدُهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَمْدٍ مِنَ الرُّوَاةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ عَلَيْهِمَا وَهُوَ عَمَلٌ مُسْتَحْسَنٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي الْفَحْصِ عَنْ تَسْمِيَةِ مَنْ وَقَعَ فِي حَقِّهِ مَا يُذَمُّ بِهِ وَمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَضَعَّفَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ أَحَدَهُمَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهُ إِلَّا مَقْرُونًا بِبَيَانِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرَ دَفْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا قِصَّةُ الْمَقْبُورَيْنِ فَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ مَنْ دَفَنْتُمُ الْيَوْم هَا هُنَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا ذَبًّا عَنْ هَذَا السَّيِّدِ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدًا وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ وَقَالَ إِنَّ حُكْمَهُ قد وَافقحُكْمَ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّ عَرْشَ الرَّحْمَنِ اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِ الْجَلِيلَةِ خَشْيَةَ أَنْ يَغْتَرَّ نَاقِصُ الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فَيَعْتَقِدَ صِحَّةَ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَقْبُورَيْنِ فَقِيلَ كَانَا كَافِرَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ من حَدِيث جَابر بِسَنَد فِيهِ بن لَهِيعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ هَلَكَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمِعَهُمَا يُعَذَّبَانِ فِي الْبَوْلِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ أَبُو مُوسَى هَذَا وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَمَا كَانَ لِشَفَاعَتِهِ إِلَى أَنْ تَيْبَسَ الْجَرِيدَتَانِ مَعْنًى وَلَكِنَّهُ لَمَّا رَآهُمَا يُعَذَّبَانِ لَمْ يَسْتَجِزْ لِلُطْفِهِ وَعَطْفِهِ حِرْمَانَهُمَا مِنْ إِحْسَانِهِ فَشَفَعَ لَهما إِلَى الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَجزم بن الْعَطَّارِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَقَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ لَمْ يَدْعُ لَهُمَا بِتَخْفِيفِ الْعَذَابِ وَلَا تَرَجَّاهُ لَهُمَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ لَبَيَّنَهُ يَعْنِي كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ قُلْتُ وَمَا قَالَهُ أَخِيرًا هُوَ الْجَوَابُ وَمَا طَالَبَ بِهِ مِنَ الْبَيَانِ قَدْ حَصَلَ وَلَا يَلْزَمُ التَّنْصِيصُ عَلَى لَفْظِ الْخُصُوصِيَّةِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَبُو مُوسَى ضَعِيفٌ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ سَبَبُ التَّعْذِيبِ فَهُوَ مِنْ تَخْلِيطِ بن لَهِيعَةَ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَا أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِمَا كَافِرَيْنِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقِهِ أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَفِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ جَدِيدَيْنِ فَانْتَفَى كَوْنُهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ من دفنتم الْيَوْم هَا هُنَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّ الْبَقِيعَ مَقْبَرَةُ الْمُسْلِمِينَ وَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ يَتَوَلَّاهُ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ وَيُقَوِّي كَوْنَهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ يُعَذَّبَانِ وَمَا يعذبان فِي كَبِير وبلى وَمَا يُعَذَّبَانِ إِلَّا فِي الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ فَهَذَا الْحَصْرُ يَنْفِي كَوْنَهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَإِنْ عُذِّبَ عَلَى تَرْكِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ إِثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْجَنَائِزِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ مُلَابَسَةِ الْبَوْلِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْوُجُوب بِوَقْت إِرَادَة الصَّلَاة وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ الْبَوْلِ) وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الْقَبْر أَي عَن صَاحب الْقَبْر وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ اللَّامُ بِمَعْنَى لِأَجْلِ قَوْلُهُ كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ يُشِيرُ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى بَوْلِ النَّاس قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ بَوْلُ النَّاسِ لَا بَوْلُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يكون فِيهِ حجَّة لمن حمله علىالعموم فِي بَوْلِ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ الْأَبْوَالِ كُلِّهَا وَمُحَصَّلُ الرَّدِّ أَنَّ الْعُمُومَ فِي رِوَايَةِ مِنَ الْبَوْلِ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُلِقَوْلِهِ مِنْ بَوْلِهِ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ لَكِنْ يَلْتَحِقُ بِبَوْلِهِ بَوْلُ مَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ النَّاسِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ قَالَ وَكَذَا غَيْرُ الْمَأْكُولِ وَأَمَّا الْمَأْكُولُ فَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ وَلِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ حُجَجٌ أُخْرَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ مِنَ الْبَوْلِ اسْمٌ مُفْرَدٌ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَلَوْ سَلِمَ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْأَدِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِطَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ

    [216] حدّثنا عُثْمانُ قَالَ حدّثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ مَرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيْهِ وسلمِ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ أوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهمَا فقالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَان فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ بَلى كانَ أحَدُهُمَااللَّام فِي قَوْله: (لصَاحب الْقَبْر) بِمَعْنى: لأجل، وَقَالَ بَعضهم: أَي، عَن صَاحب الْقَبْر. قلت: مجىء: اللَّام، بِمَعْنى: عَن، ذكره ابْن الْحَاجِب، وَاحْتج عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى: {{وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ}} (الْأَحْقَاف: 11) وَغَيره لم يقل بِهِ، بل قَالُوا: إِن: اللَّام، فِيهِ: لَام التَّعْلِيل، فعلى هَذَا الَّذِي ذكره الْكرْمَانِي هُوَ الأصوب، وَيجوز أَن تكون: اللَّام، هُنَا بِمَعْنى: عِنْد، كَمَا فِي قَوْلهم: كتبته لخمس خلون.

    باب مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ لاَ يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِهذا (باب) بالتنوين كما في الفرع (من الكبائر) التي وعد من اجتنبها بالمغفرة (أن لا يستتر من بوله) والكبائر جمع كبيرة وهي الفعلة القبيحة من الذنوب المنهي عنها شرعًا العظيم أمرها كالقتل والزنا والفرار من الزحف ويأتي تمام مباحثها إن شاء الله تعالى.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:212 ... ورقمه عند البغا: 216 ]
    - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ -أَوْ مَكَّةَ- فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ -ثُمَّ قَالَ- بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا». [الحديث 216 - أطرافه في: 218، 1361، 1378، 6052، 6055].وبه قال: (حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة الكوفي (قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) أي ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أنه (قال):(مرّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحائط) أي بستان من النخل عليه جدار (من حيطان المدينة أو مكة) شك جرير، وعند المؤلف في الأدب المفرد من حيطان المدينة بالجزم من غير شك ويؤيده رواية الدارقطني في أفراده من حديث جابر أن الحائط كان لأم مبشر الأنصارية رضي الله عنها لأن حائطها كان بالمدينة وفي رواية الأعمش مرّ بقبرين (فسمع صوت إنسانين) حال كونهما (يعذبان) حال كونهما(في قبورهما) عبر بالجمع في موضع التثنية لأن استعمالها في مثل هذا قليل وإن كانت هي الأصل، لأن المضاف إلى المثنى إذا كان جزء ما أضيف إليه يسوغ فيه الإفراد نحو: أكلت رأس شاتين والجمع أجود بنحو {{فقد صغت قلوبكما}} وإن كان غير جزئه، فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية نحو: سلّ الزيدان سيفيهما وإن أمن اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع كما في قوله في قبورهما، وقد تجتمع التثنية والجمع في نحو: ظهراهما مثل ظهور الترسين. قاله ابن مالك ولم يعرف اسم القبورين ولا أحدهما، فيحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام لم يسمهما قصد الستر عليهما وخوفًا من الافتضاح على عادة ستره وشفقته على أمته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو سماهما ليحترز غيرهما عن مباشرة ما باشراه وأبهمهما الراوي عمدًا لما مرّ (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يعذبان) أي صاحبا القبرين
    (وما يعذبان في كبير) تركه عليهما (ثم قال): (بلى) إنه كبير من جهة المعصية، ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام ظن أن ذلك غير كبير، فأوحي إليه في الحال بأنه كبير فاستدرك، وقال البغوي وغيره، ورجحه ابن دقيق العيد وغيره: إنه ليس بكبير في مشقة الاحتراز أي كان لا يشق عليهما الاحتراز عن ذلك، والكبيرة هي الموجبة للحدّ أو ما فيه وعيد شديد. وعند ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يعذبان عذابًا شديدًا في ذنب هين. (كان أحدهما لا يستتر من بوله) بمثناتين فوقيتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة من الاستتار، أي لا يجعل بينه وبين بوله سترة أي لا يتحفظ منه وهي بمعنى رواية مسلم وأبي داود من حديث الأعمش يستنزه بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء من التنزّه وهو الإبعاد، ولا يقال إن معنى لا يستتر يكشف عورته لأنه يلزم منه أن مجرد كشف العورة سبب للعذاب المذكور لا اعتبار البول فيترتب العذاب على مجرد الكشف وليس كذلك، بل الأقرب حمله على المجاز، ويكون المراد بالاستتار التنزه عن البول والتوقي منه، إما بعدم ملابسته وإما بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة، وعبر عن التوقّي بالاستتار مجازًا، ووجه العلاقة بينهما أن الستتر عن شيء فيه بُعد عنه واحتجاب، وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول، وإنما رجح المجاز وإن كان الأصل الحقيقة لأن الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، فالحمل على ما يقتضيه الحديث المصرّح بهذه الخصوصية أولى وأيضًا فإن لفظة من لما أضيفت إلى البول وهي لابتداء الغاية حقيقة أو ما يرجع إلى معنى ابتداء الغاية مجازًا تقتضي نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول بمعنى أن ابتداء سبب عذابه من البول، وإذا حمل على كشف العورة زال هذا المعنى، وفي رواية ابن عساكر لا يستبرئ بموحدة ساكنة من الاستبراء أي لا يستفرغ جهده بعد فراغه منه، وهو يدل على وجوب الاستنجاء لأنه لما عذب على استخفافه بغسله وعدم التحرّز منه دلّ على أن من ترك البول في مخرجه ولم يستنج منه حقيق بالعذاب. (وكان الآخر يمشي بالنميمة) فعيلة من ثمَّ الحديث ينمه إذا نقله عن المتكلم به إلى غيره وهي حرام بالإجماع إذا قصد بها الإفساد بين المسلمين وسبب كونهما كبيرتين أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة وتركها كبيرة بلا شك، والمشي بالنميمة من السعي بالفساد وهو من أقبح القبائح، ويجاب عن استشكال كون النميمة من الصغائر بأن الإصرار عليها المفهوم هنا من التعبير بكان المقتضية له يصير حكمها الكبيرة لا سيما على تفسيرها بما فيه وعيدشديد، ووقع في حديث أبي بكرة عند الإمام أحمد والطبراني بإسناد صحيح يعذبان وما يعذبان في كبير وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة، والبول بأداة الحصر وهي تنفي كونهما كافرين لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام المسلمين فإنه يعذب مع ذلك على الكفر بلا خلاف، وبذلك جزم العلاء بن العطار وقال: لا يجوز أن يقال إنهما كانا كافرين لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب عنهما ولا ترجاه لهما، وقد ذكر بعضهم السرّ في تخصيص البول والنميمة بعذاب القبر، وهو أن القبر أوّل منازل الآخرة وفيه نموذج ما يقع في القيامة من العقاب والثواب والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان: حق لله وحق لعباده، وأوّل ما يقضى فيه من حقوق الله تعالى عز وجل الصلاة، ومن حقوق العباد الدماء، وأما البرزخ فيقضي فيه مقدمات هذين الحقين ووسائلهما، فمقدمة الصلاة الطهارة من الحدث والخبث ومقدمة الدماء النميمة فيبدأ في البرزخ بالعقاب عليهما.(ثم دعا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بجريدة) من جريد النخل وهي التي ليس عليها ورق فأُتي بها (فكسرها كسرتين) بكسر الكاف تثنية كسرة وهي القطعة من الشيء المكسور، وقد تبين من رواية الأعمش الآتية إن شاء الله تعالى أنها كانت نصفًا، وفي رواية جرير عنه باثنتين (فوضع) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (على كل قبر منهما كسرة) وفي الرواية الآتية: فغرز وهو يستلزم الوضع دون
    العكس (فقيل له يا رسول الله) ولابن عساكر فقيل يا رسول الله (لِمَ فعلت هذا) لم يعين السائل من الصحابة (قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعله أن يخفف) بضم أوّله وفتح الفاء أي العذاب وهاء لعله ضمير الشأن، وجاز تفسيره بأن وصلتها في حكم جملة لاشتمالها على مسند ومسند إليه، ويحتمل أن تكون زائدة مع كونها ناصبة كزيادة الباء مع كونها جارّة قاله ابن مالك، ويقوّي الاحتمال الثاني حذف أن في الرواية الآتية حيث قال: لعله يخفف (عنهما) أي المعذبين (ما لم تيبسا) بالمثناة الفوقية بالتأنيث باعتبار عود الضمير فيه إلى الكسرتين وفتح الموحدة من باب علم يعلم وقد تكسر وفي لغة شاذة. وفي رواية الكشميهني إلا أن تيبسا بحرف للاستثناء وللمستملي إلى أن ييبسا بإلى التي للغاية والمثناة التحتية بالتذكير باعتبار عود الضمير إلى العودين لأن الكسرتين هما العودان، وما مصدرية زمانية أي مدة دوامهما إلى زمن اليبس المحتمل تأقيته بالوحي كما قاله المازري، لكن تعقبه القرطبي بأنه لو كان بالوحي لما أتى بحرف الترجي.وأجيب: بأن لعل هنا للتعليل أو أنه يشفع لهما في التخفيف هذه المدة كما صرّح به في حديث جابر على أن القصة واحدة كما رجحه النووي وفيه نظر لما في حديث أبي بكرة عند الإمام أحمد والطبراني أنه الذي أتى بالجريدة إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنه الذي قطع الغصنين فدلّ ذلك على المغايرة، ويؤيد ذلك أن قصة الباب كانت بالمدينة وكان معه عليه الصلاة والسلام جماعة. وقصة جابر كانت في السفر وكان خرج لحاجته فتبعه جابر وحده فظهر التغاير بين حديث ابن عباس وحديث جابر، بل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المروي في صحيح ابن حبّان ما يدل على الثالثة، ولفظه: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ بقبر فوقف فقال: ائتوني بجريدتين فجعل إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في باب وضع الجريدة على القبر من كتاب الجنائز.ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ودارمي ومكّي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف هنا عن جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي الآتية عن الأعمش كمسلم عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس. فأسقط المؤلف طاوسًا الثابت في الثانية من الأولى، فانتقد عليه الدارقطني ذلك كما سيأتي مع الجواب عنه في الباب اللاحق إن شاء الله تعالى، وقد أخرج المؤلف الحديث أيضًا في الطهارة في موضعين وفي الجنائز والأدب والحج ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة في الطهارة، وكذا النسائي فيها أيضًا وفي التفسير والجنائز.

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ‏"‏ يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ‏"‏، ثُمَّ قَالَ ‏"‏ بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ‏"‏‏.‏ ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً‏.‏ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ ‏"‏ لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا ‏"‏‏.‏

    Narrated Ibn `Abbas:Once the Prophet, while passing through one of the graveyards of Medina or Mecca heard the voices of two persons who were being tortured in their graves. The Prophet (ﷺ) said, "These two persons are being tortured not for a major sin (to avoid)." The Prophet (ﷺ) then added, "Yes! (they are being tortured for a major sin). Indeed, one of them never saved himself from being soiled with his urine while the other used to go about with calumnies (to make enmity between friends). The Prophet (ﷺ) then asked for a green leaf of a date-palm tree, broke it into two pieces and put one on each grave. On being asked why he had done so, he replied, "I hope that their torture might be lessened, till these get dried

    Telah menceritakan kepada kami ['Utsman] berkata, telah menceritakan kepada kami [Jarir] dari [Manshur] dari [Mujahid] dari [Ibnu 'Abbas] berkata, "Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam melewati perkebunan penduduk Madinah atau Makkah, lalu beliau mendengar suara dua orang yang sedang di siksa dalam kumur mereka. Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pun berkata: "Keduanya sedang disiksa, dan tidaklah keduanya disiksa disebabkan dosa besar." Lalu beliau menerangkan: "Yang satu disiksa karena tidak bersuci setelah kencing, sementara yang satunya lagi disiksa karena suka mengadu domba." Beliau kemudian minta diambilkan sebatang dahan kurma yang masih basah, beliau lalu membelah menjadi dua bagian, kemudian beliau menancapkan setiap bagian pada dua kuburan tersebut. Maka beliau pun ditanya, "Kenapa Tuan melakukan ini?" Beliau menjawab: "Mudah-mudahan siksanya diringankan selama dahan itu masih basah

    İbn Abbas r.a. şöyle demiştir: Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem) Medine'deki (veya Mekke'deki) bahçelerden birine uğradı. Kabirlerinde azap gören iki insanın sesini duydu. Bunun üzerine şöyle buyurdu: "ikisi azap görüyorlar. (Kendilerince) büyük bir günah sebebiyle azap görmüyorlar. Oysa ki bu büyük bir günahtır. Birisi idrarından sakınmazdı. Diğeri ise insanlar arasında laf getirip götürürdü (koğuculuk yapardı)". Sonra bir dal istedi. Dalı ikiye ayırarak her birinin kabrinin başına bir parçasını koydu. Ona: "Ey Allah'ın Resulü bunu niçin yaptın" diye soruldu. şöyle buyurdu: "Umulur ki bu dallar kurumadıkça onların azabı hafifletilir". Tekrar: 218, 1361, 1378, 6052, 6055. Diğer tahric: Tirmizi Tahare; Nesâî, Tahara, Cenaiz

    ہم سے عثمان نے بیان کیا، کہا ہم سے جریر نے منصور کے واسطے سے نقل کیا، وہ مجاہد سے وہ ابن عباس رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ایک دفعہ مدینہ یا مکے کے ایک باغ میں تشریف لے گئے۔ ( وہاں ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دو شخصوں کی آواز سنی جنھیں ان کی قبروں میں عذاب کیا جا رہا تھا۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ان پر عذاب ہو رہا ہے اور کسی بہت بڑے گناہ کی وجہ سے نہیں پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا بات یہ ہے کہ ایک شخص ان میں سے پیشاب کے چھینٹوں سے بچنے کا اہتمام نہیں کرتا تھا اور دوسرا شخص چغل خوری کیا کرتا تھا۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ( کھجور کی ) ایک ڈالی منگوائی اور اس کو توڑ کر دو ٹکڑے کیا اور ان میں سے ( ایک ایک ٹکڑا ) ہر ایک کی قبر پر رکھ دیا۔ لوگوں نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے پوچھا کہ یا رسول اللہ! یہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے کیوں کیا۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اس لیے کہ جب تک یہ ڈالیاں خشک ہوں شاید اس وقت تک ان پر عذاب کم ہو جائے۔

    ইবনু ‘আব্বাস (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম একদা মাদ্বীনা বা মক্কার বাগানগুলোর মধ্য হতে কোন এক বাগানের পাশ দিয়ে যাচ্ছিলেন। তিনি এমন দু’ ব্যক্তির আওয়ায শুনতে পেলেন যে, তাদেরকে কবরে আযাব দেয়া হচ্ছিল। তখন নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেনঃ এদের দু’জনকে আযাব দেয়া হচ্ছে, অথচ কোন গুরুতর অপরাধে তাদের শাস্তি দেয়া হচ্ছে না। তারপর তিনি বললেনঃ ‘হ্যাঁ, এদের একজন তার পেশাব করতে গিয়ে সতর্কতা অবলম্বন করত না। অপর ব্যক্তি চোগলখোরী করত। অতঃপর তিনি একটি খেজুরের ডাল আনতে বললেন, এবং তা ভেঙ্গে দু’ টুকরা করে প্রত্যেকের কবরের উপর এক টুকরা করে রাখলেন। তাঁকে বলা হল, ‘হে আল্লাহর রাসূল! কেন এমন করলেন?’ তিনি বললেনঃ আশা করা যেতে পারে যতক্ষণ পর্যন্ত এ দু’টি শুকিয়ে না যায় তাদের আযাব কিছুটা হালকা করা হবে। (২১৮, ১৩৬১, ১৩৭৮, ৬০৫২, ৬০৫৫; মুসলিম ২/৩৪, হাঃ ২৯২, আহমাদ ১৯৮০) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ২১০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு அப்பாஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் மதீனாவிலுள்ள -அல்லது மக்காவிலுள்ள- தோட்டங்களில் ஒரு தோட்டத்தைக் கடந்து சென்றார்கள். அப்போது மண்ணறைக்குள் (கப்று) வேதனை செய்யப்பட்டுக்கொண்டிருந்த இரு மனிதர்களின் (கூக்)குரலைச் செவி யுற்றார்கள். அப்போது, “இவர்கள் இருவரும் வேதனை செய்யப்படுகிறார்கள். ஒரு பெரிய (பாவச்) செயலுக்காக இவர்கள் இருவரும் வேதனை செய்யப்படவில்லை” என்று சொல்லிவிட்டு, “ஆம்! (ஒரு வகையில் இறைவனிடம் அது பெரிய பாவச்செயல்தான்) இவ்விருவரில் ஒருவரோ, தமது சிறுநீரிலிருந்து (தமது உடலையும் உடையையும்) மறை(த்துக் கா)க்காமலிருந்தார். மற்றொருவரோ, கோள் சொல்லித் திரிந்துகொண்டிருந்தார்” என்று கூறினார்கள். பிறகு ஒரு (பச்சை) பேரீச்ச மட்டையைக் கொண்டுவரச்சொல்லி. அதை இரண்டாகப் பிளந்து ஒவ்வொரு மண்ணறையின் மீதும் ஒரு துண்டை வைத்தார்கள். அது பற்றி நபி (ஸல்) அவர்களிடம், “அல்லாஹ்வின் தூதரே! நீங்கள் ஏன் இவ்வாறு செய்தீர்கள்?” என்று கேட்கப்பட்டது. அதற்கு நபி (ஸல்) அவர்கள், “இவ்விரு மட்டைகளும் காயாத வரை இவ்விருவரின் வேதனை குறைக்கப்படலாம்” என்று பதிலளித்தார்கள். அத்தியாயம் :