• 2376
  • حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ ، قَالَ : رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ ، فَتَوَضَّأَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ

    رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ ، فَتَوَضَّأَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ "

    رقيت: رقي : صعد
    غرا: الغر : جمع الأغر من الغرة وبياض الوجه
    محجلين: المحجلون : الذين يسطع النور في أيديهم وأرجلهم من أثر الوضوء كأنه تحجيل فرس
    غرته: الغرة : البياض ، والمراد النور الذي يصيب مواضع الوضوء من أثر الوضوء
    أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ ، فَمَنِ
    لا توجد بيانات

    [136] قَوْلُهُ عَن خَالِد هُوَ بن يَزِيدَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ الثِّقَاتُ وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ مِنْ بَابِ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ قَوْلُهُ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ بِضَمِّ الْمِيمِ واسكان الْجِيم هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ وُصِفَ هُوَ وَأَبُوهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا كَانَا يُبَخِّرَانِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ وَصْفَ عَبْدِ اللَّهِ بِذَلِكَ حَقِيقَةٌ وَوَصْفُ ابْنِهِ نُعَيْمٍ بِذَلِكَ مَجَازٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ جَزَمَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ بِأَنَّ نُعَيْمًا كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ السِّتَّةُ نِصْفُهُمْ مِصْرِيُّونَ وَهُمُ اللَّيْثُ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَدَنِيُّونَ قَوْلُهُ رَقِيتُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ صَعِدْتُ قَوْلُهُ فَتَوَضَّأَ كَذَا لِجُمْهُورِ الرُّوَاةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَوْمًا بَدَلَ قَوْلِهِ فَتَوَضَّأَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ تَوَضَّأَ وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِيهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَرَفَعَ فِي عَضُدَيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَرَفَعَ فِي سَاقَيْهِ وَكَذَالِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ نُعَيْمٍ وَزَادَ فِي هَذِهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتَوَضَّأ فَأَفَادَ رَفْعَهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَلْ مِنْ رِوَايَتِهِ وَرَأْيِهِ مَعًا قَوْلُهُ أُمَّتِي أَيْ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ تُطْلَقُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ وَيُرَادُ بِهَا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا قَوْلُهُ يُدْعَوْنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُنَادَوْنَ أَوْ يُسَمَّوْنَ قَوْلُهُ غُرًّا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَمْعُ أَغَرَّ أَيْ ذُو غُرَّةٍ وَأَصْلُ الْغُرَّةِ لَمْعَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي الْجَمَالِ وَالشُّهْرَةِ وَطِيبِ الذِّكْرِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا النُّورُ الْكَائِنُ فِي وُجُوِهِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغُرًّا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِيُدْعَوْنَ أَوْ عَلَى الْحَالِ أَي إِنَّهُم إِذا دعوا على رُؤُوس الْأَشْهَادِ نُودُوا بِهَذَا الْوَصْفِ وَكَانُوا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ قَوْلُهُ مُحَجَّلِينَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ مِنَ التَّحْجِيلِ وَهُوَ بَيَاضٌ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ مِنْ قَوَائِمِ الْفَرَسِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِجْلِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْخَلْخَالُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَيْضًا النُّورُ وَاسْتَدَلَّ الْحَلِيمِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي قِصَّةِ سَارَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ الْمَلِكِ الَّذِي أَعْطَاهَا هَاجَرَ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا هَمَّ الْمَلِكُ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَفِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَيْضًا أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ كَلَّمَ الْغُلَامَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِيَ اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ هُوَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لَا أَصْلُ الْوُضُوءِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَرْفُوعًا قَالَ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ وسيما بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ أَيْ عَلَامَةٌ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْحَلِيمِيِّ بِحَدِيثِ هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء قبلي وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِضَعْفِهِ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ أُمَمِهِمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّةَ قَوْلُهُ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ بِضَمِّ الْوَاوِ وَيجوز فتحهَا على أَنه المَاء قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ أَيْ فَلْيُطِلِ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ وَاقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأُخْرَى نَحْوَ سرابيل تقيكم الْحر وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْغُرَّةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ دُونَ التَّحْجِيلِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِأَنَّ مَحَلَّ الْغُرَّةِ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَوَّلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ذِكْرَ الْأَمْرَيْنِ وَلَفظه فليطل غرته وتحجيله وَقَالَ بن بَطَّالٍ كَنَّى أَبُو هُرَيْرَةَ بِالْغُرَّةِ عَنِ التَّحْجِيلِ لِأَنَّ الْوَجْهَ لَا سَبِيلَ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي غَسْلِهِ وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ قَلْبَ اللُّغَةِ وَمَا نَفَاهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِطَالَةَ مُمْكِنَةٌ فِي الْوَجْهِ بِأَنْ يَغْسِلَ إِلَى صَفْحَةِ الْعُنُقِ مَثَلًا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْغُرَّةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ لَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحٍ عَنْ نُعَيْمٍ وَفِي آخِرِهِ قَالَ نُعَيْمٌ لَا أَدْرِي قَوْلُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَخْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ عَشَرَةٌ وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ رِوَايَةِ نُعَيْمٍ هَذِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنَ التَّطْوِيلِ فِي التَّحْجِيلِ فَقِيلَ إِلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ وَقَدْ ثَبَتَ عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة ورأيا وَعَن بن عمر من فعله أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقِيلَ الْمُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ إِلَى نِصْفِ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَقِيلَ إِلَى فَوق ذَلِك وَقَالَ بن بَطَّالٍ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكَعْبِ وَالْمِرْفَقِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ وَكَلَامُهُمْ مُعْتَرَضٌ مِنْ وُجُوهٍ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَرِيحَةٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ فَلَا تَعَارُضَ بِالِاحْتِمَالِ وَأَمَّا دَعْوَاهُمُ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ بِمَا نَقَلْنَاهُ عَن بن عُمَرَ وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَأَمَّالِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ نُعَيْمٍ وَزَادَ فِي هَذِهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتَوَضَّأ فَأَفَادَ رَفْعَهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَلْ مِنْ رِوَايَتِهِ وَرَأْيِهِ مَعًا قَوْلُهُ أُمَّتِي أَيْ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ تُطْلَقُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ وَيُرَادُ بِهَا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ وَلَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا قَوْلُهُ يُدْعَوْنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُنَادَوْنَ أَوْ يُسَمَّوْنَ قَوْلُهُ غُرًّا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ جَمْعُ أَغَرَّ أَيْ ذُو غُرَّةٍ وَأَصْلُ الْغُرَّةِ لَمْعَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي الْجَمَالِ وَالشُّهْرَةِ وَطِيبِ الذِّكْرِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا النُّورُ الْكَائِنُ فِي وُجُوِهِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغُرًّا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِيُدْعَوْنَ أَوْ عَلَى الْحَالِ أَي إِنَّهُم إِذا دعوا على رُؤُوس الْأَشْهَادِ نُودُوا بِهَذَا الْوَصْفِ وَكَانُوا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ قَوْلُهُ مُحَجَّلِينَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ مِنَ التَّحْجِيلِ وَهُوَ بَيَاضٌ يَكُونُ فِي ثَلَاثِ قَوَائِمَ مِنْ قَوَائِمِ الْفَرَسِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِجْلِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْخَلْخَالُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَيْضًا النُّورُ وَاسْتَدَلَّ الْحَلِيمِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي قِصَّةِ سَارَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ الْمَلِكِ الَّذِي أَعْطَاهَا هَاجَرَ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا هَمَّ الْمَلِكُ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَفِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَيْضًا أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ كَلَّمَ الْغُلَامَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِيَ اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ هُوَ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لَا أَصْلُ الْوُضُوءِ وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَرْفُوعًا قَالَ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ نَحْوُهُ وسيما بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ أَيْ عَلَامَةٌ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْحَلِيمِيِّ بِحَدِيثِ هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء قبلي وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِضَعْفِهِ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ أُمَمِهِمْ إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّةَ قَوْلُهُ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ بِضَمِّ الْوَاوِ وَيجوز فتحهَا على أَنه المَاء قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ أَيْ فَلْيُطِلِ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ وَاقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأُخْرَى نَحْوَ سرابيل تقيكم الْحر وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْغُرَّةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ دُونَ التَّحْجِيلِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِأَنَّ مَحَلَّ الْغُرَّةِ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَوَّلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ذِكْرَ الْأَمْرَيْنِ وَلَفظه فليطل غرته وتحجيله وَقَالَ بن بَطَّالٍ كَنَّى أَبُو هُرَيْرَةَ بِالْغُرَّةِ عَنِ التَّحْجِيلِ لِأَنَّ الْوَجْهَ لَا سَبِيلَ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي غَسْلِهِ وَفِيمَا قَالَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ قَلْبَ اللُّغَةِ وَمَا نَفَاهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِطَالَةَ مُمْكِنَةٌ فِي الْوَجْهِ بِأَنْ يَغْسِلَ إِلَى صَفْحَةِ الْعُنُقِ مَثَلًا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْغُرَّةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ لَكِنْ رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحٍ عَنْ نُعَيْمٍ وَفِي آخِرِهِ قَالَ نُعَيْمٌ لَا أَدْرِي قَوْلُهُ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَخْ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ عَشَرَةٌ وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ رِوَايَةِ نُعَيْمٍ هَذِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَبِّ مِنَ التَّطْوِيلِ فِي التَّحْجِيلِ فَقِيلَ إِلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَةِ وَقَدْ ثَبَتَ عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة ورأيا وَعَن بن عمر من فعله أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقِيلَ الْمُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ إِلَى نِصْفِ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَقِيلَ إِلَى فَوق ذَلِك وَقَالَ بن بَطَّالٍ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكَعْبِ وَالْمِرْفَقِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ وَكَلَامُهُمْ مُعْتَرَضٌ مِنْ وُجُوهٍ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ صَرِيحَةٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ فَلَا تَعَارُضَ بِالِاحْتِمَالِ وَأَمَّا دَعْوَاهُمُ اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ بِمَا نَقَلْنَاهُ عَن بن عُمَرَ وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَأَمَّاهُنَا مَا يُرَادِفُ الصِّحَّةَ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ وَحَقِيقَةُ الْقَبُولِ ثَمَرَةُ وُقُوعِ الطَّاعَةِ مُجْزِئَةً رَافِعَةً لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِشُرُوطِهَا مَظِنَّةَ الْإِجْزَاءِ الَّذِي الْقَبُولُ ثَمَرَتُهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ مَجَازًا وَأَمَّا الْقَبُولُ الْمَنْفِيُّ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ فَهُوَ الْحَقِيقِيُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ الْعَمَلُ وَيَتَخَلَّفُ الْقَبُولُ لِمَانِعٍ وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ لَأَنْ تُقْبَلَ لِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا قَالَه بن عُمَرَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ

    [136] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ فَتَوَضَّأَ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف وإسكان المثناة التحتية المصري (قال حدّثنا الليث) بن سعد المصري أيضًا (عن خالد) هو ابن يزيد من الزيادة الإسكندراني البربري الأصل المصري الفقيه المفتي التابعي، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائة (عن سعيد بن أبي هلال) التيمي مولاهم البصري المولد المدني المنشأ، المتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة (عن نعيم) بضم النون وفتح العين وسكون المثناة التحتية ابن عبد الله المدني العدوي (المجمر) بضم الميم الأولى وكسر الثانية اسم فاعل من الإجمار على الأشهر، وقيل بتشديد الميم الثانية من التجمير وهو صفة لهما حقيقة أنه (قال): (رقيت) بكسر القاف أي صعدت (مع أبي هريرة) رضي الله عنه (على ظهر المسجد) النبوي (فتوضأ) بالفاء التعقيبية وفي نسخة بالواو، ولأبي ذر توضأ بدونهما، وللكشميهني يومًا بدل توضأ وهو تصحيف، وللإسماعيلي وغيره ثمّ توضأ (فقال) وفي رواية الأربعة قال بحذف حرف العطف على الاستئناف كأن قائلاً قال: ثم ماذا؟ فقال: قال: (إني سمعت النبي) وفي رواية أبي ذر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يقول) بلفظ المضارع استحضارًا للصورة الماضية أو لأجل الحكاية عنها (إن أمتي) المؤمنين (يدعون) بضم أوّله وفتح ثالثه (يوم القيامة) على رؤوس الأشهاد حال كونهم (غرًّا) بضم الغين المعجمة وتشديد الراء جمع أغر أي ذو غرة وهي بياض في الجبهة، والمراد به النور يكون في وجوههم وحال كونهم (محجلين) من التحجيل وهو بياض في اليدين والرجلين، والمراد به النور أيضًا أي يدعون إلى يوم القيامة وهم بهذه الصفة فيكون معدّى بإلى نحو: {{يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَاب الله}} [آل عمران: 23] وتعقبه الدماميني بأن حذف مثل هذا الحرف ونصب المجرور بعد حذفه غير مقيس. قال: ولنا مندوحة عن ارتكابه بأن نجعل يوم القيامة ظرفًا أي يدعون فيه غرًّا محجلين اهـ. وقال ابن دقيق العيد: أو مفعول ثانٍ ليدعون بمعنى ينادون على رؤوس الأشهاد بذلك أو بمعنى يسمون بذلك. فإن قلت: الغرة والتحجيل في الآخرة صفات لازمة غير منتقلة فكيف يكونان حالين؟ أجيب: بأن الحال تكون منتقلة أو في حكم المنتقلة إذا كانت وصفًا ثابتًا مؤكدًا نحو قوله تعالى: {{وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا}} [البقرة: 91] ومنه خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها، فأطول حالاً لازمة غير منتقلة، لكنها في حكم المنتقلة لأن المعلوم من سائر الحيوانات استواء القوائم الأربع فلا يخبر بهذا الأمر إلا من يعرفه، وكذلك هنا المعلوم في سائر الخلق عدم الغرة والتحجيل، فلما جعل الله ذلك لهذه الأمة دون سائر الأمم صارت في حكم المنتقلة بهذا العنى، ويحتمل أن تكون هذه علامة لهم في الموقف وعند الحوض، ثم تنتقل عنهم عند دخولهم الجنة فتكون منتقلة بهذا المعنى: (من) أي لأجل (آثار الوضوء) أو من سببية أي بسبب آثار الوضوء ومثله قوله تعالى: {{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}} [نوح: 25] أي بسبب خطاياهم أغرقوا، وحرف الجرّ متعلق بمحجلين أو بيدعون على الخلاف في باب التنازع بين البصريين والكوفيين، والوضوء بضم الواوويجوز فتحها فإن الغرة والتحجيل نشآ عن الفعل بالماء فيجوز أن ينسب إلى كُل منهما. (فمن استطاع) أي قدر (منكم أن يطيل غرته) بأن يغسل شيئًا من مقدّم رأسه وما يجاوز وجهه زائدًا على القدر الذي يجب غسله لاستيعاب كمال الوجه، وأن يطيل تحجيله بأن يغسل بعض عضده أو يستوعبها كما روي عن أبي هريرة وابن عمر (فليفعل) ما ذكر من الغرة والتحجيل فالمفعول محذوف للعلم به، ولمسلم فليطل غرّته وتحجيله، وادّعى ابن بطال وعياض وابن التين اتفاق العلماء على عدم استحباب الزيادة فوق المرفق والكعب، وردّ بأنه ثبت من فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفعل أبي هريرة. وأخرجه ابن أبي شيبة من فعل ابن عمر بإسناد حسن وعمل العلماء وفتواهم عليه، وقال به القاضي حسين وغيره من الشافعية والحنفية، وأما قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" فالمراد به الزيادة في عدد المرّات أو النقص عن الواجب لا الزيادة على تطويل الغرّة والتحجيل وهما من خواص هذه الأمة لا أصل الوضوء، واقتصر هنا على الغرّة لدلالتها على الآخر وخصّها بالذكر لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، وأوّل ما يقع عليه النظر من الإنسان. وحمل ابن عرفة فمما نقله عنه أبو عبد الله الأبّي الغرّة والتحجيل على أنهما كناية عن إنارة كل الذات لا أنه مقصور على أعضاء الوضوء، ووقع عند الترمذي من حديث عبد الله بن بسر وصححه "أمتي يوم القيامة غرّ من السجود محجلة من الوضوء". قال في المصابيح: وهو معارض بظاهر ما في البخاري. 4 - باب لاَ يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ هذا (باب) بالتنوين (لا يتوضأ) بفتح أوّله، وفي رواية ابن عساكر باب من لا يتوضأ (من الشك) أي لأجله كقوله: وذلك من نبأ جاءني. والشك عند الفقهاء هو التردّد على السواء (حتى يستيقن).

    (بابُُ فضل الْوضُوء والغر المحجلون من آثَار الْوضُوء)أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الْوضُوء وَالْبابُُ مُضَاف إِلَى قَوْله فضل الْوضُوء قَوْله والغر المحجلين بِالْجَرِّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي عطفا على الْوضُوء وَالتَّقْدِير وَفضل الغر المحجلين وَصرح بِهِ الْأصيلِيّ فِي رِوَايَته وَفِي أَكثر الرِّوَايَات والغر المحجلون بِالرَّفْع وَذكر فِي وَجهه أَقْوَال فَقَالَ الْكرْمَانِي وَجهه أَن يكون الغر مُبْتَدأ وَخَبره محذوفا أَي مفضلون على غَيرهم وَنَحْوه أَو يكون من آثَار الْوضُوء خَبره أَي الغر المحجلون منشؤهم آثَار الْوضُوء وَقَالَ بَعضهم الْوَاو استئنافية والغر المحجلون مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره لَهُم فضل قلت بل الْوَاو عاطفة لِأَن التَّقْدِير بابُُ فضل الْوضُوء وَبابُُ هَذِه الْجُمْلَة وَقَالَ بعض الشُّرَّاح والغر المحجلون بِالرَّفْع وَإِنَّمَا قطعه عَمَّا قبله لِأَنَّهُ لَيْسَ من جملَة التَّرْجَمَة قلت لَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالَه بل هُوَ من جملَة التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهَا صَرِيحًا لمطابقة مَا فِي حَدِيث الْبابُُ إِيَّاهَا على مَا نذكرهُ عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ الْكرْمَانِي وَيحْتَمل أَن يكون مَرْفُوعا على سَبِيل الْحِكَايَة مِمَّا ورد هَكَذَا أمتِي الغر المحجلون من آثَار الْوضُوء قلت وَقع فِي رِوَايَة مُسلم أَنْتُم الغر المحجلون فَإِن قلت مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ قلت من حَيْثُ أَن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ السَّابِق عدم قبُول الصَّلَاة إِلَّا بِالْوضُوءِ وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ فضل هَذَا الْوضُوء الَّذِي يحصل بِهِ الْقبُول ويفضل بِهِ على غَيره من الْأُمَم
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:135 ... ورقمه عند البغا:136 ]
    - (حَدثنَا يحيى بن بكير قَالَ حَدثنَا اللَّيْث عَن خَالِد عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن نعيم المجمر قَالَ رقيت مَعَ أبي هُرَيْرَة على ظهر الْمَسْجِد فَتَوَضَّأ فَقَالَ إِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من آثَار الْوضُوء فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يُطِيل غرته فَلْيفْعَل) مُطَابقَة الحَدِيث للترجمتين ظَاهِرَة أما مطابقته للأولى وَهِي قَوْله فضل الْوضُوء فبطريق سوق الْكَلَام لَهُ وَأما مطابقته للثَّانِيَة وَهِي قَوْله والغر المحجلين من آثَار الْوضُوء فبطريق التَّصْرِيح فِي لفظ الحَدِيث (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة الأول يحيى بن بكير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْكَاف الْمصْرِيّ وَقد تقدم الثَّانِي اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ وَقد تقدم غير مرّة الثَّالِث خَالِد بن يزِيد من الزِّيَادَة الإسْكَنْدراني الْبَرْبَرِي الأَصْل أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ الْفَقِيه الْمُفْتِي التَّابِعِيّ الثِّقَة مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة الرَّابِع سعيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ مَوْلَاهُم أَبُو الْعَلَاء الْمصْرِيّ ولد بِمصْر وَنَشَأ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر فِي خلَافَة هِشَام وَتُوفِّي فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة الْخَامِس نعيم بِضَم النُّون وَفتح الْعين وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن عبد الله وَقيل مُحَمَّد الْمدنِي الْعَدوي من آل عمر روى عَن أبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَغَيرهمَا وَعنهُ ابْنه مُحَمَّد وَمَالك وَجَمَاعَة وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَآخَرُونَ وجالس أَبَا هُرَيْرَة عشْرين سنة قَوْله المجمر اسْم فَاعل من الإجمار على الْأَشْهر وَيُقَال المجمر بتَشْديد الْمِيم من التجمير وَهُوَ التبخير سمى بِهِ نعيم وَأَبوهُ أَيْضا بذلك لِأَنَّهُمَا كَانَا يبخران مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّوَوِيّ المجمر صفة لعبد الله وَيُطلق على ابْنه نعيم مجَازًا وَقَالَ بَعضهم فِيهِ نظر فقد جزم إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ بِأَن نعيما كَانَ يُبَاشر ذَلِك قلت كل مِنْهُمَا كَانَ يبخر الْمَسْجِد نقل ذَلِك عَن جمَاعَة فَحِينَئِذٍ إِطْلَاق المجمر على كل مِنْهُمَا بطرِيق الْحَقِيقَة فَلَا يَصح دَعْوَى الْمجَاز فِي نعيم فَائِدَة فِي الصَّحَابَة نعيم بن عبد الله النحام وَهُوَ من الْأَفْرَاد وَفِيهِمْ نعيم جمَاعَة بِدُونِ ابْن عبد الله السَّادِس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة وَالسَّمَاع وَمِنْهَا أَن نصف الْإِسْنَاد مصري وَنصفه مدنِي وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض وَمِنْهَا أَن فِيهِ من بابُُ رِوَايَة الأقران وَهِي رِوَايَة خَالِد عَن سعيد وَمِنْهَا أَن رِجَاله كلهم من فرسَان الْكتب السِّتَّة إِلَّا يحيى بن بكير فَإِنَّهُ من رجال البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه فَقَط (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي عَن ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث
    عَن سعيد بن أبي هِلَال وَعَن أبي كريب وَالقَاسِم بن زَكَرِيَّا وَعبد بن حميد ثَلَاثَتهمْ عَن خَالِد بن مخلد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عمَارَة بن غزيَّة كِلَاهُمَا عَن نعيم المجمر بِهِ وَقَالَ بعض الشَّارِحين هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مَعَ أبي هُرَيْرَة سَبْعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ذكرهم ابْن مَنْدَه فِي مستخرجه ابْن مَسْعُود وَجَابِر بن عبد الله وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ وَأَبُو ذَر الْغِفَارِيّ وَعبد الله بن بسر الْمَازِني وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم قلت وَرَوَاهُ أَيْضا أَبُو الدَّرْدَاء أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ ابْن لَهِيعَة فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا أول من يُؤذن لَهُ بِالسُّجُود يَوْم الْقِيَامَة وَأول من يرفع رَأسه فَأنْظر بَين يَدي فأعرف أمتِي من بَين سَائِر الْأُمَم وَمن خَلْفي مثل ذَلِك وَعَن يَمِيني مثل ذَلِك وَعَن شمَالي مثل ذَلِك فَقَالَ رجل كَيفَ تعرف أمتك يَا رَسُول الله من بَين سَائِر الْأُمَم فِيمَا بَين نوح إِلَى أمتك قَالَ هم غر محجلون من أثر الْوضُوء لَيْسَ لأحد كَذَلِك غَيرهم وأعرفهم أَنه يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم تسْعَى بَين أَيْديهم ذُرِّيتهمْ (بَيَان اللُّغَات) قَوْله رقيت بِكَسْر الْقَاف أَي صعدت وَحكى صَاحب الْمطَالع فتح الْقَاف بِالْهَمْز وَبِدُون الْهَمْز قلت فَهَذِهِ ثَلَاث لُغَات واللغة الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة كسر الْقَاف وَقَالَ كرَاع الْهَمْز أَجود وَخَالفهُ صَاحب الْجَامِع فَقَالَ عَدمه أصح وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لَا أعلم صِحَة الْفَتْح وَهَذَا من الرقى أما من الرّقية فرقيت بِالْفَتْح كَمَا اخْتَارَهُ ثَعْلَب فِي فصيحه وَقَالَ الْجَوْهَرِي رقيت فِي السّلم بِالْكَسْرِ رقيا ورقيا إِذا صعدت وارتقيت مثله وَفِي الْعبابُ رقأت الدرجَة لُغَة فِي رقيت قَوْله غرا بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَهُوَ جمع أغر أَي ذُو غرَّة بِالضَّمِّ قَالَ ابْن سَيّده الْغرَّة بَيَاض فِي الْجَبْهَة فرس أغر وغراء وَقيل الْأَغَر من الْخَيل الَّذِي غرته أَكثر من الدِّرْهَم قد وسطت جَبهته وَلم تصب وَاحِدَة من الْعَينَيْنِ وَلم تمل على وَاحِدَة من الدّين وَلم تسل سفلى وَهِي أفشى من القرحة وَقَالَ بَعضهم بل يُقَال للأغر أقرح لِأَنَّك إِذا قلت أغر فَلَا بُد من أَن تصف الْغرَّة بالطول وَالْعرض والصغر والعظم والدقة وكلهن غرر فالغرة جَامِعَة لَهُنَّ وغرة الْفرس بَيَاض يكون فِي وَجهه فَإِن كَانَت مؤزرة فَهِيَ وتيرة وَإِن كَانَت طَوِيلَة فَهِيَ شادخة وَعِنْدِي أَن الْغرَّة نفس الْقدر الَّذِي يشْغلهُ الْبيَاض والأغر الْأَبْيَض من كل شَيْء وَقد غر وَجهه يغر بِالْفَتْح غرا وغرة وعرارة صَار ذَا غرَّة قَوْله محجلين جمع محجل بتَشْديد الْجِيم الْمَفْتُوحَة من التحجيل قَالَ ابْن سَيّده هُوَ بَيَاض يكون فِي قَوَائِم الْفرس كلهَا قَالَ(ذُو ميعة محجل القوائم ... )وَقيل هُوَ أَن يكون الْبيَاض فِي ثَلَاث قَوَائِم مِنْهُنَّ دون الْأُخْرَى فِي رجل ويدين قَالَ(تعادى من قَوَائِمهَا ثَلَاث ... بتحجيل وقائمة بهيم)وَلَا يكون التحجيل فِي الْيَدَيْنِ خَاصَّة إِلَّا مَعَ الرجلَيْن وَلَا فِي يَد وَاحِدَة دون الْأُخْرَى إِلَّا مَعَ الرجلَيْن والتحجيل بَيَاض قل أَو كثر حَتَّى يبلغ نصف الوظيف ولون سائره مَا كَانَ وَفِي الصِّحَاح يُجَاوز الأرساغ وَلَا يُجَاوز الرُّكْبَتَيْنِ والعرقوبين وَفِي المغيث فَإِذا كَانَ الْبيَاض فِي طرف الْيَد فَهُوَ الْعِصْمَة يُقَال فرس أعصم وَفِي الْعبابُ التحجيل بَيَاض فِي قَوَائِم الْفرس أَو فِي ثَلَاث مِنْهَا أَو فِي رجلَيْنِ قل أَو كثر بعد أَن يُجَاوز الأرساغ وَلَا يُجَاوز الرُّكْبَتَيْنِ والعرقوبين لِأَنَّهَا مَوَاضِع الأحجال وَهِي الخلاخيل والقيود يُقَال فرس محجل وحجلت قوائمه تحجيلا فَإِذا كَانَ الْبيَاض فِي قوائمه الْأَرْبَع فَهُوَ محجل أَربع وَإِن كَانَ فِي الرجلَيْن جَمِيعًا فَهُوَ محجل الرجلَيْن وَإِن كَانَ بِإِحْدَى رجلَيْهِ وَجَاوَزَ الأرساغ فَهُوَ محجل الرجل الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى وَإِن كَانَ الْبيَاض فِي ثَلَاث قَوَائِم دون رجل أَو دون يَد فَهُوَ محجل ثَلَاث مُطلق يَد أَو رجل فَإِن كَانَ محجل يَد وَرجل من شقّ فَهُوَ مُمْسك الأيامن مُطلق الأياسر أَو مُمْسك الأياسر مُطلق الأيامن وَإِن كَانَ من خلاف قل أَو كثر فَهُوَ مشكول انْتهى قلت الأحجال جمع حجل بِالْفَتْح وَهُوَ الْقَيْد والخلخال أَيْضا والحجل بِالْكَسْرِ والحجل لُغَة فيهمَا وَالْأَصْل فِيهِ الْقَيْد والحجلان مشْيَة الْمُقَيد (بَيَان الْإِعْرَاب) قَوْله على ظهر الْمَسْجِد يتَعَلَّق بقوله رقيت قَوْله فَتَوَضَّأ هَكَذَا وَقع لجمهور الروَاة بِلَفْظ تَوَضَّأ وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني يَوْمًا بدل تَوَضَّأ وَهُوَ تَصْحِيف ثمَّ هُوَ فَتَوَضَّأ بِالْفَاءِ فِي غَالب النّسخ وَقد رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره من الْوَجْه الَّذِي أوردهُ البُخَارِيّ بِلَفْظ ثمَّ تَوَضَّأ وَوَقع فِي بعض النّسخ تَوَضَّأ بِدُونِ حرف الْعَطف وَإِلَى هَذَا ذهب الْكرْمَانِي وَلِهَذَا قَالَ تَوَضَّأ اسْتِئْنَاف كَأَن قَائِلا يَقُول مَاذَا فعل قَالَ تَوَضَّأ ثمَّ قَالَ وَلِهَذَا لم يذكر فِيهِ وَاو الْعَطف ثمَّ قَالَ وَفِي بعض النّسخ وَتَوَضَّأ بِالْوَاو وَقلت فِي أَكثر النّسخ فَتَوَضَّأ بِالْفَاءِ التعقيبية كَمَا ذكرنَا قَوْله قَالَ اسْتِئْنَاف وَلِهَذَا لم يذكر فِيهِ حرف
    للْعَطْف كَأَن قَائِلا قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ فَقَالَ قَالَ إِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله يَقُول جملَة وَقعت حَالا من النَّبِي قَوْله إِن أمتِي الخ مقول القَوْل وَقَوله أمتِي كَلَام إضافي اسْم إِن وَقَوله يدعونَ على صِيغَة الْمَجْهُول فِي مَحل الرّفْع على أَنه خبر إِن قَوْله يَوْم الْقِيَامَة نصب على الظّرْف قَوْله غرا فِي انتصابه وَجْهَان أَحدهمَا أَن يكون حَالا من الضَّمِير الَّذِي فِي يدعونَ وَالْمعْنَى يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة وهم بِهَذِهِ الصّفة وَيدعونَ يتَعَدَّى فِي الْمَعْنى بالحرف وَالتَّقْدِير يدعونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {{يدعونَ إِلَى كتاب الله}} وَالْوَجْه الآخر أَن يكون مَفْعُولا ثَانِيًا ليدعون على تضمنه معنى يسمون بِهَذَا الِاسْم كَمَا يُقَال فلَان يدعى زيدا وأصل يدعونَ يدعوون بواوين تحركت الأولى وَانْفَتح مَا قبلهَا فقلبت ألفا فَاجْتمع ساكنان الْألف وَالْوَاو بعْدهَا فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين فَصَارَ يدعونَ قَوْله محجلين يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين قَوْله من آثَار الْوضُوء كلمة من تصلح أَن تكون للتَّعْلِيل أَي لأجل آثَار الْوضُوء قَوْله فَمن كلمة من مَوْصُولَة تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره قَوْله فَلْيفْعَل وَدخلت الْفَاء فِيهِ لتضمن الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط قَوْله اسْتَطَاعَ جملَة صلَة الْمَوْصُول قَوْله أَن يُطِيل فِي مَحل النصب بقوله اسْتَطَاعَ وَأَن مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم إطالة غرته فَلْيفْعَل ومفعول فَلْيفْعَل مَحْذُوف للْعلم بِهِ أَي فَلْيفْعَل الْغرَّة أَو الإطالة (بَيَان الْمعَانِي) قَوْله الْمَسْجِد الْألف وَاللَّام فِيهِ للْعهد أَي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله يَقُول بِصُورَة الْمُضَارع لأجل الاستحضار لصورة الْمَاضِيَة أَو لأجل الْحِكَايَة عَنْهَا وَإِلَّا فَالْأَصْل أَن يُقَال قَالَ بِلَفْظ الْمَاضِي قَوْله إِن أمتِي الْأمة فِي اللَّفْظ وَاحِد وَفِي الْمَعْنى جمع وَهِي فِي اللُّغَة الْجَمَاعَة وكل جنس من الْحَيَوَان أمة وَفِي الحَدِيث لَوْلَا أَن الْكلاب أمة من الْأُمَم لأمرت بقتلها وتستعمل فِي اللُّغَة لمعان كَثِيرَة الطَّرِيقَة وَالدّين يُقَال فلَان لَا أمة لَهُ أَي لَا دين لَهُ وَلَا تَحِلَّة لَهُ والحين قَالَ تَعَالَى {{وادكر بعد أمة}} أَي بعد حِين وَالْملك وَالرجل الْجَامِع للخير وَالرجل الْمُنْفَرد بِدِينِهِ لَا يشركهُ فِيهِ أحد وَالْأمة اتِّبَاع الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطلق على مَعْنيين أمة الدعْوَة وَهِي من بعث إِلَيْهِم وَأمة الْإِجَابَة وَهِي من صدقه وآمن بِهِ وَهَذِه هِيَ المرادة مِنْهَا قَوْله يدعونَ أما من الدُّعَاء بِمَعْنى النداء أَي يدعونَ إِلَى موقف الْحساب أَو إِلَى الْمِيزَان أَو إِلَى غير ذَلِك وَأما من الدُّعَاء بِمَعْنى التَّسْمِيَة نَحْو دَعَوْت ابْني زيدا أَي سميته بِهِ قَوْله يَوْم الْقِيَامَة يَوْم من الْأَسْمَاء الشاذة لوُقُوع الْفَاء وَالْعين فِيهِ حرفي عِلّة فَهُوَ من بابُُ وَيْح وويل وَهُوَ اسْم لبياض النَّهَار وَهُوَ من طُلُوع الْفجْر الصَّادِق إِلَى غرُوب الشَّمْس وَالْقِيَامَة فعالة من قَامَ يقوم وَأَصلهَا قَوَّامَة قلبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا قَوْله من آثَار الْوضُوء الْآثَار جمع أثر وَأثر الشَّيْء هُوَ بَقِيَّته وَمِنْه أثر الْجرْح وَالْوُضُوء بِضَم الْوَاو وَيجوز فتحهَا أَيْضا فَإِن الْغرَّة والتحجيل نشآ عَن الْغسْل بِالْمَاءِ فَيجوز أَن ينْسب إِلَى كل مِنْهُمَا قَوْله فَمن اسْتَطَاعَ أَي قدر أَن يُطِيل غرته أَي يغسل غرته بِأَن يُوصل المَاء من فَوق الْغرَّة إِلَى تَحت الحنك طولا وَمن الْأذن إِلَى الْأذن عرضا وَفِيه بابُُ الِاخْتِصَار حَيْثُ حذف الْمَفْعُول فِي قَوْله فَلْيفْعَل لأَنا قُلْنَا أَن التَّقْدِير فَلْيفْعَل الْغرَّة أَو الإطالة وَفِيه أَيْضا الِاحْتِرَاز عَن التّكْرَار والإشعار بِأَن أصل هَذَا الْفِعْل مهتم بِهِ وَفِيه بابُُ الِاكْتِفَاء حَيْثُ اقْتصر على ذكر الْغرَّة وَلم يذكر التحجيل وَذَلِكَ للْعلم بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {{سرابيل تقيكم الْحر}} وَالْمرَاد الْحر وَالْبرد وَلم يذكر الْبرد للْعلم بِهِ وَالدَّلِيل على أَن المُرَاد كِلَاهُمَا مَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم بِذكر كليهمَا مُصَرحًا من طَرِيق عمَارَة بن غزيَّة وَهُوَ قَوْله فليطل غرته وتحجيله وَإِنَّمَا اقْتصر على ذكر الْغرَّة وَهِي مُؤَنّثَة دون التحجيل وَهُوَ مُذَكّر لِأَن مَحل الْغرَّة أشرف أَعْضَاء الْوضُوء وَأول مَا يَقع عَلَيْهِ النّظر من الْإِنْسَان وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي كَانَ ذَلِك من بابُُ التغليب بِالذكر لأحد الشَّيْئَيْنِ على الآخر وَإِن كَانَا بسبيل وَاحِد للترغيب فِيهِ وَقد اسْتعْمل الْفُقَهَاء ذَلِك فَقَالُوا يسْتَحبّ تَطْوِيل الْغرَّة ومرادهم الْغرَّة والتحجيل قلت هَذَا لَيْسَ بتغليب حَقِيقِيّ إِذْ لم يُؤْت فِيهِ إِلَّا بِأحد الاسمين والتغليب اجْتِمَاع الاسمين أَو الْأَسْمَاء ويغلب أَحدهمَا على الآخر نَحْو القمرين والعمرين وَنَحْوهمَا ورد عَلَيْهِ بعض الشَّارِحين بِأَن الْقَاعِدَة فِي التغليب أَن يغلب الْمُذكر على الْمُؤَنَّث لَا بِالْعَكْسِ وَالْأَمر هُنَا بِالْعَكْسِ لتأنيث الْغرَّة وتذكير التحجيل قلت نقل عَن ابْن بابُشاد أَنه قَالَ تَغْلِيب الْمُؤَنَّث على الْمُذكر وَقع فِي موضِعين أَحدهمَا ضبعان للخفة وَالْآخر فِي بابُُ التَّارِيخ وَأَن التَّارِيخ عِنْد الْعَرَب من اللَّيْل لَا من النَّهَار فغلبوا اللَّيْلَة على النَّهَار وَالثَّانِي مَرْدُود لما ذكرنَا أَن حَقِيقَة التغليب أَن
    يجْتَمع شَيْئَانِ ويغلب أَحدهمَا على الآخر وَهَذَا لم يجْتَمع فِيهِ شَيْئَانِ وَإِنَّمَا جعلت التَّارِيخ بالليلة دون النَّهَار لِأَن أشهر الْعَرَب قمرية فَافْهَم ثمَّ اعْلَم أَن هَذَا كُله على تَقْدِير أَن يكون قَوْله فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم إِلَى آخِره من الحَدِيث لِأَن الْمَرْفُوع مِنْهُ إِلَى قَوْله من آثَار الْوضُوء وَبَاقِي ذَلِك من قَول أبي هُرَيْرَة أدرجه فِي آخر الحَدِيث وَقد أنكر ذَلِك بعض الشَّارِحين فَقَالَ وَفِي هَذِه الدَّعْوَى بعد عِنْدِي قلت لَيْسَ فِيهَا بعد وَكَيف وَقد رَوَاهُ أَحْمد رَحمَه الله من طَرِيق فليح عَن نعيم وَفِي آخِره قَالَ نعيم لَا أَدْرِي قَوْله من اسْتَطَاعَ إِلَى آخِره من قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من قَول أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقد روى هَذَا الحَدِيث عشرَة من الصَّحَابَة وَلَيْسَ فِي رِوَايَة وَاحِد مِنْهُم هَذِه الْجُمْلَة وَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة عَن أبي هُرَيْرَة وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أحد مِنْهُم غير مَا وجد فِي رِوَايَة نعيم عَنهُ فَهَذَا كُله أَمارَة الإدراج وَالله أعلم (بَيَان الْبَيَان) فِيهِ تَشْبِيه بليغ حَيْثُ شبه النُّور الَّذِي يكون على مَوضِع الْوضُوء يَوْم الْقِيَامَة بغرة الْفرس وتحجيله وَيجوز أَن يكون كِنَايَة بِأَن يكون كنى بالغرة عَن نور الْوَجْه وَقد علم أَن الْأُصُول فِي هَذَا الْبابُُ ثَلَاثَة التَّشْبِيه وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة فالتشبيه هُوَ الدّلَالَة على مُشَاركَة أَمر لأمر فِي وصف من أَوْصَاف أَحدهمَا فِي نَفسه كالشجاعة فِي الْأسد والنور فِي الشَّمْس وَاللَّفْظ المُرَاد بِهِ لَازم مَا وضع لَهُ أَن قَامَت قرينَة على عدم إِرَادَته فمجاز كَقَوْلِه رَأَيْت أسدا يرْمى وَإِن لم تقم قرينَة على عدم إِرَادَة مَا وضع لَهُ فَهُوَ كِنَايَة كَقَوْلِك زيد طَوِيل النجاد وَمعنى الْمجَاز كجزء معنى الْكِنَايَة من حَيْثُ أَن الْكِنَايَة لَا تنَافِي إِرَادَة الْحَقِيقَة فَلَا يمْتَنع أَن يُرَاد من قَوْلهم فلَان طَوِيل النجاد طول نجاده من غير ارْتِكَاب تَأَول مَعَ إِرَادَة طول قامته بِخِلَاف الْمجَاز فَإِنَّهُ يُنَافِي الْحَقِيقَة فَيمْتَنع أَن يُرَاد معنى الْأسد من غير تَأْوِيل فِي نَحْو رَأَيْت أسدا فِي الْحمام فالحقيقة جَائِزَة الْإِرَادَة مَعَ الْكِنَايَة غير جَائِزَة الْإِرَادَة مَعَ الْمجَاز فَإِن الْمجَاز بِهَذَا الِاعْتِبَار جُزْء من الْكِنَايَة فَافْهَم (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) وَهُوَ على وُجُوه الأول قَالُوا فِيهِ تَطْوِيل الْغرَّة وَهُوَ غسل شَيْء من مقدم الرَّأْس وَمَا يُجَاوز الْوَجْه زَائِدا على الْقدر الَّذِي يجب غسله لاستيقان كَمَال الْوَجْه وَفِيه تَطْوِيل التحجيل وَهُوَ غسل مَا فَوق الْمرْفقين والكعبين وَادّعى ابْن بطال ثمَّ القَاضِي عِيَاض ثمَّ ابْن التِّين اتِّفَاق الْعلمَاء على أَنه لَا يسْتَحبّ الزِّيَادَة فَوق الْمرْفق والكعب وَهِي دَعْوَى بَاطِلَة فقد ثَبت ذَلِك عَن فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي هُرَيْرَة وَعمل الْعلمَاء وفتواهم عَلَيْهِ فهم محجوجون بِالْإِجْمَاع وَقد ثَبت عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا من فعله أخرجه ابْن أبي شيبَة وَأَبُو عبيد بِإِسْنَاد حسن ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْقدر الْمُسْتَحبّ من التَّطْوِيل فِي التحجيل فَقيل إِلَى الْمنْكب وَالركبَة وَقد ثَبت عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة ورأيا وَقيل الْمُسْتَحبّ الزِّيَادَة إِلَى نصف الْعَضُد والساق وَقيل إِلَى فَوق ذَلِك وَنقل ذَلِك عَن الْبَغَوِيّ وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة حاصلها ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا أَنه يسْتَحبّ الزِّيَادَة فَوق الْمرْفقين والكعبين من غير تَوْقِيت وَثَانِيها إِلَى نصف الْعَضُد والساق وَثَالِثهَا إِلَى الْمنْكب والركبتين قَالَ وَالْأَحَادِيث تَقْتَضِي ذَلِك كُله وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقشيرِي لَيْسَ فِي الحَدِيث تَقْيِيد وَلَا تَحْدِيد لمقدار مَا يغسل من العضدين والساقين وَقد اسْتعْمل أَبُو هُرَيْرَة الحَدِيث على إِطْلَاقه وَظَاهره من طلب إطالة الْغرَّة فَغسل إِلَى قريب من الْمَنْكِبَيْنِ وَلم ينْقل ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا كثر اسْتِعْمَاله فِي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَلذَلِك لم يقل بِهِ الْفُقَهَاء وَرَأَيْت بعض النَّاس قد ذكر أَن حد ذَلِك نصف الْعَضُد والساق انْتهى قلت قَوْله لم يقل بِهِ الْفُقَهَاء مَرْدُود بِمَا ذَكرْنَاهُ وَمن أَوْهَام ابْن بطال وَالْقَاضِي عِيَاض إنكارهما على أبي هُرَيْرَة بُلُوغه المَاء إِلَى إبطَيْهِ وَأَن أحدا لم يُتَابِعه عَلَيْهِ فقد قَالَ بِهِ القَاضِي حُسَيْن وَآخَرُونَ من الشَّافِعِيَّة وَفِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة حَدثنَا وَكِيع عَن الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ رُبمَا بلغ بِالْوضُوءِ إبطه فِي الصَّيف فَإِن قلت روى ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن وَكِيع عَن عقبَة بن أبي صَالح عَن إِبْرَاهِيم أَنه كرهه قلت هَذَا مَرْدُود بِذَاكَ فَإِن قلت اسْتدلَّ ابْن بطال فِيمَا ذهب إِلَيْهِ وَمن تبعه أَيْضا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زَاد على هَذَا اَوْ نقص فقد أَسَاءَ وظلم قلت هَذَا اسْتِدْلَال فَاسد لِأَن المُرَاد بِهِ الزِّيَادَة فِي عدد المرات أَو النَّقْص عَن الْوَاجِب أَو الثَّوَاب الْمُرَتّب على نقص الْعدَد لَا الزِّيَادَة على تَطْوِيل الْغرَّة أَو التحجيل وَكَذَلِكَ تَأْوِيل ابْن بطال الِاسْتِطَاعَة فِي الحَدِيث على إطالة الْغرَّة والتحجيل بالمواظبة على الْوضُوء لكل صَلَاة فتطول غرته بتقوية نور أَعْضَائِهِ وَبِأَن الطول والدوام مَعْنَاهُمَا مُتَقَارب فَاسد وَوَجهه ظَاهر وَكَذَلِكَ قَوْله الْوَجْه لَا سَبِيل إِلَى الزِّيَادَة فِي غسله إِذْ اسْتِيعَاب الْوَجْه بِالْغسْلِ وَاجِب فَاسد لَا مَكَان
    الإطالة فِي الْوَجْه بِأَن يغسل إِلَى صفحة الْعُنُق مثلا الثَّانِي فِيهِ اسْتِحْبابُُ الْمُحَافظَة على الْوضُوء وسننه الْمَشْرُوعَة فِيهِ وإسباغه الثَّالِث فِيهِ مَا أعد الله من الْفضل والكرامة لأهل الْوضُوء يَوْم الْقِيَامَة الرَّابِع فِيهِ دلَالَة قَطْعِيَّة على أَن وَظِيفَة الرجلَيْن غسلهمَا وَلَا يجزىء مسحهما الْخَامِس فِيهِ مَا أطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من المغيبات الْمُسْتَقْبلَة الَّتِي لم يطلع عَلَيْهَا نَبيا غَيره من أُمُور الْآخِرَة وصفات مَا فِيهَا السَّادِس فِيهِ قبُول خبر الْوَاحِد وَهُوَ مستفيض فِي الْأَحَادِيث السَّابِع فِيهِ الدَّلِيل على كَون يَوْم الْقِيَامَة والنشور الثَّامِن فِيهِ جَوَاز الْوضُوء على ظهر الْمَسْجِد وَهُوَ من بابُُ الْوضُوء فِي الْمَسْجِد وَقد كرهه قوم وَأَجَازَهُ آخَرُونَ وَمن كرهه كرهه لأجل التَّنْزِيه كَمَا ينزه عَن البصاق والنخامة وَحُرْمَة أَعلَى الْمَسْجِد كَحُرْمَةِ دَاخله وَمِمَّنْ أجَازه فِي الْمَسْجِد ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ وَطَاوُس وَهُوَ قَول ابْن الْقَاسِم وَأكْثر الْعلمَاء وَكَرِهَهُ ابْن سِيرِين وَهُوَ قَول مَالك وَسَحْنُون وَقَالَ ابْن الْمُنْذر أَبَاحَ كل من يحفظ عَنهُ الْعلم الْوضُوء فِيهِ إِلَّا ان يبله ويتأذى بِهِ النَّاس فَإِنَّهُ يكره وَصرح جمَاعَة من الشَّافِعِيَّة بِجَوَازِهِ فِيهِ وَأَن الأولى أَن يكون فِي إِنَاء قَالَ الْبَغَوِيّ وَيجوز نضحه بِالْمَاءِ الْمُطلق وَلَا يجوز بِالْمُسْتَعْملِ لِأَن النَّفس تعافه وَقَالَ أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة يكره الْوضُوء فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَن يكون فِي مَوضِع مِنْهُ قد أعد لَهُ التَّاسِع اسْتدلَّ بِهِ جمَاعَة من الْعلمَاء على أَن الْوضُوء من خَصَائِص هَذِه الْأمة وَبِه جزم الْحَلِيمِيّ فِي منهاجه وَفِي الصَّحِيح أَيْضا لكم سيماء لَيست لأحد من الْأُمَم تردون عَليّ غرا محجلين من أثر الْوضُوء وَقَالَ الْآخرُونَ لَيْسَ الْوضُوء مُخْتَصًّا بِهَذِهِ الْأمة وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتصّت بِهِ الْغرَّة والتحجيل وَادعوا أَنه الْمَشْهُور من قَول الْعلمَاء وَاحْتَجُّوا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا وضوئي ووضوء الْأَنْبِيَاء قبلي وَأجَاب الْأَولونَ عَن هَذَا بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنه حَدِيث ضَعِيف وَالْآخر أَنه لَو صَحَّ لاحتمل اخْتِصَاص الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي هَذِه الخصوصية وامتازت بالغرة والتحجيل وَلَكِن ورد فِي حَدِيث جريج كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه أَنه قَامَ فَتَوَضَّأ وَصلى ثمَّ كلم الْغُلَام وَثَبت أَيْضا عِنْد البُخَارِيّ فِي قصَّة سارة عَلَيْهَا السَّلَام مَعَ الْملك الَّذِي أَعْطَاهَا هَاجر أَن سارة لما هم الْملك بالدنو مِنْهَا قَامَت تتوضأ وَتصلي وَفِيهِمَا دلَالَة على أَن الْوضُوء كَانَ مَشْرُوعا لَهُم وعَلى هَذَا فَيكون خَاصَّة هَذِه الْأمة الْغرَّة والتحجيل الناشئين عَن الْوضُوء لَا أصل الْوضُوء وَنقل الزناتي الْمَالِكِي شَارِح الرسَالَة عَن الْعلمَاء أَن الْغرَّة والتحجيل حكم ثَابت لهَذِهِ الْأمة من تَوَضَّأ مِنْهُم وَمن لم يتَوَضَّأ كَمَا قَالُوا لَا يكفر أحد من أهل الْقبْلَة كل من آمن بِهِ من أمته سَوَاء صلى أَو لم يصل وَهَذَا نقل غَرِيب وَظَاهر الْأَحَادِيث يَقْتَضِي خُصُوصِيَّة ذَلِك لمن تَوَضَّأ مِنْهُم وَفِي صَحِيح ابْن حبَان يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف من لم يَرك من أمتك قَالَ غر محجلون بلق من آثَار الْوضُوء

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، قَالَ رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ ‏ "‏ إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ ‏"‏‏.‏

    Narrated Nu`am Al-Mujmir:Once I went up the roof of the mosque, along with Abu Huraira. He perform ablution and said, "I heard the Prophet (ﷺ) saying, "On the Day of Resurrection, my followers will be called "Al-Ghurr-ul- Muhajjalun" from the trace of ablution and whoever can increase the area of his radiance should do so (i.e. by performing ablution regularly)

    Telah menceritakan kepada kami [Yahya bin Bukair] berkata, telah menceritakan kepada kami [Al Laits] dari [Khalid] dari [Sa'id bin Abu Hilal] dari [Nu'aim bin Al Mujmir] berkata, "Aku mendaki masjid bersama [Abu Hurairah], lalu dia berwudlu' dan berkata, "Aku mendengar Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Sesungguhnya umatku akan dihadirkan pada hari kiamat dengan wajah berseri-seri karena sisa air wudlu, barangsiapa di antara kalian bisa memperpanjang cahayanya hendaklah ia lakukan

    Nuaym el-Mücmir şöyle demiştir: Ebu Hureyre ile birlikte mescidin üzerine çıktık. Ebu Hureyre abdest aldı ve şöyle dedi: Ben Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem)'in şöyle buyurduğunu işittim: Ümmetim kıyamet gününde bedenlerindeki abdest izlerinden dolayı yüzleri nurlu, elleri ve ayakları sekililer olarak çağrılacaklardır. Ebu Hureyre şöyle dedi: "Kim bu parlaklığı daha çok artırabilirse arttırsın

    ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا، ان سے لیث نے خالد کے واسطے سے نقل کیا، وہ سعید بن ابی ہلال سے نقل کرتے ہیں، وہ نعیم المجمر سے، وہ کہتے ہیں کہ میں ( ایک مرتبہ ) ابوہریرہ رضی اللہ عنہ کے ساتھ مسجد کی چھت پر چڑھا۔ تو آپ نے وضو کیا اور کہا کہ میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا تھا کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم فرما رہے تھے کہ میری امت کے لوگ وضو کے نشانات کی وجہ سے قیامت کے دن سفید پیشانی اور سفید ہاتھ پاؤں والوں کی شکل میں بلائے جائیں گے۔ تو تم میں سے جو کوئی اپنی چمک بڑھانا چاہتا ہے تو وہ بڑھا لے ( یعنی وضو اچھی طرح کرے ) ۔

    নু‘আয়ম মুজমির (রহ.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি আবূ হুরাইরাহ (রাযি.)-এর সঙ্গে মসজিদের ছাদে উঠলাম। অতঃপর তিনি উযূ করে বললেনঃ ‘আমি আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -কে বলতে শুনেছি, কিয়ামতের দিন আমার উম্মাতকে এমন অবস্থায় আহবান করা হবে যে, উযূর প্রভাবে তাদের হাত-পা ও মুখমন্ডল উজ্জ্বল থাকবে। তাই তোমাদের মধ্যে যে এ উজ্জ্বলতা বাড়িয়ে নিতে পারে, সে যেন তা করে।’ (মুসলিম ২/১২, হাঃ ২৪৬, আহমাদ ৯২০৬) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৩৩, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    நுஐம் பின் அப்தில்லாஹ் அல் முஜ்மிர் (ரஹ்) அவர்கள் கூறியதாவது: (மஸ்ஜிதுந் நபவீ) பள்ளிவாசலின் மேல் புறத்தில் அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்களுடன் நானும் ஏறிச் சென்றேன். அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் அங்கத் தூய்மை செய்தார்கள். பின்னர் “மறுமை நாளில் என் சமுதாயத்தார் அங்கத் தூய்மையின் உறுப்புகளிலுள்ள அடையாளங்களால் ‘(பிரதான) உறுப்புகள் பிரகாசிப்போரே!’ என்று அழைக்கப்படுவார்கள். எனவே, உங்களில் யாருக்கு (தம் உறுப்புகளை நீட்டிக் கழுவி) தமது பிரகாசத்தையும் நீட்டிக்கொள்ள முடியுமோ அவர் அதைச் செய்து கொள்ளட்டும்” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறியதைக் கேட்டிருக்கிறேன் என்றார்கள்.4 அத்தியாயம் :