حَدَّثَنَـا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ ؟ كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ فَقَالَ : إِنْ لَمْ تَجِدِينِي ائْتِي أَبَا بَكْرٍ
وَحَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلْوَذَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَـا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ فَقَالَتْ : إِنْ جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ أَجِدْكَ ؟ تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهَا : إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ
وَحَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرٍ قَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزُ قَالَ : حَدَّثَنَـا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَـا أَبُو تُمَيْلَةَ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ : يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ قَالَ : لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ , وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ : حَدَّثَنَـا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ قَالَ : أَنَا خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ يَعْنِي فَكَرِهَ أَنْ يُقَالَ : يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَيْضًا قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ : وَلِيَنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَيْرُ خَلِيفَةٍ أَرْحَمُهُ بِنَا وَأَحْنَاهُ عَلَيْنَا
حَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا شَبَابَةُ يَعْنِي : ابْنَ سَوَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ , عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَأَبِي حُبَابٍ كِلَاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا قَالَ : مَا أَسْتَخْلِفُ , وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرًا يَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى خَيْرِهِمْ
وَحَدَّثَنَـا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ قَالَ : خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ الْإِمَارَةَ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا عَهْدًا فَنَتَّبِعَ أَمْرَهُ , وَلَكِنَّا رَأَيْنَاهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا , اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ , ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ
وَحَدَّثَنَـا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالَجَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ , قَالَ : قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَمَا بُويِعَ لَهُ وَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ قَامَ ثَلَاثًا يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ , قَدْ أَقَلْتُكُمْ بِيعَتَكُمْ هَلْ مِنْ كَارِهٍ ؟ قَالَ : فَيَقُومُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَائِلَ النَّاسِ يَقُولُ : لَا وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ , وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ
أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْفَلَّاسُ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو إِدْرِيسَ تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو الْجَحَّافِ قَالَ : احْتَجَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّاسِ ثَلَاثًا يُشْرِفُ عَلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ فَيَقُولُ : قَدْ أَقَلْتُكُمْ بَيْعَتِي فَبَايِعُوا مَنْ شِئْتُمْ قَالَ : فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ , وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ
حَدَّثَنَـا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَـا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو سِنَانٍ , عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ , عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلَالِيِّ قَالَ : وَافَقْنَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ذَاتَ يَوْمٍ طِيبَ نَفْسٍ وَمِزَاحًا فَقُلْنَا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَـا عَنْ أَصْحَابِكَ ، قَالَ : كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَصْحَابِي قُلْنَا : حَدِّثْنَـا عَنْ أَصْحَابِكَ خَاصَّةً ، قَالَ : مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَاحِبٌ إِلَّا كَانَ لِي صَاحِبًا قُلْنَا : حَدِّثْنَـا عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : ذَاكَ امْرُؤٌ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَعَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَضِيَهُ لِدِينِنَا فَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا . . . . . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا إِبْرَاهِيمُ بْنُ فَهْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ , عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَدْ رَأَى مَكَانِي , وَمَا كُنْتُ غَائِبًا وَلَا مَرِيضًا , وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَنِي لَقَدَّمَنِي , فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِدِينِنَا
وَحَدَّثَنَـا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ , عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّا , وَقَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْجَمَلِ فَقَالَا لَهُ : أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا الَّذِي سِرْتَ : رَأْيًا رَأَيْتَهُ حِينَ تَفَرَّقَتِ الْأُمَّةُ , وَاخْتَلَفَتِ الدَّعْوَةُ , إِنَّكَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ , فَإِنْ كَانَ رَأْيًا رَأَيْتَهُ أَجَبْنَاكَ فِي رَأْيِكَ , وَإِنْ كَانَ عَهْدًا عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَنْتَ الْمَوْثُوقُ الْمَأْمُونُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا تُحَدِّثُ عَنْهُ , قَالَ : فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَكَانَ الْقَوْمُ إِذَا تَكَلَّمُوا تَشَهَّدُوا , قَالَ : فَقَالَ : أَمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَا وَاللَّهِ , وَلَوْ كَانَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا تَرَكْتُ أَخَا تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ , وَلَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِهِ , وَلَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا يَدِي هَذِهِ , وَلَكِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَبِيُّ رَحْمَةٍ , لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً , وَلَمْ يُقْتَلْ قَتْلًا , مَرِضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا , وَأَيَّامًا وَلَيَالِيَ , فَيَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ , فَيَقُولُ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ , وَهُوَ يَرَى مَكَانِي , فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , نَظَرْنَا فِي أَمْرِنَا , فَإِذَا الصَّلَاةُ عَضُدُ الْإِسْلَامِ وَقِوَامُ الدِّينِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لِدِينِنَا فَوَلَّيْنَا الْأَمْرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، الْكَلِمَةُ جَامِعَةٌ , وَالْأَمْرُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ مِنَّا اثْنَانِ , وَلَا يَشْهَدُ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى أَحَدٍ بِالشِّرْكِ , وَلَا نَقْطَعُ مِنْهُ الْبَرَاءَةَ ، فَكُنْتُ وَاللَّهِ آخُذُ إِذَا أَعْطَانِي , وَأَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي , وَأَضْرِبُ بِيَدِي هَذِهِ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ وَلَّاهَا عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَقَامَ عُمَرُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا , الْكَلِمَةُ جَامِعَةٌ وَالْأَمْرُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ مِنَّا اثْنَانِ , وَلَا يَشْهَدُ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى أَحَدٍ بِالشِّرْكِ , وَلَا نَقْطَعُ مِنْهُ الْبَرَاءَةَ , فَكُنْتُ وَاللَّهُ آخُذُ إِذَا أَعْطَانِي , وَأَغْزُوا إِذَا أَغْزَانِي , وَأَضْرِبُ بِيَدِي هَذِهِ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ ظَنَّ أَنَّهُ إِنْ يَسْتَخْلِفْ خَلِيفَةً فَيَعْمَلُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ بِخَطِيئَةٍ إِلَّا لَحِقَتْ عُمَرَ فِي قَبْرِهِ , فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ , وَجَعَلَهَا فِي سِتَّةِ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ , فَقَالَ : هَلْ لَكُمْ أَنْ أَدَعَ نَصِيبِي مِنْهَا عَلَى أَنْ أَخْتَارَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَأَخَذَ مِيثَاقَنَا عَلَى أَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ لِمَنْ وَلَّاهُ أَمْرَنَا , فَضَرَبَ بِيَدِهِ يَدَ عُثْمَانَ فَبَايَعَهُ فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي , فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي , وَإِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِعُثْمَانَ فَاتَّبَعْتُ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ حَتَّى أَدَّيْتُ لَهُ حَقَّهُ
حَدَّثَنَـا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ التُّسْتَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَـا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ , أَيُّمَا رَجُلٍ نَدِمَ عَلَى بَيْعَتِي لَمَا قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ قَالَ : فَأَكَبَّ النَّاسُ كَأَنَّمَا صُبَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ السُّخْنُ قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَمَعَهُ السَّيْفُ , فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ رِجْلًا عَلَى عَتَبَةِ الْمِنْبَرِ وَالْأُخْرَى عَلَى الْحَصْبَا فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالَجَ قَالَ : حَدَّثَنَـا كَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ الْفِلَسْطِينِيُّ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ , عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ الشِّيعَةِ يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَيَنْتَقِصُونَهُمَا , فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِكَ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ بِغَيْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ مِنَ الْأُمَّةِ أَهْلٌ , وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّكَ تُضْمِرُ لَهُمَا مِثْلَ مَا أَعْلَنُوا مَا اجْتَرَءُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ , أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُضْمِرَ لَهُمَا إِلَّا الَّذِي أَتَمَنَّى عَلَيْهِ الْمُضِيَّ , لَعَنِ اللَّهُ مَنْ أَضْمَرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ , أَخَوَا رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَصَاحِبَاهُ وَوَزِيرَاهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا , ثُمَّ قَامَ دَامِعَ الْعَيْنِ يَبْكِي قَابِضًا عَلَى يَدِي حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , وَجَلَسَ عَلَيْهِ مُتَمَكِّنًا قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَنْظُرُ فِيهَا , وَهَىَ بَيْضَاءُ , حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ , ثُمَّ قَامَ فَتَشَهَّدَ بِخُطْبَةٍ مُوجَزَةٍ بَلِيغَةٍ , ثُمَّ قَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذْكُرُونَ سَيِّدَيْ قُرَيْشٍ وَأَبَوَيِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَنَا عَنْهُ مُتَنَزِّهٌ , وَعَمَّا قَالُوا عَنْهُ بَرِيءٌ , وَعَلَى مَا قَالُوا مُعَاقِبٌ , أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ , وَبَرَأَ النَّسَمَةَ , لَا يُحِبُّهُمَا إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ , وَلَا يُبْغِضْهُمَا إِلَّا فَاجِرٌ رَدِيءٌ , صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ يَأْمُرَانِ وَيَنْهَيَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيُعَاقِبَانِ , فَمَا يُجَاوِزَانِ فِيمَا يَصْنَعَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَلَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , يَرَى مِثْلَ رَأْيِهِمَا رَأْيًا , وَلَا يُحِبُّ كَحُبِّهِمَا أَحَدًا , مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَهُوَ عَنْهُمَا رَاضٍ , وَالْمُؤْمِنُونَ عَنْهُمَا رَاضُونَ , أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى صَلَاةِ الْمُؤْمِنِينَ , فَصَلَّى بِهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ , وَوَلَّاهُ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ , وَفَوَّضُوا الزَّكَاةَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مَقْرُونَتَانِ , ثُمَّ أَعْطَوْهُ الْبَيْعَةَ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ , أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ يَوَدُّ أَحَدًا مِنَّا كَفَاهُ ذَلِكَ , وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ , وَأَرْأَفَهُ رَأْفَةً , وَأَحْسَنَهُ وَرَعًا , وَأَقْدَمَهُ سِنًّا وَإِسْلَامًا , شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمِيكَائِيلَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً , وَبِإِبْرَاهِيمَ عَفْوًا وَوَقَارًا , فَسَارَ فِينَا سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , حَتَّى مَضَى عَلَى أَجَلِهِ ذَلِكَ , ثُمَّ وَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاسْتَأْمَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ بِهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ , وَكُنْتُ فِيمَنْ رَضِيَ فَلَمْ يُفَارِقِ الدُّنْيَا حَتَّى رَضِيَ بِهِ مَنْ كَانَ كَرِهَهُ , فَأَقَامَ الْأَمْرَ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصَاحِبِهِ , يَتْبَعُ آثَارَهُمَا كَاتِّبَاعِ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ , وَكَانَ وَاللَّهِ رَفِيقًا رَحِيمًا بِالضُّعَفَاءِ , وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَوْنًا , وَنَاصِرًا لِلْمَظْلُومِينَ عَلَى الظَّالِمِينَ , لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ , ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ , وَجَعَلَ الصِّدْقَ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ مَلَكًا يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ , فَأَعَزَّ اللَّهُ بِإِسْلَامِهِ الْإِسْلَامَ , وَجَعَلَ هِجْرَتَهُ لِلدِّينِ قِوَامًا , وَأَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ الرَّهْبَةَ , وَفِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَحَبَّةَ , شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَظًّا غَلِيظًا عَلَى الْأَعْدَاءِ , وَبِنُوحٍ حَنَقًا مُغْتَاظًا عَلَى الْكُفَّارِ , الضَّرَّاءُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ آثَرُ عِنْدَهُ مِنَ السَّرَّاءِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ , فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهِمَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، وَرَزَقَنَا الْمُضِيَّ عَلَى أَثَرِهِمَا وَالْحُبَّ لَهُمَا ، فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُمَا إِلَّا بِاتِّبَاعِ أَثَرِهِمَا , وَالْحُبِّ لَهُمَا , فَمَنْ أَحَبَّنِي فَلْيِحِبَّهُمَا , وَمَنْ لَمْ يُحِبَّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي , وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي أَمْرِهِمَا لَعَاقَبْتُ عَلَى هَذَا أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ , وَلَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أُعَاقِبَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ , أَلَا فَمَنْ أُتِيتُ بِهِ يَقُولُ هَذَا بَعْدَ الْيَوْمِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي , أَلَا وَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ أَيْنَ هُوَ , أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَيَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ قِصَّةَ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَسُجِّيَ عَلَيْهِ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ كَيَوْمِ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَاكِيًا مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا وَهُوَ يَقُولُ : الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ , حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ , وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُسَجًّى فَقَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ كُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنِيسَهُ وَمُسْتَرَاحَهُ وَثِقَتَهُ وَمَوْضِعَ سَرِّهِ وَمُشَاوَرَتِهِ , وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا , وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا , وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا , وَأَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَأَعْظَمَهُمْ غَنَاءً فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ , وَأَيْمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ , وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً , وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ , وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقَ , وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً , وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً , وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَدْيًا وَسَمْتًا وَرَحْمَةً وَفَضْلًا , أَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً , وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ وَأَوْثَقَهُمْ عِنْدَهُ , فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ رَسُولِهِ خَيْرًا , كُنْتَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ , صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ كَذَّبَهَ النَّاسُ فَسَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا فَقَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ }} أَبُو بَكْرٍ وَآسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا , وَأَقَمْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْمَكَارِهِ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا , وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ , وَصَاحَبْتَهُ فِي الْغَارِ , وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ , وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي أُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلَافَةِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ , فَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُهُ , وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا , وَقَوِيتَ حِينَ ضَعُفُوا , وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَكُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقًّا , لَمْ تَنَازَعْ وَلَمْ تُصْدَعْ بِزَعْمِ الْمُنَافِقِينَ , وَكَبْتِ الْكَافِرِينَ , وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ , وَفِسْقِ الْفَاسِقِينَ وَغَيْظِ الْبَاغِينَ , وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشَلُوا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ , ثُمَّ قَالَ : رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاهُ , وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ , وَاللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , بِمِثْلِكَ أَبَدًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَسَنَذْكُرُهُ بِطُولِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَنْ يَقُولُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ بَيْعَتِهِ لَهُ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ , وَمَعُونَتِهِ لَهُ وَذِكْرِ فَضْلِهِ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَنَحَلَهُ إِلَى مَا قَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ مِنْ مَذَاهِبِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ قَدْ خَطِئَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ , فَإِنْ قَالَ : فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , إِلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ , ثُمَّ بَايَعَهُ قِيلَ لَهُ : إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَى قَدْرًا , وَأَصْوَبَ رَأْيًا مِمَّا تَنْحَلُهُ إِلَيْهِ الرَّافِضَةُ , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ يَنْحَلُ هَذَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ فِيهِ أَشْيَاءُ لَوْ عَقَلَ مَا يَقُولُ كَانَ سُكُوتُهُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ , بَلْ مَا يُعْرَفُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنَ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَكَذَا أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَشْهَدُونَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْخِلَافَةِ وَالْفَضْلِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَلِيَنَا أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَخَيْرُ خَلِيفَةٍ أَرْحَمُهُ بِنَا وَأَحْنَاهُ عَلَيْنَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً , وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا قِيلَ لَهُ : إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَدْحٌ لِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَلَيْسَ هُوَ ذَمًّا لَهَا يَا جَاهِلُ , فَإِنْ قَالَ : كَيْفَ ؟ قِيلَ لَهُ : لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَدُفِنَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَمَضَى إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَمَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَخَشِيَ أَنْ يُحْدِثُوا شَيْئًا لَا يُسْتَدْرَكُ سَرِيعًا فَكَلَّمَهُمْ بِمَا يَحْسُنُ , وَيَجْمُلُ مِنَ الْكَلَامِ , وَوَعَظَهُمْ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ : مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَوْ تَمَّ هَذَا لَكَانَ فِيهِ بَلَاءٌ عَظِيمٌ , وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا خَلِيفَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ , فَقَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ الْكَرِيمِ لَهُ فَقَالَ : لَأَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ , ثُمَّ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ : مُدَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ , فَمَدَّ يَدَهُ فَبَايَعَهُ , فَعَلِمَتِ الْأَنْصَارُ وَجَمِيعُ الْمُهَاجِرِينَ أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فَبَايَعَهُ الْجَمِيعُ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ , وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَبَايَعَهُ , وَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَبَايَعَهُ , وَجَاءَ بَنُو هَاشِمٍ فَبَايَعُوهُ , فَقُولُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً يَعْنِي : افْتُلِتَتْ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ فِيهَا نَصِيبٌ , لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ , وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ النَّاسُ , فَهَذَا مَدْحٌ لَهَا لَيْسَ بِذَمٍّ يَا مَنْ يَطْلُبُ الْفِتْنَةَ اعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
حَدَّثَنَـا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّسَائِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُشْرِفُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كَانَ رُجُوعُ الْأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بِكَلَامٍ قَالَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالُوا : كُلُّنَا لَا تَطِيبُ نَفْسُهُ نَحْنُ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَـا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ : ائْتِنِي بِكَتِفٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ بَعْدِي قَالَتْ : فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُخْتَلَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : كَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا اخْتَلَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ تَتَابَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَبَنُو هَاشِمٍ عَلَى بَيْعَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ كُلِّ رَافِضِيٍّ مَقْمُوعٍ ذَلِيلٍ , قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ مَذْهَبِ السُّوءِ