حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الشَّوَطِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، قَالَ : ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ذَهَبَتِ الْمَعَارِفُ وَبَقِيَتِ الْمَنَاكِرُ ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مَغْمُومٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : ثنا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ ، قَالَ : قَالَ : الْحَسَنُ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُصْبِحُ حَزِينًا وَيُمْسِي حَزِينًا وَلَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ : بَيْنَ ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ يَصْنَعُ فِيهِ وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يُصِيبُ فِيهِ مِنَ الْمَهَالِكِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ، قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ رَحَمَهُ اللَّهُ قَلْبَهُ مَحْزُونًا . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ ثنا حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ ، قَالَ : ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ : كَانَ الْحَكَمُ بْنُ حُجَلٍ صَدِيقًا لِابْنِ سِيرِينَ فَلَمَّا مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ حَزُنَ عَلَيْهِ حَتَّى جُعِلَ يُعَادُ كَمَا يُعَادُ الْمَرِيضُ فَحَدَّثَ بَعْدُ قَالَ : رَأَيْتُ أَخِيَ فِي الْمَنَامِ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ فَرَأَيْتُهُ فِي قَصْرٍ فَذَكَرَ مِنْ هَيْئَتِهِ وَأَنَّهُ عَلَى أَفْضَلِ حَالٍ فَقُلْتُ لَهُ : أَيْ أَخِي قَدْ أَرَاكَ فِي حَالٍ يَسُرُّنِي فَمَا صَنَعَ الْحَسَنُ قَالَ : رُفِعَ فَوْقِي بِتِسْعِينَ دَرَجَةً فَقُلْتُ : وَمِمَّا ذَاكَ ؟ قَالَ : بِطُولِ حَزَنِهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُصْبِحُ حَزِينًا وَيُمْسِي حَزِينًا وَيَنْقَلِبُ بِالْيَقِينِ فِي الْحَزَنِ وَيَكْفِيهِ مَا يَكْفِي الْعُنَيْزَةَ : الْكَفُّ مِنَ التَّمْرِ ، وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْمَاءِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا عَبَّادٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُصْبِحُ حَزِينًا وَيُمْسِي حَزِينًا وَيَنْقَلِبُ فِي الْحُزْنِ وَيَكْفِيهِ مَا يَكْفِي الْعُنَيْزَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَرُوبَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْعَتِ ، قَالَ : ثنا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا يَسَعُ الْمُؤْمِنَ فِي دِينِهِ إِلَّا الْحَزَنُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : ثنا سَيَّارٌ قَالَ : ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى الْيَشْكُرِيُّ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَطْوَلَ حُزْنًا مِنَ الْحَسَنِ وَمَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلَّا حَسِبْتُهُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : ذَكَرَ أَبُو مَرْوَانَ بِشْرُ الرِّحَالُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : يَحِقُّ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ مَوْرِدُهُ وَأَنَّ السَّاعَةَ مَوْعِدُهُ وَأَنَّ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى مَشْهَدُهُ أَنْ يَطُولَ حَزَنُهُ
حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ عَجَبٍ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ بَهْلَوَانَ ، قَالَ : ثنا عَبَّادُ بْنُ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَسَدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : طُولُ الْحَزَنِ فِي الدُّنْيَا تَلْقِيحُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ : ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ مَا مِنَ النَّاسِ رَجُلٌ أَدْرَكَ الْقَرْنَ الْأَوَّلَ أَصْبَحَ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ إِلَّا أَصْبَحَ مَغْمُومًا وَأَمْسَى مَغْمُومًا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ ، قَالَ : ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ بِهَذَا الْقُرْآنِ إِلَّا حَزِنَ وَذَبُلَ وَإِلَّا نَصِبَ وَإِلَّا ذَابَ وَإِلَّا تَعِبَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَوْشَبًا ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ يَقُولُ : وَاللَّهِ يَا ابْنَ آدَمَ لَئِنْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ثُمَّ آمَنْتَ بِهِ لَيَطُولَنَّ فِي الدُّنْيَا حُزْنُكِ وَلَيَشْتَدَّنُّ فِي الدُّنْيَا خَوْفُكَ وَلَيَكْثُرَنَّ فِي الدُّنْيَا بُكَاؤُكَ
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا أَبُو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، قَالَ : انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ فَمِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ فَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أَطْوَلَ حَزَنًا مِنْهُ ، مَا كُنَّا نَرَاهُ إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ ثُمَّ قَالَ : نَضْحَكُ وَلَا نَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَقَالَ : لَا أَقْبَلُ مِنْكُمْ شَيْئًا وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ لَكَ بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ طَاقَةٌ ؟ إِنَّهُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ حَارَبَهُ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا أَكْثَرُ لِبَاسِهِمُ الصُّوفُ وَلَوْ رَأَيْتُمُوهُمْ قُلْتُمْ : مَجَانِينُ ، وَلَوْ رَأَوْا خِيَارَكُمْ لَقَالُوا : مَا لِهَؤُلَاءِ مِنْ خَلَاقٍ ، وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُمْ لَقَالُوا : مَا يُؤْمِنُ هَؤُلَاءِ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا كَانَتِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِنَ التُّرَابِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا يُمْسِي أَحَدُهُمْ وَمَا يَجِدُ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتًا فَيَقُولُ لَا أَجْعَلُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَطْنِي لَأَجْعَلَنَّ بَعْضَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيتَصَدَّقُ بِبَعْضِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحْوَجَ مِمَّنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ
كِتَابُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرْبِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ : ثنا حَمْزَةُ بْنُ رُشَيْدٍ أَبُو عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ الشَّامِيِّ ، قَالَ : كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، قَالَ : ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالسِّيَاقُ لِأَبِي حُمَيْدٍ الشَّامِيِّ : اعْلَمْ أَنَّ التَّفْكِّيرَ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ بِهِ ، وَالنَّدَمَ عَلَى الشَّرِّ يَدْعُو إِلَى تَرْكِهِ وَلَيْسَ مَا يَفْنَى وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَعْدِلُ مَا يَبْقَى وَإِنْ كَانَ طَلَبُهُ عَزِيزًا ، وَاحْتِمَالُ الْمَئُونَةِ الْمُنْقَطِعَةِ الَّتِي تَعْقُبُ الرَّاحَةَ الطَّوِيلَةَ خَيْرٌ مِنْ تَعْجِيلِ رَاحَةٍ مُنْقَطِعَةٍ تَعْقُبُ مَئُونَةً بَاقِيَةً فَاحْذَرْ هَذِهِ الدَّارَ الصَّارِعَةَ الْخَادِعَةَ الْخَاتِلَةَ الَّتِي قَدْ تَزَيَّنَتْ بِخِدَاعِهَا وَغَرَّرَتْ بِغُرُورِهَا وَقَتَلَتْ أَهْلَهَا بِأَمَلِهَا وَتَشَوَّفَتْ لِخُطَّابِهَا فَأَصْبَحَتْ كَالْعَرُوسِ الْمَجْلُوَّةِ ، الْعُيونُ إِلَيْهَا نَاظِرَةٌ ، وَالنُّفُوسُ لَهَا عَاشِقَةٌ ، وَالْقُلُوبُ إِلَيْهَا وَالِهَةٌ وَلِأَلْبَابِهَا دَامِغَةٌ ، وَهِيَ لِأَزْوَاجِهَا كُلِّهُمْ قَاتِلَةٌ ، فَلَا الْبَاقِي بِالْمَاضِي مُعْتَبِرٌ ، وَلَا الْآخِرُ بِمَا رَأَى مِنَ الْأَوَّلِ مُزْدَجِرٌ ، وَلَا اللَّبِيبُ بِكَثْرَةِ التَّجَارِبِ مُنْتَفِعٌ ، وَلَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ وَالْمُصَدِّقُ لَهُ حِينَ أُخْبِرَ عَنْهَا مُدَّكِرٌ ، فَأَبَتِ الْقُلُوبُ لَهَا إِلَّا حُبًّا وَأَبَتِ النُّفُوسُ بِهَا إِلَّا ضِنًّا ، وَمَا هَذَا مِنَّا لَهَا إِلَّا عِشْقًا وَمَنْ عَشِقَ شَيْئًا لَمْ يَعْقِلْ غَيْرَهُ وَمَاتَ فِي طَلَبِهِ أَوْ يَظْفَرُ بِهِ ، فَهُمَا عَاشِقَانِ طَالِبَانِ لَهَا ، فَعَاشِقٌ قَدْ ظَفَرَ بِهَا وَاغْتَرَّ وَطَغَى وَنَسِيَ بِهَا الْمَبْدَأَ وَالْمِيعَادَ ، فَشُغِلَ بِهَا لَبُّهُ وَذُهِلَ فِيهَا عَقْلُهُ حَتَّى زَلَّتْ عَنْهَا قَدَمُهُ ، وَجَاءَتْهُ أَسَرَّ مَا كَانَتْ لَهُ مَنِيَّتُهُ فَعَظُمَتْ نَدَامَتُهُ ، وَكَثُرَتْ حَسْرَتُهُ ، وَاشْتَدَّتْ كُرْبَتُهُ مَعَ مَا عَالَجَ مِنْ سَكْرَتِهِ ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ بِأَلَمِهِ ، وَحَسْرَةُ الْمَوْتِ بِغُصَّتِهِ ، غَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِ ، وَآخَرُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ مِنْهَا بِحَاجَتِهِ ، فَذَهَبَ بِكَرْبِهِ وَغَمِّهِ ، لَمْ يُدْرِكْ مَا طَلَبَ وَلَمْ يُرِحْ نَفْسَهُ مِنَ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ ، خَرَجَا جَمِيعًا بِغَيْرِ زَادٍ وَقَدِمَا عَلَى غَيْرِ مِهَادٍ ، فَاحْذَرْهَا الْحَذَرَ كُلَّهُ ، فَإِنَّهَا مِثْلُ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا وَسُمُّهَا يَقْتُلُ ، فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكَ مِنْهَا ، وَضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا لِمَا عَانَيْتَ مِنْ فَجَائِعِهَا ، وَأَيْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا ، وَشَدِّدْ مَا اشْتَدَّ مِنْهَا لِرَخَاءِ مَا يُصِيبُكَ ، وَكُنْ أَسَرَّ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ لَهَا ، فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ فِيهَا إِلَى سُرُورٍ لَهُ أَشْخَصَتْهُ عَنْهَا بِمَكْرُوهٍ ، وَكُلَّمَا ظَفَرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَثَنَى رِجْلًا عَلَيْهِ انْقَلَبَتْ بِهِ ، فَالسَّارُّ فِيهَا غَارٌّ وَالنَّافِعُ فِيهَا غَدًا ضَارٌّ ، وُصِلَ الرَّخَاءُ فِيهَا بِالْبَلَاءِ ، وَجُعِلَ الْبَقَاءُ فِيهَا إِلَى فَنَاءٍ ، سُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْحَزَنِ ، وَآخِرُ الْحَيَاةِ فِيهَا الضَّعْفُ وَالْوَهَنُ ، فَانْظُرْ إِلَيْهَا نَظَرَ الزَّاهِدِ الْمُفَارِقِ ، وَلَا تَنْظُرْ نَظَرَ الْعَاشِقِ الْوَامِقِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا تُزِيلُ الثَّاوِي السَّاكِنَ ، وَتَفْجَعُ الْمَغْرُورَ الْآمِنَ ، لَا يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مِنْهَا فَأَدْبَرَ ، وَلَا مَا هُوَ آتٍ فِيهَا فَيُنْتَظَرَ ، فَاحْذَرْهَا فَإِنَّ أَمَانِيهَا كَاذِبَةٌ ، وَإِنَّ آمَالَهَا بَاطِلَةٌ ، عَيْشُهَا نَكَدٌ وَصَفْوُهَا كَدَرٌ ، وَأَنْتَ مِنْهَا عَلَى خَطَرٍ ، إِمَّا نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ وَإِمَّا بَلِيَّةٌ نَازِلَةٌ ، وَإِمَّا مُصِيبَةٌ مُوجِعَةٌ ، وَإِمَّا مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ ، فَلَقَدْ كَدِرَتْ عَلَيْهِ الْمَعِيشَةُ إِنْ عَقَلَ ، وَهُوَ مِنَ النَّعْمَاءِ عَلَى خَطَرٍ وَمِنَ الْبَلْوَى عَلَى حَذَرٍ ، وَمِنَ الْمَنَايَا عَلَى يَقِينٍ ، فَلَوْ كَانَ الْخَالِقُ تَعَالَى لَمْ يُخْبِرْ عَنْهَا بِخَبَرٍ ، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا مَثَلًا ، وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهَا بِزُهْدٍ ؛ لَكَانَتِ الدَّارُ قَدْ أَيْقَظَتَ النَّائِمَ وَنَبَّهَتِ الْغَافِلَ ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهَا زَاجِرٌ وَفِيهَا وَاعِظٌ ؟ فَمَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْرٌ ، وَلَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَزْنٌ مِنَ الصِّغَرِ ، وَلَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِقْدَارَ حَصَاةٍ مِنَ الْحَصَا ، وَلَا مِقْدَارَ ثَرَاةٍ فِي جَمِيعِ الثَّرَى ، وَلَا خَلَقَ خَلْقًا فِيمَا بُلِّغْتُ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا ، وَلَا نَظَرَ إِلَيْهَا مُنْذُ خَلَقَهَا مَقْتًا لَهَا ، وَلَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَفَاتِيحِهَا وَخَزَائِنِهَا وَلَمْ يَنْقُصْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا ، وَمَا مَنَعَهُ مِنَ الْقَبُولِ لَهَا ، وَلَا يَنْقُصُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ ، إِلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْغَضَ شَيْئًا فَأَبْغَضَهُ ، وَصَغَّرَ شَيْئًا فَصَغَّرَهُ ، وَوَضَعَ شَيْئًا فَوَضَعَهُ ، وَلَوْ قَبِلَهَا كَانَ الدَّلِيلُ عَلَى حُبِّهِ إِيَّاهَا قَبُولَهَا ، وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُحِبَّ مَا أَبْغَضَ خَالِقُهُ ، وَأَنْ يَرْفَعَ مَا وَضَعَ مَلِيكُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَدُلَّهُ عَلَى صِغَرِ هَذِهِ الدَّارِ ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَقَرَهَا أَنْ يَجْعَلَ خَيْرَهَا ثَوَابًا لِلْمُطِيعِينَ ، وَأَنْ يَجْعَلَ عُقُوبَتَهَا عَذَابًا لِلْعَاصِينَ ، فَأَخْرَجَ ثَوَابَ الطَّاعَةِ مِنْهَا وَأَخْرَجَ عُقُوبَةَ الْمَعْصِيَةِ عَنْهَا ، وَقَدْ يَدْلُكُ عَلَى شَرِّ هَذِهِ الدَّارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَاهَا عَنْ أَنْبِيَائِهِ وَأَحِبَّائِهِ اخْتِبَارًا ، وَبَسَطَهَا لِغَيْرِهِمُ اعْتِبَارًا وَاغْتِرَارًا ، وَيَظُنُّ الْمَغْرُورُ بِهَا وَالْمَفْتُونُ عَلَيْهَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَكْرَمَهُ بِهَا وَنَسِيَ مَا صَنَعَهُ بِمُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمُوسَى الْمُخْتَارِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْكَلَامِ لَهُ وَبِمُنَاجَاتِهِ فَأَمَّا مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَشَدَّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرُئِيَ خُضْرَةُ الْبَقْلِ مِنْ صِفَاقِ بَطْنِهِ مَنْ هُزَالِهِ ، مَا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ أَوَى إِلَى الظِّلِّ إِلَّا طَعَامًا يَأْكُلُهُ مِنْ جُوعِهِ ، وَلَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا فَقُلْ مَرْحَبًا بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى قَدْ أَقْبَلَ فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ وَإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتَهُ بِصَاحِبِ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ فَفِي أَمْرِهِ عَجِيبَةٌ كَانَ يَقُولُ : أُدْمِي الْجُوعُ وَشِعَارِي الْخَوْفُ وَلِبَاسِي الصُّوفُ وَدَابَّتِي رِجْلَيَّ وَسِرَاجِي بِاللَّيْلِ الْقَمَرُ وَصِلَايَتِي فِي الشِّتَاءِ الشَّمْسُ ، وَفَاكِهَتِي وَرَيْحَانِي مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ للسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ ، أَبِيتُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْنَى مِنِّي ، وَلَوْ شِئْتَ رَبَّعْتَ بِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَلَيْسَ دُونَهُمْ فِي الْعَجَبِ ، يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ فِي خَاصَّتِهِ وَيُطْعِمُ أَهْلَهُ الْخُشْكَارَ وَالنَّاسَ الدَّرْمَكَ فَإِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ لَبِسَ الْمُسُوحَ وَغَلَّ الْيَدَ إِلَى الْعُنُقِ وَبَاتَ بَاكِيًا حَتَّى يُصْبِحَ يَأْكُلُ الْخَشِنَ مِنَ الطَّعَامِ وَيَلْبَسُ الشَّعْرَ مِنَ الثِّيَابِ ، كُلُّ هَذَا يُبْغِضُونَ مَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيُصَغِّرُونَ مَا صَغَّرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَزْهَدُونَ فِيمَا زَهَّدَ ، ثُمَّ اقْتَصَّ الصَّالِحُونَ بَعْدُ مِنْهَاجَهُمْ وَأَخَذُوا بِآثَارِهِمْ وَأَلْزَمُوا الكَدَّ وَالْعِبَرَ ، وَأَلْطَفُوا التَّفَكُّرَ وَصَبَرُوا فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ الْقَصِيرِ عَنْ مَتَاعِ الْغُرُورِ ، الَّذِي إِلَى الْفِنَاءِ يَصِيرُ ، وَنَظَرُوا إِلَى آخِرِ الدُّنْيَا ، وَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى أَوَّلِهَا وَنَظَرُوا إِلَى عَاقِبَةِ مَرَارَتِهَا ، وَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى عَاجِلَةِ حَلَاوَتِهَا ، ثُمَّ أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ الصَّبْرَ وَأَنْزَلُوهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ ، الَّتِي لَا يَحِلُّ الشِّبَعُ مِنْهَا إِلَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ إِلَيْهَا ، فَأَكَلُوا مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يَرُدُّ النَّفْسَ ، وَيَقِي الرُّوحَ وَيُسَكِّنُ الْيَوْمَ الْقَرَمَ ، وَجَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ الْجِيفَةِ الَّتِي اشْتَدَّ نَتْنُ رِيحِهَا ، فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهَا أَمْسَكَ عَلَى أَنْفِهِ مِنْهَا فَهُمْ يُصِيبُونَ مِنْهَا لِحَالِ الضُّرِّ وَلَا يَنْتَهُونَ مِنْهَا إِلَى الشِّبَعِ مِنَ النَّتْنِ فَغَرَبَتْ عَنْهُمْ وَكَانَتْ هَذِهِ مَنْزِلَتَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنَ الْآكِلِ مِنْهَا شِبَعًا وَالْمُتَلَذِّذَ بِهَا أَشَرًا ، وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ : أَمَا تَرَى هَؤُلَاءِ لَا يَخَافُونَ مِنَ الْأَكْلِ أَمَا يَجِدُونَ رِيحَ النَّتْنِ ، وَهِيَ وَاللَّهِ يَا أَخِي فِي الْعَاقِبَةِ وَالْآجِلَةِ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ الْمَرْصُوفَةِ ، غَيْرَ أَنَّ أَقْوَامًا اسْتَعْجَلُوا الصَّبْرَ فَلَا يَجِدُونَ رِيحَ النَّتْنِ ، وَالَّذِي نَشَأَ فِي رِيحِ الْإِهَابِ النَّتْنِ لَا يَجِدُ نَتْنَهُ ، وَلَا يَجِدُ مِنْ رِيحِهِ مَا يُؤْذِي الْمَارَّةَ وَالْجَالِسَ عِنْدَهُ ، وَقَدْ يَكْفِي الْعَاقِلَ مِنْهُمْ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ عَنْهَا وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا سَرَّهُ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا فَقِيرًا ، أَوْ شَرِيفًا أَنَّهُ كَانَ فِيهَا وَضِيعًا ، أَوْ كَانَ فِيهَا مُعَافًى سَرَّهُ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا مُبْتَلًى ، أَوْ كَانَ مُسَلْطَنًا سَرَّهُ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا سُوقَةً ، وَإِنْ فَارَقْتَهَا سَرَّكَ أَنَّكَ كُنْتَ أَوْضَعَ أَهْلِهَا ضَيْعَةً ، وَأَشَدَّهُمْ فِيهَا فَاقَةً ، أَلَيْسَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ عَلَى خِزْيِهَا لِمَنْ يَعْقِلُ أَمَرَهَا ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا مَنْ أَرَادَ مِنْهَا شَيْئًا وَجَدَهُ إِلَى جَنْبِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَلَا نَصَبٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَزِمَتْهُ حُقُوقُ اللَّهِ فِيهِ وَسَأَلَهُ عَنْهُ وَوَقَفَهُ عَلَى حِسَابِهِ ، لَكَانَ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهَا إِلَّا قَدْرَ قُوتِهِ وَمَا يَكْفِي حَذَرَ السُّؤَالِ وَكَرَاهِيَةً لِشِدَّةِ الْحِسَابِ ، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا إِذَا فَكَّرْتَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ : يَوْمٌ مَضَى لَا تَرْجُوهُ وَيَوْمٌ أَنْتَ فِيهِ يَنْبَغِي أَنْ تَغْتَنِمَهُ وَيَوْمٌ يَأْتِي لَا تَدْرِي أَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ أَمْ لَا وَلَا تَدْرِي لَعَلَّكَ تَمُوتُ قَبْلَهُ ، فَأَمَّا أَمْسُ فحكيمٌ مُؤَدِّبٌ ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فصديقٌ مُوَدِّعٌ ، غَيْرَ أَنَّ أَمْسَ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَجَعَكَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ أَبْقَى فِي يَدَيْكَ حِكْمَتَهُ ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَضَعْتَهُ فَقَدْ جَاءَكَ خَلَفٌ مِنْهُ ، وَقَدْ كَانَ عَنْكَ طَوِيلَ الْغَيْبَةِ ، وَهُوَ الْآنَ عَنْكَ سَرِيعُ الرِّحْلَةِ ، وَغَدَا أَيْضًا فِي يَدَيْكَ مِنْهُ أَمَلُهُ ، فَخُذِ الثِّقَةَ بِالْعَمَلِ وَاتْرُكِ الْغُرُورَ بِالْأَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى الْيَوْمِ هَمَّ غَدٍ أَوْ هَمَّ مَا بَعْدَهُ زِدْتَ فِي حُزْنِكَ وَتَعَبِكَ وَأَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ فِي يَوْمِكَ مَا يَكْفِيكَ أَيَّامَكَ هَيْهَاتَ كَثُرَ الشُّغُلُ وَزَادَ الْحُزْنُ وَعَظُمَ التَّعَبُ وَأَضَاعَ الْعَبْدُ الْعَمَلَ بِالْأَمَلِ ، وَلَوْ أَنَّ الْأَمَلَ فِي غَدِكَ خَرَجَ مِنْ قَلْبِكَ أَحْسَنْتَ الْيَوْمَ فِي عَمَلِكَ وَاقْتَصَرْتَ لَهُمْ يَوْمَكَ ، غَيْرَ أَنَّ الْأَمَلَ مِنْكَ فِي الْغَدِ دَعَاكَ إِلَى التَّفْرِيطِ وَدَعَاكَ إِلَى الْمَزِيدِ فِي الطَّلَبِ وَلَئِنْ شِئْتَ وَاقْتَصَرْتَ لَأَصِفَنَّ لَكَ الدُّنْيَا ، سَاعَةٌ بَيْنَ سَاعَتَيْنِ ، سَاعَةٌ مَاضِيَةٌ وَسَاعَةٌ آتِيَةٌ ، وَسَاعَةٌ أَنْتَ فِيهَا فَأَمَّا الْمَاضِيَةُ وَالْآتِيَةُ ، فَلَيْسَ تَجِدُ لِرَاحَتِهِمَا لَذَّةً وَلَا لِبَلَائِهِمَا أَلَمًا ، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا سَاعَةٌ أَنْتَ فِيهَا فَخَدَعَتْكَ تِلْكَ السَّاعَةُ عَنِ الْجَنَّةِ ، وَصَيَّرَتْكَ إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّمَا الْيَوْمُ إِنْ عَقَلْتَ ضَيْفٌ نَزَلَ بِكَ وَهُوَ مُرْتَحِلٌ عَنْكَ ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ نُزُلَهُ وَقِرَاهُ شَهِدَ لَكَ وَأَثْنَى عَلَيْكَ بِذَلِكَ وَصَدَقَ فِيكَ ، وَإِنْ أَسَأْتَ ضِيَافَتَهُ وَلَمْ تُحْسِنْ قِرَاهُ جَالَ فِي عَيْنَيْكَ ، وَهُمَا يَوْمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْأَخَوَيْنِ نَزَلَ بِكَ أَحَدُهُمَا فَأَسَأْتَ إِلَيْهِ وَلَمْ تُحْسِنْ قِرَاهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَجَاءَكَ الْآخَرُ بَعْدَهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ بَعْدَ أَخِي فَإِنَّ إِحْسَانَكَ إِلَيَّ يَمْحُو إِسَاءَتَكَ إِلَيْهِ وَيَغْفِرُ لَكَ مَا صَنَعْتَ ، فَدُونَكَ إِذْ نَزَلَتُ بِكَ وَجِئْتُكَ بَعْدَ أَخِي الْمُرْتَحِلِ عَنْكَ ، فَقَدْ ظَفَرْتَ بِخَلَفٍ مِنْهُ إِنْ عَقَلْتَ فَدَارِكْ مَا قَدْ أَضَعْتَ ، وَإِنْ أَلْحَقْتَ الْآخِرَ بِالْأَوَّلِ فَمَا أَخْلَقَكَ أَنْ تَهْلَكَ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْكَ إِنَّ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْعُمُرِ لَا ثَمَنَ لَهُ وَلَا عِدْلَ ، فَلَوْ جَمَعْتَ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَا عَدَلَتْ يَوْمًا بَقِيَ مِنْ عُمُرِ صَاحِبِهِ ، فَلَا تَبِعِ الْيَوْمَ وَتَعْدِلُهُ مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ ثَمَنِهِ ، وَلَا يَكُونَنَّ الْمَقْبُورُ أَعْظَمَ تَعْظِيمًا لِمَا فِي يَدَيْكَ مِنْكَ وَهُوَ لَكَ ، فَلَعَمْرِي لَوْ أَنَّ مَدْفُونًا فِي قَبْرِهِ قِيلَ لَهُ : هَذِهِ الدُّنْيَا أَوَّلُهَا إِلَى آخِرِهَا تَجْعَلُهَا لِوَلَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ يَتَنَعَّمُونَ فِيهَا مِنْ وَرَائِكَ _ فَقَدْ كُنْتَ وَلَيْسَ لَكَ هَمٌّ غَيْرُهُمْ _ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ يَوْمٌ تُتْرَكُ فِيهِ تَعْمَلُ لِنَفْسِكَ لَاخْتَارَ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ لَيَجْمَعَ مَعَ الْيَوْمِ شَيْئًا إِلَّا اخْتَارَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ ؛ رَغْبَةً فِيهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى سَاعَةٍ خُيِّرَهَا وَمَا بَيْنَ أَضْعَافِ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَأَضْعَافِهِ يَكُونُ لِسِوَاهُ ، إِلَّا اخْتَارَ السَّاعَةَ لِنَفْسِهِ عَلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ يَكُونُ لِغَيْرِهِ ، بَلْ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى كَلِمَةٍ يَقُولُهَا تُكْتَبُ لَهُ وَبَيْنَ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَأَضْعَافِهِ لَاخْتَارَ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَيْهِ ، فَانْتَقِدِ الْيَوْمَ لِنَفْسِكَ وَأَبْصِرِ السَّاعَةَ ، وَأَعْظِمِ الْكَلِمَةَ ، وَاحْذَرِ الْحَسْرَةَ عِنْدَ نُزُولِ السَّكْرَةِ ، وَلَا تَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ لِهَذَا الْكَلَامِ حُجَّةٌ ، نَفَعَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ خَيْرَ الْعَوَاقِبِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو طَالِبِ بْنُ سَوَادَةَ ، قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ بَحْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ سَعِيدُ بْنُ رَزِينٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَعِظُ أَصْحَابَهُ يَقُولُ : إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ مَنْ صَحِبَهَا بِالنَّقْصِ لَهَا وَالزَّهَادَةِ فِيهَا سَعِدَ بِهَا ، وَنَفَعَتْهُ صُحْبَتُهَا وَمَنْ صَحِبَهَا عَلَى الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالْمَحَبَّةِ لَهَا شَقِيَ بِهَا وَأَجْحَفَ بِحَظِّهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَسْلَمَتْهُ إِلَى مَا لَا صَبَرَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَأَمْرُهَا صَغِيرٌ وَمَتَاعُهَا قَلِيلٌ وَالْفَنَاءُ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِي مِيرَاثَهَا وَأَهْلُهَا مُحَوَّلُونَ عَنْهَا إِلَى مَنَازِلٍ لَا تَبْلَى وَلَا يُغَيِّرُهَا طُولُ الزَّمَنِ ، لَا الْعُمْرُ فِيهَا يَفْنَى فَيَمُوتُونَ ، وَلَا إِنْ طَالَ الثِّوَاءِ مِنْهَا يُخْرُجُونَ فَاحْذَرُوا - وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ - ذَلِكَ الْمَوْطِنَ وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ ذَلِكَ الْمُنْقَلَبِ وَاقْطَعْ يَا ابْنَ آدَمَ مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ هَمِّكَ أَوْ لَتُقْطَعَنَّ حِبَالُهَا بِكَ فَيَنْقَطِعُ ذِكْرُ مَا خُلِقْتَ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ وَيزِيغُ عَنِ الْحَقِّ قَلْبُكَ ، وَتَمِيلُ إِلَى الدُّنْيَا فَتُرْدِيكَ ، وَتِلْكَ مَنَازِلُ سُوءٍ بَيِّنٌ ضُرُّهَا مُنْقَطِعٌ نَفْعُهَا مُفْضِيَةٌ وَاللَّهِ بِأَهْلِهَا إِلَى نَدَامَةٍ طَوِيلَةٍ ، وَعَذَابٍ شَدِيدٍ فَلَا تَكُونَنَّ يَا ابْنَ آدَمَ مُغْتَرًّا ، وَلَا تَأْمَنْ مَا لَمْ يَأْتِكِ الْأَمَانُ مِنْهُ ، فَإِنَّ الْهَوْلَ الْأَعْظَمَ وَمُفْظَعَاتِ الْأُمُورِ أَمَامَكَ ، لَمْ تَخْلُصْ مِنْهَا حَتَّى الْآنَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْلَكِ وَحُضُورِ تِلْكَ الْأُمُورِ إِمَّا يُعَافِيكَ مِنْ شَرِّهَا وَيُنَجِّيكَ مِنْ أَهْوَالِهَا وَإِمَّا الْهَلَكَةُ ، وَهِيَ مَنَازِلٌ شَدِيدَةٌ مُخَوِّفَةٌ مَحْذُورَةٌ مُفْزِعَةٌ لِلْقُلُوبِ ، فَلِذَلِكَ فَاعْدُدْ وَمِنْ شَرِّهَا فَاهْرَبْ وَلَا يُلْهِيَنَّكَ الْمَتَاعُ الْقَلِيلُ الْفَانِي ، وَلَا تَرَبَّصْ بِنَفْسِكَ فَهِيَ سَرِيعَةُ الِانْتِقَاصِ مِنْ عُمُرِكَ فَبَادِرْ أَجَلَكَ وَلَا تُقَلِّلْ غَدًا ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَتَى إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ وَاعْلَمُوا أَنَّ النَّاسَ أَصْبَحُوا جَادِّينَ فِي زِينَةِ الدُّنْيَا يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ غَمْرَةٍ ، وَكُلٌّ مُعْجَبٌ بِمَا هُوَ فِيهِ رَاضٍ بِهِ حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَزْدَادَ مِنْهُ فَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي طَاعَةِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ أَهْلُهُ وَضَاعَ سَعْيُهُ ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي طَاعَةِ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ أَهْلُهُ بِهِ وَجْهَ أَمْرِهِمْ وَوُفِّقُوا فِيهِ بِحَظِّهِمْ عِنْدَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَعَهْدُهُ ، وَذِكْرُ مَا مَضَى وَذِكْرُ مَا بَقِيَ وَالْخَبَرُ عَمَّنْ وَرَاءَهُمْ ، كَذَلِكَ أَمَرُ اللَّهِ الْيَوْمَ وَقَبْلَ ذَلِكَ أَمْرُهُ فِيمَنْ مَضَى ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ بَالِغَةٌ وَالْعُذْرَ بَارِزٌ ، وَكُلٌّ مُوافٍ اللَّهَ لِمَا عَمِلَ ، ثُمَّ يَكُونُ الْقَضَاءُ مِنَ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ : فَمَقْضِيٌّ لَهُ رَحْمَتُهُ وَثَوَابُهُ فَيَا لَهَا نِعْمَةٌ وَكَرَامَةٌ ، وَمَقْضِيٌّ لَهُ سَخَطُهُ وَعُقُوبَتُهُ فَيَالَهَا حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ ، وَلَكِنْ حَقٌّ عَلَى مَنْ جَاءَهُ الْبَيَانُ مِنَ اللَّهِ بِأَنَّ هَذَا أَمْرُهُ وَهُوَ وَاقِعٌ أَنْ يُصَغِّرَ فِي عَيْنِهِ مَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ صَغِيرٌ ، وَأَنْ يُعَظِّمَ فِي نَفْسِهِ مَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ، أَوَلَيْسَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنَ الْكَرَاهَةِ لِأَهْلِهَا فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْهَوَانِ ، مَا يُطَيِّبُ نَفْسَ امْرِئٍ عَنْ عِيشَةِ دُنْيَاهُ ، فَإِنَّهَا قَدْ أَذِنَتْ بِزَوَالٍ ، لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلَا يُؤْمَنُ فَجَائِعُهَا ، يَبْلَى جَدِيدُهَا وَيَسْقَمُ صَحِيحُهَا ، وَيَفْتَقِرُ غَنِيُّهَا ، مَيَّالَةٌ بِأَهْلِهَا ، لَعَّابَةٌ بِهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، فَفِيهَا عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ وَبَيَانٌ فَعَلَامَ تَنْتَظِرُ ؟ يَا ابْنَ آدَمَ أَنْتَ الْيَوْمَ فِي دَارٍ هِيَ لَافِظَتُكَ ، وَكَأَنَّ قَدْ بَدَا لَكَ أَمَرُهَا ، فَإِلَى انْصِرَامٍ مَا تَكُونُ سَرِيعًا ثُمَّ يُفْضَى بِأَهْلِهَا إِلَى أَشَدِّ الْأُمُورِ وَأَعْظَمِهَا خَطَرًا ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا ابْنَ آدَمَ وَلْيَكُنْ سَعْيُكَ فِي دُنْيَاكَ لِآخِرَتِكَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ شَيْءٌ إِلَّا مَا صَدَرَتْ أَمَامَكَ ، فَلَا تَدَّخِرَنَّ عَنْ نَفْسِكِ مَا لَكَ وَلَا تُتْبِعْ نَفْسَكَ مَا قَدْ عَلِمْتَ أَنَّكَ تَارِكُهُ خَلْفَكَ ، وَلَكِنْ تُزَوَّدْ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ وَاعْدُدِ الْعِدَّةَ أَيَّامَ حَيَاتِكَ وَطُولَ مَقَامِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ مَا هُوَ نَازِلٌ فَيَحُولُ دُونَ الَّذِي تُرِيدُ فَإِذَا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ قَدْ نَدِمْتَ حَيْثُ لَا تُغْنِي النَّدَامَةُ عَنْكَ ، ارْفُضِ الدُّنْيَا وَلْتَسْخَ بِهَا نَفْسُكَ وَدَعْ مِنْهَا الْفَضْلَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَصَبْتَ أَرْبَحَ الْأَثْمَانِ مِنْ نُعَيْمِ لَا يَزُولُ وَنَجَوْتَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ لَيْسَ لِأَهْلِهِ رَاحَةٌ وَلَا فَتْرَةٌ ، فَاكْدَحْ لِمَا خُلِقْتَ لَهُ قَبْلَ أَنْ تَفَرَّقَ بِكَ الْأُمُورُ فَيَشُقُّ عَلَيْكَ اجْتِمَاعُهَا ، صَاحِبِ الدُّنْيَا بِجَسَدِكَ وَفَارِقْهَا بِقَلْبِكَ وَلْيَنْفَعْكَ مَا قَدْ رَأَيْتَ مِمَّا قَدْ سَلَفَ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنَ الْعُمُرِ وَحَالَ بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا هُمْ فِيهِ ، فَإِنَّهُ عَنْ قَلِيلٍ فِنَاؤُهُ وَمُخَوَّفٌ وَبَالُهُ وَلْيَزِدْكَ إِعْجَابُ أَهْلِهَا بِهَا زُهْدًا فِيهَا وَحَذَرًا مِنْهَا ، فَإِنَّ الصَّالِحِينَ كَذَلِكَ كَانُوا وَاعْلَمْ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّكَ تَطْلُبُ أَمْرًا عَظِيمًا لَا يَقْصُرُ فِيهِ إِلَّا الْمَحْرُومُ الْهَالِكُ فَلَا تَرْكَبِ الْغُرُورَ وَأَنْتَ تَرَى سَبِيلَهُ وَلَا تَدَعْ حَظَّكَ وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْكَ وَأَنْتَ مَسْئُولٌ وَمَقُولٌ لَكَ ، فَأَخْلِصْ عَمَلَكَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَانْتَظِرِ الْمَوْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَكُنْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَإِنَّ أَنْجَى النَّاسِ مَنْ عَمِلَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الرَّخَاءِ وَالْبَلَاءِ ، وَأَمَرَ الْعِبَادَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ فَإِنَّكُمْ أَصْبَحْتُمْ فِي دَارٍ مَذْمُومَةٍ خُلِقَتْ فِتْنَةً وَضُرِبَ لِأَهْلِهَا أَجَلٌ إِذَا انْتَهَوْا إِلَيْهِ يَبِيدُ أَخْرَجَ نَبَاتَهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِالَّذِي هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ وَأَمَرَ عِبَادَهُ فِيمَا أَخْرَجَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِطَاعَتِهِ وَبَيَّنَ لَهُمْ سَبِيلَهَا يَعْنِي سَبِيلَ الطَّاعَةِ وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهَا الْجَنَّةَ وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِ لَيْسَ مِنْهُمْ بِمُعْجِزٍ لَهُ ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِهِمْ يَخْفَى عَلَيْهِ ، سَعْيُهُمْ فِيهَا شَتَّى بَيْنَ عَاصٍ وَمُطِيعٍ لَهُ وَلِكُلٍّ جَزَاءٌ مِنَ اللَّهِ بِمَا عَمِلَ وَنُصِيبٌ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ، وَلَمْ أَسْمَعِ اللَّهَ تَعَالَى فِيمَا عَهِدَ إِلَى عِبَادِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ رَغَّبَ فِي الدُّنْيَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ وَلَا رَضِيَ لَهُ بِالطِّمَأْنِينَةِ فِيهَا وَلَا الرُّكُونِ إِلَيْهَا ، بَلْ صَرَفَ الْآيَاتِ وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ بِالْعَيْبِ لَهَا وَالنَّهْيِ عَنْهَا وَرَغَّبَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَأَهْلُهَا عَظِيمُ الشَّأْنِ هَائِلُ الْمَطْلَعِ ، نَقَلَهُمْ عَنْهُ أُرَاهُ إِلَى دَارٍ لَا يُشْبِهُ ثَوَابُهُمْ ثَوَابًا وَلَا عِقَابُهُمْ عِقَابًا لَكَنَّهَا دَارُ خُلُودٍ يَدِينُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ ثُمَّ يُنْزِلُهُمْ مَنَازِلَهُمْ ، لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا بُؤْسٌ عَنْ أَهْلِهَا وَلَا نُعَيْمٌ ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا طَلَبَ الْحَلَالَ جَهَدَهُ حَتَّى إِذَا دَارَ فِي يَدِهِ وَجَّهَهُ وَجْهَهُ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَضُرُّكَ الَّذِي أَصَابَكَ مِنْ شَدَائِدِ الدُّنْيَا إِذَا خَلُصَ لَكَ خَيْرُ الْآخِرَةِ ، {{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ }} ، هَذَا فَضَحَ الْقَوْمَ ، أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ عَنِ الْجَنَّةِ عِنْدَ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَتِهِ ، وَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْنَا أَقْوَامًا كَانُوا يَقُولُونَ : لَيْسَ لَنَا فِي الدُّنْيَا حَاجَةٌ لَيْسَ لَهَا خُلِقْنَا فَطَلَبُوا الْجَنَّةَ بِغَدْوِهِمْ وَرَوَاحِهِمْ وَسَهَرِهِمْ ، نَعَمْ وَاللَّهِ حَتَّى أَهْرَقُوا فِيهَا دِمَاءَهُمْ وَرَجَوْا فَأَفْلَحُوا وَنَجَوْا هَنِيئًا لَهُمْ لَا يَطْوِي أَحَدُهُمْ ثَوْبًا وَلَا يَفْتَرِشُهُ وَلَا تَلْقَاهُ إِلَّا صَائِمًا ذَلِيلًا مُتَبَائِسًا خَائِفًا ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ إِنْ قُرِّبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ أَكَلَهُ وَإِلَّا سَكَتَ ، لَا يَسْأَلُهُمْ عَنْ شَيْءٍ مَا هَذَا وَمَا هَذَا ثُمَّ قَالَ : لَيْسَ مَنْ مَاتَ فاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ إِنَّمَا الْمَيْتُ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُسْتَهْ ، قَالَ : ثنا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : يَا ابْنَ آدَمَ عَمَلَكَ عَمَلَكَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ فَانْظُرْ عَلَى أَيِّ حَالٍ تَلْقَى عَمَلَكَ إِنَّ لِأَهْلِ التَّقْوَى عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا ، صِدْقُ الْحَدِيثِ وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَرَحْمَةُ الضُّعَفَاءِ وَقِلَّةُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَقِلَّةُ الْمُبَاهَاةِ لِلنَّاسِ ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ ، وَسَعَةُ الْخَلْقِ مِمَّا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ نَاظِرٌ إِلَى عَمَلِكَ يُوزَنُ خَيْرُهُ وَشَرُّهُ فَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا وَإِنْ هُوَ صِغَرَ ، فَإِنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ سَرَّكَ مَكَانَهُ وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الشَّرِّ شَيْئًا فَإِنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ سَاءَكَ مَكَانَهُ ، فَرَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا كَسِبَ طَيِّبًا وَأَنْفَقَ قَصْدًا وَقَدَّمَ فَضْلًا لِيَوْمِ فَقْرِهِ وَفَاقَتِهِ ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ذَهَبَتِ الدُّنْيَا بِحَالَتِي مَآلِهَا وَبَقِيَتِ الْأَعْمَالُ قَلَائِدَ فِي أَعْنَاقِكُمْ أَنْتُمْ تَسُوقُونَ النَّاسَ وَالسَّاعَةُ تَسُوقُكُمْ ، وَقَدْ أَسْرَعَ بِخِيَارِكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ ؟ الْمُعَايَنَةَ ، فَكَأَنَّ قَدْ إِنَّهُ لَا كِتَابَ بَعْدَ كِتَابِكُمْ وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ يَا ابْنَ آدَمَ بِعْ دُنْيَاكَ بآخِرَتِكَ تَرْبَحْهُمَا جَمِيعًا وَلَا تَبِيعَنَّ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ فَتَخْسَرَهُمَا جَمِيعًا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، قَالَ : ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا الْحَسَنُ فِي يَوْمٍ مِنْ رَجَبَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَمُصُّ مَاءً وَيَمُجُّهُ تَنَفَّسَ تَنَفُّسًا شَدِيدًا ثُمَّ بَكَى حَتَّى ارْتَعَدَ مَنْكِبَاهُ ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَنَّ بِالْقُلُوبِ حَيَاةً لَوْ أَنَّ بِالْقُلُوبِ صَلَاحًا لَأَبْكَيْتُكُمْ مِنْ لَيْلَةٍ صَبِيحَتُهَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، إِنَّ لَيْلَةً تَمْخَضُ عَنْ صَبِيحَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا سَمِعَ الْخَلَائِقُ بِيَوْمٍ قَطُّ أَكْثَرَ فِيهِ مِنْ عَوْرَةٍ بَادِيَةٍ وَلَا عَيْنٍ بَاكِيَةٍ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، قَالَ : ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ : غَدًا كُلُّ امْرِئٍ فِيمَا يهُمُّهُ وَمَنْ هَمَّ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ إِنَّهُ لَا عَاجِلَةَ لِمَنْ لَا آخِرَةَ لَهُ وَمَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ فَلَا دُنْيَا لَهُ وَلَا آخِرَةَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرٌ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى الْيَشْكُرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، إِذَا ذَكَرَ صَاحِبَ الدُّنْيَا يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا بَقِيَتْ لَهُ وَلَا بَقِيَ لَهَا وَلَا سَلِمَ مِنْ تَبِعَتِهَا وَلَا شَرِّهَا وَلَا حِسَابِهَا وَلَقَدْ أُخْرِجَ مِنْهَا فِي خَرْقٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ الْمِصِّيصِيُّ ، وَكَانَ يُقَالُ إِنَّهُ مِنَ الْأَبْدَالِ قَالَ : ثنا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ }} قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ وَإِنَّ الْمُنَافِقَ أَسَاءَ الظَّنَّ فَأَسَاءَ الْعَمَلَ
حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَدِيبُ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ ، قَالَ : ثنا الْأَصْمَعِيُّ ، قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ : حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الدُّثُورِ وَاقْرَعُوا النُّفُوسَ فَإِنَّهَا خَلِيعَةٌ وَإِنَّكُمْ إِنْ أَطَعْتُمُوهَا تَنْزِلْ بِكُمْ إِلَى شَرِّ غَايَةٍ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَارِي قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، قَالَ : ثنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ خِلَالٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَأَعَاذَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَعِنْدَ الشَّهْوَةِ وَعِنْدَ الْغَضَبِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاتِبُ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، قَالَ : ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، قَالَ : كُنَّا نَجْلِسُ عِنْدَ الْحَسَنِ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ دَخَلْنَا آنِفًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَهْتَمِ فَإِذَا هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقُلْنَا : يَا أَبَا مَعْمَرٍ كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قَالَ : أَجِدُنِي وَاللَّهِ وَجِعًا وَلَا أَظُنُّنِي إِلَّا لَمَّا بِي وَلَكِنْ مَا تَقُولُونَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ لَمْ تُؤَدَّ مِنْهَا زَكَاةٌ وَلَمْ يوصَلْ مِنْهَا رَحِمٌ فَقُلْنَا : يَا أَبَا مَعْمَرٍ فَلِمَ كُنْتَ تَجْمَعُهَا ؟ قَالَ : كُنْتُ وَاللَّهِ أَجْمَعُهَا لِرَوْعَةِ الزَّمَانِ وَجَفْوَةِ السُّلْطَانِ وَمُكَاثَرَةِ الْعَشِيرَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ : انْظُرُوا هَذَا الْبَائِسَ أَنَّى أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَحَذَّرَهُ رَوْعَةَ زَمَانِهِ وَجَفْوَةَ سُلْطَانِهِ عَمَّا اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَعَمَّرَهُ فِيهِ خَرَجَ وَاللَّهِ مِنْهُ كَئِيبًا حَزِينًا ذَمِيمًا مَلُومًا ، إِيهًا عَنْكَ أَيُّهَا الْوَارِثُ ، لَا تُخْدَعُ كَمَا خُدِعَ صُوَيْحِبُكَ أَمَامَكَ أَتَاكَ هَذَا الْمَالُ حَلَالًا فَإِيَّاكَ وَإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ وَبَالًا عَلَيْكَ ، أَتَاكَ وَاللَّهِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ جَمُوعًا مَنُوعًا يَدْأَبُ فِيهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَقْطَعُ فِيهِ الْمَفَاوِزَ وَالْقِفَارَ ، مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَمِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ جَمَعَهُ فَأَوْعَاهُ وَشَدَّهُ فَأَوْكَاهُ لَمْ يُؤَدِّ مِنْهُ زَكَاةً وَلَمْ يَصِلْ مِنْهُ رَحِمًا إِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذُو حَسَرَاتٍ ، وَإِنَّ أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ غَدًا أَنْ يَرَى أَحَدُكُمْ مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ أَوَتَدْرُونَ كَيْفَ ذَاكُمْ ؟ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَأَمَرَهُ بِإِنْفَاقِهِ فِي صُنُوفِ حُقُوقِ اللَّهِ فَبَخِلَ بِهِ فَوَرَّثَهُ هَذَا الْوَارِثَ فَهُوَ يَرَاهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ ، فَيَا لَهَا عَثْرَةٌ لَا تُقَالُ وَتَوْبَةٌ لَا تُنَالُ
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : قَالَ الْحَسَنُ : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً عَرَفَ ثُمَّ صَبَرَ ثُمَّ أَبْصَرَ فَبَصُرَ فَإِنَّ أَقْوَامًا عَرَفُوا فَانْتَزَعَ الْجَزَعُ أَبْصَارَهُمْ فَلَا هُمْ أَدْرَكُوا مَا طَلَبُوا وَلَا هُمْ رَجَعُوا إِلَى مَا تَرَكُوا ، اتَّقُوا هَذِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُضِلَّةَ الْبَعِيدَةَ مِنَ اللَّهِ الَّتِي جِمَاعُهَا الضَّلَالَةُ وَمِيعَادُهَا النَّارُ لَهُمْ مِحْنَةٌ مَنْ أَصَابَهَا أَضَلَّتْهُ وَمَنْ أَصَابَتْهُ قَتَلَتْهُ ، يَا ابْنَ آدَمَ دِينَكَ دِينَكَ فَإِنَّهُ لَحْمُكَ وَدَمُكَ إِنْ يَسْلَمْ لَكَ دِينُكَ يَسْلَمْ لَكَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَنَعُوذُ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا نَارٌ لَا تُطْفَأُ وَجُرْحٌ لَا يَبْرَأُ وَعَذَابٌ لَا يَنْفَدُ أَبَدًا وَنَفَسٌ لَا تَمُوتُ ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ وَمُرْتَهِنٌ بِعَمَلِكَ فَخُذْ مِمَّا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، عِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ إِنَّكَ مَسْئُولٌ وَلَا تَجِدُ جَوَابًا ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَزَالُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ لَهُ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ وَكَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هَمِّهِ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : ثنا هِشَامٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا مَا طُوِي لِأَحَدِهِمْ فِي بَيْتِهِ ثَوْبٌ قَطُّ وَلَا أَمَرَ فِي أَهْلِهِ بِصَنْعَةِ طَعَامٍ قَطُّ ، وَمَا جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا قَطُّ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَقُولُ : لَوَدِدْتُ أَنِّي أَكَلْتُ أَكْلَةً فِي جَوْفِي مِثْلَ الْآجُرَّةِ قَالَ : وَيَقُولُ بَلَغَنَا : إِنَّ الْآجُرَّةَ تَبْقَى فِي الْمَاءِ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَرِثُ الْمَالَ الْعَظِيمَ قَالَ : وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَمَجْهُودٌ شَدِيدُ الْجَهْدِ قَالَ : فَيَقُولُ لِأَخِيهِ : يَا أَخِي إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَا مِيرَاثٌ وَهُوَ حَلَالٌ ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي وَعَمَلِي فَهُوَ لَكَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ قَالَ : فَلَا يَرْزَأُ مِنْهُ شَيْئًا أَبَدًا وَإِنَّهُ مَجْهُودٌ شَدِيدُ الْجَهْدِ
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : قَالَ الْحَسَنُ : يَا ابْنَ آدَمَ سَرَطًا سَرَطًا جَمْعًا جَمْعًا فِي وِعَاءٍ ، وَشَدًّا شَدًّا فِي وِكَاءٍ ، رُكُوبَ الذَّلُولِ وَلَبُوسَ اللِّينِ ثُمَّ قِيلَ : مَاتَ فَأَفْضَى وَاللَّهِ إِلَى الْآخِرَةِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ عَمِلَ لِلَّهِ تَعَالَى أَيَّامًا يَسِيرَةً فَوَاللَّهِ مَا نَدِمَ أَنْ يَكُونَ أَصَابَ مِنْ نَعِيمِهَا وَرَخَائِهَا وَلَكِنْ رَاقَتِ الدُّنْيَا لَهُ فَاسْتَهَانَهَا وَهَضَمَهَا لِآخِرَتِهِ وَتَزَوَّدَ مِنْهَا ، فَلَمْ تَكُنِ الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ بِدَارٍ وَلَمْ يرَغَبْ فِي نَعِيمِهَا وَلَمْ يَفْرَحْ بِرَخَائِهَا ، وَلَمْ يَتَعَاظَمْ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَلَاءِ إِنْ نَزَلَ بِهِ مَعَ احْتِسَابِهِ لِلْأَجْرِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَلَمْ يَحْتَسِبْ نَوَالَ الدُّنْيَا حَتَّى مَضَى رَاغِبًا رَاهِبًا فَهَنِيئًا هَنِيئًا فَأَمَّنَ اللَّهُ بِذَلِكَ رَوْعَتَهُ وَسَتَرَ عَوْرَتَهُ وَيَسَّرَ حِسَابَهُ ، وَكَانَ الْأَكْيَاسُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ : إِنَّمَا هُوَ الْغُدُوُّ وَالرَّوَاحُ ، وَحَظٌّ مِنَ الدُّلَجَةِ ، وَالِاسْتِقَامَةُ ، لَا يَثْنِكَ يَا ابْنَ آدَمَ ثَانٍ عَنِ الْخَيْرِ حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ ، وَلَا يُعْطِي بِالْأَمَانِي وَقَدِ اشْتَدَّ الشُّحُّ وَظَهَرَتِ الْأَمَانِيُّ وَتَمَنَّى الْمُتَمَنِّي فِي غُرُورِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَةُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ شَيْءٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ : وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا بِعَيْنِكَ ؟ إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الْبَصِيرُ بِدِينِهِ الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا مَعْمَرٌ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ : لَوْ رَأَيْتَ الْحَسَنَ لَقُلْتَ : إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيهًا قَطُّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَامِلٍ ، قَالَ : ثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَعْرَابِيِّ ، قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ ابْنًا لَجَارِيَةِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَبَعَثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ جَارِيَتَهَا فِي حَاجَتِهَا فَبَكَى الْحَسَنُ بُكَاءً شَدِيدًا فَرَقَّتْ عَلَيْهِ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَأَخَذْتُهُ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهَا فَأَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا فَدَرَّ عَلَيْهِ فَشَرِبَ مِنْهُ فَكَانَ يُقَالُ : إِنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي بَلَغَهُ الْحَسَنُ مِنَ الْحِكْمَةِ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَهُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ الْهَاشِمِيُّ ، قَالَ : ثنا عَيَّاشُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ يَقُولُ : مَا زَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَعِي الْحِكْمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا ، وَكَانَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ : ذَاكَ الَّذِي يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ ، قَالَ : لَمَّا لَقِيتُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْحِيرَةِ قَالَ : يَا خَالِدُ أَخْبَرَنِي عَنْ حَسَنِ ، أَهْلِ الْبَصْرَةِ قُلْتُ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ أُخْبِرُكَ عَنْهُ بِعِلْمٍ أَنَا جَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ وَجَلِيسُهُ فِي مَجْلِسِهِ وَأَعْلَمُ مَنْ قِبَلِي بِهِ ، أَشْبَهُ النَّاسِ سَرِيرَةً بِعَلَانِيَّةٍ وَأَشْبَهُ قَوْلًا بِفِعْلٍ إِنْ قَعَدَ عَلَى أَمْرٍ قَامَ بِهِ وَإِنْ قَامَ عَلَى أَمَرٍ قَعَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمَرَ بِأَمْرٍ كَانَ أَعْمَلَ النَّاسِ بِهِ ، وَإِنْ نَهَى عَنْ شَيْءٍ كَانَ أَتْرَكَ النَّاسِ لَهُ ، رَأَيْتُهُ مُسْتَغْنِيًا عَنِ النَّاسِ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ قَالَ : حَسْبُكَ يَا خَالِدُ كَيْفَ يَضِلُّ قَوْمٌ هَذَا فِيهِمْ ؟
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُوَفَّقِ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا الْحَسَنُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ مَعَ عَطَاءٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ خَلَقْتُكَ وَتَعْبُدُ غَيْرِي وَأَذْكُرَكَ وَتَنْسَانِي وَأَدْعُوكَ وَتَفِرُّ مِنِّي إِنَّ هَذَا لَأَظْلَمُ ظُلْمٍ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا الْحَسَنُ : {{ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }}
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ : مَا مِنْ رَجُلٍ يَرَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ إِلَّا أَغْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَزَادَهُ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَائِشَةَ قَالَ ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : إِنَّ أَفْسَقَ الْفَاسِقِينَ الَّذِي يَرْكَبُ كُلَّ كَبِيرَةٍ وَيُسْحَبُ عَلَى ثِيَابِهِ وَيَقُولُ : لَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ سَيعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رُبَّمَا عَجَّلَ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا لِيَوْمِ الْحِسَابِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَمَّالُ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ الدَّشْتَكِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبَّادُ بْنُ كُلَيْبٍ ، قَالَ : ثنا مَوْهَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كِتَابًا بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ مُخِيفَةٌ إِنَّمَا أُهْبِطَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَيْهَا عُقُوبَةً ، وَاعْلَمْ أَنَّ صَرْعَتَهَا لَيْسَتْ كَالصَّرْعَةِ ، مَنْ أَكْرَمَهَا يُهَنْ وَلَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٌ فَكُنْ فِيهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَالْمُدَاوي جُرْحَهُ يَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ خِيفَةَ طُولِ الْبَلَاءِ ، وَالسَّلَامُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : ثنا أَبُو رَبِيعَةَ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ : ثنا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا لَبِسَ خَلِقًا وَأَكَلَ كِسْرَةً وَلَصَقَ بِالْأَرْضِ وَبَكَى عَلَى الْخَطِيئَةِ وَدَأَبَ فِي الْعِبَادَةِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُوَفَّقِ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبَانَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ الْعَبْدِيَّ ، قَالَ : ثنا حَوْشَبُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ تَدَقْدَقَتْ بِهِمُ الْهَمَالِيجُ وَوَطِئَتِ الرِّحَالُ أَعْقَابَهُمْ ، إِنَّ ذَلَّ الْمَعَاصِي لَفِي قُلُوبِهِمْ وَلَقَدْ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَعْصِيَهُ عَبْدٌ إِلَّا أَذَلَّهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : فَضَحَ الْمَوْتُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهَا لِذِي لُبٍّ فَرَحًا
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، قَالَ : لَمَّا وَلِي عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْعِرَاقَ أَرْسَلَ إِلَى الْحَسَنِ وَإِلَى الشَّعْبِيِّ فَأَمَرَ لَهُمَا بِبَيْتٍ وَكَانَا فِيهِ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ ثُمَّ إِنَّ الْخَصِيَّ غَدَا عَلَيْهِمَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : إِنَّ الْأَمِيرَ دَاخِلٌ عَلَيْكُمَا فَجَاءَ عُمَرُ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ مُعَظِّمًا لَهُمَا فَقَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ يَنْفُذُ كُتُبًا أَعْرِفُ أَنَّ فِي إِنْفَاذِهَا الْهَلَكَةَ فَإِنْ أَطَعْتُهُ عَصَيْتُ اللَّهَ وَإِنْ عَصَيْتُهُ أَطَعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَهَلْ تَرَيَا لِي فِي مُتَابَعَتِي إِيَّاهُ فَرَجًا ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ : يَا أَبَا عَمْرٍو أَجِبِ الْأَمِيرَ فَتَكَلَّمَ الشَّعْبِيُّ فَانْحَطَّ فِي حَبْلِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَقَالَ : مَا تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ ؟ فَقَالَ : أَيُّهَا الْأَمِيرُ قَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ مَا قَدْ سَمِعْتَ قَالَ : مَا تَقُولُهُ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ ؟ فَقَالَ : أَقُولُ يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ مَلَكٌ مِنَ مَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَظٌّ غَلِيظٌ لَا يَعْصِي اللَّهَ مَا أَمَرَهُ فَيُخْرِجَكَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِكَ إِلَى ضِيقِ قَبْرِكَ يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ إِنْ تَتَّقِ اللَّهَ يَعْصِمْكَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَا يَعْصِمُكَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ لَا تَأْمَنْ أَنْ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَيْكَ عَلَى أَقْبَحِ مَا تَعْمَلُ فِي طَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ نَظْرَةَ مَقْتٍ فَيَغْلِقَ فِيهَا بَابَ الْمَغْفِرَةِ دُونَكَ يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ لَقَدْ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانُوا وَاللَّهِ عَلَى الدُّنْيَا وَهِيَ مُقْبِلَةٌ أَشَدَّ إِدْبَارًا مِنْ إِقْبَالِكُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ مُدْبِرَةٌ يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ إِنِّي أُخَوِّفُكَ مَقَامًا خَوَّفَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : {{ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }} يَا عُمَرُ بْنَ هُبَيْرَةَ إِنَّ تَكُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي طَاعَتِهِ كَفَاكَ بَائِقَةَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنْ تَكُ مَعَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ وَكَلَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ وَقَامَ بَعَبْرَتِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا بِإِذْنِهِمَا وَجَوَائِزِهِمَا وَكَثَّرَ مِنْهُ مَا لِلْحَسَنِ وَكَانَ فِي جَائِزَتِهِ لِلشَّعْبِيِّ بَعْضَ الْإِقْتَارِ فَخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُؤْثِرَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ فَلْيَفْعَلْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلِمَ الْحَسَنُ مِنْهُ شَيْئًا فَجَهِلْتُهُ وَلَكِنْ أَرَدْتُ وَجْهَ ابْنَ هُبَيْرَةَ فَأَقْصَانِيَ اللَّهُ مِنْهُ
قَالَ وَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُخَادِشٍ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ : كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَقْوَامٍ يُخَوِّفُونَنَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ : وَاللَّهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْأَمْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى يَلْحَقَكَ الْخَوْفُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ : أَخْبِرْنَا صِفَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَكَى وَقَالَ : ظَهَرَتْ مِنْهُمْ عَلَامَاتُ الْخَيْرِ فِي السَّمَاءِ ، وَالسَّمْتِ ، وَالْهَدْيِ ، وَالصِّدْقِ ، وَخُشُونَةِ مَلَابِسِهِمْ بِالِاقْتِصَادِ ، وَمَمْشَاهُمْ بِالتَّوَاضُعِ ، وَمَنْطِقِهِمْ بِالْعَمَلِ ، وَمَطْعَمِهِمْ ، وَمَشْرَبِهِمْ بِالطَّيِّبِ مِنَ الرِّزْقِ ، وَخُضُوعِهِمْ بِالطَّاعَةِ لِرَبِّهِمْ تَعَالَى ، وَاسْتِقَادَتِهِمْ لِلْحَقِّ فِيمَا أَحَبُّوا وَكَرِهُوا ، وَإِعْطَائِهِمُ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ظَمَأَتْ هَوَاجِرُهُمْ وَنَحَلَتْ أَجْسَامُهُمْ وَاسْتَحَقُّوا بِسَخَطِ الْمَخْلُوقِينَ رِضَا الْخَالِقِ لَمْ يُفَرِّطُوا فِي غَضِبٍ وَلَمْ يَحِيفُوا فِي جَوْرٍ وَلَمْ يجَاوِزُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ ، شَغَلُوا الْأَلْسُنَ بِالذِّكْرِ بَذَلُوا دِمَاءَهُمْ حِينَ اسْتَنْصَرْهُمْ ، وَبَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ حِينَ اسْتَقْرَضَهُمْ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ خَوْفُهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُمْ وَهَانَتْ مَئُونَتُهُمْ وَكَفَاهُمُ الْيَسِيرُ مِنْ دُنْيَاهُمْ إِلَى آخِرَتِهِمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْفَضْلِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : ثنا عِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَّانِيُّ ، قَالَ : ثنا فُضَيْلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : خَرَجَ الْحَسَنُ مِنْ عِنْدِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَإِذَا هُوَ بِالْقُرَّاءِ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ : مَا يُجْلِسُكُمْ هَاهُنَا ؟ تُرِيدُونَ الدُّخُولَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْخُبَثَاءِ ؟ أَمَا وَاللَّهِ مَا مُجَالَسَتُهُمْ بِمُجَالَسَةِ الْأَبْرَارِ ، تَفَرَّقُوا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَرْوَاحِكُمْ ، وَأَجْسَادِكُمْ قَدْ لَقَّحْتُمْ نِعَالَكُمْ ، وَشَمَّرْتُمْ ثِيَابَكُمْ ، وَجَزَزْتُمْ شُعُورَكُمْ ، فَضَحْتُمُ الْقُرَّاءَ فَضَحَكُمُ اللَّهُ ، وَأَمَا وَاللَّهِ لَوْ زَهَدْتُمْ فِيمَا عِنْدَهُمْ لَرَغِبُوا فِيمَا عِنْدَكُمْ ، لَكِنَّكُمْ رَغِبْتُمْ فِيمَا عِنْدَهُمْ فَزَهِدُوا فِيمَا عِنْدَكُمْ ، أَبْعَدَ اللَّهُ مَنْ أَبْعَدَ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قَالَ : ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَحْمَسِيُّ الْأَعْوَرُ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الزِّيَادِيِّ ، وَهُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ كُرْدِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ وَكَمَنْ رَأَى أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُخَلَّدِينَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ حَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّامًا قِصَارًا تُعْقَبَ رَاحَةً طَوِيلَةً ، أَمَّا اللَّيْلُ فَمُصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ تَسِيلُ دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ رَبَّنَا رَبَّنَا ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسِبُهُمْ مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرِضٍ ، أَوْ خُولِطُوا وَلَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ أَمَرٌ عَظِيمٌ
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : ثنا جُوَيْرِيَةُ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، قَالَ : خَطَبَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ وَكُنْتُ أَنَا السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا قَالَ : فَكَأَنَّ قَدْ رَضِيَهُ فَذَهَبْتُ يَوْمًا أُثْنِيَ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، وَأَزِيدُكَ أَنَّ لَهُ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ : لَهُ خَمْسُونَ أَلْفًا مَا اجْتَمَعَتْ مِنْ حَلَالٍ قُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، إِنَّهُ كَمَا عَلِمْتَ وَرَعُ مُسْلِمٍ قَالَ : إِنْ كَانَ جَمَعَهَا مِنْ حَلَالٍ فَقَدْ ضَنَّ بِهَا عَنْ حَقٍّ ، لَا وَاللَّهِ لَا جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ صِهْرٌ أَبَدًا
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّرْقُفِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَرِيفٍ ، عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّهُ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ : أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالْآخَرُ فِي آخِرِ النَّهَارِ : يسُرُّ الْفَتَى مَا كَانَ قَدَّمَ مِنْ تُقًى إِذَا عَرَفَ الدَّاءَ الَّذِي هُوَ قَاتِلُهُ . وَمَا الدُّنْيَا بِبَاقِيَةٍ لِحَيٍّ وَلَا حَيَّ عَلَى الدُّنْيَا بِبَاقِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا مُسْمِعُ بْنُ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الْمِسْمَعِيُّ قَالَ : قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ السِّكِّينُ تُجَذُّ وَالْكَبْشُ يُعْتَلَفُ وَالتَّنُّورُ يُسْجَرُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرٌ ، قَالَ : ثنا هِشَامٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا أَعَزَّ أَحَدٌ الدِّرْهَمَ إِلَّا أَذَلَّهُ اللَّهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : ثنا الْمِنْهَالُ ، عَنْ غَالِبٍ ، قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ : ابْنَ آدَمَ أَصْبَحْتَ بَيْنَ مَطِيَّتَيْنِ لَا يَعْرُجَانِ بِكَ خَطَرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ حَتَّى تَقْدُمَ الْآخِرَةَ فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ فَمَنْ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْكَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنِّي أُرِيدُ السِّنْدَ فَأَوْصِنِي قَالَ : حَيْثُمَا كُنْتَ فَأَعِزَّ اللَّهَ يُعِزُّكَ قَالَ : فَحَفِظْتُ وَصِيَّتَهُ فَمَا كَانَ بِهَا أَحَدٌ أَعَزَّ مِنِّي حَتَّى رَجَعْتُ
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثنا عَفَّانُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ضَحِكُ الْمُؤْمِنِ غَفْلَةٌ مِنْ قَلْبِهِ
وَعَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : كَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : الْإِسْلَامُ وَمَا الْإِسْلَامُ ؟ السِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ فِيهِ مُشْتَبِهَةٌ وَأَنْ يُسْلِمَ قَلْبُكَ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْكَ كُلُّ مُسْلِمٍ وَكُلُّ ذِي عَهْدٍ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا تَعَاظَمَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّةَ حِينَ أَبْكَاهُمُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : ثنا طَلْحَةُ بْنُ صُبَيْحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : الْمُؤْمِنُ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا قَالَ : الْمُؤْمِنُ أَحْسَنُ النَّاسِ عَمَلًا وَأَشَدُّ النَّاسِ خَوْفًا ، لَوْ أَنْفَقَ جَبَلًا مِنْ مَالٍ مَا أَمِنَ دُونَ أَنْ يُعَايِنَ ، وَلَا يَزْدَادُ صَلَاحًا وَبِرًّا وَعِبَادَةً إِلَّا ازْدَادَ فَرَقًا يَقُولُ : لَا أَنْجُو وَالْمُنَافِقُ يَقُولُ : سَوَادُ النَّاسِ كَثِيرٌ وَسَيُغْفَرُ لِي وَلَا بَأْسَ عَلَيَّ فَيَنْسَى الْعَمَلَ قَالَ : وَيَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {{ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ }} قَالَ : مَنْ قَالَ ذَا ؟ قَالَهُ مَنْ خَلَقَهَا وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا
قَالَ : وَقَالَ الْحَسَنُ : إِيَّاكُمْ وَمَا شُغِلَ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الدُّنْيَا كَثِيرَةُ الْأَشْغَالِ لَا يَفْتَحُ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ شُغُلٍ إِلَّا أَوْشَكَ ذَلِكَ الْبَابُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ عَشَرَةَ أَبْوَابٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو زُرْعَةَ ، قَالَ : ثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَيَعْرِفُونَ وَجْهَهُ وَيَعْرِفُونَ نَسَبَهُ قَالَ : هَذَا نَبِيٌّ هَذَا خِيَارِي خُذُوا مِنْ سُنَّتِهِ وَسَبِيلِهِ ، أَمَا وَاللَّهِ مَا كَانَ يُغْدَى عَلَيْهِ بِالْجِفَانِ ، وَلَا يُرَاحُ وَلَا يُغْلَقُ دُونَهُ الْأَبْوَابُ وَلَا تَقُومُ دُونَهُ الْحَجَبَةُ ، كَانَ يَجْلِسُ بِالْأَرْضِ وَيُوضَعُ طَعَامُهُ بِالْأَرْضِ وَيَلْبَسُ الْغَلِيظَ وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ وَكَانَ يَلْعَقُ يَدَهُ
وَكَانَ يَقُولُ الْحَسَنُ : مَا أَكْثَرَ الرَّاغِبِينَ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا أَكْثَرَ التَّارِكِينَ لَهَا ، ثُمَّ إِنَّ عُلُوجًا فُسَّاقًا أَكَلَةَ رِبًا وَغُلُولٍ قَدْ شَغَلَهُمْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَمَقَتَهُمْ ، زَعَمُوا أَنْ لَا بَأْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَتَرُوا الْبُيُوتَ وَزَخْرَفُوهَا وَيَقُولُونَ : {{ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ }} وَيَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ اللَّهُ بِهَا إِلَيْهِ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ ، الزِّينَةُ مَا رُكِبَ ظَهْرُهُ وَالطَّيِّبَاتُ مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بُطُونِهَا فَيَعْمَدُ أَحَدُهُمْ إِلَى نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَيَجْعَلُهَا مَلَاعِبَ لِبَطْنِهِ وَفَرْجِهِ وَظَهْرِهِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا أَعْطَى الْعِبَادَ مَا أَعْطَاهُمْ أَبَاحَ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَكِنْ تَعَقَّبَها بِمَا يَسْمَعُونَ فَ {{ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }} فَمَنْ أَخَذَ نِعْمَةَ اللَّهِ وَطُعْمَتَهُ أَكَلَ بِهَا هَنِيئًا مَرِيئًا وَمَنْ جَعَلَهَا مَلَاعِبَ لِبَطْنِهِ وَفَرْجِهِ عَلَى ظَهْرِهِ جَعَلَهَا وَبَالًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ الْخُتَّلِيُّ ، قَالَ : ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ أَبُو بَكْرٍ مَوْلَى حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّ شَابًّا ، مَرَّ بِهِ وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ لَهُ فَدَعَاهُ فَقَالَ : إِيهٍ ابْنَ آدَمَ مُعْجَبٌ بِشَبَابِهِ مُعْجَبٌ بِجَمَالِهِ مُعْجَبٌ بِثِيَابِهِ كَأَنَّ الْقَبْرَ قَدْ وَارَى بَدَنَكَ وَكَأَنَّكَ قَدْ لَاقَيْتَ عَمَلَكَ فَدَاوِ قَلْبَكَ فَإِنَّ حَاجَةَ اللَّهِ إِلَى عِبَادِهِ صَلَاحُ قُلُوبِهِمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ مُحَبَّرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ زَوِّدْنَا مِنْكَ كَلِمَاتٍ تَنْفَعُنَا بِهِنَّ قَالَ : إِنِّي مُزَوِّدُكُمْ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ ثُمَّ قُومُوا عَنِّي وَدَعُونِي وَلِمَا تَوجَّهْتُ لَهُ ، مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ مِنْ أَمَرٍ فَكُونُوا مِنْ أَتْرَكِ النَّاسِ لَهُ وَمَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ مَعْرُوفٍ فَكُونُوا مِنْ أَعْمَلِ النَّاسِ بِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ خُطَاكُمْ خَطْوَتَانِ خَطْوَةٌ لَكُمْ وَخَطْوَةٌ عَلَيْكُمْ فَانْظُرُوا أَيْنَ تَغْدُونَ وَأَيْنَ تَرُوحُونَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو زُرْعَةَ ، قَالَ : ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ شَوْذَبٍ الْجُشَمِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : مَنْ رَأَى مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَدْ رَآهُ غَادِيًا رَائِحًا لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلَا قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ رُفِعَ لَهُ عَلِمٌ فَشَمَّرَ لَهُ النَّجَا النَّجَا ثُمَّ الْوَحَا الْوَحَا عَلَى مَا تَعْرُجُونَ وَقَدْ أَسْرَعَ بِخِيَارِكُمْ وَذَهَبَ نَبِيُّكُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنْتُمْ كُلَّ يَوْمٍ تُرْذِلُونَ ، الْعَيَانَ الْعَيَانَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ حُمْرَانَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا لَمْ يَغُرَّهُ كَثْرَةُ مَا يَرَى مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ تَمُوتُ وَحْدَكَ وَتَدْخُلُ الْقَبْرَ وَحْدَكَ وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ وَتُحَاسَبُ وَحْدَكَ ، ابْنَ آدَمَ وَأَنْتَ الْمَعْنِيُّ وَإِيَّاكَ يُرَادُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا ابْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : ثنا أَبُو رَبِيعَةَ زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ : ثنا أَبُو جُمَيْعٍ سَالِمٌ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا أَأْمَرَ النَّاسِ بِالْمَعْرُوفِ وَآخَذَهُمْ بِهِ وَأَنْهَى النَّاسِ عَنْ مُنْكَرٍ ، وَأَتْرَكَهُمْ لَهُ وَلَقَدْ بَقِينَا فِي أَقْوَامٍ أَأَمْرِ النَّاسِ بِالْمَعْرُوفِ وَأَبْعَدِهِمْ مِنْهُ وَأَنْهَى النَّاسِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَوْقَعِهِمْ فِيهِ فَكَيْفَ الْحَيَاةُ مَعَ هَؤُلَاءِ ؟
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَالِمٍ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : ثنا هَدِيَّةُ ، قَالَ : ثنا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : بِئْسَ الرَّفِيقَانِ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لَا يَنْفَعَانِكَ حَتَّى يُفَارِقَاكَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ثنا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : ابْنَ آدَمَ طأِ الْأَرْضَ بِقَدَمِكَ فَإِنَّهَا عَنْ قَلِيلٍ ، قَبْرُكَ ، إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي هَدْمِ عُمُرِكَ مُنْذُ سَقَطْتَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : ثنا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لَا تُخَالِفُوا اللَّهَ عَنْ أَمْرِهِ ، فَإِنَّ خِلَافًا عَنْ أَمْرِهِ ، عِمْرَانُ دَارٍ قُضِيَ عَلَيْهَا الْخَرَابُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانَ الْعَسْقَلَانِيُّ ، قَالَ : ثنا بُكَيْرُ بْنُ نُصَيْرٍ ، قَالَ : ثنا ضَمْرَةُ ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ ، قَالَ : لَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ وَوَلِيَ سُلَيْمَانُ فَأَقْطَعَ النَّاسَ الْمَوَاتَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ فَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ لِأَبِيهِ : لَوْ أَخَذْنَا كَمَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَالَ : اسْكُتْ مَا يَسُرُّنِي لَوْ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْجِسْرَيْنِ بِزِنْبِيلِ تُرَابٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ ، قَالَ : ثنا بُكَيْرُ بْنُ نُصَيْرٍ ، قَالَ : ثنا ضَمْرَةُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ رُومَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ : أَبَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْطِيَ ، عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بِعِوَضِ خَطَرٍ مِثْلِهِ مِنْ بَلَاءٍ إِمَّا عَاجِلًا وَإِمَّا آجِلًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى ، يَقُولُ : كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ فَجَاءَ ابْنُهُ فَقَالَ : أَيْ أَبَةِ إِنَّ هَذَا السَّهْمَ قَدِ انْكَسَرَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ فَقَالَ : الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : ثنا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ : وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ لِلْحَسَنِ : يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ فَمَا الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ ؟ قَالَ : الصَّبْرُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَالسَّمَاحَةُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي قَالَ : ثنا أَبُو يَحْيَى ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ ، قَالَ : ثنا رُوَيْدُ بْنُ مُجَاشِعٍ ، عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : فَضْلُ الْفِعَالِ عَلَى الْمَقَالِ مَكْرُمَةٌ وَفَضْلُ الْمَقَالِ عَلَى الْفِعَالِ مَنْقَصَةٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ غِيَاثٍ الضُّبَعِيُّ ، قَالَ : ثنا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، قَالَ : دُعِيَ الْحَسَنُ ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ إِلَى وَلِيمَةٍ فَقُرِّبَ إِلَيْهِمَا أَلْوَانُ الطَّعَامِ فَاعْتَزَلَ فَرْقَدٌ وَلَمْ يَأْكُلْ فَقَالَ الْحَسَنُ : مَا لَكَ مَا لَكَ يَا فُرَيْقِدُ ، أَتَرَى أَنَّ لَكَ فَضْلًا عَلَى إِخْوَانِكَ بِكَسْيِكَ هَذَا ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ النَّارِ أَصْحَابُ الْأَكْسِيَةِ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ ، قَالَ : ثنا ضَمْرَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ مَطِيَّتَا الْمُؤْمِنِ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي هَارُونُ ، قَالَ : ثنا سَيَّارٌ ، قَالَ : ثنا حَوْشَبٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : وَاللَّهِ لَقَدْ عَبَدَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْأَصْنَامَ بَعْدَ عِبَادَتِهِمْ لِلرَّحْمَنِ تَعَالَى بِحُبِّهِمُ الدُّنْيَا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : ثنا فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْنَى أَبَا أَيُّوبَ قَالَ : دَخَلَ الْحَسَنُ الْمَسْجِدَ وَمَعَهُ فَرْقَدٌ فَقَعَدَ إِلَى جَنْبِ حَلْقَةٍ يَتَكَلَّمُونَ فَصَنَتَ لِحَدِيثِهِمْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى فَرْقَدٍ فَقَالَ : يَا فَرْقَدُ ، وَاللَّهِ مَا هَؤُلَاءِ إِلَّا قَوْمٌ مَلُّوا الْعِبَادَةَ وَوَجَدُوا الْكَلَامَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ وَقَلَّ وَرَعُهُمْ فَتَكَلَّمُوا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شِبْلٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ ، صَاحِبِ الْبُشْرَى أَنَّ الْحَسَنَ ، قَالَ : وَايْمُ اللَّهِ مَا مِنْ عَبْدٍ قُسِمَ لَهُ رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ خِيرَ لَهُ إِلَّا عَاجِزٌ أَوْ غَبِيُّ الرَّأْيِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شِبْلٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ يِحِسَابِ نَفْسِهِ لِلَّهِ وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّما شَقَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَفْجَؤُهُ الشَّيْءُ يُعْجِبُهُ فَيَقُولُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَشْتَهِيكَ وَإِنَّكَ لِمَنْ حَاجَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا مِنْ وَصِلَةٍ إِلَيْكَ هَيْهَاتَ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيَفْرُطُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا مَا لِيَ وَلِهَذَا ؟ وَاللَّهِ مَا لِيَ عُذْرٌ بِهَا وَوَاللَّهِ لَا أَعُودُ لِهَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ أَوْثَقَهُمُ الْقُرْآنُ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَلَكَتِهِمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ
حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ النَّاجِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : يَا ابْنَ آدَمَ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ فِي خَيْرٍ فَنَافِسْهُمْ فِيهِ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ فِي هَلَكَةٍ فَذَرْهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ قَدْ رَأَيْنَا أَقْوَامًا آثَرُوا عَاجِلَتَهُمْ عَلَى عَاقِبَتِهِمْ فَذُلُّوا وَهَلَكُوا وَافْتُضِحُوا ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا الْحُكْمُ حُكْمَانِ فَمَنْ حَكَمَ بِحُكْمِ اللَّهِ فَإِمَامٌ عَدْلٌ وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ فَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ : مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ وَمُنَافِقٌ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَعَامَلَ اللَّهَ بِطَاعَتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَدْ أَذَلَّهُ اللَّهُ كَمَا قَدْ رَأَيْتُمْ ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَهَاهُنَا مَعَنَا فِي الْحُجَرِ وَالطُّرُقِ وَالْأَسْوَاقِ نَعُوذُ بِاللَّهِ وَاللَّهِ مَا عَرَفُوا رَبَّهُمْ ، اعْتَبَرُوا إِنْكَارَهُمْ رَبَّهُمْ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُصْبِحُ إِلَّا خَائِفًا وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا ذَلِكَ ، وَلَا يُمْسِي إِلَّا خَائِفًا وَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا لِأَنَّهُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ بَيْنَ ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَاذَا يَصْنَعُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا يُصِيبُ فِيهِ مِنَ الْهَلَكَاتِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ شُهُودُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَعْرِضُونَ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَنْ وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ حَمِدَ اللَّهَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ عَرَفُوا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَعَرَفُوا بِالْقُرْآنِ ضَلَالَةَ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْخَلْقِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيُّ ، قَالَ : ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، قَالَ : كُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ خَرَجْنَا وَلَا نَعُدُّ الدُّنْيَا شَيْئًا
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ، قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ ، قَالَ : ثنا بُكَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبُو زُهَيْرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : أَرَى رِجَالًا وَلَا أَرَى عُقُولًا أَسْمَعُ أَصْوَاتًا وَلَا أَرَى أَنِيسًا ، أَخْصَبُ أَلْسِنَةً وَأَجْدَبُ قُلُوبًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ ، قَالَ : ثنا بُكَيْرُ بْنُ نُصَيْرٍ ، قَالَ : ثنا ضَمْرَةُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : خَصْلَتَانِ مِنَ الْعَبْدِ إِذَا صَلُحَتَا صَلُحَ مَا سِوَاهُمَا : الرُّكُونُ إِلَى الظَّلَمَةِ وَالطُّغْيَانُ فِي النِّعْمَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ }} وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي }}
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لَيَعْمَلُ الذَّنْبَ فَلَا يَزَالُ بِهِ كَئِيبًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }} الْآيَةَ ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمَعَ لَكُمُ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا جَمَعَهُ وَلَا تَرَكَ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ وَالْبَغْيُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا جَمَعَهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، قَالَ : أَخْبَرْتُ الْحَسَنَ ، بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ فَسَجَدَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَقِيرُكَ وَأَنْتَ قَتَلْتَهُ فَاقْطَعْ سُنَّتَهُ وَأَرِحْنَا مِنْ سُنَّتِهِ وَأَعْمَالِهِ الْخَبِيثَةِ وَدَعَا عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّاءُ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، قَالَ : ثنا مُضَرُ الْفَارِسِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : لَوْ عَلِمَ الْعَابِدُونَ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَاتُوا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : اقْتَصَرْنَا مِنْ كَلِمَاتِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاتَّبَعْنَاهُ بِأَحَادِيثَ مِنْ غَرَائِبِ حَدِيثِهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا خِسْرُو أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ الْتِمَاسَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ *
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ ، قَالَ : ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ سَهْلٍ السَّرَّاجُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا مِنْ رَجُلٍ يَعْلَمُ كَلِمَةً أَوْ كَلِمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتَعَلَّمُهُنَّ وَيُعَلِّمُهُنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَوَاهُ عِدَّةٌ عَنِ الْحَسَنِ ، فَمِنَ التَّابِعِينَ : يُونُسُ بْنُ سَهْلٍ السَّرَّاجُ بَصْرِيٌّ غَزِيرُ الْحَدِيثِ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، قَالَ : ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ ، أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ عَنِ النَّضْرِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا ، قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَصَ هَذَا الدِّينَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَصْلُحُ لِدِينِكُمْ إِلَّا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ أَلَا فَزَيِّنُوا دِينَكُمْ بِهِمَا غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَالْحَسَنِ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُوعُبَيْدَةَ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ : قَالَ : ثنا شَدَّادُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ عُثْمَانَ الْأَعْرَجِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ قَتَلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ : النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَأَنْ يُمْحَى اسْمُ اللَّهِ بِالْبُصَاقِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ ، وَجَابِرٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ
حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ ، فِي جَمَاعَةٍ قَالُوا : ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِسَانَيْنِ مِنْ نَارٍ لَمْ نَكْتُبْهُ عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَرَوَاهُ الْكِبَارُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ ، قَالَ : ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَرْقَطُ ، قَالَ : ثنا حُمَيْدُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُرَشِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَخْوَفُ مَا أَخَافَ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيهِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ حُمَيْدٌ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ نَحْوَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبِي ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَبْهَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَجَدْتُ الْحَسَنَةَ نُورًا فِي الْقَلْبِ وَزَيْنًا فِي الْوَجْهِ وَقُوَّةً فِي الْعَمَلِ وَوَجَدْتُ الْخَطِيئَةَ سَوَادًا فِي الْقَلْبِ وَشَيْنًا فِي الْوَجْهِ وَوَهْنًا فِي الْعَمَلِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ ، لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ وَأَبُو سُفْيَانَ اسْمُهُ عَبْدُ رَبِّهِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَتِلي هَذِهِ الطَّبَقَةَ طَبَقَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ غَلَبَ عَلَيْهِمُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ فَعُرِفُوا بِهِ وَصَدْرَ النَّاسُ عَنْ فَتَاوِيهِمْ ، فِيمَا كَانُوا يُمْتَحَنُونَ بِهِ وَكَانَ لَهُمُ الْحَظُّ الْوَافِرُ مِنَ التَّعَبُّدِ وَالنُّسُكِ وَلَمْ يُظْهِرُوهُ بَلْ أَخْفَوْهُ وَكَتَمُوهُ : مِنْهُمْ : سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ هَؤُلَاءِ هُمُ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ كَانَ نُسُكُهُمْ وَتَعَبُّدُهُمْ فَوْقَ نُسُكِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْتَهِرِينَ بِالتَّعَبُّدِ وَذَكَرْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْيَسِيرَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ مَعَ حَدِيثٍ يُسْنِدُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسَانِيدِهِمْ لَيَقِفَ الْمُسْتَرْشِدُ الْمُتَعَرِّفُ لِأَحْوَالِهِمْ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فِي النُّسُكِ وَالتَّعَبُّدِ