حديث رقم: 1

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا قُتَيْبَةُ ، ثنا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَهُدًى لِلْمُتَّقِينَ

حديث رقم: 2

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا مَرْوَانُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا تَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : إِنَّمَا بُعِثْتُ نِعْمَةً ، وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَابًا وَمِنْ فَضَائِلِهِ : إِخْبَارُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ إِجْلَالِ قَدْرِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَتَبْجِيلِهِ ، وَتَعْظِيمِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا خَاطَبَهُ فِي كِتَابِهِ ، وَلَا أَخْبَرَ عَنْهُ إِلَّا بِالْكِنَايَةِ الَّتِي هِيَ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ الَّتِي لَا أَجَلَّ مِنْهَا فَخْرًا ، وَلَا أَعْظَمَ خَطَرًا ، وَخَاطَبَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَوْمِهِمْ ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ بِالْكِنَايَةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ الْمَرْتَبَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي جُمْلَتِهِمْ بِمُشَارَكَتِهِ مَعَهُمْ فِي الْخِطَابِ وَالْخَبَرِ ، فَأَمَّا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ ، فَمَا ذَكَرَهُمْ إِلَّا بِأَسْمَائِهِمْ ، وَالْكِنَايَةُ عَنِ الِاسْمِ غَايَةُ التَّعْظِيمِ لِلْمُخَاطَبِ الْمُجَلَّلِ ، وَالْمَدْعُوِّ الْعَظِيمِ ؛ لِأَنَّ مَنْ بَلَغَ بِهِ غَايَةَ التَّعْظِيمِ كُنِّيَ عَنِ اسْمِهِ ، إِنْ كَانَ مَلِكًا قِيلَ لَهُ : يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ ، وَإِنْ كَانَ أَمِيرًا قِيلَ لَهُ : يَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ ، وَإِنْ كَانَ خَلِيفَةً قِيلَ : يَا أَيُّهَا الْخَلِيفَةُ ، وَإِنْ كَانَ دَيَّانًا قِيلَ : يَا أَيُّهَا الْحَبْرُ ، أَيُّهَا الْقِسُّ ، أَيُّهَا الْعَالِمُ ، أَيُّهَا الْفَقِيهُ ، فَفَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَبَلَغَ بِهِ غَايَةَ الرُّتْبَةِ ، وَأَعَالِيَ الرِّفْعَةِ ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ : {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }} ، {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ }} ، {{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ }} ، {{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }} فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، وَخَاطَبَ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ بِأَسْمَائِهِمْ ، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ ، فَقَالَ : {{ يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ }} ، {{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى }} فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ ، وَ {{ يَا نُوحُ اهْبِطْ }} ، {{ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ }} ، وَ {{ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا }} ، وَ {{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ }} ، وَ {{ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ }} ، وَقَالَ : {{ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ }} ، وَ {{ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ }} ، وَ {{ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ }} ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ {{ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ }} ، وَ {{ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا }} ، وَ {{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ }} ، {{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ }} ، وَ {{ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ }} ، وَ {{ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ }} ، كُلُّ أُولَئِكَ خُوطِبُوا بِأَسْمَائِهِمْ ؛ فَكُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِاسْمِهِ أَضَافَ إِلَيْهِ ذِكْرَ الرِّسَالَةِ ، فَقَالَ : {{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ }} ، وَقَالَ : {{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }} ، وَقَالَ : {{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ، وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ }} ، وَقَالَ : {{ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ }} ، فَسَمَّاهُ لِيَعْلَمَ مَنْ جَحْدَهُ أَنَّ أَمْرَهُ وَكِتَابَهُ هُوَ الْحَقُّ ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ إِلَّا بِمُحَمَّدٍ ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يُعْلَمِ اسْمُهُ مِنَ الْكِتَابِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَوْ لَمْ يُسَمُّوا فِي الْكِتَابِ مَا عُرِفَتْ أَسَامِيهُمْ كَتَسْمِيَةِ اللَّهِ لَهُ مُحَمَّدًا ، وَذَلِكَ كُلُّهُ زِيَادَةٌ فِي جَلَالَتِهِ ، وَنَبَالَتِهِ ، وَنَبَاهَتِهِ ، وَشَرَفِهِ ؛ لِأَنَّ اسْمَهُ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ لِلَّهِ كَمَا مَدَحَهُ عَمُّهُ فَقَالَ : وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ ثُمَّ جَمَعَ فِي الذِّكْرِ بَيْنَ اسْمِ خَلِيلِهِ وَنَبِيِّهِ ، فَسَمَّى خَلِيلَهُ بِاسْمِهِ وَكَنَّى حَبِيبَهُ بِالنُّبُوَّةِ ، فَقَالَ : {{ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ }} ، فَكَنَّاهُ إِجْلَالًا ، وَرَفَعَهُ لِفَضْلِ مَرْتَبَتِهِ ، وَنَبَاهَتِهِ عِنْدَهُ ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَهُ فِي الْبَعْثِ ، فَقَالَ : {{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ }} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا }} ، وَقَالَ : {{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ }}

حديث رقم: 3

وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ : ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، قَالَ : ثنا بَقِيَّةُ ، قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، ثنا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ }} قَالَ : كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ وَمِنْ فَضَائِلِهِ أَنَّ النَّاسَ نَهَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخَاطِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِاسْمِهِ ، وَأَخْبَرَ عَنْ سَائِرِ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَاطِبُونَ أَنْبِيَاءَهُمْ وَرُسُلَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ، كَقَوْلِهِمْ : {{ يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ }} ، وَقَوْلِهِ : {{ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ }} ، وَ {{ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا }} ، وَ {{ يَا صَالِحُ ائْتِنَا }} ، وَقَالَ : {{ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا }} ، فَنَدَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى تَكْنِيَتِهِ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ؛ تَرْفِيعًا لِمَنْزِلَتِهِ ، وَتَشْرِيفًا لِمَرْتَبَتِهِ ، خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ مِنْ بَيْنِ رُسُلِهِ ، وَأَنْبِيَائِهِ

حديث رقم: 4

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأنا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ ، قَالَا : ثنا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا }} قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : يَا مُحَمَّدُ ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ؛ إِعْظَامًا لِنَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ

حديث رقم: 5

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُقَاتِلٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : {{ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا }} يُرِيدُ يَصَيِحُ مِنْ بَعِيدٍ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحُجُرَاتِ : {{ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ }} وَمِنْ فَضَائِلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَصَّلَ مُخَاطَبَةَ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَشْرِيفًا لَهُ ، وَإِجْلَالًا ، وَذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا يَقُولُونَ لِأَنْبِيَائِهِمْ وَرُسُلِهِمْ : رَاعِنَا سَمْعَكَ ، فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَنْ يُخَاطِبُوا رَسُولَهُمْ بِهَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ الَّتِي فِيهَا مَغْمَزٌ وَضَعَةٌ ، وَذَمَّهُمْ أَنْ يَسْلُكُوا بِنَبِيِّهِمْ ذَلِكَ الْمَسْلَكِ ، فَقَالَ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينُ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا }}

حديث رقم: 6

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُقَاتِلٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {{ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا }} ، وَذَلِكَ أَنَّهَا سُبَّةٌ بِلُغَةِ الْيَهُودِ ، وَقَالَ : {{ وَقُولُوا انْظُرْنَا }} يُرِيدُ اسْمَعْنَا ، فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَهَا : مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَقُولُهَا فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ، فَانْتَهَتِ الْيَهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ مَنَ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَانُوا يَدْفَعُونَ وَيَرُدُّونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مَا قَرَفَهُمْ بِهِ مُكَذِّبُوهُمْ مِنَ السَّفَهِ ، وَالضَّلَالِ ، وَالْكَذِبِ ، وَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ : {{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }} ، فَقَالَ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ : {{ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ }} ، وَقَوْلُهُمْ لِهُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ }} ، فَقَالَ نَافِيًا عَنْ نَفْسِهِ مَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ : {{ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ }} . وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى : {{ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا }} ، فَقَالَ مُوسَى مُجِيبًا لَهُ : {{ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا }} ، فَنَزَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ ؛ تَشْرِيفًا لَهُ ، وَتَعْظِيمًا ، فَقَالَ : {{ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ }} ، وَقَالَ : {{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }} ، وَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ مَا رَمَوْهُ بِهِ مِنَ السِّحْرِ ، وَالْكَهَانَةِ وَالْجُنُونِ ، فَقَالَ : {{ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ }} ، وَذَبَّ اللَّهُ عَنِ اسْتِهْزَائِهِمْ بِقَوْلِهِمْ لَهُ : {{ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ }} ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ }} . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ اللَّهَ خَاطَبَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ لَا تَتَّبِعِ الْهَوَى ، فَقَالَ : {{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ، وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }} ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَقْسَمَ بِمَسَاقِطِ النُّجُومِ ، وَطَوَالِعِهَا ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ ، وَمَوَاقِعِهِ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، فَقَالَ : {{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }} ؛ تَبْرِئَةً لَهُ ، وَتَنْزِيهًا عَنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حَالَهُ ، وَأَنَّهُ غَفَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ فِي قِصَّةِ مُوسَى : {{ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا }} ، وَقَالَ : {{ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، فَغَفَرَ لَهُ }} ، فَنَصَّ عَلَى ذَنْبِهِ ، وَسَأَلَ رَبَّهُ الْمَغْفِرَةَ ، وَأَخْبَرَ عَنْ دَاوُدَ إِذْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ الْمَلَكَانِ ، فَقَالَ : {{ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ، وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ }} ، فَذَكَرَ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ ، فَقَالَ : {{ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }} ، فَقَالَ : {{ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ }} ، وَنَصَّ عَلَى زَلَلِهِمْ ، وَخَطَايَاهُمْ ، وَأَخْبَرَ عَنْ غُفْرَانِهِ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ زَلَلِهِ إِكْرَامًا لَهُ ، وَتَشْرِيفًا ، فَقَالَ : {{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }} ، فَهَذَا غَايَةُ الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَخْذُ اللَّهِ الْمِيثَاقَ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ ، إِنْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ آمَنُوا بِهِ ، وَنَصَرُوهُ ، فَلَمْ يَكُنْ لَيُدْرِكُ أَحَدٌ مِنْهُمُ الرَّسُولَ إِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِهِ ، وَالنُّصْرَةُ لَهُ ؛ لِأَخْذِ الْمِيثَاقِ مِنْهُ ، فَجَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ أَتْبَاعًا لَهُ ، يَلْزَمُهُمُ الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ لَهُ لَوْ أَدْرَكُوهُ

حديث رقم: 7

وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الدَّعَّاءُ ، ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ : ثنا مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ : أَتَيْتُ الْنَبَيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَعِي كِتَابٌ أَصَبْتُهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَ : ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ، وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنْ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَى الْعَالَمِ فَرْضًا مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ ، وَلَا اسْتِثْنَاءَ ، كَمَا فَرَضَ طَاعَتَهُ ، فَقَالَ : {{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }} ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ طَاعَتِي ، أَوْ مِنْ كِتَابِي ، أَوْ بِأَمْرِي ، وَوَحْيِي ، بَلْ فَرَضَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ عَلَى الْخَلْقِ طُرًّا ، كَفَرْضِ التَّنْزِيلِ لَا يُرَادُّ فِي ذَلِكَ ، وَلَا يُحَاجُّ ، وَلَا يُنَاظَرُ ، وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ بَيِّنَةٌ ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ قَوْمِ مُوسَى ، فَقَالُوا : {{ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً }} . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ قَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فِي كِتَابِهِ عِنْدَ ذِكْرِ طَاعَتِهِ ، وَمَعْصِيَتِهِ ، وَفَرَائِضِهِ ، وَأَحْكَامِهِ ، وَوَعْدِهِ ، وَوَعِيدِهِ ، فَقَالَ : {{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ }} ، وَقَالَ : {{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }} ، وَقَالَ : {{ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ }} ، وَقَالَ : {{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ }} ، وَقَالَ : {{ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ : {{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ : {{ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} ، {{ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} ، وَقَالَ : {{ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ }} ، وَقَالَ : {{ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ : {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ : {{ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ {{ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ }} ، وَقَالَ {{ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ }} ، وَقَالَ : {{ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ }} ، وَقَالَ : {{ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ }} ، وَقَالَ : {{ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، وَقَالَ : {{ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ }} ، قَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ ، وَالْأَحْوَالِ ؛ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَتَشْرِيفًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وُسُلَّمَ