عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " {{ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا }} ، وَذَلِكَ أَنَّهَا سُبَّةٌ بِلُغَةِ الْيَهُودِ ، وَقَالَ : {{ وَقُولُوا انْظُرْنَا }} يُرِيدُ اسْمَعْنَا ، فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَهَا : مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَقُولُهَا فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ، فَانْتَهَتِ الْيَهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ .
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثنا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ مُقَاتِلٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {{ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا }} ، وَذَلِكَ أَنَّهَا سُبَّةٌ بِلُغَةِ الْيَهُودِ ، وَقَالَ : {{ وَقُولُوا انْظُرْنَا }} يُرِيدُ اسْمَعْنَا ، فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَهَا : مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَقُولُهَا فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ، فَانْتَهَتِ الْيَهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ مَنَ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَانُوا يَدْفَعُونَ وَيَرُدُّونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مَا قَرَفَهُمْ بِهِ مُكَذِّبُوهُمْ مِنَ السَّفَهِ ، وَالضَّلَالِ ، وَالْكَذِبِ ، وَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ : {{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }} ، فَقَالَ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ : {{ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ }} ، وَقَوْلُهُمْ لِهُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ }} ، فَقَالَ نَافِيًا عَنْ نَفْسِهِ مَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ : {{ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ }} . وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى : {{ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا }} ، فَقَالَ مُوسَى مُجِيبًا لَهُ : {{ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا }} ، فَنَزَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ ؛ تَشْرِيفًا لَهُ ، وَتَعْظِيمًا ، فَقَالَ : {{ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ }} ، وَقَالَ : {{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }} ، وَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ مَا رَمَوْهُ بِهِ مِنَ السِّحْرِ ، وَالْكَهَانَةِ وَالْجُنُونِ ، فَقَالَ : {{ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ }} ، وَذَبَّ اللَّهُ عَنِ اسْتِهْزَائِهِمْ بِقَوْلِهِمْ لَهُ : {{ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ }} ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ }} . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ اللَّهَ خَاطَبَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ لَا تَتَّبِعِ الْهَوَى ، فَقَالَ : {{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ، وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }} ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَقْسَمَ بِمَسَاقِطِ النُّجُومِ ، وَطَوَالِعِهَا ، وَنُزُولِ الْقُرْآنِ ، وَمَوَاقِعِهِ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، فَقَالَ : {{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }} ؛ تَبْرِئَةً لَهُ ، وَتَنْزِيهًا عَنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حَالَهُ ، وَأَنَّهُ غَفَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ فِي قِصَّةِ مُوسَى : {{ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا }} ، وَقَالَ : {{ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، فَغَفَرَ لَهُ }} ، فَنَصَّ عَلَى ذَنْبِهِ ، وَسَأَلَ رَبَّهُ الْمَغْفِرَةَ ، وَأَخْبَرَ عَنْ دَاوُدَ إِذْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ الْمَلَكَانِ ، فَقَالَ : {{ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ، وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ }} ، فَذَكَرَ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ ، فَقَالَ : {{ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }} ، فَقَالَ : {{ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ }} ، وَنَصَّ عَلَى زَلَلِهِمْ ، وَخَطَايَاهُمْ ، وَأَخْبَرَ عَنْ غُفْرَانِهِ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ زَلَلِهِ إِكْرَامًا لَهُ ، وَتَشْرِيفًا ، فَقَالَ : {{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }} ، فَهَذَا غَايَةُ الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ . وَمِنْ فَضَائِلِهِ : أَخْذُ اللَّهِ الْمِيثَاقَ عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ ، إِنْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ آمَنُوا بِهِ ، وَنَصَرُوهُ ، فَلَمْ يَكُنْ لَيُدْرِكُ أَحَدٌ مِنْهُمُ الرَّسُولَ إِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِهِ ، وَالنُّصْرَةُ لَهُ ؛ لِأَخْذِ الْمِيثَاقِ مِنْهُ ، فَجَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ أَتْبَاعًا لَهُ ، يَلْزَمُهُمُ الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ لَهُ لَوْ أَدْرَكُوهُ