حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : ثنا حَسَّانُ بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُتِيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي الْمَنَامِ ، فَقِيلَ لَهُ : احْتَفِرْ ، قَالَ : مَا أَحْتَفِرُ ؟ قَالَ : بَرَّةَ ، قَالَ : وَمَا بَرَّةُ ؟ قَالَ : مَضْنُونَةُ ، ضُنَّ بِهَا عَنِ النَّاسِ وَأُعْطَيْتُمُوهَا ، قَالَ : وَأَتَاهُ بَنُو عَمِّهِ ، فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ قِيلَ لِيَ : احْتَفِرْ ، قُلْتُ : مَا أَحْتَفِرُ ؟ قَالَ : بَرَّةَ ، قُلْتُ : وَمَا بَرَّةُ ؟ قَالَ : مَضْنُونَةُ ، ضُنَّ بِهَا عَنِ النَّاسِ وَأُعْطَيْتُمُوهَا ، قَالُوا : أَوَلَا سَأَلْتَهُ ؟ قَالَ : فَنَامَ فَأُتِيَ فِي الْمَنَامِ ، فَقِيلَ : احْتَفِرْ ، فَقَالَ : وَمَا أَحْتَفِرُ ؟ قَالَ : احْتَفِرْ زَمْزَمَ ، قَالَ : وَمَا زَمْزَمُ ؟ قَالَ : لَا تَنْزِفُ ، وَلَا تُذَمُّ ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ ، قَالَ : فَانْتَبَهَ فَأَخْبَرَهُمْ بِرُؤْيَاهُ ، قَالُوا : أَفَلَا سَأَلْتَهُ : أَيْنَ مَوْضِعُهَا ؟ قَالَ : فَنَامَ فَأُتِيَ فِي الْمَنَامِ ، فَقِيلَ لَهُ : احْتَفِرْ ، قَالَ : وَأَيْنَ ؟ قَالَ : مَسْلَكُ الذَّرِّ ، وَمَوْضِعُ الْغُرَابِ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ ، قَالَ : فَاسْتَيْقَظَ ، فَأَخْبَرَهُمْ ، قَالُوا : هَذَا مَوْضِعُ خُزَاعَةَ ، وَلَا يَدْعُونَكُمْ تَحْتَفِرُونَ فِي مَوْضِعِ نُصْبِهِمْ ، قَالَ : وَقَدْ قَالُوا لَهُ فِي الْمَنَامِ : إِنَّ قَوْمَكَ يَكُونُونَ عَلَيْكَ أَوَّلَ النَّهَارِ ، وَيَكُونُونَ مَعَكَ آخِرَ النَّهَارِ ، قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِهِ إِلَّا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ هُوَ وَالْحَارِثُ يَحْفِرَانِ ، فَحَفَرَا فَاسْتَخْرَجَا غَزَالًا مِنْ ذَهَبٍ ، فِي أُذُنَيْهِ قُرْطَانِ ، ثُمَّ حَفَرَا فَاسْتَخْرَجَا حِلْيَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، فَقَالَ بَنُو عَمِّهِ : يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، أَحَدُ قَوْمِكَ ، قَالَ : ثُمَّ حَفَرَا فَاسْتَخْرَجَا سُيُوفًا مَلْفُوفَةً فِي عَبَاءَةٍ ، ثُمَّ حَفَرَا فَاسْتَخْرَجَا الْمَاءَ ، فَقَالُوا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ : إِنَّ لَنَا مَعَكَ مِنْ هَذَا شِرْكًا وَحَقًّا ، قَالَ : نَعَمُ ، ائْتُونِي بِثَلَاثَةِ قِدَاحٍ ؛ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ وَأَحْمَرَ ، فَأَتَوْهُ بِثَلَاثَةِ قِدَاحٍ ، فَجَعَلَ لَهُمُ الْأَسْوَدَ ، وَجَعَلَ الْأَحْمَرَ لِلْبَيْتِ ، وَالْأَبْيَضَ لَهُ ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ ، فَأَصَابَ الْحِلْيَةُ الْبَيْتَ ، وَأَصَابَتْهُ السُّيُوفُ ، وَأَصَابَ قَوْمَهُ الْغَزَّالُ ، فَنَذَرَ يَوْمَئِذٍ نَذْرًا لَئِنْ وُلِدَ لِي عَشَرَةٌ لَأَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ ، فَوُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ ، فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَبِي مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ أَقْرَعَ ثَانِيَةً ، فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ، ثُمَّ أَقْرَعَ الثَّالِثَةَ فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهُ ، فَأَتَاهُ بَنُو مَخْزُومٍ أَخْوَالُهُ فَقَالُوا : تَعْمَدُ إِلَى ابْنِ أُخْتِنَا فَتَنْحَرُهُ مِنْ بَيْنِ وَلَدِكَ ؟ فَقَالَ : قَدْ أَقْرَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، قَالُوا : فَافْدِهِ ، قَالَ : فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ قَالَ عِكْرِمَةُ : فَمِنْ ثَمَّ دِيَةُ النَّاسِ الْيَوْمَ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نَذَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ ، فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أُرِيَ فِي الْمَنَامِ : احْفِرْ زَمْزَمَ ، لَا تَنْزِفُ ، وَلَا تُذَمُّ ، تَرْوِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ ، ثُمَّ أُرِيَ مَرَّةً : احْفِرِ الرُّوَا ، أُعْطِيتَهَا عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الْعِدَا ، ثُمَّ أُرِيَ مَرَّةً أُخْرَى : احْفِرِ الْمَضْنُونَةَ ؛ ضُنَّ بِهَا عَنِ النَّاسِ إِلَّا عَنْكَ ، ثُمَّ أُرِيَ مَرَّةً أُخْرَى : احْفِرْ تُكْتَمَ بَيْنَ فَرْثٍ وَدَمٍ عِنْدَ الْأَنْصَابِ الْحُمُرِ فِي قَرْيَةِ النَّمْلِ ، قَالَ : فَأَصْبَحَ فَحَفَرَ حَيْثُ أُرِيَ ، فَاسْتَهْتَرَتْ بِهِ قُرَيْشٌ ، فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الطَّيِّ جَاءَتْ قُرَيْشٌ لِيَحْفِرُوا مَعَهُ ، فَمَنَعَهُمْ ، فَلَمَّا أَنْبَطَ وَجَدَ غَزَالًا مِنْ ذَهَبٍ وَسَيْفًا وَحِلْيَةً ، فَضَرَبَ عَلَيْهَا بِالسِّهَامِ إِلَي أَمْ لِلْبَيْتِ ، فَخَرَجَ سَهْمُ الْبَيْتِ ، فَكَانَ أَوَّلَ حُلِيِّ حُلِّيَتْهُ الْكَعْبَةُ ، فَجَعَلَ حَوْضًا لِلشَّرَابِ ، وَحَوْضًا لِلْوُضُوءِ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ ، وَهِيَ لِشَارِبِهَا حِلٌّ وَبِلٌّ ، فَرَوَى النَّاسُ ، فَحَسَدَتْهُ قُرَيْشٌ ، فَطَفِقُوا يَحْفِرُونَ الْحَوْضَ وَيَغْتَسِلُونَ فِيهَا ، فَمَا يَغْتَسِلُ مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا حُصِبَ أَوْ جُدِرَ ، وَلَا يَكْسِرُ حَوْضَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُلْقِيَ فِي يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ ، حَتَّى تَرَكُوهُ فَرَقًا
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ قَالَ : أنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلَابِيُّ قَالَ : ثنا زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنِ احْفِرْ بَرَّةَ ، فَأَصْبَحَ مَهْمُومًا بِرُؤْيَاهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ قِيلَ لَهُ : احْفِرْ بَرَّةَ ، شَرَابَ الْأَبْرَارِ ، فَأَصْبَحَ مَهْمُومًا بِمَا رَأَى ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : احْفِرْ زَمْزَمَ ، لَا تَنْزِفُ ، وَلَا تُذَمُّ ، بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ ، اغْدُ بُكْرَةً فَسَتَرَى عَلَى الْآلِهَةِ يَعْنِي أَصْنَامَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَرْثًا يَبْحَثُهُ غُرَابٌ ، قَالَ : فَغَدَا ، فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ يَبْحَثُ فَرْثًا ، فَحَفَرَ ، فَإِذَا هُوَ بِالْحِسَى ، فَنَثَلَهَا فَوَجَدَ فِيهَا أَسْيَافًا وَغَزَالًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَمَّا الْأَسْيَافُ فَضُرِبَتْ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ ، وَعُلِّقَ الْغَزَالُ فِي بَطْنِهَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَعْدٍ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقَطَّانُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : لَمَّا احْتَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ أَصَابَ فِيهَا أَحْجَارًا ، فِي حَجَرٍ مِنْهَا : وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، وَعَلَى الْآخَرِ : لَمْ تَبْقَ مَكْرُمَةٌ يَعْتَدُّهَا أَحَدٌ إِلَّا التَّكَاثُرُ أَذْهَابٌ وَأَوْرَاقُ وَفِي الثَّالِثِ : بِالدَّهْرِ قَدْ خَلَا عَجَبُهُ دَهْرٌ يُحَوِّلُ رَأْسَهُ ذَنَبُهُ دَهْرٌ تَدَاوَلُهُ الْإِمَاءُ فَأَصْبَحَتْ تَرْضَى بِمِلْءِ بُطُونِهَا عَرَبُهُ قَالَ : فَرَّقَهُ ابْنُ الزِّبَعْرَى فَقَدَّمَ قَافِيَةً وَأَخَّرَ أُخْرَى فَقَالَ : لَمْ تَبْقَ مَكْرُمَةٌ يَعْتَدُّهَا أَحَدٌ إِلَّا التَّكَاثُرُ أَوْرَاقٌ وَأَذْهَابُ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ قَالَ : قَالَ عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ سَاجٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ بَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ أُتِيَ فَأُمِرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ ، وَهِيَ دِفْنٌ بَيْنَ صَنَمَيْ قُرَيْشٍ إِسَافٍ وَنَائِلَةَ عِنْدَ مَنْحَرِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَتْ جُرْهُمُ دَفَنَتْهَا حِينَ ظَعَنُوا مِنْ مَكَّةَ ، وَهِيَ بِئْرُ إِسْمَاعِيلَ الَّتِي سَقَاهُ اللَّهُ حِينَ ظَمِئَ وَهُوَ صَغِيرٌ ، فَلَمَّا حَفَرَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَلَّهُ الْإِلَهُ عَلَيْهَا ، وَخَصَّهُ بِهَا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا شَرَفًا وَحَظًّا فِي قَوْمِهِ ، وَعُطِّلَتْ كُلُّ سِقَايَةٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ حِينَ ظَهَرَتْ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا الْتِمَاسَ بَرَكَتِهَا وَمَعْرِفَةِ فَضْلِهَا بِمَكَانِهَا مِنَ الْبَيْتِ ، وَإِنَّهَا سُقْيَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِإِسْمَاعِيلَ ابْنِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا ابْتُدِئَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنْ أَمْرِهَا وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ
كَمَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيُّ ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ قَالَ : إِنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ حَدِيثَ زَمْزَمَ حِينَ أُمِرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِحَفْرِهَا ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : إِنِّي لَنَائِمٌ فِي الْحِجْرِ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ : احْفِرْ طَيْبَةَ ، فَقُلْتُ : وَمَا طَيْبَةُ ؟ ثُمَّ ذَهَبَ عَنِّي ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَضْجَعِي ، فَنِمْتُ الْغَدَ ، فَجَاءَنِي فَقَالَ : احْفِرْ بَرَّةَ ، قُلْتُ : وَمَا بَرَّةُ ؟ ثُمَّ ذَهَبَ عَنِّي ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْتُ إِلَى مَضْجَعِي فَنِمْتُ ، فَجَاءَنِي فَقَالَ : احْفِرْ زَمْزَمَ ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا زَمْزَمُ ؟ قَالَ : لَا تَنْزِفُ ، وَلَا تُذَمُّ ، تَسْقِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ ، وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ عِنْدَ نُقْرَةِ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ عِنْدَ قَرْيَةِ النَّمْلِ ، قَالَ : فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ شَأْنُهَا ، وُدَلَّ عَلَى مَوْضِعِهَا ، وَعَرَفَ أَنَّهُ صَدَقَ ، غَدَا بِمِعْوَلِهِ ، وَمَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ مَعَهُ وَلَدٌ غَيْرُهُ ، فَلَمَّا بَدَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ الطَّوَى كَبَّرَ ، فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ حَاجَتَهُ ، قَامُوا وَقَالُوا : يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، مِيرَاثُنَا مِنْ أَبِينَا إِسْمَاعِيلَ ، وَإِنَّ لَنَا فِيِهَا شِرْكًا ، فَأَشْرِكْنَا مَعَكَ فِيهَا ، قَالَ : مَا أَنَا بِفَاعِلٍ ، إِنَّ هَذَا أَمْرٌ خُصِصْتُ بِهِ دُونَكُمْ ، وَأُعْطِيتُهُ مِنْ بَيْنِكُمْ ، قَالُوا : فَأَنْصِفْنَا ، فَإِنَّا غَيْرُ تَارِكِيكَ حَتَّى نُحَاكِمَكَ فِيهَا ، قَالَ : فَاجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مَنْ شِئْتُمْ ، أُخَاصِمُكُمْ إِلَى كَاهِنَةِ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْمٍ ، قَالُوا : نَعَمْ ، وَكَانَتْ بِأَشْرَافِ الشَّامِ ، فَرَكِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي أَبِيهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، وَرَكِبَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ نَفَرٌ ، قَالَ : وَالْأَرْضُ إِذْ ذَاكَ مَفَاوِزُ ، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الْمَفَاوِزِ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ ، فَنِيَ مَاءُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَصْحَابِهِ ، وَظَمِئُوا حَتَّى أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ ، فَاسْتَسْقَوْا مَنْ مَعَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ ، وَقَالُوا : إِنَّا بِمَفَاوِزَ ، وَنَحْنُ نَخْشَى عَلَى أَنْفُسِنَا مِثْلَ مَا أَصَابَكُمْ ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَا صَنَعَ الْقَوْمُ تَخَوَّفَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ : مَاذَا تَرَوْنَ ؟ قَالُوا : مَا رَأْيُنَا إِلَّا تَبَعٌ لِرَأْيِكَ ، فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ ، قَالَ : فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْفِرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُفْرَةً لِنَفْسِهِ بِمَا بِكُمُ الْآنَ مِنَ الْقُوَّةِ ، فَكُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ دَفَعَهُ أَصْحَابُهُ فِي حُفْرَتِهِ وَوَارَوْهُ حَتَّى يَكُونَ آخِرُكُمْ رَجُلًا ؛ فَضَيْعَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَيْسَرُ مِنْ ضَيْعَةِ رَكْبٍ جَمِيعًا ، قَالُوا : نِعْمَ مَا أَمَرْتَنَا بِهِ ، فَقَامَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَحَفَرَ حُفْرَةً لَهُ ، ثُمَّ قَعَدُوا يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ عَطَشًا ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : وَاللَّهِ إِنَّ إِلْقَاءَنَا بِأَيْدِينَا هَلَكًا لِلْمَوْتِ ، لَا نَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ وَنَسْتَبْقِي أَنْفُسَنَا ، لَعَجْزٌ ، فَعَسَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا مَاءً بِبَعْضِ الْبِلَادِ ، ارْتَحِلُوا ، فَارْتَحَلُوا حَتَّى فَرَغُوا ، وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ فَاعِلُونَ ، تَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ انْفَجَرَ مِنْ تَحْتِ خُفِّهَا عَيْنٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبٍ ، فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَشَرِبَ وَشَرِبَ أَصْحَابُهُ ، وَاسْتَقَوْا حَتَّى مَلَئُوا أَسْقِيَتَهُمْ ، ثُمَّ دَعَا الْقَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ : هَلُمَّ إِلَى الْمَاءِ ؛ فَقَدْ سَقَانَا اللَّهُ ، فَاشْرَبُوا وَاسْقُوا ، فَشَرِبُوا ثُمَّ قَالُوا : وَاللَّهِ ، لَقَدْ قُضِيَ لَكَ عَلَيْنَا يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، وَاللَّهِ لَا نُخَاصِمُكَ فِي زَمْزَمَ أَبَدًا ، إِنَّ الَّذِي أَسْقَاكَ هَذَا الْمَاءَ بِهَذِهِ الْفَلَاةِ لَهُوَ سَقَاكَ زَمْزَمَ ، فَارْجِعْ إِلَى سِقَايَتِكَ وَإِنَّهُ بَدَا لَهُ ، فَرَجَعَ وَرَجَعُوا ، وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى الْكَاهِنَةِ ، وَخَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَهَذَا بَلَغَنِي عَنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي زَمْزَمَ
قَالَ عُثْمَانُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا : وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ قَالَ : وَسَمِعْتُ مَنَ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ حِينَ أُمِرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ : ادْعُ بِالْمَاءِ الرُّوَا غَيْرِ الْكَدِرْ سُقْيَا الْحَجِيجِ فِي كُلِّ مَبَرْ لَيْسَ يُخَافُ فِيهِ شَيْءٌ مَا عَمَرْ وَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ : تَعْلَمُونَ أَنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَحْفِرَ زَمْزَمَ ، قَالُوا : هَلْ بَيَّنَ لَكَ أَيْنَ هِيَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالُوا : ارْجِعْ إِلَى مَضْجَعِكَ الَّذِي رَأَيْتَ فِيهِ مَا رَأَيْتَ ، فَإِنْ يَكُ حَقًّا مِنَ اللَّهِ بَيَّنَ لَكَ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَنْ يَعُودَ لَكَ ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى مَضْجَعِهِ فَنَامَ فِيهِ ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ : احْفِرْ زَمْزَمَ ، إِنْ حَفَرْتَهَا لَمْ تَنْدَمْ ، وَهِيَ تُرَاثُ أَبِيكَ الْأَعْظَمِ ، لَا تَنْزِفُ أَبَدًا ، وَلَا تُذَمُّ ، تَرْوِي الْحَجِيجَ الْأَعْظَمَ مِثْلَ نَعَامٍ جَافِلٍ لَمْ يُقْسَمْ ، يَنْذِرُ فِيهَا نَاذِرٌ لِيَغْنَمَ ، تَكُونُ مِيرَاثًا وَعَقْدًا مُحْكَمًا ، لَيْسَ كَبَعْضِ مَا قَدْ تَعْلَمُ ، وَهِيَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ ، زَعَمُوا لِأَنَّهُ حِينَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ : وَأَيْنَ هِيَ ؟ قِيلَ عِنْدَ قَرْيَةِ النَّمْلِ ، حَيْثُ يَنْقُرُ الْغُرَابُ غَدًا ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ ، وَغَدَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ الْحَارِثُ ، وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرَهُ ، فَوَجَدَ قَرْيَةَ النَّمْلِ ، وَوَجَدَ الْغُرَابَ يَنْقُرُ عِنْدَهَا بَيْنَ الْوَثَنَيْنِ إِسَافٍ وَنَائِلَةَ اللَّذَيْنِ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْحَرُ عِنْدَهُمَا ، فَجَاءَ بِالْمِعْوَلِ ، وَقَامَ لِيَحْفِرَ حَيْثُ أُمِرَ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ حِينَ رَأَوْهُ وَحْدَهُ : وَاللَّهِ لَا نَدَعُكُ تَحْفِرُ بَيْنَ وَثَنَيْنَا اللَّذَيْنِ نَنْحَرُ عِنْدَهُمَا ، فَقَالَ لِابْنِهِ الْحَارِثِ : دَعْنِي حَتَّى أَحْفِرَ ، فَوَاللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ لِمَا أُمِرْتُ ، فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ غَيْرُ نَازِعٍ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَفْرِ وَكَفُّوا عَنْهُ ، فَلَمْ يَحْفِرْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى بَدَا لَهُ الطَّيُّ ، فَكَبَّرَ وَعَرَفَ أَنْ قَدْ صُدِقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ وَبَلَغَ مَا أَرَادَ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحَاجِّ ، وَعَفَتْ عَلَى الْآبَارِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا يَسْتَقِي عَلَيْهَا الْحَاجُّ ، وَانْصَرَفَ النَّاسُ إِلَيْهَا ؛ لِمَكَانِهَا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَلِفَضْلِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا مِنَ الْمِيَاهِ ؛ وَلِأَنَّهَا بِئْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَفَخَرَتْ بِهَا يَوْمَئِذٍ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى قُرَيْشٍ لِمَا وُلُّوا عَلَيْهِمْ مِنَ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ ، وَمَا أَقَامُوا عَلَيْهِ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ ، وَبِزَمْزَمَ حِينَ ظَهَرَتْ ، وَإِنَّمَا كَانُوا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ أَهْلَ بَيْتٍ وَاحِدٍ ، شَرَفُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ شَرَفٌ ، وَفَضْلُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَضْلٌ وَلَمَّا انْتَشَرَتْ قُرَيْشٌ وَكَثُرَ سَاكِنُ مَكَّةَ قَبْلَ حَفْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ قَلَّتْ عَلَى النَّاسِ الْمِيَاهُ ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْمُؤْنَةُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيِّ ، ثُمَّ الْحِمْيَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَحْوِ خَبَرِ عَلِيٍّ الْأَوَّلِ ، وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، مِنْ قَوْلِهِ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَيُقَالُ فِيمَا يُتَحَدَّثُ عَنْ زَمْزَمَ ، وَزَادَ فِيهِ : وَجَدَ فِيهَا غَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، وَهُمَا الْغَزَالَانِ اللَّذَانِ كَانَتْ جُرْهُمُ دَفَنَتْهُمَا حِينَ أُخْرِجَتْ مِنْ مَكَّةَ ، وَوَجَدُوا أَيْضًا أَسْيَافًا مَعَ الْغَزَالَيْنِ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : لَنَا مَعَكَ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي هَذَا شِرْكٌ وَحَقٌّ ، قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ هَلُمَّ إِلَى النَّصَفِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ ، أَضْرِبُ عَلَيْهَا الْقِدَاحَ ، قَالُوا : وَكَيْفَ تَصْنَعُ ؟ قَالَ : أَجْعَلُ لِلْكَعْبَةِ قِدْحَيْنِ ، وَلِي قِدْحَيْنِ ، وَلَكُمْ قِدْحَيْنِ ، ثُمَّ أَضْرِبُ ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ شَيْءٌ كَانَ لَهُ ، فَقَالُوا : أَنْصَفْتَ ، قَدْ رَضِينَا ، فَجَعَلَ قِدْحَيْنِ أَصْفَرَيْنِ لِلْكَعْبَةِ ، وَقِدْحَيْنِ أَسْوَدَيْنِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقِدْحَيْنِ أَبْيَضَيْنِ لِقُرَيْشٍ ، ثُمَّ أَعْطَوْهُمَا رَجُلًا يَضْرِبُ بِهَا ، فَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودُ وَأَنْتَ رَبِّي الْمُبْدِي الْمُعِيدُ وَمُمْسِكُ الرَّاسِيَةِ الْجُلْمُودِ مِنْ عِنْدِكَ الطَّارِفُ وَالتَّلِيدُ إِنْ شِئْتَ أَلْهَمْتَ لِمَا تُرِيدُ بِمَوْضِعِ الْحِلْيَةِ وَالْحَدِيدِ إِنِّي نَذَرْتُ عَاهِدَ الْعُهُودِ فَاجْعَلْهُ يَا رَبِّ فَلَا أَعُودُ قَالَ : وَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ ، فَخَرَجَ الْأَصَفْرَانِ عَلَى الْغَزَالَيْنِ لِلْكَعْبَةِ ، فَضَرَبَهُمَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي بَابِ الْكَعْبَةِ ، فَكَانَ أَوَّلَ ذَهَبٍ حُلِّيَتْهُ الْكَعْبَةُ ، وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى السُّيُوفِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَخَذَهَا ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ سِوَاهُمْ إِذَا اجْتَهَدُوا فِي الدُّعَاءِ سَجَعُوا وَأَلَّفُوا الْكَلَامَ ، وَكَانَتْ فِيمَا يَزْعُمُونَ لَا يَرُدُّهَا دَاعٍ ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحَاجِّ ، وَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَهُوَ يَذْكُرُ فَضْلَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَمَا أَقَامُوا عَلَيْهِ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالرِّفَادَةِ ، وَيَفْخَرُ بِزَمْزَمَ حِينَ أَظْهَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ : وَرِثْنَا الْمَجْدَ عَنْ آبَائِنَا فَرَقًا بِنَا صُعُدًا وَأَيُّ مَنَاقِبِ الْخَيْرِ لَمْ تَشْدُدْ بِنَا عَضُدَا أَلَمْ نَسْقِ الْحَجِيجَ وَنَنْحَرِ الدَّلَّافَةَ الرُّفَدَا وَنُلْقَى عِنْدَ تَصْرِيفِ الْمَنَايَا سَادَةً سُدَدَا وَزَمْزَمَ مِنْ أَرُومَتِنَا وَيَرْغَمُ أَنْفُ مَنْ حَسَدَا وَخَيْرُ النَّاسِ أَوَّلُنَا وَخَيْرُ النَّاسِ إِنْ بَعُدَا فَإِنْ نَهْلِكْ فَلَنْ نَمْلِكْ وَهَلْ مِنْ خَالِدٍ خَلَدَا وَأَيُّ النَّاسِ لَمْ نَمْلِكْ وَنُمَجِّدُهُ وَإِنْ مَجَدَا وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَالَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ ، نَذَرَ لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ ذُكُورٍ ، ثُمَّ بَلَغُوا حَتَّى يَنْفَعُوهُ ، أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَلَمَّا تَوَافَى بَنُوهُ عَشَرَةً جَمَعَهُمْ ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ ، مِنْهُمُ : الْحَارِثُ ، وَحَجَلٌ ، وَهُمَا لِأُمٍّ ، وَعَبَّاسٌ وَضِرَارٌ ، وَهُمَا لِأُمٍّ ، وَحَمْزَةُ وَالْمُقَوِّمُ ، وَهُمَا لِأُمٍّ ، وَأَبُو طَالِبٍ ، وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ ، وَالزُّبَيْرُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ ، وَهُمْ لِأُمٍّ ، وَأَبُو لَهَبٍ لِأُمٍّ ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : لَمَّا حُفِرَتْ زَمْزَمُ ، وَأَدْرَكَ فِيهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَا أَدْرَكَ ، وَجَدَتْ قُرَيْشٌ فِي أَنْفُسِهَا بِمَا أُعْطِيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَلَقِيَهُ خُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى فَقَالَ : يَا ابْنَ سَلْمَى ، لَقَدْ سُقِيتَ مَاءً رَغَدًا ، وَنَثَلْتَ عَادِيَّةً حُتُدًا ، قَالَ : يَا ابْنَ أَسَدٍ ، أَمَا إِنَّكَ تُشْرِكُ فِي فَضْلِهَا ، وَاللَّهِ لَا يُسَاعِفُنِي أَحَدٌ عَلَيْهَا بِبِرٍّ ، وَلَا يَقُومُ مَعِي بِأُزُرٍ إِلَّا بَذَلْتُ لَهُ خَيْرَ الصِّهْرِ ، فَقَالَ خُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدٍ : أَقُولُ وَمَا قَوْلِي عَلَيْهِمْ بِسُبَّةٍ إِلَيْكَ ابْنَ سَلْمَى أَنْتَ حَافِرُ زَمْزَمَ حَفِيرَةُ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ ابْنِ آجُرٍ وَرَكْضَةُ جِبْرِيلَ عَلَى عَهْدِ آدَمَ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : مَا وَجَدْتُ أَحَدًا أَوْزَنَ فِي الْعِلْمِ ، وَلَا وَرَقَةَ ، غَيْرَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ : إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَعْطَى مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ حَوْضًا مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يَسْقِي فِيهِ الْحَاجَّ
حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ بَعْضِ الْقُرَشِيِّينَ قَالَ : كَانَ بَيْنَ بُدَيْلِ بْنِ أُمِّ صُرَمٍ الْخُزَاعِيِّ وَبَيْنَ الْقُرَشِيِّينَ شَيْءٌ ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ صُرَمٍ : إِنْ يَكُ ضَيِّقًا دَارُكُمْ وَفِنَاؤُكُمْ فَإِنِّي لَآتٍ قَبْلَكُمْ آلَ زَمْزَمِ هُمْ دَمَّرُوا أَمْوَاهَكُمْ فَتَهَدَّمَتْ وَعَزَّكُمْ أَنْ تَهْدِمُوهُ فَيُهْدَمِ فَلَا الْجَفْرُ يُسْقَى حَالِمٌ مِنْهُ قَطْرَةً وَزَمْزَمُ حَوْضَاهَا بِمِزَانٍ تُرْدَمِ
وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : قَالَ الْأَعْشَى أَعْشَى بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، فِي زَمْزَمَ أَيْضًا : وَلَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَجُونِ وَلَا الصَّفَا وَلَا لَكَ حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمِ