أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالُوا : لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرٌ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ ، اجْتَمَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُصِيبَتَانِ فَلَزِمَ بَيْتَهُ ، وَأَقَلَّ الْخُرُوجَ ، وَنَالَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَنَالُ ، وَلَا تَطْمَعُ بِهِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا لَهَبٍ فَجَاءَهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، امْضِ لِمَا أَرَدْتَ ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا إِذْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا فَاصْنَعْهُ ، لَا وَاللَّاتِ لَا يُوصَلُ إِلَيْكَ حَتَّى أَمُوتَ ، وَسَبَّ ابْنُ الْغَيْطَلَةِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو لَهَبٍ ، فَنَالَ مِنْهُ ، فَوَلَّى وَهُوَ يَصِيحُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ صَبَأَ أَبُو عُتْبَةَ فَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ : مَا فَارَقْتُ دِينَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَلَكِنِّي أَمْنَعُ ابْنَ أَخِي أَنْ يُضَامَ حَتَّى يَمْضِيَ لِمَا يُرِيدُ ، قَالُوا : قَدْ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ وَوَصَلْتَ الرَّحِمَ ، فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذَلِكَ أَيَّامًا يَذْهَبُ وَيَأْتِي ، لَا يَعْتَرِضُ لَهُ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهَابُوا أَبَا لَهَبٍ إِلَى أَنْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى أَبِي لَهَبٍ ، فَقَالَا لَهُ : أَخْبَرَكَ ابْنُ أَخِيكَ أَيْنَ مَدْخَلُ أَبِيكَ ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو لَهَبٍ : يَا مُحَمَّدُ أَيْنَ مَدْخَلُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ قَالَ : مَعَ قَوْمِهِ : فَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ : قَدْ سَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : مَعَ قَوْمِهِ فَقَالَا : يَزْعُمُ أَنَّهُ فِي النَّارِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَيَدْخُلُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النَّارَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ وَمَنْ مَاتَ عَلَى مِثْلِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ النَّارَ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : وَاللَّهِ لَا بَرِحْتُ لَكَ عَدُوًّا أَبَدًا ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي النَّارِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ هُوَ وَسَائِرُ قُرَيْشٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ تَنَاوَلَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِ ، فَخَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، وَذَلِكَ فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ حِينَ نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ ، فَأَقَامَ بِالطَّائِفِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ إِلَّا جَاءَهُ وَكَلَّمَهُ ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَخَافُوا عَلَى أَحْدَاثِهِمْ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، اخْرُجْ مِنْ بَلَدِنَا وَالْحِقْ بِمُجَابِكَ مِنَ الْأَرْضِ ، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ ، حَتَّى إِنَّ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَتَدْمِيَانِ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَقِيهِ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَقَدْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ شِجَاجٌ ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ مَحْزُونٌ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَلَا امْرَأَةٌ ، فَلَمَّا نَزَلَ نَخْلَةَ قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَصُرِفَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ سَبْعَةٌ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ ، فَاسْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْجِنِّ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ {{ ، وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ }} فَهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا صُرِفُوا إِلَيْهِ بِنَخْلَةَ وَأَقَامَ بِنَخْلَةَ أَيَّامًا ، فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ : كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ يَعْنِي قُرَيْشًا وَهُمْ أَخْرَجُوكَ ؟ فَقَالَ : يَا زَيْدُ إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا ، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حِرَاءٍ فَأَرْسَلَ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ إِلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ : أَدْخُلُ فِي جِوَارِكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَدَعَا بَنِيهِ وَقَوْمَهُ فَقَالَ : تَلَبَّسُوا السِّلَاحَ ، وَكُونُوا عِنْدَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ فَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَامَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَنَادَى : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا فَلَا يَهْجُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ ، فَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَوَلَدُهُ مُطِيفُونَ بِهِ