قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ , قَالَ : حَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ , وَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ تِلْكَ السَّنَةَ فَوَافَاهُ بِمَكَّةَ , فَجَلَسَ لِهِشَامٍ عَلَى الْحَجَرِ , فَطَافَ هِشَامٌ بِالْبَيْتِ , فَلَمَّا مَرَّ بِإِبْرَاهِيمَ صَاحَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي ظَلَامَتِي , قَالَ : وَمَا ظَلَامَتُكَ ؟ قَالَ : دَارِي مَقْبُوضَةٌ , قَالَ : فَأَيْنَ كُنْتَ , عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ ؟ قَالَ : ظَلَمَنِي وَاللَّهِ , قَالَ : فَأَيْنَ كُنْتَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ؟ قَالَ : ظَلَمَنِي وَاللَّهِ , قَالَ : فَأَيْنَ كُنْتَ عَنْ سُلَيْمَانَ ؟ قَالَ : ظَلَمَنِي وَاللَّهِ , قَالَ : فَأَيْنَ كُنْتَ عَنْ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ؟ قَالَ : رَحِمَهُ اللَّهُ رَدَّهَا عَلَيَّ , فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَبَضَهَا , وَهِيَ الْيَوْمَ فِي يَدِي وُكَلَائِكَ ظُلْمًا , قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِيكَ ضَرْبٌ لَأَوْجَعْتُكَ , قَالَ : فِيَّ وَاللَّهِ ضَرْبٌ لِلسَّوْطِ وَالسَّيْفِ , فَمَضَى هِشَامٌ وَتَرَكَهُ , ثُمَّ دَعَا الْأَبْرَشَ الْكَلْبِيَّ , وَكَانَ خَاصًا بِهِ , فَقَالَ : يَا أَبْرَشُ كَيْفَ تَرَى هَذَا اللِّسَانَ ؟ هَذَا لِسَانُ قُرَيْشٍ لَا لِسَانُ كَلْبٍ , إِنَّ قُرَيْشًا لَا تَزَالُ فِيهِمْ بَقِيَّةٌ , مَا كَانَ فِيهِمْ مِثْلَ هَذَا
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ , قَالَ : جَاءَ كِتَابُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ , وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ تَحُطَّ فَرْضَ آلِ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ إِلَى فَرْضِ الْمَوَالِي , فَفَزِعُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , وَهُوَ عَرِيفُ بَنِي تَيْمٍ وَرَأْسُهَا فَقَالَ : سَأَجْهَدُ فِي ذَلِكَ , وَلَا أَتْرُكُ فَتَشَكَّرُوا لَهُ وَجَزَوْهُ خَيْرًا , قَالَ : وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ يَرْكَبُ كُلَّ سَبْتٍ إِلَى قُبَاءٍ , قَالَ : فَجَلَسَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَلَى بَابِ دَارِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ بِالْبَلَاطِ , وَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ , فَنَهَضَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ , فَأَخَذَ بِمَعْرِفَةِ دَابَّتِهِ , فَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ حُلَفَاءَ وَلَدِ صُهَيْبٍ , وَصُهَيْبٌ مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ لَهُ , قَالَ : فَمَا أَصْنَعُ جَاءَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِمْ , وَاللَّهِ لَوْ جَاءَكَ لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ إِنْفَاذِهِ , قَالَ : وَاللَّهِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُحْسِنَ فَعَلْتَ , وَمَا يَرُدُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَكَ , وَإِنَّكَ لَوَالِدٌ فَافْعَلْ فِي ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ , فَقَالَ : مَا لَكَ عِنْدِي إِلَّا مَا قُلْتُ لَهُ , فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : وَاحِدَةٌ أَقُولُهَا لَهُ , وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمٍ دِرْهَمًا حَتَّى يَأْخُذَ آلُ صُهَيْبٍ , قَالَ : فَأَجَابَهُ وَاللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى مَا أَرَادَ , وَانْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ , فَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ , وَهُوَ مَعَهُ , فَقَالَ : لَا يَزَالُ فِي قُرَيْشٍ عِزٌّ مَا بَقِيَ هَذَا , فَإِذَا مَاتَ هَذَا ذَلَّتْ قُرَيْشٌ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ , قَالَ : أُمِرَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْعَطَاءِ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَلَمْ يُتِمَّ مِنَ الْفَيْءِ , فَأَمَرَ هِشَامٌ أَنْ يُتِمَّ مِنْ صَدَقَاتِ الْيَمَامَةِ , فَحَمَلَ إِلَيْهِمْ , وَبَلَغَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا نَأْخُذُ عَطَاءَنَا مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ وَأَوْسَاخِهِمْ حَتَّى نَأْخُذَهُ مِنَ الْفَيْءِ , وَقَدِمَتِ الْإِبِلُ تَحْمِلُ ذَلِكَ الْمَالَ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ , وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ , فَجَعَلُوا يَرُدُّونَ الْإِبِلَ , وَيَضْرِبُونَ وُجُوهَهَا بِأَكِمَّتِهِمْ , وَاللَّهِ لَا نُدْخِلُهَا وَفِيهَا دِرْهَمٌ مِنَ الصَّدَقَةِ , فَرَدَّتِ الْإِبِلُ , وَبَلَغَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَمَرَ أَنْ تُصْرَفَ عَنْهُمُ الصَّدَقَةُ , وَأَنْ يُحْمَلَ إِلَيْهِمْ تَمَامُ عَطَائِهِمْ مِنَ الْفَيْءِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , قَالَ : حَضَرْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَمَاتَ بِمِنًي , أَوْ لَيْلَةَ جَمْعٍ , فَدُفِنَ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ , فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ مَكْشُوفًا فَسَأَلْتُ فَقَالُوا : هُوَ أَمَرَ بِذَلِكَ فَمَرَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَا أَنْظُرُ فَخَمَّرَ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ , كَمَا فَعَلَ بِأَبِيهِ , وَمَرَّ بِهِ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ , فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ كَمَا فَعَلَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيِّ , فَدُفِنَ عَلَى ذَلِكَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ , وَهُوَ مُحْرِمٌ , فَسُئِلَ عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ , فَأَمَرَ أَنْ لَا يُخَمَّرَ رَأْسُهُ