قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا يُحَدِّثُ عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَمَعَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ , فَمَرَّ بِهِمَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : مَا آدَبَ هَذَا الْفَتَى وَأَحْسَنَ مُرُوَّتَهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ هَذَا الْفَتَى أَخَذَ بِخِصَالٍ أَرْبَعَ , وَتَرَكَ خِصَالًا ثَلَاثًا : أَخَذَ بِحُسْنِ الْحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ , وَحُسْنِ الِاسْتِمَاعِ إِذَا حُدِّثَ , وَحُسْنِ الْبِشْرِ إِذَا لَقِيَ , وَخِفَّةِ الْمُئُونَةِ إِذَا خُولِفَ . وَتَرَكَ مِنَ الْقَوْلِ مَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ , وَتَرَكَ مُخَالَطَةَ اللِّئَامِ مِنَ النَّاسِ , وَتَرَكَ مُمَازَحَةَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِعَقْلِهِ وَلَا مُرُوَّتِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ : وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ , عَنِ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَزَلْ بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَوِلَايَتِهِ حَتَّى كَانَ أَيَّامُ الْحَرَّةِ , فَلَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجُوا عَامِلَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ , وَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ . خَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ أَبِيهِ , فَلَقِيَهُمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِالطَّرِيقِ قَدْ بَعَثَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي جَيْشٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ مَعَهُ مَرْوَانُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , وَكَانَ مَجْدُورًا , فَتَخَلَّفَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذِي خُشُبٍ , وَأَمَرَ رَسُولًا أَنْ يَنْزِلَ مَخِيضَ وَهِيَ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي خُشُبٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا مِنَ الْمَدِينَةِ , وَآخَرَ يَحْضُرُ الْوَقْعَةَ يَأْتِيهُ بِالْخَبَرِ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ تَكُونَ الدَّوْلَةُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ , فَبَيْنَمَا عَبْدُ الْمَلِكِ جَالِسٌ فِي قَصْرِ مَرْوَانَ بِذِي خُشُبٍ يَتَرَقَّبَ إِذَا رَسُولُهُ قَدْ جَاءَ يُلَوِّحُ بِثَوْبِهِ , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنَّ هَذَا لَبَشِيرٌ , فَأَتَاهُ رَسُولُهُ الَّذِي كَانَ بِمَخِيضَ يُخْبِرُهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَدْ قُتِلُوا وَدَخَلَهَا أَهْلُ الشَّامِ , فَسَجَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ أَنْ بَرِئَ , وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ : كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَدْ أَخَذُوا عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ حِينَ أَخْرَجُوهُمُ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَدُلُّوا عَلَى عَوْرَةٍ لَهُمْ وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْهِمْ عَدُوًّا . فَلَمَّا لَقِيَهُمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِوَادِي الْقُرَى قَالَ مَرْوَانُ لِابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ : ادْخُلْ عَلَيْهِ قَبْلِي لَعَلَّهُ يَجْتَرِئُ بِكَ مِنِّي , فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ , فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ : هَاتِ مَا عِنْدَكَ . أَخْبِرْنِي خَبَرَ النَّاسِ , وَكَيْفَ تَرَى ؟ فَقَالَ : نَعَمْ , ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَدَلَّهُ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ , وَكَيْفَ يُؤْتَوْنَ وَمِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ , وَأَيْنَ يَنْزِلُ , ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ , فَقَالَ : إِيهِ , مَا عِنْدَكَ ؟ قَالَ : أَلَيْسَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ عَبْدُ الْمَلِكِ ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَقَدْ لَقِيتَنِي . قَالَ : أَجَلْ , ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ : وَأَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ الْمَلِكِ قَلَّ مَا كَلَّمْتُ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ رَجُلًا بِهِ شِبْهًا
قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ , عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ مِنْ وَدَاعَةَ مِنْ أَهْلِ الْأُرْدُنِّ قَالَ : كُنَّا مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْنَا حَائِطًا بِذِي الْمَرْوَةِ فَإِذَا شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ وَالْهَيْئَةِ قَائِمٌ يُصَلِّي , فَطُفْنَا فِي الْحَائِطِ سَاعَةً , وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ لِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ , أَمِنْ هَذَا الْجَيْشِ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَتَؤُمُّونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : مَا أَحَبُّ أَنَّ لِيَ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ كُلِّهِ , وَأَنِّي سِرْتُ إِلَيْهِ , وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنْهُ . قَالَ : فَإِذَا هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَابْتُلِيَ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ جَالَسَ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ , وَحَفِظَ عَنْهُمْ , وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : بُويِعَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِالْخِلَافَةِ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ , فَلَقِيَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ فَقَتَلَهُ , ثُمَّ بَايَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِي مَرْوَانَ بِالْخِلَافَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ , عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ : مَاتَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِدِمَشْقَ لِهِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ , فَاسْتَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْخِلَافَةَ مِنْ يَوْمَئِذِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : تَهَيَّأَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِلْخُرُوجِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , وَسَارَ حَتَّى أَتَى بَاجُمَيْرَا قَرْيَةً عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ دُونَ الْأَنْبَارِ بِثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ , فَنَزَلَهَا , وَبَلَغَ عَبْدَ الْمَلِكِ , فَجَمَعَ جُنُودَهُ , ثُمَّ سَارَ فِيهِمْ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ لِقِتَالِ مُصْعَبٍ , وَقَالَ لِرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ : وَاللَّهِ , إِنَّ فِي أَمْرِ هَذِهِ الدُّنْيَا لَعَجَبًا ؛ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَفْقِدُهُ اللَّيْلَةَ الْوَاحِدَةَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي نَجْتَمِعُ فِيهِ , فَكَأَنِّي وَالِهٌ , وَيَفْقِدُنِي فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ , وَلَقَدْ كُنْتُ أُوتَى بِاللَّطَفِ فَمَا أُرَاهُ يَجُوزُ لِي أَكَلُهُ حَتَّى أَبْعَثَ بِهِ إِلَى مُصْعَبٍ أَوْ بِبَعْضِهِ , ثُمَّ صِرْنَا إِلَى السَّيْفِ ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمُلْكَ عَقِيمٌ ، لَيْسَ أَحَدٌ يُرِيدُهُ مِنْ وَلَدٍ وَلَا وَالِدٍ إِلَّا كَانَ السَّيْفُ , وَإِنَّمَا يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسَانِ مَعَهُ فَأَرَادَهُمَا بِهِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَخَافُهُمَا ، قَدْ عَرَفَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ أَطْوَعُ النَّاسِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَانَ مَرْوَانُ أَطْمَعَهُ فِي الْعَقْدِ لَهُ بَعْدَهُ , فَعَقَدَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ ولعَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَيِسَ خَالِدٌ وَهُوَ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الطَّمَعِ وَالْخَوْفِ
قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا سَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ دِمَشْقَ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ إِلَى مُصْعَبٍ لِقِتَالِهِ فَكَانَ دُونَ بُطْنَانِ حَبِيبٍ بِلَيْلَةٍ . جَلَسَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ فَتَذَاكَرَا أَمْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَسِيرَهُمَا مَعَهُ عَلَى خَدِيعَةٍ مِنْهُ لَهُمَا وَمَوَاعَيدَ بَاطِلَةٍ . قَالَ عَمْرٌو : فَإِنِّي رَاجِعٌ . فَشَجَّعَهُ خَالِدٌ عَلَى ذَلِكَ , فَرَجَعَ عَمْرٌو إِلَى دِمَشْقَ , فَدَخَلَهَا وَالسُّوَرُ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا وَثِيقٌ , فَدَعَا أَهْلَ الشَّامِ فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ , وَفَقَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , وَقَالَ : أَيْنَ أَبُو أُمَيَّةَ ؟ فَقِيلَ لَهُ : رَجَعَ , فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالنَّاسِ إِلَى دِمَشْقَ , فَنَزَلَ عَلَى مَدِينَةِ دِمَشْقَ , فَأَقَامَ عَلَيْهَا سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى فَتَحَهَا عَمْرٌو لَهُ , وَبَايَعَهُ , فَصَفَحَ عَنْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى قَتَلِهِ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا يَدْعُوهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا رِسَالَةُ شَرٍّ , فَرَكِبَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ وَلَبِسَ دِرْعًا مُكَفَّرًا بِهَا , وَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَتَحَدَّثَ سَاعَةً , وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ : أَبَا أُمَيَّةَ , مَا هَذِهِ الْغَوَائِلُ وَالزُّبَى الَّتِي تُحْفَرُ لَنَا ؟ ثُمَّ ذَكَرَهُ مَا كَانَ مِنْهُ , وَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَرَجَعَ وَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِ يَحْيَى فَشَتَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , ثُمَّ أَقْدَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ فَقَتَلَهُ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ تِلْكَ السَّنَةَ فَلَمْ يَغْزُ مُصْعَبًا وَانْصَرَفَ مُصْعَبٌ إِلَى الْكُوفَةِ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ خَرَجَ مُصْعَبٌ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى أَتَى بَاجُمَيْرا , فَنَزَلَهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَبُو عَلْقَمَةَ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ , عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ : لَمَّا أَجْمَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَسِيرَ إِلَى مُصْعَبٍ تَهَيَّأَ لِذَلِكَ , وَخَرَجَ فِي جُنْدٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ , وَسَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَارَ مُصْعَبٌ حَتَّى الْتَقَيَا بِمَسْكِنَ , ثُمَّ خَرَجُوا لِلْقِتَالِ , وَاصْطَفَّ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ , فَخَذَلَتْ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهَا مُصْعَبًا , فَقَالَ : الْمَرْءُ مَيِّتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ , فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَمُوتَ كَرِيمًا أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى مَنْ قَدْ وَتَرَهُ . لَا أَسْتَعِينُ بِهِمْ أَبَدًا , وَلَا بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ , ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ عِيسَى : تَقَدَّمْ ؛ فَقَاتِلْ . فَدَنَا ابْنُهُ , فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , وَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا وَكَثَرَهُ الْقَوْمُ , فَقُتِلَ , ثُمَّ صَارُوا إِلَى مُصْعَبٍ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ , فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا وَهُوَ عَلَى السَّرِيرِ حَتَّى قُتِلَ , وَجَاءَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ فَأَتَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ , فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا ثُمَّ دَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ أَهْلَ الْعِرَاقِ إِلَى الْبَيْعَةِ لَهُ فَبَايَعُوهُ , وَانْصَرَفَ إِلَى الشَّامِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : وَحَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ أَبِيهِ , وَغَيْرُهُمَا أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا : لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ جُنْدِ أَهْلِ الشَّامِ , وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو يَأْمُرُهُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْحَجَّاجِ , فَسَارَ طَارِقٌ فِي أَصْحَابِهِ وَهُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ فَلَحِقَ بِالْحَجَّاجِ فَحَصَرُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَاتَلُوا وَنَصَبُوا عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْحَجَّاجُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مَحْصُورٌ , ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ وَطَارِقٌ فَنَزَلَا بِئْرَ مَيْمُونٍ , وَلَمْ يَطُوفَا بِالْبَيْتِ , وَلَمْ يَقْرَبَا النِّسَاءَ , وَلَا الطِّيبَ إِلَى أَنْ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَطَافَا بِالْبَيْتِ وَذَبَحَا جَزُورًا وَحَصَرَا ابْنَ الزُّبَيْرِ لَيْلَةَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا , وَقُتِلَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ , وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالشَّامِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ , وَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ بِالْبَيْعَةِ , وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ بِالْبَيْعَةِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ , وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ ضَرْبَهَا وَنَقَشَ عَلَيْهَا
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي هِلَالٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَتْ مَثَاقِيلُ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا إِلَّا حَبَّةً بِالشَّامِيِّ , وَكَانَتِ الْعَشَرَةُ وَزْنَ سَبْعَةٍ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ , عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أُجْمِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى تِلْكَ الْأَوْزَانِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَقَامَ الْحَجَّ لِلنَّاسِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , فَلَمَّا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ فِي دَارِ أَبِيهِ , فَأَقَامَ أَيَّامًا , ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ , وَخَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ , فَقَالَ لَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ , أَحْرِمْ مِنَ الْبَيْدَاءِ , فَأَحْرَمَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الْبَيْدَاءِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ , عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ يَقُولُ : أَنَا أَمَرْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْبَيْدَاءِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يُلَبِّي بَعْدَ أَنَّ دَخَلَ الْحَرَمَ , حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ , ثُمَّ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ , ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَاحَ إِلَى الْمَوْقِفِ . قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ , فَقَالَ : كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ , فَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّمَا نَأْخُذُ بِالتَّكْبِيرِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَنَّهُ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ , وَيَوْمَ عَرَفَةَ , وَالْغَدِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ , وَيَوْمَ النَّفَرِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ أُوَيْسٍ الْعَامِرِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ : هَلْ سَمِعْتُ فِيَ الْوَدَاعِ بِدُعَاءِ مُوَقَّتٍ ؟ فَقَالَ : لَا , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَلَا أَنَا
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى , عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ : طُفْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَ الشَّوْطُ السَّابِعُ دَنَا مِنَ الْبَيْتِ يَتَعَوَّذُ فَجَذَبْتُهُ , فَقَالَ : مَا لَكَ يَا حَارِ ؟ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَتَدْرِي أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ قَوْمِكَ . قَالَ : فَمَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ , وَلَمْ يَتَعَوَّذْ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ : طَافَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِلْقُدُومِ , فَلَمَّا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ : عُدْ إِلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الصَّفَا , فَالْتَفَتَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى قَبِيصَةَ , فَقَالَ قَبِيصَةُ : لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَعُودُ إِلَيْهِ , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : طُفْتُ مَعَ أَبِي فَلَمْ أَرَهُ عَادَ إِلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : يَا حَارِ , تَعَلَّمْ مِنِّي كَمَا تَعَلَّمْتُ مِنْكَ حَيْثُ أَرَدْتُ أَنْ أَلْتَزِمَ الْبَيْتَ فَأَبَيْتَ عَلَيَّ . قَالَ : أَفْعَلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . مَا هُوَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ اسْتَفَدْتُ مِنْ عِلْمِكَ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ , عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَرَحَّبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ , وَقَرَّبَهُ , فَقَالَ جَابِرٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ الْمَدِينَةَ حَيْثُ تَرَى وَهِيَ طَيْبَةٌ سَمَّاهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَهْلَهَا مَحْصُورُونَ , فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَصِلَ أَرْحَامَهُمْ وَيَعْرِفَ حَقَّهُمْ فَعَلَ . قَالَ : فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ , وَجَعَلَ جَابِرٌ يُلِحُّ عَلَيْهِ حَتَّى أَوْمَأَ قَبِيصَةُ إِلَى ابْنِهِ وَهُوَ قَائِدُهُ , وَكَانَ جَابِرٌ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ أَنْ أَسْكِتْهُ . قَالَ فَجَعَلَ ابْنُهُ يُسَكِّتُهُ . قَالَ جَابِرٌ : وَيْحَكَ مَا تَصْنَعُ بِي ؟ قَالَ : اسْكُتْ , فَسَكَتَ جَابِرٌ , فَلَمَّا خَرَجَ أَخَذَ قَبِيصَةُ بِيَدِهِ , فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ صَارُوا مُلُوكًا , فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ : أَبْلَى اللَّهُ بَلَاءً حَسَنًا , فَإِنَّهُ لَا عُذْرَ لَكَ وَصَاحِبُكَ يَسْمَعُ مِنْكَ . قَالَ : يَسْمَعُ وَلَا يَسْمَعُ , مَا وَافَقَهُ سَمِعَ , وَقَدَ أَمَرَ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ , فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَى زَمَانِكَ فَقَبَضَهَا جَابِرٌ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَقَامَ الْحَجَّ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , ثُمَّ صَدَرَ فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ , فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ , ثُمَّ أَقَامَ خَطِيبًا لَهُ آخَرَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَتَكَلَّمَ الْخَطِيبُ , فَكَانَ مِمَّا تَكَلَّمَ بِهِ يَوْمَئِذٍ أَنْ وَقَعَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ , وَذَكَرَ مِنْ خِلَافِهِمُ الطَّاعَةَ وَسُوءَ رَأْيِهِمْ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ , وَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ , ثُمَّ قَالَ مَا وَجَدْتُ لَكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مَثَلًا إِلَّا الْقَرْيَةَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : {{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }} فَبَرَكَ ابْنُ عَبْدٍ , فَقَالَ لِلْخَطِيبِ : كَذَبْتَ , لَسْنَا كَذَلِكَ ؛ اقْرَإِ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا {{ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }} وَإِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ , فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدٍ وَثَبَ الْحَرَسُ عَلَيْهِ , فَالْتَفُّوا بِهِ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُمْ قَاتَلُوهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ الْمَلِكِ , فَرَدَّهُمْ عَنْهُ , فَلَمَّا فَرَغَ الْخَطِيبُ وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الدَّارَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ ابْنَ عَبْدٍ . قَالَ : فَمَا أَجَازَ أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ جَائِزَتِهِ , وَلَا كَسَا أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ كِسْوَتِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ : لَمَّا تَكَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِي وَثَبَّتَ الشُّرْطَةَ إِلَى أَبِي , فَدَخَلُوا بِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ : فَأَغْلَظَ لَهُ بَعْضَ الْغِلْظَةِ بَيْنَ يَدَيْ أَهْلِ الشَّامِ . قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَهْلُ الشَّامِ قَالَ لَهُ : يَا ابْنَ عَبْدٍ , قَدْ رَأَيْتُ مَا صَنَعْتَ وَقَدْ عَفَوْتُ ذَلِكَ عَنْكَ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَهَا بِوَالٍ بَعْدِي فَأَخْشَى أَنْ لَا يَحْمِلَ لَكَ مَا حَمَلْتُ . إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ , وَحَلِيفُنَا مِنَّا وَأَنْتَ أَحَدُنَا . مَا دَيْنُكَ ؟ قَالَ : خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ . قَالَ : فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ , وَأَجَازَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ سِوَى ذَلِكَ . قَالَ : وَكَسَاهُ كِسْوَةً فِيهَا كِسَاءُ خَزٍّ أَخْضَرُ عِنْدَنَا قِطْعَةٌ مِنْهُ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ : سَمِعْتُ ثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ : رَأَيْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الشِّعْبِ , فَأَدْرَكَنِي دُونَ جَمْعٍ فَسِرْتُ مَعَهُ , فَقَالَ : صَلَّيْتَ بَعْدُ ؟ فَقُلْتُ : لَا لَعَمْرِي . قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ مِنَ الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : قُلْتُ إِنِّي فِي وَقْتٍ بَعْدُ , فَقَالَ : لَا لَعَمْرِي مَا أَنْتَ فِي وَقْتٍ . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّكَ مِمَّنْ يَطْعُنُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَأَشْهَدَ عَلَيَّ أَبِي لِأُخْبَرَ أَنَّهُ رَآهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الشِّعْبِ , فَقُلْتُ : وَمِثْلُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا وَأَنْتَ الْإِمَامُ وَمَا لِي وَلِلطَّعْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ قَدْ كُنْتُ لَهُ لَازِمًا , وَلَكِنِّي رَأَيْتُ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَبْلُغَ جَمْعًا وَلَيْسَتْ سُنَّةٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ سُنَّةِ عُمَرَ , فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ فَعُثْمَانَ كَانَ أَعْلَمَ بِعُمَرَ لَوْ كَانَ عُمَرُ فَعَلَ هَذَا لَاتَّبَعَهُ عُثْمَانُ , وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَتْبَعَ لِأَمْرِ عُمَرَ مِنْ عُثْمَانَ وَمَا خَالَفَ عُثْمَانُ عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ إِلَّا بِاللِّينِ فَإِنَّ عُثْمَانَ لَانَ لَهُمْ حَتَّى رُكِبَ وَلَوْ كَانَ غَلَّظَ عَلَيْهِمْ جَانَبَهُ كَمَا غَلَّظَ عَلَيْهِمِ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا نَالُوا مِنْهُ مَا نَالُوا وَأَيْنَ النَّاسُ الَّذِينَ كَانَ يَسِيرُ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ يَا ثَعْلَبَةُ إِنِّي رَأَيْتُ سِيرَةَ السُّلْطَانِ تَدُورُ مَعَ النَّاسِ إِنْ ذَهَبَ الْيَوْمَ رَجُلٌ يَسِيرُ بِتِلْكَ السِّيرَةِ أُغِيرَ عَلَى النَّاسِ فِي بُيُوتِهِمْ , وَقُطِعَتِ السُّبُلُ , وَتَظَالَمَ النَّاسُ , وَكَانَتِ الْفِتَنُ , فَلَابُدَّ لِلْوَالِي أَنْ يَسِيرَ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِمَا يُصْلِحُهُ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْحَنَّاطِ , عَنِ ابْنِ كَعْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ , إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَلْزَمَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ لَأَنْتُمْ , وَقَدْ سَالَتْ عَلَيْنَا أَحَادِيثُ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْمَشْرِقِ لَا نَعْرِفُهَا وَلَا نَعْرِفُ مِنْهَا إِلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَالْزَمُوا مَا فِي مُصْحَفِكُمُ الَّذِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْكُمْ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهَا إِمَامُكُمُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَنِعْمَ الْمُشِيرُ كَانَ لِلْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَأَحْكَمَا مَا أَحْكَمَا وَأَسْقَطَا مَا شَذَّ عَنْهُمَا قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قَدْ هَمَّ أَنْ يَخْلَعَ أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ , وَيَعْقِدَ لِابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَهُ بِالْخِلَافَةِ , فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ , وَقَالَ لَهُ : لَا تَفْعَلْ هَذَا فَإِنَّكَ تَبْعَثُ بِهِ عَلَيْكَ صَوْتًا نَعَّارًا وَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَأْتِيهُ فَتَسْتَرِيحُ مِنْهُ , فَكَفَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ ذَلِكَ وَنَفْسُهُ تُنَازِعُهُ أَنْ يَخْلَعَهُ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ لَيْلَةً رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ , وَكَانَ يَبِيتُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَادُهُمَا وَاحِدٌ وَكَانَ أَحْلَى النَّاسِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ خَلَعْتَهُ مَا انْتَطَحَتْ فِيهِ عَنْزَانِ . قَالَ : تَرَى ذَلِكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ ؟ قَالَ : أَيْ وَاللَّهِ , وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُكَ إِلَى ذَلِكَ , فَقَالَ نُصَيْحٌ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ نَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ إِلَى جَنْبِهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ طُرُوقًا , وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى حِجَابِهِ , فَقَالَ : لَا يُحْجَبُ عَنِّي قَبِيصَةُ أَيَّ سَاعَةٍ جَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِذَا كُنْتُ خَالِيًا أَوْ كَانَ عِنْدِي رَجُلٌ وَاحِدٌ , وَإِنْ كُنْتُ عِنْدَ النِّسَاءِ أُدْخِلَ الْمَجْلِسَ وَأُعْلِمْتُ بِمَكَانِهِ , فَدَخَلَ وَكَانَ الْخَاتَمُ إِلَيْهِ وَكَاتِبُ السِّكَّةِ إِلَيْهِ تَأْتِيهُ الْأَخْبَارُ قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَيَقْرَأُ الْكُتُبَ قَبْلَهُ , ثُمَّ يَأْتِي بِهَا مَنْشُورَةً إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَيَقْرَؤُهَا إِعْظَامًا لِقَبِيصَةَ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : آجَرَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَخِيكَ . قَالَ : وَهَلْ تُوُفِّيَ . قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاسْتَرْجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَوْحٍ , فَقَالَ : أَبَا زُرْعَةَ , كَفَانَا اللَّهُ مَا كُنَّا نُرِيدُ , وَمَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ , فَقَالَ قَبِيصَةُ : وَمَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ , فَقَالَ قَبِيصَةُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ الرَّأْيَ كُلَّهُ فِي الْأَنَاةِ , وَالْعَجَلَةَ فِيهَا مَا فِيهَا , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : رُبَّمَا كَانَ فِي الْعَجَلَةِ خَيْرٌ كَثِيرٌ . أَرَأَيْتَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ , أَلَمْ تَكُنِ الْعَجَلَةُ فِي أَمْرِهِ خَيْرًا مِنَ التَّأَنِّي فِيهِ , وَأَمَّرَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مِصْرَ , وَعَقَدَ لِابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَهُ بِالْخِلَافَةِ , وَكَتَبَ فِي الْبُلْدَانِ , فَبَايَعَ لَهُمَا النَّاسُ , وَكَانَ مَوْتُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ . قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ رِجَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا : قَدْ حَفِظَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عُثْمَانَ وَسَمِعَ مِنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ , وَكَانَ عَابِدًا نَاسِكًا قَبْلَ الْخِلَافَةِ
قَالَ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ نَافِعٍ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَمَا بِالْمَدِينَةِ شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيرًا وَلَا أَطْلُبُ لِلْعِلْمِ مِنْهُ وَأَحْسَبُهُ قَالَ : وَلَا أَشَدُّ اجْتِهَادًا
قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَطِيَّةَ مَوْلَى خُزَاعَةَ عَنِ ابْنِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا نَسْمَعُ نِدَاءَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ : يَا أَهْلَ النَّعَمِ , لَا تُقَلِّلُوا شَيْئًا مِنْهَا مَعَ الْعَافِيَةِ
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَبْتَاعُ بِمِنًى بَدَنَةَ
قَالَ أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ . قَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ . رَبَطَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَانَ يَشُدُّ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ رَبَطَ أَسْنَانَهُ بِذَهَبٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ قَالَ : مَاتَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِدِمَشْقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ , وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةً , فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ يَوْمِ بُويِعَ إِلَى يَوْمِ تُوُفِّيَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَنِصْفًا , وَكَانَ تِسْعُ سِنِينَ مِنْهَا يُقَاتِلُ فِيهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ بِالشَّامِ ثُمَّ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ , وَبَقِيَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ , وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً , وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ وَهُوَ عَلَى مَوْلِدِهِ سَوَاءٌ