سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ , إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَلْزَمَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ لَأَنْتُمْ , وَقَدْ سَالَتْ عَلَيْنَا أَحَادِيثُ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْمَشْرِقِ لَا نَعْرِفُهَا وَلَا نَعْرِفُ مِنْهَا إِلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَالْزَمُوا مَا فِي مُصْحَفِكُمُ الَّذِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْكُمْ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهَا إِمَامُكُمُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَنِعْمَ الْمُشِيرُ كَانَ لِلْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَأَحْكَمَا مَا أَحْكَمَا وَأَسْقَطَا مَا شَذَّ عَنْهُمَا "
قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى الْحَنَّاطِ , عَنِ ابْنِ كَعْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ , إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ يَلْزَمَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ لَأَنْتُمْ , وَقَدْ سَالَتْ عَلَيْنَا أَحَادِيثُ مِنْ قِبَلِ هَذَا الْمَشْرِقِ لَا نَعْرِفُهَا وَلَا نَعْرِفُ مِنْهَا إِلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَالْزَمُوا مَا فِي مُصْحَفِكُمُ الَّذِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْكُمْ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي جَمْعَكُمْ عَلَيْهَا إِمَامُكُمُ الْمَظْلُومُ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَنِعْمَ الْمُشِيرُ كَانَ لِلْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَأَحْكَمَا مَا أَحْكَمَا وَأَسْقَطَا مَا شَذَّ عَنْهُمَا قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قَدْ هَمَّ أَنْ يَخْلَعَ أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ , وَيَعْقِدَ لِابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَهُ بِالْخِلَافَةِ , فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ , وَقَالَ لَهُ : لَا تَفْعَلْ هَذَا فَإِنَّكَ تَبْعَثُ بِهِ عَلَيْكَ صَوْتًا نَعَّارًا وَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَأْتِيهُ فَتَسْتَرِيحُ مِنْهُ , فَكَفَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ ذَلِكَ وَنَفْسُهُ تُنَازِعُهُ أَنْ يَخْلَعَهُ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ لَيْلَةً رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ , وَكَانَ يَبِيتُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَادُهُمَا وَاحِدٌ وَكَانَ أَحْلَى النَّاسِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ خَلَعْتَهُ مَا انْتَطَحَتْ فِيهِ عَنْزَانِ . قَالَ : تَرَى ذَلِكَ يَا أَبَا زُرْعَةَ ؟ قَالَ : أَيْ وَاللَّهِ , وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُكَ إِلَى ذَلِكَ , فَقَالَ نُصَيْحٌ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ نَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ إِلَى جَنْبِهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ طُرُوقًا , وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى حِجَابِهِ , فَقَالَ : لَا يُحْجَبُ عَنِّي قَبِيصَةُ أَيَّ سَاعَةٍ جَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِذَا كُنْتُ خَالِيًا أَوْ كَانَ عِنْدِي رَجُلٌ وَاحِدٌ , وَإِنْ كُنْتُ عِنْدَ النِّسَاءِ أُدْخِلَ الْمَجْلِسَ وَأُعْلِمْتُ بِمَكَانِهِ , فَدَخَلَ وَكَانَ الْخَاتَمُ إِلَيْهِ وَكَاتِبُ السِّكَّةِ إِلَيْهِ تَأْتِيهُ الْأَخْبَارُ قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَيَقْرَأُ الْكُتُبَ قَبْلَهُ , ثُمَّ يَأْتِي بِهَا مَنْشُورَةً إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ , فَيَقْرَؤُهَا إِعْظَامًا لِقَبِيصَةَ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : آجَرَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَخِيكَ . قَالَ : وَهَلْ تُوُفِّيَ . قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاسْتَرْجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَوْحٍ , فَقَالَ : أَبَا زُرْعَةَ , كَفَانَا اللَّهُ مَا كُنَّا نُرِيدُ , وَمَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ , فَقَالَ قَبِيصَةُ : وَمَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ , فَقَالَ قَبِيصَةُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ الرَّأْيَ كُلَّهُ فِي الْأَنَاةِ , وَالْعَجَلَةَ فِيهَا مَا فِيهَا , فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : رُبَّمَا كَانَ فِي الْعَجَلَةِ خَيْرٌ كَثِيرٌ . أَرَأَيْتَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ , أَلَمْ تَكُنِ الْعَجَلَةُ فِي أَمْرِهِ خَيْرًا مِنَ التَّأَنِّي فِيهِ , وَأَمَّرَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مِصْرَ , وَعَقَدَ لِابْنَيْهِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَهُ بِالْخِلَافَةِ , وَكَتَبَ فِي الْبُلْدَانِ , فَبَايَعَ لَهُمَا النَّاسُ , وَكَانَ مَوْتُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ . قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ رِجَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا : قَدْ حَفِظَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عُثْمَانَ وَسَمِعَ مِنَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ , وَكَانَ عَابِدًا نَاسِكًا قَبْلَ الْخِلَافَةِ