أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ ، أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ : دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا ، لَتُخَضَّبَنَّ أَوْ لَتُصْبَغَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ ، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ : اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْ تِ فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيَكَ وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَزَادَنِي غَيْرُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : وَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيَّ
أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلْمُرَادِيِّ : أُرِيدُ حِبَاءَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي عَذِيرُكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : احْتَرِسْ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ مُرَادِ يُرِيدُونَ قَتْلَكَ ، فَقَالَ : إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِمَّا لَمْ يُقَدَّرْ ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدْرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، وَإِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ
قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : مَا يَحْبِسُ أَشْقَاكُمْ أَنْ يَجِيءَ فَيَقْتُلَنِي ؟ اللَّهُمَّ قَدْ سَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي ، فَأَرِحْهُمْ مِنِّي ، وَأَرِحْنِي مِنْهُمْ
قَالَ : أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبْعٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ ، فَمَا يُنْتَظَرُ بِالْأَشْقَى ، قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَخْبِرْنَا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ ، فَقَالَ : إِذًا وَاللَّهِ تَقْتُلُوا بِي غَيْرَ قَاتِلِي ، قَالُوا : فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنْ أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالُوا : فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ ؟ قَالَ : أَقُولُ اللَّهُمَّ تَرَكْتُكَ فِيهِمْ ، فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ :
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِنَانِ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنْ نُبَلَ بِنْتِ بَدْرٍ ، عَنْ زَوْجِهَا قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَوْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، أَوْ كِلَيْهِمَا ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِعَلِيٍّ : يَا عَلِيُّ ، مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ؟ ، قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : أَشْقَى الْأَوَّلِينَ عَاقِرُ النَّاقَةِ ، وَأَشَقَى الْآخَرِينَ الَّذِي يَطْعَنُكَ يَا عَلِيُّ وَأَشَارَ إِلَى حَيْثُ يُطْعَنُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمِّي ، عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ سُرِّيَّةِ عَلِيٍّ قَالَتْ : إِنِّي لَأَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ ، إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى أَنْفِهِ فَقَالَ : وَاهًا لَكِ ، لَتُخَضَّبَنَّ بِدَمٍ ، قَالَتْ : فَأُصِيبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، قَالَا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : دَخَلَ عَلَيْنَا ابْنُ مُلْجَمٍ الْحَمَّامَ ، وَأَنَا وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ جُلُوسٌ فِي الْحَمَّامِ ، فَلَمَّا دَخَلَ كَأَنَّهُمَا اشْمَأَزَّا مِنْهُ ، وَقَالَا : مَا أَجْرَأَكَ تَدْخُلُ عَلَيْنَا ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُمَا : دَعَاهُ عَنْكُمَا ، فَلَعَمْرِي مَا يُرِيدُ بِكُمَا أَحْشَمُ مِنْ هَذَا . فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : مَا أَنَا الْيَوْمَ بِأَعْرَفَ بِهِ مِنِّي يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا الْحَمَّامَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : إِنَّهُ أَسِيرٌ فَأَحْسِنُوا نُزُلَهُ ، وَأَكْرِمُوا مَثْوَاهُ ، فَإِنْ بَقِيَتُ قَتَلْتُ أَوْ عَفَوْتُ ، وَإِنْ مُتُّ فَاقْتُلُوهُ قَتْلَتي ، وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ : إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي ، غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ فِي بَطْنٍ وَلَا فَرْجٍ قَالُوا : انْتُدِبَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ ، وِعِدِادُهُ فِي مُرَادٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ , وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ , وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ , فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ : عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ , وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ : أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَالَ الْبُرَكُ : وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ , وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ : أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ , فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لَا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى ، وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ , فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ ، فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ , وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ ، فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ , فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا : قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ , وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ ، فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا ، فَقَالَتْ : لَا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي ، فَقَالَ : لَا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكِ , فَقَالَتْ : ثَلَاثَةُ آلَافٍ , وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ , وَلَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الْأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ ، وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ , فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ , وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ , فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ : فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ , فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ ، وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ , قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ , وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ وَاللَّدَدِ , فَقَالَ لِي : ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ , فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ ، وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي , وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ : الصَّلَاةُ , فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَامَ يَمْشِي , وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى : أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ، كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ ، فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلَانِ ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ : فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ , وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ : لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ , لَا لَكَ ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا ، فَضَرَبَا جَمِيعًا ، فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قَرْنِهِ وَوَصَلَ إِلَى دِمَاغِهِ , وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ , وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ ، وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ ، وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ , فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ : أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ , فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا ، وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ , فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ : يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : مَا قَتَلْتُ إِلَّا أَبَاكِ , قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ , قَالَ : فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا ؟ ثُمَّ قَالَ , وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا , يَعْنِي سَيْفَهُ ، فَإِنْ أَخْلَفَنِي فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ . وَبَعَثَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : رَأَيْتُ عَيْنَيْهَ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ ، فَقَالَ الْأَشْعَثُ : عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . قَالَ : وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ , وَتُوُفِّيَ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ ، لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ , وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ
قَالَ : أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي الضَّحَّاكِ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُسَيْلِمَةَ ، عَنْ بَيَانٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ بَيَانٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَّى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ , وَدُفِنَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّحَبَةِ مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ دَفْنِهِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ فَبَايَعُوهُ ، وَكَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ
قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : تُوُفِّيَ عَلِيٌّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ : سَنَةُ الْجُحَافِ ، حِينَ دَخَلَتْ إِحْدَى وَثَمَانُونَ : هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً ، وَقَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي , قُلْتُ : وَكَمْ كَانَتْ سِنُّهُ يَوْمَ قُتِلَ ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ ؟ قَالَ : ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَهُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ ، عَنْ طَلْقِ الْأَعْمَى ، عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ : كُنْتُ أَنُوحُ أَنَا وَأُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَا : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَال : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , لَقَدْ فَارَقَكُمْ أَمْسُ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ الْأَوَّلُونَ ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيُعْطِيهُ الرَّايَةَ فَمَا يَرُدُّ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ , إِنَّ جِبْرِيلَ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارِهِ ، مَا تَرَكَ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ ، أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا
قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْأَجْلَحِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَال : أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ قُبِضَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الْأَوَّلُونَ ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْآخِرُونَ ، قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَبْعَثُهُ الْمَبْعَثَ فَيَكْتَنِفُهُ جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَلَا يَنْثَنِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ ، وَمَا تَرَكَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا خَادِمًا , وَلَقَدْ قُبِضَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عُرِجَ فِيهَا بِرُوحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ
قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ : قِيلَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ : إِنَّ نَاسًا مِنْ شِيعَةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَابَّةُ الْأَرْضِ , وَأَنَّهُ سَيُبْعَثُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ , فَقَالَ : كَذَبُوا , لَيْسَ أُولَئِكَ شِيعَتَهُ ، أُولَئِكَ أَعْدَاؤُهُ ، لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ ، وَلَا أَنْكَحْنَا نِسَاءَهُ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : هَكَذَا قَالَ : عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ
قَالَ : أَخْبَرَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ فِي دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا يَرْجِعُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَضَحِكَ وَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ ، وَلَا سَاهَمْنَا مِيرَاثَهُ قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فِي السِّجْنِ , فَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ وَدُفِنَ , بَعَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ لِيَقْتُلَهُ , فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَجَاؤُوهُ بِالنِّفْطِ وَالْبَوَارِي وَالنَّارِ ، فَقَالُوا : نُحَرِّقُهُ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ , وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : دَعُونَا حَتَّى نَشْفِيَ أَنْفُسَنَا مِنْهُ , فَقَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ , فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ , فَكَحَلَ عَيْنَيْهِ بِمِسْمَارٍ مُحْمًى , فَلَمْ يَجْزَعْ وَجَعَلَ يَقُولُ : إِنَّكَ لَتَكْحُلُ عَيْنَيْ عَمِّكَ بِمُلْمُولٍ مَضٍّ , وَجَعَلَ يَقُولُ : {{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَّقٍ }} حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ السُّورَةِ كُلِّهَا وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلَانِ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَعُولِجَ عَنْ لِسَانِهِ لِيَقْطَعَهُ فَجَزِعَ ، فَقِيلَ لَهُ : قَطَعْنَا يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ وَسَمَلْنَا عَيْنَيْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَلَمْ تَجْزَعْ ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى لِسَانِكَ جَزَعْتَ فَقَالَ : مَا ذَاكَ مِنِّي مِنْ جَزْعٍ إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ فِي الدُّنْيَا فُوَاقًا لَا أَذْكُرُ اللَّهَ ، فَقَطَعُوا لِسَانَهُ ثُمَّ جَعَلُوهُ فِي قَوْصَرَةٍ وَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ . وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ فَلَمْ يُسْتَأَنُ بِهِ بُلُوغُهُ , وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ رَجُلًا أَسْمَرَ ، حَسَنَ الْوَجْهِ ، أَفْلَجَ شَعْرِهِ مَعَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ ، فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ , قَالُوا : وَذَهَبَ بِقَتْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْحِجَازِ سُفْيَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ : فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ