عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ : " إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي ، غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ فِي بَطْنٍ وَلَا فَرْجٍ "
قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ قُثَمَ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَتَبَ عَلِيٌّ فِي وَصِيَّتِهِ : إِلَى أَكْبَرِ وَلَدِي ، غَيْرُ طَاعِنٍ عَلَيْهِ فِي بَطْنٍ وَلَا فَرْجٍ قَالُوا : انْتُدِبَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ ، وِعِدِادُهُ فِي مُرَادٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ , وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ , وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ , فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ : عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ , وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ : أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَالَ الْبُرَكُ : وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ , وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ : أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ , فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لَا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى ، وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ , فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ ، فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ , وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ ، فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ , فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا : قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ , وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ ، فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا ، فَقَالَتْ : لَا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي ، فَقَالَ : لَا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكِ , فَقَالَتْ : ثَلَاثَةُ آلَافٍ , وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ , وَلَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الْأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ ، وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ , فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ , وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ , فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ : فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ , فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ ، وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ , قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ , وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ وَاللَّدَدِ , فَقَالَ لِي : ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ , فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ ، وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي , وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ : الصَّلَاةُ , فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَامَ يَمْشِي , وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى : أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ، كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ ، فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلَانِ ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ : فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ , وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ : لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ , لَا لَكَ ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا ، فَضَرَبَا جَمِيعًا ، فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قَرْنِهِ وَوَصَلَ إِلَى دِمَاغِهِ , وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ , وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ ، وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ ، وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ , فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ : أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ , فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا ، وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ , فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ : يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : مَا قَتَلْتُ إِلَّا أَبَاكِ , قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ , قَالَ : فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا ؟ ثُمَّ قَالَ , وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا , يَعْنِي سَيْفَهُ ، فَإِنْ أَخْلَفَنِي فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ . وَبَعَثَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : رَأَيْتُ عَيْنَيْهَ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ ، فَقَالَ الْأَشْعَثُ : عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . قَالَ : وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ , وَتُوُفِّيَ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتُهُ ، لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ , وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ