أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ : لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ , بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى حَوْلَهَا الْخَيْلَ تَطَأُهُمْ ، فَبَعَثَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ ، وَكَانَ نَافِعُ أَخَا الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ لِأُمِّهِ ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غُزَاةً ، غَزْوًا كَصَوَائِفِ الرُّومِ ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ قِتَالًا شَدِيدًا ، لَقَدْ لَاقُوهُمْ أَوَّلَ يَوْمٍ فَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ ، فَلَقَدْ جُرِحَ مِنْهُمْ عَامَّتُهُمْ ، وَانْصَرَفُوا بِجِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ وَحِدَقٍ مُفَقَّأَةٍ ، سَمَّوْهُمْ يَوْمَئِذٍ : رُمَاةَ الْحِدَقِ ، فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ مِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، وَلَّاهُ عُثْمَانُ , فَسَأَلُوهُ الصُّلْحَ وَالْمُوَادَعَةَ ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ ، عَلَى هَدِيَّةٍ لِثَلَاثِمِائَةِ رَأْسٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ , وَيُهْدِي إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ طَعَامًا مِثْلَ ذَلِكَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : وَكَتَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ وَلَّى عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْفِهْرِيَّ ، وَأَنَّهُ بَلَغَ زُوَيْلَةَ , وَأَنَّ مَا بَيْنَ زُوَيْلَةَ وَبَرْقَةَ سِلْمٌ ، كُلُّهُمْ ، قَدْ أَطَاعَ مُسْلِمُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَمُعَاهَدُهُمْ بِالْجِزْيَةِ ، وَبَلَغَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ طَرَابُلْسَ فَفَتَحَهَا ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ : أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إِفْرِيقِيَّةَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دُخُولِهَا فَعَلَ ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدِ اجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ وَعَلَى بِلَادِهِمْ وَعَرَفُوا قِتَالَهُمْ , وَلَيْسَ عَدُوًّا كُلُّ شَوْكَةٍ مِنْهُمْ ، وَإِفْرِيقِيَّةُ عَيْنُ مَالِ الْمَغْرِبِ ، فَيُوَسِّعُ اللَّهُ بِمَا فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ . فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : وَلَوْ فُتِحَتْ إِفْرِيقِيَّةُ مَا قَامَتْ بِوَالٍ مُقْتَصِدٍ لَا جُنْدَ مَعَهُ ، ثُمَّ لَا آمَنُ أَنْ يَقْتُلُوهُ ، فَإِنْ شَحَنْتَهَا بِالرِّجَالِ كَلِفْتَ حَمْلَ مَالِ مِصْرَ أَوْ عَامَّتِهِ إِلَيْهَا ، لَا أُدْخِلُهَا جُنْدًا لِلْمُسْلِمِينَ أَبَدًا ، وَسَيَرَى الْوَالِي بَعْدِي رَأْيَهُ . فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَغْزَا النَّاسَ إِفْرِيقِيَّةَ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ ، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ أَنْ يَسِيرَ بِمَنْ مَعَهُ وَمَنْ أَمَدَّهُ بِهِمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ , فَخَرَجَ بِالنَّاسِ حَتَّى نَزَلَ بِقُرْبِهَا ، فَصَالَحَهُ بَطْرِيقُهَا عَلَى صُلْحٍ يُخْرِجُهُ لَهُ ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ . فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ غَازِيًا فِي عَشْرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَافْتَتَحَهَا , وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا ، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعَهُ غَيْضَةٌ لَا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ ، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا مِنَ السِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا خَرَجَ مِنْهَا هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ , حَتَّى أَنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لتَحْمِلُ أَوْلَادَهَا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : نَادَى عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ : إِنَّا نَازِلُونَ ، فَاظْعَنُوا . قَالَ : فَرُئِينَ يَخْرُجْنَ مِنْ حُجُرَتِهِنَّ هَوَارِبَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَقُلْتُ لِمُوسَى بْنِ عَلِيٍّ : إِنَّهُ يُقَالُ : إِنَّ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَقَارِبَ تَقْتُلُ . قَالَ : بِنَاحِيَةٍ مِنْهَا ، قَلَّ مَا لَدَغَتْ إِنْسَانًا إِلَّا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْهَا ، وَرُبَّمَا عَافَاهُ اللَّهُ . قُلْتُ لِمُوسَى : أَرَأَيْتَ بِنَاءَ أَفْرِيقِيَّةَ الْيَوْمَ ، هَذَا الْوَاصِلَ الْمُجْتَمِعَ ، مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ حَتَّى بُنِيَ إِلَيْهِ . قَالَ : أَوَّلُ مَنِ ابْتَنَى بِهَا عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الدُّورَ وَالْمَسَاكِنَ وَأَقَامَ بِهَا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْمُعَافِرِيُّ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَيُكْنَى أَبَا رَجَاءٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ مِصْرَ قَالَ : قَدِمْنَا مَعَ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ ، وَهُوَ أَوَّلُ النَّاسِ اخْتَطَّهَا وَقَطَّعَهَا لِلنَّاسِ مَسَاكِنَ وَدُورًا , وَبَنَى مَسْجِدَهَا ، وَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى عُزِلَ عَنْهَا ، وَهُوَ خَيْرُ وَالٍ وَخَيْرُ أَمِيرٍ ، وَوَلَّى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ عَزَلَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ , مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ الْأَنْصَارِيَّ ، وَلَّاهُ مِصْرَ وَأَفْرِيقِيَّةَ , وَعَزَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ خَدِيجٍ الْكِنْدِيَّ عَنْ مِصْرَ ، فَوَجَّهَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ دِينَارًا أَبَا الْمُهَاجِرِ ، مَوْلًى لَهُ ، وَعَزَلَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ ، فَقِيلَ لِمَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ : لَوْ أَقْرَرْتَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ عَلَيْهَا ، فَإِنَّ لَهُ جُرْأَةً وَفَضْلًا ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَطَّهَا وَبَنَى مَسْجِدَهَا . فَقَالَ مَسْلَمَةُ : إِنَّ أَبَا الْمُهَاجِرِ كَمَا تَرَى ، إِنَّمَا هُوَ كَأَحَدِنَا ، صَبَرَ عَلَيْنَا فِي غَيْرِ وِلَايَةٍ وَلَا كَبِيرِ نَيْلٍ ، فَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ نُكَافِئَهُ وَنَصْطَنِعَهُ ، فَوَجَّهَهُ إِلَى أَفْرِيقِيَّةَ . فَلَمَّا قَدِمَ دِينَارٌ أَبُو الْمُهَاجِرِ إِفْرِيقِيَّةَ كَرِهَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَطَّ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ ، فَمَضَى حَتَّى خَلْفَهُ بِمِيلَيْنِ ، ثُمَّ نَزَلَ مَوْضِعًا يُقَالُ لَهُ أيت كروان فَابْتَنَاهُ وَنَزَلَهُ ، وَخَرَجَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ مُنْصَرِفًا إِلَى الْمَشْرِقِ حَنِقًا عَلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ ، وَكَانَ أَسَاءَ عَزْلَهُ ، فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُ ، وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فَلَمْ يَزَلْ خَائِفًا مِنْهُ مُذْ بَلَغَتْهُ دَعْوَتُهُ عَلَيْهِ . فَقَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ , فَقَالَ : اللَّهِ ، إِنِّي فَتَحْتُ الْبِلَادَ وَدَانَتْ لِي , وَبَنَيْتُ الْمَنَازِلَ , وَبَنَيْتُ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ , وَسَكَّنْتُ الرِّحَالَ , ثُمَّ أَرْسَلْتَ عَبْدَ الْأَنْصَارِ فَأَسَاءَ عَزْلِي . فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ ، وَقَالَ : قَدْ عَرَفْتَ مَكَانَ مَسْلَمَةَ مِنَ الْإِمَامِ الْمَظْلُومِ , رَحِمَهُ اللَّهُ , وَتَقْدِيمَهُ إِيَّاهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ ، ثُمَّ قِيَامَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَمِهِ ، وَبَذْلِ مُهْجَةِ نَفْسِهِ مُحْتَسِبًا صَابِرًا مَعَ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَوْمِهِ وَمَوَالِيهِ ، وَقَدْ رَدَدْتُكَ عَلَى عَمَلِكَ وَالِيًا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : فَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ : لَمَّا وَلَّى مَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ أَبَا الْمُهَاجِرِ إِفْرِيقِيَّةَ ، أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَأَنْ يَسِيرَ بِسِيرَةٍ حَسَنَةٍ ، وَأَنْ يَعْزِلَ صَاحِبَهُ أَحْسَنَ الْعَزْلِ , فَإِنَّ أَهْلَ بَلَدِهِ يُحْسِنُونَ الْقَوْلَ فِيهِ . فَخَالَفَهُ أَبُو الْمُهَاجِرِ فَأَسَاءَ عَزْلَهُ ، فَمَرَّ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ يُقْسِمُ لَهُ بِاللَّهِ لَقَدْ خَالَفَهُ مَا صَنَعَ , وَلَقَدْ أَوْصَيْتُهُ بِكَ خَاصَّةً . وَلَمْ يُوَلِّهِ مُعَاوِيَةُ , وَلَكِنَّهُ أَقَامَ حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَةُ فَوَلَّاهُ يَزِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : فَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ ، فَرَدَّهُ وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ ، فَخَرَجَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ سَرِيعًا بِحُنْقِهِ عَلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ ، حَتَّى قَدِمَ إِفْرِيقِيَّةَ ، فَأَوْثَقَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فِي وَثَاقٍ شَدِيدٍ وَأَسَاءَ عَزْلَهُ . ثُمَّ غَزَا بِأَبِي الْمُهَاجِرِ إِلَى السُّوسِ الْأَدْنَى ، وَهُوَ فِي حَدِيدٍ ، وَهُوَ خَلْفَ طَنْجَةَ فِيمَا بَيْن قَيْلَةَ مَدِينَتَهَا الَّتِي تُسَمَّى وَلِيلَةَ وَالْمَغْرِبُ ، وَأَهْلُ السُّوسِ إِذْ ذَاكَ أَيْلِيَةٌ , وَجَوَّلَ فِي بِلَادِهِمْ لَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ وَلَا يُقَاتِلُهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ ثَغْرِهَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ وَأَذِنَ لَهُمْ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ , وَبَقِيَ فِي عُدَّةٍ قَلِيلَةٍ ، فَأَخَذَ تَهُودَةَ , وَهِيَ ثَغْرٌ مِنْ ثُغُورِ إِفْرِيقِيَّةَ , وَتَيَاسُرًا عَنْ طَبِنَةَ ثَغْرُ الزَّابِ , فِيمَا بَيْنَ طَبِنَةَ وَالْمَشْرِقِ ، وَتَهُودَةُ مِنْ مُدُنِ قَيْرُوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ عَلَى مَسِيرَةِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ . فَلَمَّا انْتَهَى عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ إِلَى تَهُودَةَ ، عَرَضَ لَهُ كُسَيْلَةُ بْنُ لَمْزَمٍ الْأَوْرَبِيُّ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْبَرْبَرِ وَالرُّومِ ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ افْتِرَاقُ النَّاسِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ , وَقِلَّةَ مَنْ مَعَهُ وَجَمَعَ لِذَلِكَ جَمْعًا فَالْتَقَوْا ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا ، فَقُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ شَهِيدًا , رَحِمَهُ اللَّهُ , وَقُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ ، وَقُتِلَ أَبُو الْمُهَاجِرِ وَهُوَ مُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ ، وَاشْتَعَلَتْ إِفْرِيقِيَّةُ حَرْبًا . ثُمَّ سَارَ كُسَيْلَةُ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلُوا أُقْوَانِيَّةَ ، أَيِ الْقَيْرَوَانَ ، الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ اخْتَطَّ ، فَأَقَامَ بِهَا وَمَنْ مَعَهُ ، وَقَهَرَ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ , بَابَ قَابِسٍ وَمَا يَلِيهِ ، وَجَعَلَ يَبْعَثُ أَصْحَابَهُ فِي كُلِّ وَجْهٍ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ . انْقَضَتْ قِصَّةُ بَنِي فِهْرٍ