عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَأُمُّهُ مَهَانَةُ بِنْتُ جَابِرٍ , مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ ، فَوَلَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ : مُحَمَّدًا , وَأُمُّهُ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ السَّرْحِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ ، وَعِيَاضًا , لِأُمِّ وَلَدٍ ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ , وَأُمُّهَا مِنْ حِمْيَرَ ، وَرَمْلَةَ , وَأُمُّهَا أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأُمَّ جَمِيلٍ ، وَدَعْدَ ، وَأُمَّ الْفَضْلِ ، وَأُمَّ عَمْرٍو ، لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ . قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قَدْ أَسْلَمَ قَدِيمًا ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ ، فَرُبَّمَا أَمْلَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَكَتَبَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فَيَقْرَأُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ : كَذَلِكَ اللَّهُ . وَيُقِرُّهُ . فَافْتُتِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ : مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ مَا يَقُولُ ، إِنِّي لَأَكْتُبُ لَهُ مَا شِئْتُ ، هَذَا الَّذِي كَتَبْتُ يُوحَى إِلَيَّ كَمَا يُوحَى إِلَى مُحَمَّدٍ . وَخَرَجَ هَارِبًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ مُرْتَدًا ، فَأَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ . فَجَاءَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَكَانَ أَخَاهُ فِي الرَّضَاعَةِ ، فَقَالَ : يَا أَخِي ، إِنِّي وَاللَّهِ قَدِ اخْتَرْتُكَ عَلَى غَيْرِكَ ، فَاحْبِسْنِي هَاهُنَا ، وَاذْهَبْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلِّمْهُ فِيَّ ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا إِنْ رَآنِي ضَرَبَ الَّذِي فِيهِ عَيْنَايَ ، إِنَّ جُرْمِي أَعْظَمُ الْجُرْمِ ، وَقَدْ جِئْتُكَ تَائِبًا . فَقَالَ عُثْمَانُ : بَلِ اذْهَبْ مَعِي . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ لَئِنْ رَآنِي لَيَضْرِبَنَّ عُنُقِي وَلَا يُنَاظِرُنِي ، قَدْ أَهْدَرَ دَمِي ، وَأَصْحَابُهُ يَطْلُبُونَنِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ . فَقَالَ عُثْمَانُ : انْطَلِقْ مَعِي ، فَلَا يَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَلَمْ يُرَعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِعُثْمَانَ آخِذٌ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَاقِفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ . فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تَحْمِلُنِي وَتُمْشِيهِ ، وَكَانَتْ تُرْضِعُنِي وَتَفْطِمُهُ ، وَكَانَتْ تُلْطِفُنِي وَتَتْرُكُهُ ، فَهَبْهُ لِي . فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَعَلَ عُثْمَانُ كُلَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ اسْتَقْبَلَهُ ، فَيُعِيدُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ ، وَإِنَّمَا أَعْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِرَادَةَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَمِّنْهُ ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّ لَا يَقُومُ أَحَدٌ ، وَعُثْمَانُ قَدْ أَكَبَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُبَايِعُهُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : مَا مَنَعَكُمْ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَى هَذَا الْكَلْبِ فَيَقْتُلُهُ ، أَوْ قَالَ : الْفَاسِقِ ؟ . فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ : أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، إِنِّي لَأَتْبَعُ طَرْفَكَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ، رَجَاءَ أَنْ تُشِيرَ إِلَيَّ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ . وَيُقَالُ : قَالَ : هَذَا أَبُو الْيَسَرِ ، وَيُقَالُ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَلَعَلَّهُمْ قَالُوهُ جَمِيعًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَا أَقْتُلُ بِالْإِشَارَةِ , وَقَائِلٌ يَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَئِذٍ : إِنَّ النَّبِيَّ لَا تَكُونُ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ , فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ . وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفِرُّ مِنْهُ ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، لَوْ تَرَى ابْنَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ يَفِرُّ مِنْكَ كُلَّمَا رَآكَ . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : أَوَلَمْ أُبَايِعْهُ وَأُؤَمِّنْهُ فَقَالَ : بَلَى , أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنَّهُ يَتَذَكَّرُ عَظِيمَ جُرْمِهِ فِي الْإِسْلَامِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ , فَرَجَعَ عُثْمَانُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْبَرَهُ ، فَكَانَ يَأْتِي فَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ
رَبَاحُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُعْتَرِفِ , وَاسْمُهُ أُهَيْبُ بْنُ جَحْوَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ , وَأُمُّهُ : الرُّوَاعُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُرْشُبَ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَجَدُّهُ عَمْرُو بْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ آكِلُ السَّقْبِ ، فَوَلَدَ رَبَاحُ : حَسَّانَ , وَبِهِ كَانَ يُكْنَى ، وُلِدَ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَعَاتِكَةَ , وَأُمَّ حَكِيمٍ ، وَأُمُّهُمْ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ مَهَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ ضَابِئِ بْنِ الْمُخْتَرِشِ بْنِ حَلِيلِ بْنِ حَبَشِيَّةَ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ , وَالْحَكَمَ , وَسَعِيدًا ، وَأُمُّهُمْ : سُخَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي ضَاطِرَ بْنِ حَبَشِيَّةَ بْنِ سَلُولٍ , مِنْ خُزَاعَةَ ، وَعُبَيْدَةَ , وَعَمْرًا ، وَصَخْرَةَ ، وَأُمُّهُمْ : سَلْمَى بِنْتُ عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ , مِنْ بَنِي الْوَحِيدِ ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ , وَأُمُّهُ : زَيْنَبُ بِنْتُ مَقِيسِ بْنِ ضَبَابَةَ بْنِ مُسَافِرٍ , مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ كَلْبٍ ، وَمَالِكًا وَأُمَّ الْأَسْوَدِ , وَأُمَّهُمَا : أُمُّ حُرَيْثٍ ، وَهِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ أُنَيْسِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ، وَعَاصِمًا وَالضَّحَّاكَ وَمُحَمَّدًا ، وَأُمُّهُمْ : مُعَاذَةُ بِنْتُ عَاصِمٍ مِنْ بَنِي نُعَيْمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ خِرَاشٍ ، وَكَبِيرًا , وَنَافِعًا , وَكُلْثُومَ , وَزَائِدَةَ , وَعَبَّاسًا , وَسُلَيْمَانَ , وَكَثِيرَةَ , وَأُمَّ عَمْرٍو , وَأُمَّ سَعِيدٍ , وَرَيْطَةَ , وَحَكِيمَةَ , وَأُمَّ مُسْلِمٍ , لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ . قَالَ : وَكَانَ رَبَاحُ شَرِيكًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي التِّجَارَةِ ، وَأَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَلَمْ نَسْمَعْ بِشَهَادَةٍ
نَهْشَلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ قَارِبِ بْنِ فِهْرٍ ، وَأُمُّهُ : رَيْطَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَعْرَجِ بْنِ جَلِيلَةَ , مِنْ هُذَيْلٍ ، فَوَلَدَ نَهْشَلُ بْنُ عَمْرٍو : عَبْدَ الرَّحْمَنِ , وَعَبْدَ اللَّهِ , وَنَضْلَةَ , وَقَطَنًا , وَصَالِحًا , قُتِلُوا يَوْمَ الْحَرَّةِ ، وَأُمُّهُمْ : بِنْتُ كَثِيرِ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ قُرْطٍ , مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَأَبَا بَكْرٍ , وَضِرَارًا , وَمُحَمَّدًا , وَنَهْشَلًا , وَحُمَيْدَةَ ، وَأُمُّهُمْ : أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ مُسَافِعِ بْنِ أَنَسِ بْنِ عَبْدَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ ضِبَابِ بْنِ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ
وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَكَانَ أَسْوَدُ مِنْ سُودَانِ مَكَّةَ عَبْدًا لِابْنَةِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَيُقَالُ : بَلْ كَانَ عَبْدًا لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بَدْرًا ، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى أُحُدٍ , فَقَالَتْ لَهُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَامِرٍ : إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ ؛ فَأَنْتَ حُرٌّ ، إِنْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا أَوْ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ , فَإِنِّي لَا أَرَى فِي الْقَوْمِ كُفْؤًا لِأَبِي غَيْرَهُمْ ، فَقَالَ وَحْشِيُّ : أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ أَصْحَابَهُ لَنْ يُسْلِمُوهُ ، وَأَمَّا حَمْزَةُ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ نَائِمًا مَا أَيْقَظْتُهُ مِنْ هَيْبَتِهِ ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَدْ كُنْتُ أَلْتَمِسُهُ . قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا فِي النَّاسِ أَلْتَمِسُ عَلِيًّا ، إِلَى أَنْ طَلَعَ عَلَيَّ , فَطَلَعَ رَجُلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ كَثِيرُ الِالْتِفَاتِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَا هَذَا صَاحِبِي الَّذِي أَلْتَمِسُ ، إِذْ رَأَيْتُ حَمْزَةَ يَفْرِي النَّاسَ فَرْيًا ، فَكَمَنْتُ لَهُ صَخْرَةً وَهُوَ مُكَبِّسٌ لَهُ كَتِيتٌ ، فَاعْتَرَضَ لَهُ سِبَاعُ بْنُ أَنْمَارٍ , وَكَانَتْ أُمُّهُ خَتَّانَةٌ بِمَكَّةَ , مَوْلَاةُ شَرِيقِ بْنِ عِلَاجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ ، وَكَانَ سِبَاعٌ يُكْنَى أَبَا نِيَارٍ ، فَقَالَ : وَأَنْتَ أَيْضًا يَا ابْنَ مُقَطَّعَةَ الْبُظُورِ مِمَّنْ يُكْثِرُ عَلَيْنَا ، هَلُمَّ إِلَيَّ ، فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى إِذَا بَرَقَتْ قَدَمَاهُ , رَمَى بِهِ ، فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَشَحَطَهُ شَحْطَ الشَّاةِ . ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيَّ مُكَبِّسًا حِينَ رَآنِي فَلَمَّا بَلَغَ الْمَسِيلَ وَطِئَ عَلَى جُرُفٍ فَزَلَّتْ قَدَمُهُ ، فَهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتَّى رَضِيتُ مِنْهَا ، فَأَضْرِبَ بِهَا فِي خَاصِرَتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ مَثَانَتِهِ ، وَكَرَّ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَأَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ : أَبَا عُمَارَةَ ، فَلَا يُجِيبُ ، فَقُلْتُ : قَدْ وَاللَّهِ مَاتَ الرَّجُلُ ، وَذَكَرْتُ وَجْدَ هِنْدَ عَلَى أَبِيهَا وَعَمِّهَا وَأَخِيهَا ، وَتَكَشَّفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ حِينَ أَيْقَنُوا بِمَوْتِهِ , وَلَا يَرَوْنِي , فَأَكِرُّ عَلَيْهِ , فَشَقَقْتُ بَطْنَهُ , فَأَخْرَجْتُ كَبِدَهُ , فَجِئْتُ بِهَا إِلَى هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ ، فَقُلْتُ : مَاذَا لِي إِنْ قَتَلْتُ قَاتِلَ أَبِيكِ ؟ قَالَتْ : سَلَبِي ، فَقُلْتُ : هَذِهِ كَبِدُ حَمْزَةَ ، فَأَخَذَتْهَا فَمَضَغَتْهَا ثُمَّ لَفِظَتْهَا ، فَلَا أَدْرِي لَمْ تُسِغْهَا أَوْ قَذَرَتْهَا ، فَنَزَعَتْ ثِيَابَهَا وُحُلِيَّهَا فَأَعْطَتْنِيهِ ، ثُمَّ قَالَتْ : إِذَا جِئْتَ مَكَّةَ فَلَكَ عَشْرَةُ دَنَانِيرٍ . ثُمَّ قَالَتْ : أَرِنِي مَصْرَعَهُ ، فَأَرَيْتُهَا مَصْرَعَهُ ، فَقَطَعَتْ مَذَاكِيرَهُ ، وَجَدَعَتْ أَنْفَهُ ، وَقَطَعَتْ أُذُنَيْهِ ، ثُمَّ جَعَلَتْ مِنْهُ مَسْكَتَيْنِ ، وَمَعْضَدَتَيْنِ ، وَخَدْمَتَيْنِ ، حَتَّى قَدِمَتْ بِذَلِكَ مَكَّةَ وَقَدِمَتْ بِكَبِدِهِ مَعَهَا . وَشَهِدَ وَحْشِيٌّ أَيْضًا الْخَنْدَقَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَتَلَ الطُّفَيْلَ بْنَ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّ , ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَلَمَةَ ، فَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ : أَكْرَمَ اللَّهُ بِحَرْبَتِي حَمْزَةَ وَطُفَيْلًا وَلَمْ يُهِنِّي بِأَيْدِيهِمَا . يَعْنِي يَقْتُلَانِي مُشْرِكًا