حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ , حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ , عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ : كَانَ لِسُلَيْمَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ تَطْحَنُ كُلَّ لَيْلَةٍ , لَا أَعْلَمُهُ ثَلَاثَةَ أَقْفِزَةٍ , فَخَالَهَا شَيْطَانٌ فَانْطَلَقَ إِلَى الْبَحْرِ فَشَقَّهُ وَاتَّخَذَ رَحَى مَاءٍ , فَكَانَ يَذْهَبُ بِبُرِّهَا كُلَّ لَيْلَةٍ فَيَطْحَنُهُ فِي سَاعَةٍ وَيَأْتِيهَا بِهِ , فَأَنْكَرَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَسَأَلَهَا فَدَلَّتْ عَلَيْهِ فَعَمِلَ لَهُ رَحَى الْمَاءِ , فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَهَا
أَنْشَدَنِي دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ : وَإِنِّي لَأَهْوَاهَا وَإِنْ طَالَ هَجْرُهَا وَأَمْنَحُهَا وُدِّي وَإِنْ صَرَمَتْ حَبْلِي إِذَا كُنْتُ أَجْزِيهَا بِسُوءِ صَنِيعِهَا إِلَيَّ فَقَدْ صَارَتْ إِذًا فِي الْهَوَى مِثْلِي
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ , كَانَ إِذَ ضَرَبَ الْبَعْثَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ جُنْدِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَدْ أَخَلَّ بِمَرْكَزِهِ أَقَامَهُ عَلَى كُرْسِيٍّ ثُمَّ سَمَّرَ يَدَيْهِ فِي الْحَائِطِ ثُمَّ انْتَزَعَ الْكُرْسِيَّ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ , فَلَا يَزَالُ يَنْشَحِطُ حَتَّى يَمُوتَ , وَإِنَّهُ ضَرَبَ الْبَعْثَ عَلَى رَجُلٍ حَدِيثِ عَهْدٍ بِعُرْسِ ابْنَةِ عَمِّهِ , فَلَمَّا صَارَ فِي مَرْكَزِهِ كَتَبَ إِلَى ابْنَةِ عَمِّهِ كِتَابًا ثُمَّ كَتَبَ فِي أَسْفَلِهِ : لَوْلَا مَخَافَةُ بِشْرٍ أَوْ عُقُوبَتِهِ وَأَنْ يَرَى حَاسِدِي كَفِّي بِمِسْمَارِ إِذًا لَعَطَّلْتُ ثَغْرِي ثُمَّ زُرْتُكُمُ إِنَّ الْمُحِبَّ إِذَا مَا اشْتَاقَ زَوَّارُ قَالَ : فَوَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى ابْنَةِ عَمِّهِ فَأَجَابَتْهُ عَنْ كِتَابِهِ فِي أَسْفَلِهِ : لَيْسَ الْمُحِبُّ الَّذِي يَخْشَى الْعِقَابَ وَلَوْ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ مِنْ فَجْوَةِ النَّارِ بَلِ الْمُحِبُّ الَّذِي لَا شَيْءَ يُفْزِعُهُ أَوْ يَسْتَقِرُّ وَمَنْ يَهْوَاهُ فِي الدَّارِ فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهَا قَالَ : لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ هَذَا , وَأَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ , فَأَتَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ فِي وَقْتِ غَدَائِهِ , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَدَائِهِ أُدْخِلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : مَا الَّذِي دَعَاكَ إِلَى تَعْطِيلِ ثَغْرِكَ ؟ أَمَا سَمِعْتَ نَدَاءَنَا وَإِيعَاذَنَا ؟ فَقَالَ لَهُ : اسْمَعْ عُذْرِي , فَإِمَّا عَفَوْتَ وَإِمَّا عَاقَبْتَ قَالَ : وَيْلَكَ , وَهَلْ لِمِثْلِكَ مِنْ عُذْرٍ ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ وَقَصَةَ ابْنَةِ عَمِّهِ , فَقَالَ : أَوْلَى لَكَ , ثُمَّ قَالَ : يَا غُلَامُ , حُطَّ اسْمَهُ مِنَ الْبَعْثِ , وَأَعْطِهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ , الْحَقْ بِابْنَةِ عَمِّكِ
أَنْشَدَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ : عَفَا اللَّهُ عَنْ سَلْمَى وَإِنْ سَفَكَتْ دَمِي فَإِنَّى وَإِنْ لَمْ تُجْزِنِي غَيْرُ عَاتِبِ يَقُولُونَ تُبْ مِنْ حُبِّ سَلْمَى وَذِكْرِهَا وَمَا أَنَا مِنْ حُبِّ سَلْمَى بِتَائِبِ
أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ زِيَادٍ : سَهِرْتُ وَمَنْ أَهْدَى لِيَ الشَّوْقَ نَائِمُ وَعَذَّبَ قَلْبِي بِالْهَوَى وَهْوَ سَالِمُ أَيَا بِأَبِي حَتَّى مَتَى أَنَا قَائِلٌ لِمَنْ لَامَنِي فِي حُبِّكُمْ أَنْتَ ظَالِمُ وَحَتَّى مَتَى أُخْفِي الْهَوَى وَأُسِرُّهُ وَأَدْفِنُ شَوْقِي فِي الْحَشَى وَأُكَاتِمُ أُرِيدُ بِهِ مَا سَرَّكُمْ لِمَسَاءَتِي لِيَغْفُلَ وَاشٍ أَوْ لِيُعْذِرَ لَائِمُ
أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولَابِيُّ : بِي لَا بِهَا مَا أُقَاسِي مِنْ تَجَنِّيهَا وَمِنْ جَوَى الْحُبِّ أَفْدِيهَا وَأَحْمِيهَا وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَا أُسَرُّ بِأَنْ تَلْقَى مِنَ الْوَجْدِ مَا لَاقِيتُهُ فِيهَا خَوْفِي الْبُكَاءَ كَمَا أَبْكِي فَتَتْرُكُنِي أَبْكِي عَلَى كَبِدِي مِنْهَا وَأُبْكِيهَا
أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ الضَّبِّيُّ : إِنَّا وَإِنْ كُنَّا نُرَاكِ بَخِيلَةً كَثِيرًا عَلَى عَلَّاتِهَا يَسْتَزِيدُهَا فَإِنَّكِ كَالدُّنْيَا نَذُمُّ صُرُوفَهَا وَنُوسِعُهَا شَتْمًا وَنَحْنُ عَبِيدُهَا
حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : بَيْنَا كُثَيِّرٌ يُنْشِدُ النَّاسَ وَقَدْ حَشَدُوا لَهُ , إِذْ مَرَّتْ بِهِ عَزَّةُ وَمَعَهَا زَوْجُهَا , فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا : وَاللَّهِ لَتَسُبِّنَّهُ أَوْ لَأَسُوءَنَّكِ , فَقَرُبَتْ مِنْهُ وَجَعَلَتْ تَسُبُّهُ , فَأَنْشَأَ يَقُولُ : يُكَلِّفُهَا الْخِنْزِيرُ سَبِّيَ وَمَا بِهَا هَوَانِي وَلَكِنْ لِلْمَلِيكِ اسْتَذَلَّتِ هَنِيّا مَرِيّا غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ فَمَا أَنَا بِالدَّاعِي لِعَزَّةَ بِالْجَوَى وَلَا شَامِتٌ إِنْ نَعْلُ عَزَّةَ زَلَّتِ أَصَابَ الرَّدَى مَنْ كَانَ يَهْوَى لَكِ الرَّدَى وَجُنَّ اللَّوَاتَى قُلْنَ : عَزَّةُ جَلَّتِ
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ , وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ لِيَ امْرَأَةً , وَإِنِّي أُحِبُّهَا , وَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ ، قَالَ : طَلِّقْهَا . قَالَ : إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ : فَأَمْسِكْهَا إِذًا حَدَّثَنَا الزِّيَادِيُّ , حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ : زَعَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ الْكِنَايَةَ عَنِ الْجِمَاعِ , أَيْ لَا تَمْنَعُ أَحَدًا أَرَادَهَا لِرِيبَةٍ , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : {{ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ }} فَقَالُوا : أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ الْجِمَاعَ لَمْسًا , إِنَّمَا قَالَ : لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ }} فَلَا يَجُوزُ لِقَائِلٍ يَقُولُ أَنَّ لِهَذَا مَعْنًى غَيْرَ الْيَدِ الْمَعْرُوفِ , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ الرَّجُلَ وَصَفَ امْرَأَتَهُ بِالْخُرْقِ وَضَعْفِ الرَّأْيِ , وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا سَأَلَهَا مِنْ مَتَاعِ بَيْتِهِ شَيْئًا , وَهَذَا لَفْظٌ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْكِنَايَةِ , إِنَّمَا تُمْنَعُ الْيَدُ نَفْسُهَا , فَكَانَ الْجَوَابُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ كُنْتَ تُحِبُّهَا وَلَا تُطِيقُ الصَّبْرَ عَنْهَا , فَاحْتَمِلْ هَذَا الْفِعْلَ مِنْهَا . وَكَيْفَ يُتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِ امْرَأَةٍ لَا تَمْنَعُ أَحَدًا أَرَادَهَا لِرِيبَةٍ , فَتُلْحِقَ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ , يَرِثُ مَالَهُ وَيَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ نِسَائِهِ , وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَمِّ الزِّنَا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَرُويَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا : إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَظَنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى , وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى بَلْ لَمْ نَرَ أَحَدًا أَحَبَّ امْرَأَةً فَاحْتَمَلَ أَنْ يَرَى مَعَهَا رَجُلًا غَيْرَهُ , أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهَا تَخُونُهُ إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُ , فَكَيْفَ يَجُوزُ لِقَائِلٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا التَّأَوِيلَ وَيَظُنَّ بِهِ , هَذَا مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى عَقْلٍ , وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْغَيْرَةِ مِمَّا أَنَا ذَاكِرُهُ بَعْدُ مِنْ ضَرْبِهِمْ لِنِسَائِهِمْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ , وَكَيْفَ يَصْبِرُ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَمْنَعُ عَلَى غَيْرِهِ ؟