عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ لِيَ امْرَأَةً , وَإِنِّي أُحِبُّهَا , وَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ ، قَالَ : " طَلِّقْهَا " . قَالَ : إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ : " فَأَمْسِكْهَا إِذًا "
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ , وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ لِيَ امْرَأَةً , وَإِنِّي أُحِبُّهَا , وَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ ، قَالَ : طَلِّقْهَا . قَالَ : إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ : فَأَمْسِكْهَا إِذًا حَدَّثَنَا الزِّيَادِيُّ , حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ : زَعَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ الْكِنَايَةَ عَنِ الْجِمَاعِ , أَيْ لَا تَمْنَعُ أَحَدًا أَرَادَهَا لِرِيبَةٍ , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : {{ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ }} فَقَالُوا : أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ الْجِمَاعَ لَمْسًا , إِنَّمَا قَالَ : لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ }} فَلَا يَجُوزُ لِقَائِلٍ يَقُولُ أَنَّ لِهَذَا مَعْنًى غَيْرَ الْيَدِ الْمَعْرُوفِ , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ الرَّجُلَ وَصَفَ امْرَأَتَهُ بِالْخُرْقِ وَضَعْفِ الرَّأْيِ , وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا سَأَلَهَا مِنْ مَتَاعِ بَيْتِهِ شَيْئًا , وَهَذَا لَفْظٌ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْكِنَايَةِ , إِنَّمَا تُمْنَعُ الْيَدُ نَفْسُهَا , فَكَانَ الْجَوَابُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ كُنْتَ تُحِبُّهَا وَلَا تُطِيقُ الصَّبْرَ عَنْهَا , فَاحْتَمِلْ هَذَا الْفِعْلَ مِنْهَا . وَكَيْفَ يُتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِ امْرَأَةٍ لَا تَمْنَعُ أَحَدًا أَرَادَهَا لِرِيبَةٍ , فَتُلْحِقَ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ , يَرِثُ مَالَهُ وَيَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ نِسَائِهِ , وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَمِّ الزِّنَا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَرُويَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا : إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَظَنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى , وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى بَلْ لَمْ نَرَ أَحَدًا أَحَبَّ امْرَأَةً فَاحْتَمَلَ أَنْ يَرَى مَعَهَا رَجُلًا غَيْرَهُ , أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهَا تَخُونُهُ إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُ , فَكَيْفَ يَجُوزُ لِقَائِلٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا التَّأَوِيلَ وَيَظُنَّ بِهِ , هَذَا مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى عَقْلٍ , وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْغَيْرَةِ مِمَّا أَنَا ذَاكِرُهُ بَعْدُ مِنْ ضَرْبِهِمْ لِنِسَائِهِمْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ , وَكَيْفَ يَصْبِرُ عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَمْنَعُ عَلَى غَيْرِهِ ؟