حديث رقم: 505

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : مَاتَ عَاشِقٌ بِالْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ زَيْدَانُ , فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : إِنِّي رَحِمْتُهُ

حديث رقم: 506

أَنْشَدَنِي مُحْرِزُ بْنُ الْفَضْلِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ : مَرَرْتُ بِقَبْرٍ زَاهِرٍ وَسْطَ رَوْضَةٍ عَلَيْهِ مِنَ الْأَنْوَارِ مِثْلُ النَّمَارِقِ فَقُلْتُ : لِمَنْ هَذَا ؟ فَكَلِّمْنِي الثَّرَى تَرَحَّمْ عَلَيْهِ إِنَّهُ قَبْرُ عَاشِقِ

حديث رقم: 507

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ أَبُو حَفْصٍ النَّسَائِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ يَقُولُ : إِنَّمَا الْغَضَبُ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي لِجُرْأَتِهِمْ عَلَيْهَا , فَإِذَا تَذَكَّرْتُ مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ دَخَلَتِ الْقُلُوبَ الرَّحْمَةُ لَهُمْ

حديث رقم: 508

حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : لَوْ كَانَ إِلَيَّ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا عَذَّبْتُ الْعُشَّاقَ , لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ ذُنُوبُ اضْطِرَارٍ لَا ذُنُوبُ اخْتِيَارٍ

حديث رقم: 509

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْنَّهْدِيُّ قَالَ : مَرَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خِلَافَتِهِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا جَارِيَةٌ تَطْحَنُ بِرِجْلِهَا وَهِيَ تَقُولُ : وَهَوِيتُهُ مِنْ قَبْلِ قَطْعِ تَمَائِمِي فَتَمَاشَيْنَا مِثْلَ الْقَضِيبِ النَّاعِمِ وَكَأَنَّ نُورَ الْبَدْرِ سِنَةُ وَجْهِهِ يَنْمِي وَيَصْعَدُ فِي ذُؤَابَةِ هَاشِمِ فَدَقَّ عَلَيْهَا الْبَابَ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَيْلَكِ , أَحُرَّةٌ أَمْ مَمْلُوكَةٌ ؟ قَالَتْ : مَمْلُوكَةٌ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ : فَمَنْ هَوِيتِ ؟ قَالَ : فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ , بِحَقِّ الْقَبْرِ إِلَّا انْصَرَفْتَ عَنِّي قَالَ : وَحَقِّهِ لَا أُدِيمُ أَوْ تُعْلِمِينِي قَالَتْ : وَأَنَا الَّتِي لَعِبَ الْغَرَامُ بِقَلْبِهَا فَبَكَتْ لِحُبِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَهَا : وَيْلَكِ , إِيَّايَ أَرَدْتِ قَالَتْ : وَمَتَى صِرْتَ هَاشِمِيًّا قَالَ : صَدَقْتِ وَاللَّهِ . فَصَارَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَبَعَثَ إِلَى مَوْلَاهَا فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبَى طَالِبٍ , وَقَالَ مَوْلَايَ : وَاللَّهِ فُتِنَ الرِّجَالُ , وَكَمْ وَاللَّهِ قَدْ مَاتَ بِهِنَّ مِنْ كَرِيمٍ , وَعَطَبَ عَلَيْهِنَّ مِنْ سَلِيمٍ

حديث رقم: 510

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ : دَخَلَتْ عَزَّةُ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ أُخْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَتْ لَهَا : يَا عَزَّةُ , مَا قَوْلُ كُثَيِّرٍ : قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ عَلِمْتُ غَرِيمَهُ وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَرِيمُهَا مَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ ؟ قَالَتْ : كُنْتُ وَعَدْتُهُ قُبْلَةً , ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا ، فَقَالَتْ : أَنْجِزِيهَا لَهُ وَعَلَيَّ إِثْمُهَا

حديث رقم: 511

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي مُخَنَّثٍ قَالَ : رُفِعَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِالْكُوفَةِ غُلَامٌ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ أُخِذَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ : مَا قِصَّتُكَ ؟ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , لَسْتُ بِلِصٍّ وَلَا سَارِقٍ وَلَكِنْ أَصْدُقُكَ قَالَ : هَاتِ , فَأَنْشَأَ يَقُولُ : تَعَلَّقْتُ فِي دَارِ الرِّيَاحِيِّ خَوْدَةً يَذِلُّ لَهَا مِنْ حُسْنِهَا الْقَمَرُ الْبَدْرُ لَهَا مِنْ بَيَاتِ الرُّومِ حُسْنٌ وَمَنْصِبُ إِذَا افْتَخَرُوا بِالْحُسْنِ جَانَبَهَا الْفَخْرُ فَلَمَّا طَرَقْتُ الدَّارَ مِنْ حَرِّ مُهْجَةٍ أَبِيتُ وَفِيهَا مِنْ تَوَّقُدِهَا جَمْرُ تَنَادَرَ أَهْلُ الدَّارِ بِي ثُمَّ صَيَّحُوا هُوَ اللِّصُّ مَحْتُومًا لَهُ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ عَلِيٌّ شِعْرَهُ رَقَّ لَهُ وَقَالَ لِلرِّيَاحِيِّ , وَهُوَ الْمُلَهَّبُ بْنُ رِيَاحٍ الْيَرْبُوعِيُّ : اسْمَحْ لَهُ بِهَا وَنُعَوِّضُكَ مِنْهَا قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , سَلْهُ مَنْ هُوَ ؟ قَالَ الْغُلَامُ : النَّهَّاسُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْعِجْلِيُّ قَالَ الرِّيَاحِيُّ : خُذْ بِيَدِهَا , هِيَ لَكَ

حديث رقم: 512

حَدَّثَنَا أَخِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ آدَمَ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي مِصْرَ وَجَارِيَةٌ تُغْنِي : تَرَى فِي الْحُكُومَةِ يَا سَيِّدِي عَلَى مَنْ تَعَشَّقَ أَنْ يُقْتَلَا وَكَانَ فِي يَدِهِ قَلَمٌ فَرَمَى بِهِ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا : لَا لَا

حديث رقم: 513

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ : أَنَّ غُلَامًا وَجَارِيَةً كَانَا فِي كُتَّابٍ فَهَوِيَهَا الْغُلَامُ فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُ بِمُعَلِّمِهِ حَتَّى صَيَّرَهُ قَرِينًا لَهَا , فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ عِنْدَ غَفْلَةٍ مِنَ الْغِلْمَانِ وَقَّعَ فِي لَوْحِ الْجَارِيَةِ : مَاذَا تَقُولِينَ فِيمَنْ شَفَّهُ أَرَقٌ مِنْ جُهْدِ حُبِّكِ صَارَ حَيْرَانَا فَلَمَّا نَظَرْتِ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهَا بِالدُّمُوعِ رَحْمَةً لَهُ , وَوَقَّعَتْ فِي أَسْفَلِهِ : إِذَا رَأَيْنَا مُحِبًّا قَدْ أَضَرَّ بِهِ طُولُ الصَّبَابَةِ أَوْلَيْنَاهُ إِحْسَانَا

حديث رقم: 514

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى , عَنْ رَجُلٍ , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنِي صَيْفِيُّ بْنُ أَبِي صَيْفِيٍّ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَتْ عَاتِكَةُ ابْنَةُ زَيْدٍ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَتْ قَدْ غَلَبَتْهُ عَلَى رَأْيِهِ , وَشَغَلَتْهُ عَنْ سُوقِهِ , فَأَمَرَهُ أَبُو بَكْرٍ بِطَلَاقِهَا وَاحِدَةً فَفَعَلَ , فَوَجَدَ عَلَيْهَا فَفَعَلَ لِأَبِيهِ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ , فَلَمَّا بَصُرَ بِأَبِي بَكْرٍ أَنْشَأَ يَقُولُ : فَلَمْ أَرَ مِثْلِي طَلَّقَ الْيَوْمَ مِثْلَهَا وَلَا مِثْلَهَا فِي غَيْرِ جُرْمٍ تُطَلَّقُ قَالَ : فَرَّقَ لَهُ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا

حديث رقم: 515

حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ النَّحْوِيُّ قَالَ : ذَكَرُوا أَنَّ الْمَهْدِيَّ , خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ حَتَّى إِذَا كَانَ بِزُبَالَةَ جَلَسَ يَتَغَدَّى حَتَّى أَتَى بَدَوِيٌّ فَوَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ , إِنِّي عَاشِقٌ , فَرَفَعَ صَوْتَهُ , فَقَالَ لِلْحَاجِبِ : وَيْحَكَ , مَا هَذَا ؟ قَالَ : إِنْسَانٌ بِالْبَابِ يَصِيحُ : إِنِّي عَاشِقٌ قَالَ : أَدْخِلُوهُ , فَأَدْخَلُوهُ عَلَيْهِ فَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَعَدَ يَأْكُلُ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ : مَنْ عَشِيقَتُكَ ؟ قَالَ : ابْنَةُ عَمِّي قَالَ : أَوَ لَهَا أَبٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَمَا لَهُ لَا يُزَوِّجَكَهَا ؟ قَالَ : هَاهُنَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : فَأَخْبَرَنِي مَا هُوَ ؟ قَالَ : ادْنُ مِنِّي أُذُنَكَ قَالَ : فَأَدْنَى مِنْهُ أُذُنَهُ فَقَالَ : إِنِّي هَجِينٌ , فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : فَمَا يَكُونُ قَالَ : إِنَّهُ عِنْدَنَا عَيْبٌ . فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِ أَبِيهَا فَأُتِيَ بِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَبَّلَ يَدَهُ وَقَعَدَ يَأْكُلُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ لَهُ : هَذَا ابْنُ أَخِيكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَلِمَ لَا تَزَوِّجُهُ كَرِيمَتَكَ ؟ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَةِ ابْنِ أَخِيهِ , وَكَانَ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ عِنْدَهُ عَلَى الْمَائِدَةِ جَمَاعَةٌ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ بَنُو الْعَبَّاسِ , وَهُمْ هَجَنٌ , مَا الَّذِي يَضُرُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : هُوَ عِنْدَنَا عَيْبٌ , فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ طَعَامِهِمْ وَغَسَلُوا أَيْدِيَهُمْ قَالَ الْمَهْدِيُّ : زَوِّجْهُ إِيَّاهَا عَلَى عِشْرِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ , عَشَرَةِ آلَافِ دَرْهَمٍ لِلْعَيْبِ , وَعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مَهْرُهَا . قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا , فَأُتِيَ بِبَدْرَتَيْنِ فَدُفِعَتَا إِلَى الشَّيْخِ فَأَنْشَأَ الشَّابُّ يَقُولُ : ابْتَعْتُ طَيِّبَةَ بِالْغَلَاءِ وَإِنَّمَا يُعْطِي الْغَلَاءَ بِمِثْلِهَا أَمْثَالِي وَتَرَكْتُ أَسْوَاقَ الْقِبَاحِ لِأَهْلِهَا إِنَّ الْقِبَاحَ وَإِنْ رَخُصْنَ غَوَالِي

حديث رقم: 516

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ , عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ , كَانَ قَدْ تَرَكَ الشِّعْرَ وَرَغِبَ عَنْهُ , وَنَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ لِكُلِّ بَيْتٍ يَقُولُهُ هَدْي بَدَنَةٍ , فَمَكَثَ بِذَلِكَ حِينًا ثُمَّ خَرَجَ لَيْلَةً يُرِيدُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ , إِذْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ ذَاتِ جَمَالٍ تَطُوفُ , وَإِذَا رَجُلٌ يَتْلُوهَا , كُلَّمَا رَفَعَتْ رِجْلَهَا وَضَعَ رِجْلَهُ مَوْضِعَ رِجْلِهَا , فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمَا , فَلَمَّا فَرَغْتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَوَافِهَا تَبِعَهَا الرَّجُلُ هُنَيْهَةً , ثُمَّ رَجَعَ وَفِي قَلْبِ عُمَرَ مَا فِيهِ , فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ وَثَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ : لَتُخْبِرَنِّي عَنْ أَمْرِكَ قَالَ : نَعَمْ , هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ ابْنَةُ عَمِّي , وَأَنَا لَهَا عَاشِقٌ , وَلَيْسَ لِي مَالٌ فَخَطَبْتُهَا إِلَى عَمِّي فَرَغِبَ عَنِّي وَسَأَلَنِي عَنِ الْمَهْرِ مَا لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ , وَالَّذِي رَأَيْتَ هُوَ حَظِّي مِنْهَا وَمَا لِي مِنَ الدُّنْيَا أُمْنِيَةٌ غَيْرُهَا , وَإِنَّمَا أَلْقَاهَا عِنْدَ الطَّوَافِ , وَحَظِّي مَا رَأَيْتَ مِنَ فِعْلِي . قَالَ لَهُ عُمَرُ : وَمَنْ عَمُّكَ ؟ قَالَ : فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ قَالَ : انْطَلَقَ مَعِي إِلَيْهِ , فَانْطَلَقْنَا فَاسْتَخْرَجَهُ عُمَرُ فَخَرَجَ مُبَادِرًا فَقَالَ : مَا حَاجَتُكَ يَا أَبَا الْخَطَّابِ ؟ قَالَ : تُزَوِّجُ ابْنَتَكَ فُلَانَةَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فُلَانٍ , وَهَذَا الْمَهْرُ الَّذِي تَسْأَلُهُ مُسَاقٌ إِلَيْكَ مِنْ مَالِي . قَالَ : فَإِنِّي قَدْ فَعَلْتُ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أُحِبُّ لَا أَبْرَحُ حَتَّى يَجْتَمِعَا . قَالَ : وَذَلِكَ أَيْضًا . قَالَ : فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى جَمَعَهُمَا وَأَتَى مَنْزِلَهُ فَاسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ فَجَعَلَ النَّوْمُ لَا يَأْخُذُهُ , وَجَعَلَ جَوْفُهُ يَجِيشُ بِالشِّعْرِ , فَأَنْكَرَتْ جَارِيَتُهُ ذَلِكَ فَجَعَلَتْ تَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ وَتَقُولُ : وَيْحَكَ , مَا الَّذِي دَهَاكَ , فَلَمَّا أَكْثَرَتْ عَلَيْهِ جَلَسَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ : تَقُولُ وَلِيدَتِي لَمَّا رَأَتْنِي طَرِبْتُ وَكُنْتُ قَدْ أَقَصَرْتُ حِينَا أُرَاكَ الْيَوْمَ قَدْ أَحْدَثْتَ شَوْقًا وَهَاجَ لَكَ الْهَوَى دَاءً دَفِينَا بِرَبِّكَ هَلْ أَتَاكَ لَهَا رَسُولٌ فَشَاقَكَ أَمْ رَأَيْتَ لَهَا خَدِينَا فَقُلْتُ : شَكَا إِلَيَّ أَخٌ مُحِبٌّ لِبَعْضِ زَمَانِنَا إِذْ تَعْلَمِينَا تَعُدُّ عَلَيَّ مَا يَلْقَى بِهِنْدٍ فَوَافَقَ بَعْضَ مَا كُنَّا لَقِينَا وَذُو الْقَلْبِ الْمُصَابِ وَإِنْ تَغَنَّى يُهَيَّجُ حِينَ يَلْقَى الْعَاشِقِينَا وَكَمْ مِنْ خَلَّةٍ أَعْرَضْتُ عَنْهَا لِغَيْرِ قِلًى وَكُنْتُ بِهَا ضَنِينَا رَأَيْتُ صُدُودَهَا فَصَدَدْتُ عَنْهَا وَلَوْ جُنَّ الْفُؤَادُ بِهَا جَنِينَا

حديث رقم: 517

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بِنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ , حَدَّثَنِي صَدِيقٌ لِي كَانَ ضَيْفًا لِلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ قَالَ : كَانَ الْحُسَيْنُ يَهْوَى جَارِيَةً لِابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ الْمُبَرِّدُ : قَالَ لِيَ صَدِيقٌ لِي : لَا وَاللَّهِ مَا عَايَنْتُ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهَا قَطُّ , وَكَانَتْ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ لِسَانًا , وَمَعَ ذَلِكَ شَاعِرَةٌ نَاقِدَةٌ , وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ مَعَ الْحُسَيْنِ إِلَيْهَا إِلَى الْخَلْدِ , فَكَانَتْ تَرْقُبُ وَقْتَهُ فَتَنْتَظِرَهُ فِيهِ فَتُحَدِّثُهُ مَلِيًّا , فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا : هَلْ قُلْتَ فِينَا شَيْئًا ؟ فَأَنْشَدَهَا : رَمَتْكَ غَدَاةَ السَّبْتِ شَمْسٌ مِنَ الْخَلْدِ بِسَهْمِ الْهَوَى عَمْدًا وَمَرْتُكَ فِي الْعَمْدِ مُخَضَّبَةُ الْأَطْرَافِ رَوْدٌ شَبَابُهَا مُعَقْرَبَةُ الصَّدْغَيْنِ كَاذِبَةُ الْوَعْدِ مُزَرَّرَةُ السِّرْبَالِ مُكَوَّرَةُ الْحَشَا غُلَامِيَّةُ التَّقْطِيعِ شَاطِرَةُ الْقَدِّ أَقُولُ وَقَلْبِي بَيْنَ شَوْقٍ وَزَفْرَةٍ وَقَدْ شَخِصَتْ عَيْنِي وَدَمْعِي عَلَى خَدِّي أَجِيزِي عَلَى مَنْ قَدْ تَرَكْتِ فُؤَادَهُ بِلَحْظَتِهِ بَيْنَ التَّأَسُّفِ وَالْجَهْدِ فَقَالَتْ : عَذَابٌ بِالْهَوَى قَبْلَ مَنِيَّةٍ وَمَوْتٌ أَنَا أَقْرَحْتُ قَلْبَكَ مِنْ بُعْدِ سَأَشْكُوكِ فِي الْأَشْعَارِ غَيْرَ مُقَصِّرٍ إِلَى عَاصِمٍ ذِي الْمَكْرُمَاتِ وَذِي الْحَمْدِ لَعَلَّ فَتَى غَسَّانَ يَجْمَعُ بَيْنَنَا فَتَأْمَنُ نَفْسِي مِنْكُمُ لَوْعَةَ الصَّدِّ فَبَعَثَ بِهَذَا الشِّعْرِ إِلَى عَاصِمٍ الْغَسَّانِيِّ , فَرَامَ شِرَاءَهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَالَ : هَذِهِ عِوَضٌ مِنْهَا , فَأَنْفَقَهَا الْحُسَيْنُ عَلَيْهَا , ثُمَّ كَتَبَ بِشَعْرٍ آخَرَ إِلَى دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ , وَكَانَ الشَّعْرُ : أَمَتُّ بِالْهِجْرَانِ مَوْعِودِي وَجُرْتُ فِي غَايَةٍ مَجْهُودِ فَإِنْ تَأَنَّيْتُ بِإِتْيَانِكُمْ كُنْتُ فَتًى أَهْوَنَ مَفْقُودِ وَكُنْتُ إِنْ جِئْتُكُمْ زَائِرًا أَبِتْ بِرَغْمٍ غَيْرَ مَحْمُودِ فَكَيْفَ أَحْتَالُ لَكُمْ خُلَّتِي هَاتِ فَقَدْ ضَلَّتْ مَقَالِيدِي بَلَى سَأَشْكُوكِ وَأَشْكُو الْهَوَى إِلَى فَتَى قَحْطَانَ دَاوُدَ لَعَلَّهُ يَكْشِفُ إِنْ جِئْتُهُ أَشْكِيكُمُ كُرْبَةَ مَعْمُودِ فَأَمَرَ لَهُ بِجَارِيَةٍ وَقَالَ : لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْدَى عَلَيْهَا لَأَعْدَيْنَاكُ بِشَكْوَاكِ

حديث رقم: 518

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ : كَانَ أَبُو السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ أَحَدَ الْقُرَّاءِ فَرَأَوْهُ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْعَاشِقِينَ , وَوفِّقْ قُلُوبَهُمْ , وَاعْطِفْ قُلُوبَ الْمَعْشُوقِينَ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : يَا هَجْرُ كُفَّ عَنِ الْهَوَى وَدَعِ الْهَوَى لِلْعَاشِقِينَ يَطِيبُ يَا هَجْرُ مَاذَا تُرِيدُ مِنَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ قَدْحَى وَحَشْوُ ضَمِيرِهِمْ جَمْرُ مُتَلَذِذِينَ مِنَ الْهَوَى أَلْوَانُهُمْ مِمَّا تُجِنُّ قُلُوبُهُمْ صِفْرُ وَسَوَابِقُ الْعَبَرَاتِ فَوْقَ خُدُودِهِمْ دُرَرٌ تُفِيضُ كَأَنَّهَا الْعِطْرُ فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا السَّائِبِ , أَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ وَأَنْتَ فِي الْفَضْلِ أَنْتَ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ ؟ قَالَ : وَمَا قُلْتُ ؟ وَاللَّهِ لَلدُّعَاءُ لَهُمْ أَفْضَلُ لَهُمْ مِنْ عُمْرَةٍ فِي رَجَبٍ مِنَ الْجِعْرَانَةِ

حديث رقم: 519

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا السَّائِبِ الْمَخْزُومِيَّ , وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ , سَمِعَ فَتًى يَتَغَنَّى : قَلْبِي عَلَيْكِ حَبِيسٌ مَوْقُوفُ وَالْعَيْنُ عَبْرَى وَالدَّمْعُ مَذْرُوفُ إِنْ كُنْتِ بِالْحُسْنِ قَدْ وُصِفْتِ لَنَا فَإِنَّنِي بِالْهَوَى لَمَوْصُوفُ يَا حَسْرَتَا حَسْرَةً أَمُوتُ بِهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لِي لَدَيْكِ مَعْرُوفُ فَقَالَ : فَصَاحَ أَبُو السَّائِبِ صَيْحَةً وَقَالَ : لَا أَعْرِفُ اللَّهَ إِنْ لَمْ أَعْرِفْ لَكَ حَقَّكَ , وَخَلَعَ عَلَيْهِ رِدَاءَهُ

حديث رقم: 520

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ , عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ قَالَ : عَرَضَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ سِجْنَهُ , فَكَانَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ فُلَانٍ الْبَجَلِيِّ , فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : فِي أَيِّ شَيْءٍ حُبِسْتَ يَا يَزِيدُ ؟ قَالَ : فِي تُهْمَةٍ , أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ قَالَ : تَعُودُ إِنْ أَطْلَقْتُكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ , وَكَرِهَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالْقَصَّةِ أَوْ يَوْمِئَ إِلَيْهَا فَيَفْضَحَ مَعْشُوقَتَهُ لِكَيْ لَا يَنَالَهَا أَهْلُهَا بِبَعْضِ الْمَكْرُوهِ , فَقَالَ خَالِدٌ لِأَوْلِيَاءِ الْجَارِيَةِ : أَحْضِرُوا رِجَالَ الْحَيِّ حَتَّى نَقْطَعَ كَفَّهُ بِحَضْرَتِهِمْ , وَكَانَ ابْنُ رَزَاحٍ فَكَتَبَ شِعْرًا وَوَجَّهَهُ إِلَى خَالِدٍ يَقُولُ : أَخَالِدُ قَدْ وَاللَّهِ أُعْطِيتَ عَشْوَةٌ وَمَا الْعَاشِقُ الْمِسْكِينُ فِينَا بِسَارِقِ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَأْتِهِ الْمَرْءُ أَنَّهُ رَأَى الْقَطْعَ خَيْرًا مِنْ فَضِيحَةِ عَاتِقِ وَلَوْلَا الَّذِي قَدْ خِفْتُ مِنْ قَطْعِ كَفِّهِ لَأَلْقَيْتُ فِي أَمْرِ الْهَوَى غَيْرَ نَاطِقِ إِذَا بَدَتِ الرَّايَاتُ فِي السَّبْقِ لِلْعُلَى فَأَنْتَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلُ سَابِقِ فَلَمَّا قَرَأَ خَالِدٌ الْأَبْيَاتِ عَلِمَ صِدْقَ قَوْلِهِ , فَأَحْضَرَ أَوْلِيَاءَ الْجَارِيَةِ فَقَالَ : زَوِّجُوا يَزِيدَ فَتَاتَكُمْ , فَقَالُوا : أَمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ فَلَا , فَقَالَ : لَئِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهُ طَائِعِينَ لَتُزَوِّجُنَّهُ كَارِهِينَ , فَزَوِّجُوهُ , وَنَقَلَ خَالِدٌ الْمَهْرَ مِنْ عِنْدِهِ

حديث رقم: 521

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ يُدْعَى لَيْثَ بْنَ زِيَادٍ قَدْ رَبَّى جَارِيَةً وَأَدَّبَهَا فَخَرَجَتْ بَارِعَةً فِي كُلِّ فَنٍّ مَعَ كَمَالِ الْجَمَالِ , فَلَمْ يَزَلْ مَعَهَا مُدَّةً حَتَّى تَبَيَّنَتْ مِنْهُ الِاخْتِلَالَ , فَقَالَتْ : يَا مَوْلَايَ , لَوْ بِعْتَنِي كَانَ أَصْلَحَ لَكَ مِمَّا أَرَاكَ بِهِ , وَإِنْ كُنْتُ لَا أَظُنُّ أَنَّى أَصْبِرُ عَنْكَ , فَقَصَدَ رَجُلًا مِنَ النُّهَيْكِيِّينَ يَعْرِفُهَا وَيَعْرِفُ فَضْلَهَا فَبَاعَهَا مِنْهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ , فَلَمَّا قَبَضَ الْمَالَ وَجَّهَ بِهَا إِلَى مَوْلَاهَا النُّهَيْكِيِّ وَجَزِعَ عَلَيْهَا جَزَعًا شَدِيدًا , فَلَمَّا صَارَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى النُّهَيْكِيِّ نَزَلَ بِهَا الْوَحْشَةُ لِمَوْلَاهَا مَا لَمْ تَسْتَطِعْ دَفْعَهُ وَلَا كِتْمَانَهُ , فَبَاحَتْ بِهِ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : أَتَانِي الْبَلَا حَقًّا فَمَا أَنَا صَانِعُ أَمُصَطَبِرٌ لِلْبَيْنِ أَمْ أَنَا جَازِعُ كَفَى حُزْنًا أَنَّى عَلَى مِثْلِ جَمْرَةٍ أُقَاسِي نُجُومَ اللَّيْلِ وَالْقَلْبُ نَازِعُ فَإِنْ تَمْنَعُونِي أَنْ أَمُوتَ بِحُبِّهِ فَإِنِّي قَتِيلٌ وَالْعُيُونُ دَوَامِعُ فَبَلَغَ النُّهَيْكِيَّ شِعْرُهَا فَدَعَا بِهَا فَأَرَادَهَا فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ , وَقَالَتْ لَهُ : يَا سَيِّدِي , إِنَّكَ لَا تَنْتَفِعُ بِي قَالَ : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : لِمَا بِي قَالَ : وَمَا بِكِ , صِفِيهِ لِي قَالَتْ : أَجِدُ فِي أَحْشَائِي نِيرَانًا تَتَوَقَّدُ , لَا يَقْدِرُ عَلَى إِطْفَائِهَا أَحَدٌ , فَلَا تَسَلْ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ , فَرَحِمَهَا وَرَقَّ لَهَا , وَبَعَثَ إِلَى مَوْلَاهَا , فَسَأَلَ عَنْ خَبَرِهِ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مِثْلَ الَّذِي عِنْدَهَا فَأَحْضَرَهُ , فَرَدَّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ , وَوَهْبَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا خَمْسِينَ أَلْفًا , فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً , وَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ خَبَرُهَا وَهُوَ بِخُرَاسَانَ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي السَّوْدَاءِ خَلِيفَتِهِ بِالْكُوفَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ , فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ لِي مِنْ قِبَلِ الْجَارِيَةِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِمَا مَلَكَتْهُ يَمِينُهُ , فَرَكِبَ أَبُو السَّوْدَاءِ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَخَبَّرَهُ بِمَا كَتَبَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ فَلَمْ يَجِدْ لَيْثٌ بُدًّا مِنْ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ , فَأَرَادَ أَبُو السَّوْدَاءِ يَعْلَمُ مَا عِنْدَ الْجَارِيَةِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ : بَدِيعُ صَدٍّ قَرِيبُ هَجْرٍ جَعَلْتُهُ مِنْهُ لِي مَلَاذَا فَأَجَابَتْهُ الْجَارِيَةُ : فَعَاتَبُوهُ فَزَادَ شَوْقًا فَمَاتَ عِشْقًا فَكَانَ مَاذَا فَعَلِمَ أَبُو السَّوْدَاءٍ أَنَّهَا تَصْلُحُ , فَاشْتَرَاهَا بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ , فَخَرَجَ بِهَا وَحَمَلَهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ , فَلَمَّا صَارَتْ إِلَيْهِ اخْتَبَرَهَا فَوَجَدَهَا عَلَى مَا أَرَادَ فَغَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ , وَيُقَالُ إِنَّهَا أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ طَاهِرٍ , وَلَمْ يَزَلْ إِلْطَافُهَا وَجَوَائِزُهَا تَأْتِي مَوْلَاهَا الْأَوَّلَ حَتَّى مَاتَتْ

حديث رقم: 522

حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْغِفَارِيُّ قَالَ : طَلَّقَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ امْرَأَتَهُ ابْنَةَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو , فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَدِيعَةُ جَوْهَرٍ اسْتَوْدَعَهَا إِيَّاهُ فَتَزَوَّجَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , ثُمَّ أَرَادَ ابْنُ عَامِرٌ الْحَجَّ , فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَلَقِيَ الْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَقَالَ : حَدِّثْنَا يَا مُحَمَّدُ , إِنَّ لِي إِلَى ابْنَةِ سُهَيْلٍ حَاجَةً , فَأُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهَا الْحَسَنُ : الْبَسِي ثِيَابَكِ , فَهَذَا ابْنُ عَامِرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَسَأَلَهَا وَدِيعَتَهُ , فَجَاءَتْهُ بِهَا عَلَيْهَا خَاتَمُهُ , فَقَالَ : خُذِي ثُلُثَهَا , فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لِآخُذَ عَلَى أَمَانَةٍ اؤُتُمِنْتُ عَلَيْهَا شَيْئًا أَبَدًا , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَامِرٍ فَقَالَ : إِنَّ ابْنَتِي قَدْ بَلَغَتْ , وَأُحِبُّ أَنْ تُخَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَهَا , فَبَكَتْ وَبَكَتِ ابْنَتُهَا , وَرَقَّ ابْنُ عَامِرٍ فَقَالَ الْحَسَنُ : فَهَلْ لَكُمَا , فَوَاللَّهِ مَا مِنْ مُحَلِّلٍ خَيْرٍ مِنِّي قَالَ : أَجَلْ , فَوَاللَّهِ لَا أُخْرِجُهَا مِنْ عِنْدِكَ أَبَدًا قَالَ : فَكَفَلَهَا حَتَّى مَاتَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

حديث رقم: 523

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ , كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ , أَلَا تَعْجَبُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ , وَشِدَّةِ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا . فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَوْ رَاجَعْتِهِ , فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ . قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَأْمُرُنِي فَأَفْعَلُ ؟ قَالَ : لَا , إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ

حديث رقم: 524

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ , يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي مُوسَى , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنِّي أُوتَى وَيُطْلَبُ مِنِّي الْحَاجَةُ وَأَنْتُمْ عِنْدِي , فَاشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ

حديث رقم: 525

أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ قُرَيْشٍ الْجُرْجَانِيُّ : شَكَوْتُ بَلَاءً لَا أُطِيقُ احْتِمَالَهُ وَقَلْبِي مُطِيعٌ لِلْهَوَى غَيْرُ دَافِعِ فَأُقْسِمُ مَا تَرْكِي عِتَابَكِ عَنْ قِلًى وَلَكِنْ لِعِلْمِي أَنَّهُ غَيْرُ نَافِعِ وَإِنِّي مَتَى لَمْ أَلْزَمِ الصَّبْرَ طَائِعًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ مُكْرَهًا غَيْرَ طَائِعِ إِذَا أَنْتِ لَمْ تُعْطِفْكِ إِلَّا شَفَاعَةٌ فَلَا خَيْرَ فِي رَدٍّ يَكُونُ بِشَافِعِ