حديث رقم: 415

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ تَمِيمٍ الْخُزَاعِيُّ ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ : كَانَ الْحَارِثُ بْنُ الشَّرِيدِ مَفْتُونًا بِعَفْرَاءَ بِنْتِ أَحْمَرَ ، فَبَقِيَ سَقِيمًا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ ، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ ، فَلَمَّا أَجْهَدَهُ الْأَمْرُ كَتَبَ إِلَيْهَا : صَبَرْتُ عَلَى كِتْمَانِ حُبِّكِ بُرْهَةً وَبِي مِنْكِ فِي الْأَحْشَاءِ أَصْدَقُ شَاهِدِ هُوَ الْمَوْتُ إِنْ لَمْ تَأْتِنِي مِنْكِ رُقْعَةٌ تَقُومُ لِقَلْبِي فِي مَقَامِ الْعَوَائِدِ فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ : كُفِيتَ الَّذِي نَخْشَى وَصِرْتَ إِلَى الْمُنَى وَنِلْتَ الَّذِي تَهْوَى بِرَغْمِ الْحَوَاسِدِ وَوَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ تَظَنُّنًا بِيَ السُّوءَ مَا جَانَبْتُ فِعْلَ الْعَوَائِدِ فَلَمَّا وَصَلَّتِ الرُّقْعَةُ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ ، فَلَمَّا شَمَّ رَائِحَةَ يَدِهَا وَكَانَتْ مِنْ أَعْطَرِ النِّسَاءِ فِي زَمَانِهَا شَهِقَ شَهْقَةً قَضَى نَحْبَهُ ، فَقِيلَ لِعَفْرَاءَ : مَا كَانَ يَضُرُّكِ لَوْ رَوَّحْتِ عَنْ قَلْبِهِ وَأَجَبْتِيهِ بِزَوْرَةٍ ؟ قَالَتْ : مَنَعَنِي مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكُمْ : عَفْرَاءُ قَدْ صَبَتْ إِلَى الْحَارِثِ ، وَوَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ نَفْسِي عَلَى أَثَرِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِي إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . فَفَعَلَتْ ذَلِكَ

حديث رقم: 416

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ قَالَ : ضَلَّتْ نَاقَةٌ لِفَتًى مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَخَرَجَ بَنِي شَيْبَانَ يَنْشُدُهَا فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ بَصُرَ بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ حُسْنًا وَجَمَالًا فَعَشِقَهَا عِشْقًا مُبَرِّحًا ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَدْ أَذْهَبَتْ عَقْلُهُ ، فَمَا تَمَالَكَ أَنْ رَجَعَ إِلَى حَيِّهِمْ ، فَلَمَّا هَدَأَ اللَّيْلُ قَالَ : لَعَلِّي أُسْكِنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا بَعْضَ مَا بِي . فَأَتَاهَا وَهِيَ جَالِسَةٌ وَإِخْوَتُهَا نِيَامٌ حَوْلَهَا ، فَقَالَ لَهَا : يَا قُرَّةَ عَيْنِي ، قَدْ وَاللَّهِ أَذْهَبَ الشَّوْقُ عَقْلِي وَكَدَّرَ عَلَيَّ عَيْشِي . فَقَالَتْ : امْضِ إِلَى مَالِكَ ، وَإِلَّا أَنْبَهْتُ إِخْوَتِي فَقَتَلُوكَ . فَقَالَ لَهَا : إِنَّ الْقَتْلَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الَّذِي أَنَا فِيهِ . قَالَتْ : وَهَلْ يَكُونُ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، مَا أَنَا فِيهِ مِنْ حُبِّكِ . قَالَتْ لَهُ : فَمَا تَشَاءُ ؟ قَالَ : أَمْكِنِينِي مِنْ يَدَيْكِ حَتَّى أَضَعَهَا عَلَى قَلْبِي ، وَلَكِ عَهْدُ اللَّهِ أَنِّي أَرْجِعُ . فَفَعَلَتْ . فَرَجَعَ ، فَلَمَّا كَانَتْ لِلْقَابِلَةِ عَاوَدَ فَوَجَدَهَا عَلَى مِثْلِ حَالِهَا ، فَقَالَتْ لَهُ كَقَوْلِهَا الْأَوَّلِ ، فَقَالَ : أَمْكِنِينِي مِنْ شَفَتَيْكِ حَتَّى أَرْشِفَهَا وَأَنْصَرِفَ . فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِنْهُ كَهَيْئَةِ النَّارِ ، فَأَقْبَلَتْ تَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ، فَنَدَرَ بِهِ حَيُّهَا وَإِخْوَتُهَا ، فَقَالُوا : مَا لِهَذَا الْكَلْبِ قَدْ أَطَالَ الْمُكْثَ فِي الْخَيْلِ وَهُوَ يَتَخَطَّانَا ؟ فَقَعَدُوا لِطَلَبِهِ فِي لَيْلَتِهِمْ تِلْكَ . وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنَّ الْقَوْمَ يُرِيدُونَكَ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ ، وَإِيَّاكَ وَالْغَفْلَةَ . فَجَاءَتِ السَّمَاءُ بِمَطَرٍ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ طَلَبِهِ ، ثُمَّ انْجَلَتِ السَّحَابُ وَطَلَعَ الْقَمَرُ فَتَطَيَّبَتِ الْجَارِيَةُ وَنَشَرَتْ شَعْرَهَا ، وَأُعْجِبَتْ بِنَفْسِهَا ، وَاشْتَهَتْ أَنْ يَرَاهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَقَالَتْ لِتِرْبٍ لَهَا قَدْ كَانَتْ أَطْلَعَتْهَا عَلَى شَأْنِهَا : يَا فُلَانَةُ ، أَسْعِدِينِي عَلَى الْمُضِيِّ إِلَيْهِ ، فَخَرَجَتَا يُرِيدَانِهِ وَهُوَ عَلَى الْخَيْلِ خَائِفٌ مِنَ الطَّلَبِ لَمَّا حَذَّرَتْهُ . فَبَصُرَ شَخْصَيْنِ يَسِيرَانِ فِي الْقَمَرِ ، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهُمَا مِنَ الْمُطَالِبِينَ ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا فَمَا أَخْطَأَ قَلْبَ صَاحَبْتِهِ ، فَسَقَطَتْ لِوَجْهِهَا مُضَرَّجَةً بِدَمِهَا ، فَلَمْ تَزَلْ تَضْطَرِبُ حَتَّى مَاتَتْ ، فَبُهِتَ شَاخِصًا يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : نَعَبَ الْغُرَابُ بِمَا كَرِهْـ ـتُ وَلَا إِزَالَةٌ لِلْقَدَرْ تَبْكِي وَأَنْتَ قَتَلْتَـــهَا فَاصْبِرْ وَإِلَّا فَانْتَحِرْ ثُمَّ جَمَعَ نَبْلَهُ فَجَعَلَ يُجَابِهَا أَوْدَاجَهُ حَتَّى قَتَلَ نَفْسَهُ

حديث رقم: 417

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الْإِمَامُ الْعَالِمُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيُّ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْقَاهِرَةِ ، ثَامِنَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الشَّهْرَزُورِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي شُهُورِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَاجِبُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَّافُ قِرَاءَةُ عَلَيْهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْكِنْدِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخَرَائِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ : اشْتَرَيْتُ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ جَارِيَةً مَدِينِيَّةً ، فَأُعْجِبَ بِهَا ، فَأَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ أَنْ يَبْعَثَ فِي حَمْلِ أَهْلِهَا وَمَوَالِيهَا لِيَنْصَرِفُوا بِجَوَائِزِهَا ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَشْرِيفَهَا ، فَوَفَدَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ ثَمَانُونَ رَجُلًا ، وَوَفَدَ مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاسْتَوْطَنَ الْمَدِينَةَ ، كَانَ يَهْوَى الْجَارِيَةَ ، فَلَمَّا بَلَغَ الرَّشِيدَ خَبَرُهُمْ أَمَرَ الْفَضْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لِيَكْتَتِبَ اسْمَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَحَاجَتَهُ ، فَفَعَلَ حَتَّى بَلَغَ إِلَى الْعِرَاقِيِّ فَقَالَ لَهُ : حَاجَتُكُ ؟ فَقَالَ : إِنْ أَنْتَ كَتَبْتَهَا وَضَمِنْتَ لِي عَرْضَهَا مَعَ مَا تَعْرِضُ أَنْبَأْتُكَ بِهَا ، فَقَالَ : أَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَقَالَ : حَاجَتِي أَنْ أَجْلِسَ مَعَ فُلَانَةَ حَتَّى تُغَنِّينِي ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ ، وَأَشْرَبُ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ ، وَأُخْبِرُهَا بِمَا تُجِنُّهُ ضُلُوعِي مِنْ حُبِّهَا . فَقَالَ الْفَضْلُ : أَنْتَ مَوْسُوسٌ مَدْخُولٌ عَلَيْكَ فِي عَقْلِكِ قَالَ : يَا هَذَا ، قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَكْتُبَ مَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ، فَاكْتُبْ مَا أَقُولُ وَاعْرِضْهُ ، فَإِنْ أُجِبْتُ إِلَيْهِ ، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي أَوْسَعِ الْعُذْرِ ، فَدَخَلَ الْفَضْلُ مُغْضَبًا ، فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا كَتَبَ ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فِيهِمْ وَاحِدٌ مَجْنُونٌ سَأَلَ مَا أُجِلُّ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّفَوُّهِ بِهِ ، فَقَالَ : قُلْ وَلَا تَجْزَعَنَّ . فَقَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : اخْرُجْ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ : إِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَاحْضُرْ لِيُنْجَزَ لَكَ مَا سَأَلْتَ ، وَكُنْ أَنْتَ تَتَوَلَّى الِاسْتِئْذَانَ لَهُ ، وَدَعَا بِخَادِمٍ ، وَقَالَ : امْضِ إِلَى فُلَانَةَ وَقُلْ لَهَا : قَدْ حَضَرَ رَجُلٌ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ أَجَبْنَاهُ إِلَى مَا سَأَلَ فَكُونِي عَلَى أُهْبَةٍ . ثُمَّ خَرَجَ الْفَضْلُ إِلَى الْفَتَى فَأَدَّى إِلَيْهِ كَمَا قَالَ الرَّشِيدُ ، فَانْصَرَفَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَضَرَ وَعَرَفَ الرَّشِيدُ خَبَرَهُ ، فَقَالَ : يُلْقَى لَهُ بِحَيْثُ أَرَى كُرْسِيًّا مِنْ فِضَّةٍ وَلِلْجَارِيَةِ كُرْسِيًّا مِنْ ذَهَبٍ ، وَلْتَخْرُجْ إِلَيْهِ وَتُحْضِرْ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ . فَجَلَسَ الْمُغَنِّي عَلَى كُرْسِيٍّ ، وَجَلَسَتِ الْجَارِيَةُ بِإِزَائِهِ ، فَحَدَّثَهَا وَالرَّشِيدُ يَرَاهُمَا فَقَالَ الْخَادِمُ : لَمْ تَدْخُلْ لِتَشْتَبِقَ وَتُضِيفَ . فَأَخَذَ رِطْلًا وَخَرَّ سَاجِدًا ، وَقَالَ : إِذَا شِئْتَ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي : خَلِيلِيَّ عُوجَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِنْدٌ بِأَرْضِكُمَا قَصْدَا وَقُولَا لَهَا : لَيْسَ الضَّلَالُ أَجَازَنَا وَلَكِنَّمَا جُزْنَا لِنَلْقَاكُمَا عَمْدَا غَدًا يَكْثُرُ الْبَاكُونَ مِنَّا وَمِنْكُمُ وَتْزَدادُ دَارِي مِنْ دِيَارَكُمُ بُعْدَا فَغَنَّتْ ، ثُمَّ شَرِبَ الرِّطْلَ وَحَادَثَهَا سَاعَةً ، فَاسْتَحَثَّهُ الْخَادِمُ فَأَخَذَ الرِّطْلَ بِيَدِهِ وَقَالَ : غَنِّي ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ : تَكَلَّمَ مِنَّا فِي الْوُجُوهِ عُيُونُنَا فَنَحْنُ سُكُوتٌ وَالْهَوَى يَتَكَلَّمُ وَنْغَضُبُ أَحْيَانًا وَنَرْضَى بِطَرْفِنَا وَذَلِكَ بِمَا بَيْنَنَا لَيْسَ يُعْلَمُ فَغَنَّتْهُ ، وَشَرِبَ الرِّطْلَ الْبَاقِيَ ، وَحَادَثَتْهُ سَاعَةً ، فَاسْتَعْجَلَهُ الْخَادِمُ فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي ، وَأَخَذَ الرِّطْلَ بِيَدِهِ وَاسْتَوْدَعَهَا اللَّهَ ، وَقَامَ عَلَى رِجْلِهِ وَدُمُوعُهُ تَسْتَبِقُ اسْتِبَاقَ الْمَطَرِ وَقَالَ : إِذَا شِئْتِ أَنْ تُغَنِّي فَغَنِّي : أَحْسَنَ مَا كُنَّا تَفَرَّقْنَا وَخَانَنَا الدَّهْرُ وَمَا خُنَّا فَلَيْتَ ذَا الدَّهْرَ لَنَا مَرَّةً عَادَ لَنَا يَوْمًا كَمَا كُنَّا فَغَنَّتْهُ الصَّوْتَ ، فَقَلَبَ الْفَتَى طَرْفَهُ فَبَصُرَ فِي الصَّحْنِ فَأَمَّهَا ، وَأَتْبَعَهُ الْخَدَمُ لِيُهْدُوهُ الطَّرِيقَ ، فَفَاتَهُمْ وَصَعِدَ الدَّرَجَةَ فَأَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى رَأْسِهِ فَخَرَّ مَيِّتًا ، فَقَالَ الرَّشِيدُ : عَجَّلَ الْفَتَى ، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ لَوَهَبْتُهَا لَهُ

حديث رقم: 418

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : انْحَدَرْتُ قَالَ : مِنْ سُرَّ مَنْ رَأَى ، مَعَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ : الْعَلْثُ دَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا ، وَحَوْلَ مِنَ الْحِرَاقَةِ الَّتِي فِيهَا الْخَدَمُ جَارِيَتَيْنِ عَوَّادَةٌ وَطُنْبُورِيَّةٌ ، وَمُدَّتْ سِتَارَةٌ فَغَنَّتِ الطُّنْبُورِيَّةُ : يَا رَحْمَتِي لِلْعَاشِقِينَا مَا إِنْ أرَى لَهُمْ مُعِينَا كَمْ يُهْجَرُونَ وَيْبُعَدُو نَ وَيُضْرَبُونَ وَيَصْبِرُونَا فَقَالَتْ لَهَا الْعَوَّادَةُ : فَيَصْنَعُونَ مَاذَا إِذَا لَمْ يَصْبِرُوا ؟ فَهَتَكَتِ السِّتَارَةُ وَقَالَتْ : يَصْنَعُونَ هَكَذَا ، وَأَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي دِجْلَةَ فَغَرِقَتْ ، وَكَانَ عَلَى رَأْسِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ غُلَامٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا ، فَلَمَّا رَأَى مَا صَنَعْتِ الْجَارِيَةُ قَالَ : أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي بَعْدَ الْقَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا لَا خَيْرَ بَعْدَكِ إِنْ بَقِينَا وَالْمَوْتُ زَيْنُ الْعَاشِقِينَا وَأَلْقَى نَفْسَهُ خَلْفَهَا فَغَرَقَ ، وَأُنْشِدَ ذَلِكَ عَلَى إِسْحَاقَ فَرَفَعَ النَّبِيذَ وَأَمَرَ بِطَلَبِهِمَا وَإِخْرَاجِهِمَا ، فَأُخْرِجَا مِنَ الْمَاءِ فَدَفَنَّاهُمَا

حديث رقم: 419

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : قُلْتُ لِامْرَأَةٍ مِنْ عُذْرَةَ وَرَأَيْتُ بِهَا هَوًى غَالِبًا حَتَّى خِفْتُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ : مَا بَالُ الْعِشْقِ يَقْتُلُكُمْ مَعَاشِرَ عُذْرَةَ مِنْ بَيْنِ أَجْيَالِ الْعَرَبِ ؟ قَالَتْ : فِينَا جَمَالٌ وَتَعَفُّفٌ ، فَالْجَمَالُ يُجَمِّلُنَا عَلَى الْعَفَافِ ، وَالْعَفَافُ يُوَرِّثُنَا رِقَّةَ الْقُلُوبِ ، وَالْعِشْقُ يُفْنِي آجَالَنَا ، وَإِنَّا نَرَى مَحَاجِرًا لَا تَرَوْنَهَا