حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سَابِقٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ وَلِابْنِ عَمٍّ لَهُ ، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ حُلْوَةٌ ، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أخَذَتْ بِنَفْسِهِ ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِتَسْتَعِينَهُ عَلَى كِتَابَتِهَا قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتَهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَكَرِهْتُهَا ، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرَى فِيهَا مَا رَأَيْتُ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهٍ ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ، فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ ، أَوْ قَالَتْ : لِابْنِ عَمٍّ لَهُ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ قَالَ : فَهَلْ لَكِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ؟ . قَالَتْ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : أَقْضِي كِتَابَكَ وَأَتَزَوَّجُكِ . قَالَتْ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ فَعَلْتُ ، وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ ، فَقَالَ النَّاسُ : أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، قُلْتُ : فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : دَخَلَ سُبَيْعُ بْنُ عَوْفِ بْنِ السَّبَّاقِ عَلَى طُلَيْمَةَ ابْنَةِ إِيمَاءَ بْنِ رَحَضَةَ ، وَهِيَ فِي مِظَلَّتِهَا بِمِنًى ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا ، فَلَمْ يَتَمَالَكْ إِذْ نَظَرَ إِلَيْهَا أَنْ قَبَّلَهَا ، وَعِنْدَهَا غُلَامٌ مِنْ بَنِي رَحَضَةَ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَهَتَمَ فَاهُ ، فَنَادَى سُبَيْعُ بْنُ عَوْفٍ : يِا لَقُرَيْشٍ ، وَتَدَاعَى النَّاسُ ، وَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُو غِفَارٍ فَوَجَدُوا فِيهَا رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ : غُزَيَّ بْنَ عَبْدِ شَمْسٍ وَخَلَفَ بْنَ صَدَّادٍ مُغْتَرِبَيْنِ لَمْ يَبْلُغْهُمَا شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَقَتَلُوهُمَا ، فَجَاءَ الصَّرِيخُ قُرَيْشًا بِقَتْلِهِمَا ، فَرَكِبَ نَفِيرُهُمْ حَتَّى أَدْرَكُوا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةً بِالْغَمِيمِ ، فَلَاذَ الرَّهْطُ بِالتَّنَاضِبِ فَجَعَلَ حُذَيْفَةُ بْنُ مَشْهَمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ فَرَسَهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّنَاضِبِ ، فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا : أَنْعَمْتِ ، إِنَّكِ لَكُوَيْرِهَةٌ ، ثُمَّ جَعَلَ يُكْرِهُهَا حَتَّى قَتَلَهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَقَدْ قَالَ شَاعِرُهُمْ حِينَ قَتَلَ مِنْ قُرَيْشٍ مَا قَتَلَ : هَذَا وَإِنَّ النَّفْسَ طَابَتْ بِصُلْحِهِمُ بَنِي عَمِّنَا أَوْ تُوغِلُونَ وَنُوغِلُ فَلَمَّا دَنَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالْحَرْبِ فَرَّتْ بَنُو غِفَارٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُمَيْرٍ التُّجِيبِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ الْأُرْسُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْدَتٍ قَالَ : دَخَلَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، فَقَالَتْ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، يَنْبَغِي لِلرِّجَالِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا عَلَى النِّسَاءِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَتْ : وَعَلَى مِثْلِي ؟ قَالَ : ثُمَّ أَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ حَسَنًا ، وَقَالَتْ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، لَا تُفْتُوا الرِّجَالَ بِهَذَا ، ثُمَّ وَلَّتْ ، فَقَالَ الْحَسَنُ : مَا عَلَى الرَّجُلِ كَانَتْ هَذِهِ فِي زَاوِيَةِ بَيْتِهِ مَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ ، كُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَيُّوبُ اللَّخْمِيُّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : خَرَجَ سَهْمِي يَوْمَ جَلُولَاءَ جَارِيَةٌ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقُ فِضَّةٍ ، فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ قُمْتُ إِلَيْهَا فَقَبَّلْتُهَا
حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْخُنَيْسِ قَالَ : خَرَجَ أَبُو حَازِمٍ يَرْمِي الْجِمَارَ وَمَعَهُ قَوْمٌ مُتَعَبِّدُونَ وَهُوَ يُكَلِّمُهُمْ وَيُحَدِّثُهُمْ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ ، فَبَيْنَا هُوَ يَمْشِي وَأُولَئِكَ مَعَهُ إِذْ نَظَرُوا إِلَى فَتَاةٍ مُسْتَتِرَةٍ بِخِمَارِهَا ، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ عَلَى نَحْرِهَا مِنْهُ شَيْءٌ تَرْمِي النَّاسَ بِطَرْفِهَا يَمْنَةً وَيَسْرَةً ، وَقَدْ شَغَلَتِ النَّاسَ ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا مَبْهُوتِينَ ، وَقَدْ خَبَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الطَّرِيقِ ، فَرَآهَا أَبُو حَازِمٍ ، فَقَالَ : يَا هَذِهِ ، اتَّقِي اللَّهَ ، إِنَّكِ فِي مَشْعَرٍ مِنْ مَشَاعِرِ اللَّهِ عَظِيمٍ ، وَقَدْ فَتَنْتِ النَّاسَ ، فَاضْرِبِي بِخَمَارِكِ عَلَى جَيْبِكِ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : {{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }} ، فَأَقْبَلَتْ تَضْحَكُ مِنْ كَلَامِهِ ، وَقَالَتْ : إِنِّي وَاللَّهِ يَا فَذْرُ مِنَ اللَّائِي لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حَجَّةً ، وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ الْبَرِيءَ الْمُغَفَّلَا ، فَأَقْبَلَ أَبُو حَازِمٍ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : يَا هَؤُلَاءِ ، تَعَالَوْا نَدْعُ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذَّبُ هَذِهِ الصُّورَةِ الْحَسْنَاءِ بِالنَّارِ ، فَجَعَلَ يُدْعُو وَأَصْحَابُهُ يُؤَمِّنُونَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ : حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَحَجَّ مَعَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مِنْ رِجَالَاتِ قُرَيْشٍ الْمَعْدُودِينَ وَعُلَمَائِهِمْ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَصُرَ بِرَمْلَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَعَشِقَهَا عِشْقًا شَدِيدًا ، وَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ وُقُوعًا مُتَمَكِّنًا ، فَلَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُفُولَ هَمَّ خَالِدٌ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ ، فَوَقَعَ بِقَلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ تُهْمَةٌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَمْلَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ رَأَيْتُهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَدْ أَذْهَلَتْ عَقْلِي ، وَاللَّهِ مَا أَبْدَيْتُ إِلَيْكَ مَا بِي حَتَّى عِيلَ صَبْرِي ، وَلَقَدْ عَرَضْتُ النَّوْمَ عَلَى عَيْنِي فَلَمْ تَقْبَلْهُ ، وَالسَّلْوَى عَلَى قَلْبِي فَامْتَنَعَ ، فَأَطَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّعَجُّبَ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : مَا كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ الْهَوَى يَسْتَأْسِرُ مِثْلَكَ ، فَقَالَ : وَإِنِّي لَأَشُدُّ تَعَجُّبًا مِنْ تَعَجُّبِكَ مِنِّي ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ : إِنَّ الْهَوَى لَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا مِنْ صِنْفَيْنِ مِنَ النَّاسِ : الشُّعَرَاءِ وَالْأَعْرَابِ ، فَأَمَّا الشُّعَرَاءُ فَإِنَّهُمْ أَلْزَمُوا قُلُوبَهُمُ الْفِكْرَ فِي النِّسَاءِ وَالْغَزَلِ ، فَمَالَ طَمَعُهُمْ إِلَى النِّسَاءِ ، فَضَعُفَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ دَفْعِ الْهَوَى ، فَاسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِ مُنْقَادِينَ ، وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَخْلُو بِامْرَأَتِهِ فَلَا يَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ غَيْرَ حُبِّهِ لَهَا ، وَلَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْهُ ، فَضَعُفُوا عَنْ دَفْعِ الْهَوَى فَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ ، وَجُمْلَةُ أَمْرِي فَمَا رَأَيْتُ نَظْرَةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَزْمِ وَحَسَّنَتْ عِنْدِي رُكُوبَ الْإِثْمِ مِثْلَ نَظْرَتِي هَذِهِ ، فَتَبَسَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ : أَوَكُلُّ هَذَا قَدْ بَلَغَ بِكَ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عَرَفَتْنِي هَذِهِ الْبَلِيَّةُ قَبْلَ وَقْتِي هَذَا ، فَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ رَمْلَةَ عَلَى خَالِدٍ ، فَذَكَرُوا لَهَا ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، أَوْ يُطَلِّقُ نِسَاءَهُ ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ ، إِحْدَاهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأُخْرَى مِنَ الْأَزْدِ ، فَظَعَنَ بِهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهَا يَقُولُ : أَلَيْسَ يَزِيدُ الشَّوْقُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ حَبِيبَتِنَا قُرْبَا خَلِيلِيَّ مَا مِنْ سَاعَةٍ تَذْكُرَانِهَا مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّيَ الْكَرْبَا أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِحُبِّهَا وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبْتُ أَخْوَالَهَا كَلْبَا تَجُولُ خَلَاخِيلُ النِّسَاءِ وَلَا أَرَى لِرَمْلَةَ خَلْخَالًا يَجُولُ وَلَا قَلْبَا
وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ : رَمَتْنِي بِعَيْنَيْهَا كَرِيمَةُ مَعْشَرٍ فَصَادَفَ سَهْمَاهَا الْمَقَاتِلَ مِنْ صَدْرِي وَحَيَّتْ بِتَسْلِيمٍ فَهَاجَتْ صَبَابَتِي وَأَلْهَبَتِ النِّيرَانُ لَهَبًا بِلَا جَمْرِي إِذَا هَاجَ دَاءُ الْحُبِّ وَاشْتَدَّ أَمْرُهُ وَهَاجَتْ لَهُ عَيْنَايَ سَكْبًا عَلَى النَّحْرِ فَسُكِّنَ قَلْبِي حِينَ تَهْطِلُ دَمْعَتِي وَيُظْهِرُ دَمْعِي مَا أُجِنُّ مِنَ الْفِكْرِ فَلَوْلَا انْحِدَارُ الدَّمْعِ أَفْضَحَنِي الْهَوَى وَلَوْلَا الْهَوَى مَا جَادَتِ الْعَيْنُ بِالْحَدْرِ وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ : وَمُخْتَلِسًا بِالطَّرْفِ مَا لَا يَنَالُهُ قَرِيبٌ بِحَالِ النَّازِحِ الْمُتَبَاعِدِ وَفِي النَّظَرِ الصَّادِي إِلَى الْمَاءِ حَسْرَةٌ إِذَا كَانَ مَمْنُوعًا بِسَيْلِ الْمَوَارِدِ
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعُتْبِيِّ : رَأَيْنَ الْغَوَانِي الشَّيْبَ لَاحَ بِعَارِضِي فَأَعْرَضْنَ عَنِّي بِالْخُدُودِ النَّوَاضِرِ وَكُنَّ إِذَا أَبْصَرْنَنِي أَوْ سَمِعْنَ بِي سَعَيْنَ فَرَقَّعْنَ الْكُوَى بِالْمَحَاجِرِ
وَأَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَارَسْتَانِيُّ : رَمَانِي بِهَا طَرْفِي فَلَمْ يُخْطَ مَقْتَلِي وَمَا كُلُّ مَنْ يُرْمَى تُصَابُ مَقَاتِلُهُ إِذَا مِتُّ فَابْكُونِي قَتِيلًا لِطَرْفَةٍ قَتِيلَ عَدُوٍّ حَاضِرٍ مَا يُزَايِلُهُ
وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولَابِيُّ : نَظَرْتُ إِلَيْهَا فَاسْتَحَلَّتْ بِهَا دَمِي وَكَانَ دَمِي غَالٍّ فَأَرْخَصَهُ الْحُبُّ وَغَالَيْتُ فِي حُبِّي لَهَا فَرَأَتْ دَمِي حَلَالًا فَمِنْ هَذَاكَ دَاخَلَهَا الْعُجْبُ
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولَابِيُّ : قَلْبِي يَقُولُ لِطَرْفِي هَجْتَ لِي سَقَمًا وَالْعَيْنُ تَزْعُمُ أَنَّ الْقَلْبَ أَبْكَاهَا وَالْجِسْمُ يَشْهَدُ أَنَّ الْعَيْنَ كَاذِبَةٌ هِيَ الَّتِي هَيَّجَتْ لِلْقَلْبِ بَلْوَاهَا لَوْلَا الْعُيُونُ وَمَا يَجْنِينَ مِنْ سَقَمٍ مَا كُنْتُ مُطَّرِحًا فِي سِرِّ مِنْ رَاهَا وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّولَابِيُّ : يَقُولُ قَلْبِي لِطَرْفِي إِذْ بَكَى جَزَعًا تَبْكِي وَأَنْتَ الَّذِي حَمَّلْتَنِي الْوَجَعَا فَقَالَ طَرْفِي لَهُ فِيمَا يُعَاتِبُهُ بَلْ أَنْتَ حَمَّلْتَنِي الْآمَالَ وَالطَّمَعَا حَتَّى إِذَا مَا خَلَا كُلٌّ بِصَاحِبِهِ كِلَاهُمَا بِطَوِيلِ السَّقَمِ قَدْ قَنِعَا نَادَاهُمَا كَبِدِي لَا تَتْلَفَا فَلَقَدْ قَطَّعْتَمَانِي بِمَا لَاقَيْتُمَا قِطَعَا
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي صَدِيقٌ لِي قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَصَدِيقٌ لِي فِي الْبَادِيَةِ نَسِيرُ إِذَ جَهَدَنَا الْعَطَشُ ، فَمِلْنَا إِلَى خِبْأٍ فَاسْتَسْقَيْنَا ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا الشَّمْسُ طَالِعَةً ، مَعَهَا سِقَاءٌ فِيِهِ لَبَنٍ قَالَ : فَبُهِتْنَا وَاللَّهِ لَنَنْظُرَ إِلَيْهَا وَإِلَى حُسْنِهَا ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : أَرَاحَى رَفِيقَيَّ مَعْشَرٌ قَدْ أَرَاهُمَا أَقَامَا بِنَا أَنْ يَعْرِفَا مُبْتَغَاهُمَا هُمَا اسْتَسْقَيَا مَاءً عَلَى غَيْرِ ظَمْأَةٍ لِيَسْتَشْفِيَا بِاللَّحْظِ مِمَّنْ سَقَاهُمَا
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ : أَنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ : خَطَبَ الْخَنْسَاءَ بِنْتَ عَمْرٍو إِلَى أَخَوَيْهَا صَخْرٍ وَمُعَاوِيَةَ فَوَافَقَهَا وَهِيَ تُهْنِئُ إِبِلًا لَهَا ، فَاسْتَأْمَرَاهَا أَخَوَاهَا فِيهِ ، فَقَالَتْ : أَتُرَوْنِي تَارِكَةً بَنِي عَمِّي كَأَنَّهُمْ عَوَالِي الرَّمَاحِ وَمُرْتَثَةَ شَيْخٍ مِنْ بَنِي جُشَمٍ قَالَ : فَانْصَرَفَ دُرَيْدٌ وَهُوَ يَقُولُ : مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِهِ كَالْيَوْمِ هَانِئٍ أَنْيَقٍ صَهْبِ مُتَبَذِّلًا تَبْدُو مَحَاسِنُهُ يَضَعُ الْهَنَاءَ مَوَاضِعَ النَّقْبِ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ : يُقَالُ : ارْتَثَّ الرَّجُلُ فَهُوَ مُرْتَثٌ إِذَا حُمِلَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ وَبِهِ رَمَقٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ ، فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ فَحُمِلَ مَيِّتًا فَلَيْسَ بِمُرْتَثٍ ، فَشَبَّهَتِ الْخَنْسَاءُ دُرَيْدًا لِهِرَمِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ بِالْمَجْرُوحِ الَّذِي لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الرَّمَقُ
أَنْشَدَنِي سُفْيَانُ بْنُ النَّضْرِ الْأَزْدِيُّ : كَفَاكَ بِالشَّيْبِ ذَنْبًا عِنْدَ غَانِيَةٍ وَبِالشَّبَابِ شَفِيعًا أَيُّهَا الرَّجُلُ
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَخْزُومِيُّ : قَالَتْ : أُحِبُّكَ ، قُلْتُ : كَاذِبَةٌ غُرِّي بِذَا مَنْ لَيْسَ يَنْتَقِدُ لَوْ قُلْتِ لِي : أَشْنَاكَ قُلْتُ : نَعَمْ الشَّيْبُ لَيْسَ يُحِبُّهُ أَحَدُ
وَأَنْشَدَنِي أَبُو سَهْلٍ الرَّازِيُّ النَّحْوِيُّ : مَا قَابِلَ الشَّيْبُ مِنْ عَيْنٍ وَإِنْ رَمِضَتْ إِلَّا لَهَا نَبْوَةٌ عَنْهُ وَمُرْتَدَعُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْبَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ : دَخَلَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِهِ ، وَكَانَ عِمْرَانُ قَبِيحًا ذَمِيمًا قَصِيرًا ، وَقَدْ تَزَيَّنَتْ وَكَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاءَ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ حُسْنًا ، فَلَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ يُدِيمَ النَّظَرَ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : لَقَدْ أَصْبَحْتِ وَاللَّهِ جَمِيلَةً ، فَقَالَتْ : أُبَشِّرُكَ ، فَإِنِّي وَإِيَّاكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَاكَ ؟ قَالَتْ : لِأَنَّكَ أُعْطِيتَ مِثْلِي فَشَكَرْتَ ، وَابْتُلِيتُ بِمِثْلِكَ فَصَبَرْتُ ، وَالصَّابِرُ وَالشَّاكِرُ فِي الْجَنَّةِ
سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ : كَانَتْ جَمْرَةُ امْرَأَةُ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ جَمِيلَةً ، وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهَا خَجِلًا : لَا ، بَلْ مَثَلِي وَمَثَلُكِ كَمَا قَالَ الْأَحْوَصُ : إِنَّ الْحُسَامَ وَإِنْ رَثَّتْ مَضَارِبُهُ إِذَا ضَرَبْتَ بِهِ مَكْرُوهَةً قَتَلَا فَإِيَّاكِ وَالْعَوْدَةَ إِلَى مِثْلِ مَا قُلْتِ مَرَّةً أُخْرَى
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الزُّبَيْدِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُرَيْبٍ قَالَ : كُنْتُ فِي بَعْضِ مِيَاهِ الْعَرَبِ فَسَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ : قَدْ جَاءَتْ ، قَدْ جَاءَتْ ، فَتَحَوَّلَ النَّاسُ ، فَقُمْتُ مَعَهُمْ لِلنَّظَرِ ، فَإِذَا جَارِيَةٌ قَدْ وَرَدَتِ الْمَاءَ ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ حُسْنَ وَجْهٍ وَتَمَامَ خَلْقٍ ، فَلَمَّا رَأَتْ تَشَوُّقَ النَّاسِ إِلَيْهَا وَإِلْحَاحَهُمْ عَلَيْهَا أَرْسَلَتْ بُرْقُعَهَا فَكَأَنَّهُ غَمَامَةٌ غَطَّتْ شَمْسًا ، فَقُلْتُ : لِمَ تَمْنَعِينَ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِكِ هَذَا الْحَسَنِ ؟ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَسْلَمَتْكَ الْمَحَاجِرُ رَأَيْتَ الَّذِيَ لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ قَالَ : وَنَظَرَ إِلَيْهَا أَعْرَابِيُّ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ أَنَا مِمَّنْ قَلَّ صَبْرُهُ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ : أَوَحْشِيَّةَ الْعَيْنَيْنِ أَيْنَ لَكِ الْأَهْلُ أَبِالْحَزْنِ حَلُّوا أَمْ مَحِلَّهُمُ السَّهْلُ وَأَيَّةُ أَرْضٍ أَخْرَجَتْكِ فَإِنَّنِي أَرَاكِ مِنَ الْفِرْدَوْسِ إِنْ فُتِّشَ الْأَصْلُ قِفِي خَبِّرِينَا مَا طَعِمْتِ وَمَا الَّذِي شَرِبْتِ ، وَمِنْ أَيْنَ اسْتَقَلَّ بِكِ الرَّحْلُ لِأَنَّ عَلَامَاتِ الْجِنَانِ مُبِينَةٌ عَلَيْكِ وَإِنَّ الشَّكْلَ يُشْبِهُهُ الشَّكْلُ أَمِ الْبَدْرُ أَنْشَأَكِ الْمُنِيرُ فَإِنْ يَكُنْ لِبَدْرِ الدُّجَى نَسْلٌ فَأَنْتِ لَهُ نَسْلُ حَسُنْتِ ، فَأَمَّا الْوَجْهُ مِنْكِ فَمُشْرِقٌ وَعَيْنَانِ كَحْلَاوَانِ زَانَهُمَا الْكُحْلُ
أَنْشَدَنِي أَبُو صَخْرٍ الْأُمَوِيُّ قَالَ : أَنْشَدَنِي حَمْدَانَ بْنُ حُيَيٍّ قَالَ : أَنْشَدَنِي أَبُو نُوَاسٍ : مَا مُنْسِيَ الْمَأْتَمَ أَشْجَانُهُ لَمَّا أَتَتْهُ فِي الْمُعَزِّينَا اسْتَقْبَلَتْهُنَّ بِتِمْثَالِهَا فَقُمْنَ يَضْحَكْنَ وَيَبْكِينَا حُقَّ لِهَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَزْدَهِي عَنْ حُزْنِهِ مَنْ كَانَ مَحْزُونَا
وَأَنْشَدَنَا لِبَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ الضَّرِيرِ : تُلْقَى بِتَسْبِيحَةٍ مِنْ حُسْنِ مَا خُلِقَتْ وَتَسْتَفِزُّ حَشَى الرَّائِي بِإِرْعَادِ كَأَنَّمَا خُلِقَتْ مِنْ قِشْرِ لُؤْلُؤَةٍ فَكُلُّ أَكْنَافِهَا وَجْهٌ لِمِرْصَادِ
وَأَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ ضِرَارٍ الْعَوْفِيُّ : أَنِيرِي مَكَانَ الْبَدْرِ إِنْ أَفَلَ الْبَدْرُ وَقَوْمِي مَقَامَ الشَّمْسِ مَا اسْتَأْخَرَ الْفَجْرُ فَفِيكِ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ نُورُهَا وَلَيْسَ لَهَا مِنْكِ التَّبَسُّمُ وَالثَّغْرُ
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ كِنْدَةَ ، قَالَ : خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ السَّلِيلِ الْأَزْدِيُّ زَائِرًا لِعَلْقَمَةَ بْنِ جَرِيرٍ الطَّائِيِّ ، وَكَانَ حَلِيفًا لَهُ ، فَنَظَرَ إِلَى ابْنَةٍ لَهُ تُدْعَى الرَّبَابُ ، وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ فَأُعْجِبَ بِهَا ، وَعَشِقَهَا عِشْقًا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْصِرَافِ إِلَى أَهْلِهِ ، فَقَالَ : أَتَيْتُ خَاطِبًا ، وَقَدْ يُنْكَحُ الْخَاطِبُ ، وَيُدْرَكُ الطَّالِبُ ، وَيُمْنَعُ الرَّاغِبُ قَالَ : أَنْتَ امْرُؤٌ كُفُؤٌ كَرِيمٌ ، فَأَقِمْ نَنْظُرْ فِي أَمْرِكَ ، ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى أُمِّ الْجَارِيَةِ فَقَالَ لَهَا : إِنَّ الْحَارِثَ سَيِّدَ قَوْمِهِ حَسَبًا وَمَنْصِبًا وَبَيْتًا ، فَلَا يَنْصَرِفَنَّ مِنْ عِنْدِنَا إِلَّا بِحَاجَتِهِ ، فَأَرِيدِي ابْنَتَكِ عَنْ نَفْسِهَا فِي أَمْرِهِ ، فَقَالَتْ لَهَا : أَيْ بُنَيَّةُ ، أَيُّ الرِّجَالِ أَعْجَبُ إِلَيْكِ ؟ الْكَهْلُ الْحَجْحَاجُ الْفَاضِلُ الْمَيَّاحُ أَمِ الْفَتَى الْوَضَّاحُ الْمَلُولُ الطَّمَّاحُ ؟ قَالَتْ : الْفَتَى الْوَضَّاحُ ، فَقَالَتْ : إِنَّ الْفَتَى الْوَضَّاحَ يُغَيِّرُكِ ، وَإِنَّ الشَّيْخَ يُمِيرُكِ ، وَلَيْسَ الْكَهْلُ الْفَاضِلُ الْكَثِيرُ النَّائِلُ كَالْحَدَثِ السِّنِّ الْكَثِيرِ الْمَنِّ . قَالَتْ : يَا أُمَّتَاهُ ، أُحِبُّ الْفَتَى كَحُبِّ الرِّعَاءِ أَنْيَقَ الْكَلَأَ قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةُ ، إِنَّ الْفَتَى شَدِيدُ الْحِجَابِ كَثِيرُ الْعِتَابِ قَالَتْ : يَا أُمَّتَاهُ ، أَخْشَى مِنَ الشَّيْخِ أَنْ يُدَنِّسَ أَثْوَابِي وَيَبْلِيَ شَبَابِي ، وَيُشْمِتَ بِي أَتْرَابِي ، فَلَمْ تَزَلْ بِهَا أُمُّهَا حَتَّى غَلَبَتْهَا عَلَى رَأْيِهَا ، فَتَزَوَّجَهَا الْحَارِثُ عَلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ وَخَادِمٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَبَنَى بِهَا ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ كَأَحَبِّ مَا كَانَ إِلَيْهِ ، فَارْتَحَلَ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ ، فَإِنَّهُ لَجَالِسٌ ذَاتَ يَوْمٍ بِفِنَاءِ مِظَلَّتِهِ ، وَهِيَ إِلَى جَانِبِهِ ، إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ يَعْتَلِجُونَ الصِّرَاعَ ، فَتَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاءَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ عَيْنَيْهَا بِالْبُكَاءِ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ : مَا لِي وَلِلشُّيُوخِ النَّاهِضِينَ كَالْفُرُوخِ ، فَقَالَ : ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ ، قَدْ تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْهَا ، فَصَارَتْ مَثَلًا ، أَيْ لَا تَكُونُ ظِئْرًا ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِهَا ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَأَبِيكِ ، لَرُبَّ غَارَةٍ شَهِدْتُهَا ، وَسَبِيَّةٍ أَرْدَفْتُهَا ، وَخَمْرًا شَرِبْتُهَا ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ ثُمَّ أَنْشَدَ يَقُولُ : تَهَزَّأَتْ إِذْ رَأَتْنِي لَابِسًا كِبَرًا وَغَايَةُ النَّفْسِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْكِبَرِ فَإِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ الشَّيْبَ رَاغِمَهُ وَفِي التَّعَرُّفِ مَا يَمْضِي مِنَ الْغِيَرِ وَإِنْ يَكُنْ قَدْ عَلَا رَأْسِي وَغَيَّرَهُ صَرْفُ الزَّمَانِ وَتَفْنِينٌ مِنَ الشَّعَرِ فَقَدْ أَرْوَحُ لِلَذَّاتِ الْفَتَى جَذِلًا وَقَدْ أُصِيبُ بِهَا عَيْنًا مِنَ الْبَقَرِ
حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ وَاضِحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ : لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إِذَا مَا اخْوَخَّا وَاحْدَوْدَبَ الظَّهْرُ وَصَارَ فَخَّا وَصَارَ عِنْدَهُ الْغَانِيَاتُ كُخَّا
حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ الْمِصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي : أَنَّ شَيْخًا بَدَوِيًّا تَزَوَّجَ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ ، فَكَانَتْ إِذَا رَأَتْهُ يَنْتَعِلُ قَاعِدًا قَالَتْ : يَا حَبَّذَا الْمُنْتَعِلُونَ قِيَامًا ، قَالَ : فَذَهَبَ الشَّيْخُ يَنْتَعِلُ قَائِمًا فَضَرَطَ ، فَقَالَتِ الْفَتَاةُ : لَمَّا رُمْتَ الْبَاطِلَ كَانَ هَذَا مِنْكَ الْحَاصِلَ
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ النَّاقِدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عِيسَى الْوَرَّاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي مَهْدِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ : إِنَّمَا كَرِهَ الشَّيْخُ أَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِطَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّبِّيِّ قَالَ : حَجَجْتُ فَلَمَّا صَدَرْتُ مِنَ الْحَجِّ تَيَمَّمْتُ مَنْهَلًا مِنَ الْمَنَاهِلِ ، فَإِذَا بِبَيْتٍ نَاحِيَةٍ عَنِ الطَّرِيقِ فَأَنَخْتُ بِفِنَائِهِ ، فَقُلْتُ : أَنْزِلُ ؟ فَقَالَتْ رَبَّةُ الْبَيْتِ : انْزِلْ ، فَقُلْتُ : أَدْخُلُ ؟ فَقَالَتِ : ادْخُلْ ، فَإِذَا جَارِيَةٌ أَحْسَنُ مِنَ الشَّمْسِ ، فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُهَا وَكَأَنَّ الدُّرَّ يَنْتَثِرُ مِنْ فِيهَا ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ عَجُوزٌ مُؤْتَزِرَةً بِعَبَاءَةٍ مُشْتَمِلَةً بِأُخْرَى ، فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، مَا جُلُوسُكَ هَاهُنَا عِنْدَ هَذَا الْغَزَّالِ النَّجْدِي الَّذِي لَا تَأْمَنُ خَبَالَهُ وَلَا تَرْجُو نَوَالَهُ ؟ فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ : أَيْ جَدَّةُ ، دَعِيهِ يَتَعَلَّلُ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ : فَإِنْ لَا يَكُنْ إِلَّا تَعَلُّلُ سَاعَةٍ قَلِيلٍ فَإِنِّي نَافِعٌ لِي قَلِيلُهَا قَالَ : فَأَقَمْتُ يَوْمِي وَانْصَرَفْتُ وَفِي قَلْبِي كَجَمْرِ الْغَضَى مِنْ حُبِّهَا