عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ : حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَحَجَّ مَعَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مِنْ رِجَالَاتِ قُرَيْشٍ الْمَعْدُودِينَ وَعُلَمَائِهِمْ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَصُرَ بِرَمْلَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَعَشِقَهَا عِشْقًا شَدِيدًا ، وَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ وُقُوعًا مُتَمَكِّنًا ، فَلَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُفُولَ هَمَّ خَالِدٌ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ ، فَوَقَعَ بِقَلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ تُهْمَةٌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَمْلَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ رَأَيْتُهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَدْ أَذْهَلَتْ عَقْلِي ، وَاللَّهِ مَا أَبْدَيْتُ إِلَيْكَ مَا بِي حَتَّى عِيلَ صَبْرِي ، وَلَقَدْ عَرَضْتُ النَّوْمَ عَلَى عَيْنِي فَلَمْ تَقْبَلْهُ ، وَالسَّلْوَى عَلَى قَلْبِي فَامْتَنَعَ ، فَأَطَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّعَجُّبَ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : مَا كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ الْهَوَى يَسْتَأْسِرُ مِثْلَكَ ، فَقَالَ : وَإِنِّي لَأَشُدُّ تَعَجُّبًا مِنْ تَعَجُّبِكَ مِنِّي ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ : إِنَّ الْهَوَى لَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا مِنْ صِنْفَيْنِ مِنَ النَّاسِ : الشُّعَرَاءِ وَالْأَعْرَابِ ، فَأَمَّا الشُّعَرَاءُ فَإِنَّهُمْ أَلْزَمُوا قُلُوبَهُمُ الْفِكْرَ فِي النِّسَاءِ وَالْغَزَلِ ، فَمَالَ طَمَعُهُمْ إِلَى النِّسَاءِ ، فَضَعُفَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ دَفْعِ الْهَوَى ، فَاسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِ مُنْقَادِينَ ، وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَخْلُو بِامْرَأَتِهِ فَلَا يَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ غَيْرَ حُبِّهِ لَهَا ، وَلَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْهُ ، فَضَعُفُوا عَنْ دَفْعِ الْهَوَى فَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ ، وَجُمْلَةُ أَمْرِي فَمَا رَأَيْتُ نَظْرَةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَزْمِ وَحَسَّنَتْ عِنْدِي رُكُوبَ الْإِثْمِ مِثْلَ نَظْرَتِي هَذِهِ ، فَتَبَسَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ : أَوَكُلُّ هَذَا قَدْ بَلَغَ بِكَ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عَرَفَتْنِي هَذِهِ الْبَلِيَّةُ قَبْلَ وَقْتِي هَذَا ، فَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ رَمْلَةَ عَلَى خَالِدٍ ، فَذَكَرُوا لَهَا ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، أَوْ يُطَلِّقُ نِسَاءَهُ ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ ، إِحْدَاهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأُخْرَى مِنَ الْأَزْدِ ، فَظَعَنَ بِهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهَا يَقُولُ : {
} أَلَيْسَ يَزِيدُ الشَّوْقُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ {
}وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ حَبِيبَتِنَا قُرْبَا {
}{
} خَلِيلِيَّ مَا مِنْ سَاعَةٍ تَذْكُرَانِهَا {
}مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّيَ الْكَرْبَا {
}{
} أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِحُبِّهَا {
}وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبْتُ أَخْوَالَهَا كَلْبَا {
}{
} تَجُولُ خَلَاخِيلُ النِّسَاءِ وَلَا أَرَى {
} لِرَمْلَةَ خَلْخَالًا يَجُولُ وَلَا قَلْبَا {
}
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ : حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَحَجَّ مَعَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مِنْ رِجَالَاتِ قُرَيْشٍ الْمَعْدُودِينَ وَعُلَمَائِهِمْ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بَصُرَ بِرَمْلَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَعَشِقَهَا عِشْقًا شَدِيدًا ، وَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ وُقُوعًا مُتَمَكِّنًا ، فَلَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقُفُولَ هَمَّ خَالِدٌ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ ، فَوَقَعَ بِقَلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ تُهْمَةٌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَمْلَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ رَأَيْتُهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَدْ أَذْهَلَتْ عَقْلِي ، وَاللَّهِ مَا أَبْدَيْتُ إِلَيْكَ مَا بِي حَتَّى عِيلَ صَبْرِي ، وَلَقَدْ عَرَضْتُ النَّوْمَ عَلَى عَيْنِي فَلَمْ تَقْبَلْهُ ، وَالسَّلْوَى عَلَى قَلْبِي فَامْتَنَعَ ، فَأَطَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّعَجُّبَ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : مَا كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ الْهَوَى يَسْتَأْسِرُ مِثْلَكَ ، فَقَالَ : وَإِنِّي لَأَشُدُّ تَعَجُّبًا مِنْ تَعَجُّبِكَ مِنِّي ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَقُولُ : إِنَّ الْهَوَى لَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا مِنْ صِنْفَيْنِ مِنَ النَّاسِ : الشُّعَرَاءِ وَالْأَعْرَابِ ، فَأَمَّا الشُّعَرَاءُ فَإِنَّهُمْ أَلْزَمُوا قُلُوبَهُمُ الْفِكْرَ فِي النِّسَاءِ وَالْغَزَلِ ، فَمَالَ طَمَعُهُمْ إِلَى النِّسَاءِ ، فَضَعُفَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ دَفْعِ الْهَوَى ، فَاسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِ مُنْقَادِينَ ، وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَخْلُو بِامْرَأَتِهِ فَلَا يَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ غَيْرَ حُبِّهِ لَهَا ، وَلَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْهُ ، فَضَعُفُوا عَنْ دَفْعِ الْهَوَى فَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ ، وَجُمْلَةُ أَمْرِي فَمَا رَأَيْتُ نَظْرَةً حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَزْمِ وَحَسَّنَتْ عِنْدِي رُكُوبَ الْإِثْمِ مِثْلَ نَظْرَتِي هَذِهِ ، فَتَبَسَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ : أَوَكُلُّ هَذَا قَدْ بَلَغَ بِكَ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عَرَفَتْنِي هَذِهِ الْبَلِيَّةُ قَبْلَ وَقْتِي هَذَا ، فَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ رَمْلَةَ عَلَى خَالِدٍ ، فَذَكَرُوا لَهَا ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، أَوْ يُطَلِّقُ نِسَاءَهُ ، فَطَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ ، إِحْدَاهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأُخْرَى مِنَ الْأَزْدِ ، فَظَعَنَ بِهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهَا يَقُولُ : أَلَيْسَ يَزِيدُ الشَّوْقُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ حَبِيبَتِنَا قُرْبَا خَلِيلِيَّ مَا مِنْ سَاعَةٍ تَذْكُرَانِهَا مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا فَرَّجْتَ عَنِّيَ الْكَرْبَا أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِحُبِّهَا وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبْتُ أَخْوَالَهَا كَلْبَا تَجُولُ خَلَاخِيلُ النِّسَاءِ وَلَا أَرَى لِرَمْلَةَ خَلْخَالًا يَجُولُ وَلَا قَلْبَا