حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ : إِنَّ مِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ ، قَالَ : وَفِي الِاسْتِمَاعِ سَلَامَةٌ وَزِيَادَةٌ فِي الْعِلْمِ ، وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي الْكَلَامِ تَوَهُّقٌ وَتُزَيُّنٌ وَزِيَادَةٌ وَنُقْصَانُ ، قَالَ : وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْدَرِي الْمَسَاكِينَ وَلَا يَرَاهُمْ لِذَلِكَ مَوْضِعًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْزِنُ عَلِمَهُ وَيَرَى أَنَّ تَعْلِيمَهُ ضِعَةٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحِبُّ أَلَّا يُوجَدَ الْعِلْمُ إِلَّا عِنْدَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ فِي عِلْمِهِ مَأْخَذَ السُّلْطَانِ حَتَّى يَغْضَبَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ شَيْءٌ أَوْ يُغْفَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا فَلَعَلَّهُ يُؤْتَى بِأَمْرٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِي أَنْ يَقُولَ : لَا عِلْمَ لِي فَيَرْجُمُ فَيُكْتَبُ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي كُلَّ مَا سَمِعَ حَتَّى يَرْوِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ ، وَالنَّصَارَى إِرَادَةَ أَنْ يُعَزِّرَ كَلَامَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ : رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ هَذَا كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ وُجُوهٍ مُنْقَطِعَةٍ يَذُمُّ فِيهَا كُلَّ مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَاتِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيُوعِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّارِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، نا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ يَقُولُ : إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَيَنْتَظِرُ الْفِتْنَةَ وَإِنَّ الْمُنْصِتَ لَيَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ وَقَالُوا : فَضْلُ الْعَقْلِ عَلَى الْمَنْطِقِ حِكْمَةٌ . وَفَضْلُ الْمَنْطِقِ عَلَى الْعَقْلِ هُجْنَةٌ . وَقَالُوا : لَا يَجْتَرِئُ عَلَى الْكَلَامِ إِلَّا فَائِقٌ أَوْ مَائِقٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، نا قَاسِمٌ ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ : تَعَلَّمِ الصَّمْتَ كَمَا تَتَعَلَّمُ الْكَلَامَ فَإِنْ يَكُنِ الْكَلَامُ يَهْدِيكَ فَإِنَّ الصَّمْتَ يَقِيكَ ، وَلَكَ فِي الصَّمْتِ خَصْلَتَانِ : تَأْخُذُ بِهِ عِلْمَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَتَدْفَعُ بِهِ عَنْكَ مَنْ هُوَ أَجْدَلُ مِنْكَ ، قَالَ الْحَوْطِيُّ ، كَانَ أَبُو الذَّيَّالِ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا فِي الصَّمْتِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : يُرَى مُسْتَكِينًا وَهْوَ لِلَّهْوِ مَاقِتٌ بِهِ عَنْ حَدِيثِ الْقَوْمِ مَا هُوَ شَاغِلُهْ وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ عَنِ اللَّهْوِ كُلِّهِ وَمَا عَالِمٌ شَيْئًا كَمَنْ هُوَ جَاهِلُهْ عَبُوسٌ عَنِ الْجُهَّالِ حَتَّى يَرَاهُمُ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمْ خُدَيْنٌ يُهَازِلُهْ يَذْكُرُ مَا يَبْقَى مِنَ الْعَيْشِ آجِلًا فَيَشْغَلُهُ عَنْ عَاجِلِ الْعَيْشِ آجِلُهْ قَالَ أَبُو عُمَرَ : قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ النَّظْمِ فِي فَضْلِ الصَّمْتِ , وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا يُنْسَبُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ : أَقْلِلْ كَلَامَكَ وَاسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهِ إِنَّ الْبَلَاءَ بِبَعْضِهِ مَقْرُونُ وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَفِظْ مِنْ عِيِّهِ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ مَسْجُونُ وَكِّلْ فُؤَادَكَ بِاللِّسَانِ وَقُلْ لَهُ : إِنَّ الْكَلَامَ عَلَيْكُمَا مَوْزُونُ فَزِنَاهُ وَلْيَكُ مُحْكَمًا فِي قِلَّةٍ إِنَّ الْبَلَاغَةَ فِي الْقَلِيلِ تَكُونُ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا الشَّعْرَ لِصَالِحِ بْنِ جَنَاحٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ صَالِحٍ وَطَبْعِهِ . وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْخُبْزَأَرْزِيِّ : لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ وَكُلُّ امْرِئٍ مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ إِذَا مَا لِسَانُ الْمَرْءِ أَكْثَرَ هَذْرَهُ فَذَاكَ لِسَانٌ بِالْبَلَاءِ مُوَكَّلُ وَكَمْ فَاتِحٍ أَبْوَابَ شَرٍّ لِنَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قُفْلٌ عَلَى فَمِهِ مُقْفَلُ وَمَنْ أَمِنَ الْآفَاتِ عَجَبًا بِرَأْيِهِ أَحَاطَتْ بِهِ الْآفَاتُ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُ أُعَلِّمُكُمْ مَا عَلَّمَتْنِي تَجَارِبِي وَقَدْ قَالَ قَبْلِي قَائِلٌ مُتَمَثِّلُ إِذَا قُلْتَ قَوْلًا كُنْتَ رَهْنَ جَوَابِهِ فَحَاذِرْ جَوَابَ السُّوءِ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا مُسْلِمًا فَدَبِّرْ وَمَيِّزْ مَا تَقُولُ وَتَفْعَلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ : الْكَلَامُ بِالْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ ؛ لِأَنَّ أَرْفَعَ مَا فِي السُّكُوتِ السَّلَامَةُ ، وَالْكَلَامُ بِالْخَيْرِ غَنِيمَةٌ , وَقَدْ قَالُوا : مَنْ تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ غَنِمَ وَمَنْ سَكَتَ سَلِمَ ، وَالْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ ، وَهُوَ يَجْرِي عِنْدَهُمْ مَجْرَى الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ الْجَهْلِ وَوَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمَعَانِي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، نا قَاسِمُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، نا هِشَامٌ ، نا قَتَادَةُ قَالَ : مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ : طُوبَى لِعَالِمٍ نَاطِقٍ أَوْ لِبَاغٍ مُسْتَمِعٍ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، نا قَاسِمُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ : تَعَلَّمِ الصَّمْتَ وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الصَّمْتُ حِكَمٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ : وَفِي الصَّمْتِ الْمُبَلِّغِ عَنْكَ حِكَمٌ كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ يَكُونُ حِكَمَا إِذَا لَمْ تَحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ طَيْشٍ أَسَأْتَ إِجَابَةً وَأَسَأْتَ فَهْمَا أَشَدُّ النَّاسِ لِلْعِلْمِ ادِّعَاءً أَقَلُّهُمُ لِمَا هُوَ فِيهِ عِلْمَا أَرَى الْإِنْسَانَ مَنْقُوصًا ضَعِيفًا وَمَا آلُو لَعِلْمِ الْغَيْبِ رَجْمَا وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ أَيْضًا : مَنْ لَزِمَ الصَّمْتِ نَجَا مَنْ قَالَ بِالْخَيْرِ غَنِمْ مِنْ صَدَقَ اللَّهَ عَلَا مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ عَلِمْ مَنْ ظَلَمَ النَّاسَ أَسَا مَنْ رَحِمَ النَّاسَ رُحِمْ مَنْ طَلَبَ الْفَضْلَ إِلَى غَيْرِ ذِي الْفَضْلِ جُرِمْ مَنْ حَفِظَ الْعَهْدَ وَفَى مَنْ أَحْسَنَ السَّمْعَ فَهِمْ