سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ : " تَعَلَّمِ الصَّمْتَ كَمَا تَتَعَلَّمُ الْكَلَامَ فَإِنْ يَكُنِ الْكَلَامُ يَهْدِيكَ فَإِنَّ الصَّمْتَ يَقِيكَ ، وَلَكَ فِي الصَّمْتِ خَصْلَتَانِ : تَأْخُذُ بِهِ عِلْمَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَتَدْفَعُ بِهِ عَنْكَ مَنْ هُوَ أَجْدَلُ مِنْكَ ، قَالَ الْحَوْطِيُّ ، كَانَ أَبُو الذَّيَّالِ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا فِي الصَّمْتِ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، نا قَاسِمٌ ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ : تَعَلَّمِ الصَّمْتَ كَمَا تَتَعَلَّمُ الْكَلَامَ فَإِنْ يَكُنِ الْكَلَامُ يَهْدِيكَ فَإِنَّ الصَّمْتَ يَقِيكَ ، وَلَكَ فِي الصَّمْتِ خَصْلَتَانِ : تَأْخُذُ بِهِ عِلْمَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَتَدْفَعُ بِهِ عَنْكَ مَنْ هُوَ أَجْدَلُ مِنْكَ ، قَالَ الْحَوْطِيُّ ، كَانَ أَبُو الذَّيَّالِ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا فِي الصَّمْتِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : يُرَى مُسْتَكِينًا وَهْوَ لِلَّهْوِ مَاقِتٌ بِهِ عَنْ حَدِيثِ الْقَوْمِ مَا هُوَ شَاغِلُهْ وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ عَنِ اللَّهْوِ كُلِّهِ وَمَا عَالِمٌ شَيْئًا كَمَنْ هُوَ جَاهِلُهْ عَبُوسٌ عَنِ الْجُهَّالِ حَتَّى يَرَاهُمُ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمْ خُدَيْنٌ يُهَازِلُهْ يَذْكُرُ مَا يَبْقَى مِنَ الْعَيْشِ آجِلًا فَيَشْغَلُهُ عَنْ عَاجِلِ الْعَيْشِ آجِلُهْ قَالَ أَبُو عُمَرَ : قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ النَّظْمِ فِي فَضْلِ الصَّمْتِ , وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا يُنْسَبُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ : أَقْلِلْ كَلَامَكَ وَاسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهِ إِنَّ الْبَلَاءَ بِبَعْضِهِ مَقْرُونُ وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَفِظْ مِنْ عِيِّهِ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ مَسْجُونُ وَكِّلْ فُؤَادَكَ بِاللِّسَانِ وَقُلْ لَهُ : إِنَّ الْكَلَامَ عَلَيْكُمَا مَوْزُونُ فَزِنَاهُ وَلْيَكُ مُحْكَمًا فِي قِلَّةٍ إِنَّ الْبَلَاغَةَ فِي الْقَلِيلِ تَكُونُ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا الشَّعْرَ لِصَالِحِ بْنِ جَنَاحٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ صَالِحٍ وَطَبْعِهِ . وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْخُبْزَأَرْزِيِّ : لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ وَكُلُّ امْرِئٍ مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ إِذَا مَا لِسَانُ الْمَرْءِ أَكْثَرَ هَذْرَهُ فَذَاكَ لِسَانٌ بِالْبَلَاءِ مُوَكَّلُ وَكَمْ فَاتِحٍ أَبْوَابَ شَرٍّ لِنَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قُفْلٌ عَلَى فَمِهِ مُقْفَلُ وَمَنْ أَمِنَ الْآفَاتِ عَجَبًا بِرَأْيِهِ أَحَاطَتْ بِهِ الْآفَاتُ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُ أُعَلِّمُكُمْ مَا عَلَّمَتْنِي تَجَارِبِي وَقَدْ قَالَ قَبْلِي قَائِلٌ مُتَمَثِّلُ إِذَا قُلْتَ قَوْلًا كُنْتَ رَهْنَ جَوَابِهِ فَحَاذِرْ جَوَابَ السُّوءِ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا مُسْلِمًا فَدَبِّرْ وَمَيِّزْ مَا تَقُولُ وَتَفْعَلُ قَالَ أَبُو عُمَرَ : الْكَلَامُ بِالْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ ؛ لِأَنَّ أَرْفَعَ مَا فِي السُّكُوتِ السَّلَامَةُ ، وَالْكَلَامُ بِالْخَيْرِ غَنِيمَةٌ , وَقَدْ قَالُوا : مَنْ تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ غَنِمَ وَمَنْ سَكَتَ سَلِمَ ، وَالْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ ، وَهُوَ يَجْرِي عِنْدَهُمْ مَجْرَى الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ الْجَهْلِ وَوَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمَعَانِي